نعم ربما يوجد في بعض كتب الملل و النحل مايلقي الضوء على شطر من عقائدهم و نبذة منتاريخهم، و إن كان هذا غير كاف في إحرازالموضوع في مسألة عصمة الكافر و أخذالجزية منه و عدمها، و لعل هذا الإعراض أوقلة الاهتمام في إحراز الموضوع جاء نتيجةلعدم الابتلاء كثيرا بحكمه، لا سيمالأمثال فقهائنا الكرام الذين كانوا بمعزلعن الحكم و إدارة شئون المجتمع و غيرمبتلين بمسألة أخذ الجزية من الكافر أومحاربته، لا في العمل و لا حتى في الإفتاءو بيان الحكم. ثم بعد ما ثبت أنه ليس هناك إجماع يمكنالركون إليه، فتنقيح المسألة يتوقف تارةعلى الفحص عن الأدلة اللفظية من العموماتو الإطلاقات التي ربما يتحصل منها قاعدةكلية شاملة لمثل المقام، أو ما يمكنالاستدلال به أحيانا في خصوص هذا المورد،أو ما هو مقتضى الأصول العملية على فرض خلوالمسألة عن الدليل الاجتهادي. و أخرى على زيادة تتبع و تنقيب لمعرفةالموضوع و إلقاء الضوء على الزواياالمعتمة منه. (فهناك محوران للبحث) فالمحور الأول منهما يتضمن أربعة أموركبروية كما يلي: 1 هل المراد بالكتاب في بابالجزية كتاب خاص؟ أو يعم جميع الكتبالمشرعة دون غيرها؟ أو يشمل مطلق الكتابالسماوي، سواء المشرعة منها و غيرها؟ 2 لوشك في كون الصابئة أهل كتاب فهل يجري فيحقهم حكم من له شبهة كتاب أم لا؟ و بعبارةأخرى: هل وجود شبهة الكتاب يوجب دخولهم فيمن يقر على دينه، و اندراجهم تحت عنوان أهلالذمة؟ 3 لو شك في عقائدهم من جهة التوحيد والشرك و أمثالهما، فهل يجوز التمسكبدعواهم في ذلك، فيكون ما يقولونه عنأنفسهم و عقائدهم حجة على غيرهم؟