بیشترلیست موضوعات
المقــدمة تمـهيد المحور الأول:
التفاعل الحضاري بين الأمم حدود الحوار بين المسلمين
والغرب الحـوار بين العالمية والعولمة الأقليات الإسلامية والحوار
مع الآخر حوار الحضارات ضرورة
إنسانية المحور
الثالث: أثر ثقافة
الحوار في نجاح
الدعوة الحـوار لغة الحـياد الحـوار منهج عقلي وعاطفي الحماسة للحق وكراهية
الباطل الحوار وتثبيت العقيدة
الصحيحة الحوار وتكوين المجتمع
المسلم الحوار والنهي عن موالاة
اليهود والنصارى الحوار والدعوة إلى السلم
الخاتــمة
المـراجع الهوامشتوضیحاتافزودن یادداشت جدید الأقليات الإسلامية والحوار مع الآخر : تمثل الأقليات الإسلامية في دول العالم المختلفة نسبة لا يستهان بها من المسلمين الذين يدينون بهذا الدين، ولذلك فهم جزء من هذه الأمة تجد نفسها مضطرة للتعامل مع مجتمعات تختلف معها في المعتقد والحضارة والتفكير، وتتباين معها في السلوك والتصرفات الأمر الذي يجعلها أكثر حاجة إلى التفاعل الحضاري والحوار مع الآخر الذي وجدت نفسها وسط بيئته وكيانه . ولا بد من الإشـارة هنا إلى جملة من الحقائق صاحبت نشوء ظاهرة الأقليات الإسلامية في العصر الحديث ، أبرزها : 1 ـ إن السبب الأساسي لنشوء ظاهرة الأقليات الإسلامية كان مرتبطا بالهجرة من البلاد الإسلامية إلى مختلف أقطار العالم ، وبخاصة إلى أوربا وأمريكيا وكندا واستراليا ، حيث وصل المهاجرون من المسلمين إلى تلك البلدان وهم يحملون ثقافتهم وحضارتهم وعاداتهم وتقاليدهم ليجدوا أنفسهم وسط مجتمعات لها دياناتها ولغاتها وثقافاتها ، ولها أنماط حياة وأساليب معيشة خاصة بها تختلف عما ألفوه ونشـئوا عليه في بلدانهم الأصلية. 2 ـ إن الأفواج الأولى من المهاجرين المسلمين كان يغلب عليها الطابع الشعبي حيث كان البحث عن موارد الرزق هو الدافع الأكبر على تلك الهجرات الأولى ، الأمر الذي جعل أغلب تلك الأفواج تنصهر مع المجتمعات الجديدة التي وفدوا عليها ، إلا أنه مع مرور الزمن وبفعل التحولات الدولية الحديثة حصل تغير في نوعية المهاجرين من البلاد الإسلامية إلى الغرب ، حيث أخذت أفواج المتعلمين والدارسين وأصحاب الكفاءات الثقافية والعلمية والمهارات المهنية المتميزة تغلب على ظاهرة المهاجرين المسلمين ، مما أدى إلى ظهور أوضاع جديدة وبروز مشكلات متنوعة شعر المسلمون في المهجر بوطأتها وصاروا يتطلعون إلى إيجاد حلول لها حتى يستطيعوا التوفيق بين هويتهم وثقافتهم وبين المحيط الاجتماعي والبيئة الثقافية والمناخ العام الذي وجدوا أنفسهم يعيشون فيه . 3 ـ إن انتشار الإسلام في الدول غير الإسلامية عن طريق إقبال أهل الأديان الأخرى على اعتناقه بعد وصول أفواج المهاجرين من المسلمين إليهم كان سببا آخر من أسباب نشوء ظاهرة الأقليات الإسلامية وتزايد أعدادهم ، الأمر الذي دعا مجددا إلى ضرورة صياغة برنامج جديد لمعالجة أوضاع المسلمين الجدد وتحديد علاقاتهم مع طبيعة المجتمعات التي نشأوا فيها . ومن خلال ما تقدم يتضح لنا أن الأقليات الإسلامية هي إحدى الفئات التالية39: 1 ـ مسلمون ينتسبون إلى دول غير إسلامية بالأصل والمواطنة ، مثل مسلمي الهند والصين والفيليبين المقيمين في أوطانهم الأصلية ، وهؤلاء جزء لا يتجزأ من شعوبهم لهم من الحقوق وعليهم من الواجبات مثل ما على مواطني تلك الدول . 2 ـ مسلمون يقيمون في دول غير إسلامية ويخضعون لأحكام القانون المحلي لتلك الدول أمثال المسلمين من الدول العربية والإسلامية الذين يهاجرون إلى شتى بلدان العالم . ومهما يكن من أمر فإن هؤلاء الذين يمثلون الأقليات الإسـلامية بحاجة إلى الاهتمام بأوضاعهم العامة باعتبارهم جزءا من حركة اليقظة الشاملة التي سادت أرجاء العالم ، فنتج عنها تزايد مستمر ومتواصل من المسلمين الذين يعتنقون هذا الدين ويلتزمون بأحكامه وشريعته . ولابد من الإشـارة هنا إلى أن عـددا من الأقليات الإسلامية في بعض البلدان الأوربية والأمريكية استطاعت أن تكتسـب كيانا قانونيا يوفر لها إمكانية الاندماج في المجتمعات التي وفدت إليها بما لا يفقدها خصوصيتها الثـقافية ولا يؤثر في تركيبتها الاجتماعية ، الأمر الذي جعلها تسـتطيع التعايش والحـوار مع مختلف الفئات الاجتماعية ، كما وفر لها فرصا من التعامل المتكافئ مع الظروف المحيطة بها ، ولكن هذا الأمر لا ينطبق على الأغلبية الساحقة من تلك الأقليات المقيمة في مختلف أقطار العالم التي تتهدد هويتها الثقافية مجموعة من المشكلات والضغوط التي أملتها طبيعة التباين في المعتقد والمنهج والتفكير ، ولذلك فإن المحافظة على تلك الهوية الثقافية تتطلب جملة من المعطيات تتمثل فيما يلي : 1 ـ إن تلك الأقليات الإسلامية المقيمة في مختلف الأقطار تحتاج إلى أن نتعهدها بالرعاية الكاملة تربويا وثقافيا وأخلاقيا وفكريا حتى تبقى هذه الأقليات في منأى عن المؤثرات الضاغطة التي تهدد الوجود المعنوي لها وتضعف فيها المناعة الثقافية والأخلاقية ، فتصبح فريسة الضياع والانحراف والتيه . 2 ـ لابد لتلك الأقليات من أن تتمتع بسلامة العقيدة والفكر وقوة التمسك بالأخلاق والقيم ، لأن الجماعات الإسـلامية خارج العالم الإسـلامي كلما كانت متماسـكة عقائـديا وأخلاقـيا كان ذلك أقـرب إلى التأثير الإيجابي في البيئة والمحيط الذي تعيش فيه ، أما إذا ضعف كيانهم بسبب غياب الوعي الديني فإن ذلك سيؤدي إلى انسحابهم من ميدان التفاعل الحضاري وعدم مقدرتهم على التأثير بالمجتمعات المحيطة بهم . 3 ـ إن العلاقة بين الأقليات الإسـلامية والمجتمعات من حوله ينبغي أن تقوم على أسـاس من القيم الإسلامية التي تصنع الفرد والجماعة ، وتجعل من المسلم عضوا فاعلا ومؤثرا في محيطه وبيئته التي يعيش فيها ، يتفاعل مع ما يسـود المجتمع من أفكار ومواقف، ويستوعب كل ما يجري من حوله بعين فاحصة وعقل مدبر وفكر نير . إن الأقليات الإسـلامية مطالبة بأن ترتقي إلى مستوى المسـئولية في التعامل والتجاوب والتحاور مع المجتمعات المحيطة بها ، وذلك بأن يكون لها حضور متميز في ميادين العمل العام ، وأن تعطي صورة حقيقية للمسلم الذي يقدم الخير والفضيلة للمجتمع الذي يعيش فيه ، بحيث لا يكون إنسانا انعزاليا سـلبيا ، ولكن تلك المشاركة يجب أن تكون ضمن حدود الأحكام الشرعية بحيث لا تلغي فيه خصوصيته الإسلامية فيضيع وسط التيار المادي الجارف عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم (( لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا))40. ولا شك أن الأقليات الإسلامية إذا ما وفقت في إقامة علاقات ثقافية مثمرة مع المجتمعات التي تندمج فيها وتتعايش معها ، فإنها ستحقق لنفسها ولدينها فوائد كثيرة من أبرزها تقوية الروابط الإنسانية التي ترسخ الوجود الإسلامي في البلدان غير الإسلامية وتساهم في إبراز الصورة الحقيقية للإسلام وتعمل على تصحيح ما يروج ضده من مغالطات وافتراءات لدى الشـعوب غير المسـلمة ، كما أن تلك العلاقات ستكون دعوة مفتوحة يتم من خلالها تبليغ الرسـالة الإسلامية إلى العالم بلغة مفهومة ومنطق مقنع وأسـلوب جذاب ، من دون إخلال بجوهر العقيدة أو بأصل من أصول الدين الحنيف . وكل هذه الجهود الخيرة تتطلب التصرف الحسن والفهم الرشيد لمقتضيات العمل الثقافي في قنواته المتعددة وإن ثقل المسئولية في هذا الجانب إنما يقع على عاتق منظمات العالم الإسلامي ومؤسساته الدعوية والمعنية بالعمل الثقافي ، لأن الأقليات الإسلامية في حاجة شديدة إلى أن تقف تلك المنظمات إلى جانبها وتدعمها وتقدم لها الخدمات التربوية والعلمية والثقافية ، وتوفر لها المساندة والمؤازرة في كافة الميادين ، لأن نجاح الأقليات الإسلامية في حماية هويتها والمحافظة على عقيدتها يخدم في نهاية المطاف المصالح العليا للأمة الإسلامية . وبناء على هذه المعطيات التي أشرنا إليها يجب أن يكون شكل الحوار وطبيعته بين الأقليات الإسـلامية وبين مختلف الشـرائح والفـئات الاجتماعية والفكـرية والسياسية التي تتعامل معها وتعيش في كنفها ، لتثبت وجودها وحضورها داخل تلك المجتمعات ، ولتستفيد من الفرص التي يتيحها الحوار والتواصل والتفاعل في خدمة مصالحها وتحقيق حياة أفضل لها . المحور الثاني: الحضارات ،،، صراع أم حوار ؟ تبادلت الشعوب والأمم منذ القدم المعارف والخبرات وأنماط الحياة ، فأدى ذلك إلى نمو الثقافات وازدهارها ، وإلى التواصل والتفاهم بين الحضارات المختلفة ، ويهمنا هنا أن نبحث عن العلاقة بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية ، باعتبارهما تشكلان أبرز حضارتين تربطهما مصالح وآمال وآلام مشتركة في عالم اليوم ، وللوقوف على شكل العلاقة بين هاتين الحضارتين يمكن لنا أن نطّلع على التوجهات والأطروحات التي تعتمدها كل حضارة . ففيما يتعلق بالحضارة الإسلامية ، فإن المتتبع للعهود التي ازدهرت بها تلك الحضارة وتعاملت فيها مع شعوب مختلفة وأجناس متعددة ، يجد أن العلاقة بين المسلمين وغيرهم كانت علاقة احترام وتفاهم وتواصل ، ولم يذكر التاريخ أن المسلمين حاولوا استلاب ثقافة الآخرين أو إملاء ثقافتهم عليهم بالقوة ، وقد تعامل المسلمون مع غيرهم بهذه المفاهيم بناء على الثوابت الواردة في القرآن الكريم في هذا الشأن ، منها قوله تعالى (( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ))41وقوله تعالى (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ))42وقوله تعالى (( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ))43مما يثبت أن الإسلام يريد للعلاقة بين الحضارات أن تكون علاقة حوار وتفاهم وتواصل ، وليست علاقة صراع وصدام وتنافر . أما الحضارة الغربية ، فقد برز فيها اتجاهان متباينان : الاتجاه الأول : يرى أن العلاقة بين الحضارات يجب أن تكون علاقة صراع وتصادم ، وقد برزت دعوات غربية بهذا الاتجاه منها: المقالة التي نشرها جاك شاهين ( مستشار شبكة سي . بي . إس . التلفزيونية لشؤون الشرق الأوسط ومؤلف كتاب " العربي كما يظهره التلفزيون " ) وتتضمن عرضا موجزا للأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية التي أنتجتها هوليود من سنة 1990م إلى سنة 1996م والتي تظهر العرب والمسلمين في صورة كاريكاتورية مشوهة غالبا ما تكون صورة الإرهابيين ، حيث توحي تلك الأفلام أن العنف جزء لا يتجزأ من الدين الإسلامي والقرآن الكريم44. ومنها المقالة التي نشرها صموئيل هانتنغتون أستاذ العلوم السياسية في جامعة هارفرد بعنوان " صدام الحضارات " سنة 1993م ووسعها وأصدرها في كتاب خاص سنة 1996م ، وهي مقالة تحذر شعوبا من شعوب بسبب ثقافاتها ، ويرى كاتبها أن ثقافة الإسلام وحضارته هي مصدر الخطر وعامل التهديد لثقافة الغرب وحضارته بل هي العدو الذي تجب محاربته والقضاء عليه، وفي هذا يقول هانتنغتون " يعتبر التفاعل بين الإسلام والغرب صدام حضارات ؛ إذ أن المواجهة التالية ستأتي حتما من العالم الإسلامي وستبدأ الموجة الكاسحة التي تمتد عبر الأمم الإسلامية من المغرب إلى باكستان التي تناضل من أجل نظام عالمي جديد45. وقد نالت هذه المقالة منذ نشـرها شهرة مدوية ، حتى قيل إنها أصبحت الخطة " الاستراتيجية " للولايات المتحدة في مواجهة تحديات المستقبل . الاتجاه الثاني : يرى أن العلاقة بين الحضارات يجب أن تكون علاقة تفاهم وتعاون ، وبالتالي علاقة حوار وتواصل ، وقد برزت دعوات ومواقف لبناء علاقات ثقافية بين الحضارات المتعددة ، منها : الموقف الذي اتخذه الفاتيكان في عام 1969م حيث أصدر كتابا عنوانه " دليل الحوار بين المسلمين والمسيحيين " قدم فيه عرضا موجزا لبعض مبادئ الإٍسلام ، ومن أهم ما جاء فيه : يجب أن نعمل على معرفة قيم الإسلام ومثله ... وفيه أيضا: علينا نحن المسيحيين أن نعترف بالمظالم التي ارتكبت في الماضي ، وعلينا أن نتخلص من أسوء مشاعر تحيزنا ، وعلينا أن نذكر فكرة المسلمين عن المسيحية46. ويتضح من محتويات الكتاب أن الفهم الصحيح للفريق الآخر من حيث تاريخه وحضارته وثقافته هو أساس التفاهم ، ولا يكون الفهم صحيحا إلا إذا تحلى بروح العدل والإنصاف والموضوعية . ومن المواقف التي تدخل ضمن هذا الاتجاه موقف الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا عندما وقف محاضرا في مركز أوكسـفورد للدراسـات الإسـلامية عن " الإسلام والغرب " حيث قال: إن سوء الفهم بين الإسلام والغرب ما يزال مستمرا بل ربما أخذ يزداد ، وإن الصراع يندلع نتيجة عدم القدرة على الفهم والعواطف الجياشة التي تؤدي نتيجة لسوء الفهم إلى الخوف وانعدام الثقة … فالذي يربط بين عالمنا أقوى بكثير مما يقسمهما … لقد عانى حكمنا على الإسلام من التحريف الجسيم ، أرجو أن تتذكروا أن دولاً إسلامية منحت نساءها حق التصويت في نفس الفترة التي منحت فيها أوربا نساءها الحق نفسه ، بل قبل فترة طويلة من اتخاذ سويسرا نفس الخطوة ، كما أن القرآن الكريم نص قبل أربعة عشر قرنا على حقوق المرأة المسلمة في الأملاك والإرث وبعض الحماية في حالة الطلاق وممارسة التجارة ، وفي بريطانيا على الأقل كانت بعض هذه الحقوق غريبة حتى على جيل جدتي ، فالتطرف ليس حكرا على الإٍسلام ، بل ينسحب على ديانات أخرى بما فيها الديانة المسيحية . إذا كان هناك قدر كبير من سوء الفهم في الغرب لطبيعة الإسلام ، فإن هناك أيضا قدرا مساويا من الجهل بالفضل الذي تدين به ثقافتنا وحضارتنا للعالم الإٍسلامي ، إن هذين العالمين ، الإسلامي والغربي قد وصلا الآن إلى ما يشبه مفترق طرق علاقتهما ، ولا يجوز أن ندعهما يفترقان وأنا لا أوافق على مقولة إنهما يتجهان نحو صدام في عهد جديد من الخصومة والعداء ، بل إنني على قناعة تامة بأن لدى عالمينا الكثير لكي يقدماه إلى بعضهما47. ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه إضافة لوجود اتجاهات مختلفة ومفاهيم متباينة في تحديد شكل العلاقة بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية ، فإن هناك مخاوف واتهامات متبادلة بين الطرفين يجب عدم إغفالها أو التغاضي عنها . فالمسلمون لهم مخاوفهم التي يتوقعونها من الغرب ، والتي يرون أن آثار بعضها لا تزال ماثلة أمام أعينهم ، وتتمثل تلك المخاوف بما يلي: 1 ـ خلفية الحروب الصليبية وآثارها على الأمة . 2 ـ الاستعمار الأوربي بشكليه القديم والحديث . 3 ـ مناصرة الغرب للقوى الغاشمة " الاحتلال " والتدخل في الشؤون الداخلية لدول العالم الإسلامي . 4 ـ الطمع في ثروات الأمة للمحافظة على مصالح الدول الغربية . والغرب له مخاوفه أيضا ، وهي مخاوف لها دويها الإعلامي ، ولها علماء ومراكز بحوث وساسة يروجونها ، ويقترحون من وسائل مقاومتها ما يصبح خططا استراتيجية تتبناها الحكومات ، وتتمثل تلك المخاوف بما يلي: 1 ـ هجرة عدد كبير من رعايا العالم الثالث إلى الدول الغربية وخاصة دول الاتحاد الأوربي . 2 ـ تهديد ما يسمونه " الأصولية الإسلامية " لتلك الدول . هذه المعطيات تشـير إلى أن مؤتمرات الحوار وندواته بمختلف أنواعها منذ ما يزيد على ثلاثين عاما التي كانت ترمي إلى إقامة علاقات ثقافية بين الجانبين لم تحقق شيئا ذا قيمة لحد الآن ولم تصل إلى نتيجة ملموسة ، وأن هذا الحوار بقي محصورا بين نفر محدود داخل غرف مغلقة ، مثل مراكز البحوث والدراسات ، ذلك أن الحوار لا يتحقق إلا إذا كان هناك بين الطرفين مصالح متبادلة ترمي إلى تحقيق التوازن بين طرفي معادلة الحوار ، ولابد لهذا التوازن من وجود قوة تقف وراءه ، والقوة الوحيدة للمسلمين في الوقت الحاضر تتمثل في التضامن وجمع الكلمة وتوحيد الصف ، وبذلك يعود للحوار حرارته وقوته ، ويصبح الحديث عن التعاون الثقافي حديثا مؤديا إلى الغاية محققا للهدف . ويتضح لنا من خلال ما تقدم : أن طبيعة العلاقة بين الحضارات إذا بقيت داخل مراكز البحوث والدراسة وضمن إطارها الأكاديمي ليقدم المتخصصون لأصحاب القرار السياسي صياغة علمية وتصورا منطقيا ، فإن ذلك يجعل العلاقة بين الحضارات علاقة حوار وتفاهم وتواصل . إن نموذج الحوار بين الشعوب والأمم والحضارات يحدث عندما تكون كل الثقافات متساوية ، سواء كانت ثقافات عظمى أو ثقافات صغرى ، حيث كل الثقافات نتاج التاريخ وهي من صنع الناس ، وإذا كانت الشعوب متساوية في القيمة بغض النظر عن اللون فإن الثقافات تكون هي الأخرى متساوية . أما إذا تحولت العلاقة بين الحضارات إلى مراكز القرار السياسي ودهاليز الخطط الاستراتيجية ، فإنها ستتحول لا محالة إلى علاقة صراع وتصادم وتحدي وسيطرة ، مما يقضي على فكرة الحوار الهادئ بين الأطراف . وهكذا فإن نموذج الصراع والتصادم يحدث عندما تجعل إحدى الثقافات من نفسها الثقافة العظمى ، بينما الثقافات الأخرى ثقافات صغرى ، حيث تكون العلاقة عندئذ نوعا من الاستلاب الحضاري والعدوان الثقافي العلمي ، وهو أشد أنواع العدوان وقعا على الشعوب والأمم .