وضوء النبی ص‍ل‍ی ‌ال‍ل‍ه‌ ع‍ل‍ی‍ه‌ و ال‍ه‌ وس‍ل‍م‌ من خلال ملابسات التشریع نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وضوء النبی ص‍ل‍ی ‌ال‍ل‍ه‌ ع‍ل‍ی‍ه‌ و ال‍ه‌ وس‍ل‍م‌ من خلال ملابسات التشریع - نسخه متنی

علی الشهرستانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

جاء في أنساب الأشراف(123): إنَّ ابن مسعود لمّا ألقى مفاتيح بيت المال إلى الوليد بن عقبة; قال: مَن غيّر غَيَّرَ الله ما به ومَن بدّل أسخط الله عليه، وما أرى صاحبكم إلاّ وقد غيّر وبدّل، أيعزل سعد بن أبي وقّاص ويولّى الوليد بن عقبة؟

وكان يتكلّم بكلام لا يدعه، وهو (إنَّ أصدق القول كتاب الله، وأحسن الهدى هدى محمّد، وشرّ الأُمور محدثاتها، وكلّ محدث بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النار)(124).

4 ـ عمّار بن ياسر:

ذكر المؤرّخون أنَّ عمّاراً خطب يوم صفين، فقال:... انهضوا معي عباد الله إلى قوم يطلبون ـ فيما يزعمون ـ بدم الظالم لنفسه الحاكم على عباد الله بغير ما في كتاب الله، إنّما قتله الصالحون، المنكرون للعدوان، الآمرون بالإحسان، فقال هؤلاء الذين لا يبالون إذا سلمت دنياهم ولو درس هذا الدين: لِمَ قتلتموه؟ فقلنا: لإحداثه...(125).

وجاء في كتاب صفين ما دار بين عمرو بن العاص وعمّار، وفيه: قال عمرو: فَلِمَ قتلتموه؟

قال عمّار: أراد أن يغيّر ديننا فقتلناه.

فقال عمرو: ألا تسمعون، قد اعترف بقتل عثمان.

قال عمّار: وقد قالها فرعون قبلك; لقوله... ألا تسمعون(126).

5 ـ عمرو بن العاص:

أمّا ابن العاص فإنَّه على الرغم من استنصاره لعثمان بعد مقتله فكان ينتقده، وقد صدر عنه هذا النصّ لمّا ضرب عثمان عمّاراً: هذا منبر نبيّكم، وهذه ثيابه، وهذا شعره لم يبل وقد بدّلتم وغيّرتم; فغضب عثمان حتّى لم يدر ما يقول(127).

6 ـ سعد بن أبي وقّاص:

روى ابن قتيبة ما أجاب به سعد بن أبي وقّاص حول دوافع قتل عثمان; قال سعد:... وأمسكنا نحن، ولو شئنا دفعناه عنه، ولكنَّ عثمان غيّر وتغيّر، وأحسن وأساء، فإن كنّا أحسنّا فقد أحسنّا، وإن كنّا أسأنا فنستغفر الله(128)....

7 ـ هاشم المرقال:

قال لشاب شاميّ: وما أنت وابن عفّان؟ إنّما قتله أصحاب محمّد وأبناء أصحابه وقرّاء الناس حيث أحدث الأحداث وخالف حكم الكتاب، وأصحاب محمّد هم أهل الدين وأولى بالنظر في أُمور المسلمين منك ومن أصحابك، وما أظنّ أنَّ أمر هذه الأُمّة ولا أمر الدين عناك طرفة عين قط(129).

8 ـ مالك الأشتر:

جاء في كتاب من الأشتر إلى عثمان: من مالك بن الحارث، إلى الخليفة المبتلى الخاطئ، الحائد عن سنّة نبيّه، النابذ لحكم القرآن وراء ظهره.. أمّا بعد...(130).

وقوله: إنَّ عثمان قد غيَّر وبدَّل(131).

9 ـ عائشة:

اشتهر قولها بعدما صنع بعمّار ما صنع: ما أسرع ما تركتم سنّة نبيّكم، وهذا شعره ونعله لم يبل بعد؟!(132).

وقولها، بعدما جاءها وفد أهل العراق: تركت سنّة رسول الله صاحب هذا النعل؟!(133) .

وقال أبو الفداء: كانت عائشة تنكر على عثمان مع مَن ينكر عليه; وكانت تخرج قميص رسول الله وتقول: هذا قميصه وشعره لم يبل وقد بلي دينه..(134) وفيما أخرجه ابن أبي الحديد: هذا ثوب رسول الله لم يبل وعثمان قد أبلى سنّته!

وعائشة أوّل مَن سمّى عثمان نعثلا ] رجل يهودي طويل اللحية كان بالمدينة [ وحكمت بقتله(136).

10 ـ محمّد بن أبي بكر:

ذكر ابن سعد، وابن عساكر، وابن كثير، والبلاذريّ، وغيرهم: قال محمّد بن أبي بكر لعثمان: على أيّ دين أنت يا نعثل؟

قال: على دين الإسلام، ولستُ بنعثل ولكنّي أمير المؤمنين.

قال: غيّرت كتاب الله!

فقال: كتاب الله بيني وبينكم.

فتقدّم إليه، وأخذ بلحيته وقال: إنّا لا يُقبل منّا يوم القيامة أن نقول: ربّنا إنّا أطعنا ساداتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل.. وشحَطه بيده من البيت إلى الدار، وعثمان يقول: يا ابن أخي! ما كان أبوك ليأخذ بلحيتي...(137).

11 ـ كعب بن عبدة:

حينما ادّعى عثمان أنَّه أعرف بكتاب الله منه; قال له: يا عثمان! إنَّ كتاب الله لمن بلغه وقرأه، وقد شركناك في قراءته، ومتى لم يعمل القارئ بما فيه كان حجّة عليه(138).

12 ـ أبو ذرّ الغفاريّ:

نقل عنه أنَّه قال: والله; لقد حَدَثَتْ أعمال ما أعرفها! والله ما هي في كتاب الله، ولا سُنّة نبيّه! والله إنّي لأرى حقّاً يُطفأ، وباطلا يُحْيَى، وصادقاً يُكذَّب! وأَثرَةً بغير تقى، وصالحاً مستأثراً به(139).

13 ـ عبد الرحمن بن عوف:

قال لعثمان مرَّة: لقد صدّقنا عليك ما كنّا نكذّب فيك(140)، إشارة إلى إخبار الإمام عليّ في يوم الشورى وقوله: أما إنّي أعلم أنّهم سيولّون عثمان، وليحدثنّ البدع والأحداث، ولئن بقي لأذكرنّك وإن قتل أو مات ليتداولها بنو أُميّة بينهم، وإن كنت حيّاً لتجدني حيث تكرهون(141).

وقوله لعليّ: إذا شئت فخذ سيفك، وآخذ سيفي، إنّه ] عثمان ] قد خالف ما أعطاني(142).

استنتاج

اتّضح بجلاء من النصوص الآنفة الذكر أنَّ الصحابة غير راضين عن عثمان وسلوكه العمليّ، كما أنّهم على خلاف رؤاه الفكريّة وآرائه التشريعيّة، ولذلك رموه بالإبداع والإحداث في الدين وإتيانه بأشياء ليست هي في كتاب الله ولا سنّة نبيّه أو سيرة الشيخين، والصحابة هم أهل الفقه واللغة، وهم أعلم من غيرهم باصطلاحات الرسالة وعباراتها ومنقولاتها الشرعيّة.

فلفظ «البدعة» ولفظ «الإحداث» يدلاّن على إيجاد شيء لم يكن من قبل ولم يعهده المسلمون من الشريعة المحمّديّة، وكذا الحال بالنسبة لتعبيرهم: إنّه أتى بأُمور ليست في كتاب الله ولا سنّة نبيّه.

فسوء التقسيم المالي من قبل عثمان، وإيثاره لأقربائه، وأخطاؤه السلوكيّة الأُخرى ـ كما قلنا ـ لا تسمّى «بدعاً» ولا «إحداثاً» في الاصطلاح، وإنّما تسمّى مخالفات، أو عدم التزام دينيّ، أو إعراضاً عن السيرة، أو ما شاكل ذلك من الألفاظ والتعابير.

وإذا سلّمنا صحّة إطلاق لفظ «البدعة» و «الإحداث» على تلك التصرّفات، فَمِن باب أولى أن يشمل اللفظ المذكور تلك الآراء العثمانيّة الجديدة وأُطروحاته الفقهيّة التي أتى بها، مثل: إتمام الصلاة بمنى، وتقديم خطبة صلاة العيدين على الصلاة، وغيرها من الآراء الفقهيّة التي ما كانت معهودة من قبله ولا ممّن عايَشَه من الصحابة!

في الأرض فكأنّما قتل الناس جميعاً... ) (144)، ( ومن يقتل مؤمناً متعمّداً فجزاؤه جهنّم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدَّ له عذاباً عظيماً ) (145)...

بل وإصرارهم على عدم دفنه، كقول أحدهم: لا والله لا تدفنوه في بقيع رسول الله على الرغم من علمهم بتأكيد النبيّ (ص) على دفن موتى المؤمنين وتغسيلهم وتكفينهم والصلاة عليهم، وعلى أنَّ حرمة الميّت كحرمة الحيّ!

ونحن أمام ما جرى، لا يسعنا إلاّ أن نقول إمّا بعدول جميع الصحابة عن جادة الصواب وتهاونهم بالأُمور، لأنّهم لم يعملوا بأوامر القرآن ووصايا الرسول (ص) أو أن نذهب إلى انحراف الخليفة وخروجه عن رأي الجماعة، ولا ثالث.

فإذا قلنا بعدالة الصحابة وعدم اجتماعهم على الخطأ، لزم القول بالرأي الثاني، خصوصاً إذا ما شاهدنا بين المعارضين رجالا قيل عنهم إنَّهم من العشرة المبشرة، أمثال: سعد بن أبي وقّاص، طلحة، الزبير، وغيرهم من كبار الصحابة الذين ورد فيهم نصّ صريح بجلالة قدرهم وعظيم منزلتهم، أمثال: ابن مسعود، أبي ذرّ، عمّار.

أمّا لو قلنا بطهارة ساحة الخليفة الثالث.. فهذا القول يستلزم فسق الصحابة، وهذا ما لا يقبل به المحقّقون قطعاً، إذ من المعقول أن تُخَطّئ فرداً مع الجزم بأنّه غير معصوم، ولكنَّ اتهام الكثيرين من الصحابة بالفسق والضلالة بعيد عن المنطق والوجدان، خصوصاً وثمّة أفراد بين أُولئك ممّن ورد بحقّه نصّ يشير إلى أنـَّه مع الحقّ، وممّن بُشّر بالجنّة كعمّار وأبي ذرّ و....

وجاء في تاريخ الطبريّ (حوادث 34) «لمّا كانت سنة أربع وثلاثين كتب أصحاب رسول الله بعضهم إلى بعض، أن أقدموا، فإن كنتم تريدون الجهاد فعندنا الجهاد.

وكثر الناس على عثمان ونالوا منه أقبح ما نيل من أحد، وأصحاب رسول الله (ص) يرون ويسمعون، ليس فيهم أحد ينهى ولا يذبّ إلاّ نفير، منهم: زيد ابن ثابت، (الذي جمع عثمان الصحابة على قراءته)، أبو أسيد الساعديّ، كعب ابنمالك، وحسّان بن ثابت، فاجتمع الناس وكلّموا عليّ بن أبي طالب، فدخل على عثمان فقال: الناس ورائي وقد كلّموني فيك، والله ما أدري ما أقول لك، وما أعرف شيئاً تجهله ولا أدلّك على أمر لا تعرفه، انّك لتعلم ما نعلم...» إلى آخر كلامه الذى مرّ عليك قبل عدّة صفحات.

إذاً، المعترضون على عثمان كانوا «الناس»، وإنّهم كانوا يطلبون الجهاد ضدّه، فأخذ يكتب البعض منهم إلى الآخر بذلك، وليسوا بنفر قلائل جاؤوا من مصر والبصرة والكوفة ـ كما يدّعيه البعض ـ، وعلى فرض كونهم كذلك.. فهل من المعقول أن يسكت جميع الصحابة ـ وأغلبهم يدري ـ عن مواجهتهم وهم يرون خليفة المسلمين في خطر، وليس منهم أحد ينهى ويذبّ عنه؟

وألَم يكن ذلك ازدراء بالصحابة، الذين أبلوا بلاءً حسناً مع الرسول في حروبه؟

وكيف يهابون ذلك الجمع القليل مع ما لهم من صفحات ومواقف مشرّفة في الجهاد عبر تاريخهم الإسلامي؟!!

إن وراء ترك نصرة الخليفة شيئاً خطيراً، وهو تركه العمل بكتاب الله وسنّة نبيّه وسيرة الشيخين!

عثمان ومبرّرات تغيير سياسته في الستّ الأواخر

مَن يُتابع سيرة الخليفة عثمان بن عفّان بتجرّد يمكنه أن يصل إلى ما توصلنا إليه، وهو: أنّ الخليفة وخصوصاً في الستّ الأواخر من خلافته أخذ يرى أنّ الناس ينتقصونه ولا يعطونه تلك المنزلة والهالة التي منحوها للشيخين، بل ينظرون إليه بمنظار المتّبع لنهج الشيخين والمطبّق لما سُنّ في عهدهما وليس له العمل إلاّ بما عُمل في عهدهما، وقد طلب الخليفة بالفعل ـ في بدء خلافته ـ من المحدّثين أن لا يحدّثوا إلاّ بما عمل به الشيخان، لأنّ ذلك كان في ضمن ما عاهد عليه ابن عوف في الشورى.

بَيد أنّ الخليفة وبعد مرور الأعوام الستّة من خلافته بدأ يتساءل مع نفسه: كيف يحقّ لعمر أن يشرّع أو ينهى لمصلحة كان يقدّرها ـ كما في صلاة التراويح ومتعة النساء ـ ولا يحقّ لي ذلك؟!

وكيف يقبل الناس اجتهادات عمر وسيرته ولا يرتضون أفعالي؟!

وما الذي كان لهما واختصّا به دوني؟!

ولماذا يجب أن أكون تابعاً لسياسة واجتهاد الشيخين ولا يحقّ لي رسم بعض الأُصول؟!

هل كانوا في سابقتهم في الإسلام ودرايتهم بالأُمور ومكانتهم من رسول الله أخصّ منّي وأقرب؟!

أم إنّ ما بذلوه من مال ووقفوه من مواقف لنصرة الدين كانت أكثر ممّا فعلت؟!

فإن كان الشيخان قد حظيا وشرّفا برابط من نور مع رسول الله وذلك بإعطاء كلّ منهما بنتاً لرسول الله، فعثمان قد ارتبط برسول الله من جهتين وتزوّج بنتين، وهو ذو النورين؟!

بعد هذا كيف يتحتّم عليه أن يكون تابعاً لنهج الشيخين ولا تكون له تلك الشخصيّة المستقلة؟!

وقد أكّد عثمان على هذا الأمر وأشار إلى أنـَّه أعزّ نفراً بل هو أقرب ناصراً وأكثر عدداً من عمر، لقربه من بني أُميّة!

فقال مخاطباً المعترضين: ألا فقد والله عبتم عَلَيّ بما أقررتم لابن الخطّاب بمثله، ولكنّه وطئكم برجله، وضربكم بيده، وقمعكم بلسانه، فدنتم له على ما أحببتم أو كرهتم، ولنت لكم، وأوطأت لكم كتفي وكففت يدي ولساني عنكم، فاجترأتم عَلَيّ، أما والله لأنا أعزّ نفراً وأقرب ناصراً وأكثر عدداً وأَقْمَنُ إن قلت هلمّ أُتي إلَيّ، ولقد أعددت لكم أقرانكم، وأفضلت عليكم فضولا وكشّرت لكم عن نابي وأخرجتم منّي خلقاً لم أكن أحسنه، ومنطقاً لم أنطق به(146).

يتّسعون بها من غير أن ينقص مواليهم من أرزاقهم(151)، وغيرها من المواقف التي جاءت لنفع الناس.

وقد جاء في تاريخ الطبريّ وغيره أنـَّه قال ـ للذين هدم بيوتهم ولم يقبلوا ثمنها عند توسعته للمسجد الحرام ـ: أتدرون؟! ما جرّأكم عَلَيّ إلاّ حلمي، قد فعل هذا بكم عمر فلم تصيحوا به(152).

فالناس المعترضون على سياسة عثمان، مضافاً إلى ارتيابهم وعدم قناعتهم بأفعال الخليفة كانوا يتّهمونه بتغيير سنّة رسول الله.

فقد جاء عن عثمان أنّ الناس قالوا له عندما أراد توسعة المسجد النبويّ الشريف (يوسّع مسجد رسول الله ويغيّر سنّته)(153).

إنّ الخليفة ـ وكما قلنا ـ كان يعيش حالة نفسيّة متأزّمة، فإنّه من جهة كان يسمع اعتراضات الناس عليه في حين قد شاهدهم بالأمس قد سكتوا عن اجتهادات عمر ، بل أنـّهم قد ارتضوها وجعلوها منهج الحياة رغم كون بعضها أشدّ ممّا شرّعه وأجرأ .

ومن جهة أُخرى كان لا يمكنه تخطّي سيرة الشيخين، لأنّه كان قد عاهد ابن عوف والمسلمين في الشورى على أن يسير بنهج الشيخين، أمّا اليوم فإنّه غير مستعدّ نفسيّاً لتطبيق ذلك، حيث إنّ الاعتراض أخذ يرد عليه الواحد تلو الآخر، فسعى الخليفة ـ وفي السنوات الستّ الأخيرة من عهده ـ إلى تغيير سياسته واتّباع نهج معيّن، وأخذ يطرح آراء فيها ما يخالف سيرة الشيخين وسنّة رسول الله مواصلا سياسة العنف السابقة، معتقداً بأنّ طرحه لهذه الإحداثات سيلهي الناس عن الخوض في ذكر سوء سياسته وتوليته خاصّته وأقاربه، واختصاصهم بالحكم والمال دون المسلمين؟ وسيشغل المسلمين في مناقشة اجتهاداته، وسيحصل على رصيد عند بسطائهم لأنّه قد أخذ جانب القدسيّة والزهد والتعمّق في إحداثاته، فكان الطابع الغالب على تلك الإحداثات هو الزيادة، فالصلاة بمنى والنداء الثالث يوم الجمعة والوضوء وغيرها لحظ فيها الزيادة، وأنّ عامة الناس يرتاحون إلى الأعمال التي فيها زيادة معتقدين بأنّ ذلك زيادة في القدسيّة وخصوصاً لو دعم بآراء استحسانيّة مقبولة في ظاهرها عند العقلاء.

إنّ المسلم العادي لا ينظر إلى أُصول المسألة ومشروعيّتها في الكتاب والسنّة بقدر ما ينظر إلى الوجوه الاستحسانيّة فيها، فإذا كان الوضوء هو الإنقاء فالإنقاء يحصل بالغسل أكثر من المسح، أو ما قالوه عن الغسل بأنّه مسح وزيادة وما شابه ذلك من الوجوه الاستحسانيّة.

وفي قول عثمان: هذا رأي رأيته(154).

مع علمه بأنّ رسول الله والشيخين قد قصّرا بمنى، وكان قد قصّر هو شطراً من خلافته فيه؟!

اشارة إلى أنـّه كان يريد تشكيل اتّجاه في الإسلام له معالم خاصّة به، فتراه يجتهد قبال النصّ مع علمه بأنّ رسول الله والشيخين قد فعلا خلاف فعله؟!

كانت هذه بعض إحداثات الخليفة عثمان بن عفّان المخالفة لسنّة رسول الله وسيرة الشيخين وأنـّه قد أتى بها معتقداً بأنّها ستنجيه ممّا هو فيه من اعتراضات القوم، لكنّ إحداثاته ـ بنظرنا ـ كانت هي السبب الأهم في قتله، وأنّ قول نائلة الكلبيّة ـ زوجة عثمان ـ حين طاف المهاجمون على عثمان يريدون قتله: إن تقتلوه أو تتركوه، فإنّه كان يحيي الليل كلّه يجمع القرآن(155)، أو قولها: انـّه ليحيي الليلة بالقرآن في ركعة، لتؤكّد على أنّ هجوم المنتفضين عليه كان له بعد ديني وهو التشكيك في صلاحيّته ولياقته في إدارة الأُمّة الإسلاميّة، وأنّ قول نائلة جاء لنفي هذا الشكّ، فأكّدت بأنّه كان يجمع القرآن ويحي الليل كلّه في ركعة! فجاء عن قتاده ان عمر بن الخطاب قال: من قال اني عالم فهو جاهل ومن قال اني مؤمن فهو كافر(156).

تأكيد عثمان على وضوئه

والآن لنذكر دور عثمان البنائيّ في الوضوء.

فقد صدرت عنه روايات كثيرة حكاها عن رسول الله وفي أغلبها إشارة إلى ترسيخه لفكرة الوضوء الجديدة، وإليك بعض الروايات:

1 ـ عن حمران بن أبان ـ مولى عثمان ـ إنّ عثمان توضّأ فمضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثاً ويديه ثلاثاً ومسح برأسه وغسل رجله ثلاثاً، ثمّ قال: من توضّأ وضوئي هذا ثمّ صلّى ركعتين لا يحدّث نفسه فيهما غفر له ما تقدّم من ذنبه(157).

2 ـ وفي البخاريّ بعد إخراجه للحديث السابق وذكره غسل رجله ثلاثاً: رأيت النبيّ يتوضّأ نحو وضوئي هذا، وقال: من يتوضّأ نحو وضوئي هذا ثمّ صلّى ركعتين لا يحدّث فيهما نفسه، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه(158).

4 ـ وفي نصّ آخر: رأيت رسول الله توضّأ وضوئي هذا، ثمّ قال: من توضّأ مثل وضوئي هذا ثمّ قام فصلّى ركعتين لا يحدّث نفسه بشيء، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه(162).

/ 38