والله اركسهم بما كسبوا ) النساء : 88 واخبر اننقص الميثاق الذي اخذه على عباده سبب لتقسية القلب .فقال ( فبما نقضهم ميثقهم لعنهم وجعلنا قلوبهم قسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به )
المائدة : 13 فجعل ذنب النقض موجبا لهذه الآثار : من تقسية القلب ، واللعنة ، وتحريف الكلم ، ونسيان
العلم .فالمعاصي للايمان كالمرض والحمى للقوة ، سواء بسواء ولذلك قال السلف : المعاصي بريد الكفر ،
كما ان الحمى بريد االموت .فايمان صاحب القبائح كقوة المريض على حسب قوة المرض وضعفه .وهذه الامور
الثلاثة - وهي صون النفس ، وتوفير الحسنات وصيانة الايمان - هي ارفع من باعث العامة على الورع ، لان
صاحبها ارفع همة لانه عامل على تزكية نفسه وصونها ، وتاهلها للوصول الى ربها ، فهو يصونها عما
يشينها عنده ، ويحجبها عنه ويصون حسناته عما يسقطها ويضعها ، لانه يسير بها الى ربه .ويطلب بها رضاه
ويصون ايمانه بربه : من حبه له وتوحيده ومعرفته به ، ومراقبته اياه عما يطفئ نوره ، ويذهب بهجته ،
ويوهن قوته .قال الشيخ [ اي الهروي ] : ( وهذه الثلاث الصفات : هي في الدرجة الاولى من ورع المريدين ) .ويعني ان للمريدين درجتين اخريين من الورع فوق هذه .ثم ذكرهما فقال
الدرجة الثانية
حفظ الحدودعند مالا باس به ، ابقاء على الصيانة والتقوى ، وصعودا عن الدناءة وتخلصا عن اقتحام الحدود ) .