2 ـ نظرتهم إلى الخلافة والإمامة: - سنة بعد الرسول (صلی الله علیه وآله وسلم) (3) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

سنة بعد الرسول (صلی الله علیه وآله وسلم) (3) - نسخه متنی

السید علی الشهرستانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


قال: فمن أهل السقاية أنت؟!


قال: لا.


فاجتذب أبو بكر زمام الناقة ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ...[26].


فانظر إلى أبي بكر كيف يتعامل مع القبائل وهو في موطن الدعوة إلى الإسـلام!


ألم يكن المفروض به أن يعرض عليهم الشهادتين وأخلاق الإسلام ومفاهيمه برفق ولين، لا أن يغالبهم في النسب ويقلّل من شأنهم بما يجعل نفوسهم بعيدة عن قبول الدين الجديد؟!


ولهذا التأثير العنيف، كان من الطبيعي أن تظهر هذه النبرة القديمة في سقيفة بني ساعدة، فقد طُرحت فيها الموازين الموروثة لا الموازين التي جاء بها الإسلام على لسان نبيّ الرحمة محمّـد صلى الله عليه وآله وسلم !


فقد قال أبو بكر في خطبته يوم السقيفة:


أيّها الناس! نحن المهاجرون أوّل الناس إسلاماً، وأكرمهم أحساباً، وأوسطهم داراً، وأحسنهم وجوهاً، وأكثر الناس ولادة في العرب، وأمسّهم برسول الله رحماً...[27].


فكرم الأحساب، ووسطيّة الدار، وحسن الوجوه، وكثرة العدد، كانت من المفردات التي احتجّ بها للخلافة، وهذه كلّها لا تمتّ إلى الخلافة والأحقّية بها بصلة!


واستمرّت هذه الخصلة عند أبي بكر حتّى في أيّام خلافته، فجعل يسأل الصبيان الّذين أتى بهم خالد بن الوليد من عين التمر عن أنسابهم، فيخبره كلّ واحد بمبلغ معرفته[28].


نحن لسنا بصدد بيان هذه الأُمور بقدر ما يعنينا بيان امتداد هذا النهج بعد الخليفة، وخصوصاً في العهد الأُموي، وعناية الخلفاء بالشعر والأنساب مع مخالفتهم لتدوين الحديث والمغازي!!


إنّ عناية عرب الجزيرة بالحفظ وترك التدوين كان من جملة الدوافع الرئيسية التي حدت بأبي بكر أن يحرق مدوّنته، وبالناس أن يقبلوا بحظره


على التحديث بحديث رسول الله وتدوينه، على رغم وقوفهم على أمر القرآن والسُـنّة المباركة بالتحديث والتدوين.


وقد أثّر هذا المنع تأثيراً خطيراً على السُـنّة النبويّة، التي ظلّت غير مدوّنة مدّة مديدة من الزمن، فتمهّدت الأرضية الخصبة لوضع أحاديث مكذوبة على لسان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ؛ فيها نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن التدوين لحديثه الشريف!!


كلّ ذلك تصحيحاً لِما وقع فيه أبو بكر من خطأ في المنع، وما حمله هو وآخرون معه من أفكار عن الحفظ وكراهة التدوين، فجاء عن بعض الصحابة قولهم لبعض التابعين: احفظوا كما كنّا نحفظ[29]!!


إنّ هذه المفردة التي جاهر بها أبو بكر، كانت من أكبر المؤثّرات على السُـنّة النبويّة المباركة، واختلاف النقل فيها، وضياع كثير من معالمها علينا.



2 ـ نظرتهم إلى الخلافة والإمامة:

اختلفت النظرة إلى الخلافة والإمامة في صدر الإسلام، فالتزموها تارة بالبيعة، وأُخرى بالشورى، وثالثة بالإجماع، لاغين الوصاية النبويّة أو احتمالها من قاموس السقيفة، مؤكّدين على أنّ الكثرة واتّفاق أهل الحلّ والعقد هما من طرق إثبات شرعية الخلافة..


وتطوّر الأمر ونضح الإناء بأخرة فصرّح بعضهم بانعقاد الخلافة بمبايعة شخصين، أو شخص واحد، مستدلّين ببيعة عمر لاَبي بكر، واستفحلت الفكرة حتّى صرّح بعضهم بانعقاد الخلافة لكلّ من غلب وتسلّط بالسيف والقوّة..


إلى غير ذلك من الرؤى التي استُلّت من بيعة أبي بكر، وكتابة عثمان خلافة عمر وإقرار أبي بكر لذلك، واختراع عمر لمبدأ الشورى..


فكان لا بُـدّ من إيجاد المخرج لتصحيح تلك البيعات، ومن هنا ظهرت الآراء المتضاربة والمتهافتة، وأثّرت حتّى اليوم على شرعية وشكلية الحكومة الإسلامية.


لكن الاستدلال بالكثرة غير صحيح عقلاً ونقلاً؛ إذ لو صحّت الكثرة دليلاً لكان الكفّار على حقٍّ؛ لكونهم أكثر عدداً من المؤمنين في صدر الإسلام، بل في أغلب الأزمان، حتّى صرّح القرآن الحكيم بعدم نفع الكثرة قبال القلّة المؤمنة، بقوله: (كم من فئةٍ قليلةٍ غلبت فئةً كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين)[30] ، وقوله: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلّوك عن سبيل الله)[31] ، وقوله: (وقليل من عبادي الشكور)[32] ، وقوله: (ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون)[33].


وعليه فمعيار الكثرة والقلّة لا يمكن جعله دليلاً على المطلوب.


وهكذا الحال بالنسبة إلى اتّفاق أهل الحلّ والعقد، فهو مردود شرعاً وعقلاً، ونحن نترك الجواب عن أمثال هذه رعاية للاختصار.


وعليه: فالرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم إمّا أن يكون ترك أمر البيعة للناس، أو أن يكون عيّن مَن يخلفه؟!


فإن كان صلى الله عليه وآله وسلم قد تركهم، فلماذا يعيّن أبو بكر عمر خلفاً له خلافاً لسُنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟!


وإن كان صلى الله عليه وآله وسلم قد عيّن وصيّه، فكيف يصحّ أن يقال إنّه ترك الأمر للناس كي ينتخبوا؟!


وهكذا الحال بالنسبة إلى عمر بن الخطّاب؛ إذ لو كان يؤمن بمبدأ الشورى فلِمَ لا يستجيب لقول الصحابة حينما أشاروا عليه تدوين الحديث[34]هـ؟!


وكيف بعمر يقول: «لو أدركت أبا عبيـدة بن الجرّاح باقياً استخلفته وولّيته... ولو أدركت معاذ بن جبل استخلفته... ولو أدركت خالد بن الوليد لولّيته»[35]ـ، ويقول: «لو كان أبو عبيـدة بن الجرّاح حيّاً استخلفته، ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيّاً استخلفته»[36]؟!


بل كيف لنا أن نفهم أبعاد هذا التخليط عند الحكّام في صدر الإسلام؟!


فقول عمر: «لو كان سالم مولى أبي حذيفة» لا يتّفق مع سياسته نحو الموالي! كما لا يتّفق مع احتجاجهم بأنّ الأئمّة من قريش، وأنّ قريشاً أَوْلى من سائر العرب بقربها من النبيّ دون سائرهم!!

/ 9