المسألة الثانية
قوله تعالى: (ففتحنا)بيان أن الله انتصر منهم وانتقم بماء لا بجند أنزله، كما قال تعالى:
(وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين * إن كانت إلا صيحة واحدة) (يس: 28، 29)
بيانا لكمال القدرة، ومن العجيب أنهم كانوا يطلبون المطر سنين فأهلكهم بمطلوبهم.
المسألة الثالثة
الباء في قوله: (بماء منهمر) ما وجهه وكيف موقعه؟ نقول فيه وجهان أحدهما: كما هي في قول القائل فتحت الباب بالمفتاح وتقديره هو أن يجعل كأن الماء جاء وفتح الباب وعلى هذا تفسير قول من يقول: يفتح الله لك بخير أي يقدر خيرا يأتي ويفتح الباب، وعلى هذا ففيه لطيفة وهي من بدائع المعاني، وهي أن يجعل المقصود مقدما في الوجود، ويقول كأن مقصودك جاء إلى باب مغلق ففتحه وجاءك، وكذلك قول القائل: لعل الله يفتح برزق، أي يقدر رزقا يأتي إلى الباب الذي كالمغلق فيدفعه ويفتحه، فيكون الله قد فتحه بالرزق ثانيهما: (فتحنا أبواب السماء) مقرونة (بماء منهمر) والانهمار الانسكاب والانصباب صبا شديدا، والتحقيق فيه أن المطر يخرج من السماء التي هي السحاب خروج مترشح من ظرفه، وفي ذلك اليوم كان يخرج خروج مرسل خارج من باب.وفجرنا الارض عيونا فالتقى المآء على أمر قد قدر
ثم قال تعالى: (وفجرنا الارض عيونا فالتقى المآء على أمر قد قدر).وفيه من البلاغة ما ليس في قول القائل:وفجرنا عيون الأرض، وهذا بيان التمييز في كثير من المواضع، إذا قلت ضاق زيد ذرعا، أثبت مالا يثبته قولك ضاق ذرع زيد،