بیشترلیست موضوعات وضوء النبي من خلال ملابسات التشريع المدخل تاريخ اختلاف المسلمين في الوضوء أسبابه ودواعيه الباب الأوّل الوضوء في عهد النبيّ والخلفاء الوضوء في العهد النبوىّ عهد عثمان بن عفّان (23 ـ 35 هـ) الباب الثاني الوضوء في العهدين توضیحاتافزودن یادداشت جدید
وقال ابن عمر ـ كما روى الواقدي عنه ـ: والله ما فينا إلاّ خاذل أو قاتل(180). وقال سعد بن أبي وقّاص: وأمسكنا نحن ولو شئنا دفعناه عنه. وفي النصّين الأخيرين إشارة إلى إمكان نصرته، لكنّهم أحجموا! لماذا؟! ونحن أمام هذا الواقع.. إمّا أن نجرّد سعداً وابن عمر من الحميّة الدينيّة أو نقول بمشروعيّة جواز قتل الخليفة، ولا ثالث. ومن المؤشّرات الدالّة على أنَّ الثورة على عثمان كانت ذات دافع دينىّ ما مرّ من رسالة مَن بالمدينة من أصحاب محمّد، إلى مَن بالآفاق، التي جاء فيها: إنّكم إنّما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله، تطلبون دين محمّد، فإنَّ دين محمّد قد أفسده من خلفكم (وفي الكامل: خليفتكم)، وترك... فهلمّوا، فأقيموا دين محمّد(181). وجاء في كتاب المهاجرين الأوّلين إلى مَن بمصرَ من الصحابة والتابعين: أمّا بعد: أن تعالوا إلينا، وتداركوا خلافة رسول الله قبل أن يسلبها أهلها.. فإنَّ كتاب الله قد بدّل، وسنّة رسول الله قد غيّرت، وأحكام الخليفتين قد بدّلت، فننشد الله مَن قرأ كتابنا مِن بقيّة أصحاب رسول الله والتابعين بإحسان إلاّ أقبل إلينا وأخذ الحقّ لنا وأعطاناه.. فأقبلوا إلينا إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، وأقيموا الحقّ على النهج الواضح الذي فارقتم عليه نبيّكم وفارقكم عليه الخلفاء. وقد روي من طرق مختلفة وبأسانيد كثيرة أنَّ عمّاراً كان يقول: ثلاثة يشهدون على عثمان بالكفر وأنا الرابع، وأنا أشدّ الأربعة لقوله تعالى: ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأُولئك هم الكافرون ) وأنا أُشهد الله إنَّه قد حكم بغير ما أنزل الله. وروي عن زيد بن أرقم من طرق مختلفة انّه قيل له: بأيِّ شيء كفَّرتم عثمان؟ فقال: بثلاث، جعل المال دولة بين الأغنياء، وجعل المهاجرين من أصحاب رسول الله بمنزلة من حارب الله ورسوله، وعمل بغير كتاب الله(182). وهناك الكثير من هذه النصوص التي تشير إلى ترك الخليفة الثالث العمل بكتاب الله وسنّة نبيّه وسيرة الشيخين، ممّا لها الدور الأكبر في قتله، فعدم العمل بكتاب الله وسنّة نبيّه لا يمكن تخصيصه بتقريبه لأهله غير المنزّهين، وإن كانت تدخل ضمن عدم العمل بكتاب الله. والآن ندع هذه المقدمة لنواصل الدراسة، راجين أن لا نكون بدرجنا لما سبق قد اغظنا أحداً، بل إنّها كانت رؤية ألزمنا الطبريّ وابن الأثير وغيرهم من المؤرّخين بطرحها، ونحتمل أن تكون هي إحدى تلك الأسباب التي تخوّفوا من نقلها رعاية لحال العامّة!! لكنّا وكما قلنا سابقاً نعتقد أنَّ مناقشة النصوص والوقوف على الحقيقة، ضرورة علميّة ينبغي متابعتها في جميع الأخبار التاريخيّة، وأنَّ طرح رأي أو ترجيح آخر في مثل تلك الدراسات لا يُعاب عليها الباحث، إذ الأدلّة هي التي تلزمه الطرح أو الترجيح. أمّا تصوّر ذلك عند المؤرّخين ـ كما رأيناه عند الطبريّ وابن الأثير وذكرهم لخبر العاذرين لمعاوية في نفيه لأبي ذرّ مع وجود أخبار أُخرى، أو استبعاد ابن الأثير صدورها مع تواتر النقل فيها، فنراه هو القبح بعينه، لانّهم مؤرّخون، والمؤرّخ من شأنه أن لا ينحاز في نقله للأحداث إلى جهة دون أُخرى، هذا وإنَّ رسالة من بالمدينة من أصحاب محمّد إلى من بالآفاق، ورسالة المهاجرين إلى مَن بمصر من الصحابة، وكلمات الصحابة ومواقفهم من إحداثات عثمان، والتقرّب بدمه إلى الله، وغيرها... إنّما يعضد بعضها البعض ويرجّح ما توصّلنا إليه من أنَّ الثورة على الخليفة عثمان كانت تستبطن أمراً دينيّاً، وأنّه قتل لإحداثاته تلك وإن كنّا لا ننكر ما للدوافع الماليّة والاقتصاديّة من دور في الأمر. علماً بأنـّه لم يَقُل أحد في سبب قتل عمر بن الخطّاب أو علي بن أبي طالب إنَّه كان بسبب إحداثهما، بل نرى المسلمين يبكون عليهما ويشيّعونهما ويصلّون عليهما ويوارونهما التراب بحزن وأسى، وألقوا القبض على قتلتهما، ولم ترهم يفعلون ذلك مع عثمان بل كفَّروه لما فعله في الستِّ الأواخر من حياته ورموه بالابتداع والاحداث وزهدوا فيه بعد قتله، فلم يواروه التراب إلاّ بعد ثلاثة أيّام(183)! ونحن لا نريد من طرحنا لما سبق إلزام الآخرين بما نقوله، فلهم الخيار في قبوله أو طرحه. من هم «الناس» في الوضوء وما هي منزلتهم؟ تناولنا فيما سبق تحديد زمن النزاع وتعيين أطرافه، واستكمالا للبحث لابدَّ من التعرّف على «الناس» المعنيين في حديث الوضوء؟ إنَّ البتّ بذكر أسمائهم صعب جدّاً; لكنَّ الشواهد والقرائن تدلّنا على كونهم من الرعيل الأوّل، ومن فقهاء الصحابة، وممّن عارضوا عثمان في أكثر من فكرة وموقف. وسنتعرّف على أسماء بعض أُولئك «الناس» وفق المقدمات والقرائن، التالية: 1 ـ طرحنا ـ وبشكل إجمالي(184) ـ بعض اجتهادات عثمان في قضايا مختلفة، ثمَّ حصرنا أسماء المعارضين له في تلك القضايا. 2 ـ جردنا أسماء المخالفين لاجتهادات عثمان من الصحابة، ثمَّ وقفنا على أسماء المخالفين المكثرين من تخطئته ومن اطّرد منهم في ذلك. 3 ـ النظر إلى أُولئك «الناس» وهل أنـَّهم قد رووا ما يوافق عثمان في الوضوء، أم كانوا من مخالفيه؟! «الناس» في الإحداثات الأُخرى؟!! 1 ـ الصلاة بمنى: ذكرنا أكثر من مرّة خبر إتمام عثمان الصلاة بمنى وغيرها من إحداثاته، لكنّا بإعادتنا الأخبار هنا نريد الوقوف على أسماء مخالفيه في تلك القضايا ثمّ تطبيقها على ما نحن فيه. ركعتان، لكنَّ عائشة وكما ستقف أتمّت الصلاة وربّعتها بعد مقتل عثمان(186). وعن ابن عباس: «خرج رسول الله آمناً لا يخاف إلاّ الله فصلّى اثنتين حتى رجع، ثمَّ خرج أبو بكر لا يخاف إلاّ الله فصلّى اثنتين حتى رجع، ثمَّ فعل ذلك عثمان ثلثي إمارته أو شطرها ثمَّ صلاّها أربعاً »(187). وعن عروة: «إنَّ رسول الله صلّى الرباعيّة بمنى ركعتين، وانَّ أبا بكر صلاّها بمنى ركعتين وانَّ عمر بن الخطّاب صلاّها بمنى ركعتين، وانَّ عثمان صلاّها بمنى ركعتين شطر إمارته ثمَّ أتمّها بعد»(188). وقد اعترف عثمان ـ على أثر اعتراض الناس ـ بأنَّ هذه الصلاة ليست بسنّة رسول الله ولا سنّة صاحبيه. فعن حميد عن عثمان: أنـّه أتمَّ الصلاة بمنى ثمَّ خطب فقال: «أيّها الناس إنَّ السنّة سنّة رسول الله وسنّة صاحبيه ولكنّه حدث العام من الناس فخفت أن يستنّوا» وعليه، فقد تمخّض الرأي الجديد الذي طرحه عثمان في صلاة المسافر عن مخالفة كلٍّ من: عليّ بن أبي طالب، عبد الرحمن بن عوف، عبد الله بن مسعود، وأبي هريرة; وكان من قبلهم: النبيّ (ص)، والشيخان، بل عثمان نفسه في صدر خلافته.. حيث إنَّهم قد صلّوها قصراً، وبذلك يمكن عدّهم من المخالفين لرأيه الجديد. وخالفه أيضاً من وجوه الصحابة، كلٌّ من: انَّ في اعتراضات الصحابة على عثمان إشارة إلى أنَّهم كانوا لا يَرَون للخليفة حقّ الإحداث في الدين وتشريع ما لم يكن سائغاً في شريعة المسلمين وإن كانوا يسايرونه رهبة أو رغبة أو.... وحتّى أُولئك الذين سايروا عثمان في إحداثاته السابقة لا نراهم يوافقونه فيما رواه عن رسول الله في الوضوء بل نر اختصاص تلك الأخبار بنفر يسير لايتجاوز عدد الاصابع، وعلى رأسهم حمران بن أبان الذي اسلم في السنه الثالثة من خلافة عثمان وكان من اسرى عين التمر!! 2 ـ العفو عن عبيد الله بن عمر: من الثابت إنّ القصاص من أهم الحدود التي أكّدت عليها الشريعة لإقامة العدل وردع المعتدين. فجاء عن عمر بن الخطاب انه قال ـ لما سمع ما فعل ابنه عبيد الله بالهرمزانـ: انظروا إذا أنا متّ، فاسألوا عبيد الله البيّنة على الهرمزان، هو قتلني؟ فإن أقام البيّنة، فدمه بدمي; وإن لم يقم البيّنة، فأقيدوا عبيد الله من الهرمزان(200). وكان عثمان يذهب إلى ذات الرأي الفقهيّ ـ قبل أن تناط به الخلافة ـ(201). ورُوِيَ عن أبي وجزة، عن أبيه; قال: رأيت عبيد الله يومئذ وإنّه ليناصي عثمان، وإنَّ عثمان ليقول: قاتلك الله; قتلتَ رجلا يصلّي، وصبيّة صغيرة ] بنت أبي لؤلؤة ] ، وآخر في ذمّة رسول الله ] جفينة ] ؟! ما في الحقّ تركك(202). بعد ذلك بدا لعثمان أن يتريّث ولايجمع قتل عمر وابنه معاً، ولأنـَّه ] حسب مدّعاه الفقهيّ [ وليّ الدم.. عفا عن عبيد الله، ولم يقتصّ منه(203)! وجعل ديته في بيت المال. والذي دفعه لاتخاذ هذا الرأي القصاصيّ هو عمرو بن العاص، بحجّة انَّ الحادث وقع قبل خلافته، وبهذا فقد خالف عثمان في ذلك كلٌّ من: عمر بن الخطّاب(204). عليّ بن أبي طالب(205). المقداد بن عمرو(206). زياد بن لبيد البياضيّ الأنصاريّ(207). سعد بن أبي وقّاص(208). والأكابر من أصحاب رسول الله (ص)(209). والمهاجرين والأنصار(210). والمهاجرين الأوّلين(211). والناس(212). وقد مرَّ عليك أنَّ عثمان نفسه كان له رأي مخالف لرأيه الذي ارتآه فيما بعد! 3 ـ ردّه للشهود وتعطيل الحدود: جاء عن عثمان إنه أمر بتعطيل الحدود، وردّ الشهود الذين شهدوا على الوليد بن عقبة بشرب الخمر، وقد خالفه في ذلك كلٌّ من: عليّ بن أبي طالب(213). طلحة(214). الزبير(215). عائشة(216). عبد الله بن مسعود(217). جندب بن زهير(218). أبي حبيبة الغفاريّ(219). ورهط من أصحاب رسول الله(220). والناس(221). كشفت لنا جملة هذه الآراء الفقهيّة في الوضوء، والصلاة، والقصاص، والحدود عن وجود عدد كبير مخالف من الصحابة والتابعين، وقد عبّر عنهم في ألفاظ الرواة والمؤرّخين، في أحيان كثيرة، بلفظ «الناس» إشعاراً منهم بضخامة الكمّ المعارض لفقه عثمان وآرائه الفقهيّة. وكان أُولئك المعارضون يقدّمون الأدلّة القاطعة، ويحتجّون على الخليفة بتعطيل الحدود، ومخالفة نظره ورأيه لما ثبت عن رسول الله وجاء في القرآن. وإذا ما أصرَّ الخليفة في مواقفه تلك، فهم بين تارك له ناقم، وبين ساكت عنه غير راض. فإذن قد وقفت على انَّ الأخبار لم تنقل لنا إحصاءً دقيقاً، ولا ذكراً مفصّلا لأسماء مَن عارض الخليفة من الصحابة الآخرين، ولكنَّ الروايات والنقولات قد أشارت إليهم بألفاظ مختلفة، مثل: الناس. ناس من أصحاب النبيّ (ص). رهط من أصحاب النبيّ (ص). جمع من الأنصار والمهاجرين...، وما شاكلها من عبارات. ومن خلال تتبّعنا الدقيق للمرويّات، تمكَّنَّا من تشخيص بعض أفراد تلك العبارات العامّة. فقد نقل من طريق الزهريّ: إنَّ ابن شاس الجذاميّ قتل رجلا من أنباط الشام، فرفع إلى عثمان، فأمر بقتله; فكلّمه الزبير وناس من أصحاب رسول الله، فنهوه عن قتله; قال: فجعل ديته ألف دينار(222). وهذا النصّ كما ترى لم يذكر من أسماء الناس المخالفين، إلاّ الزبير بن العوّام، أمّا الباقون فقد درجهم جميعاً في عبارة (ناس من أصحاب رسول الله); لكنَّ التتبّع يدلّنا على أنَّ الراوين لحديث النبيّ (ص) القائل: «لا يقتل مسلم بكافر»، أو الذين نقلوا ما يوافقه معنىً عن النبيّ (ص) أو الصحابة، أو الذين التزموا بذلك هم: عمر بن الخطّاب(223). عليّ بن أبي طالب(224). مالك الأشتر(225). قيس بن سعد بن عبادة(226). عائشة(227). عبد الله بن عبّاس(228). عبد الله بن عمرو بن العاص(229).