3 ـ إنَّ الشروط التي كانت هذه المدرسة، وما تمثله من قواعد شعبية في المجتمع الاسلامي، تؤمن بها، وتتقيد بموجبها في تعيين الاِمام والتعرّف على كفاءته للاِمامة شروط شديدة، لاَنها تؤمن بأن الاِمام لايكون إماماً إلاّ إذا كان معصوماً وكان أعلم علماء عصره. 4 ـ إنَّ المدرسة وقواعدها الشعبية كانت تقدّم تضحيات كبيرة في سبيل الصمود على عقيدتها في الامامة؛ لاَنّها كانت في نظر السلطة المعاصرة لها تشكل خطاً عدائياً، ولو من الناحية الفكرية على الاَقل، الاَمر الذي أدّى إلى قيام السلطات وقتئذٍ وباستمرار تقريباً بحملات من التصفية والتعذيب، فَقُتِل من قُتِل، وسُجنَ من سُجِنَ، ومات المئات في ظلمات المعتقلات. وهذا يعني أن الاعتقاد بامامة أئمة أهل البيت عليهم السلام كان يكلفهم غالياً، ولم يكن له من الاِغراءات سوى ما يُحسُّ به المُعْتَقِد أو يفترضه من التقرّب إلى الله تعالى والزلفى عنده. 5 ـ إنَّ الاَئمة الذين دانت هذه القواعد الشعبية لهم بالاِمامة، لم يكونوا معزولين عنها، ولامتقوقعين في بروجٍ عاجية عالية شأن السلاطين مع شعوبهم، ولم يكونوا يحتجبون عنهم إلاّ أن تحجبهم السلطة الحاكمة بسجنٍ أو نفي، وهذا ما نعرفه من خلال العدد الكبير من الرواة والمحدّثين عن كل واحدٍ من الاَئمة الاَحدَ عشرَ من آباء المهدي عليه السلام، ومن خلال ما نُقل من المكاتبات التي كانت تحصل بين الاِمام ومعاصريه، وما كان يقوم الاِمام به من أسفار من ناحيةٍ، وما كان يبثّهُ من وكلاء في مختلف أنحاء العالم الاسلامي من ناحية أُخرى، وما كان قد اعتاده الشيعة من تفقّد أئمتهم وزيارتهم في المدينة المنورة عندما يؤمّون الديار المقدّسة من كلِّ مكان لاَداء فريضة الحج، كل ذلك يفرض تفاعلاً مستمراً بدرجة واضحةٍ بين الاِمام وبين قواعده الممتدة في أرجاء العالم الاِسلامي بمختلف