بالضرورة، ولهذا قالوا: (أئذا متنا) (المؤمنون: 82) (أئذا كنا عظاما) (الأسراء: 49) (أئذا ضللنا في الأرض) (السجدة: 10) بلفظ الاستفهام بمعنى الإنكار مع ظهور الأمر، فلما استبعدوا لم يكتف الله ورسوله ببيان وقوعه، بل قال: (إن الساعة آتية لا ريب فيها) (الحج: 7) ولم يقتصر عليه بل قال: (وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا) (الأحزاب: 63) ولم يتركها حتى قال (اقتربت الساعة واقترب الوعد الحق اقترب للناس حسابهم) اقترابا عقليا لا يجوز أن ينكر ما يقع في زمان طرفة عين، لأنه على الله يسير، كما أن تقليب الحدقة علينا يسير، بل هو أقرب منه بكثير، والذي يقويه قول العامة: إن زمان وجود العالم زمان مديد، والباقي بالنسبة إلى الماضي شيء يسير، فلهذا قال: (اقتربت الساعة).وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " بعثت أنا والساعة كهاتين " فمعناه لا نبي بعدي فإن زماني يمتد إلى قيام الساعة، فزماني والساعة متلاصقان كهاتين، ولا شك أن الزمان زمان النبي صلى الله عليه وسلم، وما دامت أوامره نافذة فالزمان زمانه وإن كان ليس هو فيه، كما أن المكان الذي تنفذ فيه أوامر الملك مكان الملك يقال له بلاد فلان، فإن قيل: كيف يصح حمله على القرب بالمعقول مع أنه مقطوع به؟ قلت: كما صح قوله تعالى: (لعل الساعة تكون قريبا) (الأحزاب: 63) فإن لعل للترجي والأمر عند الله معلوم، وفائدته أن قيام الساعة ممكن لا إمكانا بعيدا عن العادات كحمل الآدمي في زماننا حملا في غاية الثقل أو قطعة مسافة بعيدة في زمان يسير، فإن ذلك ممكن إمكانا بعيدا، وأما تقليب الحدقة فممكن إمكانا في غاية القرب.
المسألة الثانية
الجمع الذين تكون الواو ضميرهم في قوله (يروا) و (يعرضوا) غير مذكور فمن هم؟نقول: هم معلومون وهم الكفار تقديره: وهؤلاء الكفار إن يروا آية يعرضوا.