بإيلياء»(1).
وهذه الاحاديث وان لم يصرح فيها بكون المهدي من ولد العباس لكنه
قد يستفيد البعض منها دلالتها عليه، بتقريب أن تلك الرايات السود،
يحتمل ان تكون هي الرايات التي أقبل بها أبو مسلم الخراساني من
خراسان فوطّد بها دولة بني العباس، فتكون تلك الاحاديث ناظرة إلى
المهدي العباسي!
ضعف الاَحاديث المجملة مع عدم دلالتها على نسب المهدي:
إن حديث مسند أحمد، وسنن ابن ماجة ضعفهما غير واحد من
العلماء، منهم ابن القيم في (المنار المنيف) ثم قال: «وهذا ـ أي: حديث
ابن ماجة ـ والذي قبله لم يكن فيه دليل على ان المهدي الذي تولّى من
بني العباس هو المهدي الذي يخرج في آخر الزمان»(2).
ومما يدل على ذلك هو ان المهدي العباسي قد مات سنة (169 هـ)،
وقد شهد عصره تدخل النساء في شؤون دولته، فقد ذكر الطبري تدخل
الخيزران زوجة الخليفة المهدي العباسي بشؤون دولته، وانها استولت
على زمام الاَُمور في عهد ابنه الهادي(3)، ومن يكون هذا شأنه فكيف
يسمى بخليفة الله في أرضه ؟!
هذا، زيادة على أن المهدي العباسي، بل خلفاء بني العباس كلهم لم
يكونوا في آخر الزمان ولم يحث المال حثواً أحد منهم، ولم يبايعوا بين
الركن والمقام، ولم يقتلوا الدجال، ولم ينزل نبي الله عيسى عليه السلام ليصلي
خلف مهديهم، ولم تخسف البيداء في عهدهم، ولم تظهر أدنى علامة
(1) سنن الترمذي 4: 531 | 2269.
(2) المنار المنيف | ابن القيم: 137 ـ 138 | ذيل الحديثين: 338 و 339.
(3) تاريخ الطبري 3: 466.