وجیز فی الفقه الاسلامی: فقه الخلل واحکام سائر الصلوات نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وجیز فی الفقه الاسلامی: فقه الخلل واحکام سائر الصلوات - نسخه متنی

سید محمد تقی المدرسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



6- ويسقط حكم الوطن عن الوطن الأصلي أو مكان الاستيطان المستجد بالإعراض عنه وتركه والعزم على عدم الإقامة فيه مستقبلاً بشكل دائم، سواء كان له ملك فيه أم لا.

7- ولو ترك السُكنى في الوطن الأصلي، أو مكان الاستيطان المستجد دون الإعراض عنه (أي دون العزم على ترك الإقامة فيه أبداً فلربما عاود الإقامة إذا استوجبت الظروف) فإن حكم الوطن لا يسقط، بل يتم الصلاة ويصوم كلما مرَّ به.

8- ويزول حكم التوطن بمجرد الإعراض والخروج من الوطن حتى ولو لم يتخذ بعدُ وطناً جديداً للسكن، فيمكن أن تمرّ عليه مدة طويلة دون ان يكون له وطن معين، وحينئذ قد يكون ممن بيته معه فيتم الصلاة في كل مكان ، كما سنشير إليه فيما يأتي.

السـفــر

1- ويقوم المسلم -في الوطن أو فيما اُعتبر وطناً له- يقوم بوظائفه الشرعية كاملة من أداء الصلاة تماماً، والصوم، وحضور الجمعة والعيدين، واستحباب النوافل، وما شاكل، ولكن الإسلام شرَّع للمسافر - باعتبار ما يتحمله من العناء والمشقة - أحكاماً تسهيلية في بعض الإلتزامات العبادية، هي كالتالي:

ألف: وجوب قصر الصلوات الرباعية (الظهر، والعصر ، والعشاء) أي الاتيان بكل واحدة منها ركعتين فقط، وهذا الحكم إلزامي وليس إختيارياً الإ في بعض المواطن التي سنشير إليها.

ب- سقوط الصوم الواجب وعدم صحته، وعدم صحة الصوم المستحب الا في بعض الموارد المستثناة.

ج- سقوط الجمعة ، ولكن لو صلاها المسافر أجزأته بدلاً عن الظهر.

د- سقوط العيدين ( في حالة وجوبهما).

هـ- سقوط نوافل الظهر والعصر، وأيضاً سقوط نافلة العشاء (الوُتَيْرة) على الأقوى.

2- المسافر مُخيَّر بين القصر والتمام في أربعة مواضع:

الف- المسجد الحرام.

باء- المسجد النبوي.

جيم- مسجد الكوفة وحرم الامام أمير المؤمنين عليه السلام.

دال- حرم الامام الحسين عليه السلام.

ولا يبعد أن يكون المدار في هذا التخيير هو: مكة المكرمة ، والمدينة المنورة، والكوفة، وكربلاء المقدسة، وكذلك النجف الأشرف .

والأظهر دخول ما توسّع به الحرمان ، وكذلك النجف وكربلاء، في الحكم.

3- يتحقق السفر الموجب للأحكام المذكورة بشروط ثمانية هي:

أولاً: قطع مسافة ثمانية فراسخ إمتدادية أو مُلفَّقة (ذهاباً وإياباً) .

الثاني: قصد طي هذه المسافة منذ بداية السفر.

الثالث: استمرارية القصد.

الرابع: عدم المرور بالوطن أو بموطن يقيم فيه عشرة أيام فصاعداً.

الخامس: إباحة السفر.

السادس: أن لا يكون ممن بيته معه.

السابع: أن لا يكون السفر مهنته.

الثامن: الوصول إلى حد الترخُّص.

وسنذكر أحكام وتفاصيل هذه الشروط فيما يلي:

أولاً: قطع المسافة المعتبرة

السنة الشريفة:

1- روى أبو بصير: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ؛ في كم يقصِّر الرجل؟ قال : في بياض يوم أو بريدين. ([143])

2- وقال سماعة: سألته عن المسافر في كم يقصِّر الصلاة؟ فقال: في مسيرة يوم، وذلك بريدان، وهما ثمانية فراسخ..."([144])

3- وقال الإمام الصادق عليه السلام في التقصير: حدّه أربعة وعشرون ميــلاً. ([145])

4- وسُئل الامام الصادق عليه السلام: أدنى ما يقصِّر فيه المسافر الصلاة؟ قال: بريد ذاهباً وبريد جائياً. ([146])

تفصيل القول:

1- يجب أن لا تقل المسافة التي يقطعها المسافر عن ثمانية فراسخ ([147]) سواء كانت امتدادية (أي ثمانية فراسخ في اتجاه واحد؛ ذهابـاً أو إيابـاً) أو ملفَّقة (أربعة فراسخ ذهابـاً + أربعة فراسخ إيابـاً).

2- إذا كانت المسافة ملفَّقة من الذهاب والإياب، وكان الذهاب أقل من أربعة فراسخ (كما لو كان طريق الذهاب ثلاثة فراسخ، وطريق العودة خمسة فراسخ) فالأحوط في هذه الحالة الجمع بين القصر والتمام.

3- المقصود بالمسافة الملفَّقة هو أن يبلغ مجموع ذهاب واحد وإياب واحد ثمانية فراسخ ، أما لو تردد عدة مرات ذهاباً وإياباً في مسافة قصيرة (كفرسخ واحد مثلاً) حتى أصبح المجموع ثمانية فراسخ لم يُعتبر سفراً ولا يجوز فيه القصر.

4- وحسب الرأي الأقوى؛ لا يلزم أن يكون الذهاب والإياب (في المسافة الملفَّقة) خلال يوم واحد أو ليلةٍ واحدة، بل لو قصد منذ البداية العودة بعد أيام عديدة ( أقل من عشرة أيام) وجب عليه القصر، إلا إذا أقام عشرة أيام في المقصد، فإنه يتم في الطريق وفي محل الإقامة. والاحوط استحباباً الجمع بين القصر والتمام، وبين الصوم وقضائه، لو لم يعد في يومه أو ليلتـه.

5- ليس ضروريـاً تحري الدقة العقلية في تحقق المسافة، فلو صدق عليه عرفاً أنه قطع المسافة المعتبرة شرعاً كفى، ولا حاجة إلى المسح الدقيق، بحيث تكون الفراسخ الثمانية كاملة بالضبط دون نقص ولو يسير (كعشرة أمتار مثلاً).

6- لو نقصت المسافة عن ثمانية فراسخ بشكل ملحوظ بحيث لم يصدق عليه عرفـاً أنه قطع المسافة المعتبرة شرعاً، أو شك فيها، لا يجوز القصر.

7- لو شك في أنه هل يبلغ الطريق الذي يسلكه المسافة المعتبرة أم لا؟ كان حكمه التمام على الأقوى ، وكذا لو ظن أنها تبلغ مسافة، فما لم يبلغ ظنه درجة الاطمئنان لايقصر في الصلاة.

8- تثبت المسافة المعتبرة في القصر بإحدى السبل التالية:

ألف- العلم الحاصل من الاختبار والمسح الشخصي.

باء- الشياع المفيد للعلم (أي الشهرة الكبيرة بين الناس بحيث تبعث على الاطمئنان).

جيم- البينة الشرعية (شهادة عادلين).

دال- العادل الواحد إذا كان قوله يورث الاطمئنان.

هاء- العلامات المرورية التي تشير الى المسافات في الطرق إذا كانت مورد ثقة واطمئنان، وكذلك الأمر بالنسبة إلى عدّاد المسافات في وسائط النقل الحديثة.

9- لدى الشك في تحقق المسافة يكفي الفحص بقدر ما يزيل الشك وهو الفحص العادي الذي يدعو إليه العقل والعرف.

10- لو كان للمقصد طريقان أحدهما يبلغ مسافة القصر والآخر أقل من ذلك، فإن سلك الطريق الأطول (الذي يبلغ 8 فراسخ) قصَّر وإن سلك الطريق الأقصر (الذي يقل عن 8 فراسخ ) أتم.

11- إذا كان للبلد سور - كالبلاد القديمة - فإن مبدأ إحتساب المسافة يكون سور البلد، وإن لم يكن له سور فمبدأ المحاسبة هو آخر البيوت أو المنشآت البلدية التي تُعتبر عرفاً ضمن البلد، هذا في المدن الصغيرة، والمتوسطة . أما في المدن الكبيرة جداً فاحتساب المسافة يبدء من حيث يعتبر عرفاً مسافراً وليس في بلده، كما إذا بدء رحلته من المطار او محطة القطار او وقع على الطريق السريع (اوتوستراد) او ما أشبه.

12- أما نقطة النهاية في احتساب المسافة في المقصد، فهي الموقع الذي يقصده، وليس سور المدينة، أو بداية منشآتها، فلو كان مقصده سوقاً معينة مثلاً في وسط المدينة، فإن المسافة تُحتسب حتى الوصول إلى ذلك السوق.

ثانياً: قصد المسافة

السنة الشريفة:

قال صفوان سألت الامام الرضا عليه السلام عن رجل خرج من بغداد يريد أن يلحق رجلاً على رأس ميل فلم يزل يتبعه حتى بلغ النهروان وهي أربعة فراسخ من بغداد، أيفطر إذا أراد الرجوع ويقصَّر ؟ قال الامام: " لا يقصَّر ولا يفطر لأنه خرج من منزله وليس يريد السفر ثمانية فراسخ، إنما خرج يريد أن يلحق صاحبه في بعض الطريق، فتمادى به السير إلى الموضع الذي بلغه، ولو أنه خرج من منزله يريد النهروان ذاهباً وجائياً لكان عليه أن ينوي من الليل سفراً والافطار، فإن هو أصبح ولم ينو السفر فبدأ له بعد أن أصبح في السفر قصًر ولم يفطر يومه ذلك". ([148])

تفصيل القول:

1- لكي تنطبق على المسافر أحكام السفر، ينبغي عليه أن يقصد قطع المسافــة المعتبرة (8 فراسخ) ذهاباً ، أو ملفقاً بين الذهاب والعودة ، منذ بدايـة السفر، فلو بدء السفر بهذا القصد والعزم وجب عليه القصر.

2- ولو قصد أقل من المسافة المعتبرة ، ولّما بلغها قصد مسافة أخرى بحيث يكون المجموع مسافة القصر، فالاحوط في هذه الصورة الجمع بين القصر والتمام إذا أكمل الفراسخ الثمانية.

3- ولو كان -في هذه الصورة- مجموع المسافة التي قصدها من جديد إضافة إلى مسافة العودة يشكل 8 فراسخ فصاعداً، وكان عازماً على العود، قصَّر.

4- مَنْ لم يدرِ كم هي المسافة التي يقطعها؛ كمن ينشد ضالة ، أو يتعقب هدفاً غير محدد، أو يلاحق صيداً وما أشبه ذلك، لا يقصّر في ذهابه، أما في العودة ، فإن كان طريقه يبلغ ثمانية فراسخ فصاعداً، وجب عليه القصر.

5- لو خرج قاصداً السفر بمقدار المسافة المعتبرة ولكن بشرط الحصول في الطريق على أصدقاء يشاركونه الرحلة ، أو علَّق مواصلة السفر على حصول أمرٍ ما ، فإنه لا يقصِّر أيضاً ، إلاّ إذا كان يطلب أصدقاء الطريق أو يتوقع الأمر المطلوب بعد قطع أربعة فراسخ، فيقصِّر ، إذ يكون بذلك قاصداً المسافة المعتبرة.

6- مع توفر قصد المسافة والعزم على السفر، لا يُعتبر قطع المسافة بشكل متواصل، بل بإمكانه قطع المسافة المعتبرة ولو في عدة أيام، بل لو قطع في كل يوم شيئاً يسيراً جداً من الطريق وذلك للتنزه والترفيه، أو البحث العلمي أو ما شاكل، قصَّر أيضاً مادام يصدق السفر عليه عرفاً، ويبدء بالقصر بمجرد الوصول إلى حد الترخص، أما لو شك في صدق السفر على رحلته البطيئة فإنه يتم، والاحتياط الجمع بين القصر والتمام.

7- لا يلزم أن يكون مستقلاً في قصد المسافة، فلو كان تابعاً في سفرٍ يقطع فيه المسافة المعتبرة، كالزوجة تتبع زوجها، أو الخادم يتبع مخدومه، أو السجين والأسير، وما شاكل فإنهم يقصرون إذا كانوا يعلمون بأنهم سيقطعون المسافة.

8- ولو لم يعلم التابع بالمسافة، فإنه يستمر على التمام. أما لو ظهر بعد ذلك أنه على المسافة المعتبرة فإنه يقصر رأساً، لأن قصده تابع لقصد متبوعه.

9- ويجب إحتياطاً على التابع الذي لا يعلم مقدار المسافة الاستعلام من المتبوع، كما يجب احتياطاً على المتبوع إخباره بمقدار المسافة المقصودة.

10- إذا علم التابع لغيره أو ظن بانه سيفارق المتبوع قبل بلوغ أربعة فراسخ ، يجب عليه أن يتم الصلاة، أما لو شك في ذلك فالظاهر وجوب القصر عليه.

ثالثاً: استمرار القصد

السنة الشريفة:

روى أبو ولاّد أنه قال للأمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام: إني كنتُ خرجتُ من الكوفة في سفينة إلى قصر أبن هبيرة ، وهو من الكوفة على نحو من عشرين فرسخاً في الماء، فسرتُ يومي ذلك أقصّر الصلاة، ثم بدا لي في الليل الرجوع إلى الكوفة، فلم أدر اُصلي في رجوعي بتقصير أم بتمام؟ وكيف كان ينبغي أن أصنع؟ فقال : " إن كنتَ سرتَ في يومك الذي خرجتَ فيه بريداً([149]) فكان عليك حين رجعت أن تصلي بالتقصير، لأنك كنت مسافراً ، إلى أن تصير إلى منزلك، وإن كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريداً فإن عليك أن تقضي كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل أن تؤمَّ من مكانك ذلك، لأنك لم تبلغ الموضع الذي يجوز فيه التقصير حتى رجعت، فوجب عليك قضاء ما قصًّرت، وعليك إذا رجعت أن تتم الصلاة حتى تصير إلى منزلك".([150])

تفصيل القول:

كما ينبغي قصد المسافة منذ البدء ، كذلك ينبغي إستمرار هذا القصد، فإذا عدل المسافر عن قصده أثناء الطريق وقبل أن يقطع أربعة فراسخ، أو تردد في ذلك فإنه يتم صلاته، لأن هذا العدول يُعتبر إخلالاً بسفر القصر.

وإليك بعض تفاصيل المسألة:

1- المطلوب هنا هو إستمرار قصد السفر والمسافة بشكل عام وليس إستمرار نية المقصد الواحد، فلو سافر قاصداً المدينة المنورة مثلاً ، وفي الطريق غيَّر وجهته إلى مكة المكرمة فلا يضر باستمرارية القصد.

وكذلك لو خرج قاصداً السفر وقطع المسافة بشكل عام ودون تحديد المقصد بل أوكل تعيين المقصد إلى الوصول عند مفترق الطرق.

2- لو عدل عن مواصلة السفر بعد قطع أربعة فراسخ ، ولكنه قرر البقاء هناك وعدم العود، أو تردد بين البقاء والعود، أو قرر العود بعد عشرة أيام من الإقامة هناك، فإنه يتم صلاته في جميع هذه الصور.

3- لو عدل عن مواصلة السفر بعد قطع أربعة فراسخ وكان عازماً على العود دون نية الإقامة عشرة أيام، فإنه يقصِّر ، سواء كان ينوي العود في نفس اليوم أو بعد عدة أيام تقل عن العشرة .

4- لو خرج مسافراً وعازماً على قطع المسافة المعتبرة ، ثم تردد في أثناء الطريق في مواصلة السفر، ولكنه سرعان ما عاد وقرر المواصلة مرة أخرى دون أن يقطع شيئاً من الطريق في حالة التردد، فإن كان الباقي من الطريق يشكل مسافة القصر ولو ملفقة مع العودة بقي على القصر، وكذلك لو كان الباقي بالإضافة إلى ما قبل التردد يشكلان معاً مسافة القصر، وإن كان الاحتياط المستحب في هذه الصورة الجمع بين القصر والتمام.

5- ولو تردد في مواصلة السفر في أثناء الطريق، وسار قليلاً وهو في حالة التردد، ثم عزم على مواصلة السفر وإكمال المسافة المعتبرة، فإن كان ما بقي مسافة ولو بالإضافة إلى طريق العودة يقصِّر، وإلاّ احتاط بالجمع بين القصر والتمام.

6- وإذا مضى خمسة فراسخ ثم تردد ومشى فرسخاً ثم نوى المسافة ومشى ثلاثة فراسخ فالأقوى انه يقصر والاحتياط بالجمع مستحبي.

7- إذا صلى قصراً في الطريق قبل العدول عن قصد المسافة، فإنه لا يعيدها بعد العدول.

رابعاً: عدم المرور بالوطن

السنة الشريفة:

1- قال إسماعيل بن الفضل: سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يسافر من أرض إلى أرض وإنما ينزل قراه وضيعته؟ قال الامام: "إذا نزلتَ قراك وأرضك فأتم الصلاة، وإذا كنتَ في غير أرضك فقصِّر". ([151])

2- قال إسماعيل بن بزيع: سألتُ أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يقصِّر في ضيعته؟ فقال: لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام، إلاّ أن يكون له فيها منزل يستوطنه. فقلتُ : ما الاستيطان. فقال: أن يكون فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر ، فإذا كان كذلك يتم فيها متى دخلها. ([152])

تفصيل القول:

ينبغي أن لا يكون المسافر قاصداً منذ بداية السفر أو في أثناء الطريق، المرور بوطنه أو الإقامة عشرة أيام في موضع معين قبل قطع ثمانية فراسخ، فمن كان كذلك كان حكمه التمام ؛ لأن الإقامة عشرة أيام تقطع حكم السفر، كما إن المرور بالوطن يسقط حكمه أيضاً.

فرعــان:

الأول- مَنْ لم يعرف هل سيمر بوطنه أثناء السفر قبل قطع ثمانية فراسخ أم لا ؟ أو هل سيقيم عشرة أيام في مكانٍ ما كذلك أم لا؟. عليه أن يتم صلاته.

الثاني- مَنْ كان منذ بداية سفره أو في أثنائه عازماً على المرور بوطنه أو الإقامة عشرة أيام قبل قطع ثمانية فراسخ أو كان متردداً في ذلك، ثم عدل عن هذا القصد أو التردد إلى الجزم بعدم الأمرين، فإن كان الباقي بعد العدول مسافة كاملة لوحده، أو بالتلفيق مع العودة قصَّر، وإن لم يكن كذلك بل كان مجموع المسافة منذ بداية السفر ثمانية فراسخ فعليه الجمع احتياطاً.

خامساً: إباحة السفر

السنة الشريفة:

1- رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "مَنْ سافر قصَّر وأفطر، إلاّ أن يكون رجلاً سفره إلى صيد أو في معصية الله، أو رسول لمن يعصي الله، أو في طلب عدو، أو شحناء، أو سعاية ، أو ضرر على قوم من المسلمين". ([153])

2- وقال الامام الباقر عليه السلام: "سبعة لا يقصّرون الصلاة (إلى أن قال) والرجل يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا، والمحارب الذي يقطع السبيل". ([154])

3- روى أبو سعيد الخراساني : دخل رجلان على أبي الحسن الرضا عليه السلام بخراسان فسألاه عن التقصير، فقال لأحدهما: وجب عليك التقصير لأنّك قصدتني، وقال للآخر وجب عليك التمام لأنك قصدت السلطان". ([155])

تفصيل القول:

1- ينبغي أن لا يكون السفر حراماً أو بهدف ارتكاب عمل محرم، إذ في هذه الصورة عليه أن يتم الصلاة. وإليك بعض مصاديق وأمثلة السفر الحرام أو سفر المعصية:

ألف- إذا كان السفر ذاته حراماً، كالسفر المضر بالإنسان ضرراً بالغاً، أو سفر الولد مع نهي الوالدين إذا كان مخالفتهما يؤذيهما ويؤدِّي إلى عقوقهما، أو السفر بهدف الفرار من الزحف (حسبما هو مفصّل في كتاب الجهاد).

باء- إذا كان الهدف من السفر محرّماً، كمن يسافر لقتل نفس محترمة، أو للزنا، أو السرقة، أو الاستيلاء على أموال الآخرين دون حق، أو إيذاء الناس، أو إعانة الظالم.

جيم- السفر لصيد اللهو يجب التمام فيه، أما لو كان الصيد بهدف الاسترزاق والحصول على قوته وقوت عياله او للتجارة قصر الصيد بهدف الاسترزاق ولا فرق في مسألة الصيد بين صيد البر أو البحر.

2- السفر للاستجمام والراحة والترفيه عن النفس والعائلة، إن لم يكن بهدف إرتكاب محرم ، مباحٌ وليس بحرام، وعليه القصر في صلاته.

3- مَنْ لم يكن سفره حراماً، ولم يكن لأجل إرتكاب عمل محرم، ولكن وقع منه الحرام أثناء السفر كاغتياب مؤمن ، أو اغتصاب مال، أو عقد صفقة تجارية محرمة، أو شرب خمر، أو لعب قمار، أو حضور مجالس المجون والخلاعة، أو مشاهدة الأفلام الخلاعية المحرمة، وما شاكل ذلك مما لم يكن هدفاً للسفر، قصَّر في صلاته، وإن كان عاصياً بارتكاب تلك المحرمات وعليه الاستغفار منها.

4- إذا كان ترك الواجب هدفاً أساسياً لسفره ( كما لو سافر لأجل التهرب من دفع دَيْن حان وقته ويطالب به الدائن وهو قادر على تسديده) فالاحوط الجمع بين القصر والتمام. أما إذا كان سفره يؤدي إلى ترك واجب دون أن يكون هدفه ذلك، قصَّر.

5- إذا كان السفر بذاته مباحاً، وكان الهدف منه مباحاً أيضاً، إلاّ أن وسيلة النقل التي سافر بها (كالسيارة، أو الطائرة، أو القطار، أو البغال، والجمال..) كانت مغصوبة، أو مشى أثناء السفر في طرق مغصوب فالأقوى فيه القصر، وإن كان الأحوط الجمع.

6- مَنْ سافر بصحبة الظالم ( سواء كان حاكماً أو غيره) فإذا كان مضطراً للسفر، أو كان هدفه دفع مظلمة أو تصحيح وضع منحرف، أو المنع من وقوع انحرافات ومفاسد معينة، أو غير ذلك من الأهداف السليمة والراجحة، فإنه يقصِّر ، أما إذا لم يكن مضطراً ، وكان سفره يُعد إعانة للظالم، فإنه يتم صلاته بغض النظر عن حقيقة سفر الظالم وهدفه ولو كان في سفر الحج، فإن مصاحبة الظالم تكون عادة تأييداً له.

7- أما العائد من سفر المعصية، فإن كان بعد التوبة من معصيته، فالإحتياط الوجوبي هو الجمع بين القصر والتمام، وإن لم يكن قد تاب إلى الله بعد، فلا يبعد وجوب التمام عليه، ولكن الاحوط استحباباً بالجمع.

8- كما أن إباحة السفر شرط في ابتداء السفر، كذلك ينبغي استمراريتها:

الف: فلو كان سفره في البدء مباحاً ، ولكنه قصد المعصية في الأثناء بحيث أصبح سفره سفر معصية وحرام، وجب عليه التمام.

باء: ولو كان هدفه المعصية في بداية السفر، ولكنه عدل عن نية المعصية في أثناء الطريق، فإن كان الباقي من السفر بمقدار مسافة القصر ولو بالإضافة إلى طريق العودة، قصَّر في صلاته.

أما لو لم يكن الباقي مسافة فالأحوط الجمع بين القصر والتمام، وإن كان الأقوى القصر إذا كان المجموع يشكل مسافة.

9- لو كان هدف السفر ملفَّقاً من الطاعة والمعصية ( كمن يسافر لزيارة الأرحام وارتكاب معصية، أو للدراسة وارتكاب محَّرم ) فهنا صور ثلاث:

الف: أن تكون المعصية هي الهدف الأساسي والطاعة هدفاً فرعياً فلا إشكال هنا في وجوب التمام وعدم القصر.

باء : أن تكون الطاعة هدفاً مستقلاً والمعصية هدفاً تابعاً، فالاحوط هنا الجمع.

جيم: أن تكون الطاعة والمعصية معاً هدفاً مشتركاً بحيث لولا اجتماعهما لم يسافر فلا يبعد هنا وجوب التمام، وإن كان الجمع احوط.

سادساً: أن لا يكون ممن بيته معه

السنة الشريفة:

1- قال الامام الصادق عليه السلام : "الأعراب ([156]) لا يقصرون وذلك أن منازلهم معهم". ([157])

2- وجاء عن إسحاق بن عمار أنه قال: سألته عن الملاحين والأعراب هل عليهم تقصير ؟ قال: "لا، بيوتهم معهم". ([158])

3- وجاء في رواية أخرى عن الامام الباقر عليه السلام حول من لايقصّرون: " والبدوي الذي يطلب مواضع القطر ومنبت الشجر". ([159])

تفصيل القول:

1- أن لا يكون ممن لا مسكن معيناً لهم كالبدو الرُحَّل الذين لا يقطنــون مكانـاً خاصاً، بل يرتحلون هنا وهناك بحثاً عن الكلأ والماء والمرعى وبيوتهـم معهم، فعلى هؤلاء التمام في كل رحلاتهم وتنقلاتهم مهما طالت المسافات، لعدم صدق السفر والمسافر عليهم، وكذلك السائح مدى حياته الذي لم يتخذ لنفسه وطناً.

2- لو سافر هؤلاء لمقصد آخر غير البحث عن الكلأ والماء ، كالسفر للحج والزيارة، ولم تكن بيوتهم وامتعتهم معهم (أي خرجوا عن الإطار العادي لحياتهم المتنقلة) قصَّروا.

3- ولو سافر أحدهم لاختيار منزل أو لطلب محل إجتماع المياه والعشب، وقطع المسافة المعتبرة، فإن سافر مع بيته وأمتعته أتم ، وإن سافر وحده قصَّر، والاحتياط حسن بالجمع.

سابعاً: أن لا يكون السفر مهنته

السنة الشريفة:

1- قال الامام الصادق عليه السلام: " المُكاري([160]) والجَمّال ([161]) الذي يختلف ([162]) وليس له مقام يتم الصلاة ويصوم شهر رمضان..". ([163])

2- وروى محمد بن مسلم عن أحدهما (أي الامامين الباقر والصادق عليهما السلام) أنه قال: " ليس علـى الملاّحين في سفينتهم تقصير ولا على المُكارين ولا على الجمّالين..". ([164])

3- وروي عن الامام الباقر عليه السلام قوله: "سبعة لا يقصِّرون الصلاة: الجابي الذي يدور في جبايته، والأمير الذي يدور في إمارته، والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق، والراعي والبدوي الذي يطلب مواضع القطر ومنبت الشجر، والرجل الذي يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا، والمحارب الذي يقطع السبيل". ([165])

4- وسُئل الامام الصادق عليه السلام عن حد المُكاري الذي يصوم ويتم؟ فقال: "أيّما مكار أقام في منزله أو في البلد الذي يدخله أقل من عشرة أيام وجب عليه الصيام والتمام أبداً، وإن كان مقامه في منزله أو في البلد الذي يدخله أكثر من عشرة أيام فعليه التقصير والافطار". ([166])

5- قال محمد بن جزك: كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أن لي جمالاً ولي قوام عليها ولستُ اخرج فيها إلا في طريق مكة لرغبتي في الحج أو في الندرة إلى بعض المواضع ، فما يجب عليّ إذا أنا خرجت معهم أن أعمل؟ أيجب عليَّ التقصير في الصلاة والصيام في السفر أو التمام؟ فوقَّع عليه السلام: إذا كنتَ لا تلزمها ولا تخرج معها في كل سفر إلاّ إلى مكة فعليك تقصير وإفطار". ([167])

تفصيل القول:

من كان السفر مهنته، يتم الصلاة ويصوم خلال أسفار المهنة، حتى ولو استخدم شغله في إحدى المرات لمصلحته الشخصية، كما لو نقل السائق أمتعته وعائلته من بلد إلى آخر، وفيما يلي بعض مفردات مَنْ شغله السفر.

1- سائقوا سيارات الأجرة الصغيرة والباصات والشاحنات وما شاكل ومن يساعدهم في هذا العمل.

2- قائدوا القطارات والمجموعات التي تساعدهم.

3- قائدوا الطائرات ومساعدوهم وطواقم الرحلات الجوية من المهندسين وكادر الضيافة ورجال الأمن المكلفين بشكل دائم بمرافقة الرحلات .

4- ملاحوا السفن وكل الطاقم المرافق الذين يعتبر السفر الدائم على ظهر السفن مهنتهم وشغلهم.

5- مرشدوا السوّاح والزواّر الذين يرافقونهم في السفر، إذا كان هذا هو عملهم الدائم.

6- الرعاة والمُكارون، والجمّالون ، والحطّابون ، ومن شاكل.

7- التجار المتجولون الذين يدورون بتجارتهم في المدن والبلاد المختلفة.

8- موظفوا الدوائر الحكومية والوزارات الذين يكون عملهم في السفر الدائم كجباة ومحاسبي الضرائب، ومهندسي وعمال الطرق الخارجية ومن أشبه.

تفاصيل المسألة:

1- العرف هو المعيار في صدق اتخاذ السفر شغلاً له ، فلو صدق لدى العرف أن السفر مهنته وجب عليه التمام ولو في السفرة الأولى ، فليس المدار تكرر السفرات.

2- أصحاب حملات الحج والعمرة والزيارة والسياحة إذا كان هذا مهنتهم طوال العام، فإنهم يتمون، أما لو اتخذوا ذلك مهنة لهم في مواسم خاصة في العام كموسم الحج أو الصيف مثلاً، احتاطوا بالجمع بين القصر والتمام.

3- لو سافر مَنْ مهنته السفر، سفرة خاصة لا ترتبط بمهنته، كسفر الحج أو الزيارة أو السياحة قصَّر، إلاّ إذا قصد هذه الغايات ضمن شُغله كسائق السيارة الذي يؤجر سيارته لرحلة الحج ويحج هو أيضاً، فعليه أن يتم.

4- مَنْ كانت مهنته السفر في فصول معينة من العام، فالظاهر وجوب التمام عليه، وإن كان الأحوط الجمع.

5- مَنْ كان عمله التردد في مسافات قصيرة أقل من أربع فراسخ كالبائع المتجوّل أو سائق الأجرة الذي يعمل على خطوط قريبة يُعتبر ممن مهنتهم السفر أيضاً، فإذا صادف أن طالت رحلتهم في إحدى المرات، فبلغت مسافة القصر، بقي على التمام، إذ لا فرق بين السفر القريب أو البعيد مادام السفر مهنته.

6- يُشترط في التمام خلال أسفار المهنة أن لا تنقطع بالاقامة عشرة أيام فصاعداً في الوطن أو غيره، إذ الإقامة تقطع الحكم السابق، فيجب القصر في سفره الأول بعد الإقامة ، ثم التمام من السفر الثاني، وإن كان الجمع في السفر الأول هو الاحوط، ولا فرق هنا بين أن تكون الإقامة بنيةٍ مسبقة، أم بدون قصد ونية.

7- مَنْ لم تكن مهنته السفر، إذا عرض له ما يستوجب القيام بعدة سفرات متتالية، لا يلحقه حكم التمام بل عليه القصر، سواء كان تعدد السفرات الواحدة بعد الأخرى بالصدفة تماماً أم كان التعدد مقصوداً منذ أول سفرة، كمن له أمتعة أو بضائع تجارية أو محاصيل زراعية يريد نقلها إلى مكان آخر خلال عدة رحلات متتالية .

8- مَنْ أعرض عن وطنه دون أن يتخذ وطناً جديداً، ثم سافر بحثاً عن الوطن قصَّر في السفر، أما إذا اتخذ بيته معه ولم يرد التوطن في مكان معين أتم، ومثله الذين يلتحقون بالغابات والأحراش والاهوار والجبال هرباً من بطش الطغاة.

ثامناً: الوصول الى حد الترخّص

السنة الشريفة:

1- يروي محمد بن مسلم: قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام : الرجل يريد السفر فيخرج، متى يقصِّر ؟ قال: إذا توارى من البيوت... " . ([168])

2- ويروي عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام: سألته عن التقصير، فقال: " إذا كنت في الموضع الذي تسمع فيه الأذان فأتمَّ ، وإذا كنتَ في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان فقصِّر ، وإذا قدمتَ من سفرك فمثل ذلك". ([169])

3- وفي الرجل يخرج مسافراً ، قال الامام الصادق عليه السلام: "يقصِّر إذا خرج من البيوت". ([170])

4- وقال في حديث آخر: "إنّ أهل مكة إذا زاروا البيت ودخلوا منازلهم أتموا ، وإذا لم يدخلوا منازلهم قصّروا". ([171])

5- وقال إسحاق بن عمار أنه سأل أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يكون مسافراً ثم يدخل ويقدم ويدخل بيوت الكوفة أيتم الصلاة أم يكون مقصّراً حتى يدخل أهله؟ فقال: "بل يكون مقصراً حتى يدخل أهله". ([172])

تفصيل القول:

حد الترخّص هو النقطة التي يبدء المسافر منها بالقصر عند الذهاب، كما يبدء بالتمام لديها عند العودة من السفر.

1- الأقرب إن الحد الذي يبدء المسافر فيه التقصير لدى المغادرة هو الخروج من البيوت والوصول إلى الصحراء ، حيث يختفي صوت الاذان، كما يختفي المسافر عن البيوت فلا يراه أصحابها، وقد توضع اليوم علامات مرورية للدلالة على الخروج من المدن هي قريبة مما ذكرنا، وكذلك الامر لدى العودة من السفر ، إذ ينتهي حكم القصر بمجرد الوصول إلى حد الترخص المشار إليه من وطنه أو محل إقامته، أي إذا دخل بين البيوت وسمع أذان المصر.

أما في المدن الكبيرة مثل مكة والكوفة سابقاً ، فالأحوط الوجوبي -لدى العودة من السفر- تأخير الصلاة لحين الدخول إلى منزله.

2- إن حد الترخص كما يُعتبر بالنسبة للوطـن، كذلك يُعتبر بالنسبة للبلد الذي ينوي المسافر الإقامة فيه عشرة أيـام فصاعداً، فمن خرج مسافراً قاصداً قطــع ثمانية فراسخ فأكثر والإقامة عشرة أيــام في المقصد، فإنـه يقصر في الطريــق بمجرد الوصول إلى حد الترخص من بلده إلى أن يصل إلى حد الترخص من بلد المقصـد، حيث يجب عليه حينذاك أن يتم الصلاة لأنه ينوي الإقامـة عشرة أيام هنـاك، وإن كان الاحوط تأخير الصلاة إلى المنـزل.

ثم عندما يبدء رحلة العودة فإنه يبقى على التمام حتى الوصول إلى حد الترخص من بلد الإقامة ، أما في الطريق الذي يبلغ ثمانية فراسخ فصاعداً، فيقصِّر حتى يصل الى حد الترخص من وطنه.

3- إذا كان البلد في موقع مرتفع بحيث تُرى معالمه من مسافة بعيدة، أو كان في أرض منخفضة جداً بحيث تختفي آثاره بمجرد الخروج منه، أو كانت البيوت ذات طوابق عديدة مرتفعة تُرى من مسافات بعيدة، أو كان إنطلاق السفر من موقع لا بيوت فيه ولا أذان ، ففي كل هذه الحالات وأشباهها يكون المعيار في تحديد حد الترخص هو وضع المدن العادية في الأراضي المستوية والطبيعية.

4- في المناطق التي يقطن الأهالي في الخيام وبيوت الشعر، يكفي إختفاؤها في تحقق حد الترخص.

5- المعيار في مسألة اختفاء الجـدران واختفاء الأذان هو الحالات العادية في كل جوانب الموضوع، فإذا كان الجو مغبراً أو ضبابياً ، بحيث يؤثر على الرؤية وتختفي البيوت بعد عدة أمتار من الابتعاد عنها، أو كانت عين الناظر ضعيفة جداً أو قوية أكثر من المتعارف، أو كانت أذن السامع ضعيفة أو حسّاسة جداً، أو صوت الأذان مرتفعاً جداً أو ضعيفـاً جداً.. ففي كل هذه الحالات يكون المرجع هو الحالات الطبيعية المتعارفة من الرؤية والسماع وصفاء الجو وصوت الاذان وارتفاع مكانه وما شاكل.

6- لو كان المسافر يمر بوطنه أثناء السفر فإنه يتم صلاته بمجرد الوصول إلى حد الترخص من وطنه، وهكذا يبقى على التمام إلى أن يخرج من وطنه، فإذا وصل إلى حد الترخص بدأ بالقصر إذا كان سفره الجديد يبلغ ثمانية فراسخ فصاعداً.

7- لو شك في الوصول إلى حد الترخـص أثنـاء الذهاب بقـي على التمام، ولو شك في ذلك أثناء العودة أو الوصول إلى بلد الإقامـة بقـي على القصــر.

أحكام الإقامة الشرعية

السنة الشريفة:

1- روى زرارة : قلتُ لأبي جعفر عليه السلام: أرأيت من قدم بلدة ، إلى متى ينبغي له أن يكون مقصَّراً؟ ومتى ينبغي أن يتم ؟ فقال: " إذا دخلتَ أرضاً فأيقنت أنَّ لك بها مقام عشرة أيام فأتم الصلاة، وإن لم تدرِ ما مقامك بها، تقول غداً أخرج أو بعد غد فقصِّر ما بينك وبين أن يمضي شهر، فإذا تمَّ لك شهر فأتم الصلاة وإن أردتَ أن تخرج من ساعتك". ([173])

2- روى أبو ولاّد الحنّاط: قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام إني كنتُ نويتُ حين دخلت المدينة أن أقيم بها عشرة أيام وأتم الصلاة، ثم بدا لي بعدُ أن لا أقيم بها ، فما ترى لي أتم أم أقصِّر ؟ فقال الإمام: "إن كنتَ دخلتَ المدينة وصليتَ بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك أن تقصِّر حتى تخرج منها، وإن كنتَ حين دخلت على نيتك التمام فلم تصلِّ فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار إن شئتَ فانو المقام عشراً وأتم، وإن لم تنوِ المقام عشراً فقصِّر ما بينك وبين شهر،، فإذا مضى لك شهر فأتم الصلاة". ([174])

3- وروى علي بن يقطين أنه سأل أبا الحسن الأول عليه السلام عن الرجل يخرج في السفر ثم يبدو له في الإقامة وهو في الصلاة ، قال "يتم إذا بدت له الإقامة". ([175])

4- وروي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "إذا عزم الرجل أن يقيم عشراً فعليه إتمام الصلاة، وإن كان في شك لا يدري ما يقيم فيقول: اليوم أوغداً، فليقصِّر ما بينه وبين شهر، فإن أقام بذلك البلد أكثر من شهر فليتم الصلاة". ([176])

تفصيل القول:

من علم بأنه يبقى عشرة أيام فأكثر او عزم على الإقامة عشرة أيام فصاعداً في مكانٍ ما غير وطنه (سواء كان مدينة أو قرية أو خياماً أو عراءً) إنطبقت عليه أحكام الوطن من إتمام الصلاة والصيام. ولا فرق بين أن يكون هذا العزم عن اختيار أو اضطرار أو إكراه.

وفي المسألة تفاصيل نعرضها فيما يلي.

1- لا يكفي الظن بالإقامة عشرة أيام لكي تترتب أحكام الإقامة بل ينبغي العلم بذلك أو العزم عليه. كما أن نية الإقامة لا تتحقق دون العلم بالبقاء عشرة أيام فعلاً والعزم على ذلك، فلو كان مردداً أو شاكاً في بقائه عشرة أيام أو حتى ظاناً بالبقاء، فلا يكفي مجرد النية القلبية.

2- ولو جعل الإقامة متوقفة على أمر مشكوك الحصول ، فإنه لا يكفي في صدق الإقامة الشرعية، كما لو علَّق الإقامة على سماح السلطات المعنية له بالبقاء، أو على العثور على صديق له، أو على توفر مكان مناسب للإقامة والسكن، وما شاكل، إذ أن كل ذلك ينافي العزم على البقاء والإقامة للفترة المطلوبة.

3- ولو كان عازماً على البقاء والإقامة، إلا أنه احتمل حدوث المانع إحتمالاً ضعيفاً لا يتنافى مع عزمه على البقاء، لم يضر، وصلى تماماً.

4- يكفي في تحقق الأيام العشرة البقاء عشرة أيام وتسع ليال، فلا يلزم أن تكون الليلة العاشرة من ضمنها، فلو كان عازماً على الإقامة في المكان من صباح اليوم الأول من الشهر إلى غروب اليوم العاشر، كفى في تحقق الإقامة المعتبرة. كما يكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر، كما لو عزم الإقامة من زوال اليوم الأول من الشهر إلى زوال اليوم الحادي عشر، كفى في وجوب التمام، وإن كان الأحوط في مثل هذا الفرض الجمعُ بين القصر والتمام.

5- ويشترط أن يقيم الأيام العشرة كلها في بلد واحد أو قرية واحدة، وليس ملفقاً من مكانين متباعدين، كما لو نوى الإقامة عشرة أيام في النجف وكربلاء، فلا تصدق الإقامة المعتبرة، وعليه القصر فيهما، ولكن لا يضر بوحدة محل الإقامة لو كان النهر مثلاً يقسم المدينة إلى شطرين مادام العرف يعتبر الشطرين مدينة واحدة، كجانبي النهر في بغداد.

6- إذا كان البلد كبيراً جداً بحيث يفقد وحدته العرفية وإن سُمي باسم واحد، فاللازم نية الإقامة في منطقة معينة من مناطقه المتعددة مثل مدينة (نيويورك)، حيث أن منطقة ( بروكلي) منها تختلف عرفاً عن منطقة ( لونج آيلند) أو (نيوجرسي) بل حتى (منهاتن) فإن وحدتها الاسمية لا تكفي . أما إذا كانت مثل (طهران) أو (القاهرة)، حيث أن المقيم بشمالها وجنوبها يُعتبر مقيماً في مدينة واحدة، لأن العرف يرى أن الإقامة هي في محل واحد، فانه يكفي الإقامة في أي موقع منها وقد يستوضح العرف بمعرفة ما إذا كانت الرحلة من محلة منها إلى أخرى تُعتبر سفراً أم لا؟ فإن لم يكن سفراً أُعتبر بلداً واحداً.

7- نية الإقامة الشرعية لا تعني عدم الخروج إطلاقاً خلال الأيام العشرة من الحدود العرفية لمحل الإقامة، بل لو كان قاصداً منذ البداية أو عرض له قصد الخروج إلى ضواحيها القريبة، كمناطق التنزه والسياحة والزيارة القريبة من المدينة ما لم يبلغ أربعة فراسخ، لم يضر بالإقامة وتمام الصلاة ما لم يخرج عن صدق الإقامة عرفاً، وبشرط العودة في نفس اليوم، كالخروج صباحاً والعودة عصراً.

8- الأشبه عدم كفاية القصد الإجمالي للإقامة كالولد والزوجة إذا قصدا الإقامة بمقدار ما قصده الوالد أو الزوج، دون أن يعلما حين القصد أن متبوعهما قصد الإقامة عشرة أيام أم لم يقصد. وإنما بعد العلم ببقاء المتبوع عشرة أيام يقصدان ذلك منذ لحظة العلم، وكذلك الأمر بالنسبة للرفيق التابع لأصدقائه في السفر.

9- إذا قصد الإقامة إلى آخر الشهر مثلاً، وكانت الفترة عشرة أيام أتم، أما إذا كان يوم مغادرته لمحل الإقامة آخر الشهر ولكنه كان يجهل أن الفترة من يوم قدومه إلى يوم مغادرته- وهو آخر الشهر- تبلغ عشرة أيام فإنه يقصر كما إذا كان لا يدري هل الشهر القمري تام فتكون الفترة عشرة أيام وعليه أن يتم الصلاة، أم ناقص فعليه أن يقصِّر، فإنه يقصِّر في صلاته حتى وإن أضحى الشهر تاماً وبقي عشرة لانه منذ اليوم الأول لم يكن يعلم بتمامه وبقاءه عشرة أيام.

/ 12