سنة بعد الرسول (صلی الله علیه وآله وسلم) (3) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

سنة بعد الرسول (صلی الله علیه وآله وسلم) (3) - نسخه متنی

السید علی الشهرستانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید













السُـنّة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم


السـيّد علي الشهرستاني




سبق أن بيّنا وضع الجزيرة العربية وحالة الحضارات المجاورة لها، وكيفية تعامل العرب مع أقوال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قبل البعثة، حتّى وصل بنا البحث إلى الكلام على المرحلة الثالثة، وهي «حديث رسول الله في الفترة من 13 ـ 40 هـ» وقد أشرنا فيه إلى ما جاء عن أبي بكر في منع تدوين الحديث، وقد آن الأوان كي نبحث مؤثّرات هذا العهد وما أُسّس فيه من أُصول ومبانٍ فكرية انعكست على الحديث النبويّ والتاريخ الإسلامي، والتي ظهرت كنصوص حديثية وأُصول فقهية وعقائد إسلامية بامتداد الزمان.





المباني الفكرية في هذا العهد






وبما أنّ بحثنا يدور حول «التأصيل»، فمن الجدير ذِكره هنا أن نرى الخلفيات الثقافية والمباني الارتكازية، التي كانت بمثابة الأرضية التي سوّغت لاَبـي بكر الإقـدام على نشـر أفكار وأُسس خاصّـة، واتّخاذ إجراءات لم تكـن فـي زمان الرسـول صلى الله عليه وآله وسلم ، كان من جملتهـا إقدامـه على منع التدويـن والتحديث!!



إذ كيف تمكّن من هذا المنع؟!



وكيف استطاع ترسيخ مرتئياته وبثّها بين المسلمين؟!



وما هي الأُصول التي اعتمدها لاِقناع أكبر عدد من المسلمين بذلك؟!



ثمّ ما هي العقلية التي كان يحملها قبل الإسلام؟! ومدى تأثيرها على بُناه الفكرية من بعد؟!





قلنـا:



إنّ الحالة الثقافية لاَيّ مجتمع من المجتمعات لا بُـدّ أن تترك بصماتها وآثارها على أفراد المجتمع، سلباً أو إيجاباً، خصوصاً مع ملاحظة تاريخ تلك الشخصية وموقعها في ذلك المجتمع، وما مرّت به من أدوار، وما كانت تفتخر به أو يُفْتَخرُ لها به من مميّزات في ذلك العصر.



ومن هذا المنطلق فرض البحث علينا أن ندرس المؤثّرات التي انجرّت من العصر الجاهلي إلى ما بعده، وكيف تطوّرت بلباسها الجديد ممتزجة مع الحالة الإسلامية الجديدة التي خلقها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، حتّى أصبحت شـريحة كبيرة من المجتمع تعيش حالـة ازدواجية وارتباك ـ في هذا العصر ـ وتأرجُح بين الموروث الجاهلي وبين الجديد الإسلامي المحمّـدي، وذلك ما ظهر واضحاً بعد غياب الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم مباشـرة!



إذ وُجِـد هناك منهجان للصحابة:



أحدهما: يتّخذ مواقفه من الأُصول.



والآخر: يرسم الأُصول طبق المواقف.



بمعنـى: أنّ هناك من يعـدّ كلام الله ورسـوله أصـلين أساسيّـين في التشريع، فهم يأخذون أحكامهم منهما، ولا يتحرّكون إلاّ في الإطار الذي رسماه للمسلمين.



وهناك من صار يضيف إلى سيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم سيرة كبار الصحابة، ويتّخذها أصلاً ثالثاً يحتذى به ـ مع الكتاب والسُـنّة ـ ويسير على طبقه، وقد كنّا سمّينا الأوّل منهما بالمتعبّدين، والثاني بالمجتهدين.



وبتقريب آخر: إنّ سيرة الإنسان المسلم ومنهجه قد يُتّخذان ويُرسمان من منهج إسلامي محدّد، فيكون المكلّف متعبّداً بتلك النصوص، ويمنهج سيرته على طبقه، ولا يرى لنفسه الاجتهاد قباله، فهؤلاء هم المطيعون لاَوامر الله والرسول، المنتهون عن نواهيهما، وهم الّذين وصفهم الباري بـ: (ما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)[1] وهم الّذين قال تعالى عنهم أنّهم: (لا يجدوا في أنفسهم حرجاً ممّا قضيت ويسلّموا تسليماً)[2] ، فأوّل هؤلاء يقتفي أثره آخرهم، ولا يُلحظ في سيرتهم الاختلاف المبدئي والتضادّ في المنهج والموقف؛ وذلك لتعبّدهم بمنهج محدّد مرسوم من قبل الله ورسوله.



وهناك قسـم آخر يسمح لنفسـه بالاجتهاد قبال النصّ، ويذهب إلى شرعيّة القول بالمصلحة مثلاً، ومن الطبيعي أن يختلف هؤلاء في المواقف والآراء، طبقاً لاختلاف وجهات النظر عندهم.



والأنكى من هذا أنّهم ـ وكما ألمحنا ـ قد جعلوا هذه المواقف أُصولاً شرعية لاحقاً؛ بسبب ذهاب فلان إلى الرأي الفلاني، مع عدم اعتقادهم بعصمته، أي أنّهم شرّعوا تعدّدية الرأي والأخذ بقول الرجال إلى جانب السُـنّة النبوّية، مع علمهم بعدم أهليّتهم للتشريع وأنّهم عرضة للخطأ والصواب.



ولنمثّل للقسم الأوّل بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، الذي كان عبـداً لله قبل أن يكون رسوله؛ لقوله تعالى: (قال إنّي عبـد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيّـاً)[3] ‌، و(تبارك الذي نزّل الفرقان على عبـده ليكونَ للعالمين نذيراً)[4] ، فكان صلى الله عليه وآله وسلم لا (ينطق عن الهوى * إن هو إلاّ وحي يوحى)[5] ، ولا يفتي من قبل نفسه، ولا يرتضى تغيير الأحكام لهوى الناس، بل كان صلى الله عليه وآله وسلم ينتظر مجيء الوحي لكي يخبره بجواب القضية المستحدثة، وقد ظلّ صلى الله عليه وآله وسلم ستّة أشهر أو سبعة ينتظر الوحي كي يسمح له أن يحوّل القبلة إلى المسجد الحرام، حتّى نزل عليه قوله تعالى: (قد نرى تقلّب وجهك في السماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها)[6].



/ 9