كلمة في الحاضرين
* تعتبر اقامة مثل هذه البحوث من ضروريات نمو مجتمع معين، فلا شك في وجوب مواصلة هذه البرامج بأوسع ما يكون وفي مختلف المسائل، مع المساهمة الفعالة والمبدعة لجميع أصحاب الرأي. ولهذا ومع ضيق الوقت الذي أعاني منه فانني اشتركت بكل شوق ورغبة في اجتماعكم هذا وندوتكم هذه بسبب رغبتي القلبية، والضرورة الاجتماعية، والدور المؤثر الذي نجده لهذه البرامج في تقدم مجتمعنا، لكي ألقي حديثاً قصيراً.في ثقافتنا المعاصرة، حينما يقال : أصحاب الرأي فلا يقصد بذلك أصحاب الشهادات، بل يقصد بالتأكيد أولئك الذين لهم خبرة في المسائل الحيوية المعاصرة لمجتمعنا، ولو لم يكونوا قد أكملوا دراسات منتظمة، ولم يحصلوا على وثائق وألقاب خاصة(1).(1) سيكون ذلك من أوائل ضرورات ثورتنا الثقافية، فالشهادة ذات قيمة بلا شك فهي توضح وجود مقدار من المعلومات وتأييداً لقدر من التجرية والمهارة ولكنها ليست كل شيء، فهي ليست لا شيء كما انها ليست كل شيء، فكلا هاتين التسميتين نوع من الافراط، وحين نقول : إنه لا ينبغي لمجتمعنا أن يفكر في الشهادة فليس الغرض من ذلك أن الشهادة لا تعني شيئاً، إذ سوف نرى أن أي مجتمع لا يستطيع العيش دون شهادات، ولكن لا ينبغي للشهادة كذلك أن تكون كل شيء، بل ينبغي لها أن تكون (حقاً) شهادة على القيم والمعلومات والمعارف والمهارات. ان ما نواجهه اليوم هو أن الشهادات قلماً تدل على المعارف والقيم والمهارات، فقد أصبحت الشهادات في نظامنا الاجتماعي والثقافي المتردي - وللأسف - في اكثر الأحوال، شهادة على مجموعة من المحفوظات الذهنية المعطاة للاستاذ والتي فرت من الأذهان بعد عدة سنوات، وهناك ما نملكه من شهادات حقيقية، ولكنها شهادات على ما لا يحتاج اليه المجتمع، ومع أن هذا الموضوع يتناسب مع الثورة الثقافية ولكني أوردته فقط لتوضيح عبارة «أصحاب الرأي».*