النظام الاجتماعي - بحوث فی القرآن الحکیم نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بحوث فی القرآن الحکیم - نسخه متنی

محمدتقي مدرسي

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

4- وقد يكون تيار الاجتماع خاطئاً كما قد يكون الفرد خاطئاً، ولكن لن تكون القوانين التي لابد من تسليم التيارات الاجتماعية لها، لن تكون خاطئة ابداً.

بمعنى ان أي فعـل اجتماعي سليم، ينطوي على مردود سليم، وأي فعل اجتماعي خاطيء ينطوي على مردود خاطئ مثله. وافضل مثل له: « أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَآءِ * تُؤْتِي اُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَالَهَا مِن قَرَارٍ » (ابراهيم/24-26)

5- وليست النظم الصحيحة هي التي تتبع تيارات اجتماعية معينة، بل التي تتعرف على سنن الاجتماع وتحدد اهدافه، ووفق تلك السنن تخطط للاهداف "فالعارف بزمانه لا تهجم عليه النوائب". ([23])

ولكن يجب على النظام الاجتماعي، لكي يكون واقعياً ان يحدّد بدقة مرحلة الاجتماع التي يريد ان يضع لها الشرائع ثم يضع تلك السنة.

6- والمجتمـع كيان قائم فعلاً، وتستطيع تحديد سمات أي مجتمع من ناحية القوة والضعف، والصحة والمرض، والكياسة والتبلد ، والشجاعـــة

والجبن، وسائر الصفات البشرية.

ولا يعني هذا سوى ان المجتمع سيضغط على الفرد باتجاه الطابع العام، وهذا الضغط هو بدوره مجموع ضغوط الافراد الذين يشملهم اطار المجتمع.

والضغط قد يرتفع الى مستوى العقاب المادي، فيكون بمستوى الحكومة، وقد يكتفي بالعقاب الادبي فنسميه بالقيم.

إلا ان الضغط سواء كان عقاباً او عتاباً، لا يحول الفرد الى آلة صماء، يستجيب لنداء الجماعة ، بل انه:

اولاً: يمتص بعض ضغط الجماعة بمستوى مقاومته لهذا الضغط ، فإذا كان الضغط مثلاً بدرجة يحمل كل فرد من المجتمع ( وهم فرضاً مائة شخص) الى التحدث نصف ساعة حول القيمة التي يقدرها الجميع، وكانت مقاومة الفرد بقدر تحتاج الى نصف ساعة من التشجيع، كان يعني ان هذا المجتمع لا يستطيع سوى دفع مائة فرد آخر نحو تطبيق منهجه، ذلك لان كل فرد يقوم بامتصاص قدر من القوة الجماعية.

ثانياً: يستطيع بعضٌ الصمود امام ضغط الجماعة بمستوى امتلاكه للارادة الحرة التي لا تستسلم لاي نوع من الضغط، حتى يصل الى مستوى سحرة فرعون الذين آمنوا بموسى، وضحوا بكل شيء في سبيل ايمانهم، مقاومين جميع الضغوط حسبما يقص القرآن ذلك:

« فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا ءَامَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى * قَالَ ءَامَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلاَُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِنْ خِلاَفٍ وَلاُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى * قَالُوا لَن نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَآءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَآ * إِنَّآ ءَامَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَآ أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللـه خَيْرٌ وَأَبْقَى» (طه/70-73)

إن المجتمع الذي قاومه هؤلاء السحرة التائبون كان يتمتع بقوة رادعة عقابية، بيد ان المؤمنين ، وهم افراد من المجتمع ذاته، كانوا يتمتعون بالعقل الذي يهديهم الى الحق، ثم بإرادة تحررهم من ضغوط المجتمع ، والتي عبرت عن نفسها في اقسى العقوبات، ولكنها عجزت عن تحويل الإنسان الى آلة لا تعقل ولا تشاء.

ان هذه النقطة عظيمة، ليست لانها تشكل فقط حجر الزاوية في بناء الإنسان الكامل، بل لأنها تعتبر عدسة ضرورية في مجهر علم الاجتماع، فحين نتجاهل هذه الحقيقة نتخبط في تقديراتنا للاحداث وللاشخاص ولمسيرة الحياة.

7- والمجتمع بثنائية الخيوط التي تحركه والتي ترتبط بنفسيات المجموعة البشرية التي يتحرك كل فرد منهم ضمن محور الايجاب والسلب، لابد وان يتكون من خيرين واشرار، ولابد ان تكون المقاومة باتجاه الاصلاح او باتجاه الفساد ، هي التي تحدد تحركات هذا المجتمع، فأمام كل فريق ينشد الخير بفعل تفوق الجانب الايجابـي في نفسه على الجانب السلبي، لابـد ان يقف فريق آخر يقاوم هذا الخير، واذ لايمكن ان يكون الاخيار خالصين من كل عيب، لايمكن

يكون الاشرار مفلسين من كل خير أيضاً.

فان الفريق المقاوم يجد في بعض ما في الاخيار من شر، وبعض ما لديه من خير مبرراً للقضاء على الخير باسم الخير ذاته.

وهذا الخير والشر موزع في البدء بين الناس توزيعاً يكاد يكون عادلاً، فكل منهم يأمر بالخير وينهى عن الشر، ولكنه يعمل بهما فعلاً، وهذه مرحلة الضلالة العامة، وفيها لانجد شراً مستطيراً كما لا نجد ايضاً خيراً خالصاً.

8- ولابد ان الانسان يبقى على هذه الضلالة التي هي ذاتية بالنسبة الى طبيعته حسبما عرفناها سابقاً، حتى يأتيه من اللـه نور وهدى مبين، فيصبح البشر فريقين؛ إذ ان فريقاً منهم يشاء بارادته الحرة ان يهتدي ويطهر نفسه من رواسب الشر، بينما يبقى الفريق الآخر على ضلالته، التي سرعان ما يضطر، للدفاع عنها، ان يتحول الى شر محض!!!

كذلك قال اللـه سبحانه حين قص علينا قصة البشرية الاولى: «كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللـه النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ اُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللـه الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بإِذْنِهِ وَاللـه يَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» (البقرة/213)

فهناك ضلالة شاملة، ثم يهدي اللـه الناس، ثم يختلف الناس في الهداية.

النظام الاجتماعي

وتوحي فلسفة الاجتماع بنظامه الامثل، الذي فيه الامور التالية:

1- بما ان الانسان ضال بطبيعته لانه بذاته عاجـز وجاهل - ولا يقدر ولا يعلم إلا القدير العليم- فكانت الهداية من اللـه، هداية النبي من اللـه، وهداية الناس من النبي وكذلك مبدأ العلوم من الكتب السماوية التي هبطت على الانسان لتحرر عقله من الخرافات وتطلقه في آفاق العالم.. وهكذا تكون الهداية والنظام الامثل من اللـه، وهذا مبدأ الضرورة التامة للرسالة والتي يقول اللـه فيها:

« لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِنَ اللـه يَتْلُواْ صُحُفاً مُّطَهَّرَةً» (البينة/1-2)

2- وإذا كان الإنسان بطبيعته عاجزاً وجاهلاً فان حياته تدرج مستمر من العجز الى القدرة، ومن الجهل الى العلم، وقد تكون مواهب اللـه وسيلة هذا التدرج ، ولكنها ليست كافية لإعطاء المقدرة والعلم للانسان

لو لم يسع هو في سبيل ذلك.

ان هذا التدرج للتواصل هدف الإنسانية في الارض، فهو يهدف منه:

أ- ان يحصل على مزيد من الحرية التي تبرز جوهر انسانيته اكثر فاكثر، وقد لا يكون هدف اسمى من الحرية عند الإنسان السليم.

ب- ان يبلغ آفاق المعرفة.

ج- ان يصبح سيد الارض ومليك ما فيها، فلا تعجزه خشونة المواد عن تكيفها في الصناعات، ولا بعد المسافات عن التهامها في التجارات، ولا تغير الاجواء عن تلطيفها للعيش الهنيئ..و..و

وان النظام الامثل هو الذي يهدف تحقيقه هذه الغايات ويخط طريقاً قريباً اليها.

3- وإذا كان في المجتمعات خيوط الخير والشر سواء، فليس من صالح الاخيار بل ولا من صالح الاشرار ايضاً، ان نسمح للاشرار بقيادة الناس جميعاً، إذ يعني هذا فرض بعض الشرور على الاخيار وانهاء فرص الاصلاح للاشرار، بل ينبغي فرض قيادة الاخيار وتقليل فرص الاشرار انّى استطعنا الى ذلك سبيلاً، وهناك لا نزيد من فرص الخير للجميع فقط، بل ونشجع كل ذي شر ان يتحول الى خير ايضاً. فيكون النظام الامثل ذلك الذي يسير بالأمة قدماً نحو قيادة الاخيار ابداً، اما الانتخابات العامة فلا يمكن ان تكون امثل نظام، لانها تعطى فرص القيادة للاخيار والاشرار جميعاً.

وكذلك النظام الحزبي الذي لا يجعــل في برنامجه شروطاً حاسمة،

تبعد دخول الاشرار في صفوفه.

ولن تكون القيادة من حق احد ، إلا من خلصت نفسه عن رواسب الشرور، وكان مثالاً للعلم والورع، وهناك ايضاً ترتبط قيادته بمدى التزامه بالمثل الخيرة.

وإذا عدنا الى المبادئ الفلسفية الخالصة التي يذكر بها القرآن، نرى الطاعة لن تكون الا للـه ولرسوله، ولمن اختاره الرسول ثم لمن امر اللـه باتباعه، ذلك لان اللـه هو الحق الذي بيده كل شيء، فلا يمكن ان يطاع غيره إلاّ من أمر بطاعته وهل يأمر اللـه بطاعة من لا يصلح للقيادة المثلى؟

وحتى حين يأمر بطاعة فرد فانه يجعل طاعته باسم اللـه سبحانه ، وذلك على اساس ان جانب الفرد الايجابي فقط صالح للقيادة، فجانب رسالة النبي صلى اللـه عليه وآله وسلم وجانب ولاية الامام وجانب فقه وورع المرجع وجانب وكالة المأذون من قبل المرجع، هذه هي الجوانب المطاعة القائدة في الأمة. وليست الجوانب السلبية، فالجهل والعجز والضلالة الذاتية، ليست من مؤهلات القيادة، وان كان لايخلو من بعضها البشر، حتى الرسول يؤمر:

« قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إلَيَّ أَنَّمَآ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ» (الكهف/110) ولذلك لا يمكن ان يتحول البشر الى إله او نصف إله، ولا يمكن ان يطاع بصفة ذاتية، وبصورة دائمة او في حالة الانهيار المبدئي.

والعمـل في سبيـل اقامة النظام الأفضـل لن يكون بطرق ملتوية، مادام

العمل هذا لا يعني سوى دعم جانب الخير في المجتمع، وخذلان جانب الشر، إذ ان الطرق الملتوية ستكون في النهاية دعماً لقضية الشر في المجتمع.

ومن هنا؛ فان السبيل الوحيد لاقامة حكم الخير في الحياة هو السعي الخيّر ، وكلما كثر الخير كلما ضعف الشر، وكثرت فرص الحياة السعيدة، ولن تكون قشرة الحكومة إلا آخر ما تتبدل في الأمة، بفعل رجحان كفة الخير في ميزان المجتمع فـ (كما تكونوا يولى عليكم) قال اللـه سبحانه: « وَإِذَا أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً» (الاسراء/16)

فحيث تقل فرص الخير في المجتمع يتكاثر الشر وتتوالى فرصة قيادة الطواغيت الذين اترفوا في الحياة فاسرفوا في الشرور فيجر هؤلاء الويل على الأمة جميعاً.

فلسفة التاريخ في القرآن

وللتاريخ فلسفة قرآنية نابعة من ذات الفلسفة العامة، التي تشمل فيما تشمل تطورات حياة الإنسان، فما هي تلك الفلسفة؟ قبل ان نبينها لابد ان نعرف ان التاريخ شريط مجسد لسلسلة الأسباب والنتائج، والتي تعكس بوضوح سنن الحياة ، وطبيعة اثرها في حياة البشر.

فالمادة الميتة قد تجري عليها عدة تجارب تعطي في النهاية رؤيا واضحة عن طبيعة السنن التي تنطوي عليها هذه المادة، بينما الإنسان الحي لا يمكن ان تجري عليه هذه التجارب.. لا سيما فيما يخص نوازعه وآثارها وطبيعة التشابك بينها من جهة، وبينها وبين نوازع الآخرين من جهة اخرى، فلا نستطيع بالضبط معرفة مدى تأثير الاقتصاد الاشتراكي في تقدم او في تأخر الحضارة البشرية، وذلك باجراء تجارب مختبرية على الأمة.

إلا ان تاريــخ الاشتراكية هي التجربــة الحية لذلك، ذلك ان التاريـخ

مدرسة عظيمة نتعلم فيها طبيعة البشر وواقع السنن التي تتحكم في حياته، بيد ان اولى مبادئ أية مدرسة الانتماء إليها بصفة التلميذ لا بصفة الاستاذ، وكذلك التاريخ لا يمكن فرض اتجاه معين عليه، والافتراض سلفاً بان الاقتصاد او الدين او السياسة او ما اشبه، هو الموجه لمسيرة التاريخ.

كلا! بل من الضروري ان ندع التاريخ يتكلم ليفصح لنا عن حقائق باهرة. ان القرآن يكرر التوجيه الى طبيعة (العبرة التاريخية) والعبرة تعني محاولة العبور من الحادثة الى جذورها، ومن الواقعة الى اسبابها، ثم تطبيق تلك الحادثة بما يتشابه وإياها في الحياة البشرية المعاصرة.

يقول اللـه: « لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الاَْلْبَابِ » (يوسف/111)

« فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ » (الاعراف/176)

« وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ » (هود/120)

إن فلسفة القرآن في التاريخ هي في حقيقتها بعض الدروس التي يجب ان نتعلمها من التاريخ ذاته، وهي تحدّد في الحقائق التالية:

1- البشر واحد، من واحد، وتجري عليه سنن مشتركـة، يقول اللـه سبحــانــه: « هُــوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِـــدَةٍ وَجَعَــلَ مِنْهَــا زَوْجَــهَــا» (الاعراف/189)

وقال تعالى: « وَهُوَ الَّذِي أَنْشَاَكُمْ مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ » (الانعام/98)

وقال تعـالى: « يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ » (النساء/1)

2- ومنذ آدم وابنائه، وهم بداية سلسلة الإنسان، نجد الصفات مشتركة والأسباب والنتائج متشابهة إن لم تكن في مظهرها أيضاً فلا اقل في جوهرها الثابت لدينا.

فآدم u الذي ارتكب اول خطيئة بدافع الطمع والغرور.. وابنه الذي ارتكب اول اعتداء في تاريخ الإنسان وقتل اخاه بدافع الحسد والرئاسة، والندم الذي ساورهما، والعقوبة التي لحقت بهما في هذه الدنيا وفي الآخرة.. لكل ذلك اسباب ونتائج مشتركة بينه وبينه !! لذلك نستطيع قياس ذلك علينا تماماً.

3- إن تطور الجنس البشري في تاريخه لم يكن بحيث يقطع علاقة القربى بينه وبين ماضيه.

كما ان اختلافه مع بعضه ليس مما يؤثر في التفاعل مع بعضه، وتبادل التجارب والخيرات في اقل التقادير.

إن العنصرية تعتبر خرافة ساذجة في فلسفة القرآن التي تقول:

« يَآ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَاُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ » (الحجرات/13)

4- والخط العام الذي يعكس تطورات المجتمعات البشرية يبدأ من السعي الدائب للإنسان، باتجاه غاياته المادية والروحية، إلا ان التباس الحياة يغر الامم باختيار الطرق الميسورة، فينحرفون عن الصراط المستقيم كلما زعموا بانه بعيد وشاق.

فكما ان الفرد الذي اؤتمن بقنطـار ذهب تغريه هذه الثروة عن العمل

الشاق في سبيل الرزق الحلال فيخون امانته ، فكذلك الامم تحسب ان الاستغلال والظلم والانقضاض على الشعوب المستضعفة.. هو الطريق القريب الى الرخاء العميم. بينما التعايش والتنافس الحر يبدو لهم طريقاً بعيداً وشاقاً نحو السعادة، ولهذا ينشأ الصراع، لا بين الطبقات في امة واحدة فحسب؛ بل بين الامم ايضاً.

وتتفاوت الامم حضارات حضارات، وكل امة تتوزع طبقات طبقات، وتفترق كل طبقة فئات فئات، وهنا تكتب نهاية المسيرة بيد أمة قوية، وداخل الامة بيد طبقة قوية ثم فئة ثم فرد يجسد تلك الفئة.

ومن هنا يبدأ الصراع الأبدي بين هذه الفئة وبين مثيلاتها داخل الطبقة الواحدة من جهة ، وبين هذه الطبقة الُمستَغِّلة وسائر الطبقات المستغَّلة من جهة اخرى، وبين هذه الأمة المستضعِفة من جهة، وبين سائر الامم المستضعَفة من جهة اخرى.

وبفعل حدة الصراع تقوم في الداخل الثورات وفي الخارج الحروب الضارية، التي تنتهي بدمار الظالمين. قال تعالى: « وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ » (الشعراء/227)

وبازاء هذا الخط الواضح يسير خط آخر، يمثل خط صعود الانسان، حيث تنبعث بشائر حضارته، ذلك ان الفئة المستغِلة او الطبقة المستغِلة تقاوَم منذ البدء لا من قبل المستغَلين، إذ لا تكون لهؤلاء بصيرة كافية بمعرفة خلفية الأحداث، وليسوا بمستعدين للدفاع عن انفسهم، وانما ايضاً من قبل فئــة من المؤمنين باللـه؛ الذيــن يلتفـون حول نبي عظيم بعثه اللـه

لانقاذ الإنسانية من شرورها.

إن هذه الفئة تبصر بالنور الذي انزل اللـه الى البشر.. تبصر عاقبة الظلم وتهتدي الى حقيقة السنن التي تسيّر حياة الإنسان، ثم تحاول هداية الإنسان نحو الطرق المثلى، التي رغم طولها وبعض المشقة فيها، فهي خالية من الخطورة التي تكشف طريق الضلالة.

بيد انها تصطدم بتيار الزمن العنيف الذي يغذيه اغترار الناس بالطرق الأسهل والأقرب الى الرخاء.

وهذه الفئة هي التي تمثل جوهرة الإنسانية ، إذ لا مصلحة ذاتية لها في مقاومة المترفين.. مع ما تكلفهم هذه المقاومة من جهود وتضحيات.

أما الطبقات المنافسة او المستغَلة التي تحارب الطبقة الحاكمة، فإنها في حالة نجاحها تتحول هي الأخرى الى طبقة مستغِلة.

وفي القرآن قصص هذه المقاومة الرائعة التي نثبت هنا نموذجاً منها، والذي نقسمه الى مراحل لسهولة الاشارة إليها بعدئذ.

1- « وإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلاَ يَتَّقُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ * وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي فَاَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ * وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَاَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ * قَالَ كَلاّ فَاذْهَبَا بِاَيَاتِنَآ إِنَّا مَعَكُم مُسْتَمِعُونَ» (الشعراء/10-15)

2- « فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولآ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَآئِيلَ * قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ * وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَاْ مِنَ الضَّآلِّينَ * فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ * وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَآئِيلَ » (الشعراء/16-22)

3- « قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ * فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ* وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ * لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ * فَلَمَّا جَآءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَءِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ » (الشعراء/34-42)

4- « فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا ءَامَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ * قَالَ ءَامَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَأَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُوا لاَ ضَيْرَ إِنَّآ إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ» (الشعراء/45-50)

إن قصة موسى التي تمثل الخط الايجابي النير الذي يشع على طول شريط التاريخ، تبدأ هذه القصة بالوحي الذي يهبط على قلب نقي تتكرس مصالحه جميعاً في ترك معارضة النظام السائد، فهو من جانب فرد واحد لا طبقة له ينتمي اليها.. ثم انه مجرم في حساب الحاكمين، وهو قد ربي في حضن فرعون، فليس من مصلحته ان يعارضه، الا انه يؤمر بالدعوة الى الحق الذي انحرف عنه الحاكمون الذين عبّدوا بني اسرائيل واستغلوهم ببشاعة متناهية.

صحيح ان فرعون قد حفر قبره بظلمه بسبب استغلاله لبني اسرائيل، وجعل اهل الارض شيعاً يستضعف طائفة منهم، وصحيح كذلك ان هذه الطائفة هي التي تحولت لهيباً من الحقد الذي التهم فرعون وجنوده، وكان ان وعد اللـه ووفى بوعده الصادق « وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الاَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ» (القصص/5-6)

ولكن ذلك لم يكن كل القضية، بل هناك الخط الايجابي البنّاء الذي لولاه لما كان فرعون يندحر امام بني اسرائيل، ذلك هو انبعاث موسى من عند اللـه والذي جاء بالفكرة الحضارية، والقيادة الرشيدة، والنصر الغيبي.

ثم طالب موسى فرعون بانهاء الاستغلال العنصري الذي كان يمارسه ضد بني اسرائيل، وهنا يكون طبيعياً تعاون الطبقة المظلومة مع منقذها الذي يتحرر عن كل مصلحة ذاتية، بنفس المدى الذي يكون طبيعياً مطالبة الرسالة، تحرير الطبقات المستغَلة، بيد انه ليس من الاستغلال تنشأ الرسالة، بل من اللـه ثم بامر من اللـه تتجه الرسالة في البدء ناحية التحرير من نير الاستغلال.

وبهذا تفترق نظرة الاسلام الى التاريخ من نظرة الفلسفات البشرية، فالاسلام ابرز دور الانسان الايجابي في تحرير نظرائه من الاستغلال، بينما الفلسفات الاخرى حاولت ربط حركات التحرير بآلية الحياة، مما اخفت دور الانسان كعنصر موجب (فاعل)، واظهرت دوره كعنصر قابل (منفعل) فقط.

إن فرعون ذكّر موسى بمصالحه الشخصية، وقال له: ألم نُرَ بِّك فينا وليداً؟ ولكن موسى u : هزأ من فرعون وقال: تلك نعمة تَمُنُّها عليّ أن عبّدت بني اسرائيل، موسعاً بذلك حدود القضية، حتى تشمل بني اسرائيل جميعاً، الذين طالب تحريرهم بصورة كاملة.

في البند الرابع نجد فرعون يعتمد على القوة المادية، التي يمتلكها ويثير قومه بلغة الطبقة المستغِلة، ويحذرهم من مغبة التعاون مع من يريد ان يخرجهم من ارضهم.

بيد ان الوضع يختلف في البند الخامس، حيث نجد طائفة من السحرة يلقون للـه ساجدين، ليس بدافع اقتصادي، إذ انهم قد وُعدوا الاجر لو كانوا الغالبين، وسجودهم للـه دون فرعون يضرب مصلحتهم هذه، كما لم يكن ذلك بدافع طبقي، إذ المفروض انهم من الطبقة المستغِلة وانهم كانوا سيصبحون من المقربين، بل بدافع الوعي الرسالي الذي يطلق عقولهم فيؤمنون باللـه، ويضحون في سبيله. وبتضحيتهم تبدأ نهاية فرعون.

من هنا نعرف ان الحركات الاجتماعية في التاريخ لا تتبع خطاً واحداً.. بل خطين متوازيين ، وقد يلتقيان ساعة يهدفان حقيقة واحدة ، ولكن سرعان ما يفترقان بطبيعة الفرق بين الغايات البعيدة التي تنشدانها.

فواحد من الخطين يبدأ من الجانب السلبي في الانسان، حيث المصالح المتقاربة، وحيث دورية الاستغلال، بينما ينشأ الخط الثاني من الرسالة السماوية التي تحيي عقل الإنسان وترتفع به عن مستوى المصالح الى مستوى الحق والخير الشامل .

ملخص نظرة القرآن الى التاريخ في كلمتين:

1- الإنسان الذي نجده عندما نكتشفه في التاريخ، فهو لذلك عبرة ومدرسة.

2- وبما ان للإنسان جانبي الايجاب والسلب، فان حركة التاريخ تدور في حلقتين، حلقة المصالح وحلقة الرسالة.

السمات البارزة للفلسفة

تعرفنا فيما مضى على عناصر الفلسفة القرآنية من الواجهة الداخلية، وبقي علينا رسم وتوضيح صورة خارجية لها.

ان سمات هذه الصورة كثيرة، إلا ان ابرز ما فيها ثلاث: الواقعية، والشمولية، والعقلانية:

1- الواقعية:

فالفلسفة القرآنية الواقعية تؤمن بكل ما هنالك من حقائق:

أ- تؤمن باللـه الحق، وتؤمن باسمائه، وتؤمن بالكائنات على انها حقائق مشهودة.

ب- وتؤمن بفوارق الحقائق عن بعضها، فلذلك تؤمن بالانسان كانسان وبالحي كحي والنبات كنبات والجماد كجماد، بل تؤمن بان كل فرد هو فرد له ماهية خاصة به.

ج- وفي الانسـان -كما يؤمن القرآن- جوانب سلبية واخرى ايجابية،

وينبغي ان تكون خطط الحياة منطلقة من التصديق بالجوانب السلبية، حتى يمكن علاجها بلا تورط في سلسلة من المثل الطوبائية.

ومن الفلسفات ما تنكر اللـه؛ فهي لا تؤمن بالواقع ككل فلا تتسم الا ببعض الواقعية، تماماً كالفلسفات التي تنكر الكائنات، او تزعم انها هي اللـه سبحانه، فهي ايضاً تكفر بالواقع كله.

ومن الفلسفات ما تؤمن فقط بجوهر الاشياء، وتزعم ان مظاهرها باطلة فلذلك لا تؤمن بواقعية كل شيء بقدر ما تؤمن بانها ظلال للحقيقة الكبرى.

2- الشمولية:

الإنسان ينظر من زاوية معينة، بينما تتسم نظرة القرآن بالشمول، فهو حين يأمر بشيء لا يفرط في تقديره لهذا الشيء او تجاهله الاشياء الاخرى التي ينبغي ايضاً العمل بها.

وفي حقل الفلسفة؛ يهدي القرآن الى كل الحقائق، دون ان يفرط في دور إحداها على حساب الاخرى، فالدنيا حق والآخرة حق والنار حق والجنة حق والشهوات حق والعقل حق والفرد حق والجماعة حق. وفي حقل المنطق (ميزان التفكير - ومنهج المعرفة) وحول العوامل التي رأت كل فلسفة ان كل واحد منها مثلاً تمنع المعرفة ، قال القرآن ان جميعها مؤثرة في حجب الحقيقة عن الإنسان.

فبينما قال اتباع المدرسة السلوكية بتأثير الفعل المنعكس، واتباع المدرسة التكوينية بتأثير مكونات الشعور، والمدرسة الوظيفية بتأثير قانون التكيف مع البيئة، والمدرسة الترابطية بتأثير قانون التداعي، والمدرسة الفرضية بتأثير الغرائز المختلفة في نفسية الانسان، وبالتالي في منهجية تفكيره.

اقول: بينما اكتفت كل مدرسة من هذه المدارس بناحية خاصة وقالت انها مانعة الفرد عن الحقيقة. فان المدرسة القرآنية آمنت بالحقيقة كلها، وذهبت الى ان لكل واحد من العوامل السابقة بعض التأثير في النفس ويشاطرها العقل في البعض الآخر.

3- العقلانية:

الكائنات خلقت - لدى المدرسة القرآنية- لهدف معين ، وان وراءهـا تدبير معلوم، والإنسان بين المخلوقات اكثرها التصاقاً باهدافه الكبرى.

ولذلك؛ فالعقلانية طابع بارز في الفلسفة القرآنية، فلا ندخل الجو القرآني حتى نلاحظ كل شيء منظماً موزوناً ، قد خلق ليؤدي دوراً مقصوداً، ولا نخرج من هذا الجو المليء بالنظام والتعقل حتى نجد انفسنا في متاهة الفلسفات المادية تتراكم فيها الاحجار بفوضى ، وينبت الزرع ليضر، وتهب الرياح لتؤذي الناس.

والعقلانية منطلق الفكر الإسلامي في تقييم الإنسان وتنظيمه ودفعه باتجاه رسالته في الحياة.

وكما سبق، فإن هدفية الحياة تسبب الإيمان باليوم الآخر وبالرسالات، ولا يمكن الإيمان بالهدفية هذه دون عقلانية الكائنات.

من هنا؛ لا يمكننا فصل أي شيء في القرآن عـن غايتـه، ولا يمكننا

تصور أي عمل دون تصور عاقبته التي تعكسه، ان خيراً فخير وان شراً فشر.

بهذا نكتفي في عرضنا الخاطف لفلسفة القرآن الحكيم، نرجو ان نكون قد وفقنا لذلك، ونأمل من اللـه ان يجعلها هادية لنا وللقارئ الكريم.

([1]) سنتحدث -بإذن اللـه- عن المحكم والمتشابه في بعض الصفحات القادمة.

([2]) تفسير الصافي، الجزء الاول ، ص21.

([3]) المصدر..

([4]) تفسير الصافي،ج1، ص17.

([5]) تفسير الصافي، ج2، ص18.

([6]) تفسير الصافي، ج1، ص39.

([7]) نفس المصدر.

([8]) تفسير الصافي،ج1،ص47.

([9]) الصافي ،ج1، ص47.

([10]) الهذّ: سرعة القراءة، والنثر: التباطؤ فيها بحيث لا ترتبط كلماتها. الصافي، ج1، ص45.

([11]) المصدر، ج1، ص47.

(1) المصدر، 9.

(2) ماحل: أي مهلك لمن تولى عنه. [وسائل الشيعة، ج4، كتاب الصلاة، أبواب قراءة القرآن، ص 828، الباب3، الحديث3.]

([14]) الصافي، ج1، ص44.

([15]) المصدر، ص10.

([16]) في تفسير لكلمة العرش قال الامام علي بن الحسين عليه السلام: هو نور الانوار ومنه ضوء النهار. واضاف: ولو أحسّ مما فوقه ما قام لذلك طرفة عين بينه وبين الاحساس حجب الجبروت والكبرياء والعظمة والقدس والرحمة ثم العلم، وليس وراء هذا مقال. [بحار الأنوار/ ج55/ ص25]

([17]) في الدعاء المأثور عن النبي والمقتبس من وحي القرآن الحكيم: اللـهم اني أسألك باسمك الذي إذا ذكرت به تزعزعت منه السموات وانشقت منه الارض وتقطعت منه السحاب، وتصدعت منه الجبال وبالاسم الذي وضع على الجنة فأزلفت وعلى الجحيم فسعرت، وعلى النار فتوقدت وعلى السماء فاستقلت وقامت بلا عمد، وبالاسم الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وإسمك المكتوب على اجنحة الكروبيين.

([18]) جاء في تفسير الآية عن الامام امير المؤمنين u : العرش ليس هو اللـه، والعــــرش اسم علم وقدرة وعرش فيه كل شيء واللـه على العــرش استــوى - كما قال- والعرش ومن يحمله ومن حوله العرش. واللـه الحامل لهم الحافظ لهم الممسك الدائم على كل شيء وفوق كل شيء وعلى كل شيء.

(1) لكي نكون امناء جداً على نظرات القرآن الحكيم لابد ان نذكر بان العقل نور، ومن حيث ذاته عدم التأثر بالخارج ولا يزداد ولا ينقص مقدار نوريته، بل كل ذلك من حيث اضافته الى النفس، فكل ذلك المذكور اعلاه عبارة عن مدى زيادة العقل في النفس.

([20]) يراجع حديثنا حول نوعية اثارة العقل بما يكشفه، وهنا ابتدأ بذكر البديهات التي يكشف عنها العقل ثم ذكر انها لم تكن واضحة بدون العقل.

([21]) سبق الحديث حول ذلك حينما ذكرنا ان الرغبة في الحق شرط مسبق للتوجيه الى العقل لان العقل دليل الحق، فإذا عاف الفرد الحق فلماذا يرجع الى العقل؟

([22]) القومية والغزو الفكري، ص125.

([23]) تعبير مقتبس من فلسفة القرآن على لسان الامام الصادق u.

/ 6