مهمات مشبوهة فی الدیار المقدسة (5) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مهمات مشبوهة فی الدیار المقدسة (5) - نسخه متنی

حسن السعید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



مناقشة... وردود


وفي الوقت الذي لا ننوي فيه مناقشة
بعض الآراء الواردة، التي ترقى الى الأخطاء; لأنّ ذلك لا مجال له في منهج
البحث... فإنّ من الممكن الردّ على ما نشرته الصحيفة المذكورة بما
يلي:

أولاًً: أنّ أدلّة الدفاع التي حشدتها ليس بمقدورها الصمود
إزاء حيثيات الاتهام الدافعة. بل نستطيع القول : إنّ الصحيفة لم تثبت
إسلام فالين، ولم تدحض، في آن معاً، ضلوعه في مهمة سريّة، إن لم يكن
العكس.

ثانياً: أنّ طبيعة الإعداد لمهمّة فالين، وخلفيّات انتدابه في
المهمة، وما رُصد لها من منحة مالية... كلّ ذلك لم يكن
حبّاً بسواد عيون بدو جزيرة العرب. بدليل أنه أنجز مهمة... استحقت أن يُكافأ
الرجل من الجمعية الجغرافية الملكية البريطانية، وهي صاحبة اليد الطولى
والتاريخ العريق في التخطيط للمهمات السريّة في المشرق
الاسلامي.

ثالثاً: استعداده للعب دور العميل المزدوج، وعلى غرار ما يجري
اليوم، واتفاقه مع وزارة الخارجية المصرية على تزويدها بالتقارير السريّة، عن
الأوضاع السياسية، في شمال الجزيرة العربية.. هو توظيف ماكر لخدمة مهمته
السريّة والتستر عليها، تحت هذا الغطاء المناسب.

رابعاً:
ليس من المنطقي تكريم شخص يُرسل في مهمة خاصة خطيرة، ثم يعود وقد صبأ
عن دينه، معتنقاً ديناً مغايراً بل معادياً، وفق الرؤية الأوروپية الباقية
حتى اليوم. ولو كان فالين قد اعتنق الاسلام حقّاً لناله بعض ما ينال روجيه
غارودي اليوم. وما نال ليوپولد فايس (محمد أسد) الذي
تبرّأ منه حتى أهله!

إنّ حكاية التظاهر باعتناق الاسلام
كانت إحدى المستلزمات الضرورية والمفاتيح الأساسية لنجاح المهمات السرية
الكبرى والتعرّف على المشرق الاسلامي، عن كثب.

خامساً:
لم ينبر للدفاع عن إسلام فالين ـ ما عدا الصحيفة العربية حسب علمنا ـ
حتى اولئك الذين يحسنون الظنّ بالاستشراق وينافحون عنه، كما هو الحال مع
الاُستاذ نجيب العقيقي; صاحب موسوعة «المستشرقون» الذي لم يذكر ـ من قريب أو
بعيد ـ قصّة إسلام فالين، بل لم يصنفه حتى في خانة فئة المستشرقين التي أنصفت
الاسلام، وإن لم تدن به، قولا وعملا وكتابةً، فضلا عن ذكره الذين اعتنقوا
الاسلام منهم، حسب رأيه، كبيركهارت ولم يشر الى
فالين!

ورغم ذلك، فإنّ العقيقي ربما كان
أميل الى الاتهام منه الى أي شيء آخر، وذلك حين يقول عن
فالين: «... رحل الى الشرق فطوّف، خلال ست سنوات، بمصر وجزيرة العرب
وبغداد واصبهان وبصرى ودمشق، متزيياً بزي البدو، متطبعاً بطباعهم،
متسمّياًباسم عبدالولي... حاملا حقيبة مملوءة بالعقاقير فأحبته القبائل
ويسّرت له دراسة عاداتها ولهجاتها واستقصاء حالة بلادها الطبيعية
والجغرافية»52.

سادساً: ثم ماذا يعني أن تكون صورته وهو في زي شيخ عربي ذي
عمامة وقباء ونطاق ممّا يزين جامعة هلسنكي الى عهد قريب، ولعله لا يزال الى
الآن؟53

سابعاً: رغم ندرة التطرّق الى مهمة فالين، من قبل الكتّاب
الغربيين، إلاّ أنّ إشارة وردت في كتاب «الفارس العربي» للكاتب البريطاني
«سيتون ديردون»، ساهمت في إزاحة بعض الستار عن حقيقة مهمّة فالين. يقول
«ديدرون»، وهو يتحدّث عن الرحالة الانكليزي «بورتون»: «قبل أن يتوجه الى مهمته (التي تنطوي على الدخول الى جزيرة العرب والحجاز
على الأخص ، ومن ثم الوصول الى مكة المكرمة في موسم الحج للكتابة عنها
بالتفصيل)، علم أنّ رحالة يدعى «فالين Wallin» كان قد تمكن من الدخول الى مكة
والحج مع الحجاج في 1845، لكنه لم يستطع تدوين شيء عما فعل ورأى; لأنه كان
خائفاً على حياته، وخاصة بعد أن لاحظ أنّ اثنين من اليهود قد اكتشف أمرهما في
مكة تلك السنة فقتلهما الحجاج الهائجون شنقاً، فقرر (أي بورتون) أن يستفسر
منه عن أشياء كثيرة، قبل أن يقدم على الاضطلاع بمهمته، وكتب له بذلك، لكن
كتابه لم يصل الى «فالين» إلاّ بعد أن كان قد توفي...»54.

ونترك للقارئ اللبيب مهمة الاستنتاج
عمّا يعني هذا التنسيق بين الرحالتين... وماذا يعني خوف فالين حينما افتضح
أمر اليهوديين..؟! أَلا يكاد المريب أن يقول
خذوني؟!

ثامناً: أنّ إصراره على اختراق قلب جزيرة
العرب يدلّ على أنّ مهمته السريّة لم تبلغ نهايتها. وظلّ يواصل المحاولة تلو
الأخرى لنيل مأربه والوصول الى هدفه. فقد عاد في آذار (مارس) 1846 الى
القاهرة، إلاّ أنه لم يطل الإقامة فيها، بل غادرها في رحلة
قصيرة الى فلسطين خلال كانون الأول (ديسمبر)1846 عاد بعدها الى
القاهرة. لكن رحلته الأطول كانت الثالثة. ففي كانون الأول 1847 غادر مصر عن
طريق البحر الأحمر الى الشاطئ الغربي لجزيرة العرب55وقطع جبال تبوك ثم اتجه الى حائل; لكي
يحاول مرّة أخرى الذهاب الى الرياض، لكن الامير طلال بن الرشيد الذي اكتشف
حقيقة أمره نصحه بألاّ يفعل، وهكذا اتجه صوب بغداد، لكنه بلغ البصرة
مفلساً56 ليعود
الى مصر عبر دمشق فبيروت، ثم عن طريق البحر الى الاسكندرية، ليصل القاهرة في
حزيران (يونيو) 1849. وأخيراً عاد الى الاسكندرية متوجهاً الى هلسنكي مروراً
بلندن لتسلّم جائزة «الجمعية الجغرافية
الملكية» سنة 1850.

وحال وصوله فنلندا عين أستاذاً للغات
الشرقية في جامعة هلسنكي. وشرع في الحال يخطط لرحلة جديدة الى الجزيرة
العربية والتي أراد لها أن تستغرق ست سنوات.. لكنه توفي قبل أن ينهي
الاستعدادات لذلك57إذ مات في
23 تشرين الأول (اكتوبر) 1852، ولما يتم الحادية والأربعين من
العمر.

آثاره.. ومذكراته.

ترك فالين آثاراً منها: أهم الفروق
بين لهجات العرب المتأخرين والمتقدمين، ونشر تائية ابن الفارض ومطلعها: أو
ميض برق... مع شرحها للشيخ عبدالغني النابلسي، وكان قد نسخها بخطه، بترجمة
لاتينية وتعليق (هلسنكي 1850). وله مذكرات محاضراته في الكلية. ومخطوطات
عربية في مكتبتها. أما يومياته في الشرق، وهي في وصف ما رآه أيام إقامته في
البلاد العربية، فقد طبعت بعد وفاته، ووقعت في خمسة
مجلدات58،
وقد أعيد في بيروت سنة 1992 إصدار الطبعة الثانية من
كتاب «صور من شمال جزيرة العرب في منتصف القرن التاسع عشر» التي قام بترجمتها
سمير سليم شبلي، وكتب مقدمتها فاروق أبو شقرا أستاذ الدراسات العربية في
جامعة هلسنكي.

/ 11