إننا نذكر في هذا الفصل طائفة مما استدلوا به على نفي تفويض التشريع للنبي (صلى الله عليه وآله)، ونذكر أيضاً بعض ما يرد على تلك الإستدلالات، ويدل على فسادها، فنقول: 1 ـ وما ينطق عن الهوى: قد استدل السائل على نفي جعل حق التشريع للرسول بقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى}. ونقول: أولاً: إن الضمير في قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى} يرجع إلى القرآن الكريم، كما هو ظاهر. ثانياً: لو فرض أن هذه الآية، شاملة لكل ما يقوله رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأنها لا تنفي أن يجعل الله تعالى لنبيه حق التشريع في بعض الموارد، وفقاً لضابطة يعطيه إياها عن طريق الوحي، مصحوبة بكشف الواقع له، وإطلاعه على الحقائق. وتعريفه بالمصالح والمفاسد، وإيقافه على الغايات والضوابط والمعايير.. فيقول له: المطلوب هو تحقيق هذه الغايات. وقد أطلعناك على الحقائق، فيمكنك أن تضع في الوقت المناسب ما يفيد في درء المفاسد، وجلب المصالح التي عرفناك إياها، ضمن هذه الحدود والضوابط.