حكم مخالفات الصّبي في عمل الحجّ
في ذلك مسائل ثلاث
المسألة الأولى
في ارتكابه لما
يوجب إفساد الحجّ
قال الشيخ الطوسي
في المبسوط : « أما الوطء في الفرج فإن كان ـ أي الصبي ـ
ناسياً لا شيء عليه ، ولا يفسد حجه مثل البالغ سواء ، وان كان عامداً
فعلى ما قلناه : من أنّ عمده وخطأه سواء لا يتعلق به أيضاً فسادُ الحجّ ، وإن
قلنا : إنّ عمده عمدٌ لعموم الأخبار فيمن وطَأ عامداً في الفرج من أنّه يفسد
حجّه ، فقد فسد
حجّه ويلزمه القضاء ، والأقوى الأوّل ، لأن
ايجاب القضاء يتوجّه إلى المكلّف وهذا ليس بمكلّف »41
.
والصحيح أن
يقال : يفسد حجّه ولا يجب عليه القضاء ، أما فساد الحج فلعموم ما دلّ على كون
الوطء عن عمد مفسداً للحجّ ; ولا يخصّصه ما جاء من (أنّ عمد الصبي خطأ) ;
لاختصاصه بالجنايات ، أو للقطع بعدم شموله للعبادات ، كما هو المتفق عليه في
مثل الصلاة والوضوء إذا تعمّد ارتكاب المنافي .
وأمّا عدم
وجوب القضاء عليه، فلحديث رفع القلم عن الصّبي ، وقد تقدّم البحث عنه
.
وقال ابن قدامة :
« وإن وطئ أفسد حجّه ، ويمضي في فاسده ، وفي القضاء عليه وجهان : أحدهما : لا
يجب لئلا تجب عبادة بدنيّة على من ليس من أهل التكليف . والثاني : يجب لأنه
إفساد موجب للفدية ، فأوجب القضاء كوطء البالغ »42
.
وقد
اتضح مما ذكرناه آنفاً بطلان القول بوجوب القضاء لحديث رفع القلم ، وأمّا ما
نقله من استدلال القائل بوجوب القضاء ; لأنه افساد موجب للفدية فيرد عليه :
أنّ ايجابه للفدية أوّل الكلام ، فنحن لا نقبل كونه موجباً للفدية في الصّبي
; لحديث رفع القلم ولغيره مما دلّ على عدم جريان قلم التكليف بحق غير البالغ
، فلا يمكن قياس ذلك بوطئ البالغ .