ميزات الإبداعية - ادباء مکرمون نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ادباء مکرمون - نسخه متنی

عمر موسی باشا، علی عقلة عرسان، جمانة طه، أسعد علی، محمد حسین جمعة، تور ولید مشوح، علی ابوزید، راتب سکر، سامی غانم، مروان المصری، محمد عبدالغنی حسن، عبدالکریم الزهری الیافی، عدنان عبدالبدیع الیافی، حسین حموی، حسان الکاتب، احمد جاسم الحسین، فیصل جرف، مصطفی عکرمة، عبدالعزیز الأهوانی، شوقی ضیف، محمد المبارک، عبدالکریم خلیفة، محمد أبو الفضل إبراهیم، مصطفی جواد، احمد الجندی، عبدالغنی حسن، رکس سمیث، مصطفی الرافعی، جورج عبدالمسیح، احمد مطلوب، محمد عنبر، روحی فیصل، محمد عبدالغنی حسن، نعیم الیافی، محمود المقداد، ولید مشوح

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ميزات الإبداعية

والآن بعد أن تابعنا باهتمام هذه الحركة منذ نشوئها في مختلف البلاد، نرى لزاماً علينا أن نطلعكم على أهم ما امتازت به هذه الحركة لنتبين صفاتها العامة، ومميزاتها الخاصة لعلنا بذلك ننير السبيل قبل أن نبدأ بدراسة الأدب الإبداعي حسب البلاد التي نشأ فيها، ونشير هنا إلى أن هناك صفات رئيسية مشتركة بين أنواع الأدب الإبداعي وها هي أهمها:

1- الإبداعية هي روح جديدة إذ إنها عودت الناس أن ينظروا للحياة غير النظرة الأولى، ولم يعد الإنسان ينظر إلى أي معرفة كانت كشيء ثابت لا يحتمل التبدل والتغير بل صار ينظر إلى هذه المعارف نظرة حية متغيرة خاضعة لعقله ولتأثير الزمن، وبكلمة أخرى صار ينظر إلى هذه الأشياء في صيرورتها كما يقول الألمان.

وفي ذلك يحدثنا مارتل قائلاً (سيروا فالإنسان لا يعيش على فكرة واحدة بل هي تطفئ كل مساء الفكرة التي قادتها وتشعل أخرى من المشعل الأبدي).

إن الحياة تتطور، ولكل عصر فكرة تتمخض عن الحوادث التي سبقته أو عن الحوادث التي ما زالت تعمل عملها فيه. وهكذا فإن هذه الحركة الجديدة كانت نتيجة ضغط شديد وكبت دائم طوال العهود التي فقد فيها الإنسان قيمته المثلى.

2- الإبداعية هي ثورة ضد كل شيء قديم، ولا أعني القديم هنا بصورة مطلقة، إنما أعني بذلك القديم الذي سبق هذا الطور الجديد، القديم الذي نسي الإنسان، القديم الذي تجاهل عواطفه وآماله وآلامه، القديم الذي كان فيه الأديب لا يستطيع أن يعبر حقاً عن نفسه وعن شعوره. يقول ستاندال (إن الإبداعية عبارة عن حق جيل أدبي، وواجبه هو في الإفصاح عن حساسية جديدة بأسلوب فني جديد). لهذا كله نبذ الإبداعيون الأساليب القديمة التي تقيد شعورهم وعواطفهم بوقر شديد. ونبذوا كذلك هذه التعابير الجافة الموزونة التي تشد التي تقيدهم وتشد بخناق كتاباتهم وأشعارهم. بل لقد كانت الأساليب التقليدية تعبث حتى بخيالهم؛ ولقد أفصح ستاندال كرة أخرى فذكر لنا السبب الذي دعا الجيل إلى نبذ تراث الماضي فقال: (هي مجموعة حواجز وقيود، تريد أن تفرض على الحساسية الحاضرة، أساليب فنية أقلها حساسية في الأجيال السابقة) وكنتيجة لذلك نرى أن الإبداعية قللت من احترام الناس للآداب القديمة وحتى الرفيعة منها، التي كانت المجامع اللغوية الأوربية والجامعة الفرنسية خصوصاً، تحاول أن تبقي على قدسيتها، محاربة في ذلك كل جديد. إن شعارها كان في المحافظة على تراث الأقدمين، وتحطيم كل أدب يحاول أن يمس هذا التراث بسوء...

3- والإبداعية هي كذلك تغلب الميول الفردية، إذ إن تقدم المجتمع وتطور الحضارة، جعلت الإنسان يتجه لنفسه، بعد أن كان يتفانى في سبيل المجتمع، ولو ألقينا نظرة فاحصة على الأدب الإبداعي عامة لاستحال علينا أن نجد قطعة شعرية أو نثرية، لا أثر للفرد فيها. وأعني الفرد الذي أبدعها وخلقها. إنها قطعة من نفسه بل إن نفسه هي قطعة منها. إن غوته في قصته (ورثر) نراه يصف حياته، وهو نفسه البطل الذي نلمحه في القسم الأول، أما في القسم الأخير فقد أعطى لنفسه صفة خاصة بأن استبدل نفسه ببطل ينتحر ليتم مأساته. لقد مات البطل الخيالي وبقي البطل الحقيقي والذي يهمنا هنا أن معظم الرواية كانت تدور حول حياته هو، وحول حبه، أجل كان هو البطل الحقيقي، وكأن فرديته هي التي خلقت (ورثر) من العدم...

4- والرجوع للطبيعة هو أهم صفة بارزة في الإبداعية، فلقد ابتعد الابداعيون عن الطبيعة القديمة، التي كانت تتمثل في تلك الحدائق المنمقة والسهول المزروعة، واقتربوا من تلك الطبيعة الوحشية الثائرة، التي كانوا يعجبون بها كثيراً. فهناك السيول المنحدرة، والعواصف المزمجرة، والرعود القاصفة، والثلوج التي كان تكلل هامات الجبال، والبحار المزبدة الهائجة.. كلها كانت محببة لأنها تبعث في قلوبهم الخوف من الطبيعة ومن الله فاطرها. إنها برغم كل ذلك جميلة رائعة، والجمال لا يبعث السرور فحسب بل يثير في النفس أيضاً الحيرة والوجوم... فقصيدة بيرون التي يمدح بها البحر والتي مطلعها:

(تقلب، واستمر بتقلبك أيها المحيط الواسع والأزرق القاتم)

وقصيدة (هوغو) ليلة في المحيط يقول فيها:

(في بحر ليس لـه قرار، وليل ليس فيه قمر

حملت كل موجة أثناء عبورها غنيمة باردة

فقبضت واحدة على الزورق والأخرى على الملاحين...

إيه أيتها الأمواج! ما أكثر قصصك المحزنة!!).

في هاتين القصيدتين نجد الطبيعة الغاضبة، نجد الطبيعة الجبارة التي تبعث الهلع في النفوس. وهذا الذي دفع الشعراء، أن يخاطروا بأرواحهم، ويقوموا بالرحلات المملوءة بالمخاطر والمخاوف. فهذا شلي قد مات غريقاً على ضفاف إيطاليا، وهذا بيرون قد قضى شهيداً في ساحات اليونان.

ولم تقتصر الطبيعة على هذا فحسب، بل كان الإخلاد إليها، والاستئناس بها والابتعاد عن حياة الناس، والفرار من مصائبهم هو من أهم ميزات الرجوع للطبيعة والسبب في ذلك يعود إلى أنها أصبحت لهم صديقاً وفياً وخلاً أميناً. ويحدثنا وردزورث قائلاً: (إن الطبيعة لا تخون قلب محبها)، وكم خانت القلوب من كانت في سابق عهدها مخلصة وفية لهم، قتل الإنسان ما أكفره! ونعمت الطبيعة ما أصدقها وأوفاها...

ولم يكن جلال الطبيعة هو الذي يثير مشاعرهم، بل إن أوضع الحشائش وأحقر الأشواك النامية على جانبي الطريق كانت تثير اهتمامهم، وكذلك الأطفال الصغار، كانوا في نظرهم مثال الإخلاص والوفاء، لأنهم ما زالوا على طبيعتهم الأولى التي أودعها الله في نفوسهم.

ولا بأس علينا في أن نستعرض بعض الشعراء على سبيل المثال، لنرى مقدار تأثرهم بالطبيعة وأثر الطبيعة في نفوسهم. فالطبيعة عند وردزورث هي السبيل الوحيد الذي يصله بالله، وهي عند شيلي مرحلة أولى للتحليق في سماء الأساطير والخرافات القديمة، لا بل هي مفتاح الخيال المبدع، وكذلك عند الشاعر كيتس Keats رمز الجمال الأبدي والسحر الخالد.

لقد قدست الطبيعة تقديساً ما بعده من تقديس، حتى إنه يروى عن الشاعر بورنس Burns) أنه نظم قصيدة رائعة في وردة وضيعة، اقتلعها خطأ وهو يحرث الأرض. ولا نسترسل في ذكر أثر الطبيعة، ولنا في ذلك قول يطول شرحه ونكتفي بأن نشير إلى أن هذه الصفة كادت تطغى على غيرها حتى جعلت بعض الأدباء والنقاد يعرّفون الحركة الإبداعية بأنها الرجوع إلى الطبيعة.

5- والميزة الأخيرة هي انبعاث القرون الوسطى، وهذه الميزة تتمم الميزة الثانية وهي الثورة ضد كل شيء قديم، ولقد أصبحت المواضيع السكاندينافية والسلتية رائجة كثيراً خلال هذا العصر. فأكثر المواضيع إنما أخذت من عصر الفروسية؛ وفي قصيدة الشاعر كيتس التي عنوانها (السيدة الحسناء التي لا ترحم La Belle dame sans Merci) وقصيدة كوريدج التي عنوانها (كريستابل Christable)، أقول في هاتين القصيدتين نرى آثار القرون الوسطى... وقد تكلمنا خلال حديثنا في ينابيع الإبداعية عن ذلك وألمحنا إلى الإحياء الأدبي العظيم لعصر الملكة اليزابيت، وارتقاء شكسبير إلى قمة مجده الأدبي...

بالإضافة إلى هذه الميزات العامة للأدب الإبداعي، هناك ميزات أخرى متعددة، تختلف حسب الأصقاع المختلفة، وحسب تاريخ كل صقع منها؛ وهذا ما سنبينه عند كلامنا عن الإبداعية حسب المكان والزمان.

/ 136