مناسک الحج و العمرة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مناسک الحج و العمرة - نسخه متنی

السید محمدسعید الحکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



خاتمة


فيها فوائد..


الفائدة
الاُولى



في العمرة
المفردة


وهي فرض من كان
منزله عن المسجد الحرام دون
الاثنين وتسعين كيلومتراً، كحج
الإفراد والقران ويشترط في
وجوبها عليه الاستطاعة كالحج
ولا ترتبط بالحج في حقه، فلو
استطاع لها دون الحج وجبت وحدها.
كما يجب الحج وحده لو استطاع له
دونها. ولا ترتيب بينهما، فيجوز
لمن استطاع لهما معاً أن يبدأ
بأيهما شاء.

(مسألة 478): لا تجب
العمرة المفردة على من بعد منزله
عن المسجد الحرام اثنين وتسعين
كيلومتراً حتى لو استطاع إليها
دون الحج. بل وظيفته تنحصر بعمرة
التمتع المرتبطة بالحج والتي
تكون الاستطاعة لها بالاستطاعة
له ويترتب على ذلك عدم وجوبها
على النائب عن الغير في أداء
الحج أو العمرة، وإن صار
مستطيعاً لها بسبب الذهاب إلى
مكة لأداء النسك الذي ناب فيه.

(مسألة 479): تجب العمرة
المفردة بالعرض لنذر أو إجارة أو
نحوهما، كما تجب لدخول مكة،
بمعنى حرمة دخولها إلا بالإحرام
للحج أو العمرة، فمع عدم إرادة
الحج أو عدم الدخول في أشهر الحج
تتعين العمرة.

ويستثنى من ذلك
موارد..

الأول: المريض
الذي يشق عليه الإحرام. فإنه لا
يجب عليه الإحرام، بل يستحب.

الثاني: من يتكرر
دخوله لها لجلب ما يحتاج إليه من
طعام أو حطب أو غيرهما. والمتيقن
من ذلك من كان عمله ذلك وكان يكثر
الدخول إليها والخروج منها
بمقتضى عمله بحيث يكون الفاصل
منه قليلاً، دون من صادف منه
الجلب لمنافعه الخاصة أو كان
الفاصل منه كثيراً.

الثالث: من سبق منه
الإحرام في الشهر الهلالي الذي
يريد الدخول فيه، كما لو سبق منه
الإحرام في أول الشهر فخرج ورجع
في آخره مثلاً. أما لو دخل في شهر
آخر، فإنه يجب عليه الإحرام وإن
لم يمض على إحرامه الأول شهر،
كما إذا كان قد أحرم في آخر
الشهر، وخرج ورجع في أول الشهر
الثاني.

(مسألة 480): لابد من
الفصل بين العمرتين بعشرة أيام،
ولا تشرع العمرة الثانية قبل ذلك
حتى لو كانت كل منهما في شهر
هلالي مباين لشهر الاُخرى على
الأحوط وجوباً.

ويتأكد استحبابها
لكل شهر هلالي، وإن لم يفصل بين
العمرتين بثلاثين يوماً، كما لو
جاء بالاُولى في أواخر الشهر،
وبالثانية في أوائل الشهر
اللاحق. والمدار في الفصل على
وقت الإحرام.

(مسألة 481): أفضل
العمرة عمرة رجب. ويتأكد
استحبابها في شهر رمضان أيضاً،
ولا سيما في صبيحة الثالث
والعشرين منه.

(مسألة 482): العمرة
المفردة كعمرة التمتع، ولا
تفترق عنها إلا في أمرين..

الأول: إن الإحلال
منها يكون بالحلق أو التقصير،
والحلق أفضل، بخلاف عمرة
التمتع، فإن الإحلال منها لا
يكون إلا بالتقصير كما تقدم.

الثاني: أنه لا تحل
النساء فيها بالحلق أو التقصير،
بل لابد فيها من طواف النساء
وصلاته، وهما آخر واجبات العمرة.


الفائدة
الثانية



في المصدود
والمحصور


والمصدود هو الذي
يمنعه الظالم من إكمال حجه أو
عمرته بعد إحرامه لهما والمحصور
الذي يمنعه المرض من ذلك.

(مسألة 483): إذا صد
المحرم بنحو يعلم بفوت النسك
عليه فإن كان قد ساق الهدي لم
يتحلل إلا بذبحه في مكانه الذي
صد فيه وإن لم يسق هدياً وجب عليه
أن يذبح هدياً في محله للتحلل من
الإحرام. والأحوط وجوباً أن يضم
إليه الحلق إن كان قد ساق الهدي،
ويتخير بينه وبين التقصير إن لم
يكن قد ساقه. ويتحلل بذلك من
إحرامه، فيحل له كل شيء حرم
بسببه حتى النساء.

(مسألة 484): إذا حصر
المحرم فإن ساق هدياً وجب عليه
إرساله ليذبح في مكة إن كان
محرماً بالعمرة، وليذبح في منى
إن كان محرماً بالحج. وإن لم يسق
الهدي فإن كان اشترط في إحرامه
أن يحله الله تعالى حيث حبسه
تحلل بلا حاجة إلى هدى، وإلا وجب
عليه أن يرسل بهدي ليذبح في مكة
أو في منى، على التفصيل المتقدم
في المصدود. لكنه لا يحل له
النساء حتى يطوف بالبيت ولو في
عمرة وفي كفاية الاستنابة في
الطواف إشكال.

(مسألة 485): يتحقق الصد
والحصر في العمرة والحج بالمنع
من دخول مكة ولو مع إمكان
الاستنابة في الطواف والسعي،
وأما المنع في الحج عن الموقفين
مع تيسر دخول مكة فالظاهر أنه
يقتضي انقلاب الإحرام للعمرة
المفردة ويتحلل بتمامها. نعم، لو
منع من إتمامها وهو في مكة
فالظاهر التحلل بالهدي. والأحوط
وجوباً ضم الاستنابة إليه في
أفعال العمرة المفردة مع
الإمكان. وإن منع من مناسك منى
بعد الوقوفين فإن قدر على
الإتيان بمناسك مكة استناب في
رمي جمرة العقبة والذبح ثم حلق
أو قصر، ولو تعذرت الاستنابة ففي
صحة حجه وعدمها إشكال، كالإشكال
في تحلله بذبح الهدي في محل
الصد أو الحصر، أما لو صد عن
مناسك مكة فالأمر أشكل.

نعم، لو صد أو حصر
عن الرجوع لمنى بعد الحج للقيام
بما يجب فيها ليالي التشريق
وأيامها فلا إشكال في صحة الحج
وعدم وجوب التحلل بالهدي. غايته
وجوب الاستنابة في الرمي ولو في
العام الثاني.

(مسألة 486): القيام
بوظيفة المصدود والمحصور لا
يوجب الاجتزاء بالإحرام الذي
وقع التحلل منه عما أوقع له من
عمرة أو حج، بل مع ثبوت الحج أو
العمرة في ذمة المكلف بالأصل أو
بالنذر أو نحوه لابد من الإتيان
بما انشغلت به الذمة منهما،
والأحوط وجوباً الإتيان بمثل ما
صد أو حصر عنه من تمتع أو قران أو
إفراد، ومع عدم ثبوته، يستحب
الإتيان به.

وهناك فروع اُخرى
يضيق المقام عن التعرض لها،
خصوصاً مع ندرة الابتلاء
بالمسألة في عصورنا.


الفائدة
الثالثة



في آداب
المدينة المنورة


إن من تمام الحج
زيارة سيد النبيين وخاتم
المرسلين (صلى الله
عليه وآله) وزيارة
المعصومين فيها من آله الطاهرين.

والظاهر وجوب
زيارته (صلى الله
عليه وآله) كفاية على
المسلمين فيحرم تعطيل قبره.

(مسألة 487): يستحب لمن
رجع من مكة على طريق المدينة
النزول على معرس النبي (صلى الله
عليه وآله)، ويقال: انه مسجد
بازاء مسجد الشجرة، والاضطجاع
فيه قليلاً ليلاً أو نهاراً،
وصلاة ركعتين فيه، ولو جاوزه ولم
ينزل استحب له الرجوع والتدارك.

كما يستحب الصلاة
في مسجد غدير خم، وهو الموضع
الذي نصب فيه النبي (صلى الله
عليه وآله) أمير المؤمنين
علماً للناس، وفرض ولايته عليهم.

(مسألة 488): للمدينة
حرم حرّمه رسول الله (صلى الله
عليه وآله) وهو ما بين عائر
إلى وعير، وهما جبلان يكتنفان
المدينة.

وتحريمه بتحريم
قطع شجره والنبات الرطب منه، إلا
ما يجوز قطعه في حرم مكة، وكذا
عودي الناضح وهو عود البكرة التي
يستقى عليها، كما لا بأس بقطع
الحطب ويحرم أيضاً صيد ما بين
الحرتين منها، وإن لم يحرم أكله
لو صيد، ولا تترتب عليه أحكام
صيد حرم مكة.

(مسألة 489): يستحب
الغسل لدخول حرم المدينة،
ولدخوله المدينة نفسها، وحين
دخولها ولزيارة النبي (صلى الله
عليه وآله)، ثم يزار (صلى الله
عليه وآله) بما هو موجود في
كتب المزار.

(مسألة 490): إذا قضيت ما
عليك فصل ركعتين ثم قف عند رأسه (صلى الله
عليه وآله) وقل: (السلام
عليك يا نبي الله من
أبي وأمي وولدي وخاصتي وجميع أهل
بلدي، حرهم وعبدهم أبيضهم
وأسودهم).

ففي الحديث: (فلا
تشاء أن تقول للرجل قد قرأت رسول الله عنك
السلام، إلا كنت صادقاً).

(مسألة 491): تستحب
الصلاة في مسجد رسول الله (صلى الله
عليه وآله) فإنها تعدل ألف
صلاة، بل في بعض النصوص إنها
تعدل عشرة آلاف صلاة وخصوصاً بين
القبر والمنبر، الذي ورد أنه
روضة من رياض الجنة، وأفضل من
ذلك الصلاة في بيت سيدة النساء
فاطمة الزهراء (عليها السلام).

(مسألة 492): يستحب
الصوم في المدينة ـ ولو مع عدم
نية الإقامة ـ ثلاثة أيام هي
الأربعاء والخميس والجمعة،
وليصل ليلة الأربعاء عند
اسطوانة أبي لبابة المسماة
باسطوانة التوبة، ويقعد عندها
ويصلي أيضاً يوم الأربعاء،
ويصلي ليلة الخميس ويومه عند
الاسطوانة التي تليها مما يلي
قبر النبي (صلى الله
عليه وآله)، ويصلي ليلة
الجمعة ويومه عند الاسطوانة
الثالثة التي تلي مقام النبي (صلى الله
عليه وآله) ومصلاه، وفي
الحديث: (فإن استطعت أن لا
تتكلم بشيء في هذه الأيام فافعل
إلا ما لابد لك منه، ولا تخرج من
المسجد إلا لحاجة ولا تنام في
ليل ولا نهار فافعل، فإن ذلك مما
يعد فيه الفضل، ثم احمد الله في
يوم الجمعة واثن عليه وصل على
النبي (صلى الله
عليه وآله) وسل حاجتك).

وليكن في ما تقول: (اللهم ما
كانت لي إليك من حاجة شرعت أنا في
طلبها والتماسها أو لم أشرع،
سألتكها أو لم أسألكها فإني
أتوجه إليك بنبيك محمد نبي
الرحمة (صلى الله
عليه وآله) في قضاء حوائجي
صغيرها وكبيرها).

فإنك حري أن تقضى
إليك حاجتك إن شاء الله.

وفي حديث آخر: وادع
بهذا الدعاء لحاجتك، وهو: (اللهم
إني أسألك بعزتك وقوتك وقدرتك
وجميع ما أحاط به علمك أن تصلي
على محمد وعلى أهل بيته وأن تفعل
بي...)
وتسأل حاجتك.

(مسألة 493): يستحب
مؤكداً بعد زيارة النبي (صلى الله
عليه وآله) زيارة بضعته
الطاهرة فاطمة سيدة نساء
العالمين (عليها السلام)، والأولى أن
تزار في بيتها، وفي الروضة، وفي
البقيع، لمكان الاختلاف في
دفنها، وإن كان المروي صحيحاً
أنها دفنت في بيتها، إلا أنه لما
زاد بنو أمية في المسجد صار
قبرها فيه.

وقد تضمنت كتب
المزار كيفية زيارتها (عليها
السلام).

(مسألة 494): يستحب
زيارة أئمة المسلمين بالبقيع،
الحسن السبط بن أمير المؤمنين
سيد شباب أهل الجنة، وعلي بن
الحسين سيد الساجدين، ومحمد بن
علي باقر علوم الأولين
والآخرين، وجعفر بن محمد الصادق
ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ
وقد تضمنت كتب المزار كيفية
زيارتهم (عليهم السلام).

(مسألة 495): يستحب
إتيان المساجد التي في المدينة،
وقبور الشهداء خصوصاً حمزة (عليه
السلام)، ومشربة أم
إبراهيم مارية القبطية، وهي
غرفتها التي كانت فيها، ويقال:
إنها ولدت إبراهيم (عليه
السلام) فيها، فإنها مسكن
النبي (صلى الله
عليه وآله) ومصلاه، وينبغي
أن يبدأ بمسجد قبا منها، ثم يكثر
من الصلاة فيه فإنه أول مسجد صلى
فيه رسول الله (صلى الله
عليه وآله)، وهو المسجد الذي
أسس على التقوى من أول يوم، ثم
ليأت مشربة أم إبراهيم.

ثم مسجد الفضيخ،
فليصل فيه وهو المسجد الذي ردت
فيه الشمس لأمير المؤمنين (عليه
السلام) حتى صلى العصر،
حين فاتته بسبب نوم النبي (صلى الله
عليه وآله) في حجره، فلما
فرغ من الصلاة انقضّت انقضاض
الكوكب.

فإذا قضيت هذا
الجانب أتيت جانب (أحد) فبدأت
بالمسجد الذي دون الحرة فصليت
فيه، ثم مررت بقبر حمزة بن عبد
المطلب فسلمت عليه، ثم مررت
بقبور الشهداء (رحمهم الله) فقمت عندهم
وقلت: (السلام عليكم يا
أهل الديار أنتم لنا فرط وإنا
بكم لاحقون).

ثم تأتي المسجد
الذي في المكان الواسع إلى جنب
الجبل عن يمينك حين تأتي أحداً،
فتصلي فيه، فمن عنده خرج النبي (صلى الله
عليه وآله) إلى أحد حين لقي
المشركين، فلم يبرحوا حتى حضرت
الصلاة فصلى فيه، وحين ترجع تصلي
عند قبور الشهداء (رحمهم
الله) ما كتب الله لك.

ثم امض على وجهك
حتى تأتي مسجد الأحزاب فتصلي ما
شئت وتدعو فيه، فإن رسول الله (صلى الله
عليه وآله) دعا فيه يوم
الأحزاب، وقال:

(يا صريخ
المكروبين ويا مجيب دعوة
المضطرين يا مغيث الملهوفين
اكشف همي وكربي وغمي فقد ترى
حالي وحال أصحابي).

والظاهر أن هذا
المسجد هو مسجد الفتح لأنه فيه
دعا النبي (صلى الله
عليه وآله) يوم الأحزاب
فاستجاب الله تعالى بالفتح على
يدي أمير المؤمنين وسيد الوصيين
(عليه السلام) بقتله عمرو
بن عبد ود وانهزام الأحزاب.

(مسألة 496): يستحب أن
تأتي مقام جبرئيل وهو تحت
الميزاب، فإنه كان مقامه إذا
استأذن على رسول الله (صلى الله
عليه وآله)، فقل: (أي
جواد أي كريم أي قريب أي بعيد
أسألك أن تصلي على محمد وأهل
بيته، وأن ترد علي نعمتك).

وفي الحديث: (وذلك
مقام لا تدعو فيه حائض تستقبل
القبلة ثم تدعو إلا رأت الطهر إن
شاء الله).

(مسألة 497): ينبغي
زيارة قبر إبراهيم بن رسول الله (صلى الله
عليه وآله)، وعبد الله بن جعفر،
وفاطمة بنت أسد، وجميع من في
البقيع من الصحابة والتابعين.

(مسألة 498): إذا أردت أن
تخرج من المدينة المنورة فاغتسل
ثم ائت قبر النبي (صلى الله
عليه وآله) بعد ما تفرغ من
حوائجك فزره ثم ودعه وقل:

«اللهم لا تجعله
آخر العهد من زيارة قبر نبيك (صلى الله
عليه وآله) فان توفيتني قبل
ذلك فإني اشهد في مماتي على ما
شهدت عليه في حياتي إن لا إله إلا
الله، وأن محمداً عبدك
ورسولك».

أو تقول: «صلى الله عليك،
السلام عليك، لا جعله الله آخر تسليمي
عليك».

وعليك بتحري آثار
النبي (صلى الله
عليه وآله) والاهتمام
بتجديد العهد بها وتصور مقامه
فيها، فإن ذلك من أهم المقاصد
الدينية للحج حسب ما يظهر من
الأخبار، مع ما فيه من تأكيد
حبه، والولاء له، والانفعال به
وبسيرته وتعاليمه التي بها حياة
القلوب، وتهذيب النفوس.

جزاه الله تعالى خير ما
جزى نبياً عن أمته، ووفقنا
لشكره، والاقتداء به وبأهل بيته
الطاهرين، صلوات الله عليهم
أجمعين، وأداء حقه فيهم، ثبتنا الله تعالى على
ولايتهم، والاهتداء بهداهم،
ورزقنا شفاعتهم، وحشرنا في
زمرتهم، وأدخلنا مدخلهم إنه ولي
المؤمنين، وهو حسبنا ونعم
الوكيل، نعم المولى، ونعم
النصير.

إلى هنا انتهى ما
أردنا ايراده من أحكام الحج، آخر
نهار السبت، الرابع والعشرين من
شهر شوال، عام ألف وأربعمائة
وخمسة عشر للهجرة النبوية، على
صاحبها وآله أفضل الصلوات،
وأزكى التحيات.

والحمد لله رب العالمين


خاتمة


فيها فوائد..


الفائدة
الاُولى



في العمرة
المفردة


وهي فرض من كان
منزله عن المسجد الحرام دون
الاثنين وتسعين كيلومتراً، كحج
الإفراد والقران ويشترط في
وجوبها عليه الاستطاعة كالحج
ولا ترتبط بالحج في حقه، فلو
استطاع لها دون الحج وجبت وحدها.
كما يجب الحج وحده لو استطاع له
دونها. ولا ترتيب بينهما، فيجوز
لمن استطاع لهما معاً أن يبدأ
بأيهما شاء.

(مسألة 478): لا تجب
العمرة المفردة على من بعد منزله
عن المسجد الحرام اثنين وتسعين
كيلومتراً حتى لو استطاع إليها
دون الحج. بل وظيفته تنحصر بعمرة
التمتع المرتبطة بالحج والتي
تكون الاستطاعة لها بالاستطاعة
له ويترتب على ذلك عدم وجوبها
على النائب عن الغير في أداء
الحج أو العمرة، وإن صار
مستطيعاً لها بسبب الذهاب إلى
مكة لأداء النسك الذي ناب فيه.

(مسألة 479): تجب العمرة
المفردة بالعرض لنذر أو إجارة أو
نحوهما، كما تجب لدخول مكة،
بمعنى حرمة دخولها إلا بالإحرام
للحج أو العمرة، فمع عدم إرادة
الحج أو عدم الدخول في أشهر الحج
تتعين العمرة.

ويستثنى من ذلك
موارد..

الأول: المريض
الذي يشق عليه الإحرام. فإنه لا
يجب عليه الإحرام، بل يستحب.

الثاني: من يتكرر
دخوله لها لجلب ما يحتاج إليه من
طعام أو حطب أو غيرهما. والمتيقن
من ذلك من كان عمله ذلك وكان يكثر
الدخول إليها والخروج منها
بمقتضى عمله بحيث يكون الفاصل
منه قليلاً، دون من صادف منه
الجلب لمنافعه الخاصة أو كان
الفاصل منه كثيراً.

الثالث: من سبق منه
الإحرام في الشهر الهلالي الذي
يريد الدخول فيه، كما لو سبق منه
الإحرام في أول الشهر فخرج ورجع
في آخره مثلاً. أما لو دخل في شهر
آخر، فإنه يجب عليه الإحرام وإن
لم يمض على إحرامه الأول شهر،
كما إذا كان قد أحرم في آخر
الشهر، وخرج ورجع في أول الشهر
الثاني.

(مسألة 480): لابد من
الفصل بين العمرتين بعشرة أيام،
ولا تشرع العمرة الثانية قبل ذلك
حتى لو كانت كل منهما في شهر
هلالي مباين لشهر الاُخرى على
الأحوط وجوباً.

ويتأكد استحبابها
لكل شهر هلالي، وإن لم يفصل بين
العمرتين بثلاثين يوماً، كما لو
جاء بالاُولى في أواخر الشهر،
وبالثانية في أوائل الشهر
اللاحق. والمدار في الفصل على
وقت الإحرام.

(مسألة 481): أفضل
العمرة عمرة رجب. ويتأكد
استحبابها في شهر رمضان أيضاً،
ولا سيما في صبيحة الثالث
والعشرين منه.

(مسألة 482): العمرة
المفردة كعمرة التمتع، ولا
تفترق عنها إلا في أمرين..

الأول: إن الإحلال
منها يكون بالحلق أو التقصير،
والحلق أفضل، بخلاف عمرة
التمتع، فإن الإحلال منها لا
يكون إلا بالتقصير كما تقدم.

الثاني: أنه لا تحل
النساء فيها بالحلق أو التقصير،
بل لابد فيها من طواف النساء
وصلاته، وهما آخر واجبات العمرة.


الفائدة
الثانية



في المصدود
والمحصور


والمصدود هو الذي
يمنعه الظالم من إكمال حجه أو
عمرته بعد إحرامه لهما والمحصور
الذي يمنعه المرض من ذلك.

(مسألة 483): إذا صد
المحرم بنحو يعلم بفوت النسك
عليه فإن كان قد ساق الهدي لم
يتحلل إلا بذبحه في مكانه الذي
صد فيه وإن لم يسق هدياً وجب عليه
أن يذبح هدياً في محله للتحلل من
الإحرام. والأحوط وجوباً أن يضم
إليه الحلق إن كان قد ساق الهدي،
ويتخير بينه وبين التقصير إن لم
يكن قد ساقه. ويتحلل بذلك من
إحرامه، فيحل له كل شيء حرم
بسببه حتى النساء.

(مسألة 484): إذا حصر
المحرم فإن ساق هدياً وجب عليه
إرساله ليذبح في مكة إن كان
محرماً بالعمرة، وليذبح في منى
إن كان محرماً بالحج. وإن لم يسق
الهدي فإن كان اشترط في إحرامه
أن يحله الله تعالى حيث حبسه
تحلل بلا حاجة إلى هدى، وإلا وجب
عليه أن يرسل بهدي ليذبح في مكة
أو في منى، على التفصيل المتقدم
في المصدود. لكنه لا يحل له
النساء حتى يطوف بالبيت ولو في
عمرة وفي كفاية الاستنابة في
الطواف إشكال.

(مسألة 485): يتحقق الصد
والحصر في العمرة والحج بالمنع
من دخول مكة ولو مع إمكان
الاستنابة في الطواف والسعي،
وأما المنع في الحج عن الموقفين
مع تيسر دخول مكة فالظاهر أنه
يقتضي انقلاب الإحرام للعمرة
المفردة ويتحلل بتمامها. نعم، لو
منع من إتمامها وهو في مكة
فالظاهر التحلل بالهدي. والأحوط
وجوباً ضم الاستنابة إليه في
أفعال العمرة المفردة مع
الإمكان. وإن منع من مناسك منى
بعد الوقوفين فإن قدر على
الإتيان بمناسك مكة استناب في
رمي جمرة العقبة والذبح ثم حلق
أو قصر، ولو تعذرت الاستنابة ففي
صحة حجه وعدمها إشكال، كالإشكال
في تحلله بذبح الهدي في محل
الصد أو الحصر، أما لو صد عن
مناسك مكة فالأمر أشكل.

نعم، لو صد أو حصر
عن الرجوع لمنى بعد الحج للقيام
بما يجب فيها ليالي التشريق
وأيامها فلا إشكال في صحة الحج
وعدم وجوب التحلل بالهدي. غايته
وجوب الاستنابة في الرمي ولو في
العام الثاني.

(مسألة 486): القيام
بوظيفة المصدود والمحصور لا
يوجب الاجتزاء بالإحرام الذي
وقع التحلل منه عما أوقع له من
عمرة أو حج، بل مع ثبوت الحج أو
العمرة في ذمة المكلف بالأصل أو
بالنذر أو نحوه لابد من الإتيان
بما انشغلت به الذمة منهما،
والأحوط وجوباً الإتيان بمثل ما
صد أو حصر عنه من تمتع أو قران أو
إفراد، ومع عدم ثبوته، يستحب
الإتيان به.

وهناك فروع اُخرى
يضيق المقام عن التعرض لها،
خصوصاً مع ندرة الابتلاء
بالمسألة في عصورنا.


الفائدة
الثالثة



في آداب
المدينة المنورة


إن من تمام الحج
زيارة سيد النبيين وخاتم
المرسلين (صلى الله
عليه وآله) وزيارة
المعصومين فيها من آله الطاهرين.

والظاهر وجوب
زيارته (صلى الله
عليه وآله) كفاية على
المسلمين فيحرم تعطيل قبره.

(مسألة 487): يستحب لمن
رجع من مكة على طريق المدينة
النزول على معرس النبي (صلى الله
عليه وآله)، ويقال: انه مسجد
بازاء مسجد الشجرة، والاضطجاع
فيه قليلاً ليلاً أو نهاراً،
وصلاة ركعتين فيه، ولو جاوزه ولم
ينزل استحب له الرجوع والتدارك.

كما يستحب الصلاة
في مسجد غدير خم، وهو الموضع
الذي نصب فيه النبي (صلى الله
عليه وآله) أمير المؤمنين
علماً للناس، وفرض ولايته عليهم.

(مسألة 488): للمدينة
حرم حرّمه رسول الله (صلى الله
عليه وآله) وهو ما بين عائر
إلى وعير، وهما جبلان يكتنفان
المدينة.

وتحريمه بتحريم
قطع شجره والنبات الرطب منه، إلا
ما يجوز قطعه في حرم مكة، وكذا
عودي الناضح وهو عود البكرة التي
يستقى عليها، كما لا بأس بقطع
الحطب ويحرم أيضاً صيد ما بين
الحرتين منها، وإن لم يحرم أكله
لو صيد، ولا تترتب عليه أحكام
صيد حرم مكة.

(مسألة 489): يستحب
الغسل لدخول حرم المدينة،
ولدخوله المدينة نفسها، وحين
دخولها ولزيارة النبي (صلى الله
عليه وآله)، ثم يزار (صلى الله
عليه وآله) بما هو موجود في
كتب المزار.

(مسألة 490): إذا قضيت ما
عليك فصل ركعتين ثم قف عند رأسه (صلى الله
عليه وآله) وقل: (السلام
عليك يا نبي الله من
أبي وأمي وولدي وخاصتي وجميع أهل
بلدي، حرهم وعبدهم أبيضهم
وأسودهم).

ففي الحديث: (فلا
تشاء أن تقول للرجل قد قرأت رسول الله عنك
السلام، إلا كنت صادقاً).

(مسألة 491): تستحب
الصلاة في مسجد رسول الله (صلى الله
عليه وآله) فإنها تعدل ألف
صلاة، بل في بعض النصوص إنها
تعدل عشرة آلاف صلاة وخصوصاً بين
القبر والمنبر، الذي ورد أنه
روضة من رياض الجنة، وأفضل من
ذلك الصلاة في بيت سيدة النساء
فاطمة الزهراء (عليها السلام).

(مسألة 492): يستحب
الصوم في المدينة ـ ولو مع عدم
نية الإقامة ـ ثلاثة أيام هي
الأربعاء والخميس والجمعة،
وليصل ليلة الأربعاء عند
اسطوانة أبي لبابة المسماة
باسطوانة التوبة، ويقعد عندها
ويصلي أيضاً يوم الأربعاء،
ويصلي ليلة الخميس ويومه عند
الاسطوانة التي تليها مما يلي
قبر النبي (صلى الله
عليه وآله)، ويصلي ليلة
الجمعة ويومه عند الاسطوانة
الثالثة التي تلي مقام النبي (صلى الله
عليه وآله) ومصلاه، وفي
الحديث: (فإن استطعت أن لا
تتكلم بشيء في هذه الأيام فافعل
إلا ما لابد لك منه، ولا تخرج من
المسجد إلا لحاجة ولا تنام في
ليل ولا نهار فافعل، فإن ذلك مما
يعد فيه الفضل، ثم احمد الله في
يوم الجمعة واثن عليه وصل على
النبي (صلى الله
عليه وآله) وسل حاجتك).

وليكن في ما تقول: (اللهم ما
كانت لي إليك من حاجة شرعت أنا في
طلبها والتماسها أو لم أشرع،
سألتكها أو لم أسألكها فإني
أتوجه إليك بنبيك محمد نبي
الرحمة (صلى الله
عليه وآله) في قضاء حوائجي
صغيرها وكبيرها).

فإنك حري أن تقضى
إليك حاجتك إن شاء الله.

وفي حديث آخر: وادع
بهذا الدعاء لحاجتك، وهو: (اللهم
إني أسألك بعزتك وقوتك وقدرتك
وجميع ما أحاط به علمك أن تصلي
على محمد وعلى أهل بيته وأن تفعل
بي...)
وتسأل حاجتك.

(مسألة 493): يستحب
مؤكداً بعد زيارة النبي (صلى الله
عليه وآله) زيارة بضعته
الطاهرة فاطمة سيدة نساء
العالمين (عليها السلام)، والأولى أن
تزار في بيتها، وفي الروضة، وفي
البقيع، لمكان الاختلاف في
دفنها، وإن كان المروي صحيحاً
أنها دفنت في بيتها، إلا أنه لما
زاد بنو أمية في المسجد صار
قبرها فيه.

وقد تضمنت كتب
المزار كيفية زيارتها (عليها
السلام).

(مسألة 494): يستحب
زيارة أئمة المسلمين بالبقيع،
الحسن السبط بن أمير المؤمنين
سيد شباب أهل الجنة، وعلي بن
الحسين سيد الساجدين، ومحمد بن
علي باقر علوم الأولين
والآخرين، وجعفر بن محمد الصادق
ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ
وقد تضمنت كتب المزار كيفية
زيارتهم (عليهم السلام).

(مسألة 495): يستحب
إتيان المساجد التي في المدينة،
وقبور الشهداء خصوصاً حمزة (عليه
السلام)، ومشربة أم
إبراهيم مارية القبطية، وهي
غرفتها التي كانت فيها، ويقال:
إنها ولدت إبراهيم (عليه
السلام) فيها، فإنها مسكن
النبي (صلى الله
عليه وآله) ومصلاه، وينبغي
أن يبدأ بمسجد قبا منها، ثم يكثر
من الصلاة فيه فإنه أول مسجد صلى
فيه رسول الله (صلى الله
عليه وآله)، وهو المسجد الذي
أسس على التقوى من أول يوم، ثم
ليأت مشربة أم إبراهيم.

ثم مسجد الفضيخ،
فليصل فيه وهو المسجد الذي ردت
فيه الشمس لأمير المؤمنين (عليه
السلام) حتى صلى العصر،
حين فاتته بسبب نوم النبي (صلى الله
عليه وآله) في حجره، فلما
فرغ من الصلاة انقضّت انقضاض
الكوكب.

فإذا قضيت هذا
الجانب أتيت جانب (أحد) فبدأت
بالمسجد الذي دون الحرة فصليت
فيه، ثم مررت بقبر حمزة بن عبد
المطلب فسلمت عليه، ثم مررت
بقبور الشهداء (رحمهم الله) فقمت عندهم
وقلت: (السلام عليكم يا
أهل الديار أنتم لنا فرط وإنا
بكم لاحقون).

ثم تأتي المسجد
الذي في المكان الواسع إلى جنب
الجبل عن يمينك حين تأتي أحداً،
فتصلي فيه، فمن عنده خرج النبي (صلى الله
عليه وآله) إلى أحد حين لقي
المشركين، فلم يبرحوا حتى حضرت
الصلاة فصلى فيه، وحين ترجع تصلي
عند قبور الشهداء (رحمهم
الله) ما كتب الله لك.

ثم امض على وجهك
حتى تأتي مسجد الأحزاب فتصلي ما
شئت وتدعو فيه، فإن رسول الله (صلى الله
عليه وآله) دعا فيه يوم
الأحزاب، وقال:

(يا صريخ
المكروبين ويا مجيب دعوة
المضطرين يا مغيث الملهوفين
اكشف همي وكربي وغمي فقد ترى
حالي وحال أصحابي).

والظاهر أن هذا
المسجد هو مسجد الفتح لأنه فيه
دعا النبي (صلى الله
عليه وآله) يوم الأحزاب
فاستجاب الله تعالى بالفتح على
يدي أمير المؤمنين وسيد الوصيين
(عليه السلام) بقتله عمرو
بن عبد ود وانهزام الأحزاب.

(مسألة 496): يستحب أن
تأتي مقام جبرئيل وهو تحت
الميزاب، فإنه كان مقامه إذا
استأذن على رسول الله (صلى الله
عليه وآله)، فقل: (أي
جواد أي كريم أي قريب أي بعيد
أسألك أن تصلي على محمد وأهل
بيته، وأن ترد علي نعمتك).

وفي الحديث: (وذلك
مقام لا تدعو فيه حائض تستقبل
القبلة ثم تدعو إلا رأت الطهر إن
شاء الله).

(مسألة 497): ينبغي
زيارة قبر إبراهيم بن رسول الله (صلى الله
عليه وآله)، وعبد الله بن جعفر،
وفاطمة بنت أسد، وجميع من في
البقيع من الصحابة والتابعين.

(مسألة 498): إذا أردت أن
تخرج من المدينة المنورة فاغتسل
ثم ائت قبر النبي (صلى الله
عليه وآله) بعد ما تفرغ من
حوائجك فزره ثم ودعه وقل:

«اللهم لا تجعله
آخر العهد من زيارة قبر نبيك (صلى الله
عليه وآله) فان توفيتني قبل
ذلك فإني اشهد في مماتي على ما
شهدت عليه في حياتي إن لا إله إلا
الله، وأن محمداً عبدك
ورسولك».

أو تقول: «صلى الله عليك،
السلام عليك، لا جعله الله آخر تسليمي
عليك».

وعليك بتحري آثار
النبي (صلى الله
عليه وآله) والاهتمام
بتجديد العهد بها وتصور مقامه
فيها، فإن ذلك من أهم المقاصد
الدينية للحج حسب ما يظهر من
الأخبار، مع ما فيه من تأكيد
حبه، والولاء له، والانفعال به
وبسيرته وتعاليمه التي بها حياة
القلوب، وتهذيب النفوس.

جزاه الله تعالى خير ما
جزى نبياً عن أمته، ووفقنا
لشكره، والاقتداء به وبأهل بيته
الطاهرين، صلوات الله عليهم
أجمعين، وأداء حقه فيهم، ثبتنا الله تعالى على
ولايتهم، والاهتداء بهداهم،
ورزقنا شفاعتهم، وحشرنا في
زمرتهم، وأدخلنا مدخلهم إنه ولي
المؤمنين، وهو حسبنا ونعم
الوكيل، نعم المولى، ونعم
النصير.

إلى هنا انتهى ما
أردنا ايراده من أحكام الحج، آخر
نهار السبت، الرابع والعشرين من
شهر شوال، عام ألف وأربعمائة
وخمسة عشر للهجرة النبوية، على
صاحبها وآله أفضل الصلوات،
وأزكى التحيات.

والحمد لله رب العالمين

/ 13