* [ ما الذي يدفعنا الى الورع ]*
ثم يتابع ابن القيم فيقول : قال صاحب المنازل .( الورع : توق مستقصى على حذر .وتحرج على تعظيم ) .يعنيان يتوقى الحرام والشبه ، وما يخاف ان يضره اقصى ما يمكنه من التوقى لان التوقى والحذر متقاربان .الا ان ( التوقى ) فعل الجوارح .و ( الحذر ) فعل القلب .فقد يتوقى العبد الشئ لا على وجه الحذر والخوف .ولكن لامور اخرى : من اظهار نزاهة وعزة وتصوف ، أو اعتراض آخر ، كتوقي الذين لا يؤمنون بمعاد ولا جنة
ولا نار ما يتوقونه من الفواحش والدناءة ، تصونا عنها .ورغبة بنفسهم عن مواقعتها ، وطلبا للمحمدة ،
ونحو ذلك .وقوله ( أو تحرج على تعظيم ) يعني ان الباعث على الورع عن المحارم والشبه اما حذر حلول
الوعيد .واما تعظيم الرب جل جلاله ، واجلالا له ان يتعرض لما نهى عنه .فالورع عن المعصية : اما تخوف
أو تعظيم .واكتفى بذكر التعظيم عن ذكر الحب الباعث على ترك معصية المحبوب ، لانه لا يكون الا مع
تعظميه .والا فلو خلا القلب من تعظيمه لم تستلزم محبته مخالفته .كمحبة الانسان ولده وعبده وامته .فإذا قارنه التعظيم اوجب ترك المخالفة .قال ( وهو على ثلاث درجات .
الدرجة الاولى
تجنب القبائح لصونالنفس ، وتوفير الحسنات ، وصيانة الايمان ) .هذه ثلاث فوائد من فوائد تجنب القبائح .
احداها
صونالنفس .وهو حفظهما وحمايتها عما يشينها ، ويعيبها ويزري بها عند الله عز وجل وملائكته ، وعباده
المؤمنين وسائر خلقه .فان من كرمت عليه نفسه وكبرت عنده صانها وحماها ، وزكاها وعلاها ، ووضعها في
اعلى المحال .وزاحم بها اهل العزائم والكمالات .ومن هانت عليه نفسه وصغرت عنده القاه