ثبوت فريضة الحج
إنّ
الله تعالى قد فرض الحج على المسلم المستطيع في العمر مرّة واحدة فحسب ،
قد نزلت الآية بمناسبة فرض الحج عام الوفود في أواخر سنة تسع من الهجرة
النبوية ، فالنبيّ(صلى الله عليه وسلم) قد أدّى فريضة الحج في حياته
الطيبة مرّة واحدة في السنة العاشرة من الهجرة ، في هذه السنة قد طهر
بيت الله الحرام من الرجس والأوثان كما طهّره من آثار الشرك والعصيان وعن
نشاطات المشركين في رحاب الكعبة المشرّفة كما أمره تعالى : {وَ أَذانٌ مِنَ اللهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ
الْحَجِّ اْلأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ
رَسُولُهُ}4 وأيضاً قال تعالى : { إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا
الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا}5 .
قدثبت
فرض الحج بالكتاب المحكموالسنّة النبوية (صلى الله عليه وسلم)
وإجماع الاُمّة الإسلامية.
أ ـ ثبوت الحج بالقرآن
:
قال
الله تعالى : { وَ لِلّهِ عَلَى
النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}6 ، وقال تعالى : { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ
لله}7 ، وقال
تعالى : { وَ أَذِّنْ فِي النّاسِ
بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَ عَلى كُلِّ ضامِر يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجّ
عَمِيق}8 .
ب ـ ثبوت الحج بالسنّة
:
عن
عبدالله بن عمر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : بني
الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله
وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان9 ، وعن عمر بن الخطاب قال : بينما نحن
عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض
الثياب وشديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منّا أحد حتى جلس
إلى النبيّ(صلى الله عليه وسلم) فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفّيه على
فخذيه وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام قال : الإسلام أن تشهد أن
لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم
رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا . . .10 .
ج ـثبوت الحج بالإجماع
:
قد وقع
الإجماع في فريضة الحج حيث إنه لم يخالف أحد في فرضه من عصر الرسول (صلى الله
عليه وسلم) إلى يومنا هذا11 .
فمن هذه
الأدلّة ـ نحن نلاحظ ـ أنّ الحج واحد من أركان الإسلام كالصلاة والصيام
والزكاة وغيرها ، فمن جحد وجوبه وأنكر فرضيته أو شك فيه فهو خارج عن
دائرة الايمان وعن حدود الإسلام وعن زمرة المسلمين ، ومن أقرَّ بوجوبه
وامتنع من فعله مع القدرة والاستطاعة عليه فكفى بالله حسيباً ، فقد روى
سعيد بن منصور عن الحسن البصري قال : قال عمر بن الخطّاب : لقد
هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظروا إلى كل من كان عنده جدة فلم يحج
فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين12 . وأيضاً روي عن عبد الرحمن بن
غنم أنه سمع عمر بن الخطاب يقول : من أطاق الحج فلم يحج فسواء عليه مات
يهودياً أو نصرانياً13 .