الباب الأوّل - وضوء النبی ص‍ل‍ی ‌ال‍ل‍ه‌ ع‍ل‍ی‍ه‌ و ال‍ه‌ وس‍ل‍م‌ من خلال ملابسات التشریع نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وضوء النبی ص‍ل‍ی ‌ال‍ل‍ه‌ ع‍ل‍ی‍ه‌ و ال‍ه‌ وس‍ل‍م‌ من خلال ملابسات التشریع - نسخه متنی

علی الشهرستانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




الباب الأوّل




الوضوء في عهد النبيّ

(صلى الله عليه وآله وسلم)

والخلفاء


* هل في الوضوء تشريعان؟


* بدايات الخلاف الوضوئي:


* متى حدث الخلاف؟


* كيف؟


* من هو البادئ؟


* ما هي منزلة المختلفين؟


* اتّفق الاتجاهان أم لا؟


* ما هي مفردات الخلاف الوضوئي؟


توطئـة:


كثيراً ما يتساءل البعض عن سبب الاختلاف بين المذاهب الإسلاميّة في الأحكام الشرعيّة، على الرغم من كون مصادر الحكم الشرعىّ ـ الكتاب، السنّة، الإجماع ـ واحدة عند الجميع.


فهل يا تُرى أَنَّ منشأَهُ يرجع إلى اختلافهم في تعريف هذه الأَدلّة ونحو دلالتها؟ أَم إلى الترديد في حُجِّيَّة القياس والاستحسان والاستصلاح والعرف و...؟ أَم مردّه إلى تشعّب مشاربهم في معطيات الأصل العمليّ والدليل اللفظىّ؟ أَم مرجعه إلى النزعات الفرديّة والضغوط السياسيّة و...؟


لا شكَّ أَنَّ لكلّ ما ذكر دوراً في حصول الاختلاف، وأنَّه بعض العلّة لا تَمامها; لسنا بصدد وضع أَجوبة لهذه التساؤلات، بل الذي يهمنا وندعو المعنيّين إليه هو دراسة الفقه وفق المناهج الحديثة، وأن لا يقتصر التحقيق عندهم على مناقشة النصوص الشرعيّة ودلالاتها بعيداً عن دراسة جذور المسألة وما يُحيط بها من ملابسات شتّى، إذ إنَّ دراسة الفقه مع ملاحظة ظروفه التاريخيّة والسياسيّة والاجتماعيّة هي الطريقة التي تخدم البحث العلميّ وتوصل إلى معرفة الحقيقة.


كما أَنَّ الجديّة في البحث والأمانة العلميّة تستلزم متابعة مختلف الآراء والأقوال عند جميع الأطراف; كي نتجاوز النظرة من زاوية محدودة وننطلق من الإطار المقيّد إلى عالم أَرحب; إذ أَنَّ النظرة الضيّقة وعدم الانفتاح يوصدان أَبواب التفاهم وتلاقح الأفكار، وبالنتيجة تحرمنا من قطف ثمار الاتصال بالآخرين والحوار معهم.


والآن بين أيدينا أمر عبادي مهم سنسلِّط الضوء عليه ليتَّضح لنا مدى عمق جذور الاختلاف وماهيَّته في مصداق واحد، ومن خلاله ربَّما تظهر ملامح صورة الاختلاف: وهي دراسة عن كيفيّة «وضوء النبىّ(ص)».


فكيف وقع الخلاف بين المسلمين في هذا الأمر المهم؟!


ولِمَ اختلف في مثل الوضوء، ذلك الفعل الذي كان يؤدِّيه النبىّ(ص) لعدّة مرّات في اليوم على مدى ثلاث وعشرين سنة، بمرأىً من المسلمين.


الوضوء الذي أَكَّد عليه النبىّ وجعله شرطاً للصلاة التي هي عمود الدين; فقال: «لا صلاة إِلاَّ بطهور»(36)، وقال أَيضاً: «الوضوء شطر الإِيمان»(37)؟!


اختلف المسلمون تبعاً لاختلاف الصحابة في نقل وبيان وضوء رسول الله(ص) على نحوين ونهجين رئيسيّين(38)، وكان لكلٍّ منهما ـ على ما وصل إِلينا من السلف ـ أَتباع وأَنصار، من صحابة وتابعين لهم يذودون عمّا يرتؤون، ويقيمون الأدلَّة والبراهين على ما يذهبون إليه.


ولكن قبل الخوض في غمار البحث، ومناقشة الأدلَّة ومدى حجِّيَّتها، لابدَّ من التمهيد للموضوع بمقدّمة نبحث فيها عن تاريخ الاختلاف وأَسبابه ودواعيه، بادئين ذلك بوضوء المسلمين في الصدر الإسلامىّ الأَوَّل.


الوضوء في العهد النبوىّ


ممّا لا شكَّ ولا ريب فيه أَنَّ المسلمين في الصدر الأَوَّل كانوا يتوضّؤون كما كان النبىّ(ص) يتوضّأ بكيفيّة واحدة، ولم يقع بينهم أَيّ خلاف يذكر، وأَنَّه لو وجد لوصل إلينا ما يشير إليه، ولتناقلته كتب الحديث والسير والأَخبار; إذ إنَّ المشرِّع كان بين ظهراني الأُمَّة، وهو بصدد التعليم والإرشاد ـ لأُمّته الحديثة العهد بالإسلام كقوله(ص): «صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» أو «خذوا عني مناسككم» ـ فمن البعيد حدوث الخلاف بينهم مع كون الجميع يرجعون إلى شخص واحد للأخذ منه وقد قال سبحانه ( فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول ) ، أضف إلى ذلك مشاهدتهم لفعله(ص) الذي هو السنَّة والرافع لكلّ لبس وإبهام; هذا من جهة.


ومن جهة أُخرى: أنَّ الخلاف في كثير من الأُمور بين الأُمّة إنَّما هو وليد العصور المتأخِّرة التي جاءت بعد عهده الشريف قال الدكتور محمد سلام مدكور: لم يكن من سبيل الى وجود اختلاف بين الصحابة في الاحكام الفقهية في عصر الرسول (ص) وهو بين ظهرانيهم، يشرع لهم ويرجعون اليه، أما بعد وفاته فقد وجدت اسباب متنوعه أدت الى اختلاف النظر وتباين الاتجاه وقد يكون للسياسة دخل في هذا...»(39).


فلو ثبت ذلك... لصحّت كلتا الكيفيّتين، ولتخيّر المكلّف في الأخذ بأيّهما شاء وترك الآخر، فتكون حاله كبقيّة الأحكام التخييريّة.


لكنّ هذا الاحتمال في غاية البُعد; لأنّنا نعلم بأنّ الحكم الشرعىّ ـ سواء التعيينىّ أو التخييريّ ـ إنّما يأخذ مشروعيّته من الكتاب والسنّة، فكفّارة اليمين ـ مثلا ـ دلّ عليها دليل من القرآن وهو قوله تعالى: ( فكفّارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون به أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة ) فعرفنا على ضوء الآية بأَنَّ الحكم في كفّارة اليمين تخييري إمّا إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة.


وكفّارة صوم شهر رمضان، قد دلّ عليها حديث الأعرابىّ(49)، ورواية أبي هريرة(50); وهكذا الأمر بالنسبة إلى غيرهما من الأحكام التخييريّة...


أَمَّا فيما نحن فيه، فلا دلالة قرآنيّة، ولا نصّ من السنّة النبويّة، ولا نقل من صحابىّ بأنّه (ص) فعلها على نحو التخيير; وليس بأيدينا ولا رواية واحدة ـوإن كانت من ضعاف المرويّات ـ مرويّة عن أَىٍّ من الفريقين تدلّ على التخيير، بل الموجود هو التأكيد على صدور الفعل الواحد عنه (ص) وقد اختلفوا في ذلك، فذهب بعض إلى أَنَّه(ص) غسل رجله، وذهب البعض الآخر إلى أَنَّه (ص) مسح رجله، واستند كلٌّ منهما الى القرآن والسنّة على ما ذهب إليه.


وإذا ما تتبَّع الباحث أَقوال علماء الإسلام فسوف يقف على أَنَّ الوضوء عندهم تعيينيّ لا تخييريّ; فغالب أتباع المذاهب الأربعة يقولون بلزوم الغسل في الأَرجل لا غير، أمّا الشيعة الإماميّة فإنَّهم لا يقولون إلاَّ بالمسح وحده، وإنَّ كلا منهما ينسب قوله ـ مضافاً إلى دعوى استظهاره من الكتاب ـ إلى فعل رسول الله (ص)، وهو ما جاء في صحاح مرويّاتهم.


وفي النصّ إشارات جمّة، يهمّنا منها ـ في هذا المقام ـ: عبارة (ما يروي هذا عليك) بدلا من (... عنك)، فالذي يظهر من قول الإمام عليّ أنَّه قد اتّهم الماسح على الخفّين بالتقوّل على عمر; وذلك لبداهة كون المسح على القدمين هو السنّة المنصوص عليها، دون المسح على الخفّين(54); ويمكننا أن نفهم من ظاهر قول الإمام عليّ كون المسح على القدمين في غاية الوضوح عند الجميع، وإلاّ لما صحّ الإنكار، وادّعاء التقوّل.


وأخرج السيوطيّ بسنده، عن ابن عبّاس، أنَّه قال: ذَكَرَ المسح على القدمين عند عمرَ، سعدٌ وعبد الله بن عمر.


فقال عمر ] لعبد الله ] : سعد أفقه منك!


فقال ] عبد الله بن ] عمر: يا سعد; إنَّا لا ننكر أنَّ رسول الله مسح، ولكن هل مسح منذ أُنزلت سورة المائدة؟ فإنَّها أحكمت كلّ شيء; وكانت آخر سورة من القرآن، إلاّ براءة(55).


نحن لسنا بصدد تنقيح البحث في جواز المسح على الخفّين أو عدمه، بل الذي نقوله هو: أنَّ الخلاف لم يشكّل مدرسة وضوئيّة كاملة، بل إنَّ أغلب الروايات الواردة عن الخليفة في الوضوء كانت تدور حول نقطة واحدة وبيان حالة معيّنة من حالات الوضوء، ولم نعثر على اختلافات أُخرى بين الصحابة آنذاك، كما هو مختلف فيه بين فرق المسلمين بعد ذلك، مثل حكم غسل اليدين، هل هو من الأصابع إلى المرافق أو العكس؟


أو كمسح الرأس، هل يجب كلّه، أو يجوز بعضه؟


وما هو حكم مسح الرقبة، هل هو من مسنونات الوضوء، أم...؟


إنَّ عدم نقل وضوء بيانيّ عن الخليفة، وعدم تأكيده على تعليم الوضوء للمسلمين لدليل على أنَّ الاختلاف بينهم لم يكن إلاّ جزئيّاً، وأنـَّه لم يشكّل بعد عند المسلمين نهجين وكيفيّتين كما هو المشاهد اليوم; إذ لو كان ذلك لسعى الخليفة في إرشاد الناس ودعوتهم إلى وضوء رسول الله (ص)، وقد تناقلت كتب السير والتاريخ اهتمامه بجزئيّات الشريعة مدّة خلافته الطويلة(56).


فإذا كان الاهتمام بالأحكام إلى هذا المدى، فَلِمَ لا نرى للخليفة وضوءاً بيانيّاً لو كان الاختلاف في الوضوء قد شَجَر بين المسلمين؟!


وإذا كان يفعل بشابّ ما فعل به لقول قائلة متغزّلة، والولاة يهتمّون بنقل اخبار من شرب الخمر وغيره من الأمصار إلى الخليفة، فلماذا لا نرى نقل خبر عنهم في الوضوء؟!


وإذا صحّ وقوع الخلاف في الوضوء في هذا العهد، فكيف يصحّ السكوت من عمر ـ على وسع اهتماماته ـ عن الاختلاف في الوضوء؟! ذلك الفرض الذي تتوقّف عليه كثير من العبادات من صلاة وحجّ!


بناءً على ما تقدّم، نستبعد حصول اتّجاه وضوئيّ مخالف لسنّة رسول الله(ص) وفعله; إذ لو كان لتناقلته الكتب، فعدم توجّه الخليفة إلى هذه المسألة المهمّة الحسّاسة، دليلٌ على استقرار المسلمين على وضوء رسول الله (ص).


عهد عثمان بن عفّان (23 ـ 35 هـ)


كان الخليفة عثمان بن عفّان الوحيد بين الخلفاء الثلاث الأوائل قد حكى صفة وضوء رسول الله، وروى لنا وضوءاً بيانياً عنه (ص).


فقد أخرج البخاريّ ومسلم بسندهما عن ابن شهاب: انّ عطاء بن يزيد الليثيّ أخبره أنّ حمران مولى عثمان أخبره، أنّ عثمان بن عفّان (رضي الله عنه) دعا بوضوء ـفتوضّأ ـ فغسل كفّيه ثلاث مرّات، ثمّ مضمض واستنثر، ثمّ غسل وجهه ثلاث مرّات، ثمّ غسل يده اليمنى إلى المرافق ثلاث مرّات، ثمّ غسل يده اليسرى مثل ذلك، ثمّ مسح رأسه، ثمّ غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرّات ثمّ غسل اليسرى مثل ذلك، ثمّ قال: رأيت رسول الله (ص) توضّأ نحو وضوئي هذا.


ثمّ قال رسول الله: من توضّأ نحو وضوئي هذا، ثمّ قام فركع ركعتين، لايحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدّم من ذنبه(57).


نصّان أساسيّان


1 ـ أخرج المتّقيّ الهنديّ، عن أبي مالك الدمشقيّ; قوله: حُدِّثت أنَّ عثمان بن عفّان اختلف في خلافته في الوضوء(58).


2 ـ أخرج مسلم في صحيحه، عن قتيبة بن سعيد، وأحمد بن عبدة الضَّبِّي; قالا: حدّثنا عبد العزيز وهو الدراوردي عن زيد بن أسلم، عن حمران مولى عثمان; قال: أتيت عثمان بن عفّان بوضوء، فتوضّأ ثمّ قال: إنَّ ناساً يتحدّثون عن رسول الله (ص) بأحاديث، لا أدري ما هي! إلاّ أنّي رأيت رسول الله توضّأ مثل وضوئي هذا ثمَّ قال: «من توضّأ هكذا غفر له ما تقدّم من ذنبه»(59).


حدوث الخلاف في الوضوء


/ 38