وضوء النبی ص‍ل‍ی ‌ال‍ل‍ه‌ ع‍ل‍ی‍ه‌ و ال‍ه‌ وس‍ل‍م‌ من خلال ملابسات التشریع نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وضوء النبی ص‍ل‍ی ‌ال‍ل‍ه‌ ع‍ل‍ی‍ه‌ و ال‍ه‌ وس‍ل‍م‌ من خلال ملابسات التشریع - نسخه متنی

علی الشهرستانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فجاء في غريب الحديث، لابن الجوزيّ: (في الأُمم محدّثون) أي: ملهمون أي: يصيبون إذا ظنّوا.

قال الحسن: (حادثوا هذه القلوب) أي: إجلوها واغسلوا درنها.

ثمَّ يأتي بالحديث: «إيّاكم ومحدثات الأُمور»: هي ما انتزعه أهل الأهواء من الأشياء التي كان السلف الصالح على غيرها(279).

وجاء في النهاية: وفي حديث المدينة «مَن أحدث فيها حدثاً أو آوى مُحدثاً» الحدث: الأمر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنّة. والمحدث يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول، فمعنى الكسر: مَن نصر جانياً، أو آواه وأجاره من خصمه، وحال بينه وبين أن يقتصّ منه.

والفتح: هو الأمر المبتدع نفسه، ويكون معنى الإيواء فيه الرضا به والصبر عليه، فإنـَّه إذا رضي بالبدعة وأقرّ فاعلها ولم ينكر عليه فقد آواه.

ومنه الحديث: «إيّاكم ومحدثات الأُمور» جمع مُحْدَثة ـ بالفتح ـ وهي ما لم يكن معروفاً في كتاب ولا سنّة ولا إجماع(280).

وبهذا فقد عرفت بأنَّ الغلبة في اللغة وغريب الحديث هي كون كلمة «الإحداث» جاءت للإحداث في الدين وأنّ التعدّي في الوضوء هو معنى آخر للإبداع في الدين، فقد أخرج الصدوق في معاني الأخبار عن إبراهيم بن معرض أنـَّه سئل ـ إلى أن يقول ـ فأيّ حدث أحدث من البول؟

فقال: إنّما يعني بذلك التعدّي في الوضوء، أن يزيد على حدّ الوضوء(281).

وأخرج الكلينيّ بسنده إلى حماد بن عثمان، قال: كنت قاعداً عند أبي عبدالله ] الصادق ] ، فدعا بماء فملأ به كفّه فعمّ به وجهه، ثمّ ملأ كفّه فعمّ به يده اليمنى، ثمّ ملأ كفّه فعمّ به يده اليسرى، ثمّ مسح على رأسه ورجليه وقال: هذا وضوء من لم يحدث، يعني به التعدّي في الوضوء(282).

وعليه فقد اتّضح لك بأنّ أهل البيت كانوا يعنون بكلمة (هذا وضوء من لم يحدث) معنى التعدّي والتجاوز عن حدود ما أمر به الله، وأنّهم أدرى بما في البيت، علماً بأنّا لا ننكر ورودها واستعمالها في كلام الرسول بمعنى الناقضيّة لكن الغلبة الاستعماليّة ـ وكما قلنا ـ تبوح بأنَّها للإحداث في الدين.

فالشريعة كانت تستقبح التصريح بالمقزّزات والمنفّرات في مفرداتها الشرعيّة، فاستخدمت ما يماثلها في لغة العرب رعاية للأدب وقد كان ذلك من ديدن العرب العرباء، فمثلا نراهم يعدلون عن لفظ الفقحة إلى لفظ الدبر رعاية للأدب، وكذا لفظ المضاجعة والمواقعة والجماع للدلالة على العمل الجنسيّ بين الطرفين، والفرج للإشارة إلى العضوين.

وبذلك يحتمل أن يكون مجيء حدث وأحدث في الشريعة هو رعاية للأدب وأرادوا بها العدول عن لفظ خرّى أو بال أو... وعليه فإنَّ لفظ الحدث وكما قلنا موضوع لكون شيء لم يكن، ثمَّ استعملوها في الناقضيّة بنحو من العناية وزيادة المؤونة.

وعلى فرض كون رواية «... مَن لم يحدث» محتملة للوجهين، فلا يمكن للقائل جعلها وظيفة المتجدّد للوضوء فقط، إذ فيه احتمال آخر، وحيث جاء الاحتمال بطل الاستدلال.

وعلى الرغم من كلِّ ذلك.. فرواية «... مَن لم يحدث» تشير بوضوح إلى الإحداث في الدين، ونؤيّد هذا القول بأمرين:

الأوَّل: ورود جملة: «... هذا وضوء مَن لم يحدث...» في قضايا خارجيّة تكون بمثابة المؤيِّد والمفسِّر لما نحن فيه، كما لاحظنا في قضيّة: «شرب فضلة ماء الوضوء واقفاً»، فإنَّه إنَّما شرب فضل وضوئه، ليصحّح ما وقع فيه أُولئك واعتبروه خارجاً من الدين.

الثاني: إنَّ جملة: «أرني وضوء رسول الله» في الحديث الأوّل; وقوله: «...أين السائل عن وضوء رسول الله...»، تبيّنان بأنَّ مسح الرجلين هو من السنّة; وتشيران إلى أنَّ الإمام كان بمقام التعليم وبيان الوضوء النبويّ للسائل مقابل الإحداث والإبداع في الوضوء، فهاتان قرينتان صارفتان عن معنى التبوّل والتغوّط معيّنتان لمعنى الابتداع وإحداث ما لم يكن.

وعليه.. فقد أبطلنا قول مَن ذهب إلى أنَّ «الحدث» في الرواية المبحوثة هو بمعنى الأمر الناقض للطهارة فقط وسعيه في تأويل الخبر.

الثالثة: موقف عليّ القوليّ من الوضوء البدعيّ

نحن لا نستبعد صدور بعض النصوص القوليّة عن الإمام عليّ في قضيّة الوضوء، وتداولها بين الناس في عهده; لكنَّنا نحتمل أن يكون للأيدي الأمويّة أو العبّاسيّة دور فعّال في طمس أو إضاعة تلك النصوص، وذلك لما بدر منهم من عداء سافر لعليّ بن أبي طالب(283).

وممّا يؤيِّد المدّعى.. ما جاء في كتاب الإمام عليّ إلى محمَّد بن أبي بكر وأهل مصر والذي رواه الثقفيّ في «الغارات».

فقد جاء في المطبوع منه:... واغسل كفّيك ثلاث مرّات، وتمضمض ثلاث مرّات، واستنشق ثلاث مرّات، واغسل وجهك ثلاث مرّات، ثمَّ يدك اليمنى ثلاث مرّات إلى المرفق، ثمَّ يدك الشمال ثلاث مرّات، ثمَّ امسح رأسك، ثمَّ اغسل رجلك اليمنى ثلاث مرّات، ثَّم اغسل رجلك اليسرى ثلاث مرّات; فإنّي رأيت النبيّ هكذا كان يتوضّأ(284).

وأخرج الشيخ المفيد بسنده عن صاحب الغارات: «... تمضمض ثلاث مرّات، واستنشق ثلاثاً، واغسل وجهك، ثمَّ يدك اليمنى، ثمَّ اليسرى; ثمَّ امسح رأسك ورجليك.. فإنّي رأيت رسول الله يصنع ذلك(285) ...».

وقال النوريّ، في المستدرك ـ وبعد نقله النصّ الأوّل ـ: قلت: ورواه الشيخ في أماليه، عن أبي الحسن عليّ بن محمَّد بن حبيش الكاتب، عن الحسن بن عليّ الزعفرانيّ، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمَّد الثقفيّ، عن عبد الله بن محمَّد بن عثمان، عن عليّ بن محمَّد بن أبي سعيد، عن فضيل بن الجعد، عن أبي إسحاق الهمدانيّ، عن أمير المؤمنين.. مثله; إلاّ أنَّ فيه، وفي أماليّ ابن الشيخ(286)، كما في الأصل: «... ثمَّ امسح رأسك ورجليك ...»، فظهر: أنَّ ما في الغارات من تصحيف العامّة، فإنّهم ينقلون عنه ...(287).

وقال المجلسيّ ـ وبعد نقله الرواية عن أمالي المفيد ـ:

بيان: استحباب تثليث المضمضة والاستنشاق مشهور بين المتأخِّرين، واعترف بعضهم بأنَّه لا شاهد له; وهذا الخبر يدلّ عليه(288).

وقال بعدها: قد مرّ أنَّ هذا سند تثليث المضمضة والاستنشاق، لكن رأيت في كتاب الغارات هذا الخبر، وفيه تثليث غسل سائر الأعضاء أيضاً، وهذا ممّا يضعّف الاحتجاج (289)] به ] .

علماً، بأنَّ كلمة «ثلاثاً» لم ترد بعد غسل الوجه واليدين في أمالي المفيد، والطوسيّ عن الغارات!

ولا ندري لماذا يضعّف المجلسيّ الاحتجاج بالخبر، معلّلا بأنَّ فيه تثليث سائر الأعضاء؟! وهل التثليث هو الجارح، أم غسل الرجلين؟ أم كلاهما معاً؟!!

وهل يلزم اعتبار جميع نسخ الغارات صحيحة، مع ما وقفنا على التعارض فيما بينها؟

بل كيف يُطمأنّ بنصّ مأخوذ من نسخة مطبوعة متأخراً، وترك ذات النصّ المنقول عن نسخة قد مضى عليها ما يقارب ألف سنة أو أكثر؟! وبطريقي المفيد والطوسيّ(290) .

أمّا نحن.. فنشكك في صدور النصّ الأوَّل عن الإمام عليّ، للأسباب التالية:

1 ـ عرف عن الثقفيّ بأنَّه شيعيّ ـ بل من متعصبيهم ـ كما يحلو للبعض أن ينعته بذلك.

فإن كان شيعيّاً.. فكيف يروي خلاف ما يعتقده ويلتزم به دون أدنى إشارة أو تنبيه؟!

بل، وهل يصحّ منه ذلك النقل مع وقوفه على ما يعارضه ويضعّفه من الروايات؟

باب: (مَن لم يروِ عن الأئمَّة)(292); وقال عنه في الفهرست: إبراهيم بن محمَّد بن سعيد بن هلال بن عاصم بن سعد بن مسعود الثقفيّ (رضي الله عنه); أصله كوفيّ، وسعد بن مسعود أخو أبي عبيد بن مسعود عمّ المختار ولاّه عليّ عليه السلام على المدائن، وهو الذي لجأ إليه الحسن (ع) يوم ساباط، وانتقل أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد إلى أصفهان وأقام بها وكان زيديّاً أوّلا، ثمَّ انتقل إلى القول بالإمامة(293).

وترجم له غالب أصحاب الرجال من الشيعة، مثل: النجاشيّ، العلاّمة الحلّيّ، ابن داود، وغيرهم.

هذا وقد تهجّم عليه غير واحد من أصحاب الرجال من العامّة; لتشيّعه:

فقال ابن أبي حاتم الرازيّ: سمعت أبي يقول: هو مجهول(294).

وقال أبو نعيم: كان غالياً في الرفض، يروي عن إسماعيل بن أبان، وغيره.. تُرك حديثه(295).

وقال السمعانيّ: قدم أصفهان وأقام بها، وكان يغلو في الترفّض، وله مصنّفات في التشيّع(296).

وقال الذهبيّ: قال ابن أبي حاتم: هو مجهول; وقال البخاريّ: لم يصحّ حديثه، أي.. فيما رواه عن عائشة في الاسترجاع لتذكر المصيبة(297).

فلو صحّ هذا عنه.. فهل تُصَدِّق صدور الوضوء الثلاثيّ الغسليّ عنه في الغارات مع عدم التنويه به، ومع ما عرفت من كون الإماميّة نقلوا عنه المسح ـفي رسالة عليّ بن أبي طالب إلى محمَّد بن أبي بكر ـ كالمفيد والطوسيّ وغيرهما؟!... وعليه، فإنَّ خبر الغارات المطبوع قد حُرِّف!!

2 ـ إنَّ كتاب الغارات، من الكتب التي تداولتها أبناء العامّة واستفادوا منه، وليس بعيداً أن يرووا عنه بما يوافق مذهبهم، وقد كان للنسّاخ والحكّام على مرِّ التاريخ الدور الكبير في تحريف الحقائق!

وقد مرَّ عليك سابقاً، أنَّ الطبريّ وابن الاثير كانا يتغاضيان عن نقل بعض النصوص، بحجّة إنَّ العامّة لا تتحمّل سماعها، وأنَّهما قد بدّلا بعض النصوص بأُخرى.. رعاية لحال العامّة!

فعلى سبيل المثال: نقل الطبريّ، وتبعه ابن كثير، كلمة (كذا وكذا) مكان جملة: (ووصيّي وخليفتي فيكم من بعدي)! من كلام النبيّ (ص) في حقّ الإمام عليّ، وذلك في تفسيرهما لآية الإنذار(298)!

وجاء في هامش كتاب «آراء علماء المسلمين» للسيّد مرتضى الرضويّ: قبل نصف قرن تقريباً، قامت دار الكتب المصريّة بالقاهرة ـ بمديريّة الأُستاذ علي فكري للدار ـ بمراجعة الكتب التي يُشمُّ منها التأييد للشيعة الإماميّة، أو لأهل البيت; فكانت اللجنة تحذف ذلك الكلام كلّه، وتختم الكتاب بالعبارة الآتية: (راجعته اللجنة المغيّرة للكتب) بتوقيع رئيس اللجنة علي فكري(299)! بكلِّ جرأة ووقاحة!!!

نعم; إنّ تحريف النصوص، والتلاعب بالتراث كان وما زال، وليس بعيداً أن ينال المستقبل أيضاً بمخالبه وأنيابه.

3 ـ إنَّ رواية الغارات «المطبوع» تخالف ما أصَّلناه في البحوث السابقة، وتُعارض ما سنبيّنه في البحوث اللاحقة، التي تؤكِّد على عَدّ الإمام عليّ هو الرائد والمعيد لمدرسة الوضوء الثنائيّ المسحيّ أصالتها.

أمّا ما رواه المفيد والطوسيّ في أماليهما، فهو يوافق مدرسة الإمام عليّ وأهل بيته، وليس بينها وبينهما أيّ تعارض، وهذا التوافق يرجّح بأن تكون هي الأصيلة لا غير، إذ إنّ المفيد والطوسيّ يتّحد سندهما عند ابن هلال الثقفيّ، وإنَّ ما نقلاه عن الغارات يرجع تاريخه إلى القرن الرابع أو الخامس الهجريّ، إذ إنَّ المفيد قد توفي في سنة 413 هـ ، والطوسيّ في سنة 460 هـ.. فهما كانا قريبي عهد بالغارات، وإنّي راجعت نصّاً من الأمالي يقرب من عهد المؤلف ورأيت فيه أنَّ الإمام قد كتب إلى محمَّد بن أبي بكر بالمسح لا الغسل، وبعد هذا لا معنى لكتابته إليه بالغسل وقد عرفت ما بينهما من التضاد، وكيف يكتب بالغسل ونراه وأهل بيته وخاصّته يمسحون اقتداءً برسول الله، وما معنى الكتابة إليه بالغسل بعد ثبوت الإحداث في عهد عثمان! وستقف على المزيد من الإيضاح لاحقاً إن شاء الله تعالى.

والمتحصِّل ممَّا سبق هو: إنَّ نقل الشيخين ـ المفيد والطوسيّ ـ هو أقرب إلى الصواب بخلاف ما هو الموجود في الغارات المطبوع والذي تلاعبت فيه أيدي الأهواء والعصبيّات..

وفات على المجلسيّ أنَّ كلمة (ثلاثاً) هذه، هي ليست من أصل الكتاب، وإنَّما هي من تلاعب وتحريف النُّسَّاخ; ولولا نقل المفيد والطوسيّ لهذا النصّ من الغارات، لضاع الصواب والتبس الأمر، ولاَُلقيت العهدة على عاتق الثقفيّ، وهو منها براء!...

وبذلك، فقد وصلنا إلى زيف النص المطبوع، ووقفنا على بعض ملابسات التحريف.

الرابعة: تدوين الوضوء النبويّ في عهد عليّ

ثبت في كتب التراجم أنَّ عبيد الله وعليّاً ابني أبي رافع ـ مولى رسول الله ـ كانا من الذين دوّنوا السنّة النبويّة بأمر الإمام عليّ بن أبي طالب.

قال النجاشيّ: وجمع عليّ بن أبي رافع كتاباً في فنون في الفقه: الوضوء، الصلاة، وسائر الأبواب; ثمَّ ذكر مسنده إلى رواية الكتاب(300).

وقد عدَّ الإمام شرف الدين في «المراجعات» أسماء الّذين دوَّنوا السُنَّة النبويّة فقال : ومنهم علي بن أبي رافع ـ وقد وُلِدَ ـ كما في ترجمته من الإصابة ـ على عهد النبيّ فسمّاه عليّاً ـ له كتاب في فنون الفقه على مذهب أهل البيت، وكانوا عليهم السلام يعلمون هذا الكتاب، ويرجعون شيعتهم إليه; قال موسى ابن عبد الله بن الحسن: سأل أبي رجل عن التشهّد; فقال أبي: هات كتاب ابن أبي رافع، فأخرجه وأملاه علينا(301).

فما يعني نقل مثل هذا عن أئمَّة أهل البيت؟

أوَ لَمْ يكن بإمكانهم بيان الأحكام الشرعيّة من غير مراجعتهم لكتاب ابن أبي رافع؟

ثمَّ ما دلالة ومفهوم هذا الخبر الذي ينصّ على أنَّ لابن أبي رافع كتاباً في الوضوء؟

إنَّ أقرب الاحتمالات التي تسبق إلى الذهن، تتلخّص في كون أئمَّة أهل البيت كانوا يهدفون من ذلك إلى أُمور، منها:

أوَّلا: إيقاف الناس علىالحقيقة، وإشعارهم أنَّ ماينقلونه عن رسول الله(ص) هو الثابت صدوره عنه (ص).

ولمّا كان التدوين محصوراً في فئة معيَّنةومعدودة، وكتاب ابن أبي رافع من ذلك المعدود، فقد أراد الأئمَّة ـ وبإرجاعهم الشيعة إلى الكتاب المذكور ـ أن يفهموا الشيعة على: أنَّهم لا يفتون برأي، ولا قياس، بل هو حديث توارثوه عن رسول الله (ص) كابراً عن كابر.

كلُّ ذلك، من أجل أن يحصّنوا شيعتهم ويوقفوهم على خلفيّات الأُمور.

ثانياً: بما أنَّ الوضوء من الأُمور المدوَّنة في العهد الأوَّل، فيحتمل أن يكونوا قد قصدوا بذلك إيقاف شيعتهم على أنَّ هذا الوضوء لم يكن حادثاً، كغيره من الأحكام الشرعيّة التي عهدوها في عهد عثمان وغيره، بل هو وضوء رسول الله(ص)، كما يرونه بخطِّ ابن أبي رافع، أو في صحيفة عليّ، أو...

وعليه.. فقد عرفنا بأنَّ الوضوء كان مسألة مبحوثة عند القدماء; وأنَّ أئمَّة أهل البيت قد أرشدوا شيعتهم لمدارسة تلك الكتب، للضرورة نفسها.

وقد نُقِلَ عن أبي حنيفة أنَّه: قد نَسَبَ إلى جعفر بن محمَّد الصادق بأنَّه «صحفيّ»، أي: يأخذ علمه من الصحف..

وما كان من الصادق إلاّ أن أجابه مفتخراً ومصرّحاً، بأنَّه لا ينقل حكم الله إلاّ عمّا ورثه عن آبائه، عن رسول الله (ص); بقوله: (أنا رجل صحفيّ، وقد صدق ] أي: أبو حنيفة [ .. قرأتُ صحف آبائي، وإبراهيم، وموسى)(302).

وأشار الأُستاذ محمَّد عجاج: بأنَّ عند جعفر بن محمَّد الصادق رسائل، وأحاديث، ونسخ(303).

وجاء في كلام الامام علي: إنما بدء وقوع الفتن من أهواء (304) تتبع واحكام تبتدع، الى ان يقول:

«ورددت الوضوء والغسل والصلاة الى مواقيتها وشرائعها ومواضعها».

وإلىهنا.. فقد اتّضح لنا بأنَّ قضيّة الوضوء كانت مطروحة منذ عهد الإمام عليّ حتّى أواخر عهد الأئمَّة من ولده; وقد كتب فيها الكثير من أصحاب الأئمة وعلماء أهل البيت; منهم:

علي بن مهزيار الأهوازيّ..

علي بن الحسن بن فضّال..

علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القميّ..

أحمد بن الحسن بن فضّال(308)... وغيرهم.

وكتب:

علي بن بلال..

محمَّد بن مسعود العيّاشيّ..

والفضل بن شاذان النيسابوريّ(311)... وغيرهم.. في إثبات المسح على القدمين; أو في عدم جواز المسح على الخفّين.

وبذلك، فلا معنى لدعوى مَن قال: ليس هناك نصّ واحد قد صدر عن عليّ في هذا الباب!

/ 38