الانحصارية الدينية - نظرة تحلیلیة فی التعددیة الدینیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نظرة تحلیلیة فی التعددیة الدینیة - نسخه متنی

السید محمدرضا الحجازی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


قبل تشكل هذا الطراز من التفكر النسبي في الفلسفة، كان ضرب من المطلقية يسود جميع النظم الفلسفية، و غالباً ماكان يحظي بتأييد المنطق القديم الذي هو نفسه يهمن بالمطلقية. وعلي أساس هذه النظرة المطلقة التيتري نوعاً من الوحدة في الوجود ككل، وجدت مفاهيمُ مثل الزمان والمكان والعلّية تفاسيرَها الخاصة، بحيث إن أحداث العالم إنما تتحقق في إطار هذه العناصر. هذا الاتجاه إلي المطلق قد هيمن علي جهاز التعرف أيضا، قائلا بأن الانسان قادر علي أن تكون لديه انطباعات مطلقة عن حقائق الوجود. أما علي أساس الاتجاه النسبي الفلسفي الذي يظهر الي حدما تحت اسم التعددية الجديدة، فلا يمكن أن تكون هناك انطباعات مطلقة عن المفاهيم المذكورة، كما لا ينبغي تفسير الحوادث تفسيراً مطلقاً. إن الحركة والتغيّر تسيطران علي كل الوجود، و العالم كله في حال الكينونة، لذلك لا يمكن التكهن بنتيجة واحدة مطلقة ومتكاملة لحوادث العالم، لذلك فإننا لا نفتأ نكون في مواجهة احتمالات لا تحصي، ولا يمكن تفسيرها بمنطق المطلق بل تتطلب نوعاً من المنطق النسبي. من مشاهير هذه النظرية اشخاص مثل (ويليام جيميز) و (جون ديوي) و(شيلر) و (هنري برجسن)5.


كان تأثير هذه الفكرة النسبية علي الفلسفات المعاصرة عميقاً وشاملا. إن شمول هذا الضرب من النسبية الفلسفية والعقلانية لم ينحصر في المباحث الفلسفية الصرف والعقلانية، بل شمل منطقة المباحث الأخلاقية (العقل العملي) والكلامية و الاجتماعية والسياسية. كما أن موضوع بحثنا، وهو التعددية الدينية، قد تأثر بهذه الفكرة النسبية، بحيث إن بعض عناصرها المكونة لها مبني علي قبول الفكرة النسبية6. و سوف نعالج هذا الموضوع بشيء من التفصيل في الصفحات التالية.


إن التمايل و التحول إلي الفكر الديني وظهوره في صور مختلفة، متناقضة أحياناً، في القرون الاخيرة، استحوذ علي جانب كبير من مباحث فلسفة الدين. هذا التفكر الديني المطروح فيما بين علماء الدين باسلوب أكاديمي في صورة نظريات دينية ـ اجتماعية، لم يقتصر علي دين أو دينين اثنين، بل شمل بصورة واسعة جميع الأديان الكبيرة في العالم. وهذه الأديان الكبيرة في العالم تقسم الي مجموعتين عامتين: الأديان الشرقية والأديان الغربية. الاسلام والمسيحية واليهودية تأتي ضمن الاديان الغربية، فيما تنتظم الاديان الهندوسية والبوذية تحت مجموعة الأديان الشرقية إن العلاقات و الارتباطات الإيجابية والسلبية التي تقع اليوم في عصر الاحتكاك بين الاديان اوجدت دافعاً لظهور نظرة شاملة لمختلف الأديان والمذاهب، وردت في شكل نظريات مختلفة لعدد من الخبراء في الاديان وعلماء الدين، وكل منها قائم علي شواهد وأدلة خاصة.


يمكن القول إن هناك في هذا الميدان ثلاثة أنواع من التفكر المتضاد:


«الانحصارية الدينية» Exclusivism، و «المشاركة الدينية» Inclusivism، و «التعددية الدينية» Religious Pluralism و بدراسة النوعين الأولين باعتبارهما منافسين للتعددية الدينية نصل إلي أن نتعرف التعددية الدينية تعرفاً أو في وأدق.


الانحصارية الدينية

الانحصارية الدينية ضرب من التفكر يري أن ديناً أو مذهباً واحداً فقط يكون علي حق، وعلي ذلك فإن الطريق الي السعادة والفلاح ينحصر في هذا الدين. يعتقد أصحاب هذا الرأي أن الحقيقة كامنة في مرام واحد فحسب، وأن طريق الوصول إليه ينحصر أيضاً في ذلك المرام نفسه، وأن الأديان الأخري لا حظ لها من الحقيقة، و سبيلها لا يوصل إلي السعادة والفلاح. إذن يتحتم علينا أن نبحث عن هذا الدين الذي يجب أن نراه علي الحق. هنا تنبري الاديان كلها لترشيح نفسها لذلك، إذ يري أصحاب كل دين أو مذهب أنهم وحدهم المحقون، وأن طريق السعادة والفلاح يمر بهم وحدهم.


إن أصحاب هذه الفكرة يوردون في الواقع أدلة وشواهد لكل واحد من الأديان لإثبات دعواهم، نشير هنا إلي بعض منها:


في كتاب المسيحية السماوي تنسب عبارات الي المسيح (ع) تنطوي علي هذا المنحي في التفكر الديني. في هذه العبارات نقرأ: «لا يصل احد الي الأب إلاّ عن طريقي (المسيح)7.» كما اننا نجد في تاريخ العقيدة المسيحية إشارة الي هذه الفكرة، وهي أن لا طريق الي السعادة إلا من خلال الكنيسة. وكانت هذه العقيدة المتشددة هي السبب في قيام بعض الحركات الدينية في غضون القرنين الثامن عشر والتاسع عشر8.


و في الاسلام توجد عبارات وشواهد تعتبر تأييداً لهذا المنحي في التفكير. فمثلا يقول القرآن الكريم: «إن ّ الدّينَ عِنْدَ اللّهِ الإسْلامُ» او في الآية الاخري التي يقول فيها:


«وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ في الآخِرَة مِنَ الْخاسِرينَ»10. وبناء علي ذلك يميل الظن الي أن هناك نوعاً من الفكر الانحصاري يسود بين المسلمين، وهو يهكد أن السبيل الي النجاة والسعادة يجب البحث عنه في الدين الاسلامي، لا في أي دين آخر.


إن الفكرة الانحصارية في اليهودية تسير علي هذا المنوال ايضا. إن بني اسرائيل الذين يحسبون أنفسهم شعب الله المختار ومن أولياء الله، يرون طريق الخلاص منحصراً بهم وأن الدين اليهودي هو وحده الموصل إلي السعادة والفلاح. وهنالك في الأديان الشرقية، مثل البوذية والهندوكية ثمة شواهد تدل علي أن أتباعهما يحملون هذه الفكرة الانحصارية ايضا11.


ينسب التفكر الانحصاري عموماً إلي الافراد والجماعات التي تتمسك بدين أو عقيدة خاصة، وتجعل القوانين الدينية علي رأس كل شيء، معتقدين أن طريق السعادة والفلاح الوحيد إنما يكمن في دينهم، و لذلك فمن الطبيعي أن يتصف تعاملهم مع الأديان الأخري بالسلبية طالما كانوا يرون الحقيقة في دينهم هم وحدهم، وأن من اراد الوصول إليها عليه أن يدخل في دينهم حصراً.


ولكن علي أثر التطورات التي طرأت علي التفكر الديني في مختلف الأديان خلال القرون الأخيرة، ضعف الاهتمام بهذا النوع من طراز التفكر في الانحصار الديني من جانب المدافعين عن الدين والمتكلمين المعاصرين، بل يوجه النقد الي هذا النوع من التفكر علي اعتبار أن الحقيقة ومعرفتها لم تكن يوماً مقصورة علي جماعة خاصة أو دين معين، وأن لكل النصوص الدينية، علي اختلافها و درجاتها، أن تتمتع بنوع من الحق في إدراك الحقائق الإلهية وتبيان طريق السعادة والفلاح12.

/ 10