المبحث
الثاني
في طواف
العمرة
وفيه فصلان:
الفصل
الأول
في سنن دخول
الحرم والمسجد والطواف
(مسألة 237): يستحب
للمعتمر الغسل لدخول الحرم،
ولدخول مكة المعظمة، ولدخول
المسجد الحرام ويجزي عنها غسل
واحد وإن كان الأولى تجديد الغسل
لدخول مكة في فخ أو بئر ميمون أو
بئر عبد الصمد. وتجديده ثانياً
لدخول المسجد الحرام.
(مسألة 238): يجزي الغسل
نهاراً للدخول للمواضع المذكورة
نهاراً والغسل ليلاً للدخول
ليلاً، فإن اغتسل نهاراً فلم
يدخل حتى خرج النهار أعاد الغسل،
وكذا إذا اغتسل ليلاً فلم يدخل
حتى خرج الليل.
(مسألة 239): إذا اغتسل
ثم أحدث بالأصغر قبل الدخول لم
يجتزئ بغسله.
(مسألة 240): يجزي الغسل
لدخول الحرم ولدخول مكة المعظمة
عن الوضوء. وإن كان الأحوط
استحباباً ضم الوضوء إليه، وهو
اللازم في الغسل لدخول المسجد
الحرام.
(مسألة 241): يستحب عند
دخول الحرم ودخول مكة المعظمة
ودخول المسجد الحرام مضغ الإذخر.
وهو نبات طيب الرائحة.
(مسألة 242): يستحب لمن
يريد الدخول للحرم أن يخلع نعليه
عند دخوله ويأخذهما بيده
تواضعاً وخشوعاً منه تعالى.
وأن يدعو بهذا
الدعاء: (اللهم
إنك قلت في كتابك وقولك الحق: (وأذّن
في الناس بالحج يأتوك رجالاً
وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق).
اللهم
إني أرجو أن أكون ممن أجاب دعوتك
وقد جئت من شقة بعيدة وفج عميق
سامعاً لندائك ومستجيباً لك
مطيعاً لأمرك وكل ذلك بفضلك علي
وإحسانك إلي فلك الحمد على ما
وفقتني أبتغي بذلك الزلفة عندك،
والقربة إليك، والمنزلة لديك،
والمغفرة لذنوبي، والتوبة علي
منها بمنِّك.
اللهم صل
على محمد وآل محمد وحرم بدني على
النار وآمني من عذابك وعقابك
برحمتك يا أرحم الراحمين).
(مسألة 243): يستحب أن
يمشي حافياً ويدخل مكة متأنياً
مطمئناً على الطريق الأعلى،
لابساً ثياباً خلقة تواضعاً لله تعالى.
(مسألة 244): يستحب دخول
المسجد من باب بني شيبه، وهو
الآن في نفس المسجد، قيل: وهو في
مقابل باب السلام على الظاهر.
(مسألة 245): يستحب عند
دخول المسجد الوقوف على بابه
والدعاء بالمأثور. ومنه ما روي
في الصحيح عن الإمام الصادق (عليه
السلام) وهو: «السلام
عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته بسم الله وبالله ومن
الله وما
شاء الله
والسلام على أنبياء الله
ورسله والسلام على رسول الله (صلى
الله
عليه وآله) والسلام على إبراهيم
خليل الله
والحمد لله رب
العالمين».
ومنه ما روي عنه (عليه
السلام) أيضاً، وهو: «بسم الله وبالله ومن
الله
وإلى الله وما
شاء الله
وعلى ملة رسول الله (صلى
الله
عليه وآله) وخير الأسماء لله
والحمد لله
والسلام على رسول الله
السلام على محمد بن عبد الله
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته السلام على أنبياء
ورسله السلام على إبراهيم خليل
الرحمن السلام على المرسلين
والحمد لله رب
العالمين السلام علينا وعلى
عباد الله
الصالحين اللهم صل
على محمد وآل محمد وبارك على
محمد وآل محمد وارحم محمداً وآل
محمد كما صليت وباركت وترحمت على
إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد
مجيد اللهم صل
على محمد وآل محمد عبدك ورسولك
وعلى إبراهيم خليلك وعلى
أنبيائك ورسلك وسلم عليهم وسلام
على المرسلين والحمد لله رب
العالمين اللهم
افتح لي أبواب رحمتك واستعملني
في طاعتك ومرضاتك واحفظني بحفظ
الإيمان أبداً ما أبقيتني جل
ثناء وجهك الحمد لله
الذي جعلني من وفده وزواره
وجعلني ممن يعمر مساجده وجعلني
ممن يناجيه اللهم
إني عبدك وزائرك في بيتك وعلى كل
مأتي حق لمن أتاه وزاره وأنت خير
مأتي واكرم مزور فأسألك يا الله يا
رحمن بأنك أنت الله لا
اله إلا أنت وحدك لا شريك لك
وبأنك واحد أحد صمد لم تلد ولم
تولد ولم يكن لك كفواً أحمد وأن
محمداً عبدك ورسولك صلى الله
عليه وعلى أهل بيته يا جواد يا
كريم يا ماجد يا جبار يا كريم
أسألك أن تجعل تحفتك إياي
بزيارتي إياك أول شيء تعطيني
فكاك رقبتي من النار.
وتقول ثلاث مرات: اللهم فك
رقبتي من النار.
ثم تقول: وأوسع علي
من رزقك الحلال الطيب وادرأ عني
شر شياطين الإنس والجن وشر فسقة
العرب والعجم».
(مسألة 246): يستحب عند
دخول المسجد أن يرفع يديه
ويستقبل البيت ويقول: (بسم الله وبالله وعلى ملة
رسول الله (صلى الله
عليه وآله) ثم يرفع يديه
ويتوجه إلى الكعبة ويقول كما في
الصحيح عن الإمام الصادق (عليه
السلام): «اللهم
إني أسألك في مقامي هذا في أول
مناسكي أن تقبل توبتي، وأن تجاوز
عن خطيئتي، وتضع عني وزري،
والحمد لله
الذي بلّغني بيته الحرام.
اللهم
إني أشهد أن هذا بيتك الحرام
الذي جعلته مثابةً للناس وأمناً
ومباركاً وهدى للعالمين.
اللهم
العبد عبدك، والبلد بلدك،
والبيت بيتك، جئت أطلب رحمتك،
وأؤم طاعتك، مطيعاً لأمرك،
راضياً بقدرك، أسألك مسألة
المضطر إليك الخائف لعقوبتك.
اللهم
افتح لي أبواب رحمتك واستعملني
بطاعتك ومرضاتك».
ثم يستقبل الكعبة
الشريفة مخاطباً لها ويقول: (الحمد
لله
الذي عظّمك وشرّفك وكرّمك وجعلك
مثابة للناس وأمناً مباركاً
وهدى للعالمين).
وإذا وقع نظره على
الحجر الأسود فليتوجه إليه
وليقل: (الحمد لله
الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي
لولا أن هدانا الله
سبحان الله
والحمد لله ولا
إله إلا الله والله
أكبر، الله
أكبر من خلقه والله
أكبر مما أخشى وأحذر لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، له الملك وله
الحمد يحي ويميت ويميت ويحي وهو
حي لا يموت بيده الخير وهو على كل
شيء قدير.
اللهم صل
على محمد وآل محمد وبارك على
محمد وآله كأفضل ما صليت وباركت
وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم
انك حميد مجيد وسلام على جميع
النبيين والمرسلين والحمد لله رب
العالمين.
اللهم
إني أؤمن بوعدك وأصدق رسلك واتبع
كتابك).
ثم يمشي متأنياً
مطمئناً مقصراً خطوته خوفاً من
عذاب الله تعالى، فإذا قرب
من الحجر الأسود فليرفع يديه
وليحمد الله تعالى وليثن عليه
وليصل على محمد وآله وليقل: (اللهم
تقبّل مني) ثم يمسح يده
وجسده بالحجر الأسود وليقبّله،
وإذا تعذر عليه تقبيله فليمسحه
بيده، فإن تعذر أيضاً فليشر
إليه، وليقل: (اللهم
أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته
لتشهد لي بالموافاة.
اللهم
تصديقاً بكتابك وعلى سنّة نبيك
صلواتك عليه وآله أشهد أن لا إله
إلا الله
وحده لا شريك له وأن محمداً عبده
ورسوله آمنت بالله
وكفرت بالجبت والطاغوت واللات
والعزى وعبادة الشيطان وعبادة
كل ند يدعى من دون الله).
وإذا تعذر عليه
تمام الدعاء فليقرأ ما تيسر منه
وليقل: (اللهم
إليك بسطت يدي وفيما عندك عظمت
رغبتي فاقبل حجتي واغفر لي
وارحمني.
اللهم
إني أعوذ بك من الكفر والفقر
ومواقف الخزي في الدنيا والآخرة).
الفصل
الثاني
في حقيقة
الطواف وشروطه وأحكامه
وهو عبارة عن
الدوران حول الكعبة الشريفة وهو
من العبادات. والكلام فيه في
مقامات..
المقام
الأول
في ما
يتقوم به الطواف
وهو اُمور..
الأول: النية. بأن
يقصد بدورانه الطواف المشروع
قربة لله تعالى، وحينئذٍ
لابد من عدم وقوعه بوجه مبعد عن الله يتعذر معه
التقرب، كما لو استلزم التصرف في
اللباس المغصوب أو الاعتداء على
من يحرم الاعتداء عليه أو نحو
ذلك مما يمنع من التقرب بالطواف
مع الالتفات.
نعم، لا يبطل
الطواف مع الغفلة عن جهة
المبعدية، لإمكان التقرب حينئذٍ
نظير ما ذكرناه في الصلاة.
(مسألة 247): لابد في
النية من تعيين الطواف المنوي من
كونه طواف عمرة أو حج أو طوافاً
مستحباً أو منذوراً.
ويكفي تعيينه
إجمالاً، كما إذا نوى أن يطوف
الطواف الذي أمره به المرشد.
(مسألة 248): يكفي في
النية القصد، والأولى التلفظ
بما ينويه فيقول في طواف عمرة
التمتع لحج الإسلام مثلاً: (أطوف
بالبيت سبعة أشواط لعمرة التمتع
لحجة الإسلام لوجوبه قربة إلى الله
تعالى).
الثاني: الابتداء
بالحجر الأسود باتجاه باب
الكعبة ثم حجر إسماعيل (عليه
السلام) ثم الملتزم في
ظهر الكعبة حتى يختم بالحجر
الأسود ويلزم الاحتياط بإدخال
أول الحجر الأسود في أول الشوط
الأول، وآخره في آخر الشوط
السابع، مع نية ما هو المشروع في
علم الله من الطواف من أول
الحجر إلى أوله أو من آخره إلى
آخره.
كما يلزم من باب
المقدمة العلمية ـ أي يحصل له
اليقين بتحقق الطواف الكامل منه
ـ البدء بما قبل الحجر قليلاً
والختم بما بعده قليلاً ليعلم
بدخوله بتمامه في الطواف.
(مسألة 249): من بدأ في
طوافه بغير الحجر لم يعتد بذلك
الشوط، فلو أكمل سبعة أشواط كان
بحكم من نقص من طوافه شوطاً
واحداً، ويأتي الكلام فيه، وان
كان الأحوط استحباباً استئناف
طواف تام، بل لا ينبغي ترك ذلك
لمن يتيسر له.
الثالث: جعل
الكعبة على جهة اليسار على
الأحوط وجوباً، فلا يكتفي
بالاستدارة حولها وهو مستقبل أو
مستدبر لها، ولا يجعلها على
يمينه مع المشي إلى الخلف.
ولو وقع بعضه على
بعض هذه الوجوه رجع وتداركه بنحو
تكون الكعبة على يساره.
نعم، لا تجب
المداقّة في ذلك، فلا يضر
الانحراف اليسير خصوصاً عند
المرور بأركان الكعبة كما لا بأس
بالانحراف المعتد به عند استلام
الحجر الأسود باليمين حين
المرور عليه وإن صادف السير
خطوات قليلة حال الانحراف
المذكور. وكذا عند استلام
الملتزم في ظهر الكعبة الشريفة.
(مسألة 250): إذا انتهى
في الطواف لحجر إسماعيل (عليه
السلام) لزم جعل الحجر
على اليسار بالنحو المتقدم ولا
يجب مع ذلك جعل الكعبة على
اليسار، ولا داعي للتحفظ على ذلك
والتقيد به.
الرابع: إدخال حجر
إسماعيل (عليه السلام) في الطواف
بأن يطوف حوله وحول الكعبة معاً،
ولا يصح الطواف بالكعبة وحدها
بأن يدخل ويخرج من فتحتي الحجر
ويجعل باقي الحجر عن يمينه
والكعبة عن يساره. وإن فعل ذلك في
شوط لم يعتد به وأعاده، ولا حاجة
إلى إعادة الطواف من رأس.
الخامس: أن لا يمشي
في طوافه على شاذروان الكعبة ولا
على حائط حجر إسماعيل (عليه
السلام) على الأحوط
وجوباً. والشاذروان هو أساس
الكعبة الخارج عن سمت حائطها. بل
الأحوط وجوباً أيضاً أن لا يمد
يده ونحوها فوق الشاذروان وحائط
الحجر، بل يخرج بجميع جسده عنهما.
نعم، يجوز مس ظاهر
الشاذروان وحائط الحجر بيده
وسائر أجزاء بدنه، بل يجوز
الطواف حولهما مماساً لهما وإن
صار بعض أجزاء البدن فوقهما.
السادس: أن لا
يتجاوز في المطاف عن مقدار ما
بين البيت ومقام إبراهيم (عليه
السلام) ـ وهو ثلاثة عشر
متراً تقريباً ـ من جميع الجهات.
(مسألة 251): حجر
إسماعيل (عليه السلام) وإن لم يكن
من البيت الشريف إلا أنه لا
يستثنى من مقدار المطاف
المتقدم، بل يبقى المطاف من
جانبه بقدر المطاف من سائر
الجوانب.
السابع: العدد،
وهو سبعة أشواط.
(مسألة 252): لو نوى عند
الشروع في الطواف أن يطوف أكثر
من سبع أو أقل من سبع، فإن رجع
ذلك إلى قصد امتثال أمر آخر غير
الأمر الشرعي المعهود بطل طوافه
رأساً، وعليه استئنافه، ولا
ينفع في تصحيحه الإتيان بالسبع
والاقتصار عليها.
وإن رجع إلى
التشريع أو الخطأ في تشخيص
المأمور به شرعاً مع قصد الأمر
المعهود لم يبطل طوافه رأساً، بل
يصح إن أتى بالسبع واقتصر عليها،
وإن زاد أو نقص جرى ما يأتي في
حكم الزيادة والنقيصة.
لكن الصورة
الاُولى تحتاج إلى تكلف يبعد
وقوعه جداً، والصورة الثانية هي
الأنسب بالوضع الطبيعي، فيتعين
الحمل عليها.
(مسألة 253): من نقص في
طوافه عمداً أو سهواً أجزأه
تدارك ما نقص إلا مع الخروج عن
المطاف فإن الأحوط وجوباً له
الاستئناف إذا كان الخروج قبل
تجاوز النصف أما إذا كان بعد
تجاوز النصف فإنه يتم ما نقص.
(مسألة 254): من نقص من
طوافه شوطاً غير عامد وجب عليه
إكماله بشوط واحد بنفسه، فإن
فاته ذلك حتى أتى أهله وجب عليه
أن يستنيب فيه، لكنه لا يمنعه من
التحلل من الإحرام.
(مسألة 255): من زاد في
طوافه عمداً بطل طوافه، ومن زاد
سهواً فإن لم يكمل شوطاً كان له
قطعه، ويجتزئ بالأشواط السبعة،
وإن أكمل شوطاً أتم أربعة عشر
شوطاً، وكان له طوافان، فإن كان
شرع في طواف الفريضة جعل الثاني
هو الفريضة، والأول نافلة، وصلى
للفريضة ركعتين ثم ذهب للسعي،
فإذا أتمه رجع وصلى ركعتين لطواف
النافلة، وإن لم يلتفت حتى فرغ
من طوافه وخرج عن المطاف فالأحوط
وجوباً أن يعيد الطواف.
(مسألة 256): إذا شك في
صحة الطواف بعد الفراغ منه لم
يلتفت وبنى على الصحة، وكذا إذا
شك في صحة جزء منه بعد مضيه
والدخول فيما بعده من الأجزاء،
كما لو شك في الخروج من حد المطاف
المتقدم في الشوط السابق على
الشوط الذي هو فيه.
(مسألة 257): إذا شك في
عدد الأشواط بعد الفراغ من
الطواف ومضيه لم يلتفت وبنى على
تماميته.
(مسألة 258): إذا شك في
عدد الأشواط في آخر الطواف فإن
تيقن تمامية السابع وشك في
الزيادة لم يلتفت وبنى على
السبعة واجتزأ بطوافه. أما في
غير ذلك فإنه يستأنف حتى لو شك
بين إكمال ستة وإكمال سبعة على
الأحوط وجوباً.
نعم، لو جهل
حينئذٍ فجاء بالسابع واجتزأ
بطوافه وخرج عن المطاف أجزأه
ذلك، وإن كان الأفضل له الإعادة،
بل هو الأحوط استحباباً. هذا كله
في طواف الفريضة.
وأما في طواف
النافلة فإنه يبني على الأقل
ويتم طوافه في جميع الصور.
(مسألة 259): يجوز
للطائف أن يتكل في إحصاء عدد
الأشواط على صاحبه، فيجزيه
إحصاؤه ولا يضره الشك معه.
المقام
الثاني
في شروط
الطواف
وهي اُمور..
الأول: الطهارة من
الحدث الأكبر والأصغر إن كان
واجباً، وهو ما كان جزءاً من حج
أو عمرة والأحوط وجوباً اشتراط
الطهارة من الحدث الأكبر في
المستحب.
نعم، لا تشترط فيه
الطهارة من الحدث الأصغر ـ وإن
كان الأفضل إيقاعه بها ـ وإنما
تشترط في صلاته لا غير.
(مسألة 260): المسلوس
والمبطون اللذان لا فترة لهما
تسع الطهارة والطواف يستنيبان
في الطواف والأحوط وجوباً مع ذلك
أن يطوفا بأنفسهما مع قدرتهما
بطهارة اضطرارية، فمع إمكان
الطواف المتقطع بالطهارة يأتيان
به، ومع تعذره يفردان الطواف
بوضوء والصلاة بوضوء.
(مسألة 261): المستحاضة
الكثيرة لابد لها من الغسل
للطواف وصلاته، ويجزيها عن
الوضوء لهما، وليس لها الاجتزاء
بالغسل للصلاة اليومية.
والمستحاضة
المتوسطة تجتزئ بغسل اليوم
للطواف وصلاته، كما تجتزئ به
للصلاة اليومية بل لو أوقعت
الطواف عقيب الغسل بلا فصل
بالصلاة أو غيرها اجتزأت به عن
الوضوء للطواف ولصلاته.
والمستحاضة القليلة يجزيها
الوضوء للطواف وصلاته وإن كان
الأحوط استحباباً تجديد الوضوء
لصلاته فيها وفي المتوسطة.
(مسألة 262): إذا تعذرت
الطهارة المائية للطواف أجزأه
التيمم.
(مسألة 263): إذا شك في
الطهارة قبل الطواف تطهر له. وإن
شك فيها بعد الفراغ منه لم يلتفت
وبنى على صحة الطواف. وتطهر لما
يأتي به بعد ذلك من أعماله
المشروطة بالطهارة أما لو شك في
الطهارة في أثناء الطواف،
فاللازم تجديد الطهارة له
والأحوط وجوباً الإتيان بطواف
تام مردد في نيته بين إتمام
الطواف الأول واستئناف طواف آخر.
الثاني: طهارة
البدن واللباس من كل نجاسة حتى
الدم دون الدرهم ودم الجروح
والقروح. نعم، لا يضر نجاسة
المحمول وما لا تتم به الصلاة.
(مسألة 264): لو جهل
النجاسة أو نسيها فطاف صح طوافه
ولو كان قد صلى صلاة الطواف
أعادها فقط مع النسيان دون الجهل.
ولو علم بالنجاسة أو ذكرها في
أثناء الطواف، فإن استطاع
التخلص منها في مكانه ـ ولو بنزع
الثوب ـ فعل، وإلا كان له الخروج
لتطهير الثوب أو تبديله ثم يرجع
فيتم طوافه، ولا حاجة لاستئنافه.
وإن كان الأحوط استحباباً فيما
إذا كان التفت للنجاسة قبل إكمال
الشوط الرابع أن يأتي بطواف تام
مردداً في نيته بين إكمال الطواف
الأول واستئناف طواف آخر. ويجري
الحكم المذكور فيما لو أصيب
بالنجاسة في أثناء الطواف.
(مسألة 265): الأحوط
استحباباً أن يراعى في اللباس
حال الطواف جميع ما يعتبر في
لباس المصلي كعدم كونه من أجزاء
مالا يؤكل لحمه وعدم كونه حريراً
وغير ذلك.
الثالث: الختان
للرجل والصبي، دون المرأة
والصبية. من دون فرق بين طواف
الحج والعمرة والطواف الابتدائي
المستحب. ولا يظهر أثر ذلك إلا في
المستحب وأما في الحج وعمرة
التمتع فمع عدم الختان يبطل
الإحرام من رأس. وكذا في العمرة
المفردة على الأحوط وجوباً كما
تقدم في آخر فصل أنواع الحج
إجمالاً.
الرابع: ستر
العورة. فيحرم كشفها مع وجود
الناظر المحترم. ويبطل الطواف مع
العلم والعمد ولو مع عدم وجود
الناظر على الأحوط وجوباً. ولا
يبطل مع الجهل والنسيان.
المقام
الثالث
في أحكام
الطواف
(مسألة 266): يجب الطواف
في عمرة التمتع مرة واحدة، وهو
أول ما يجب فيها بعد الإحرام
ودخول مكة المعظمة قبل السعي.
ولا يجب فيها طواف آخر للنساء.
أما في العمرة المفردة فيجب طواف
آخر للنساء بعد السعي والحلق أو
التقصير.
(مسألة 267): يجب في الحج
بجميع أقسامه طوافان..
الأول: طواف
الزيارة بعد أعمال منى.
الثاني: طواف
النساء بعد السعي. وهو آخر ما يجب
على من يحج.
(مسألة 268): الطواف ركن
في عمرة التمتع، وكذا الطواف
الأول في العمرة المفردة والحج
بأقسامه. فتبطل عمرة التمتع
بتركه عمداً أو جهلاً حتى يتضيق
وقت الوقوف بعرفة للحج، ويبطل
الحج بأقسامه بتركه عمداً أو
جهلاً حتى يخرج ذو الحجة. وتبطل
العمرة المفردة بتركه في تمام
العمر. وعلى المكلف قضاء النسك
الذي بطل.
(مسألة 269): لا يبطل
الحج ولا العمرة بترك الطواف
نسياناً، بل يجب على المكلف
تداركه بنفسه، إلا أن يتعذر أو
يشق عليه، فله أن يستنيب فيه.
(مسألة 270): إذا بطلت
عمرة التمتع بترك الطواف
فالأحوط وجوباً عدم التحلل إلا
بالإتيان بأعمال حج الإفراد،
لاحتمال انقلاب حجه إفراداً
كالمضطر. وإذا بطل الحج بترك
الطواف فالأحوط وجوباً عدم
التحلل إلا بعمرة مفردة. نعم،
إذا كان تركه للطواف للجهل
بوجوبه حتى أحل من حجه ورجع إلى
أهله، فلا يحتاج إلى عمرة.
(مسألة 271): إذا بطل
الحج بترك الطواف وجب قضاؤه في
العام القابل. وكذا إذا بطلت
عمرة التمتع فإنه لا يقع حج
التمتع حينئذٍ بل يجب قضاؤه.
(مسألة 272): من ترك
الطواف جهلاً حتى مضى محله وجب
عليه أن يفدي ببدنة، وهو الأحوط
وجوباً في الترك العمدي. أما من
تركه نسياناً فلا يجب عليه
الفداء إلا أن يواقع فيفدي ولو
بشاة، والأحوط استحباباً بدنة.
(مسألة 273): لا يبطل
الحج ولا العمرة بترك طواف
النساء، كما يأتي في محله إن شاء الله تعالى.
(مسألة 274): لا يتعين
على المكلف أن يطوف مستقلاً، بل
يجوز له أن يطوف مستعيناً بشيء،
كما إذا اعتمد على عصا أو اتكأ
على شخص آخر. بل يجوز له أن يطوف
راكباً على حيوان أو في عربة إذا
كان مسيطراً على حركة مركوبة،
بحيث تستند إليه حركته ويتحكم
فيها، أما إذا استندت حركته
لغيره فلا يجوز اختياراً، كما
إذا حمله إنسان فطاف به أو ركب
عربة يدفعها إنسان آخر يتحكم في
حركتها.
(مسألة 275): إذا عجز
المكلف عن الطواف بنفسه ـ ماشياً
أو راكباً ـ جاز أن يطوف به غيره
فيحمله ويطوف به، أو يركب عربة
يدفعها غيره ويتحكم فيها. ويستحب
أن يخط برجليه الأرض حينئذٍ.
والأحوط وجوباً أن ينويا معاً،
فينوي هو الطواف المطلوب منه،
وينوي الطائف به انه يطوف به
الطواف المذكور.
ومع تعذر النية
منه ـ كالصبي الذي لا يعقل
والمغمى عليه إذا أمكن الطواف
بهما ـ ينفرد بالنية من يطوف به
ويتولى ذلك وليه، أو يأمر من
يقوم بذلك. وقد تقدم في فصل
واجبات الإحرام بيان الولي.
(مسألة 276): إذا تعذر
الطواف به أيضاً أجزأه أن يستنيب
غيره في الطواف عنه، فتبرأ ذمته
بطواف النائب لا بنفس النيابة،
كما هو الحال في جميع موارد
النيابة، ويشترك النائب والمنوب
عنه في النية، فهو ينوي
الاستنابة في الطواف، والنائب
ينوي تفريغ ذمته بطوافه عنه.
(مسألة 277): إذا تعذرت
الاستنابة منه ـ كالصبي الذي لا
يعقل، والمغمى عليه ـ ناب عنه
وليه، وحينئذٍ يقوم وليه مقامه
في النية.
(مسألة 278): من أحدث في
أثناء الطواف الواجب، فإن كان
قبل تجاوز النصف بطل طوافه وعليه
استئنافه، وإن كان بعد تجاوز
النصف اعتد بما أتى به ووجب عليه
إتمامه بعد الطهارة.
نعم، إذا كان
الحدث بجنابة اختيارية ففي طواف
النساء يجري التفصيل المذكور
أما في الطواف الذي هو جزء من حج
أو عمرة فالأحوط وجوباً مع تجاوز
النصف الاستئناف بإتيان سبعة
أشواط مردداً في نيتها بين أن
تكون متممة للطواف الأول وأن
تكون طوافاً مستقلاً.
(مسألة 279): إذا حاضت
المرأة في أثناء الطواف المستحب
قطعته وكان لها بعد طهرها إتمامه
من حيث قطعته مطلقاً.
(مسألة 280): إذا حاضت
المرأة في الطواف الواجب قبل
تجاوز النصف بطل طوافها، فإن
كانت في عمرة التمتع كانت بحكم
من حاضت قبل الطواف وقد تقدم
التعرض له في فصل أنواع الحج.
وإن حاضت بعد
تجاوز النصف اعتدت بما طافت،
ووجب عليها إتمامه بعد الطهر.
وإن كانت في عمرة التمتع فإن
طهرت في سعة الوقت للحج وجب
عليها تتميم الطواف وإكمال
أعمال العمرة قبل الإحرام للحج.
وإن ضاق وقت الحج أتمت بقية
أعمال العمرة، ثم أحرمت للحج ثم
قضت ما بقي عليها من الطواف بعد
الطهر إذا رجعت إلى مكة بعد
أعمال منى يوم النحر.
وهكذا الحال إذا
حاضت بعد إكمال الطواف قبل
صلاته، فإنها تعتد بالطواف،
وليس عليها بعد أن تطهر إلا
الصلاة، فإن كانت في عمرة التمتع
أتت بها قبل الحج مع سعة الوقت
وبعده مع ضيق الوقت.
(مسألة 281): إذا أجهده
الطواف جاز له أن يستريح ويتم
طوافه بعد ذلك. ولا يخرج من
المطاف حينئذٍ، فإن خرج جرى عليه
حكم من قطع الطواف، على الأحوط
وجوباً.
(مسألة 282): يجوز قطع
الطواف سواء كان طواف فريضة أم
نافلة.
(مسألة 283): من قطع طواف
النافلة كان له إكماله والبناء
على ما مضى منه سواء تجاوز النصف
أم لا. أما من قطع طواف الفريضة
وخرج عن المطاف فإن كان قد تجاوز
النصف كان له إكماله والبناء على
ما مضى منه، وإن لم يتجاوز النصف
بطل طوافه وكان عليه استئنافه،
سواء كان القطع بلا عذر أم لحاجة
نفسه أم لقضاء حاجة غيره أم لمرض
عجز معه عن إكمال الطواف.
نعم، مع العجز له
أن يستنيب من يتم طوافه، ولا يجب
عليه انتظار القدرة على الإكمال
بنفسه.
(مسألة 284): يجوز قطع
الطواف إذا أقيمت صلاة الفريضة
ولو من قبل المخالفين للصلاة
معهم. وكذا لصلاة الوتر إذا تضيق
وقتها. ويبني في الموضعين على ما
وقع من طواف ويتمه بعد الصلاة
وإن كان لم يتجاوز النصف.
نعم، الأحوط
وجوباً الاقتصار في ذلك على ما
إذا لم يخرج من المسجد.
(مسألة 285): القران في
الطواف هو أن يجمع المكلف بين
طوافين أو أكثر من دون أن تتخلل
صلاة ركعتي الطواف بل يؤخر
الصلاة للطوافين أو للطوافات
التي قرن بينها بعد الفراغ منها.
وهو محرّم في الفريضة، بمعنى: أن
يقرن بين فريضتين، بل الأحوط
وجوباً أن لا يقرن بين فريضة
ونافلة. فإن فعل ذلك لم يعتد
بالطوافين معاً.
أما في النافلتين
فلا بأس به، وإن قيل: إنه مكروه.
(مسألة 286): يستحب أن
يطوف حافياً مقصراً في خطواته
مشغولاً بالذكر والدعاء وقراءة
القرآن، تاركاً كل ما يكره في
الصلاة وكل لغو وعبث، وإن يستلم
الحجر ويقبّله في كل شوط زيادة
على الابتداء والاختتام إن
أمكنه من دون أن يؤذي أحداً أو
يؤخره عنه. وأفضل أوقات الطواف
عند الزوال.
(مسألة 287): يستحب أن
يدعو حال الطواف فيقول: (اللهم
إني أسألك باسمك الذي يمشى به
على طلل الماء كما يمشى به على
جدد الأرض وأسألك باسمك الذي
يهتز له عرشك وأسألك باسمك الذي
تهتز له أقدام ملائكتك وأسألك
باسمك الذي دعاك به موسى من جانب
الطور فاستجبت له وألقيت عليه
محبةً منك وأسألك باسمك الذي
غفرت به لمحمد (صلى الله
عليه وآله) ما تقدم من ذنبه وما
تأخر وأتممت عليه نعمتك أن تفعل
بي...).
ويطلب حاجته
ويستحب أيضاً في حال الطواف أن
يقول: (اللهم
إني إليك فقير وإني خائف مستجير
فلا تغيّر جسمي ولا تبدل اسمي).
وكلما انتهى إلى
باب الكعبة في كل شوط صلى على
محمد وآله ودعا بهذا الدعاء: (سائلك
فقيرك مسكينك ببابك فتصدق عليه
بالجنة.
اللهم
البيت بيتك والحرم حرمك والعبد
عبدك وهذا مقام العائذ بك
المستجير بك من النار فأعتقني
ووالدي وأهلي وولدي وإخواني
المؤمنين من النار يا جواد يا
كريم).
وكان علي بن
الحسين (عليهما السلام) إذا بلغ حجر
إسماعيل يرفع رأسه ثم يقول: «اللهم
أدخلني الجنة وأجرني من النار
برحمتك وعافني من السقم وأوسع
علي من الرزق الحلال وادرأ عني
شر فسقة الجن والإنس وشر فسقة
العرب والعجم».
ويستحب إذا مضى عن
الحجر ووصل إلى خلف البيت أن
يقول: (يا ذا المن والطول
يا ذا الجود والكرم إن عملي ضعيف
فضاعفه وتقبله مني إنك أنت
السميع العليم).
وإذا وصل إلى
الركن اليماني يرفع يديه ويدعو
بما دعا به أبو الحسن الرضا (عليه
السلام) وهو: «يا الله يا
ولي العافية ورازق العافية
وخالق العافية والمنعم بالعافية
والمنان بالعافية والمتفضل
بالعافية علي وعلى جميع خلقك يا
رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما
صل على محمد وآل محمد وارزقنا
العافية وتمام العافية وشكر
العافية في الدنيا والآخرة يا
أرحم الراحمين».
ثم يرفع رأسه إلى
الكعبة ويقول: (الحمد لله
الذي شرّفك وعظّمك والحمد لله
الذي بعث محمداً نبياً وعلياً
إماماً. اللهم
اهد له خيار خلقك وجنبه شرار
خلقك).
ويقول في ما بين
الركن اليماني والحجر الأسود: (ربنا
آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة
حسنة وقنا عذاب النار).
وقال عبد السلام
بن عبد الرحمن: «قلت لأبي عبد الله (عليه
السلام): دخلت الطواف فلم
يفتح لي شيء من الدعاء إلا
الصلاة على محمد وآل محمد وسعيت
فكان ذلك.
فقال: ما أعطي أحد
ممن سأل أفضل مما أعطيت».
(مسألة 288): إذا وصل في
الشوط السابع إلى المستجار ـ وهو
خلف الكعبة قريب من الركن
اليماني ـ يقوم بحذاء الكعبة
ويبسط يديه على حائطها ويلصق به
بطنه وخده ويقر بذنوبه مسمياً
لها ويتوب ويستغفر الله تعالى منها
ويدعو بما دعا به أبو عبد الله (عليه
السلام): «اللهم
البيت بيتك والعبد عبدك وهذا
مقام العائذ بك من النار. اللهم من
قبلك الروح والفرج والعافية. اللهم إن
عملي ضعيف فضاعفه لي واغفر لي ما
اطلعت عليه مني وخفي على خلقك
استجير بالله من
النار».
ويدعو بما دعا به
علي بن الحسين (عليهما
السلام): «اللهم إن
عندي أفواجاً من ذنوب وأفواجاً
من خطايا وعندك أفواج من رحمة
وأفواج من مغفرة يا من استجاب
لأبغض خلقه إذ قال انظرني إلى
يوم يبعثون استجب لي».
واطلب حاجتك وادع
كثيراً واعترف بذنوبك فما كنت
ذاكراً لها فاذكرها مفصلاً وما
كنت ناسياً لها فاعترف بها
إجمالاً واستغفر الله فإنه يغفر لك
إن شاء الله فإذا وصلت الحجر
الأسود قل: (اللهم
قنعني بما رزقتني وبارك لي فيما
آتيتني).