46 سورة الأحقاف - 21 - 28 - تفسیر المیزان جلد 18

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر المیزان - جلد 18

سیدمحمد حسین طباطبائی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


46 سورة الأحقاف - 21 - 28

وَ اذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَ قَدْ خَلَتِ النّذُرُ مِن بَينِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللّهَ إِنى أَخَاف عَلَيْكمْ عَذَاب يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) قَالُوا أَ جِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ ءَالهَِتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنت مِنَ الصدِقِينَ (22) قَالَ إِنّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللّهِ وَ أُبَلِّغُكم مّا أُرْسِلْت بِهِ وَ لَكِنى أَرَاشْ قَوْماً تجْهَلُونَ (23) فَلَمّا رَأَوْهُ عَارِضاً مّستَقْبِلَ أَوْدِيَتهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ ممْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا استَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كلّ شىْءِ بِأَمْرِ رَبهَا فَأَصبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسكِنهُمْ كَذَلِك نجْزِى الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) وَ لَقَدْ مَكّنّهُمْ فِيمَا إِن مّكّنّكُمْ فِيهِ وَ جَعَلْنَا لَهُمْ سمْعاً وَ أَبْصراً وَ أَفْئِدَةً فَمَا أَغْنى عَنهُمْ سمْعُهُمْ وَ لا أَبْصرُهُمْ وَ لا أَفْئِدَتهُم مِّن شىْءٍ إِذْ كانُوا يجْحَدُونَ بِئَايَتِ اللّهِ وَ حَاقَ بهِم مّا كانُوا بِهِ يَستهْزِءُونَ (26) وَ لَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكم مِّنَ الْقُرَى وَ صرّفْنَا الاَيَتِ لَعَلّهُمْ يَرْجِعُونَ (27) فَلَوْ لا نَصرَهُمُ الّذِينَ اتخَذُوا مِن دُونِ اللّهِ قُرْبَاناً ءَالهَِةَ بَلْ ضلّوا عَنْهُمْ وَ ذَلِك إِفْكُهُمْ وَ مَا كانُوا يَفْترُونَ (28)

بيان

لما قسم الناس على قسمين و انتهى الكلام إلى الإنذار عقب ذلك بالإشارة إلى قصتين قصة قوم عاد و هلاكهم و معها الإشارة إلى هلاك القرى التي حول مكة و قصة إيمان قوم من الجن صرفهم الله إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فاستمعوا القرآن فآمنوا و رجعوا إلى قومهم منذرين و إنما أورد القصتين ليعتبر بهما من شاء أن يعتبر منهم، و هذه الآيات المنقولة تتضمن أولى القصتين.


قوله تعالى: "و اذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف و قد خلت النذر من بين يديه و من خلفه" إلخ، أخو القوم هو المنسوب إليهم من جهة الأب، و المراد بأخي عاد هود النبي (عليه السلام)، و الأحقاف مسكن قوم عاد و المتيقن أنه في جنوب جزيرة العرب و لا أثر اليوم باقيا منهم، و اختلفوا أين هو؟ فقيل: واد بين عمان و مهرة، و قيل رمال بين عمان إلى حضرموت، و قيل: رمال مشرفة على البحر بالشحر من أرض اليمن و قيل غير ذلك.


و قوله: "و قد خلت النذر من بين يديه و من خلفه" النذر جمع نذير و المراد به الرسول على ما يفيده السياق، و أما تعميم بعضهم الندر للرسول و نوابهم من العلماء ففي غير محله.


و فسروا "من بين يديه" بالذين كانوا قبله و "من خلفه" بالذين جاءوا بعده و يمكن العكس بأن يكون المراد بالنذر بين يديه من كانوا في زمانه، و من خلفه من كان قبله، و الأولى على الأول أن يكون المراد بخلو النذر من بين يديه و من خلفه أن يكون كناية عن مجيئه إليهم و إنذاره لهم على فترة من الرسل.


و قوله: "ألا تعبدوا إلا الله" تفسير للإنذار و فيه إشارة إلى أن أساس دينه الذي يرجع إليه تفاصيله هو التوحيد.


و قوله: "إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم" تعليل لدعوتهم إلى التوحيد، و الظاهر أن المراد باليوم العظيم يوم عذاب الاستئصال لا يوم القيامة يدل على ذلك ما سيأتي من قولهم: "فائتنا بما تعدنا" و قوله: "بل هو ما استعجلتم به" و الباقي ظاهر.


قوله تعالى: "قالوا أ جئتنا لتأفكنا عن آلهتنا" إلخ، جواب القوم له قبال إنذاره، و قوله: "لتأفكنا عن آلهتنا" بتضمين الإفك و هو الكذب و الفرية معنى الصرف و المعنى: قالوا أ جئتنا لتصرفنا عن آلهتنا إفكا و افتراء.


و قوله: "فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين" أمر تعجيزي منهم له زعما منهم أنه (عليه السلام) كاذب في دعواته آفك في إنذاره.


قوله تعالى: "قال إنما العلم عند الله و أبلغكم ما أرسلت به" إلخ، جواب هود عن قولهم ردا عليهم، فقوله: "إنما العلم عند الله" قصر العلم بنزول العذاب فيه تعالى لأنه من الغيب الذي لا يعلم حقيقته إلا الله جل شأنه، و هو كناية عن أنه (عليه السلام) لا علم له بأنه ما هو؟ و لا كيف هو؟ و لا متى هو؟ و لذلك عقبه بقوله: "و أبلغكم ما أرسلت به" أي إن الذي حملته و أرسلت به إليكم هو الذي أبلغكموه و لا علم لي بالعذاب الذي أمرت بإنذاركم به ما هو؟ و كيف هو؟ و متى هو؟ و لا قدرة لي عليه.


و قوله: "و لكني أراكم قوما تجهلون" إضراب عما يدل عليه الكلام من نفيه العلم عن نفسه، و المعنى: لا علم لي بما تستعجلون به من العذاب و لكني أراكم قوما تجهلون فلا تميزون ما ينفعكم مما يضركم و خيركم من شركم حين تردون دعوة الله و تكذبون بآياته و تستهزءون بما يوعدكم به من العذاب.


قوله تعالى: "فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا" إلخ، صفة نزول العذاب إليهم بادىء ظهوره عليهم.


و العارض هو السحاب يعرض في الأفق ثم يطبق السماء و هو صفة العذاب الذي يرجع إليه ضمير "رأوه" المعلوم من السياق، و قوله: "مستقبل أوديتهم" صفة أخرى له، و الأودية جمع الوادي، و قوله: "قالوا هذا عارض ممطرنا" أي استبشروا ظنا منهم أنه سحاب عارض ممطر لهم فقالوا: هذا الذي نشاهده سحاب عارض ممطر إيانا.


و قوله: "بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم" رد لقولهم: "هذا عارض ممطرنا" بالإضراب عنه إلى بيان الحقيقة فبين أولا على طريق التهكم أنه العذاب الذي استعجلتم به حين قلتم: "فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين" و زاد في البيان ثانيا بقوله: "ريح فيها عذاب أليم".


و الكلام من كلامه تعالى و قيل: هو كلام لهود النبي (عليه السلام).


قوله تعالى: "تدمر كل شيء بإذن ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين" التدمير الإهلاك، و تعلقه بكل شيء و إن كان يفيد عموم التدمير لكن السياق يخصصه بنحو الإنسان و الدواب و الأموال، فالمعنى: أن تلك الريح ريح تهلك كل ما مرت عليه من إنسان و دواب و أموال.


و قوله: "فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم" بيان لنتيجة نزول العذاب، و قوله: "كذلك نجزي القوم المجرمين" إعطاء ضابط كلي في مجازاة المجرمين بتشبيه الكلي بالفرد الممثل به و التشبيه في الشدة أي إن سنتنا في جزاء المجرمين على هذا النحو الذي قصصناه من الشدة فهو كقوله تعالى: "و كذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى و هي ظالمة إن أخذه أليم شديد": هود: 102.


قوله تعالى: "و لقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه" إلخ، موعظة لكفار مكة مستنتجة من القصة.


و التمكين إقرار الشيء و إثباته في المكان، و هو كناية عن إعطاء القدرة و الاستطاعة في التصرف و "ما" في "فيما" موصولة أو موصوفة و "إن" نافية، و المعنى: و لقد جعلنا قوم هود في الذي - أو في شيء - ما مكناكم معشر كفار مكة و من يتلوكم فيه من بسطة الأجسام و قوة الأبدان و البطش الشديد و القدرة القومية.


و قوله: "و جعلنا لهم سمعا و أبصارا و أفئدة" أي جهزناهم بما يدركون به ما ينفعهم و ما يضرهم و هو السمع و الأبصار و ما يميزون به ما ينفعهم مما يضرهم فيحتالون لجلب النفع و لدفع الضر بما قدروا كما أن لكم ذلك.


و قوله: "فما أغنى عنهم سمعهم و لا أبصارهم و لا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله" ما في "فما أغنى" نافية لا استفهامية، و "إذ" ظرف متعلق بالنفي الذي في قوله: "فما أغنى".


و محصل المعنى: أنهم كانوا من التمكن على ما ليس لكم ذلك و كان لهم من أدوات الإدراك و التمييز ما يحتال به الإنسان لدفع المكاره و الاتقاء من الحوادث المهلكة المبيدة لكن لم يغن عنهم و لم ينفعهم هذه المشاعر و الأفئدة شيئا عند ما جحدوا آيات الله فما الذي يؤمنكم من عذاب الله و أنتم جاحدون لآيات الله.


و قيل: معنى الآية: و لقد مكناهم في الذي أو في شيء ما مكناكم فيه من القوة و الاستطاعة و جعلنا لهم سمعا و أبصارا و أفئدة ليستعملوها فيما خلقت له و يسمعوا كلمة الحق و يشاهدوا آيات التوحيد و يعتبروا بالتفكر في العبر، و يستدلوا بالتعقل الصحيح على المبدإ و المعاد فما أغنى عنهم سمعهم و لا أبصارهم و لا أفئدتهم من شيء حيث لم يستعملوها فيما يوصل إلى معرفة الله سبحانه، هذا و لعل الذي قدمناه من المعنى أنسب للسياق.


و قد جوزوا في مفردات الآية وجوها لم نوردها لعدم جدوى فيها.


و قد تقدم في نظائر قوله: "سمعا و أبصارا و أفئدة" أن إفراد السمع - و المراد منه الجمع - لمكان مصدريته في الأصل نظير الضيف و القربان و الجنب، قال تعالى: "ضيف إبراهيم المكرمين": الذاريات: 24 و قال: "إذ قربا قربانا": المائدة: 27، و قال: "و إن كنتم جنبا": المائدة: 6.


و قوله: "و حاق بهم ما كانوا به يستهزءون" عطف على قوله: "ما أغنى عنهم" إلخ.


قوله تعالى: "و لقد أهلكنا ما حولكم من القرى" تذكرة إنذارية متفرعة على العظة التي في قوله: "و لقد مكناهم" إلخ، فهي معطوفة عليه على ما يفيده السياق لا على قوله: "و اذكر أخا عاد".


و قوله: "و صرفنا الآيات لعلهم يرجعون" أي و صيرنا الآيات المختلفة من معجزة أيدنا بها الأنبياء و وحي أنزلناه عليهم و نعم رزقناهموها ليتذكروا بها و نقم ابتليناهم بها ليتوبوا و ينصرفوا عن ظلمهم لعلهم يرجعون من عبادة غير الله سبحانه إلى عبادته.


و الضمير في "لعلهم يرجعون" راجع إلى القرى و المراد بها أهل القرى.


قوله تعالى: "فلو لا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة" إلخ، ظاهر السياق أن آلهة مفعول ثان لاتخذوا و مفعوله الأول هو الضمير الراجع إلى الموصول و "قربانا" بمعنى ما يتقرب به، و الكلام مسوق للتهكم، و المعنى: فلو لا نصرهم الذين اتخذوهم آلهة حال كونهم متقربا بهم إلى الله كما كانوا يقولون: "ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى".


و قوله: "بل ضلوا عنهم" أي ضل الآلهة عن أهل القرى و انقطعت رابطة الألوهية و العبودية التي كانوا يزعمونها و يرجون بذلك أن ينصروهم عند الشدائد و المكاره فالضلال عنهم كناية عن بطلان مزعمتهم.


و قوله: "و ذلك إفكهم و ما كانوا يفترون" مبتدأ و خبر و الإشارة إلى ضلال آلهتهم، و المراد بالإفك أثر الإفك أو بتقدير مضاف، و "ما" مصدرية، و المعنى: و ذلك الضلال أثر إفكهم و افترائهم.


و يمكن أن يكون الكلام على صورته من غير تقدير مضاف أو تجوز و الإشارة إلى إهلاكهم بعد تصريف الآيات و ضلال آلهتهم عند ذلك، و محصل المعنى: أن هذا الذي ذكرناه من عاقبة أمرهم هو حقيقة زعمهم أن الآلهة يشفعون لهم و يقربونهم من الله زعمهم الذي أفكوه و افتروه، و الكلام مسوق للتهكم.


/ 41