صحوة الإسلامیة وحوار الثقافات والأدیان نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

صحوة الإسلامیة وحوار الثقافات والأدیان - نسخه متنی

عبدالستار إبراهیم الهیتی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


المقــدمة

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا
محمد سيد الأولين والآخرين ، وعلى آله الطاهرين وصحابته الغر الميامين .

وبعـد :

فإنه مع إفرازات النظام العالمي الجديد ، سواء على صعيد الثقافة والقيم ، أو
على صعيد السياسة والاقتصاد تزايد الاهتمام بالحوار ، وتعمق الاقتناع به وبدوره في
تحقيق وفاق ثابت بين أبناء الأمة الواحدة ، وتفاهم مشترك بين الشعوب المختلفة على
أساس قاعدة الكرامة والعدالة والمساواة ، حتى شاع استخدام الحوار على مختلف الصعيد
، وفي شتى الميادين الثقافية والفكرية والحضارية ، فأصبح أحد الظواهر الهامة للعصر
الحالي الذي يتميز بثورة المعلوماتية والاتصال التي هي إحدى ثمرات العلم المتفجرة
عنه ، وبهذا قوي التواصل بين بني البشر واتسعت دائرة الحوار وتنوعت موضوعاته بصورة
لم تعرفها الإنسانية من قبل .

ومن خلال هذه المعطيات يبرز دور الحوار وتظهر أهميته في تأسيس صيغة معرفية
متجددة تعتمد تزاوج الأفكار ، وتبادل الرؤى ، وتداول الطروحات من خلال سماع الرأي
الآخر والإصغاء إليه والاهتمام به تحقيقا للتواصل العلمي والمعرفي ، وابتعادا عن
العزلة والانكفاء الذي لم يبق لهما مكان في عالم اليوم .

ولابد من الإشارة إلى تنوع أشكال الحوار وتعدد موضوعاته
بتنوع مقاصده وأغراضه ، ليواكب الحاجات الفطـرية الإنسـانية ، فكان منه ما يعنى
بالجوانب التربوية التعليمية ، ومنه ما يعنى بالجوانب الثقافية المعرفية ، ومنه ما
يعنى بتحديد العلاقة بين الأمم والشعوب ، ومنه ما يعنى بالصيغ والمناهج الدعوية ، إن مما
لاشـك فيه أن المجتمعات الإسلامية اليوم بأمس الحاجة إلى أن ينفتح فيها الحوار بشكل
يتفق مع معطيات العصر وآفاقه الواسعة ، ولن يتحقق ذلك إلا بما يلي:

1 ـ تحصين الذات من خلال إصلاح
أحوال الفرد والمجتمع .

2 ـ استخدام لغة العصر وأسلوبه
ليكون الحوار مدخلا إلى تحقيق التعامل مع المستجدات بقدرات أكبر وإمكانات أوفر وفرص
أكثر .

ومن هنا ينبغي أن يهدف الحوار إلى رصد
العوامل التي تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية واحتوائها
ومعالجتها بروح مخلصة وعقلية بناءة
هادفة ، كما أنه ينبغي أن يهدف هذا الحوار إلى تدعيم سبل الاستقرار والتنمية ،
لتكون تلك الحوارات بمثابة نقطة تحول وانطلاق إلى آفاق جديدة في واقعنا الاجتماعي
والسياسي وفي ميادين الحياة كافة .

إنه ينبغي أن يشمل الحوار كل موضوع يهم الفرد
والمجتمع سواء كان ثقافيا أو فكريا أو سياسيا ، لأن نجاح الحوار وفاعليته تكمن في
شموليته واستيعابه لحاجة العامة ، ذلك أن الحـوار على هذا النحو الراقي يعد ضرورة
من الضرورات التي تقتضيها عملية انتظام الحياة وتفرضها طبيعة التواصل البشري ،
فالحوار حركة مطردة وقوة دافعة وطاقة للإبداع يجب أن تعتمد على أسس متينة لضمان
استمرارها وديمومتها ، وقد كان للإسلام في جميع هذه الأمور رؤية واضحة وموقف مبدئي
من خلال التعاليم التي تحث على التعاون من أجل كل ما فيه الخير والحق لتحقيق
السعادة لجميع بني البشر .

إن المتتبع لوضع العالم الإسلامي
اليوم وما يمر به من أحداث عصيبة ومتنوعة يجد أن أمام أبنائه مهام كبيرة لبناء
الذات وتصحيح المواقف وازدهار الحياة ، ولذلك فهو مدعو الآن أكثر من أي وقت آخر إلى
أن يتعامل مع تلك الأحداث بعقلية مرنة وتفكير ناضج يستطيع من خلالها الانفتاح على
آفاق العصر ومعطياته المتجددة ، والدخول في حوارات جدية وهادفة مع جهات عديدة وعلى
مستويات متنوعة ليثبت جدارته وأهليته للمساهمة في صياغة حضارة إنسانية تسود فيها
قيم الخير والحق والفضيلة ويبرز فيها مبدأ التعاون والتسامح .

ومن خلال المعطيات المتقدمة فسيتم دراسة هذا الموضوع من خلال المحاور
التالية:

1 ـ تمهيد ـ الصحوة الإسلامية وأهمية الحوار مع
الآخر .

2 ـ المحور الأول ـ التفاعل الحضاري بين الأمم .

3 ـ الحضارات ،،، صراع أم حوار ؟ .

4 ـ أثر ثقافة الحوار في نجاح الدعوة .

ولا بد من الإشـارة هنا إلى أنني عنيت ببحث هذا الموضوع بروح الحيادية
العلمية والإنصاف الفكري معتمدا وضوح المنهج ، ومرونة الطرح ، وسلاسة العبارة ،
ودقة الإحالة ، وسعة الأفق في المعالجة ، بعيدا عن التعصب لطرف على حساب طرف آخر ،
قاصدا بذلك صياغة منهجية حوار إسلامي يتعامل مع عصر الثورة المعلوماتية بعقلية
المسلم المثقف الغيور على دينه وعقيدته .

ومهما يكن من أمر ، فإنه لا يمكن أن أدعي الكمال
لهذه الدراسة فهي لا تعدو أن تكون محاولة مخلصة للكشف عن مقومات الحوار في الإسلام
ومنهجيته العلمية في الحوار مع الذات ، والحوار مع الآخر من خلال التفاعل الحضاري
مع الشعوب والأمم الأخرى ، للوصول إلى الثمرات المرجوة منه في الجوانب التربوية
والثقافية والدعوية ، فإن كان صوابا فهذا ما وفقني الله إليه ، وإن كان غير ذلك
فحسبي أنني لم أدخر جهدا في سبيل الوصول إلى الحقيقة وإبراز رأي الإسلام في هذه
المسألة الهامة والملحة ، والله من وراء القصد ،،،

/ 19