44 سورة الدخان - 9 - 33
بَلْ هُمْ فى شكٍ يَلْعَبُونَ (9) فَارْتَقِب يَوْمَ تَأْتى السمَاءُ بِدُخَانٍ مّبِينٍ (10) يَغْشى النّاس هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رّبّنَا اكْشِف عَنّا الْعَذَاب إِنّا مُؤْمِنُونَ (12) أَنى لهَُمُ الذِّكْرَى وَ قَدْ جَاءَهُمْ رَسولٌ مّبِينٌ (13) ثمّ تَوَلّوْا عَنْهُ وَ قَالُوا مُعَلّمٌ مجْنُونٌ (14) إِنّا كاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنّكمْ عَائدُونَ (15) يَوْمَ نَبْطِش الْبَطشةَ الْكُبرَى إِنّا مُنتَقِمُونَ (16) وَ لَقَدْ فَتَنّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَ جَاءَهُمْ رَسولٌ كرِيمٌ (17) أَنْ أَدّوا إِلىّ عِبَادَ اللّهِ إِنى لَكمْ رَسولٌ أَمِينٌ (18) وَ أَن لا تَعْلُوا عَلى اللّهِ إِنى ءَاتِيكم بِسلْطنٍ مّبِينٍ (19) وَ إِنى عُذْت بِرَبى وَ رَبِّكمْ أَن تَرْجُمُونِ (20) وَ إِن لّمْ تُؤْمِنُوا لى فَاعْتزِلُونِ (21) فَدَعَا رَبّهُ أَنّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ مجْرِمُونَ (22) فَأَسرِ بِعِبَادِى لَيْلاً إِنّكم مّتّبَعُونَ (23) وَ اتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنهُمْ جُندٌ مّغْرَقُونَ (24) كمْ تَرَكُوا مِن جَنّتٍ وَ عُيُونٍ (25) وَ زُرُوعٍ وَ مَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَ نَعْمَةٍ كانُوا فِيهَا فَكِهِينَ (27) كَذَلِك وَ أَوْرَثْنَهَا قَوْماً ءَاخَرِينَ (28) فَمَا بَكَت عَلَيهِمُ السمَاءُ وَ الأَرْض وَ مَا كانُوا مُنظرِينَ (29) وَ لَقَدْ نجّيْنَا بَنى إِسرءِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) مِن فِرْعَوْنَ إِنّهُ كانَ عَالِياً مِّنَ الْمُسرِفِينَ (31) وَ لَقَدِ اخْترْنَهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلى الْعَلَمِينَ (32) وَ ءَاتَيْنَهُم مِّنَ الاَيَتِ مَا فِيهِ بَلَؤٌا مّبِينٌ (33)
بيان
تذكر الآيات ارتيابهم في كتاب الله بعد ما ذكرت أنه كتاب مبين نازل في خير ليلة على رسوله لغرض الإنذار رحمة من الله، ثم تهددهم بعذاب الدنيا و بطش يوم القيامة و تتمثل لهم بقصة إرسال موسى إلى قوم فرعون و تكذيبهم له و إغراقهم.
و لا تخلو القصة من إيماء إلى أنه تعالى سينجي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و المؤمنين به من عتاة قريش بإخراجهم من مكة ثم إهلاك صناديد قريش في تعقيبهم النبي و المؤمنين به.
قوله تعالى: "بل هم في شك يلعبون" ضمير الجمع لقوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، و الإضراب عن محذوف يدل عليه السياق السابق أي إنهم لا يوقنون و لا يؤمنون بما ذكر من رسالة الرسول و صفة الكتاب الذي أنزل عليه بل هم في شك و ارتياب فيه يلعبون بالاشتغال بدنياهم، و ذكر الزمخشري أن الإضراب عن قوله: "إن كنتم موقنين".
قوله تعالى: "فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس" الارتقاب الانتظار و هذا وعيد بالعذاب و هو إتيان السماء بدخان مبين يغشى الناس.
و اختلف في المراد بهذا العذاب المذكور في الآية.
فقيل: المراد به المجاعة التي ابتلي بها أهل مكة فإنهم لما أصروا على كفرهم و أذاهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و المؤمنين به دعا عليهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: اللهم سنين كسني يوسف فأجدبت الأرض و أصابت قريشا مجاعة شديدة، و كان الرجل لما به من الجوع يرى بينه و بين السماء كالدخان و أكلوا الميتة و العظام ثم جاءوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و قالوا: يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم و قومك قد هلكوا، و وعدوه إن كشف الله عنهم الجدب أن يؤمنوا، فدعا و سأل الله لهم بالخصب و السعة فكشف عنهم ثم عادوا إلى كفرهم و نقضوا عهدهم.
و قيل: إن الدخان المذكور في الآية من أشراط الساعة و هو لم يأت بعد و هو يأتي قبل قيام الساعة فيدخل أسماع الناس حتى أن رءوسهم تكون كالرأس الحنيذ.
و يصيب المؤمن منه مثل الزكمة و تكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص و يمكث ذلك أربعين يوما.
و ربما قيل: إن المراد بيوم الدخان يوم فتح مكة حين دخل جيش المسلمين مكة فارتفع الغبار كالدخان المظلم، و ربما قيل: المراد به يوم القيامة، و القولان كما ترى.
و قوله: "يغشى الناس" أي يشملهم و يحيط بهم، و المراد بالناس أهل مكة على القول الأول، و عامة الناس على القول الثاني.
قوله تعالى: "هذا عذاب أليم ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون" حكاية قول الناس عند نزول عذاب الدخان أي يقول الناس يوم تأتي السماء بدخان مبين: هذا عذاب أليم و يسألون الله كشفه بالاعتراف بربوبيته و إظهار الإيمان بالدعوة الحقة فيقولون: ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون.
قوله تعالى: "أنى لهم الذكرى و قد جاءهم رسول مبين" أي من أين لهم أن يتذكروا و يذعنوا بالحق و الحال أنه قد جاءهم رسول مبين ظاهر في رسالته لا يقبل الارتياب و هو محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، و في الآية رد صدقهم في وعدهم.
قوله تعالى: "ثم تولوا عنه و قالوا معلم مجنون" التولي الإعراض، و ضمير "عنه" للرسول و "معلم مجنون" خبران لمبتدإ محذوف هو ضمير راجع إلى الرسول و المعنى: ثم أعرضوا عن الرسول و قالوا هو معلم مجنون فرموه أولا بأنه معلم يعلمه غيره فيسند ما تعلمه إلى الله سبحانه، قال تعالى: "و لقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر": النحل: 103، و ثانيا بأنه مجنون مختل العقل.
قوله تعالى: "إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون" أي إنا كاشفون للعذاب زمانا أنكم عائدون إلى ما كنتم فيه من الكفر و التكذيب هذا بناء على القول الأول و الآية تأكيد لرد صدقهم فيما وعدوه من الإيمان.
و أما على القول الثاني فالأقرب أن المعنى: أنكم عائدون إلى العذاب يوم القيامة.
قوله تعالى: "يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون" البطش - على ما ذكره الراغب - تناول الشيء بصولة، و هذا اليوم بناء على القول الأول المذكور يوم بدر و بناء على القول الثاني يوم القيامة، و ربما أيد توصيف البطشة بالكبرى هذا القول الثاني فإن بطش يوم القيامة و عذابه أكبر البطش و العذاب، قال تعالى: "فيعذبه الله العذاب الأكبر": الغاشية: 24، كما أن أجره أكبر الأجر قال تعالى: "و لأجر الآخرة أكبر": النحل: 41.
قوله تعالى: "و لقد فتنا قبلهم قوم فرعون و جاءهم رسول كريم" الفتنة الامتحان و الابتلاء للحصول على حقيقة الشيء، و قوله: "و جاءهم رسول كريم" إلخ، تفسير للامتحان، و الرسول الكريم موسى (عليه السلام)، و الكريم هو المتصف بالخصال الحميدة قال الراغب: الكرم إذا وصف الله تعالى به فهو اسم لإحسانه و إنعامه المتظاهر نحو قوله: "إن ربي غني كريم" و إذا وصف به الإنسان فهو اسم للأخلاق و الأفعال المحمودة التي تظهر منه، و لا يقال: هو كريم حتى يظهر ذلك منه، قال: و كل شيء شرف في بابه فإنه يوصف بالكرم قال تعالى: "أنبتنا فيها من كل زوج كريم" "و زروع و مقام كريم" "إنه لقرآن كريم" "و قل لهما قولا كريما" انتهى.
قوله تعالى: "أن أدوا إلى عباد الله إني لكم رسول أمين" تفسير لمجيء الرسول فإن معنى مجيء الرسول تبليغ الرسالة و كان من رسالة موسى (عليه السلام) إلى فرعون و قومه أن يرسلوا معهم بني إسرائيل و لا يعذبوهم، و المراد بعباد الله بنو إسرائيل و عبر عنهم بذلك استرحاما و تلويحا إلى أنهم في استكبارهم و تعديهم عليهم إنما يستكبرون على الله لأنهم عباد الله.
و في قوله: "إني لكم رسول أمين" حيث وصف نفسه بالأمانة دفع لاحتمال أن يخونهم في دعوى الرسالة و إنجاء بني إسرائيل من سيطرتهم فيخرج معهم عليهم فيخرجهم من أرضهم كما حكى تعالى عن فرعون إذ قال للملإ حوله: "إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره": الشعراء: 25.
و قيل: "عباد الله" نداء لفرعون و قومه و التقدير أن أدوا إلى ما آمركم به يا عباد الله، و لا يخلو من التقدير المخالف للظاهر.
قوله تعالى: "و أن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين" أي لا تتجبروا على الله بتكذيب رسالتي و الإعراض عما أمركم الله فإن تكذيب الرسول في رسالته استعلاء و تجبر على من أرسله و الدليل على أن المراد ذلك تعليل النهي بقوله: "إني آتيكم بسلطان مبين" أي حجة بارزة من الآيات المعجزة أو حجة المعجزة و حجة البرهان.
قيل: و من حسن التعبير الجمع بين التأدية و الأمين و كذا بين العلو و السلطان.
قوله تعالى: "و إني عذت بربي و ربكم أن ترجمون" أي التجأت إليه تعالى من رجمكم إياي فلا تقدرون على ذلك، و الظاهر أنه إشارة إلى ما آمنه ربه قبل المجيء إلى القوم كما في قوله تعالى: "قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قال لا تخافا إنني معكما أسمع و أرى": طه: 46.
و بما مر يظهر فساد ما قيل: إن هذا كان قبل أن يخبره الله بعجزهم عن رجمه بقوله سبحانه: "فلا يصلون إليكما".
قوله تعالى: "و إن لم تؤمنوا لي فاعتزلون" أي إن لم تؤمنوا لي فكونوا بمعزل مني لا لي و لا علي و لا تتعرضوا لي بخير أو شر، و قيل: المراد تنحوا عني و انقطعوا، و هو بعيد.
قوله تعالى: "فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون" أي دعاه بأن هؤلاء قوم مجرمون و قد ذكر من دعائه السبب الداعي له إلى الدعاء و هو إجرامهم إلى حد يستحقون معه الهلاك و يعلم ما سأله مما أجاب به ربه تعالى إذ قال: "فأسر بعبادي" إلخ، و هو الإهلاك.
قوله تعالى: "فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون" الإسراء: السير بالليل فيكون قوله: "ليلا" تأكيدا له و تصريحا به، و المراد بعبادي بنو إسرائيل، و قوله: "إنكم متبعون" أي يتبعكم فرعون و جنوده، و هو استئناف يخبر عما سيقع عقيب الإسراء.
و في الكلام إيجاز بالحذف و التقدير فقال له: أسر بعبادي ليلا إنكم متبعون يتبعكم فرعون و جنوده.
قوله تعالى: "و اترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون" قال في المفردات: و اترك البحر رهوا أي ساكنا، و قيل: سعة من الطريق و هو الصحيح.
انتهى.
و قوله: "إنهم جند مغرقون" تعليل لقوله: "و اترك البحر رهوا".
و في الكلام إيجاز بالحذف اختصارا و التقدير: أسر بعبادي ليلا يتبعكم فرعون و جنوده حتى إذا بلغتم البحر فاضربه بعصاك لينفتح طريق لجوازكم فجاوزوه و اتركه ساكنا أو مفتوحا على حاله فيدخلونه طمعا في إدراككم فهم جند مغرقون.
قوله تعالى: "كم تركوا من جنات و عيون و زروع و مقام كريم و نعمة كانوا فيها فاكهين كذلك" "كم" للتكثير أي كثيرا ما تركوا، و قوله: "من جنات" إلخ.
بيان لما تركوا، و المقام الكريم المساكن الحسنة الزاهية، و النعمة فتح النون التنعم و بناؤها بناء المرة كالضربة و بكسر النون قسم من التنعم و بناؤها بناء النوع كالجلسة و فسروا النعمة هاهنا بما يتنعم به و هو أنسب للترك، و فاكهين من الفكاهة بمعنى حديث الأنس و لعل المراد به هاهنا التمتع كما يتمتع بالفواكه و هي أنواع الثمار.
و قوله: "كذلك" قيل: معناه الأمر كذلك، و قيل: المعنى نفعل فعلا كذلك لمن نريد إهلاكه، و قيل: الإشارة إلى الإخراج المفهوم من الكلام السابق، و المعنى: مثل ذلك الإخراج أخرجناهم منها.
و يمكن أن يكون حالا من مفعول "تركوا" المحذوف و المعنى: كثيرا ما تركوا أشياء كذلك أي على حالها و الله أعلم.
قوله تعالى: "و أورثناها قوما آخرين" الضمير لمفعول "تركوا" المحذوف المبين بقوله: "من جنات" إلخ، و المعنى ظاهر.
قوله تعالى: "فما بكت عليهم السماء و الأرض و ما كانوا منظرين" بكاء السماء و الأرض على شيء فائت كناية تخييلية عن تأثرهما عن فوته و فقده فعدم بكائهما عليهم بعد إهلاكهم كناية عن هوان أمرهم على الله و عدم تأثير هلاكهم في شيء من أجزاء الكون.
و قوله: "و ما كانوا منظرين" كناية عن سرعة جريان القضاء الإلهي و القهر الربوبي في حقهم و عدم مصادفته لمانع يمنعه أو يحتاج إلى علاج في رفعه حتى يتأخر به.
قوله تعالى: "و لقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين" و هو ما يصيبهم و هم في أسارة فرعون من ذبح الأبناء و استحياء النساء و غير ذلك.
قوله تعالى: "من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين" "من فرعون" بدل من قوله: "من العذاب" إما بحذف مضاف و التقدير من عذاب فرعون، أو من غير حذف بجعل فرعون عين العذاب دعوى للمبالغة، و قوله: "إنه كان عاليا من المسرفين" أي متكبرا من أهل الإسراف و التعدي عن الحد.
قوله تعالى: "و لقد اخترناهم على علم على العالمين" أي اخترناهم على علم منا باستحقاقهم الاختيار على ما يفيده السياق.
و المراد بالعالمين جميع العالمين من الأمم إن كان المراد بالاختيار الاختيار من بعض الوجوه ككثرة الأنبياء فإنهم يمتازون من سائر الأمم بكثرة الأنبياء المبعوثين منهم و يمتازون بأن مر عليهم دهر طويل في التيه و هم يتظلون بالغمام و يأكلون المن و السلوى إلى غير ذلك.
و عالمو أهل زمانهم إن كان المراد بالاختيار مطلقة فإنهم لم يختاروا على الأمة الإسلامية التي خاطبهم الله تعالى بمثل قوله: "كنتم خير أمة أخرجت للناس": آل عمران: 110، و قوله: "هو اجتباكم و ما جعل عليكم في الدين من حرج": الحج: 78.
قوله تعالى: "و آتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين" البلاء الاختبار و الامتحان أي و أعطينا بني إسرائيل من الآيات المعجزات ما فيه امتحان ظاهر و لقد أوتوا من الآيات المعجزات ما لم يعهد في غيرهم من الأمم و ابتلوا بذلك ابتلاء مبينا.
قيل: و في قوله: "فيه" إشارة إلى أن هناك أمورا أخرى ككونه معجزة.
و في تذييل القصة بهذه الآيات الأربع أعني قوله: "و لقد نجينا بني إسرائيل" - إلى قوله - بلاء مبين" نوع تطييب لنفس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و إيماء إلى أن الله تعالى سينجيه و المؤمنين به من فراعنة مكة و يختارهم و يمكنهم في الأرض فينظر كيف يعملون.
بحث روائي
عن جوامع الجامع،: في قوله تعالى: "فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين" و اختلف في الدخان فقيل: إنه دخان يأتي من السماء قبل قيام الساعة يدخل في أسماع الكفرة حتى يكون رأس الواحد كالرأس الحنيذ و يعتري المؤمن منه كهيئة الزكام و يكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص يمد ذلك أربعين يوما، و روي ذلك عن علي و ابن عباس و الحسن: أقول: و رواه في الدر المنثور، عنهم و أيضا عن حذيفة بن اليمان و أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، و رواه أيضا عن ابن عمر موقوفا.
و في تفسير القمي،: في الآية قال: ذلك إذا خرجوا في الرجعة من القبر يغشى الناس كلهم الظلمة فيقولون: هذا عذاب أليم ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون.
و في المجمع، و روى زرارة بن أعين عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: بكت السماء على يحيى بن زكريا و الحسين بن علي (عليهما السلام) أربعين صباحا.
قلت: فما بكاؤها؟ قال: كانت تطلع حمراء و تغيب حمراء.
و في الدر المنثور، أخرج ابن أبي حاتم عن عبيد المكتب عن إبراهيم قال: ما بكت السماء منذ كانت الدنيا إلا على اثنين.
قيل لعبيد: أ ليس السماء و الأرض تبكي على المؤمن؟ قال: ذاك مقامه و حيث يصعد عمله.
قال: و تدري ما بكاء السماء؟ قال: لا.
قال: تحمر و تصير وردة كالدهان.
إن يحيى بن زكريا لما قتل احمرت السماء و قطرت دما، و إن الحسين بن علي يوم قتل احمرت السماء.
و في الفقيه، عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا مات المؤمن بكت عليه بقاع الأرض التي كان يعبد الله عز و جل فيها و الباب الذي كان يصعد منه عمله و موضع سجوده.
أقول: و في هذا المعنى و معنى الروايتين السابقتين روايات أخر من طرق الشيعة و أهل السنة.
و لو بني في معنى بكاء السماء و الأرض على ما يظهر من هذه الروايات لم يحتج إلى حمل بكائهما على الكناية التخييلية.
و في تفسير القمي،: في قوله تعالى: "و قالوا معلم مجنون" قال: قالوا ذلك لما نزل الوحي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخذه الغشي فقالوا: هو مجنون.