صومعته، وقوله بعد تأمّل طويل (هذا الذي ملأ عنه موسى أكثر أسفار التوراة وبشّر به اشعيا وارميا وحجي وزكريا، هذا الذي تكلّم عن مجيئه المسيح بأبهى نور تجلّى عليه، ودانيال أشار إليه بمناظر مختلفة، وحجي قال (انّ مجيئه هو النعيم الأعظم).
قال ثمّ انّه خرج من الدير، وخلا برئيس القافلة، وحادثه ملياً وسراً، ثم انفرد بالغلام وصار يكلّمه فلم اسمع من حديثهما شيئاً، ثمّ رجع إلى غرفته وكان يردّد مثل هذه الكلمات، دانيال يقول (انّه ستجتمع به كلمة العرب، ويقوى أمرهم ويشتد أزرهم فيذللون أبناء عمّهم بني اسحاق ويتسلّطون عليهم أحقاباً متطاولة، ودينه يسود على كلّ الأرض، وكلّ الأمم تطريه، وتتبارك فيه، وانّه سيعيد للعبادة رونق الخشية والوقار. وفي زبور داود يقول انّه سيملك من البحر إلى البحر، ومن النهر إلى أقاصي الأرض، وتخضع له كلّ الأمم، وتجثوا له كل ركبة، ويؤتى بملوك الأرض أسرى قدامه، ويوثق رؤساءهم بالقيود. ثم أجرى الكلام في مناقشات طالت بينهما لا غرض لنا بذكرها، ثمّ رجع إلى كلام الراهب بحيرا مع صاحبه بشأن محمّد(صلى الله عليه وآله)، اعلم انّ هذا الغلام سيجتاح عروش الملوك أصحاب التيجان، ويقلب بلاد الله الواسعة، ويجعل سافلها عاليها وعاليها سافلها:
هو قائد الخيل العتاق شوازبا
خزراً إلى لحظ السنان الأخزر
خزراً إلى لحظ السنان الأخزر
خزراً إلى لحظ السنان الأخزر
هذا هو النبي الذي أخبرت عنه الكتب المقدّسة، والمرموز عليه في إيمان كلّ أمّة على وجه الأرض، هذا الذي سينشر رسالته في مشارق