انكشفت هموم وغموم البشرية .
انتظار الأمل لا يعني السكوت :
وبالطبع فاننا كمؤمنين بانتظار ذلك الأمل المشرق المتمثل في حفيد النبي الأعظم ( صلى اللـه عليه وآله ) ، الامام الحجة بن الحسن العسكري - ارواحنا لمقدمه الفداء - ، ولكن هذا لا يعني ان نعيش اليأس حتى ساعة الظهور المباركة ، فالقرآن والنهج النبوي هما اللذان يأخذان بالبشرية نحو الآفاق المشرقة في عصر الغيبة الكبرى ، ثم هناك علماؤنا ومراجعنا الكرام الذين هم امتداد لأئمة الهدى المعصومين ، وبهذين النهجين وبجهود واجتهاد المراجع العظام يوضع المشروع الانساني الكوني للحياة ، هذا المشروع الذي لا يخص قوما ، او طائفة ، او عنصرا دون آخر ، كما ان هذا المشروع الالهي الشمولي الذي وضع أسسه ، وبنى هيكله الخالق - تعالى - لا يقف عند الانسان وحده ، بل انه يشمل الوجود كله بأحيائه وجماده ، ففيه مراعاة لحقوق كل كائن ، وهو يستثمر كل طاقة من أجل بناء الحياة الفضلى .
ان الانسان عندما يأوي الى الاسلام ويرتدي ثوبه ، ويلبس لباس التقوى ، يغدو كائنا متطورا تنطبق عليه معاني الانسانية الحقيقية ، فيصبـح ذلك الموجــود العاقــل الذي يستطيع ان يعيش بين احضان
الطبيعــة ويتعايـش معهـا .
رحمة للعالمين :
ونحن نقرأ في السيرة النبوية الشريفة ونلمس آثارا كبيرة تدل على معنى الشمولية الكونية في الاسلام ، ومن ذلك كيفية تعامله ( صلى اللـه عليه وآله ) مع الحيوان ، وقد نقل عنه ( صلى اللـه عليه وآله ) انه قص جزء من ردائه لان قطة كانت نائمة عليه فأبى ان يوقظها من نومها ، وفي مرة أخرى نجده ( صلى اللـه عليه وآله ) يسقي هذا الحيوان بيده الكريمة عندما يلحظ العطش عليه ، وتارة يحذر من ايذاء الحيوان فيقول ( صلى اللـه عليه وآله ) : " رأيت في النار صاحب الهرة تنهشها مقبلة ومدبرة ، كانت أوثقتها ولم تكن تطعمها ولا ترسلها تأكل من خشاشة الأرض " . [38]
بل ان رحمته ( صلى اللـه عليه وآله ) شملت حتى الافاعي التي تقطن في بعض زوايا البيوت ، فنهى عن قتلها واصفا اياها بوصف محبب الى النفس قائلاً : " لا تقتلوا عوامر البيوت " .
وهناك ايضاً الكثير من المناسبات والشواهد التي دلت وتدل على ان قلبه الكبير ( صلى اللـه عليه وآله ) كان مفعما بالحب والعطف والرحمة الى درجة انه قال عن نفسه : " انما انا رحمة مهداة " ، ولعل شهادة الباري - عز وجل - كافية في هذا المجال وذلك في قوله : « وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ » (الانبياء / 107) .
وبعد ؛ فهذه هي السيرة والاخلاق التي ينبغي ان نحياها في مشاريعنا ومناهجنا ومسيرتنا في هذه الحياة ، لا الاخلاق المادية الانانية التي يتخلف بها الانانيون والمصلحيون . فالمشاريع المادية الوضعية لا تتصف إلا بالاخلاق الجاهلية الجافة ، ولا تعير الى القيم الروحية والانسانية ادنى اهمية ، بل لا تعرف إلا الذهب والفضة والدرهم والدينار ، وبهذا الاسلوب تعمل على مسخ الانسانية .
ان هذه المشاريع تفتقر الى معاني التراحم والتعاطف ، وبذلك تتفكك في ظلها الاسر ليتفكك المجتمع كله فيصبح افراده ذئابا مفترسة ، وحيوانات يفتك بعضها ببعض ، فالمجتمعات البشرية وخصوصاً الغربية تعج اليوم بالملايين من صور هذا التفكك والانحلال .
تيار عظيم من العاطفة :
ترى ايـن الغربيـون من الاسلام وقوانينه ووصايا الرحمة التي سنها من مثل قوله - تعالى - : « وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً » (الاسراء / 23) ، وقوله : « وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً » ( الاسراء / 24) ، وهذه هي الاخلاق الاسلامية في احدى جوانبها الكثيرة ، فالاسلام هو تيار عظيم من العاطفة ، وهو رحيم حتى باعدائه ، ومثل هذا الخلق الاسلامي العظيم نجده متجسدا في منهج النبي ( صلى اللـه عليه وآله ) واهل البيت ( عليهم السلام ) ، ونحن عطاشى الى هذا المنهل العذب ، ولذلك فان من الواجب علينا ان نستثمر سيرة الرسول ( صلى اللـه عليه وآله ) في حياته الشريفة لكي نحيى في هذه الدنيا حياة مثالية ملؤها السعادة والأمل والهناء ومع كل الناس في مختلف المجتمعات والأمم في الارض .
كيف نحقق السعادة الروحية ؟
ان مثل هذه الحياة المقرونة بالسعادة الروحية ، والراحة النفسية ، واطمئنان القلب نجدها متجلية عند علمائنا ومراجعنا العظام ، فترى الواحد منهم يحمل قلب الفتوة والشباب بما نستشعره منه من روح الظرافة ، وحسن المجاملة رغم انه قد يناهز المائة سنة من العمر ، وعندما يتوفاهم الأجل فانهم يرحلون عن هذه الدنيا وهم في كامل صحتهم . وكل هذا مستوحى من آداب واخلاق القرآن والسيرة النبوية الشريفة ، ولو أخدنا بهذه الاخلاق ، وطبقناها في حياتنا لعشنا السعادة الروحية ، والاطمئنان القلبي في اجواء مفعمة بالايمان والتقوى وحب اللـه - سبحانه وتعالى - وحب رسوله وأهل بيته الميامين .
ومن أجل تحقيق هذا الهدف ينبغي ان نلتزم بأربعة أمور مهمة :
1- مطالعة السيرة النبوية الشريفة والعمل بها ما امكننا ، ففي بعض البلدان الاسلامية جرت عادة المسلمين هناك على ان يعقدوا الجلسات الخاصة التي يتداولون فيها السيرة النبوية ، واحوال النبي (صلى اللـه عليه وآله ) وصحابته الخلص ؛ كيف ولد ونشأ ، وكيف بعث بالرسالة ، وكيف كانت دعوته ومن ثم جهاده وغزواتـه ؟ بل وكل ما يتعلق به ( صلى اللـه عليه وآله ) واصحابه (رض) من مآثر واخلاق كريمة وفضائل ومناقب .
وللأسف فاننا نكاد نهمل هذا الجانب المهم من السيرة النبوية ، بل ربما لم يقرأ احدنا كتابا كاملا عن حياة النبي الاعظم ( صلى اللـه عليه وآله ) ، في حين ان الامام السجاد ( عليه السلام ) يشير الى اهمية هذا الجانب بقوله : " كنا ندرس مغازي النبي كما ندرس القرآن " .
2- اتخـاذ النبي ( صلى اللـه عليه وآله ) اسوة وقدوة لنا في حياتنـا :
وفي هذا المجال يقول - تعالى - : « لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ اُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الأَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً » ( الاحزاب / 21) ، وهذا يعني ضرورة التخلق باخلاق الرسول ( صلى اللـه عليه وآله ) ، والتأدب بآدابه من خلال تقصي كل صغيرة وكبيرة تتعلق بآدابه ، واخلاقه ، وطرق تعامله ، فقد جاء في بعض الروايات - مثلا - انه ( صلى اللـه عليه وآله ) كان عندما يريد شرب الماء يلتزم بثلاثين ادبا في هذا الخصوص ، وروي عنه (صلى اللـه عليه وآله ) انه كان عندما يجلس بين اصحابه يوزع نظره بينهم ، وعند الاشارة كان يؤشر بكل يده الشريفة ، وعند المصافحة كان لايترك يد المصافح حتى يبدأ هو بسحبها ، وقد قيل ان احدا لم يكن يسبق الرسول ( صلى اللـه عليه وآله ) في المبادرة بالسلام والتحية .
من آداب الرسول (ص) :
وهكذا كان ( صلى اللـه عليه وآله ) في حياته مع أهل بيته ، وفي حياته الخاصة ، وفي قيامه ، وقعوده ، ونومه ، وتناوله الطعام ، فقد كان ( صلى اللـه عليه وآله ) يقسم فترة نومه الى ثلاثة اقسام ؛ بان يضطجع قليلا بعد صلاة العشاء ، ثم ينهض ليصلي بضع ركعات ، ثم ينام قليلا ، لينهض بعد ذلك في جوف الليل وينشغل بالصلاة حتى طلوع الفجر .
وعنـد الطعام لم يكن ( صلى اللـه عليه وآله ) يذكر طعاماً تشتهيه
نفسه ، وما عاب قط طعاما قدم له ، ولم يكن يطلب الأكل حتى يقدم له فان لم يؤت له به نهض ونام ، وروي عنه ( صلى اللـه عليه وآله ) انه ما ثنيت له وسادة إلا في مرة واحدة جعلته يتأخر عن صلاة الليل ، فما كان منه إلا أن نهض وعاتب اهله قائلا : " من ثنى لي وسادتي فأخرني عن لقاء حبيبي " ، وهذا دليل على ان حبه (صلى اللـه عليه وآله ) للصلاة كان حباً جماً .
ترى هل نحن ننهض للصلاة ولو باليسير من هذه الروح ، ومن هذا الحب للقاء اللـه - تعالى - ، ام ترانا ننهض مكرهين ضجرين فلا نعي ما نقول عندما نصلي ، أوليس الكثير منا لايعير أذنا صاغية لنداء " حي على خير العمل " الذي يدعونا الى تلك اللحظات التي هي جوهر ما في حياتنا كلها ؟ هذا في حين ان النبي ( صلى اللـه عليه وآله ) يقول : " لا تضيعوا صلاتكم فان من ضيع صلاته حشر مع قارون وهامان ، وكان حقاً على اللـه أن يدخله النار مع المنافقين . فالويل لمن لم يحافظ على صلاته وأداء سنة نبيه ( صلى اللـه عليه وآله ) " [39] .
اين نحن من ادب النبي ( صلى اللـه عليه وآله ) عندما كان يجلس في محرابه لينتظر حلول وقت الصلاة لحظة بلحظة ، فما ان يدخـل وقتها حتى ينادي بلالا ( رض ) ان : " ارحنا يا بلال بالصلاة " [40]، كما انه ( صلى اللـه عليه وآله ) كان يوصي ويؤكد على أهمية الصلاة بقوله : " قرة عيني في الصلاة " [41].
ان الصلاة هي حصن التوحيد واطاره ، وعندما ندخل هذا الحصن تنهمر علينا سائر البركات التي نرجوها في حياتنا ، ولذلك فان علينا ان نهتم بالصلاة كثيرا كما نهتم بصحتنا وسلامتنا .
3- حب الرسول ( صلى اللـه عليه وآله ) واهل البيت ( عليهم السلام ) واكثار الصلوات عليهم .
ان حب الرسول ( صلى اللـه عليه وآله ) يتجلى بذكر الصلاة عليه وعلى آله الميامين ، ودرجة الانسان المؤمن في الآخرة ترتفع بمقدار حبه للنبي ( صلى اللـه عليه وآله ) ، والذي يحب الرسول لابد ان يحب أهل بيته ، والمحب لأهل البيت ( عليهم السلام ) هو محب لشيعتهم ، ولكل فرد من امة محمد (صلى اللـه عليه وآله) .
وهكذا فان الصلاة على النبي ( صلى اللـه عليه وآله ) تمثل كل الفضيلة ذلك لان في الصلاة هذه ذكرا لله - عز وجل - ، ودعاء للامة الاسلامية ، فعندما يصلي الانسان المؤمن ويسأل اللـه تعالى ان يرفع درجته فان في عمله هذا رفعا لدرجته هو ايضا عند اللـه ، ونحن - سواء كنا في العراق أم في ايران أم في لبنان أم في افغانستان أم في البوسنة والهرسك - عندما نصلي على النبي ( صلى اللـه عليه وآله) ، فانه - سبحانه - سيكشف عنا غمومنا وهمومنا ، وييسر لنا ما تعسر من أمورنا ، وما صعب من مشاكلنا .
ولــذلك ينبغي علينا ان نكثر من هذه الصلوات ، وان نؤكد عليها في كل محفل ففيها محبة للرسول وآله ، وبالتالي الحب لله - تعالـى شأنـه - .
4- العمل بنهج الرسول ( صلى اللـه عليه وآله ) ، واوامره ونواهيه ، وهذا ما يدعونا اليه القرآن الكريم ، وما غاب عنا من هذه الأوامر والنواهي نجده عند ائمتنا ( عليهم السلام ) الذين هم عدل الكتاب ، وثاني الثقلين .
العالم يبحث عن رسالة محمد (ص)
وأد البنات صورة واحدة من الصور التي كانت تتكرر في الجزيرة العربية قبل بعثة النبي محمد ( صلى اللـه عليه وآله ) ، وعندما بعث ( صلى الله عليه وآله ) ورزقه اللـه - تعالى - الكوثر ( الزهراء عليها السلام ) ، علم هذا المجتمع القاسي الفاقد للعاطفة كيف يتعامل مع الفتيات من خلال تعامله السامي مع ابنته فاطمة (عليها السلام ) فقال في حقها : " فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني " [42] ، وقال ايضاً : " فاطمة ريحانتي " ، " فاطمة حورية في صورة انسية " ، وعندما كانت ( عليها السلام ) تأتي الى النبي ( صلى اللـه عليه وآله ) كان ينهض واقفا ويستقبلها ثم يأخذ يدها ويقبلها ثم يقول : " فاطمة أم أبيها " . وبهذه الكلمات حوّل النبي ( صلى اللـه عليه وآله ) ذلك المجتمع الجلف العاتــي ، الى مجتمع يفيـض
عاطفة وانسانية وحباً .
وقد كانت هناك صور أخرى لجاهلية هذا المجتمع قبل الاسلام ، فكل قبيلة كانت ترى ان افرادها يجب ان يبلغوا عدداً معيناً لا يتجاوزونه ، فان ولد فيهم مولود جديد دفنوه حياً ! بنتاً كان أم ولداً ، لانهم كانوا يزعمون ان الارض التي يعيشون عليها لا تكفي لاطعام اكثر من العدد الذي يحددونه ، وهكذا فقد كانوا يئدون الاولاد ويقتلونهم ، كما كانوا يئدون البنات ويقتلونهن ، فجاء القرآن الكريم ونهاهم عن هذه الممارسة الخاطئة قائلاً : « وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاَقٍ » (الاسراء / 31) .
جاءت الرحمة الإلهية :
وجاء الرسول (ًصلى اللـه عليه وآله وسلم ) ، وجاءت معه الرحمة الالهية ، ولننظر كيف كان ( صلى اللـه عليه وآله ) يتعامل مع الحسنين ؛ لقد كان الحسن والحسين ( عليهما السلام ) يدخلان مجلسه وهو فوق المنبر يعظ المسلمين ، ثم يأتي الحسن (عليه السلام ) ، ويتخطى صفوف الرجال ويعثر ويسقط ارضاً ، وإذا بالرسول (صلى اللـه عليه وآله) يهب من فوق منبره ، ويسعى الى شق طريقــه وسط الناس ، ثم يأخذ بولده ، ويحمله الى المنبـــر وهـو يقـول :
" اولادنــا اكبادنــا " [43] .
وبهذه الكلمات وغيرها كان ( صلى اللـه عليه وآله ) يعبر عن مدى العاطفة التي يجب ان يكنها كل أب تجاه اولاده الذين هم ككبده .
كما وروي عنه ( صلى اللـه عليه وآله ) في هذا المجال انه كان يحمل الحسنين ( عليهما السلام ) احدهما على كتف ، والثانــي علـــى الكتف الآخر ثم يمشي وهو يقول : " نعم الراكبان أنتما " .
وروي ايضاً عن أنس ، وعبد اللـه بن شيبة عن أبيه أنه دعي النبي ( صلى اللـه عليه وآله ) الى صلاة والحسن متعلق به فوضعه النبي (صلى اللـه عليه وآله ) مقابل جنبه وصلّى ، فلما سجد أطال السجود فرفعتُ رأسي من بين القوم فاذا الحسن على كتف رسول اللـه ( صل اللـه عليه وآله ) فلمّا سلّم ( عليه السلام ) قال له القوم : يا رسول اللـه لقد سجدت في صلاتك هذه سجدة ما كنت تسجدها كأنما يوحى إليك فقال ( صلى اللـه عليه وآله ) : " لم يــوح إليَّ ولكن ابنـي كان على كتفي فكرهت أن أعجّله حتى نــزل " [44] .
وفي رواية اخرى أنه ( صلى اللـه عليه وآله ) قال : " إن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن أعجّله حتى يقضي حاجته " [45] .
بهذه الاخلاق السامية ، والعواطف الفياضة بالحنان كان ( صلى اللـه عليه وآله ) يتعامل مع الاطفال ، فلنقارن صورة الأب الذي يأخذ ابنته او ابنه ليدفنهما احياء مع صورة النبي ( صلى اللـه عليه وآله ) وهو يعامل الحسنين تلك المعاملة المتدفقة حباً وحناناً .
وصورة اخرى اعرضها عن المجتمع الجاهلي وهي ؛ ذات مرة هاجمت قبيلة قبيلة اخرى ، فأخذوا افرادها اسرى لديهم ، وقد كان الهجوم يتم عادة بالمكر والخداع ، حيث يباغتون الناس وهم نائمون من دون سابق انذاز ، وربما من دون اي سبب ، فيحتلون موقعهم ، ويأخذونهم اسرى ، وهنا وقف شيخ القبيلة المغيرة ، ووضع الرمح على كتفيه ، وبدأ ينشد الاشعار الحماسية ليبين من جهة فضائل قبيلته ، ومن جهة اخرى يهجو القبيلة التي انتصروا عليها ، وفي هذه الاشعار كان يحرض ابناء قبيلته على الاسرى ، فما كان منهم إلا ان قتلوا الاسرى بأجمعهم ، وأبادوهم عن بكرة أبيهم .
ولنقــارن الآن هذه الصورة الجاهلية الوحشية مع صورة الرسـول
( صلى اللـه عليه وآله ) عندما فتح مكة هذه الارض المقدسة التي كانت تقطنها قبيلة قريش التي سامت الرسول ( صلى اللـه عليه وآله) واصحابه سوء العذاب طيلة ثلاث عشرة سنة ؛ فما من فعلة قبيحة إلا وارتكبوها بحق الرسول ( صلى اللـه عليه وآله ) ، فكانوا يأذونه في الطريق ، ويرشقونه بالحجارة ، وكانوا يدفعون اولادهم الى ايذائه ( صلى اللـه عليه وآله ) و يلقون في طريقه الاشواك ، ثم لاحقوه الى المدينة ، وقتلوا عمه ، وضربوه وجرحوه، وقتلوا اصحابه ، وفعلوا به ما فعلوا .
العفو النبوي الأعجوبة :
وعندما انتصر النبي ( صلى اللـه عليه وآله ) عليهم في فتح مكة ، جاء الى المسجد الحرام ، وهنا تسمرت اعين الكفار والمشركين على شفتيه ، فقال ( صلى اللـه عليه وآله ) لهم : ماذا ترون اصنع بكم ؟، فقالوا : أخ كريم ، وابن أخ كريم ، فقال ( صلى اللـه عليه وآله ) : " اذهبوا ، فأنتم الطلقاء " [46] . وهكذا وبكلمة واحدة اطلق سراحهم ، بل واغدق عليهم الاموال ، وعفا عنهم !
وهكــذا فلولا بعثة الرسول ( صلى اللـه عليه وآلــه ) الى الجزيرة
العربية لانقرض بشرها لان الناس كانوا يتقاتلون ، وكان الاولاد يقتلون ، والبنات في تناقص مستمر بسبب حماقات الجاهلية ، ولكن ادركتهم هنا الرحمة الالهية المهداة ، وجاءت لا لتنقذ الجزيرة العربية فحسب وانما البشرية كلها .
محمد ( صلى اللـه عليه وآله ) .. الأمل :
جدير ذكره في هذا المجال ان احد المفكرين الفرنسيين - المعروفين - كتب كتاباً تحت عنوان " آفاق المستقبل " يقول فيه : ان مستقبل البشرية مهدد لأسباب عديدة ، وان الأمور اذا سارت على هذا المنوال فان مستقبل الحضارة البشرية سيكون في خطر عظيم ، وان لا أمل للبشرية سوى ان يأتي شخص مثل محمد (صلى اللـه عليه وآله ) الذي انقذ البشرية في يوم من الايام ، وغير مسارها .
وعندما كتب احدهم كتاباً حول اعظم شخصية في العالم ؛ يختار شخصاً واحداً من بين الشخصيات الكثيرة التي ظهرت على مر التأريخ الا وهو رسول اللـه محمد ( صلى اللـه عليه وآله ) ، ذلك لانه لم يأت انسان عبر التاريخ المديد للبشرية ترك آثاراً ايجابية على مسيرة الانسانية كالنبي ( صلى اللـه عليه وآله ) .
وهكذا جــاء الى البشرية اخيراً المنقذ الذي لا ينقذ منطقة واحدة
فحسب ، او جيلاً خاصاً ، بل ينقذ العالم وعلى امتداد الاجيال ، ويملأ نوره الخافقين ، وسيبقى هذا النور يشع ، ويمتد شعاعه حتى يظهر اللـه - عز وجل - دينه على الدين كله من خلال ظهور الامام الحجة المهدي ( عجل اللـه فرجه ) .
كل الايجابيات للاسلام :
ان هذا الفصل لا يسع لان احدث عن مختلف الآثار الايجابية لبعثة الرسول ( صلى اللـه عليه وآله ) ، ولكن اؤكد بإجمال ان ما نجده من آثار ايجابية في الحضارة البشرية انما هو بفضل تعاليم الاسلام ، فالفلاسفة والمؤرخون والمفكرون كلهم يعترفون ان الحضارة الاوربية هي من اشعاعات الحضارة الاسلامية ، فالمذهب البروتستانتي - على سبيل المثال - الذي اسسه ( لوثر كينغ ) انما تأثر بالنظرة التوحيدية الاسلامية ، وهذه النظرة هي التي دفعت بالحضارة الغربية الى هذا المستوى الرفيع من التطور والتقدم .
واما فيما يتعلق بالعلوم التي انتقلت من الاندلس الاسلامية الى الغرب بصورة مباشرة فالحديث عنها مفصل ومتشعب ومثبت في كل الكتب التأريخية ، ولكن هذا ليس الشوط الأخير في سلسلة الحلقات المتصلة بهذه الرحمة الالهية ؛ اي ان الحضارة البشرية لم تستطع بعد ان تستمد كل النور والهدى من حضارة الاسلام ، فالذي استفادته البشرية من القرآن الكريم ، ومن النبي ( صلى اللـه عليه وآله ) انما هو بصيص من النور .
رحمة استوعبت البشرية :
ان اخلاق النبي ( صلى اللـه عليه وآله ) ، وشمائله ، وتعاليمه من شأنها ان تستوعب البشرية كلها ، والعالم الآن يعاني من مشاكل وازمات لا تنتهي ؛ فهناك صراع الشمال والجنوب ؛ اي ان الصراع بين الاغنياء والفقراء يشتد لتبدأ اضطرابات وثورات في الجنوب ، وقمع من قبل الشمال ، وبالتالي حروب ومعارك ... ترى ماهي جذور هذه المشاكل والازمات ، وماهو اصل هذه المفاسد ؟
أزمة اخلاق وضمير :
الجواب هو ان البشرية مصابة بأزمة اخلاق وضمير ، كما يشير الى ذلك - تعالى - في قوله :
« ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ » (الروم / 41) ، وعلى سبيل المثال فلو ان ترسانات الاسلحة الكيمياوية والنووية وغيرها فتحت لما بقي اي كائن حي على هذه الارض ، ومثل هذه الاسلحة انما تستخدم عندما تكون هناك ازمة اخلاق ، وعندما تشتهي مصالح واهواء المستكبرين .
وعلى هذا فان البشرية اليوم بحاحة الى اخلاق ، وبالتحديد اخلاق رسول اللـه ( صلى اللـه عليه وآله ) الذي قال : " انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق " [47] ، صحيح ان الغربيين يملكون اقتصادا قويا ، وان اليابانيين - على سبيل المثال - يضربون الآن الرقم القياسي في النمو الاقتصادي والتكنولوجي ، وارباحهم تقاس بالترليونات ، ولكن ذرة من الاخلاق اعظم من كل هذا الربح والامكانيات ، فهذه الارباح اين تذهب ؟ وما فائدة سيارة ضخمة عملاقة ليس فيها مقود ؟ ان ضررها اكبر من نفعها لانها سترمي بنا الى واد سحيق .
والحضارة البشرية اليوم تشبه الى حد كبير سيارة تسير بسرعة جنونية دون ان يكون فيها مقود ، فهي قوة بلا عقل ، واخلاق بدون ضمير .
ان البشرية بحاجة اليوم الى تلك الرحمة الالهية ، الى النبي (صلى اللـه عليه وآله ) ، والى من يحمل رسالته ، ونحن نفتخر باننا ننتمي الى هذه القدوة الالهية ، ونفتخر باننا سنظل على هدى رسول اللـه ( صلى اللـه عليه وآله ) ، ونعتقد بأن هذه الثروة الحضاريــة التي نمتلكها لا يمكن ان تقدر بثمن ، ولو اعطونا الدنيا كلها ثم سلبوا منا الولاء للنبي ( صلى اللـه عليه وآله ) لما كانت هذه الدنيا تعدل عندنا شيئاً ، لان ولاءنا ضمير ، وروح ، وحب ، ونهج صحيح في الحياة .
واجبنا ازاء الرسالة :
ترى ماذا يجب علينا ان نفعل تجاه هذه الرسالة الالهية ؟
علينا ان نزرع الاخلاق الحسنة في ربوع هذا العالم ، شريطة ان نتحلى نحن بها اولا ثم نكون المثل الاعلى لهذه الاخلاق ، ونبشر بها كل الشعوب ، فلو عرفت البشرية ماذا تعني رسالة الاسلام حقاً لتنبهت اليها واهتمت بها .
وفي هذا المجال لابد ان لاتغيب عن اذهاننا هذه الحقيقة ، وهي ان العالم ظمآن ، والذي يروي غليله ليس إلا رسالة الاسلام ، وسيـــرة النبي ( صلى اللـه عليه وآله ) ، فعلينا ان نكتب عن حياته ( صلى اللـه عليه وآله ) للعالم قائلين بملء افواهنا : هذا هو النبي الذي ندعو اليه . ولنعلم ان مسؤوليتنا خطيرة ، وواجبنا عظيم في هذا المجال .
ان اللـه - عز وجل - يقول :
« يَآ أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ » (المائدة / 15) ، فالرسول ( صلى اللـه عليه وآله ) جاء ليفصل للناس رسالات اللـه ، وليبين العلم الحقيقي ، ويعفو عن كثير ، ويخفف عن البشرية اعــباءها ، كما قال - عز من قائل - :
« قَدْ جَآءَكُم مِنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ » (المائدة / 15) ، فالنور هو النبي ( صلى اللـه عليه وآله ) ، وهذا النور في اشعاع أبدي .
رسالة العلم والحياة السعيدة :
اما الكتاب المبين فيقول عنه - عز وجل - : « يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ » (المائدة / 16) ، فهذه الرسالة هي رسالة العلم لانه نور ، ورسالة الحياة السعيدة لان السلام هو الذي يحققها .
ان البشرية كانت تحتاج في ذلك اليوم الى هذه السبل ، وهي الآن مازالت بحاجة اليها ، بل انها أحوج ما تكون اليها بسبب الأزمات والمشاكل اللامتناهية التي تعاني منها في هذا العصر والتي استعرضنا جانبا منها ، فهذه البشرية هي بحاجة ماسة الى ( السلام ) والامن والاستقرار والسعادة الحقيقية في ظل الاسلام ، وفي ظل القيادة الالهية الرشيدة ، ليخرجها اللـه - تعالى - من الظلمات الى النور ، ويهديها الى صراط مستقيم .
كيف ندعو العالم الى نهج النبي (ص) ؟
إذا أردنــا ان نقـارن الحيــاة التي نعيشها بالحياة التي اراد اللـه - تعالى - لنا ان نعيشها لكان الفرق هائلا ، والفجوة واسعة خصوصا إذا عرفنا ان الانسان يمتلك فرصة ليعيش حياة كريمة ملؤها الرفاه والسلام والسعادة .
وهنا ندرك مدى حاجة البشرية الى رسالات اللـه - عز وجل - ورسله ، والى ذلك الشخص الفذ العظيم المتمثل في النبي الاعظم (صلى اللـه عليه وآله ) وتعاليمه التي من شأنها ان تجعل من حياتنا حياة اخرى .
نفوس مكبلة بالقيود :
وفي هذا المجال لنلق نظرة الى هذه الدنيا التي نعيشها ، ولنبدأ من زاوية واحدة هي زاوية الحالة النفسية ، فلو تمثلت لنا انفسنا في صورة مجســدة لرأيناها مكبلة بالقيود والاصر والاغلال ، ومثل هذه النفوس لا يمكنها ان تعيش سعيدة لانها مسجونة ، مكبلة ، ترسف في قيودها ، في حين ان الحياة التي بشرنا به الاسلام ، ودعانا اليها الرسول (صلى اللـه عليه وآله) هي حياة طليقة حرة ، حياة الاخوة ، حياة لا تقيدها الاطماع الرخيصة .
وحتى الحياة في البلدان الصناعية المتقدمة التي تبدو قائمة على الحرية والديمقراطية فانها ليست قائمة في الحقيقة على الحرية الحقيقية لان الانسان هناك عبد لشهواته ، فأية حرية لذلك الانسان الذي لا هم له إلا التفكير في بطنه وشهواته ؟ هل هذه هي الحياة ؟ أم أنها حياة ذلك الرجل الذي يقول : " واللـه لو اعطيت الاقاليم السبعة بما تحت افلاكها على ان اعصي اللـه في نملةٍ اسلبها جلب شعيرة ما فعلته ... " [48] .
ثقافة المادة :
فلننظر الى تربية الانسان في عالم اليوم ، والى الثقافة السائدة ، انها ثقافة المادة ، ثقافة كل همهـا ادخال الانسان في معتقلات الدنيا ، فما هو الفرق بين الانسان يقيد يديه الى ظهره و يرسف في قيــود ماديـة ، وبين انسان يخاف من ظلــه ؟ انهما كلاهما يعيشان
الموت ، فالبخل فقر عاجل ، والخوف موت عاجل .
اننا نلاحظ الآن - على سبيل المثال - مدى تورط العالم في المخدرات الى درجة ان هناك بعض البلدان يتعاطى نصف اهلها المخدرات ، والنصف الآخر يتاجر بها كما نلاحظ ذلك في الولايات المتحدة الاميريكية ، فالاحصائيات تشير الى ان تعاطي المخدرات في حالة ازدياد مستمر رهيب !
وفي احصائية اخرى عن المانيا الغربية جاء : ان ظاهرة تعاطي المخدرات في حالة ارتفاع بين النساء والفتيات الصغيرات !! في حيــن ان كل انسان يعرف ماذا تعني هذه السموم من الموت العاجل ، ومع ذلك تراهم يعملون ليل نهار ، ويمدون ايديهم ، ويمارسون التسول في سبيل ان يشتروا المخدرات ليغيبوا بها عن هذا العالم ساعة او ساعتين !
ترى لماذا يفعل الانسان الغربي كل ذلك ؟ الجواب لانه لا يشعر بالراحة والسعادة في ظل الثقافة المادية ، فالخوف يلاحقه ، وهو يبحث عن الشهوات ، وهو مقيد بعشرات القيود المادية .
الحياة في ظل الاسلام :
ترى هل هذه هي الحياة الحقيقية ام الحياة التي يدعو اليها الاسلام ؟ ان الاسلام يجعل الانسان يعيش السعادة حتى وهو يرزح تحت أحلك الظروف ، ولنا في هذا المجال خير اسوة وشاهد بالامام الكاظم ( عليه السلام ) الذي عاش المحن والمآسي في سجون بغداد ، ومع ذلك فقد كان يحمد اللـه - تعالى - ويشكره لانه وفر له فرصة مناسبة يتفرغ من خلالها للعبادة .
وهكذا فان الحضارة الايمانية هي من الناحية النفسية حضارة الحياة ، في حين ان الحضارة المادية هي حضارة الموت ، وحتى لو رأيت انسانا يعيش على الارض ويتحرك ولكنه في الحقيقة ميت اذا لم يكن يتبع الصراط الالهي القويم ، في حين ان الانسان الذي يعيـش في ظل المنهج الالهي هو انسان حي يعيش السعادة والطمأنينة .
والدليل على ذلك ان الغربيين اصبحوا اليوم يهربون من الحياة الى المخدرات ، والمسكرات ، والعربدة ، والى كل ما من شأنه ان يلهيهم ، الى درجة ان البعض منهم يفضل ان يتخلص من الحياة بالانتحار ، فالاحصائيات مذهلة في هذا المجال ، وهي في حالة ازدياد مستمر في كل عام !
ان الانسان انما يتهرب من هذه الحياة لانها ليست الحياة التي خلق لها ، وليست الحياة التي يقول عنها القرآن الكريم :
« يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ » (الانفال / 24) ، فالرسـول ( صلى اللـه عليه وآله ) يدعو
الناس الى ما يجعلهم يعيشون حياة حقيقية .
وهكذا فاننا بحاجة الى رسول اللـه ( صلى اللـه عليه وآله ) لكي يغير هذه الحياة ، فهذه الحياة اصبحت الآن تافهة ، فالانسان الذي يعيش في الظلام لايمكن ان يفهم معنى النور ، والبشرية تعيش الآن هذا الظلام ، وهي متعطشة الى النور ، وحينئذ ستدرك ان تلك المادية الطاغية التي كانت تعيشها انما كانت في الحقيقة سجناً كبيراً ، ولذلك قال - تعالى - في معرض تبيينه لصفات الرسول (صلى اللـه عليه وآله ) :
« يَآ أَيُّهَا النَّبِيُّ اِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً اِلَى اللَّهِ بِاِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً » (الاحزاب / 45 - 46) .
انهم يحطمون القيم :
انــنا نعيش حياة ملؤها الظلام الدامس ، والجور الى درجة ان الانسان يتمنى الموت لكي يتخلص منها ومن جبروت الجبارين وطغيانهم وظلمهم ، فهم يحطمون القيم بطرق مختلفة ، وينشرون الاباحية ، ويحاربون كل من يدعو الى اللـه - جل وعلا - .
والسؤال المهم الذي اريد ان اطرحه هنا هو : كيف نعيد البشرية الى حياة الرسول ( صلى اللـه عليه وآله ) ، الى تلك الحياة المليئة بالسعـادة الروحية ، والهنـاء المـادي ؟ والجواب يتلخص في نقطتين
مهمتيــن :
1- ضرورة وجود مجموعة من الناس الذين لايهابون اية قوة ، ويحملون رسالات اللـه ، والذين قال عنهم اللـه - عز وجل - :
« الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً اِلاَّ اللَّهَ » ( الاحزاب / 39) ، ووجود مثل هؤلاء كفيل باعادة البشرية الى تلك الحياة السعيدة القائمة على القيم والمثل الالهية .
2- ان نتحدث للعالم عن حياة الرسول ( صلى اللـه عليه وآله ) وانجازاته العظيمة ، والسؤال المطروح هنا : ترى كم كتبنا عن شخصية النبي ( صلى اللـه عليه وآله ) ، وهل نحن في المستوى المطلوب في هذا المجال ؟
لقد كُتبت وأُلفت الكثير من الكتب من قبل المستشرقين ، وهم يكتبون كأعداء ، ويتكتمون على الكثير من الحقائق ، فأين نحن من الرسول ( صلى اللـه عليه وآله ) ؟ واين نحن من الامام السجاد (عليه السلام ) الذي كان يقول : " كنا ندرس مغازي الرسول (صلى اللـه عليه وآله ) كما ندرس القرآن " !
مسؤولية كبيرة :
ان علينا الآن مسؤولية كبيرة ازاء اطفالنا ، فنحن مكلفون بتعليمهم سيرة الرسول ( صلى اللـه عليه وآله ) لكي تعيش هذه الشخصية العظيمة في قلوبهم . ترى كم واحداً منا قرأ كتابا عن حياة النبي ( صلى اللـه عليه وآله ) ؟ وهل تكفي قراءة هذا الكتاب الواحد ؟ وكيف يكون الرسول نبينا ونحن لانعرفه ؟ ان معرفة الرسول والأئمة شرط من شروط كمال الانسان .
ولذلك فان من الواجب علينا ان نعرف الرسول ( صلى اللـه عليه وآله ) أولا ، ثم نعرف العالم به بعد ذلك لكي نستطيع ان نقدم صورة ناصعة لهذه الشخصية العظيمة الى البشرية وهي تعيش اليوم احلك الظروف وأكثرها تأزما حيث تصبح الحاجة الى النهج الذي بشرت به هذه الشخصية حاجة اساسية من حاجات العالم اليوم .
[1] نهج البلاغة / كناب 45
[2] نهج البلاغة / من غريب كلامه [ع] / رقم 9
[3] ناسخ التواريخ / ج 3
[4] اصول الكافي / ج 2 / ص 468
[5] بحار الأنوار ج 89 / ص 197
[6] بحار الأنوار / ج 74 / ص 59
[7] بحار الأنوار / ج 25 / ص 16
[8] بحار الأنوار / ج 53 / ص 187
[9] بحار الأنوار / ج 19 / ص 180
[10] نهج البلاغة / من غيب كلامه -9 -
[11] البحار / ج 10 / ص 40
[12] بحار الأنوار / ج 35 / ص 177
[13] بحار الأنوار / ج 16 / ص 406
[14] نهج البلاغة / كتاب 45
[15] الكافي / ج 2 / ص 494
[16] المصدر السابق / ص 493
[17] المصدر السابق / ص 492
[18] المصدر السابق
[19] بحار الأنوار / ج 91 / ص 47
[20] الكافي / ج 2 / ص 493
[21] بحار الأنوار / ج 91 / ص 70
[22] بحار الأنوار / ج 91 / ص 71
[23] بحار الأنوار / ج 2 / ص 144
[24] بحار الأنوار / ج 16 / ص 115
[25] نهج البلاغة / خطبة 89
[26] الكافي / ج 2 / ص 163
[27] بحار الأنوار / ج 20 / ص 189
[28] بحار الأنوار / ج 16 / ص 260
[29] بحار الأنوار / ج 19 / ص 22
[30] بحار الأنوار / ج 35 / ص 177
[31] بحار الأنوار / ج 72 / ص 38
[32] نهج البلاغة / من غريب كلامه -9-
[33] بحار الأنوار / ج 39 / ص 56
[34] بحار الأنوار / ج 22 / ص 417
[35] الكافي / ج 2 / ص 54
[36] بحار الأنوار / ج 8 / ص 255
[37] بحار الأنوار / ج 72 / ص 367
[38] بحار الأنوار / ج 61 / ص 271
[39] بحار الأنوار / ج 80 / ص 14
[40] بحار الأنوار / ج 79 / ص 193
[41] بحار الأنوار / ج 16 / ص 249
[42] بحار الأنوار / ج 43 / ص 171
[43] بحار الأنوار / ج 104 / ص 97
[44] بحار الأنوار / ج 43 / ص 294
[45] بحار الأنوار / المصدر السابق
[46] بحار الأنوار / ج 19 / ص 180
[47] بحار الأنوار / ج 16 / ص 210
[48] بحار الأنوار / ج 41 / ص 162