3- يُستثنى من الرهان المحرم، الرهان على مسابقات الخيل والرماية، فإنها جائزة. "وسيأتي بيان أحكامها في محلها إن شاء اللَّه تعالى". 4- التعامل بأوراق اليانصيب بهدف الربح هو من الرهان المحرم. 5- أما شراء أوراق اليانصيب الخيرية بهدف العمل الخيري فقط،ودون استهداف الربح حقيقة فلا بأس به. 6- إذا كانت آلة معينة تُعدّ من آلات القمار، إلاّ أنه تغيَّر وضعهافلم يعد الناس يعتبرونها آلة القمار، فلا إشكال في جواز اللعب بها من دون رهان، إلاّ أن الاحتياط الوجوبي يقتضي التجنب في مثل النردوالشطرنج المنصوص على حرمتهما. 7- لا فرق في تطبيق الأحكام المذكورة على آلات القمار، بين ماكان متداولاً في عصر الرسالة الأول، وبين ما استُحدث فيما بعد، حتى اللعب بالقمار عبر الكمبيوتر والانترنت يكون مشمولاً بهذه الأحكام. 8- المرجع في تحديد ما إذا كانت آلة معينة هي آلة قمار أم لا، هوالعرف الخاص، أي أهل الخبرة في هذا المجال. وهذا الأمر يختلف بالطبع باختلاف الأزمنة والأمكنة، فقد تكون آلةٌ مّا، آلة قمار في مكان معين وزمان معين، إلاّ أنه لا يكون كذلك في مكان وزمان آخر.
5- الغناء والموسيقى
القرآن الكريم: 1- قال اللَّه سبحانه: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ""لقمان،6" 2- وقال عز وجل: "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ""المؤمنون،1-3" 3- وقال تعالى: "... فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الاَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ""الحج، 30" 4- وقال سبحانه: "وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِمَرُّوا كِرَاماً""الفرقان، 72" هدى من الآيات: اللهو هو القول والعمل الذي يخلو من أي هدف، وهو في النهايةيعود على الإنسان بالخسران، فهو لا يشتري اللهو بدراهم معدودة،إنما يدفع بإزاء لهو الحديث ساعات عمره الغالية وما يملك من فرص..وبذلك يبتعد هذا الإنسان عن آيات اللَّه ويرفضها. ومفردات لهو الحديث كثيرة، إلاّ أن الأحاديث المأثورة عن رسول اللَّه وأهل بيته عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام، استفاضت في تفسير هذه الآية بالنهي عن الغناء، باعتباره أحد أبرز مصاديق لهوالحديث. كما فسّرت الأحاديث الشريفة كلمة "اللغو" في الآية المباركةبالإصغاء إلى مالا يحل الإصغاء له، مما يشمل الفحش والغيبةوالخوض في آيات اللَّه، إلاّ أن الكلمة فُسِّرت في بعض الأحاديث بأحد المصاديق البارزة وهو: الغناء والملاهي. أما قول الزور، فإن مجموعة الروايات الواردة في تفسير العبارةتوحي بأن قول الزور هو كل قول باطل، وكمصداق بارز للقول الباطل فَسَّرت الروايات الكلمة بالغناء والطرب واللهو. ويبدو إن حكمة تحريم الغناء في الشريعة الإسلامية تتشابه وحكمة تحريم الخمر وسائر المسكرات والمخدرات والقمار، حيث أنهاجميعاً تلهي الناس عن ذكر ربهم وتنسيهم الآخرة، وتخدِّرهم فيمايتصل بمشاكل حياتهم، وهي بالتالي نوع من الهروب عن مواجهةتحديات الحياة التي يتناسونها عبر الملهيات، كما أنها تجر المجتمع إلى المفاسد الاجتماعية التي تسبب الصراعات وتزرع النفاق. والغناء يشجع أيضاً الفساد والميوعة الجنسية، حيث يتخذه أصحاب الهوى وسيلة لإثارة شهواتهم، واتخاذ السبل السيئةلإشباعها، مما يهدد التماسك الأسري بأخطار كبيرة. وفي الغناء، بالإضافة إلى كل ذلك، حالة إدمان كالمسكرات والمخدرات، لأنها تخلِّف آثاراً خطيرة على شبكة الأعصاب. السنة الشريفة: 1- قال الإمام أبو عبد اللَّه الصادق عليه السلام: "بيت الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة، ولا تجاب فيه الدعوة، ولا يدخله الملك.."99"". 2- وفي تفسير قوله عز وجل: "واجْتَنِبوا قَول الزُّور" قال الإمام الصادق عليه السلام: "قول الزور: الغناء" وفي حديث آخر فسَّر قوله تعالى:"لاَ يَشْهَدونَ الزُّور" بالغناء"100". 3- قال محمد بن مسلم: سمعت أبا جعفرعليه السلام يقول: "الغناء ممّا وعداللَّه عليه النار، وتلا هذه الآية: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ"101""". 4- قال محمد بن علي بن الحسين: روي أن أجر المغني والمغنيةسحت"102"". 5- عن الإمام الصادق عليه السلام: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: "أنهاكم عن الزَّفَن، والمزمار، وعن الكوبات والكَبَرات"103"". 6- وقال الإمام الصادق عليه السلام: "ضرب العيدان ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الخضرة"104"". الأحكام: 1- الغناء وما يلحق به من الموسيقى واستخدام آلات الطرب محرم بكل أنواعه، حتى لو كان التغنّي بألفاظ القرآن، أو كلمات الدعاء، أوالاشعار المشتملة على الأمور الإيجابية المحلّلة بذاتها. 2- ويحرم التكسّب بالغناء بأي شكل من الأشكال، من أخذالأجرة على أدائه، وصنع وبيع آلاته، وأخذ الأجرة عليها وسائرالعقود التي يقع الغناء محلاً لها. 3- كذلك تحرم الأشرطة الصوتية والتصويرية والأقراص الممغنطة التي تحتوي على الغناء، تحرم تداولاً، وإنتاجاً، وبيعاً، وشراءً،وأجرة، وكل أنواع التعاقد عليها. 4- المشهور: إستثناء غناء المغنيات في الأعراس النسائية بشرطأن لا يتخلله محرم آخر كاختلاط الرجال بالنساء، أو القول المحرم، أوما شاكل ذلك. ولكن الأحوط تركه أيضاً. 5- العرف هو المعيار للتمييز بين الغناء وغيره إذا اشتبه عليناالأمر.
6- بيع الأسلحة للعدو
القرآن الكريم: قال اللَّه سبحانه: "... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُواعَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ""المائدة، 2" هدى من الآية: ومن الحدود التي يفرضها اللَّه عز وجل على علاقات ا لإنسان وتحركاته، الفردية منها والاجتماعية، ومنها العقود والمعاملات، أن لاتدخل في إطار التعاون على الإثم والعدوان، فاللَّه تعالى ينهى بشدةعن ذلك، ومن أبرز مصاديق التعاون على الإثم والعدوان هو بيع وتصدير الأسلحة والمعدات الحربية لأعداء المسلمين، أو لأية جهةيؤدي إمتلاكها له إلى الفساد في الأرض. السنة الشريفة: 1- جاء في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام: "يا علي! كَفَرَ باللَّه العظيم من هذه الأمة عشرة: القتّات - إلى أن قال - وبائع السلاح من أهل الحرب"105"". 2- يقول هند السرّاج أنه سأل الإمام الباقرعليه السلام قائلاً: أصلحك اللَّه، إني كنت أحمل السلاح إلى أهل الشام فأبيعه منهم، فلمّا عرّفني اللَّه هذا الأمر ضقت بذلك وقلت: لا أحمل إلى أعداء اللَّه، فقال لي: "إحمل إليهم وبعهم فإن اللَّه يدفع بهم عدونا وعدوكم يعني الروم، فإذا كانت الحرب بيننا فلا تحملوا، فمن حمل إلى عدونا سلاحاً يستعينون به علينافهو مشرك"106"". 3- قال السرّاج: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: إني أبيع السلاح، فقال: لاتبعه في فتنة"107"". 4- وسُئل الإمام الكاظم عليه السلام عن حمل المسلمين إلى المشركين التجارة، قال: "إذا لم يحملوا سلاحاً فلا بأس"108"". 5- يقول محمد بن قيس: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الفئتين تلتقيان من أهل الباطل، أبيعهما السلاح؟ فقال: "بعهما ما يكنّهما: الدّرع والخفين ونحو هذا"109"". الأحكام: من الأمور المهمة والمثارة في العصر الحاضر، أكثر مما سبق من الأزمنة، هو ما يتعلق بتجارة الأسلحة والمعدات الحربية، فما هي حدود ذلك؟ 1- إذا كان التعاقد على تصدير الأسلحة والمعدات والأجهزةالحربية إلى جهة معينة "حكومات، أو منظمات، أو أفراد" يؤدي إلى مساندة وتقوية جبهة الباطل ضد الحق "كأعداء المسلمين الذين يعدون أنفسهم لمحاربة المسلمين" فلا يجوز ذلك، لأنه من أبرزمصاديق الإعانة على الإثم والعدوان. 2- لا يختلف هذا الحكم بين حالة قيام الحرب فعلاً أو حالة الهدنةوالصلح إذا كان معسكر الباطل يخزنها لمواجهة المسلمين في المستقبل. 3- لا يشترط في الحرمة أن يكون المصدِّر قاصداً للتعاون على الإثم والعدوان، بل يكفي صدق ذلك عرفاً، وإن لم يكن قاصداً. 4- يجوز البيع والتصدير للمسلمين إذا كانوا يستخدمونها ضدأعدائهم من غير المسلمين. 5- ويجوز بيع السلاح لأي واحد من جبهتي الباطل، شريطة ألاّيتسبب في إنتشار الحرب والفساد في الأرض، وذلك مثل بيع الأسلحة الدفاعية أو التي تحافظ على توازن الردع. 6- إذا كانت الحرب بين جبهتين من أهل الباطل تربطهم بالمسلمين اتفاقيات تحقن دماءهم، فلا يجوز بيع الأسلحة والمعدات الهجومية لأي من الطرفين. أما الأسلحة والمعدات الدفاعية فلا بأس بها. 7- لا يجوز بيع الأسلحة للأفراد أو الجماعات الذين يعتدون على الأبرياء ويعرضون حياة المجتمع للخطر كالمجرمين، وعصابات تهريب المخدرات، والمافيا، وشبكات الإرهاب وما شاكل.
7- الاكتساب بسائر المحرمات
القرآن الكريم: قال اللَّه عز وجلّ: 1- "يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون""المائدة،90" 2- "... فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الاَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ""الحج،30" 3- "... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ""المائدة،2" 4- "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ""لقمان،6" 5- "وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَآ إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ""البقرة،188" 6- "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيَمانَ وَمَا كَفَرَسُلَيْمانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ...""البقرة،102" السنة الشريفة: 1- روي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "إن اللَّه تعالى بعثني هدىً ورحمة للعالمين، وأمرني أن أمحو المزامير والمعازف والأوتار والأوثان وأمور الجاهلية - إلى أن قال- : إن آلات المزامير، شراءها وبيعهاوثمنها والتجارة بها حرام"110"". 2- وحول النقود المزيّفة روى المفضل بن عمر الجعفي أن الإمام الصادق عليه السلام قال لما رآها: "إكسرها، فإنه لا يحل بيع هذا ولا إنفاقه"111"". 3- وروى صابر قائلاً: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الرجل يواجربيته فيباع فيه الخمر، قال: "حرام أجره"112"". 4- وروى عمرو بن حريث: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن التوت أبيعه يُصنع للصليب والصنم؟ قال: لا"113". 5- وروى عمر بن أذينة: كتبت إلى أبي عبد اللَّه عليه السلام أسأله عن رجل له كرم، أيبيع العنب والتمر ممن يعلم أنه يجعله خمراً أو سكراً؟فقال: "إنما باعه حلالاً في الإبان الذي يحل شربه أو أكله، فلا بأس ببيعه"114"". 6- وجاء في خبر "تحف العقول" المطوّل عن معائش العباد قول الإمام الصادق عليه السلام: "وذلك إنما حرم اللَّه الصناعة التي يجي ء منهاالفساد محضاً نظير البرابط والمزامير والشطرنج وكل ملهو به والصلبان والأصنام وما أشبه ذلك من صناعة الأشربة الحرام، وما يكون منه وفيه الفساد محضاً، ولا يكون فيه ولا منه شي ء من وجوه الصلاح،فحرام تعليمه وتعلمه والعمل به وأخذ الأجر عليه وجميع التقلب فيه من جميع وجوه الحركات كلها..."115"". 7- وروي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "إذا حرم اللَّه شيئاً حرم ثمنه"116"". 8- وجاء في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام: "يا علي! من السحت ثمن الميتة، وثمن الكلب، وثمن الخمر، ومهر الزانية، والرشوة في الحكم،وأجر الكاهن"117"". 9- وسُئل الإمام الصادق عليه السلام عن تماثيل الشجر والشمس والقمر،فقال: "لا بأس، ما لم يكن شيئاً من الحيوان"118"". 10- وروي عنه عليه السلام في قول اللَّه عز وجل: "يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل" أنه قال: "واللَّه ما هي تماثيل الرجال والنساء، ولكنهاالشجر وشبهه"119"". الأحكام: بشكل عام يحرم التعاقد - بأي نوع من أنواع العقود - على المحرمات كلها، فكل ما حرمه اللَّه تعالى حرم ثمنه وحرم التعامل عليه أيضاً. ونشير هنا إلى بعض المحرمات بشكل خاص:
آلات الحرام:
1- يحرم التعاقد على الآلات والأدوات والأجهزة المستخدمة في الحرام إن لم تكن لها منفعة غير محرمة. مثل آلات اللهو الموسيقية،وأدوات القمار، والأصنام، والصلبان، والأجهزة والآلات الخاصةبتعذيب السجناء، وما شاكل. كذلك لا يجوز صنعها وأخذ الأجرةعليها.
الإعانة على الحرام:
2- يحرم التكسب بما يعتبره العرف مساعدة على الحرام، كبيع العنب أو التمر لكي يُصنع خمراً، أو بيع الخشب والحديد لكي تُصنع منهما آلات القمار أو آلات اللهو، أو تأجير المكان لكي يقام فيه مصنع للمسكرات، أو مؤسسة لإنتاج الأفلام الخليعة المحرمة، أو تأجيرالشاحنة أو السفينة لنقل الخمور، وما شاكل. أما بيع أو إيجار شي ء لمن نعرف انه يستخدمه في الحرام، ولكن دون أن تكون المعاملة بقصد ذلك المحرم فلا إشكال فيه، كمن يبيع أويؤجر المكان لمن يعرف أنه سيدير فيه مؤسسة لإنتاج وتوزيع الأشرطة والأفلام المحرمة شرعاً، إذا كانت هناك منفعة محللة يمكن إستفادتها في البيع أو الإيجار، ذلك لأن البائع أو المؤجر لا يهدف حينئذٍ الحرام لا تصريحاً في العقد ولا قصداً، مما لا يعتبره العرف تعاوناً على الإثم.
النقود المزيفة:
3- لا يجوز التعامل بالأوراق النقدية المزيفة، أو المسكوكات المغشوشة، فلا يجوز صنعها، ولا تداولها، ولا المعاوضة بها.
ما لا ينفع:
4- لا يجوز الإكتساب والإتجار بما ليس فيه نفع عقلائي محلل،كبيع وشراء الحيوانات المفترسة الضارية، أو الحيّات والعقارب دون وجود منفعة عقلائية مقصودة ومحللة في البين.
كتب الضلال:
5- يحرم التعامل بكتب الضلال والإضلال، وكذلك سائر الموادالثقافية والفكرية الأخرى المُضِلَّة كالصحف والمجلات والأشرطةوالأفلام وأقراص الكمبيوتر وما شاكل، كذلك يحرم الاحتفاظ بهاوتعليمها وتكثيرها وتوزيعها ومطالعتها إن لم يكن هناك هدف آخرمحلل كالرد عليها ومناقشتها. والقدر المتيقن من المحرَّم هو إضلال الناس، فإذا كان اقتناء هذه الأمور وحفظها يؤدي إلى الإضلال حَرُمَ، وإلاّ فلا.
المجسّمات والصور:
6- يحرم عمل مجسّمات ذوات الأرواح من الإنسان والحيوانات،ويحرم التعاقد عليها بكل أنواع العقود، سواء كانت المجسّمات من الخشب أو المعادن أو الحجر أو الطين أو ما أشبه، إذا كانت المجسّمات كاملة ومشتملة على كل الأعضاء الظاهرية للجسم. أما تجسيم بعض أجزاء الحيوان أو الإنسان فلا بأس به، كالمجسّمات النصفية. 7- الأقرب جواز الرسم والتصوير غير المجسَّم لذوات الأرواح،وإن كان الأحوط استحباباً إجتنابه. 8- لا إشكال في مجسّمات وتصاوير الجمادات، كالمناظر الطبيعيةمن الأشجار والنباتات والبحار والأنهار والسماء والنجوم والكواكب، وكذلك المناظر الصناعية من البنايات والأدوات والأجهزة والمعدات. 9- لا إشكال في إلتقاط الصور الفوتوغرافية والأفلام المتحركةالمتداولة اليوم بكل أشكالها المتطورة، إذا لم يكن هناك جانب محرّم آخر في البين. 10- الأحوط وجوباً عدم الاحتفاظ بالمجسّمات الكاملة.
السحر:
11- يحرم عمل السحر وتعليمه وتعلمه، والتكسب به. والسحر هو عبارة عن القيام بعمل يؤثر في حواس الطرف المقابل أو مشاعره تأثيراً حقيقياً أو خيالياً. والسحر حرام سواء كان تأثيره ضاراً أو غير ضار، ولا فرق في الحكم بين الوسائل المختلفة التي يستخدمها السحرة من الكتابة، أوالتكلم، أو النفث في العقد، أو خط رسوم وتصاوير، وما شاكل.
الرشوة:
12- الرشوة محرمة أخذاً وعطاءً. وهي ما يدفعه الإنسان في المرافعات القضائية بهدف إحقاق الباطل وإبطال الحق. 13- من أبرز مصاديق الرشوة المحرمة ما يدفعه المتخاصم للقاضي لكي يحكم له بالباطل، وكذلك ما يدفعه لكي يحكم لمصلحته، أو ليعلمه أساليب المرافعة في المحكمة بحيث يتغلب على خصمه. 14- ومن الرشوة أيضاً ما يدفعه الإنسان للمحامي لكي يترافع عنه لدى القضاء بهدف قلب الحق باطلاً، والباطل حقاً، وكذلك مايدفعه لكل من يعمل في القضاء بهذا الهدف المذكور. 15- أما التعاقد مع المحامي للترافع عنه لإثبات حقه - في حالةكون الحق معه - أو العمل على تخفيف الحكم المتوقع صدوره بحقه - في حالة كون الحق عليه - باعتباره أعرف من المتخاصم بشؤون القضاءوالأمور القانونية، من دون أن يكون في هذا التوكيل إحقاق للباطل أو إبطال للحق، فلا إشكال فيه.
الباب الرابع:
الملحقات
1- الإحتكار
السنة الشريفة: 1- روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "الحكرة في الخصب أربعون يوماً، وفي الشدة والبلاء ثلاثة أيام. فما زاد على الأربعين يوماً في الخصب فصاحبه ملعون، وما زاد على ثلاثة أيام في العسرة فصاحبه ملعون"120"". 2- وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه إلى مالك الأشتر: "فامنع الإحتكار، فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم منع منه، وليكن البيع بيعاً سمحاًبموازين عدل واسعاً لا يجحف بالفريقين من البايع والمبتاع، فمن قارف حكرة بعد نهيك إياه فنكِّل وعاقب في غير إسراف"121"". 3- وروي عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: "ليس الحكرة إلاّ في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن"122"". 4- وروى حذيفة بن منصور عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "نفدالطعام على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فأتاه المسلمون فقالوا: "يا رسول اللَّه قد نفد الطعام ولم يبق من شي ء إلاّ عند فلان، فَمرْهُ ببيعه. قال: فحمداللَّه وأثنى عليه ثم قال: يا فلان إن المسلمين ذكروا أنّ الطعام قد نفد إلاّعندك فاخرجه وبعه كيف شئت ولا تحبسه"123"". 5- وروي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم مرَّ بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق، وحيث تنظر الأبصار إليها، فقيل لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم لو قوَّمت عليهم، فغضب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم حتى عُرف الغضب في وجهه، فقال: "أنا أقَوِّم عليهم؟! إنما السعر إلى اللَّه، يرفعه إذا شاء،ويخفضه إذا شاء"124"". الأحكام: 1- يُحرم احتكار المواد الغذائية الأساسية، وقد حددتها الروايات بالمواد التالية: الحنطة والشعير والتمر والزبيب والزيت. 2- ويتحقق الإحتكار الُمحرَّم - حسب ما جاء في الروايات -باحتكار المواد المذكورة أربعين يوماً في أيام الخصب والظروف العادية، وثلاثة أيام في الظروف الاستثنائية كالغلاء، وشحة هذه المواد والقحط وما شاكل. إلاّ أن هذا التحديد مبني على الغالب، فقد يتحقق الإحتكار في فترة أقصر أو أطول حسب اختلاف الظروف، وحسب ما يحدده الفقيه الولي. 3- يُجبر الحاكم الشرعي المحتكر على بيع السلعة المحتكرة، دون تحديد السعر له، إلاّ إذا عرض السلعة باسعار مُجحفة، فإنه يجبر على الحط من القيمة دون التسعير له أيضاً. 2-الخيارات أو حق الفسخ السنة الشريفة: 1- جاء في الحديث عن الامام الصادق عليه السلام أن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال حول خيار المجلس و خيار الحيوان:" البيِّعان بالخيار حتى يفترقا،وصاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيام"125"". 2- وحول خيار الحيوان أيضاً، قال الامام الصادق عليه السلام:" إن حدث بالحيوان قبل ثلاثة أيام فهو من مال البايع."126"" 3- وعن خيار الشرط، قال الامام الصادق عليه السلام:" من اشترطشرطاً مخالفاً لكتاب اللَّه فلا يجوز له، ولا يجوز على الذي اشترط عليه،والمسلمون عند شروطهم مما وافق كتاب اللَّه عزوجل"127"". 4- وروي عنه عليه السلام قوله حول الغبن:" غبن المؤمن حرام"128"". 5- وقوله عليه السلام:" غبن المسترسل سحت"129"". 6- وحول خيار التأخير قال زرارة: سألت أبا جعفرعليه السلام عن الرجل يشتري من الرجل المتاع ثم يدعه عنده فيقول: حتى آتيك بثمنه. قال الإمام عليه السلام:" إن جاء فيما بينه وبين ثلاثة ايام، وإلا فلا بيع له"130"". 7- وحول خيار العيب، روي عن أحد الامامين"الباقر أوالصادق"عليهما السلام في الرجل يشتري الثوب أو المتاع فيجد فيه عيباً،فقال:" إن كان الشي ء قائماً بعينه ردّه على صاحبه و أخذ الثمن، وإن كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ يرجع بنقصان العيب"131"". 8- وحول خيار تبعّض الصفقة، روي عن الإمام الصادق عليه السلام في رجل باع أرضاً على أنها عشرة أجربة، فاشترى المشتري ذلك منه بحدوده ونقَّد الثمن ووقَّع صفقة البيع و افترقا، فلما مسح الأرض إذاهي خمسة أجربة، قال:" إن شاء إسترجع فضل ماله و أخذ الأرض،وإن شاء ردَّ البيع و أخذ ماله كله..."132"". 9- وحول خيار الرؤية، سُئل الامام جعفر الصادق عليه السلام عن رجل إشترى ضيعة و قد كان يدخلها و يخرج منها، فلما أن نقَّدَ المال صارإلى الضيعة فقلبها "أي:فتَّشها" ثم رجع فاستقال صاحبه فلم يقله،فقال أبوعبداللَّه عليه السلام: إنه لو قلب منها ونظر إلى تسعة و تسعين قطعة، ثم بقي منها قطعة لم يرها لكان له في ذلك خيار الرؤية."133""
تمهيد
ما هو الخيار؟ الخيار هو:إمكانية فسخ العقد من قبل الطرفين أو أحدهما أو من قبل شخص ثالث. وتشريع الخيار يحقق سهولة التجارة و سائر العقود و المعاملات،كما يحقق إقامة القسط فيها؛ كيف ذلك؟ الخيار يعطي قدراً من المرونة للعقود و يسهل أمرها، إذ لو عرف الطرفان أن لهما إمكانية فسخ العقد في حالات معينة، فإنهما يبادران لإجراء العقد، بينما عند عدم إتاحة هذه الفرصة "أوقل:عدم وجودالخيار" فإنهما قد يتريثان أكثر، مما يعرقل مسيرة المعاملات و العقود. ومن جهة أخرى، فإن الخيار يساعد على تحقيق الهدف الرئيسي من العقود و هو إقامة القسط، فإذا اكتشف أحد الطرفين أنه قد تعرَّض لغبن، فإن تشريع الخيار يتيح له فرصة دفع الظلم عن نفسه. ثم إننا أشرنا فيما سبق إلى أن أحد أهم أركان العقود هو "التراضي"،والخيار في حقيقة الأمر يعود إلى وجود خلل في التراضي، فبالرغم من أن العقد لايتم إلا بالتراضي ظاهراً، ولكن قد لايكون هذإ؛ططك االتراضي كاملاً، فتشريع الخيار إنما هو لإكماله. وعلى سبيل المثال:عندما يعقد طرفان صفقة البيع، يكون لهماالخيار ما داما في مجلس العقد، لماذا؟ لأنه قد يكون إجراء العقد قد تم قبل التروي الكامل أو بسبب إستحياء طرف من الآخر، أو جهل لبعض خصوصيات البيع، فبالرغم من وجود التراضي هنا حسب الظاهر، إلا أنه قد لا يكون كاملاً ونهائياً في واقع الأمر، فتشريع الخيار لهما ما داما في المجلس يتيح لهما فرصة إكمال الرضا وجعله نهائياًبالتفرق وعدم المبادرة إلى الفسخ، كما يمنحهما فرصة فسخ العقد والإعلان عن عدم الرضا نهائياً. الأحكام: الخيار كما أشرنا يعني:حق فسخ العقد للمتعاقدين، أو لأحدهما،أولشخص ثالث غيرهما؛ و الموارد التي يثبت فيها هذا الحق كثيرة،نذكر أهمها: الأول: خيار المجلس؛ "وهو خاص بالبيع" فما دام المتعاقدان لم يفترقا عن مجلس البيع و الشراء فلكل واحد منهما حق فسخ المعاملة،فإذا افترقا سقط هذا الحق و أصبح البيع لازماً. وإذا حدث الافتراق إضطراراً ورغماً عنهما، كما لو كانا يتبايعان وهما في قاربين ففرقهما الريح العاصف، أو كانا يتبايعان عبر الهاتف أوعبر الانترنت فانقطع الخط تلقائياً، فالأظهر بقاء الخيار إن تجدد لقاءالقاربين حتى يتفرقا، أو أُعيد الاتصال الهاتفي حتى ينهيا المكالمة. الثاني:خيار الحيوان؛ "خاص بالبيع أيضاً" فمن اشترى حيواناًحياً، كان له حق الفسخ خلال ثلاثة ايام من حين العقد؛ و هنا عدةمسائل: 1- في المعاملة على الحيوان يكون الخيار خاصاً بالمشتري، أما إذاكان الثمن في الصفقة حيواناً أيضاً، كان هذا الخيار للبائع كذلك، و إذاكان الثمن حيواناً و البضاعة المشتراة شيئاً آخر غير الحيوان، كان خيار الفسخ للبائع وحده. 2- لو حدث بالحيوان عيب خلال أيام الخيار الثلاثة، دون تدخل أو تفريط من المشتري، بقي الخيار ثابتاً و كان له حق الفسخ و الرد. 3- يبدو إن علة الحكم و حكمة التشريع في خيار الحيوان هو أن مرض الحيوان و عيبه يتبيّن عادة خلال ثلاثة ايام، فإذا كان لايتبين إلا بعد مدة تزيد على الثلاث، فإن النصوص ساكتة عنه، والأوْلى إشتراط الخيار إلى تلك المدة. بلى، قد جاء في النص إن بعض العيوب التي لاتظهر إلا بعد سنةكالجنون، فالخيار فيها إلى سنة. الثالث: خيار الشرط؛ وهو يثبت باشتراط المتعاقدين أو احدهماحق الفسخ لهما معاً أو لأحدهما خلال فترة معينة يتفقان عليها،وخلال فترة الشرط يحق لصاحب الخيار فسخ المعاملة والرد حتى من غير سبب؛ والرواية التالية توضّح لنا هذا الخيار:سُئل الامام الصادق عليه السلام عن رجل مسلم إحتاج إلى بيع داره، فجاء إلى أخيه فقال:أبيعك داري هذه، وتكون لك أحب إلي من أن تكون لغيرك،على أن تشترط لي إن أنا جئتك بثمنها إلى سنة أن تردها علي.فقال الامام:" لا بأس بهذا إن جاء بثمنها إلى سنة ردّها عليه"134"". ويجري خيار الشرط في كل العقود باستثناء عقد النكاح. الرابع: خيار الغَبْن؛ ويعني الغَبْن: الخديعة، فكل من خُدع في معاوضة مالية وكان مقدار الخديعة بحيث لا يتسامح فيه العرف، فإن له الخيار أن يفسخ المعاملة؛ ومثاله في البيع: فيما لو باع بأقل من ثمن المثل"فيكون الخيار للبائع" أو اشترى بأكثر من ثمن المثل "فيثبت الخيارللمشتري" فيكون للمغبون حق فسخ العقد. الخامس: خيار التأخير؛ إذا اشترى الشخص بضاعة نقداً ولكنه لم يسدد الثمن و لم يقبض البضاعة، فالبائع ينتظر ثلاثة ايام من حين العقد، فإن سدد المشتري الثمن فهو أحق بالبضاعة، وإلا فيحق للبائع فسخ المعاملة؛ قال الفقهاء باختصاص خيار التأخير بالبيع فقط،ولكن الأشبه أنه يشمل غيره من العقود أيضاً، باستثناء عقد النكاح. السادس: خيار الرؤية؛ إذا تم التعاقد بين طرفين على شي ءموصوف دون أن يشاهده المشتري، ثم عند الاستلام وجد ذلك الشي ء على خلاف الصفات التي ذكرت له، أو تعاقدا على شي ءمشاهَد إلا أنه بعد الاستلام كان ذلك الشي ء على غير ما شاهده سابقاً، ففي الحالتين يثبت للطرف المعني حق الخيار. فمثلاً:إذا إشترى شخص سيارة لم يشاهدها ولكن وصفها البائع له من حيث بلد المنشأ ومعمل الصنع، وقوة المحرك، وسنة الصنع، واللون وما شاكل من التفاصيل الاخرى، ولكن حينما شاهدها وجدهاتختلف في كل أو بعض الصفات التي وقع عليها العقد، كان للمشتري حق فسخ العقد، أو القبول بالسيارة كما هي و دون مقابل. ويجري خيار الرؤية في غير البيع من عقود المعاوضات كالإجارةو الصلح. السابع: خيار التدليس؛ ويثبت هذا الخيار فيما إذا أظهر أحدالمتعاقدين ما وقع عليه العقد على خلاف الحقيقة، وبذلك خدع الطرف المقابل، فيكون ذلك تدليساً، ويحق للطرف المخدوع فسخ المعاملة فور إكتشافه لعملية التدليس. فمثلاً:لو إشترى الشخص السيارة على أنها جديدة وغير مستعملة،ولكن ظهر بعد ذلك أن السيارة مستخدمة وكان البائع قد طلاها بصبغ جديد فأظهرها للمشتري وكأنها جديدة و بذلك خدع المشتري. الثامن: خيار تعذر التسليم؛ وذلك فيما إذا تعذّر لأحد الطرفين تسليم ما وقع عليه العقد، كما لو سرقت السيارة التي باعها قبل تسليمها للمشتري، أو صادرت الحكومة البيت الذي أجره، فيثبت للمشتري أو المستأجر حق فسخ المعاملة. التاسع: خيار العيب؛ ويثبت هذا الخيار لكل من وجد فيما وقع عليه العقد عيباً و في هذه الحالة يتخير صاحب الحق بين فسخ المعاملة، وبين إمضائها مع أخذ الأرش "أي الفارق بين قيمته صحيحاًومعيباً". فمثلاً:لو اشترى الشخص ثوباً فوجده مخرقاً أو بالياً، فله خيارالعيب، أي حق الانتخاب بين فسخ المعاملة نهائياً، أو القبول بها مع أخذ فارق القيمة بين الثوب السليم والثوب المعيب"135". فروع خيار العيب 1- إذا وجد أحد الطرفين عيباً في السلعة التي وقع عليها العقد،وكان العيب موجوداً فيها قبل العقد ولم يعلم بها، كان مخيراً بين فسخ المعاملة رأساً، أو الرضا بها مع استرداد فارق القيمة بين الصحيح والمعيب. 2- المشهور أن خيار العيب على الفور، أي على الطرف المعني أن يستفيد من هذا الحق فور إكتشاف العيب، فإذا تراخى سقط حقه،ولكن القول بعدم الإشكال في التراخي فيما إذا لم يكن فيه إضراربالطرف الثاني، وجيه. 3- يسقط حق الفسخ والرد في الحالات التالية: الف: إشتراط سقوط حق الفسخ بالعيب ضمن العقد. باء : إسقاط حق الرد بعد العقد والرضا بالعيب، وهنا يحق له أخذالفرق. جيم: العلم بالعيب عند العقد، فلا يحق له لا الرد و لا أخذ التفاوت. دال: التصرف في المعيب بما يغيّر الشي ء، فلا يحق له حينئذ الفسخ إذا وجد فيه عيباً، بل المطالبة بالفرق فقط، كما لو اشترى قماشاً فظهرمعيباً ولكنه كان قد فَصَّله تمهيداً لخياطته، فلا يحق له الفسخ في هذه الحالة، بل المطالبة بفارق القيمة فقط. هاء: التبري من العيوب وذلك بأن يقول البائع "مثلاً" بعتك هذامع ما فيه من العيوب، فيسقط حق الفسخ كما يسقط حق المطالبةبالتفاوت أيضاً. 3- الإقالة السنة الشريفة: 1- روي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم لم يأذن لحكيم بن حزام في تجارته حتى ضمن له:إقالة النادم، وإنظار المعسر، وأخذ الحق وافياً أو غيرواف"136". 2- وقال الإمام الصادق عليه السلام:" أيما عبد أقال مسلماً في بيع، أقاله اللَّه عثرته يوم القيامة"137"". 3- روى الحلبي قائلاً:سألت أبا عبد اللَّه "الامام الصادق"عليه السلام، عن رجل إشترى ثوباً ولم يشترط على صاحبه شيئاً فكرهه، ثم ردّه على صاحبه، فأبى أن يقيله إلاّ بوضيعة، قال الامام عليه السلام:" لا يصلح له أن يأخذ بوضيعة، فإن جهل فأخذه فباعه بأكثر من ثمنه، ردّ على صاحبه الاول مازاد"138"". الأحكام: 1- ما هي الإقالة"139"؟ هي فسخ العقد بواسطة أحد الطرفين المتعاقدين و موافقة الطرف الآخر، دون وجود سبب يلزمهما أو أحدهما بالفسخ كما في الخيارات التي مرت الإشارة إليها. 2- وقد يكون هناك تقايل، كما لو اتفق الطرفان على فسخ العقدلسبب أو لآخر. 3- تجري الإقالة أو التقايل في جميع العقود باستثناء النكاح. 4- لايجب على الطرف الآخر إجابة النادم و إقالته، بل يستحب ذلك استحباباً مؤكداً كما جاء في الأحاديث الشريفة، باعتبار الإقالةأحد الالتزامات الأخلاقية الفاضلة في المعاملات. 5- ليست هناك صيغة لفظية خاصة للإقالة، و إنما تقع بكل لفظيعبِّرعن هذا المفهوم، بل وتقع بالفعل المعبِّر عن ذلك، كما لو ردّالمشتري البضاعة إلى البائع بعنوان الندم و الإستقالة، ورضي البائع بذلك فعبَّر عن رضاه برد الثمن إليه. 6- يجب أن تكون الإقالة في إطار ما وقع عليه العقد دون زيادةأو نقيصة، فإذا كان قد آجر البيت بمأة دينار شهرياً، فندم المستأجرقبل الإنتفاع به، وطلب من المؤجر إقالته، ورضي الطرف الآخر بذلك كان عليه رد ثمن الإجارة كله دون نقيصة، وكذلك فيما إذا كان المؤجرهو النادم و المستقيل، ورضي المستأجر كان عليه رد العين المستأجرةكما هي و استرداد بدل الايجار دون زيادة عليه. 7- وإذا تضمنت الإقالة زيادة أو نقيصة في أحد العوضين، بطلت الإقالة و بقي العقد على حاله دون تغيير، وبقي كل واحد من المتعاقدين مالكاً لما صار تحت يده. 8- إذا تمت الإقالة بشروطها، فلا عودة إلى العقد السابق من جديد، إذ يكون كل شي ء قد انتهى بين الطرفين؛ فإذا اشترى شخص سيارة ثم ندم و طلب من البائع إقالته، فأقاله البائع و فسخ البيع، عادالثمن إلى المشتري، وعادت البضاعة "السيارة" إلى البائع، فإذا ندم أحدهما أو كلاهما على الإقالة و الفسخ، لا يمكن إعادة البيع الأول الذي إنفسخ بالإقالة، بل يمكنهما إن شاءا الإتفاق على عقد بيع جديدوحسب الشروط التي يتفقان عليها الآن؛ وهكذا الامر في سائرالعقود. 9- كما تصح الإقالة على جميع ما وقع عليه العقد، كذلك تصح في بعض المعقود عليه، فإذا تعاقدا على صفقة معينة "شراء مأة طن من الرز مثلاً" تم طلب أحدهما إقالته في بعض الصفقة "فسخ العقد في اربعين طناً و الإبقاء على الستين" صحّت الإقالة إذا رضي الطرف الآخر، و يقسَّط الثمن على المبيع و يرد منه ما قابل مورد الإقالة فقط"إعادة 40% من الثمن في المثال". 10- ليس هناك تحديد للمدة الزمنية الفاصلة بين وقوع العقدوبين الإقالة، فتصح الإقالة سواء وقعت بعد دقائق من العقد، أو بعدفترة طويلة كأيام و أسابيع و أشهر.