مدن الملح: الأخدود والكنز المفقود - آفاق الروایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آفاق الروایة - نسخه متنی

محمد شاهین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


مدن الملح: الأخدود والكنز المفقود

الواقعية في صورة الواقع

عندما يجد الكاتب نفسه مسكوناً بهمّ عام يخصّ السواد الأعظم من بني قومه، أو بقضية تمسّ الواقع اليومي لبني جنسه، أو بتاريخ يشمل تغيّرات سياسية واقتصادية واجتماعية يعيشها وطنه الصغير أو الكبير، عندما يجد الكاتب نفسه وقد وقع تحت إلحاح شديد يطلب التعبير عمّا يعتمر بنفسه نحو قضايا مصيرية، تلعب دوراً هامّاً في تشكيل إنسانية الإنسان وتوجيهها نحو منظور معيّن -عندما يجد الكاتب نفسه يعيش هذه الحالة أو تلك لا يجد غير الرواية شكلاً أنسب للتعبير عن النظرة الشاملة التي يطوّق بها آفاق واقع يسكن خياله ولا يرضى غير التعبير عنه بالرواية بديلاً.

نقرأ عبد الرحمن منيف ونشعر على الفور أنّ الرواية وجدته، وأنّه وجد الرواية في آن واحد. إنّ التلقائية التي يقصّ بها علينا روايته تدلّل على أنّه حشد كل ما يلزم الرواية من تقنية، ووقف على حيثيات التاريخ والحياة الاجتماعية وسبر غورها، قبل أن يشكّلها من جديد ويكثّفها في نظرة شمولية تطلّ على واقع يتجدّد، بل ويتسارع في التجديد نتيجة التغيّر الذي حلّ به. في مدن الملح: الأخدود يذكر لنا عبد الرحمن منيف على لسان صبحي المحملجي الذي يعرف أكثر ما يعرف بكنية أطلقها عليه عبد الرحمن منيف، وهي الحكيم، أنّ التركيبة الاجتماعية تقسم إلى قسمين رئيسيين: الأولى، القشرة الصلبة، وهي شعب موران وحران التي تكوّن حياة المجتمع في هذين المكانين كظاهرة طبيعية ثابتة على مدى الدهر مهما قست الحياة الصحراوية على هذا الشعب الذي هو امتداد طبيعي وتاريخي لحياة الصحراء الأزلية؛ والثانية، هي كما يسمّيها الحكيم الصخرة الصلبة التي تتكوّن من السلطنة والسلطان والتي هي، كما يعتقد الحكيم، الأساس. فالقشرة مهما كانت صلبة تظلّ قشرة كما يوضّح الحكيم, وهنا تكمن المفارقة طبعاً، إذ إنّ الصلابة لا تتمثل في القشرة بل في الصخرة، لا في الشعب كما هو منطق الأحداث بل في الحاكم. وهذا هو بيت القصيد في مدن الملح وهذا هو من وجهة نظر الراوي الشمولية ومنظوره الفنّي المركز الذي ترتكز إليه بوصلة المفارقة. وهكذا تصبح التركيبة سلطان أو سلطنة (أرضية صلبة) أعواناً خارجيين أو دخلاء أو غرباء، ومنافسين أو حاسدين أقل درجة من القشرة الصلبة إلى آخر ذلك من مسمّيات، وهم يستحوذون لسبب أو لآخر على الصخرة الصلبة.

انطلق عبد الرحمن منيف من هذه التركيبة المعقّدة وجعل البترول قوة جاذبية مهيمنة مسيطرة على جميع الأطراف، مشكّلة مسرحاً للأحداث تتنافس وتتنافر وتتحارب هذه الأطراف عليه، كلٌّ يتّجه إلى التقرّب من الصخرة الصلبة، لأنها هي المسيطر المحرّك لوقود البترول، لو ظلّ الأمر على ماهو قبل البترول. بكل بساطة العلاقة بين السطح والعمق لما تطلّبت هذه العلاقة أكثر من ديوان شعر يلمّ أو يلملم حالتها. أمّا وقد فجَّر البترول أبعاداً بعيدة في هذه العلاقة فلم يبقَ إلاّ الرواية معيناً على الوصف والتعبير، إذ إنّ دهاليز الواقع الذي خلّفه البترول، لا يغطّيها إلاّ تقنية مفتوحة على كل التقنيات وأكثر من ذلك، فتقنية الرواية، كما نعلم مفتوحة أكثر من غيرها على الواقع المتشعّب الأطراف والزوايا.

/ 137