12 - ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الجماع مستقبل القبلة ومستدبرها". ([115])
تفصيل القول:
1 - كيفية الاستقبال تعود الى العرف ، ونعرف ذلك بما يلي :
الف - فإذا كان وجه المصلي ومقاديم بدنه شطر المسجد الحرام كفاه، حتى ولولم تتجه اليها اصابع رجله ، ووضع يديه وركبتيه .
باء - ومن صلى جالساً فعليه ان يتولى بوجهه ومجمل بدنه الى القبلة، حتى ولو لم يكن رأس ركبتيه اليها .
جيم - ومن صلى مضطجعاً فعليه ان يتولى بوجهه الى القبلة، فيكون كوضع الميت في قبره على احتياط اذا كان مضطجعاً على جنبه الايمن، او بعكسه إذا كان مضطجعاً على جنبه الايسر .
دال - ومن صلى مستلقياً فالاحوط ان يصلي وباطن قدميه الى القبلة، بحيث لو جلس توجه تلقاء القبلة، تماماً كهيئة المحتضر. .
2 - يوجه المحتضر الى القبلة ان امكن بالطريقة السابقة . وعند الصلاة على الميت ، يوضع امام المصلي وطرف رأسه على يمينه ، وفي القبر يضطجع الميت على يمينه بحيث يكون وجهه الى القبلة .
3 - عند الذبح يوجه مقاديم بدن الحيوان الى القبلة ، واحتاطوا بان يكون الذابح مستقبلاً ايضاً .
4 - يستحب استقبال القبلة عند الدعاء ، وقراءة القرآن والذكر، وعند المرافعة الى القضاء ، وفي سجدة الشكر ، وسجدة التلاوة ، ويكره عند الجماع ولبس السروال .
5 - يسقط واجب الاستقبال عند الاضطرار كصلاة المطاردة ، وكما اذا اضطـررت الى الصلاة راكبـاً، وهكذا عند ذبح الدابة الهائجة او المترديـة فـي بئـر.
6 - من لم يستقبل القبلة متعمداً فعليه اعادة صلاته، ومن لم يتعمد وكان جاهلاً بجهة القبلة، وقد ضاق به الوقت، او ذهل عنها او اجتهد فاخطأ فانحرف عنها يسيراً "كما بين المشرق والمغرب عندما تكون القبلة الى الجنوب او الشمال ([116]) " فصلاته ماضية، وإلاّ اعاد الصلاة في الوقت لاخارجه، وذلك بان استدبرها او صلى الى المشرق او المغرب، مثلا (فيمن قبلته الجنوب ) .
7 - ومن اجتهد فاخطأ وصلى مستدبراً القبلة او الى يمينها او شمالها تمامـاً،
فان عرف القبلة في الوقت اعادها، والا مضت صلاته . والاحتياط يقتضي الاعادة مطلقـاً . وكذلك حكم الجاهل والناسي والغافل .
وان كان الاحتياط بالاعادة في الوقت آكد هنا ، ولا يترك الاحتياط في الجاهل بالحكم .
8 - اذا تبين الخلل في القبلة اثناء الصلاة وكان انحرافه عنها يسيراً فعليه ان يستقيم اليها ولا يستأنف الصلاة . وان كان انحرافاً الى اليمين او اليسار او الخلف فعليه ان يستأنفها .
احكام الستر
1- وجـوب الستـر
السنة الشريفة:
1 - روى محمد بن مسلم: رأيت ابا جعفر عليه السلام يصلي في ازار واحد ليس بواسع قد عقد على عنقه، فقلت له: ما ترى للرجل يصلي في قميص واحد؟ فقال: اذا كان كثيفاً فلا بأس به، والمرأة تصلي في الدرع والمقنعة اذا كان الدرع كثيفـاً يعني اذا كان ستيراً.([117])
2 - قال الامام علي عليه السلام: عليكم بالصفيق ([118]) من الثياب، فان من رق ثوبهُ رق دينه، لا يقومنَّ احدكم بين يدي الرب جل جلاله وعليه ثوب يشفّ. تجزي الصلاة للرجل في ثوب واحد يعقد طرفيه على عنقه، وفي القميص الصفيق يزرّ عليه. ([119])
3 - وقال الامام الصادق عليه السلام: لا يصلح للمرأة المسلمة ان تلبس من الخُمر والدروع مالا يواري شيئاً. ([120])
4 - روى الامام الصادق عليه السلام عن الامام علي عليه السلام انه قال: إذا حاضت الجارية فلا تصلي الا بخمار. ([121])
5 - سُئل الامام الكاظم عليه السلام عن الرجل صلى وفرجه خارج لا يعلم به، هل عليه إعادة او ما حاله؟ فقال الامام: لا إعادة عليه، وقد تمت صلاته. ([122])
6 - روي عن الامام الباقر عليه السلام قوله: من غرقت ثيابه فلا ينبغي ان يصلي حتى يخاف ذهاب الوقت، يبتغي ثياباً، فإن لم يجد صلى عرياناً جالساً يومئ ايماءً يجعل سجوده اخفض من ركوعه، فان كانوا جماعة تباعدوا في المجالس ، ثم صلوا كذلك فرادى. ([123])
تفصيل القول:
1 - يجب الستر حال الصلاة على الرجل والمرأة، سواء كان هناك ناظر أم لم يكن، كما يجب الستر في توابع الصلاة كقضاء السجدة المنسية والتشهد المنسي، وايضاً سجدتي السهو على احتياط مستحب، ولا يجب الستر في صلاة الميت، الا انه مستحب. كما لا يجب في سجدة التلاوة وسجدة الشكر، ولا فرق في وجوب الستر بين الصلوات الواجبة والمندوبة.
2 - الستر الواجب على الرجل حال الصلاة هو: ستر العورتين، ويستحب ستر ما بين السرة والركبة.
3 - واما الستر الواجب على المرأة فهو: ستر جميع البدن حتى الرأس والشعـر، ما عدا الوجه، واليدين الى الـزنـديـن والقدمـين باطنهمـا والظـاهــر.
4 - لا يجب على المرأة حال الصلاة ان تستر او ترفع ما على الوجه من الزينة كالكحــل والحمرة وسائر مساحيق وادهان الزينة، ولا الحلي، وان قلنا بوجوب ستر هذه الامور من الناظر، والاحوط ان تستر الشعر الموصـول بشعرها.
5 - الصبية التي لم تبلغ البلوغ الشرعي بعد، لا يجب عليها ستر الشعر والرأس والرقبة اثناء الصلاة ولو قلنا بصحة صلاتها وشرعيتها.
6 - إذا تعمد المصلي - الرجل او المرأة - ترك الستر منذ الدخول في الصلاة او في اثنائها بطلت الصلاة، اما اذا نسي الستر منذ البداية او في الاثناء، وكذلك اذا ترك الستر غفلة، فالاقوى صحة صلاته وان كان الاحتياط يقتضي الاعادة بعد اتمام الصلاة، واما من ترك الستر جهلاً بهذا الحكم الشرعي فهو كالعامد احتياطـاً.
7 - إذا ظهر اثناء الصلاة شيء من الاعضاء الواجب سترها بسبب هبوب ريح او بسبب غفلة المصلي لم تبطل الصلاة، ولكن اذا علم المصلي بذلك اثناء الصلاة وجب عليه المبادرة الى ستره وكانت صلاته صحيحة، الا ان الاحتياط يقتضي إعادة الصلاة مرة اخرى بعد الاتمام خاصة اذا استغرق الستر زمناً طويلاً.
8 - اذا كان اللباس مخرَّقاً او قصيراً بحيث يستر المقدار الواجب في حالة دون اخرى، كما لو كان يستر اثناء القيام ولا يستر حال الركوع او السجود، فشروع الصلاة مع هذا اللباس جائز شرط ان يستر المصلي عورته في الحالات الاخرى قبل ان تظهر وبأية طريقة ممكنة.
9 - يجوز استخدام اوراق الشجر او العلف والحشيش والقطن والصوف كساتر، ولكن الاحتياط الستر بهذه الامور في حالات الاضطرار فقط، ولا يجوز الستر بالطلي بالطين والوحل الا في الحالات الاستثنائية ، والافضل في الحالات العادية الستر بالملابس المتعارفة.
10 - من لم يكن له ساتر شرعي بالشروط الآتية وجب عليه السعي للحصـول عليه ولو بشراء او اجارة ولو باكثر من القيمة السوقية، ما لم يكن مجحفـــاً بحاله او مضراً بماله، كما يجب قبول الهبة او العارية اذا لم يكن فيهما حرج، بل يجب الاستيهاب والاستعارة ان لم يكن فيهما حرج ايضـاً.
11 - من لم يكن عنده ساتر شرعي واحتمل توفره قبل انتهاء وقت الفريضة، وجب -احتياطاً بل على الاقوى- تأخير الصلاة عن اول الوقت ريثما يتوفر الساتر، او يصلي في آخر الوقت حسب وظيفته الشرعية ان لم يتوفر.
2 - شروط الساتر
بالاضافة الى كيفية الستر الواجب في الصلاة، والتي ذكرت في التفصيل السابق يشترط في لباس المصلي ستة شروط:
1 - الطهارة.
2 - الاباحة .
3 - ان لا يكون من اجزاء الميتة.
4 - ان لا يكون من اجزاء الحيوان حرام اللحم.
5 و6 - ان لا يكون من الذهب والحرير للرجال.
واليك تفاصيل الشروط:
الاول: الطهـارة
السنة الشريفة:
1 - يقول خيران الخادم: كتبت الى الرجل (الامام المعصوم) عليه السلام اسأله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير أيصلى فيه أم لا؟ فان اصحابنا قد اختلفوا فيه، فقال بعضهم: صل فيه فان الله انما حرّم شربها، وقال بعضهم: لا تصلِّ فيه، فكتب عليه السلام: لا تصل فيه فإنه رجس. ([124])
2 - وروي عن الامام الصادق عليه السلام: لا بـأس بالصـلاة في الشـيء
الذي لا تجوز الصلاة فيه وحده، يصيب القذر، مثل القلنسوة والتكة والجورب. ([125])
3 - وروى زرارة حديثاً مطولاً ذكره صاحب الوسائل مقطّعاً، يقول: سألت الامام عليه السلام: أصاب ثوبي دم رعاف او غيره او شيء من منيّ فَعَلَّمتُ أثره الى ان اصيب له الماء، فاصبت وحضرت الصلاة ونسيت ان بثوبي شيئاً وصليت، ثم اني ذكرت بعد ذلك؟
قال الامام: تعيد الصلاة وتغسله.
قلت: فإن لم اكن رأيت موضعه وعَلِمْتُ انه اصابه فطلبته فلم اقدر عليه ، فلما صلّيت وجدته؟
قال: تغسله وتعيد. ([126])
قلت: فإن ظننت انه قد اصابه ولم اتيقن ذلك فنظرت فلم أَرَ فيه شيئاً ثم صليت فرأيت فيه؟
قال: تغسله، ولا تعيد الصلاة.
قلت: لم ذاك؟
قال: لانك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت فليس ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك ابداً. ([127])
قلت: فاني قد علمت انه قد اصابه ولم أدر أين هو فأغسله؟
قال: تغسل من ثوبك الناحية التي ترى انه اصابها، حتى تكون على يقين من طهارتك.
قلت: فهل علي ان شككت في انه اصابه شيء ان انظر فيه ؟
قال: لا، ولكنك انما تريد ان تذهب الشك الذي وقع في نفسك. ([128])
قلت: ان رأيته في ثوبي وانا في الصلاة؟
قال: تنقض الصلاة وتعيد إذا شككت في موضع منه ثم رأيته، وان لم تشك ثم رأيته رطباً قطعت وغسلته ثم بنيت على الصلاة لانك لا تدري لعله شيء واقع عليك، فليس ينبغي ان تنقض اليقين بالشك ابداً. ([129])
4 - سُئل الامام الصادق عليه السلام عن الرجل يبول فيصيب فخذه قدر نكتــة من بوله فيصلي ويذكر بعد ذلك أنه لم يغسلها ؟ قال الامام: يغسلها
ويعيد صلاته. ([130])
5 - روى ابو بصير عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال: ان اصاب ثوب الرجل الدم فصلى فيه وهو لا يعلم فلا اعادة عليه ، وان هو علم قبل ان يصلي فنسي وصلى فيه فعليه الاعادة. ([131])
6 - وروي عن الامام علي عليه السلام قوله: ما أبالي ابول اصابني ام ماء اذا لم اعلم. ([132])
7 - وقال ابو بصير: سألت ابا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى في ثوب فيه جنابة ركعتين ثم علم به ؟ فقال: عليه ان يبتدي الصلاة، وسألته عن رجل يصلي وفي ثوبه جنابة او دم حتى فرغ من صلاته ثم علم؟ قال: مضت صلاته ولا شيء عليه. ([133])
8 - روى محمد بن مسلم: قلت له (اي الامام عليه السلام): الدم يكون في الثوب عليّ وانا في الصلاة، قال: ان رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصلِّ في غيره، وان لم يكن عليك ثوب غيره فامضِ في صلاتك ولا اعادة عليك ما لم يزد على مقدار الدرهم، وما كان اقل من ذلك فليس بشيء ، رأيته او لم تره، واذا كنت قد رأيته وهو اكثر من مقدار الدرهم فضيّعت غسله وصليت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صليت فيه. ([134])
9 - كتب صفوان بن يحيى الى ابي الحسن عليه السلام يسأله عن الرجل معه ثوبان فاصاب احدهما بول، ولم يدر ايهما هو وحضرت الصلاة وخاف فوتها وليس عنده ماء كيف يصنع؟ قال: يصلي فيهما جميعـاً. ([135])
تفصيل القول:
1 - الشرط الاول لملابس المصلي هو ان تكون جميعها، وكذلك بدن المصلي طاهراً حال الصلاة، ولو تعمد الصلاة مع نجاسة الثوب او البدن، بطلت صلاته.
2 - يستثنى من هذا الشرط القطع الصغيرة من الثياب التي لا تستر لوحـدها المقدار الواجب من بدن الرجل كالجورب والقبعة ، وسيأتي الحديث عنها.
3 - حكم الجاهل بنجاسة شيء من الاعيان النجسة، او الجاهل باشتراط الطهارة في الصلاة كحكم العامد.
4 - ويلحق بحكم الثوب كل ما يلتحف به من يصلي مستلقياً، سواء كان الغطاء ساتراً أم كان الساتر غيره، وان كان الاقوى عدم اشتراط الطهارة فيما اذا لم يكن الغطاء ساتراً ولم يعد ملبوسـاً.
5 - انما تبطل الصلاة اذا كان المصلي عالماً بوجود النجاسة في ثيابه او بدنه، ولهذه القاعدة فروع:
الف - إذا اكتشـف المصلـي بعد الفـراغ من الصلاة ان ثوبه او بدنه كان
نجساً صحت صلاته، ولكن الاحوط استحبابـاً إعادة الصلاة اذا كان الوقت باقيـاً.
ب - اما إذا كان الشخص يعلم بنجاسة ثوبه او بدنه، ولكنه نسي ذلك وصلى مع نجاسة الثوب او البدن، فان عليه اعادة الصلاة في الوقت وقضاءها خارج الوقت احتياطاً واجباً. ولا فرق في ذلك بين العلم بالنجاسة بعد الصلاة او في اثنائها.
ج - إذا اكتشف اثناء الصلاة وجود نجاسة سابقة في ثوبه او بدنه، بطلت صلاته مع سعة الوقت. اما اذا كان الوقت ضيقاً ، فان امكن التطهير او التبديــل فوراً ودون ان يستدعي قطع الصلاة فعل ذلك واتم صلاته وكانت
صحيحة، وان لم يمكن اتم الصلاة وكانت صحيحة.
د - إذا اكتشف اثناء الصلاة حدوث نجاسة في ثوبه وبدنه وهو في حالة الصلاة، او علم بوجود النجاسة واحتمل ان تكون حادثة، فمع سعة الوقت وامكانية التطهير او التبديل دون وقوع ما ينافي الصلاة، او امكانية القاء الثوب النجس عن بدنه لوجود ثوب آخر عليه، فعل ذلك واتم صلاته وكانت صحيحة ، ومع عدم امكانية ذلك اعاد صلاته ، اما مع ضيق الوقت فانه يتم الصلاة مع النجاسة ولا شيء عليه.
6 - بناءً على القاعدة السالفة فالجهل بالنجاسة لايوجب بطلان الصلاة وإن وقعت الصلاة مع وجود النجاسة واقعاً، وامثلة ذلك كثيرة نشير الى بعضها:
الف - إذا طهر ثوبه النجس وايقن بطهارته، ولكن بعد الصلاة فيه اكتشف
بقـاء النجاسة.
ب - إذا كان ثوبه طاهراً ثم شك في نجاسته وبعد الصلاة فيه اكتشف انه كان نجساً فعلاً، فصلاته صحيحة لان اليقين لا ينقض بالشك ابداً - كما في الحديث عن الامام عليه السلام- .
ج - إذا علم بنجاسة الثوب ولكن المسؤول عن تطهيره اخبر بطهارته ، او شهد عادلان بذلك، فصلى فيه ثم اكتشف الخلاف.
هـ - اذا وقعت قطرة من الدم او غيره من النجاسات وشك في انها وقعت على ثوبه او على الارض، واكتشف بعد الصلاة انها كانت قد وقعت على ثوبه.
د - إذا رأى في ثوبه او بدنه دماً وايقن بأنه مما لا يضر بصحة الصلاة كدم البق ، او دم الجروح المستثنى في الصلاة، او زعم أنه أقل من حجم الدرهم، ثم اكتشف بعد الصلاة انه كان مما لا تجوز فيه الصلاة او كان اكثر من القدر المجاز .
و - إذا علم بنجاسة شيء ثم نسي ذلك فمسه بثوبه او بدنه برطوبة ثم بعد الصلاة تذكر نجاسة ذلك الشيء.
ففي كل هذه الحالات تكون صلاته صحيحة ولا شيء عليه .
7 - من لم يكن لديه إلاّ ثوب نجس واحد ، صلى فيه وصحت صلاته، خاصة مع عدم امكانية نزعه بسبب برد او مرض او وجود ناظر محترم، واما مع امكانية نزعه كما اذا كان في مكان مستور او في فلاة فانه يصلي ايضاً في الثوب ولكن الاحوط استحباباً تكرار الصلاة عاريـاً .
8 - من كان له ثوبان يعلم بنجاسة احدهما دون تحديد، فان كان في سعة من الوقت كرر الصلاة في الثوبين، اما اذا لم يمكن تكرار الصلاة بسبب ضيق الوقت صلى في احدهما في الوقت ، وصلى - احتياطاً- في ثوب آخر قضاءً خارج الوقت، ويمكنه ان يصلي في الثوب الآخر.
المستثينات من الطهارة
السنة الشريفة:
1 - روى ليث المرادي: قلت لابي عبد الله عليه السـلام : الرجـل تكـون به الدماميل والقروح ، فجلده وثيابه مملوّة دماً وقيحــاً وثيـابه بمنـزلـة
جلده ، فقال: يصلي في ثيابه ولا يغسلها ولا شيء عليه. ([136])
2 - وروي عن الامام الصادق عليه السلام ايضاً: إذا كان بالرجل جرح سائل فاصاب ثوبه من دمه فلا يغسله حتى يبرأ وينقطع الدم. ([137])
3 - وقال الامام الباقر عليه السلام في الدم يكون في الثوب: ان كان اقل من قدر الدرهم فلا يعيد الصلاة، وان كان اكثر من قدر الدرهم وكان رآه فلم يغسل حتى صلى فليعد صلاته، وان لم يكن رآه حتى صلى فلا يعيد الصلاة. ([138])
4 - روى ابو بصير عن الامام الصادق، او الامام الباقر عليهما السلام انه قال: لا تعاد الصلاة من دم لا تبصره غير دم الحيض فان قليله وكثيره في الثوب ان رآه او لم يره سواء. ([139])
5 - سأل محمد الحلبي أبا عبـد الله الصادق عليه السلام عن الرجل يجنب في الثوب او يصيبه بول وليس معه ثوب غيره، قال الامام: يصلي فيه اذا اضطر اليه. ([140])
6 - وسُئل الامام الصادق عليه السلام عن امرأة ليس لها الا قميص واحد ولها مولود فيبول عليها كيف تصنع؟ قال: تغسل القميص في اليوم مرة. ([141])
تفصيل القول:
ويستثنى من اشتراط طهارة الثوب والبدن في الصلاة امور عدة وردت بها النصوص:
1 - تلوث ثوب او بدن المصلي بدم الجروح والقروح الموجودة حالياً في بدنه حتى تبرأ تماماً، فتجوز الصلاة مع هذا الدم في حالة صعوبة تغيير الثوب او ازالة الدم من البدن وتطهيره، وبشرط ان يكون الجرح كبيراً ومستقراً، اما الجروح الصغيرة الآنية التي تبرأ سريعاً فلا يعفى عن دمها.
- بناءً عليه فان الصلاة تصح مع الدماء التي تلوث ثياب وبدن المصاب بسبب حوادث الاصطدام مثلاً، او بسبب العمليات الجراحية ويصعب ازالتها.
- ولا يعتبر دم الرعاف او الدم الخارج من الفم واللثة من المستثنيات لانه ليس من دماء الجروح.
2 - تلوث البدن او الثوب بالدم - سواء كان دم نفسه او غيره او من حيوان حلال اللحم- بما يقل عن حجم الدرهم وهو - كما في المشهور- ما يساوي حجم عقد ابهام اليد، ولا يشمل هذا الحكم دم الحيض والنفاس، اما دم الاستحاضة ودماء الحيوانات النجسة، ودم الميتة ودم مالا يؤكل لحمه، فعلى الاحتياط الواجب عدم صحة الصلاة فيها.
ويشترط في هذه المسألة ان لا تصل الى الدم رطوبة اخرى، فلو كان كذلك لم تصح الصلاة معه احتياطاً.
3 - تجوز الصلاة مع نجاسة الثوب او البدن في كل حالات الاضطرار، ومن امثلة ذلك:
- عدم امكانية التطهير او التبديل بسبب فقدان الماء، وعدم وجود الثوب البديل ، ووجود المانع من التعري كالبرد او المرض او الناظر المحترم.
- عدم امكانية التطهير او التبديل بسبب ضيق الوقت.
- عدم امكانية ذلك بسبب الخوف .
4 - المرأة المربية للصبي تستطيع ان تصلي في ثوبها المتنجس ببول الصبي وتصح صلاتها بالشروط التالية:
الف - عدم امكانية تبديل الثوب بسبب عدم توفر ثوب آخر لها مثلاً.
باء - ان تغسل الثوب في كل يوم مرة واحدة.
وقيل: ان بدن المربية للصبي يلحقه نفس حكم الثوب، ولكنه مشكل.
5 - القطع الصغيرة من الملبوسات التي لا يمكن ستر العورة بها لوحدها كالجورب والقبعة والقلنسوة والنعل والمنديل الصغير وربطة العنق والحزام وما شاكل، شرط ان لا تكون من اجزاء الميتة ولا نجس العين.
الثاني: الاباحـة
السنة الشريفة:
1 - قال الامام الصادق عليه السلام: لو ان الناس اخذوا ما امرهم الله فانفقوه فيما نهاهم عنه ما قَبِله منهم، ولو اخذوا ما نهاهم الله عنه فانفقوه فيما امرهم الله به ما قَبِله منهم حتى يأخذوه من حق وينفقوه في حق. ([142])
2 - وروي في (تحف العقول) عن الامام علي عليه السلام انه قال في وصيته لكميل: يا كميل! انظر في ما تصلي وعلى ما تصلي ان لم يكن من وجهه وحِلّه فلا قبول. ([143])
3 - وروي في حديث عن الامام المهدي عليه السلام انه قال: لا يحل لاحد ان يتصرَّف في مال غيره بغير إذنه. ([144])
تفصيل القول:
ويشترط في صحة الصلاة، حسب فتوى المشهور، إباحة ثياب المصلي، أي ان لا تكون مغصوبة، ولهذا الحكم الموافق للاحتياط فروع:
1 - لا فرق بين ان يكون المصلي نفسه غاصباً للثوب ام غيره.
2 - ولا فرق ايضاً بين ان يكون الثوب المغصوب هو نفسه الساتر الواجب في الصلاة او يكون من الثياب الاضافية، وحتى القطع الصغيرة كالجورب والقلنسوة وما شاكل على الأظهر.
3 - تبطل الصلاة في الثوب المغصوب في الحالات التالية:
أ - ان يكون المصلي عامداً في ارتدائه المغصوب غير مضطر اليه.
ب - ان يكون عالماً بالغصب.
4 - اما اذا لبس المغصوب مضطراً كمن يرتديه حفاظاً على نفسه من البرد او المــرض حيث لا يتوفر له ثوب غيره، او حفاظـاً على مال الغير لانه
قد يتعرض للسرقة والتلف ان لم يلبسه، صحت صلاته.
5 - إذا صلى بالمغصوب ناسياً او جاهلاً بأنه مغصوب، تم تذكر او علم بالغصب اثناء الصلاة، فان استطاع نزعه دون الاضرار بهيئة الصلاة مع وجود ساتر آخر فعل ذلك فوراً واستمر في صلاته، وان لم يستطع ذلك ففي اتساع الوقت يقطع الصلاة ويستأنفها في ثوب مباح، ومع ضيق الوقت يخلع الثوب اثناء الصلاة ويكمل صلاته حسب وظيفة العراة ان لم يكن مانع من ذلك.
6 - قال كثير من الفقهاء ان من موارد الغصب هو ان يلبس المصلي ثوباً اشتراه من اموال تعلقت بها الحقوق الشرعية كالخمس والزكاة وهذا موافق للاحتياط.
الثالث: اجتناب الميتة
السنة الشريفة:
1 - روى محمد بن مسلم انه سأل الامام عن الجلد الميت أيلبس في الصلاة إذا دبغ؟ فقال: لا ، ولو دبغ سبعين مرة. ([145])
2 - وقال الامام الصادق عليه السلام عن الميتة: لا تصلِّ في شيء منه ولا في شسع. ([146])
3 - وروي عن الامام الكاظم عليه السلام قوله: لا بأس بالصلاة في الفراء اليماني وفيما صنع في ارض الاسلام.
قيل له: فإن كان فيها غير اهل الاسلام.
قال: إذا كان الغالب عليها المسلمين فلا بأس. ([147])
4 - وحول شراء الفرو من السوق ، قال الامام ابو جعفر الثاني عليه السلام: إذا كان مضموناً فلا بأس. ([148])
5 - روى عبد الرحمن ابن الحجاج: قلت لابي عبد الله عليه السلام: إني ادخل سوق المسلمين، اعني هذا الخلق الذين يدعون الاسلام فاشتري منهم الفراء للتجارة، فأقول لصاحبها: أليس هي ذكية؟ فيقول: بلى. فهل يصلح لي ان ابيعها على انها ذكية؟ فقال: لا، ولكن لا بأس ان تبيعها وتقول: قد شرط لي الذي اشتريتها منه انها ذكية، قلت: وما افسد ذلك؟ قال: استحلال اهل العراق للميتة. وزعموا ان دباغ جلد الميتة ذكاته، ثم لم يرضوا ان يكذبوا في ذلك الا على رسول الله صلى الله عليه وآله. ([149])
6 - وقال الامام الصادق عليه السلام: لا بأس بالصلاة فيما كان من صوف الميتة، إن الصوف ليس فيه روح. ([150])
7 - وروي عن الامام الصادق عليه السلام ايضاً: الشعر والصوف والريش وكل نابت لا يكون ميتاً. ([151])
تفصيل القول:
ويشترط في صحة الصلاة ان لا يكون ثوب المصلي حتى القطع الصغيرة التي لا تسـتر المقـدار الواجب في الصلاة من اجزاء ميتة الحيوان ([152]) كالجلد والفرو، واليك التفاصيل:
1 - لا فرق في هذا الحكم بين الحيوان حلال اللحم او حرام اللحم.
2 - كما لا فرق بين الحيوان الذي له دم دافق عند الذبح وتكون ميتته نجسة كالغنم، والحيوان الذي لا يتدفق دمه عند الذبح ولا تكون ميتته نجسة كالسمك على احتياط.
3 - وايضاً لا يختلف الحكم بين ان يكون الجلد مدبوغاً او غير مدبوغ.
4 - إذا اخذ الثوب المصنوع من اجزاء الحيوان من يد مسلم ، او كان عليه اثر الاستعمال بواسطة المسلم اُعـتُـبِـرَ طاهراً، شريطة ان يكون ذلك امارة تورث الاطمئنان العرفي بالتذكية، اما سوق المسلمين التي تستورد اكثر بضاعتها من الخارج دون الاهتمام بالضوابط الشرعية، او في بلاد لا يأبه اهلها ابداً بالدين وضوابطه فلا يجوز لنا الاعتماد عليها.
5 - استصحاب جزء من اجزاء الميتة او شيء مصنوع من اجزاء الميتة في الصلاة يوجب بطلان الصلاة وان لم يكن ملبوساً على احتياط .
6 - اذا صلى في ثوب متخذ من الميتة جهلاً، صحت صلاته ان كان جاهلاً بالموضوع (اي بكون الثوب مصنوعاً من الميتة) او كان جاهلاً بالحكم غير مقصّر (أي كان معذوراً في جهله) ، اما الجاهل بالحكم غير المعذور فالاحتياط بالنسبة إليه يقتضي اعادة الصلاة.
7 - إذا صلى في الثوب المأخوذ من الميتة ناسياً، فان كان مما له دم دافق حين الذبح كان عليه اعادة الصلاة في الوقت وخارجه ، اما ان كان مما ليس له دم دافق صحت صلاته.
8 - في حالة الشك في ان الثوب مصنوع من جلد ميتة الحيوان او مصنوعٌ من غير الجلد لا إشكال في الصلاة فيه.
الرابع: اجتناب حرام اللحم في الصلاة
السنة الشريفة:
1 - جاء في وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام: يا علي! لا تصلِّ في جلد ما لا يشرب لبنه ولا يؤكل لحمه. ([153])
2 - قال ابراهيم بن محمد الهمداني: كتبت اليه (أي الى الامام المعصوم): يسقط على ثوبي الوبر والشعر مما لا يؤكل لحمه من غير تقية ولا ضرورة؟
فكتب: لا تجوز الصلاة فيه. ([154])
3 - روي عن ابن مقاتل انه سأل ابا الحسن عليه السلام عن الصلاة في السمّور والسنجاب والثعلب؟ فقال الامام: لا خير في ذا كله، ماخلا السنجاب فانه دابة لا تأكل اللحم. ([155])
4 - وروى سماعة: سألته (أي الامام المعصوم) عن لحوم السباع وجلودها فقال: اما لحوم السباع فمن الطير والدواب فانا نكرهه ، واما الجلود فاركبوا عليها ولا تلبسوا منه شيئاً تصلون فيه. ([156])
5 - وروى علي بن مهزيار ان ابراهيم بن عقبة كتب اليه (اي الامام) يسأله عندنا جوارب وتكك تُعمل من وبر الارانب، فهـل تجوز الصـلاة فـي وبـر الارانب مـن غير تقيـة ولا ضـرورة ؟ فكتب اليه : لا تجوز الصلاة
فيهـا. ([157])
6 - سأل ابا عبد الله عليه السلام رجل عن جلود الخز ، فقال: ليس بها بأس، فقال الرجل: جعلت فداك انها علاجي (اي انها عملي) وانها هي كلاب تخرج من الماء، فقال ابو عبد الله عليه السلام: إذا خرجت من الماء تعيش خارجة من الماء؟ فقال الرجل: لا، قال: لا بأس به. ([158])
تفصيل القول:
ولا يجوز ان يكون ثوب المصلي من اجزاء الحيوان حرام اللحم، وان كان مذكى ، او اخذت منه حياً ، واليك فروع المسألة:
1 - لا تجوز الصلاة في الثوب المتخذ من جلد او فرو الحيوان غير مأكول اللحم، او من شعره او صوفه او وبره او ريشه.
2 - تبطل الصلاة اذا كان ثوب المصلي ملوثاً بفضلات حيوان حرام اللحم، وكـذا يحتاط استحبابـاً في تـرك الصـلاة في الثيـاب التي عليهـا شـيء
من شعر غير مأكول اللحم مثل السنور.
3 - قال بعض الفقهاء: لا فرق في الحيوان حرام اللحم بين ان يكون مما له دم دافق عند الذبح او لم يكن كذلك كالسمك المحرم، على اشكال في القسم الاخير.