مهمات مشبوهة فی الدیار المقدسة (5) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مهمات مشبوهة فی الدیار المقدسة (5) - نسخه متنی

حسن السعید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



اشكالية. واثارة


وعلى ذكر النصب التذكاري ، فإنّ
ثمّة مفارقة اُخرى ملفتة للانتباه ، يحملها قبره الموجود في القرافة
الكبرى بسفح المقطم ، إذ كُتبت عليه العبارة الآتية : «هذا قبر
المرحوم إلى رحمة الله تعالى الشيخ حاج إبراهيم المهدي بن عبد الله بركهرت
اللوزاني ، ولادته 10 محرم سنة 1199 ، وتأريخ وفاته إلى رحمة الله
بمصر المحروسة في 16 ذي الحجة سنة 1232 هـ »23.

والسؤال هو : هل العبارة الآنفة
الذكر قد كُتبت بناءً على توصية خاصّة من بيركهارت نفسه . . أم
كانت بايعاز من القنصل البريطاني في القاهرة ، أم كانت مجرّد اجتهاد من
المشرفين على المقبرة . .؟!

إنّ هذه الإثارة تطرح ـ بقوة
ربما ـ اشكالية علاقة بيركهارت بالإسلام ، الأمر الذي يحتاج
إلى قدر من تعرية هذا الإبهام . خاصة وأنّ البعض استسلم ـ سذاجة أو سوء
نيّة ـ لحكاية إسلام ( الشيخ ) إبراهيم
بيركهارت!!

ففي حدود علمنا ، لم يجرؤ أحد
على تسويق قصة إسلامه سوى الكاتب النصراني «أمين الريحاني» ، الذي أشار
إلى اسمه بأنه (الحاج عبدالله) ووصفه بأنه (صديق محمد علي وصديق العرب
والإسلام) . . وقال عنه : «كان بيركهارت في قيافته وفي إسلامه
محترماً موقراً» ، دون أن ينسى الريحاني الإشادة ببيركهارت لشهادته
العلمية المنزهة عن الأهواء الخاصة والمذهبية; لا لشيء سوى أنه قال :
«جاء الوهابيون يطهرون الحجاز»! كما وصف الوهابية بأنها تمثّل الإسلام في
طهارته الاُولى24.

وعلى خطى الريحاني ، وإن كانت
بصورة أخف ، جاءت الصحافية «رالي الزين» لتقول عن بيركهارت بأنه «اعتنق
الإسلام» بعد فترة من الزمن خلال مكوثه في حلب25. في حين نجد أنّ نجيب العقيقي صاحب كتاب
«المستشرقون» لم يُشر قط إلى مسألة إسلام بيركهارت ، واكتفى بالعبارة
«وقد تسمّى بإبراهيم بن عبد الله» دون تعليق26 .

أمّا صاحب قاموس «الأعلام» فقد شكّك
في إسلام بيركهارت ، إذ قال :«ثمّ مضى إلى الحجاز مسلماً أو
متظاهراً بالإسلام ، وتسمى بإبراهيم ابن عبد الله»27ومن نافلة القول التأكيد بأنّ «خير الدين
الزركلي» لم يكن أوّل المشككين ، بل إنّ بيركهارت نفسه أشار إلى بعض
معاصريه ، وفي مقدمتهم محمد علي باشا ، إذ يُستبان ممّا دونه أنّ
محمد علي باشا كان يشكّ في إسلامه ، ومع هذا فقد سمح له بالتوجه إلى
الحج في مكّة28 ، ويكاد
المريب يقول خذوني!

قبال ذلك نكتفي بثلاث شهادات من
الضفة الاُخرى ، يرقى بعضها إلى درجة الاعتراف . فهذا صاحب
«المنجد» يقول عن بيركهارت :« . . ثمّ زار مكّة وجدة متنكراً
باسم الشيخ إبراهيم»29 ، فيما
اعترف ناشر كتبه الإنكليزي ويليام أوسلي ، كما مرّ ، بأنّ معرفة
بيركهارت للعربية واطلاعه التام على أحوال المسلمين وعاداتهم قد ساعداه على
تقمص دور الرجل المسلم بنجاح ، حتى استطاع أن يعيش في مكّة ، خلال
موسم الحج كلّه ، ويشترك في مناسكه وشعائره ، من دون أن يثير أدنى
شك بشخصيته المنتحلة30 .

ورغم ماتعنيه الألفاظ المتقدمة مثل
«متنكراً» و «تقمّص» و «شخصيته المنتحلة» . . من دلالات ، بل
شهادات ثبوتية ، فإنّنا نترك الحكم الفيصل للبروفيسور «ادوارد سعيد» حيث
يقول :«لقد هاجم مؤرخون ثقافيون محترمون ، مثل ليبولد فون رانكه
وجاكوب بيركهارت ، الإسلام بعنف كأنهم كانوا يتعاملون لا مع تجريد من
التشبيه التجسيمي ، بل مع ثقافة سيا ـ دينية يمكن إصدار تعميمات عميقة
حولها ، واعتبارها مسوّغة . ففي كتابه تأريخ العالم (1881ـ1888)
تحدّث رانكه عن الإسلام واصفاً هزيمته أمام الشعوب الجرمانية ـ
الرومانية ، وفي «شذرات تأريخية» (ملحوظات غير منشورة ،
1893) . تحدّث بيركهارت عن الإسلام (كشيء) بائس عار ، وتافه31.

فأين يا ترى هذه الرؤية الحاقدة عن
الإسلام من ادّعاء الريحاني بأنه صديق العرب والإسلام؟! وأين هي شهادة
العلماء المنزهين عن الأهواء . .؟!

ويبقى من المفيد الإشارة إلى ملاحظة
المرحوم «جعفر الخياط» الخبير بكتابات الغربيين عن الإسلام والشرق ، إذ
يقول :«ويلاحظ من بعض مايكتبه بيركهارت في الرحلة أنه ربّما كانت لهُ
علاقة بالاستخبارات البريطانية في تلك الأيام ، فهو يقول : إنّ
وصول الغرباء من جميع أنحاء العالم الإسلامي ، أي من تمبكتو إلى
سمرقند ، ومن بلاد الكرج إلى بلاد بورنيو ، تجعل جدّة مكاناً
ممتازاً جدّاً للاوروبي المسافر المعني بجمع الأخبار وحب الاستطلاع .
فهو بتقديمه المساعدة للحجاج الفقراء ، وصرف مبالغ زهيدة لتجهيزهم
بالمؤن ، يمكنه أن يجتذب إليه عدداً كبيراً فيستطيع بهذه الوسيلة جمع
معلومات كثيرة تختص بأبعد البلاد المعروفة في أفريقيا
وآسيا . .»32 .

وهذا غيض منشور
للملإ . . . من فيض خفي ماتزال تحتفظ به أراشيف اللعبة
الكبرى . . التي كان شرقنا الإسلامي ، ومايزال ، مسرحها
العريض!!

/ 11