الباب الثاني - وضوء النبی ص‍ل‍ی ‌ال‍ل‍ه‌ ع‍ل‍ی‍ه‌ و ال‍ه‌ وس‍ل‍م‌ من خلال ملابسات التشریع نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وضوء النبی ص‍ل‍ی ‌ال‍ل‍ه‌ ع‍ل‍ی‍ه‌ و ال‍ه‌ وس‍ل‍م‌ من خلال ملابسات التشریع - نسخه متنی

علی الشهرستانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

أمَّا ما يخصّ، عدم نقل العلاّمتين الأمينيّ والمجلسيّ، وغيرهما.. فلا يستوجب تضعيف ما وصلنا إليه، لأنَّهم لم يدّعوا جمع كلّ إحداثات الآخرين، وحصرها في كتبهم ـ وإن أشاروا إلى بعضها، استطراداً.

أضف إلى ذلك، أنَّ بحث العلاّمة الأمينيّ يختصّ بيوم الغدير، وكتاب المجلسيّ يختصّ بروايات أهل البيت.. هذا أوَّلا.

وثانياً: إنَّ الشيخ الأمينيّ في كتابه الغدير لم يسر على ما انتهجناه ـ في دراسة قضيّة الوضوء ـ من الأُسلوب العلميّ التحليليّ، المتلخّص بجمع المفردات الصغيرة للقضيّة، وتأليفها ومتابعتها بالشرح والتفسير ابتداءً بما أخرجه مسلم عن حمران: إنَّ ناساً يتحدّثون وانتهاءً بالحقائق التي سيصلها في آخر الدراسة.

نعم; إنّ الشيخ الأمينيّ قد بحث القضايا بما فيها من النصوص الثابتة والمنقولة في الإحداث والإبداع ممّا ورد ذكره في كتب السير والتاريخ، ولايدّعي أكثر من ذلك.

ومن هنا، فإنَّنا نهيب بالإخوة الباحثين انتهاج طريقة التحليل العلميّ عند دراستهم لمفردات الخلاف بين المذاهب، لما تؤول إليه من نتائج باهرة يقبلها كلّ ذي لبّ باحث عن الحقيقة.

وبهذا نكون قد انتهينا إلى ما يهمّنا من عهد الإمام عليّ.

مع المصطلحين:

اصطلحنا من أوَّل الدراسة وحتّى الآن على مفهومين:

1 ـ الوضوء الثلاثيّ الغسليّ = وضوء الخليفة عثمان بن عفّان.

2 ـ الوضوء الثنائيّ المسحيّ = وضوء الناس المخالفين لعثمان المتحدثين عن رسول الله (ص).

ونودّ هنا التعريف بهذا الاصطلاح، وكيفيّة انتزاعنا لهذين المفهومين في دراستنا، وبذلك نختم الباب الأوَّل من مدخل هذه الدراسة.

المعروف أنَّ الإشهاد عند أهل القانون والشرع هو أنـّه من أُصول الإثبات، وغالباً ما يجري في الدعاوى ويكون بمثابة الرأي التعضيدي للمدّعي على خصمه، وهو حجَّة قانونيّة يتمسّك بها لحسم النزاع.

وانَّ الخليفة عثمان بن عفّان ـ كما ترشدنا النصوص الحديثيّة والتاريخيّة ـ قد اعتمد هذا الأصل واستفاد منه فأقدم على إشهاد الصحابة على وضوئه، وادّعى أنَّ رسول الله كان يغسل أعضاء الوضوء ثلاث مرّات، مُفهماً بذلك أنـَّه ـ أي عثمان ـ على خلاف مع الناس فيه، إذ إنَّهم لا يعُدُّون ذلك الفعل سُنَّة وإنَّ تأكيد الخليفة وإشهاده لبعض الصحابة على الفعل الثلاثيّ يدلّ على أنـّه أراد إسناد ما يدّعيه بتقرير الصحابة وكونه فعلا قد صدر عن النبيّ (ص)، في حين نرى الإمام جعفر بن محمَّد الصادق ـ وهو من أئمَّة أهل البيت ـ لا يقبل مشروعيّة الغسل الثالث في الوضوء ولا يرتضي كون ذلك سنّة، بل وصمه بالبدعة.. ولتقرير الموضوع أكثر، إليك بعض النصوص:

1 ـ أخرج أحمد في مسنده: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، ثنا وكيع، ثنا سفيان، عن أبي النضر، عن أنس: إنَّ عثمان (رض) توضّأ بالمقاعد ثلاثاً ثلاثاً، وعنده رجال من أصحاب رسول الله; قال: أليس هكذا رأيتم رسول الله يتوضّأ؟

قالوا: نعم(312).

2 ـ حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، ثنا ابن الأشجعيّ، ثنا أبي، عن سفيان، عن سالم أبي النضر، عن بسر بن سعيد; قال: أتى عثمان المقاعد، فدعا بوضوء.. فتمضمض، واستنشق، ثمَّ غسل وجهه ثلاثاً، ويديه ثلاثاً ثلاثاً، ثمَّ مسح برأسه ورجليه ثلاثاً ثلاثاً; ثمَّ قال: رأيت رسول الله (ص) هكذا يتوضّأ، يا هؤلاء! أكذاك؟

قالوا: نعم، لنفر من أصحاب رسول الله عنده(313).

3 ـ حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، ثنا عبد الله بن الوليد، ثنا سفيان، حدّثني سالم أبو النضر، عن بسر بن سعيد، عن عثمان بن عفّان (رض)، أنَّه قال: دعا بماء فتوضّأ عند المقاعد.. فتوضّأ ثلاثاً ثلاثاً; ثم قال لأصحاب رسول الله(ص): هل رأيتم رسول الله (ص) فعل هذا؟

قالوا: نعم(314).

4 ـ نقل المتّقي الهنديّ، عن أبي النضر.. بطريقين:

أ ـ إنَّ عثمان توضّأ ثلاثاً ثلاثاً.. ثمَّ قال: أنشدكم بالله; أتعلمون أنَّ رسول الله كان يتوضّأ كما توضّأت؟

قالوا: نعم(315).

ب ـ وبلفظ آخر:... ثمَّ قال للّذين حضروا: أنشدكم الله; أتعلمون أنَّ رسول الله كان يتوضّأ كما توضّأت الآن؟

قالوا: نعم.. وذلك لشيء بلغه عن وضوء رجال(316).

5 ـ أخرج الدارقطنيّ بسنده إلى أبي علقمة، بأنَّ عثمان: دعا ناساً من أصحاب رسول الله، فأفرغ بيده اليمنى على يده اليسرى وغسلها ثلاثاً، ثمَّ مضمض ثلاثاً، واستنشق ثلاثاً، ثمَّ غسل وجهه ثلاثاً، ثمَّ غسل يديه ثلاثاً ثلاثاً إلى المرفقين، ثمَّ مسح برأسه، ثمَّ غسل رجليه فأنقاهما; ثمَّ قال: رأيت رسول الله يتوضّأ مثل هذا الوضوء الذي رأيتموني توضّأته; ثمَّ قال: مَن توضّأ فأحسن الوضوء، ثمَّ صلّى ركعتين، كان من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه; ثمَّ قال: أكذلك يا فلان؟

قال: نعم.

ثمَّ قال: أكذلك يا فلان؟

قال: نعم.

... حتّى استشهد ناساً من أصحاب رسول الله.. ثمَّ قال: الحمد لله الذي وافقتموني على هذا(317)!

نستنتج من النصوص السابقة: أنَّ الفعل الثلاثيّ، هو من موارد الخلاف بين المسلمين في زمن الخليفة الثالث، إذ لا يعقل أن يُشهد الخليفة جملة من الصحابة على فعل، وبذلك التركيز ـ كما لاحظناه في رواية أحمد الثانية التي أشهد فيها جماعة من الصحابة في باب المقاعد; أو في إشهاده لجمع من الصحابة كلاًّ على حدة، كما في رواية الدارقطنيّ، وغيرها من الروايات الكاشفة عن حقيقة مّا ـ دون أن يكون وراء المسألة (الإشهاد) شيء.. فمحل الخلاف بين الخليفة وآخرين واضحٌ بيِّنٌ، وإلاّ لما احتاج إلى الإشهاد مادام جميع المسلمين متّفقين على ذلك الفعل لكونه سنّة!

أمَّا المورد الثاني من موارد الخلاف، والذي نستوحيه من النصوص والروايات، فهو التأكيد على الغسل من قبل عثمان بدلا من المسح الذي تعارف عليه الصحابة من فعل النبيّ (ص).. كما لاحظت في حديث أبي علقمة السابق الذكر وغيرها، وقد استغلَّ الخليفة الثالث تعبيري «الإسباغ، والإحسان» الواردَين في كلام الرسول فأضفى عليهما مفهومه الخاصّ، ثمَّ انطلق من ذلك لتجسيد فكرته ومحاولة إقناع الآخرين بهما بجعلهما مفسِّرَين لما يدّعيه في غسل الأرجل وتثليث الغسلات.

إحسان الوضوء:

حدّثنا زهير بن حرب، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا أبي، عن صالح: قال ابن شهاب:... ولكنَّ عروة يحدِّث عن حمران.. أنَّه قال:... فلمّا توضّأ عثمان; قال: والله لاَُحَدِثَنَّكم حديثاً، والله لولا آية في كتاب الله ما حدّثتكموه.. إنّي سمعت رسول الله (ص) يقول: «لا يتوضّأ رجل فيحسن وضوءه، ثمَّ يصلّي، إلاّ غفر له ما بينه وبين الصلاة التي تليها»..

قال عروة: الآية: ( إنَّ الذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى... ) (318)، إلى قوله: ( ... اللاعنون ) .

فهل يحتاج نقل رواية كهذه إلى مثل هذا الإغلاظ في الأيمان (والله لأُحدّثنّكم)، (والله لولا آية)...؟! وقد اتّفق المسلمون على صدورها، وتناقلتها الصحابة.

علماً بأنَّ «إحسان الوضوء» قد ورد عن أنس، وعمر بن الخطّاب وغيرهما بكثرة، عن النبيّ (ص)..

وهو مما لا يختلف فيه اثنان.. وقد جاء عن عمر ـ بالخصوص ـ: ... مَن توضّأ فأحسن الوضوء...

و: ... ما من أحد يتوضّأ فيحسن الوضوء; ثمَّ يقول...(320); و: ... إنَّه (ص) أبصر رجلا وقد...(321)الخ، وإنّ تحديثه بهذه كان قبل تحديث عثمان!

فإن كان الأمر كذلك.. فما الداعي لتلك الأيمان المغلّظة من الخليفة الثالث إذَاً؟! وعلام يدلّل إشهاده ونقله؟!

إسباغ الوضوء:

أمَّا فيما يخصّ «الإسباغ»، فقد وردت نصوص في صحيح مسلم بأربع طرق، وكذا في موطّأ مالك، عن أبي عبد الله سالم; قال: دخلت على عائشة ـزوج النبيّ ـ يوم توفي سعد بن أبي وقّاص.. فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر، فتوضّأ عندها; فقالت: يا عبد الرحمن; أسبغ الوضوء.. فإنّي سمعت رسول الله يقول: «ويل للأعقاب من النار»(322).

فعائشة أرادت أن تستفيد من جملة أسبغ الوضوء ـ في مخاطبتها لأخيها ـ لتدلّل على لزوم الغسل، وكذا الحال في نقلها لقوله (ص) «ويل للأعقاب»..

وهنا نتساءل.. إلى أيّ مدى يدلّ هذان النصان على المقصود؟ ولماذا نراهم يستندون في لزوم الغسل، وتثليث الغسلات على معان مثل أسبغوا وأحسنوا، أو ويل للأعقاب، وتكون غالب أحاديث باب غسل الرجلين في الصحاح والمسانيد وما يستدلّ به فيها هو قوله: (ويلٌ للأعقاب) وليس فيها نقل صفة وضوئه (ص)؟!

هذا، وقد وردت روايات كثيرة في كتب الصحاح عن «إسباغ الوضوء»، نُقِلَت عن:

عليّ بن أبي طالب

عمر بن الخطّاب

أبي هريرة

أنس بن مالك

ابن عبّاس..

أبي مالك الأشعريّ

أبي سعيد

ثوبان

لقيط بن صبرة... وغيرهم، لكنّهم لم يُشهدوا أحداً على صدور ذلك، ولم يحتاجوا للقَسَم والأيمان الغليظة، كما فعله الخليفة عثمان!

و... أخيراً

فقد اتّضح لنا، على ضوء ما تقدّم، أنَّ الخليفة كان يبغي من وراء تأكيده الشديد على جملتي أحْسِن، وأسبغ الوضوء تمرير شيء يجول في ذهنه، محاولا إيصاله إلى الآخرين.. إذ إنَّ إشهاده الصحابة على الأحاديث المسلّمة بين المسلمين لا يحتاج إلى التأكيد عليه بالقسم.

فالتأكيد إذَاً يستبطن أمراً.. وهو:إنَّ الخليفة ـ كما عرفنا ـ قد حاول استغلال مفهوم ثابت عند المسلمين، فانطلق من خلاله لطرح رؤيته الجديدة.. وهو بذلك يرمي إلى استقطاب الناس، حيث إنَّ عبارة (أحسن الوضوء) أو (أسبغ الوضوء) تشير ـ من جهة ـ إلى الزيادة في القدسيّة; والمسح ليس كالغسل في إظهار تلك القدسيّة!

ومن هنا نفهم معنى تأكيد الإمام عليّ في ردّه للأخذ بالرأي والقياس، وبيانه الجلي في كون الأحكام الشرعيّة مأخوذة من الكتاب والسنّة النبويّة الشريفة، فيلزم أن تكون خاضعة للنصِّ لا للرأي، وقد ثبت عنه (ص) أنَّه قال: «تعمل هذه الأُمَّة برهة بكتاب الله، ثمَّ تعمل برهة بسنّة رسول الله، ثمَّ تعمل بالرأي.. فإذا عملوا بالرأي فقد ضلّوا وأضلّوا»(323).. وبهذا فقد عرفنا نهي رسول الله (ص) عن الأخذ بالرأي، ومرَّ عليك بعض ذلك، وستقف على المزيد منه في العهد الأمويّ.

وعليه.. فيمكننا تعيين موارد الخلاف فيما بين عثمان ومعارضيه من الصحابة في قضيّة الوضوء بـ:

1 ـ العدد.. فقد أصرَّ الخليفة على ثلاث غسلات بدلا عن اثنتين، وأشهد الصحابة على ذلك.

2 ـ جعل الغسل عوضاً عن المسح، وإشهاد الأصحاب على ذلك، كما في رواية أبي علقمة.

وعليه، فإنَّا نعتبر إشهاد الخليفة الصحابة على الفعل الثلاثيّ وغسل الأرجل بأنـَّها نقطة اختلافه مع الناس إذ نراه يؤكِّد على هذين المفهومين، ومن أجله انتزعنا:

1 ـ مفهوم الوضوء الثلاثيّ الغسليّ، للإشارة إلى وضوء الخليفة عثمان بن عفّان.

2 ـ ومن مفهوم المخالفة انتزعنا مصطلح الوضوء الثنائيّ المسحيّ، للإشارة إلى وضوء الناس المتحدِّثين عن رسول الله، المخالفين لعثمان.

وبذلك.. فقد خطَّ الخليفة أبعاد مدرسة وضوئيّة جديدة في قبال السنّة النبويّة المباركة، بعد أن جاء بـ «الوضوء الثلاثيّ الغسليّ» بدلا عن «الوضوء الثنائيّ المسحيّ»! ولنا وقفة أُخرى مع أحاديث «أحسنوا الوضوء» و «أسبغوا الوضوء» في الفصل الثاني من هذه الدراسة (الوضوء في الكتاب واللغة)، وسنشير إلى السبب الداعي لاتخاذ الخليفة والحكومة الأمويّة هذا الموقف، ومدى استفادتهما من هذين المصطلحين وغيرها من الأدلّة التعضيديّة، ودورهم في إشاعتها لترسيخ وضوء عثمان.

الباب الثاني


الوضوء في العهدين

* العهد الأمويّ 40-132 هـ

* العهد العباسيّ 132-232 هـ

/ 38