سنة بعد الرسول (صلی الله علیه وآله وسلم) (3) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

سنة بعد الرسول (صلی الله علیه وآله وسلم) (3) - نسخه متنی

السید علی الشهرستانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


1 ـ الاهتمام بالحفظ والنسـب:


المعروف عن عقلية العرب في الجزيرة أنّها كانت تعتمد على حافظتها ـ في حفظ أشـعارها وآثارها ومآثرها ـ وترغب عن التدوين، ولا تعتمده؛ ومن شواهده أنّا نرى وصول جمهرة عظيمة من قصائدهم التي تحمل لغتهم وثقافة حروبهم وصُلحهم وجميع جوانب حياتهم، وفي المقابل نلحظ عدم وصول شيء يوازي ذلك من خطبهم و...، وما ذلك إلاّ لاَنّ الشعر سهل الحفظ والتناول، بعكس الخطب التي يصعب حفظها، ولمّا لم تكن مدوّنة فقد ضاع أغلبها ولم يصل إلينا إلاّ النزر اليسير.


وفي هذه الفترة نرى أنّ أبا بكر كان معدوداً من العالِمين بأنساب العرب، لِما روته عائشة عن أبيها أنّه كان أعلم قريش بأنسابها[19]؛ وقال ابن إسحاق في السيرة الكبرى: وكان أنسب قريش لقريش، وأعلمهم بما كان منها من خير أو شـرّ[20].


وممّا يتبع علم النسب هو السَبّاب؛ لاَنّهم كانوا يتعلّمون النسب للمفاخرة والمنافرة وبيان مثالب الآخرين.


قال ابن عبـد ربّه: كان أبو بكر نسّابة، وكان سعيد بن المسيّب نسّابة، وقال له رجل: أُريد أن تعلّمني النسب؛ قال: إنّما تريد أن تُسابَّ الناس[21].


ولذلك كانت قريش حين تسمع أهاجي حسّان بن ثابت وما فيها من مثالب تظنّ تارة أنّ أبا بكر هو منشئ تلك الأشعار، ولمّا عرفتْ أنّ حسّاناً هو شاعرها عرفتْ أنّ ذلك جاء بمعونة حافظة أبي بكر للاَنساب وإحاطته بالأيّام.


قال أبو الفرج: لمّا أُنشدت قريش شعر حسّان قالت: إنّ هذا الشتم ما غاب عنه ابن أبي قحافة[22]، .


وأخرج ابن عساكر، عن المقدام، قال: وكان أبو بكر سبّاباً[23].


وقال ابن حجر الهيتمي في الصواعق: كان أبو بكر سبّاباً أو نسّاباً[24].


ولعلّ من أسباب نهي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن التعمّق في تعلّم الأنساب هو العراك والتهاتر الذي ينشأ عنها، وهو يخالف الخلق الإسلامي الإنساني.


فقـد مـرّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بقوم مجتمعين على رجل، وهم يقولون: إنّه لعالِم!


فقال صلى الله عليه وآله وسلم : وما علمه؟!


قالوا: إنّه عالم بأنساب العرب.


فقال صلى الله عليه وآله وسلم : هذا علمٌ لا يضرّ مَن جهله[25].


والذي نريد قوله هنا: إنّ أبا بكر قد تأثّر بالموروث حتّى بعد مجيء الإسـلام.


فقد روى ابن عبـد ربّه الأندلسي، عن عكرمة، عن ابن عبّـاس، عن عليٍّ، قال: لمّا أُمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يعرض نفسه على القبائل، خرج مرّة وأنا معـه وأبو بكر، حتّى رُفِعـنا إلى مجلس من مجالس العرب، فتقدّم أبو بكر فسلّم... فقال: ممّن القوم؟


قالوا: من ربيعة.


قال: وأيّ ربيعة أنتم؟ أمن هامَتها أم من لهازمها؟


قالوا: من هامتها العظمى.


قال: وأيّ هامَتها العظمى أنتم؟


قالوا: ذُهل الأكبر.


قال أبو بكر: فمنكم عوف بن محلّم الذي يقال فيه: «لا حُرَّ بوادي عـوف»؟!


قالوا: لا.


قال: فمنكم جَسّاس بن مرّة، الحامي الذمار، والمانعُ الجار؟!


قالوا: لا.


قال: فمنكم أخوال الملوك من كندة؟!


قالوا: لا.


قال: فمنكم أصهار الملوك من لَخْم؟!


قالوا: لا.


قال أبو بكر: فلستم ذُهلاً الأكبر، أنتم ذُهل الأصغر!


فقام إليـه غلام من شـيبان حين بَقَلَ وجهُهُ يقال له: دغفل، فقال:...



يا هذا! إنّك قد سألتنا فأخبرناك ولم نكتمك شيئاً، فممّن الرجل؟


قال أبو بكر: من قريش.


قال: بخ بخ، أهل الشرف والرئاسة؛ فمن أيّ قريش أنت؟


قال: من وُلد تيم بن مرّة.


قال: أمْكَنْتَ والله الراميَ من سواء الثغرة؛ أفمنكم قصيّ بن كلاب الذي جمع القبائل فسُمّي مُجمِّـعاً؟!


قال: لا.


قال: أفمنكم هاشـم الذي هشـم الثريد لقومه ورجال مكّة مسـنتون عجـاف؟!


قال: لا.


قال: فمنكم شيبة الحمد عبـد المطّلب، مطعم طير السماء، الذي وجهه كالقمر في الليلة الظلماء؟!


قال: لا.


قال: فمن أهل الإفاضة بالناس أنت؟!


قال: لا.

/ 9