3 ـ القوّة هي المعيار في التولية لا الأهلية والتقوى: - سنة بعد الرسول (صلی الله علیه وآله وسلم) (3) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

سنة بعد الرسول (صلی الله علیه وآله وسلم) (3) - نسخه متنی

السید علی الشهرستانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


3 ـ القوّة هي المعيار في التولية لا الأهلية والتقوى:

ليس ثمّة شكُّ في أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان يولّي الولاة ـ الإداريّين والعسكريّين ـ وفق كفاءاتهم في المجال المبعوثين فيه، مفترضاً فيهم النزاهة الدينية والتقوى، فما أن يظهر من أحد منهم ما يخالف مبادئ الإسـلام إلاّ ويعـزله صلى الله عليه وآله وسلم ويـتدارك ما فـرّط فيـه مـن أعمـال سـلبية، وهـو صلى الله عليه وآله وسلم بذلك قَمَع الروح العدوانية الجاهلية.


إلاّ أنّ ما حصل بعد غياب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان ينبئ عن حقيقةٍ مأساوية، مختصرها أنّ «الغاية تبرّر الوسيلة» وأنّ الأَوْلى بالولاية أقدرهم على قمع الخصوم، ومن ثمّ تتويجه بألقاب تضفي عليه طابع التقوى والشرعية وإن كان لا يملك شيئاً منهما، لاَنّ المهمّ هو تثبيت قواعد الخلافة، والأجدر هو الأقدر على تحقيق النصر في ذلك المضمار.


فقد لقّب أبو بكر خالداً بـ «سيف الله المسلول» وأحاطه بهالة من القدسية حين منحه منحة الاجتهاد قائلاً «اجتهد فأخطأ» رغم تعدّيه على زوجة مالك بن نويرة وهي في العدّة، ومعرفته بموقفه مع بني جذيمة وبراءة رسول الله من فعله لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : «اللّهم إنّي أبرأُ إليك ممّا فعله خالد».


وفـي الوقت الذي تتـوافر الكفاءة في خالد بن سعيد بن العاص، لايطيق أبو بكر ـ مضافاً إلى تحريض عمر ـ ولايته، لاَنّه مال في السقيفة إلى عليٍّ، وتخلّف عن بيعة أبي بكر شهرين[44].


ونظراً لموقف المغيرة بن شعبة يوم السقيفة ودفاعه عن عمر أيّام خلافته وتلقيبه له بالفاروق فقد ولاّه عمر البصرة، ولمّا زنى المغيرة بأُمّ جميل ـ ذات البعل الثقفي ـ وتوقّف الرجم على تمامية الشهادة بزياد بن أبي سفيان، ولمّا أقبل زياد للشهادة لقّنه عمر، وأسمع الحاضرين بقوله: «إنّي لاَرى رجلاً لن يخزي الله على لسانه رجلاً من المهاجرين» أو: «أرى رجلاً أرجو أن لايفضح الله به رجلاً من أصحاب رسول الله»[45] فوسمه بوسام «المهاجر» «الصحابي»، وليس ذلك إلاّ لمواقفه المفيدة للخلافة الجديدة، دون مراعاة للتقوى والإيمان والثقة بالله..


يدلّك على ذلك أنّ عمر لمّا أراد أن يولّيه الكوفة ـ بعد حادثة البصرة ـ قال له: إن ولّيتك الكوفة أتعود إلى شيء ممّا قرفت به؟ قال: لا.


وقد أفصح المغيرة نفسه عن هذه الموازنة التي قلناها حين قَدِم رجال على عمر يشكون سعد بن أبي وقّاص، فقال: من يعذرني من أهل الكوفة، إن ولّيتهم التقي ضعّفوه، وإن ولّيتهم القويّ فجّروه.


فقال المغيرة: إنّ الضعيف له تقواه وعليك ضعفه، والقوي الفاجر لك قوّته وعليه فجوره.


قال عمر، صدقت، فأنت القوي الفاجر، فاخرج إليهم؛ فلم يزل عليهم أيّام عمر[46].


ومن هذا المنطلق نفسه رأينا عمر يروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله:


«أما والله ليُعْوِرَنّ بنو أُمية الإسلامَ... ثمّ ليُعمينَّه»[47]، ثمّ يولّي معاوية الشام ويمنحه لقب «كسرى العرب»[48].


وهذا الكلام نفسه يقال في اعتماد أبي بكر على المثنّى بن حارثة الشيباني في حروبه، مع أنّ المثنّى لا يساوي ولا أقلّ واحد من أكفاء أصحاب رسول الله، إيماناً وتقوىً وسياسة وشجاعة، فلماذا التركيز على المثنّى دون المقداد والزبير وغيرهما؟!


واضح أنّ هذا النمط من المنصوبين يخدم أهداف الخلفاء وبالشكل الذي يريدونه، بعكس أُولئك الّذين لا يرتضون ما يخالف سيرة النبيّ وسلوكه في كلّ الأُمور!


بلى، إنّ هذه النظرة وأمثالها قد طرحت منذ أيّام السقيفة ـ كما ستقف لاحقاً في مكانة الشيخوخة وغيرها عليه ـ ثمّ استمرت في العهدين الأموي والعبّاسي؛ إذ جاء في أنساب الأشراف للبلاذري: إنّ الحسن بن علي كتب إلى معاوية يعلمه أنّ الناس قد بايعوه بعد أبيه، ويدعوه إلى طاعته، فكتب إليه معاوية في جواب ذلك يعلمه أنّه لو كان يعلم إنّه أقوم بالأمر، وأحفظ للناس، وأكيد للعدو، وأحوط على المسلمين، وأعلم بالسياسة، وأقوى على جمع المال منه، لاَجابه إلى ما سأل؛ لاَنّه يراه لكلّ خيرٍ أهلاً..


وقال له في كتابه: إنّ أمري وأمرك شبيه بأمر أبي بكر وأمركم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم[49].



للبحث صلـة...






/ 9