موسوعة الإمام المهدی (علیه السلام) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة الإمام المهدی (علیه السلام) - نسخه متنی

فارس الحسون

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




عدم خلو الارض من معصوم


قال تعالى: (فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً) وانما تتم الحجة عليهم والغرض بنصب الامام المعصوم في كل زمان، لأنه الطريق الى معرفة الأحكام الشرعية، وامتثال الأوامر الالهية.(العلامة الحلي ـ الالفين: 147).


أخبر تعالى انه يأتي من كل أمة بشهيد، ويأتي به عليه السلام شهيداً على هؤلاء، فيجب أن يكون الشهداء حكمهم حكمه في كونهم حججاً لله تعالى، وذلك يقتضي ان في كل زمان شهيداً اما نبي او امام.(ابن جبر ـ نهج الايمان: 50).


1 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها...) الاستدلال بها من وجوه:


1 ـ مراده من التكليف هذه الغاية، والامام المعصوم لطف فيه، وفعله يتوقف عليه فيجب فعله والا لناقض الغرض.


2 ـ ان ذلك لا يعلم إلا من الامام.


3 ـ ان خلقهم على جهة التكليف للتعريض للمنافع تفضل وقد فعله الله، واللطف المقرب من ذلك بعد خلقهم على جهة التكليف، وتكليفهم اولى ان يفعله الله تعالى وهو المعصوم، وهل يتصور من الحكيم تعالى التفضل بخلق الخلق وتكليفهم للتعريض للمنافع ولا يخلق لهم الامام المعصوم الذي هو مقرب الى ذلك ومبعد عن القوى الشهوية والغضبية المبعدة عن ذلك الغالبة في امور كثيرة، وهذا لا يجوز في الحكمة ولا يتصوره عاقل.(العلامة الحلي ـ الالفين: 119).


2 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار) وجه الاستدلال أنّ هؤلاء تثبت لهم صفة المدح المطلق دائماً، فالمراد اما الصابرين و... في البعض، أو في جميع الاحوال عن جميع المعاصي وعلى جميع الطاعات، والأول باطل، والا لم يثبت لهم المدح المطلق والاشتراك الكل فيه فلا يوجب تخصيصاً في المدح، والثاني هو المعصوم فثبت، فيستحيل أن يكون الامام غيره، وهذه الآية عامة في جميع الازمنة ولا تخص الرسل.(العلامة الحلي ـ الالفين: 153).


3 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه امداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد)، وانما يتم ذلك بمعرفة القبيح والحسن فيجب وضع طريق يقيني، وانما يتم بالمعصوم في كل زمان فيجب... { و } حكم الله بانه رؤوف بالعباد، فيجب من ذلك فعل الالطاف الموقوف عليها فعل التكليف وكل لطف وكل نعمة فهي بالنسبة الى نصب المعصوم صغيرة مستحقرة، وأعظم النعم وأهم الالطاف المعصوم في كل زمان، فيجب ممن بالغ في وصف نفسه بالرأفة والرحمة نصبه.(العلامة الحلي ـ الالفين: 156 ـ 157).


4 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) اتباعه عليه السلام انما يتم بأمرين: أحدهما: معرفة الاحكام الشرعية بطريق يقيني، إذ غيره لا يجزم باتباعه فيه، ولابد من طريق الى العلم وثانيهما: القرب من أفعاله والمبعد عن مخالفته، وكلاهما لا يحصل الا بامام معصوم في كل زمان فيجب.(العلامة الحلي، الالفين: 157).


5 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (قل ان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) الكمال الحقيقي في قوتي العلم والعمل بحيث تكون العلوم الممكنة للبشر بالنسبة اليه من قبيل فطري القياس، وتكون نفسه في مرتبة العقل المستفاد بحيث يكون الجميع مشاهداً عندها كالصور في المرآة كما قال علي عليه السلام (لو كشف الغطاء...) فيكون مهذب الظاهر باستعمال الشرائع الحقة بحيث لا يهمل منها شيئاً البتة، ويتضمن ذلك فعله جميع الطاعات وترك جميع القبائح بحيث لا يفعل قبيحاً ولا يخل بواجب، ويكون باطنة مزكّى من الملكات الردية ونفسه متحلية بالصور القدسية، وهذا هو التفضيل يحسن به الامتنان وبالقدرة عليه المدح، فلابد من اثباته في كل وقت فيدل على وجود المعصوم في كل وقت....(العلامة الحلي، الالفين: 159 ـ 160).


6 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (يختص برحمته من يشاء) لا رحمة اعظم من وجود المعصوم على غيره، يدل على وجود المعصوم في كل وقت.(العلامة الحلي، الالفين: 160).


7 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (بلى من اوفى بعهده واتقى فان الله يحب المتقين) وجه الاستدلال ان هذه الاية تدل على وجود المتقي الحقيقي وهو المعصوم.


ان هذه صفة مدح على التقوى، فمع عمومها يكون المدح اولى، والتحريض عليه اكثر، فلابد من طريق الى ذلك وليس الا المعصوم فيجب وجوده.


ان قولنا هذا متق مساو لنقيض قولنا هذا ظالم، لان كل واحد منهما يستعمل في نقيض الاخر عادة وعرفاً، وظالم يصدق بمعصية واحدة، ونقيض الموجبة الجزئية السالبة الكلية، فالمتقي انما يصدق على من لم يخل بواجب ولم يفعل قبيحاً، وذلك هو المعصوم، فيجب وجوده بهذه الاية لانها تدل على ارادة الله تعالى لخلقه المحبة والمانع منتف، ومتى وجدت القدرة والداعي وانتفى الصارف وجب الفعل فيجب خلقه ونصبه في كل وقت وهو المطلوب.(العلامة الحلي، الالفين: 160 ـ 161).


8 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر...) هذا يقتضي كون البعض يدعون إلى كل خير، ويأمرون بكل معروف، وينهون عن كل منكر للاجماع على العموم، وذلك هو المعصوم قطعاً، وهذا خطاب لأهل كل زمان فيكون المعصوم ثابتاً في كل زمان.(العلامة الحلي، الالفين: 162).


9 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (ولا تفرقوا) وانما يتم هذا بنصب شخص يحملهم على الاجتماع وليس باختيار الامة، وإلا لزم التفرق المحذور منه، فيكون من الله تعالى، ولابد من ايجاب طاعته، ويستحيل ذلك في غير المعصوم فيجب المعصوم.


انه تعالى نهى عن التفرق مطلقاً، ولو لم يكن المعصوم ثابتاً في كل وقت لزم تكليف ما لا يطاق، إذ الاستدلال بالعمومات والادلة والاجتهاد فيها مما يوجب التفرق، إذ لا يتفق اجتهاد المجتهدين فيما يؤدي اليه اجتهادهم فلو لم يكن المعصوم ثابتاً لزم تكليف ما لا يطاق، واللازم باطل والملزوم مثله.


عدم التفرق والاختلاف مشروط بالعلم والتكليف بالشرط تكليف بالمشروط، فيلزم التكليف بالعلم في الوقايع والحوادث، فلابد من نصب طريق مفيد للعلم، وليس الادلة اللفظية إذ اكثرها ظنية والعقلية في الفقهيات قليلة جداً، بل هي منتفية عند جماعة فليس الا المعصوم، فلو لم يكن ثابتاً في كل وقت لزم التكليف بالعلم الكسبي مع عدم طريق مفيد له وذلك تكليف ما لا يطاق، لا يقال: النهي عن الشيء لا نسلم انه يستلزم الامر بضده فلا يلزم من عدم جواز التفرق وجوب الاجتماع، ولان النهي عن التفرق ليس بعام بل في الاصول وفي الجهاد، وما المطلوب فيه الاجتماع خاصه، لانا نجيب عن الأول بأن الناس اختلفوا في متعلق النهي، فقال ابو هاشم واتباعه انه عدم الفعل، وقالت الأشاعرة انه فعل ضد المنهي عنه فعلى الثاني لا يتأتى هذا المنع، وأما عن الاول فلان المطلوب هنا من عدم التفرق اجتماع المسلمين، واتفاق كلهم ليحصل فوائد الاجتماع ففعل هذا مقصود، وابو هاشم لا يمنع مثل ذلك، وعن الثاني بانه فكرة في معرض النفي فيعم....


اتفاق آراء المجتهدين في الافاق لابد له من طريق متفق واحد وليس الا المعصوم، إذ هذه الادلة الموجودة ليست بمتفقة واحدة ولا غيرها وغير المعصوم اتفاقاً فلو لم يكن المعصوم ثابتاً لزم التكليف بالمسبب مع عدم السبب وذلك تكليف بالمحال باطل.


اعلم أن تأدي السبب الى المسبب، إما أن يكون دائمياً أو اكثرياً او مساوياً أو أقلياً... اذ تقرر ذلك فنقول: اتفاق المكلفين المجتهدين وغيرهم من ارائهم مسبب له سبب ذاتي، وسبب اتفاقي نادر في الغاية، والاول هو خلق المعصوم ونصبه، والدلالة عليه، وقبول المعصوم لذلك، وطاعة المكلفين له، وهذا ظاهر مع اعتقادهم عصمته وتمكنهم منه وقهر يده عليهم وسلطنته، وهذا سبب ذاتي يؤدي الى مسببه دائماً ونصب ادلة تفيد اليقين والجزم التام، وهذا يمكن أن يكون اكثرياً، وسبب اتفاقي نادر في الغاية هو هذه الادلة اللفظية والعمومات وخصوصاً مع وجود المعارض فالله تعالى قد نهى عن التفرق وطلب الاجتماع، فإما ان يكون مع السبب الاتفاقي وهو تكليف بما لا يطاق ايضاً انه لا يفيد، واما مع وجود السبب الاول الذاتي وهو تكليف ما لا يطاق ايضاً لأنه لا يفيد وأما مع وجود السبب الأوّل الذاتي وهو المطلوب.


فنقول: الذي من فعله تعالى نصب المعصوم والدلالة عليه، وايجاب الدعاء والقبول على الامام ذلك، والذي على الامام القبول، وقد بقي الثاني من فعل المكلفين فأوجبه الله تعالى عليهم فلابد أن يفعل الله تعالى من هذه الاشياء ما هو من فعله والا لزم التكليف بالمحال، والامام يجب عليه فثبت وجود المعصوم، واما المكلفون فاذا لم يفعلوا كان انتفاء السبب من جهتهم لا غير.(العلامة الحلي، الالفين: 162 ـ 164).


10 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (ويتخذ منكم شهداء) الله تعالى يتخذ من الامة شهداء، فلابد من حصول العدالة المطلقة لهم حتى لا يتوجه الطعن عليهم بوجه اصلاً والباتة والعدالة المطلقة هي العصمة، فدل على ثبوت معصوم في كل عصر.(العلامة الحلي، الالفين: 167 ـ 168).


11 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (وكأيّن من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما اصابهم...) هذه الفضيلة لابد أن تدرك في كل زمان، والنبي ليس في كل زمان، فلابد من شخص يقوم مقامه، ويكون طاعته كطاعته ودعاؤه كدعائه، وذلك هو المعصوم فيجب في كل وقت.(العلامة الحلي، الالفين: 168).


12 ـ عدم خلو...


اجناس الفضائل اربعة: الحكمة والفقه والشجاعة والعدالة... فالامام لتحصيل هذه الفضائل للمكلف في كل وقت فلابد أن يكون القوى البهيمية والقوى الناطقة غالبة فيه في كل وقت يفرض وذلك يستلزم العصمة.


اجناس الرذائل اربعة: الجهل والشره والجبن والخمود، اذا تقرر ذلك فنقول الامام لدفع هذه في كل وقت يفرض فتنتفي عنه بالكلية....(العلامة الحلي، الالفين: 169 ـ 170).


13 ـ عدم خلو...


نصب الحدود وتعريف الفرائض وما يحرم، إما أن يكون لا لغرض، وهو عبث على الله تعالى محال او لغرض ويستحيل عوده اليه فبقي عوده الى العباد، فاما النفع او الضرر، والثاني باطل بالضرورة فتعين الاول، وهو ارتداع المكلف عن المعاصي وحمله على الطاعات.


لا تتم هذه الغاية الا بحاكم قاهر يستحيل عليه اهمالها والمراقبة، ويستحيل عليه موجب الحدود، وإلا كان هو الداعي للمكلف اليه، وذلك هو المعصوم، فيلزم نصب الحدود، وتقرير الشرايع، ونصب امام معصوم، فيلزم في كل زمان.(العلامة الحلي، الالفين: 175).


14 ـ عدم خلو...


الامام يجب ان يؤتم به، ويجب القبول منه والانقياد له، فلو لم يكن معصوماً لم يؤمن فيما يأمر وينهاه ان يكون قبيحاً، ولا يجوز تكليف الرعية للانقياد لمن هذه حاله والتزام طاعته، بل اذا لم يكن معصوماً لا يمتنع أن يرتد وأن يدعوا الى الارتداد وليس بعد ثبوت العصمة إلا القول بانه لابد من امام منصوص عليه في كل زمان.


واعترض على هذا القاضي عبد الجبار بوجوه:....(العلامة الحلي، الالفين: 213 ـ 216).


15 ـ عدم خلو...


ان القرآن مشحون بالامر بالتقوى ومدح المتقين وهو ظاهر، وإذا كانت اشرف المقامات واهم المهمات فينبغي نصب من يتوقف عليه وهو المعصوم في كل وقت، فالاخلال به اهمال عظيم لاهم المهمات، وهو لا يليق بالحكيم.(العلامة الحلي، الالفين: 325).


16 ـ عدم خلو...


الايمان واثره لا يتم الا بالامام المعصوم، فيجب ان يكون الامام المعصوم في كل زمان، فيحتاج الى بيان مقدمات احدها الايمان، وثانيها ما اثره؟ وثالثها توقفه على امام معصوم، ورابعها انه اذا كان كذلك وجب نصبه في كل زمان على الله تعالى....(العلامة الحلي، الالفين: 328 ـ 332).


17 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام...) هذه الاية تدل على أنه تعالى نصب ادلة يقينية في الكتاب يهدي بها من اتبع رضوانه واتبع سبل السلام هي الطرق التي يستفاد منها احكام الله تعالى باليقين، واذ لم يمكن من الكتاب للمجتهدين فهي للمعصومين، فاما أن تختص بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فيحصل اللطف للمكلفين في زمانه خاصة وهو ترجيح بلا مرجح، واما أن لا يختص بالنبي بل تكون مشتركة بينه وبين الامام، فلابد في كل زمان من امام معصوم يعرف سبل السلام وتلك الطرق اليقينية....


وقوله: (ويهديهم الى صراط مستقيم) يدل على أن المراد انه تعالى أراد الهداية الى أمره ونهيه، ومن ليس بمعصوم لا يمكن فيه ذلك، فكما كان في النبي ينبغي في كل زمان كذلك يكون الامام معصوماً....(العلامة الحلي، الالفين: 334).


18 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (اطيعوا الله واطيعوا الرسول واحذروا فان توليتم فاعلموا انما على الرسول البلاغ المبين) تقرير الاستدلال من هذه الاية وجوه:


1 ـ انه تعالى أمر بالحذر عن مخالفة الامر، وعدم الاتيان بما امر الله تعالى به، وحكمه تعالى في الاحكام التكليفية واحد، ومتى لم يوجد معصوم في كل زمان يفيد قوله العلم بحكم الله تعالى يقيناً فالخوف حاصل، ولا يندفع بدونه أو بخلق علوم ضرورية بالصواب ولم يحصل الثاني، لانا نبحث على هذا التقدير فلابد من الاول.


2 ـ طريق دفع الخوف لابد فيه من خمسة امور: احدها ما يتعلق بالله تعالى، وهو نصب المؤدي والمبلغ وهو الرسول... ثانيهما نصب دليل دال على نبوة النبي وعلى امامة الامام، ثالثهما ابلاغ النبي وسعيه في الابلاغ، ورابعها خلق فهم وذهن وآلات حسية للمكلفين لاجل التوصل الى فهم الاحكام... وخامسها امتثال المكلفين لامر الامام والسعي في تفهيم الاحكام، والامور الاربعة المتقدمة من الله تعالى... والخامس من فعل المكلف، فالاهمال الان من فعل المكلفين فيجب نصب الامام المعصوم.


3 ـ في القرآن المحكم والمتشابه والنص والظاهر والمؤول، فحصول الدلالة اليقينة منه في كل الاحكام للمجتهد محال فمن السنة أولى، ومع كون الحكم واحد، أو اهمال النقيض، وعدم قيام غير الحكم مقامه في مطلوب الشارع وفيما ينشأ منه، ومن المصالح وفي تركه المفاسد لا يحصل إلا من اصابة حكم الله تعالى، ولا يحصل الا مع علم يقيني، وطريقه إما قول واجب العصمة الذي يستحيل عليه السهو والنسيان والخطأ في التأويل مطلقاً او غيره، وهذه قسمة حقيقة لا تنقلب، والثاني لم يوجد وهو ظاهر فلولا وجود الاول لزم أن يكون الله تعالى ناقضاً لغرضه، وهو محال بالضرورة تعالى الله عن ذلك، فتعين وجود امام معصوم في كل وقت.(العلامة الحلي، الالفين: 335 ـ 336).


19 ـ عدم خلو...


{من الادلة على عدم خلو الزمان عن المعصوم} الايات المتضمنة للتقوى: (وتزودوا فان خير الزاد التقوى) (هدى للمتقين).. ونحو ذلك، ووجه الاستدلال بهذه الايات ان التقوى المحثوث عليها المرغب فيها انما تحصل بامتثال الاوامر واهمال الزواجر فان لم يكن للمكلف طريق يؤدي الى العلم بذلك على الاطلاق لزم التكليف بما لا يطاق، فان كان الطريق الى الظن مؤدياً، فان الظن لا يغني من الحق شيئاً، وغير المعصوم لا يجب التعويل عليه لا مكان نسبة المعصية اليه، فلا يحصل الوثوق بالوصول الى التقوى، بل قد يجذب الى ضدّها فتعمّ البلوى، فيجب وجود المعصوم ليفيد العلوم بأحكام الحيّ القيوم....(البياضي، الصراط المستقيم 1: 134 ـ 135).


20 ـ عدم خلو...


{يدل على عدم خلو الزمان من المعصوم} الايات التي فيها طلب الهداية: (اهدنا الصراط المستقيم)، والتي فيها نسبة الهداية الى الرب الكريم مثل: (فهديناهم) و(والله يهدي من يشاء)، و(سيهديهم ويصلح بالهم) ونحو ذلك، ووجه الاستدلال ان الهداية جميعها غير معلومة بالعقول، فان غالبها انما يستفاد من المنقول، فان فوّض النقل والبيان الى جائز الخطأ، ولا شك في اختلاف المفسرين والرواة، فإن سمع المكلف من الجميع وقع في الامر الشنيع، ولا ترجيح لبعض لارتفاع العصمة عن كل، فالمرشد على اليقين الى معرفة الهداية هو المعصوم عن الغواية فان لم يجب وجوده كلفنا بما لا سبيل اليه....(البياضي، الصراط المستقيم 1: 135).


21 ـ عدم خلو...


يدل عليه الايات المتضمنة للخوف نحوه مثل: (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، و(انما يخشى الله من عباده العلماء)، و(فلا تخشوهم واخشون)، و(ما لكم لا ترجون لله وقاراً)، و(يعذّب من يشاء)، و(مأواهم جهنم)، وغير ذلك، ووجه الاستدلال ان خروج المكلف عن خوف الوعيد، والسقوط في العذاب الشديد انما يكون باختياره ما يوجب ذلك وهو غير عالم بما يوجبه او يسلبه من تلقاء نفسه، ولا ممن يحكم في عقله بجواز معصيته، فلا ملجأ له في زوال الهم الفادح الا بهداية من لا يفعل، ولا يأمر الا بصالح، وذلك هو الامام المعصوم الذي لا يصدق عليه اسم الظلوم.(البياضي، الصراط المستقيم 1: 136).


22 ـ عدم خلو...


يدل عليه الايات الناطقة بما يوجب الهلاك، مثل: (ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين)، (ولا تخونوا امانتكم)، (ولا تفسدوا)، (فلا تولوهم الادبار)، (ولا تكونوا كالذين آذوا موسى)، (ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق)،... الى غير ذلك.


فنقول: الكتاب والسنة مجملان في هذه وغيرها، فلابد من طريق الى معرفة المراد يقيناً منها، ومجتهدوا الامة غايتهم الظن والتبعيض، ولا يصلون الا في قليل الى العلم القطعي المانع من النقيض، فلابد من معصوم يجزم العبد بصوابه، فلا يخشى باتباعه من غضب الله وعقابه، والنبي غير دائم الوجود فلابد من نائب يقوم بمقامه، ويؤدي الى امته تفاصيل احكامه لئلاّ يدرس طريق نجاتهم، فتكون الحجة لهم على بارئهم حيث لم يستمر لهم منه نصب السبيل وينتقض قوله: (لئلاّ يكون الناس على الله حجة بعد الرسل) النساء: 164.


ان قلت: هذا يفهم كون الامام رسولاً، قلت: لا بل هو تكميل لدينه ونائب في رعيته بعد حينه، ولاخفاء ان الله لا يخل امة من الخلفاء (ان من امة خلا فيها نذير) فاطر: 24.(البياضي، الصراط المستقيم 1: 136 ـ 137).


23 ـ عدم خلو...


يدل عليه الايات المتضمنة للاستمرار على الحق اليقين: (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا)، و(لئن اشركت ليحبطن عملك)، و(وافعلوا الخير)، و(والله يحب الصابرين)، و(الذين يؤفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق)...


فالدوام على ذلك وشبهه فيما لم تقض الضرورة به ولم تهتد العقول الى كسبه انما يحصل من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومع فقده فمن الامام، وغير المعصوم يشارك في الحاجة الى الاستفادة ممن جعل الرب الحكيم عنده ومنه الافادة، وقد نص الله في كتابه المبين على اصطفاء قوم معينين في قوله: (إن الله اصطفى آدم و...) وانما يحسن ذلك من الحكيم مع عصمتهم من اول خلقهم الى آخر عمرهم، فان كان المراد الانبياء والائمة فالمطلوب فيدخل فيه عليّ وفاطمة وباقي الائمة، لان الجمع المضاف للعموم وإن اريد الانبياء حصل المطلوب ايضاً، لان كل من قال بعصمتهم قال بعصمة الائمة، ومن منع عصمة الائمة لم يقل بعصمتهم فالفرق احداث قول ثالث.(البياضي، الصراط المستقيم 1: 137 ـ 138).


24 ـ عدم خلو...


يدل عليه الايات التي فيها الحث على عمل الصالحات مثل: (افعلوا لخير)، (ومن يعمل خيراً يجز به)، والايات التي فيها الزجر عن المعصيات (من يعمل سوء يجز به)، (من كسب سيئة واحاطت به خطيئته)، (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا)، فهذه الايات ونحوها لا يوصل الى حقائقها الا بالمعصوم اذا الكتاب والسنة مشتملان على المجملات والمتشابهات، وتفويض استخراج ذلك الى الاجتهاد باختلاف الامارات فيه تعطيل الامور والتكليف بغير المقدور والخوف من عدم اصابة اليقين للقادة والتابعين....(البياضي، الصراط المستقيم 1: 138 ـ 139).


25 ـ عدم خلو...


يدل عليه الايات الدالة على شفقة الله تعالى بخلقه، وذلك في آيات الرحمة والعفو والمغفرة والتوبة والنعمة وفي امر رسوله بنحو ذلك من التلطف والتغافل عنهم والارفاق بهم... وبدون نصب الامام المعصوم من الله ورسوله لا يوجد ذلك اذ لا يتم الا به، فكيف يحسن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع شدّة شفقته الاخلال به.


ان قيل: هذا من باب الخطابة والمسألة علمية فلا تستفاد منه الخطابة، قلنا: لابد ذلك من باب مفهوم الموافقة، فان الامر باللين والاستغفار والتواضع هابط في اللطفية عن المعصوم فيجب بالاولى والخطاب الالهي برهاني، لان اثبات الرحمة التامة، وارادة المنافع العامة علة في نصب الامام المعصوم الذي تفقد تلك الفائدة بفقده وهذا برهان لمي. ولانه تعالى أثبت احد معلولي الرحمة، وهو الامر باللين والشفقة فيثبت المعلول الاخر، وهو نصب المعصوم الذي تفقد تلك الفائدة بفقده وهذا برهان انّي....


ان قيل: فاعل الحسن لحسنه لا يلزمه فعل كل حسن والله فعل ذلك وامر به، فلا يلزمه فعل كل حسن فلا يلزمه نصب الامام، قلنا: بلى فانه اذا افعل الحسن الذي هو غير واجب لحسنه لزم منه أن يفعل الواجب لحكمته، وقد بينا وجوب نصب الامام والعناية به، والا لزم نقض غرضه من نفع خلقه، اذ الامام اتمّ في تحصيل ذلك من اللين وغيره من المأمور به.(البياضي، الصراط المستقيم 1: 139 ـ 140).


26 ـ عدم خلو...


وقد جاء القرآن بوجود الامام في كل زمان: (يوم ندعوا كل اناس بامامهم)، و(إني جاعلك للناس اماماً)، و(انا جعلناك في الارض خليفة)، و(ان من امة الا خلا فيها نذير)، و(يوم نبعث من كل امة شهيداً)، و(فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد)، ورتب الله تعالى في كتابه طاعة اولى الامر على طاعة الرسول المرتبة على طاعته تعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية) فكيف يختص لطف الامام بالامور الدنياوية لولا الأهوية المردية فظهر وجوب الامامة والعصمة، وهذا مذهب الامامية والاسماعيلية.(البياضي، الصراط المستقيم 1: 111).


27 ـ عدم خلو...


{من الادلة على عدم خلو الزمان عن المعصوم} الايات المتضمنة للرحمة مثل: (بسم الله الرحمن الرحيم)، و(اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة)، و(كتب ربكم على نفسه الرحمة)، ونحو ذلك كثير مما فيه نسبة الرحمة الى الله سبحانه كثير، ووجه الاستدلال بها أن الرحمة انما يكون ثبوتها بفعل مأمورات التكاليف وترك منهياتها، وانما يكون ذلك بالالطاف المقربة اليها المصرفة للقوى الشهوية والغضبية عنها، ولا اهم في ذلك من المعصوم في كل زمان، إذ منه تستفاد علوم احكام السنة والكتاب لكل انسان فترك نصبه يعود بالتعطيل على الاحكام العائد على نفي الرحمة عن الحكيم العلام، فلا يكون لايات الرحمة معنى معقولاً، وهو تناقض لا يصدر الا ممن كان غبياً جهولاً.(البياضي، الصراط المستقيم 1: 134).


28 ـ عدم خلو...


انتفاء الامام المعصوم يلزمه كون الحجة للرعية على الله وهو محال لقوله تعالى: (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) النساء: 164. والامام مساوٍ وللرسول في تنفيذ الاحكام والتقريب من طاعة الملك العلام فنفيه مساوٍ لنفيه ولازم أحد المتساويين لازم للاخر، فانتفاء الامام المعصوم في عصرنا محال فوجب وجوده في كل عصر لكذب السالبة الجزئية.


بل نقول: اذا امتنع الخلوّ من النبي الذي هو لطف خاص امتنع بالاولى الخلو من الامام الذي هو لطف عام، والذي يوضح هذا المراد قوله تعالى: (انما انت منذر ولكل قوم هاد) الرعد: 8.(البياضي، الصراط المستقيم 1: 121).


وفيها ايضاً دلالة على أحقيّة مذهب الامامية من عدم خلوّ الزمان من حجة هاد.(شبر، حق اليقين 1: 197).


29 ـ عدم خلو...


القوة العقلية ليست غالبة للقوة الشهوية دائماً، ولا في كل الناس، والا لم يحتج الى امام دائماً لتحقق السبب الصارف بل القوة الشهوية غالبة اما بالقوة او بالفعل، والثاني اما دائم او في الجملة فصدقت مانعة خلوّ في غير المعصوم، وهي تستلزم وجوب عصمة الامام إذ نقيض الممكنة انما هو الضرورية.(البياضي، الصراط المستقيم 1: 122).


30 ـ عدم خلو...


قال الحكماء: الانسان مدني الطبع أي لا يمكن تعيشه الا باجتماعه مع ابناء نوعه ليقوم كل واحد بشيء مما يحتاجون اليه... واذا كان كل انسان مجبولاً على شهوة وغضب، فمن الممكن ان يستعين من ابناء نوعه من غير أن يعينهم فلا يستقيم امرهم الا بعدل، ولا يجوز ان يكون مقرر ذلك العدل احد منهم من غير مزية اذ لو كان كذلك لما استقام امرهم، وكلامهم هذا يؤذن يوجوب رئيس له مزية على سائر رعيته والامام يمتاز على سائر الامة بعصمته فتكون الامامة على وفق ما أصّله الحكماء.


فان قيل: لو وجب نصب الامام لكان ذلك مشروطاً بانبساط يده اولا مع ذلك الشرط والقسمان باطلان، اما الملازمة ظاهرة، فاما بطلان الاول فلان الازمان تنقضي مع أنه لا يرى امام منبسط اليد متمكن من امضاء الاحكام بل لا يعلم وجود مثله، واما الثاني فباطل اذ لا فائدة في امام هذا شأنه.


فالجواب لا يكون مشروطاً وقوله (لا فائدة في امام هذا شأنه) ممنوع، لان فيه فوائد جمة ايسرها قيام الحجة على المكلفين، وتحقيق هذا: ان لطف الامامة ذو شعب ثلاث، منه ما يختص بالله تعالى كنصب الرئيس، ومنه ما يختص بالامام وهو قبول اللطف والقيام بأعباء ما حُمّل، ومنه ما يختص بالمكلف، وهو الانقياد لاوامر الامام والمعاضدة له، فلو أخلّ الله سبحانه بنصبه لكان مخلاً بما يجب عليه في الحكمة وذلك قبيح لا يفعله الا جاهل بقبحه او محتاج اليه... ولما انزاحت علة المكلفين فيجب ان ينصب الله تعالى بحيث اذا اخل المكلف بالقبول يكون فوات مصلحته بسوء اختياره كما كان فوات مصلحة الكافر بسوء اختياره....(ابن جبر، نهج الايمان: 42 ـ 43).


31 ـ عدم خلو...


اسند الثعلبي في تفسير: (يوم ندعو كل اناس بامامهم) الاسراء: 71، قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (كل قوم يدعون بامام زمانهم).(البياضي، الصراط المستقيم 2: 219).


32 ـ عدم خلو...


قال الله عزوجل منبهاً على وجوب الامامة: (يوم ندعو كل اناس بامامهم) الاسراء 71 ظاهر اللفظ الشريف وعمومه يقتضي وجود الامام في كل زمان.(ابن جبر، نهج الايمان: 49).


33 ـ عدم خلو...


قال سبحانه: (وإن من امة الا خلا فيها نذير) فاطر 24 وهذا عام في سائر الامم، وعمومه يقتضي ان كل زمان حصلت فيه امة مكلفة بدين لابد لها من نذير، ففي ازمنة الانبياء هم النذر للامم وفي غيرها الائمة عليهم السلام.(ابن جبر، نهج الايمان: 50، ومثله علم اليقين للفيض 1: 383).


34 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين * اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) الانعام 89 ـ 90 دليل ظاهر على أنّه لا يخلو كل زمان من حافظ للدين اما نبيّ او امام.(ابن جبر، نهج الايمان: 50).


35 ـ عدم خلو...


وقد جرت عادة الملك الديان بنصب الانبياء والاوصياء في جميع الازمان، وقد أسند ابو داود ذلك في صحيحه الى عليّ عليه السلام والى أم سلمة ايضاً، والبغوي في شرح السنة، ومسلم والبخاري الى ابي هريرة، والترمذي الى ابن مسعود، والثعلبي الى انس.(البياضي، الصراط المستقيم 2: 219).


36 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (اني جاعل في الارض خليفه) فائدة الخليفة تكميل قوى العلم، والعمل لسائر الخلائق، وتكميل كل مستعد على قدر استعداده، ولما كانت مراتب الناس في الاستعداد متفاوته في الكمال والنقصان وجب ان يكون المكمل الموصل كل مستعد الى اقصى نهاية كماله كاملاً في القوتين العملية والعلمية اصلاً في الكمال الى اقصى نهاية الكمال البشري، ولا يتحقق ذلك مع غير العصمة، فوجب أن يكون معصوماً، وهذا المعنى الموجب مشترك في كل خليفة لله تعالى في ارضه فيجب عموم الحكم لعموم العلة، وهذا مقتضى الحكمة الالهية والخلقية كما يقال على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقال على الامام عليه السلام، ولان النبي لا يعم في كل عصر وهو ظاهر، فلو اختص ذلك بالنبي لاختص باللطف بعض الامة، لكن رحمة الله عامة شاملة للكل وعنايته في حق اهل كل عصر وجب الامام.(العلامة الحلي، الالفين: 336، 337).


فبدأ بالخليفة قبل الخليقة، والحكيم العليم يبدأ بالاهم دون الاعم، وتصديق ذلك قول الصادق عليه السلام: (الحجة قبل الخلق وبعد الخلق ومع الخلق).(الكافي 1: 177، كمال الدين: 221 و 232) و (الفيض، علم اليقين 1: 383).


37 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (فاسألوا اهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) النحل 43. فان الذكر اما الرسول لقوله تعالى (لقد انزل الله عليكم ذكراً) الطلاق: 10 لانه مذكر للعباد، أو المراد به القرآن لقوله تعالى: (انا نحن نزلنا الذكر...) الحجر: 9. وقوله: (وانه لذكر لك ولقومك) الزخرف: 44 وهم عليهم السلام اهل القرآن لما تقدم من اخبار الثقلين، وان الله تعالى اوجب علينا السؤال عن أهل الذكر، فيجب وجودهم الى يوم القيامة، ويجب وجود العالم بجميع ما يحتاج اليه الناس وليس غيرهم اتفاقاً.(السيد شبر، حق اليقين 1: 270).


38 ـ عدم خلو...


الايات المتضافرة والاخبار المتواترة الدالة على أنّ الله تعالى بيّن كل شيء، وحكم في كتابه كقوله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) الانعام: 38، و(ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء) النحل: 89، (وكل شيء فصلناه تفصيلاً) الاسراء 12، و(ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين) الانعام: 59، ومن المعلوم بالوجدان فضلاً عن البرهان ان عقول الخلق لا تفي بذلك، فلابد أن يكون الله تعالى قد جعل احداً يعلم جميع ذلك ويرجع اليه الخلق، وايضاً اذا ثبت ان جميع الاشياء مبيّنة في القرآن فكيف يجوز اهمال الامامة التي هي اعظمها واهمها؟(شبر، حق اليقين 1: 186).


39 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (وكل شيء أحصيناه في امام مبين) يس: 12، ففيها دلالة صريحة على وجود الامام العالم بجميع الاشياء.(شبر، حق اليقين 1: 187).


40 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) التوبة: 119، وجه الاستدلال ان المراد بوجوب الكون مع الصادقين مشايعتهم في اقوالهم وافعالهم لا الاجتماع معهم في الابدان لاستحالة ذلك وعدم فائدته والخطاب جار في جميع المؤمنين في سائر الازمنة والامكنة، فلابد في كل زمان من صادق يجب اتباعه، وليس المراد بالصادق صادقاً ما والا لزم وجوب متابعة كل صدق مرة وهو باطل اجماعاً، بل الصادق في جميع اقواله وافعاله وهو المعصوم، فيلزم وجود المعصوم في كل زمان ووجوب متابعته، وليس غير عليّ عليه السلام واولاده اتفاقاً فثبتت امامتهم على انه قد روى العامة كالسيوطي والثعلبي عن ابن عباس ان المراد بالصادقين محمد وعلي (الدر المنثور 3: 290، طبقات النقول 2: 15، مشارق الانوار: 75، الصواعق: 74)، وعن عليّ ان الصادقين عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.


قال الرازي في تفسيره في هذه الاية: (ان الله تعالى أمر المؤمنين بالكون مع الصادقين فلابد من وجودهم، لان الكون مع الشيء المشروط بوجوده فلابد في كل زمان من الصادقين، فينبغي عدم اجماع جميع الامة على الباطل، وهذا دليل حجة الاجماع، وليس هذا مخصوصاً بزمان رسول الله، لانه ثبت بالتواتر أنّ خطابات القرآن تتوجه الى جميع المكلفين الى يوم القيامة، وايضاً لفظ الاية شامل لجميع الاوقات، والتخصيص ببعض الازمنة الذي لا يفهم من الاية يوجب تعطيل حكمها، وايضاً ان الله تعالى قد امرهم اولاً بالتقوى، وهذا الامر يشمل كل من يجوز منه ترك التقوى ومباشرة الخطأ والعصيان، فتدل الآية على أن كل من يجوز منه المعصية يجب عليه متابعة الذين تجب عصمتهم من المعصية، وهم الذين حكم الله تعالى بكونهم صادقين، فرتب حكم الكون معهم على التقوى، ويدل على وجوب متابعة جائز المعصية الصادق المعصوم الممتنع منه المعصية، وهذا المعنى لابد من تحققه في كل زمان، فيجب وجود المعصوم في كل زمان، ونحن نقول بذلك لكن نقول ان المعصوم جميع الامة والشيعة يقولون انه واحد من الامة، وهذا القول باطل لانه لو كان كذلك لوجب ان نعرفه لنتابعه، ونحن لا نعرف شخصاً بين الامة)((تفسير الرازي 4: 760)).


... كيف يمكن {يا فخر الرازي} الاطلاع على اجماع جميع الامة مع انتشارهم في الشرق والغرب فيما عدا الضروريات، وعلى تقدير امكانه فهو لا يتأتى الا في قليل من المسائل، على ان صريح الآية ان المأمورين بالكون والاتباع غير الصادقين المتبوعين، وعلى ما ذكره يلزم اتحادهما.(شبر، حق اليقين 1:193 ـ 194).


41 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (أن أوحينا الى رجل منهم ان انذر الناس) الانذار يقتضي وضع الله تعالى في الاحكام جميعاً، لانه تعالى يعلم ما كان وما يكون الى انقراض العالم، فلابد في كل واقعة أن ينصب حكماً فأوجب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم الانذار للمكلفين بجميع الاحكام وذلك يحتاج، ولا يتم فائدته الا بامام معصوم في كل زمان لوجوه:


1 ـ ان الامام لطف في التكليف وهو الانذار، وهو من فعله تعالى واللطف في التكليف الواجب واجب، وهذا على رأي المعتزلة.


2 ـ ان عقولنا لا تستقل باستخراج جميع الاحكام الواقعة في كل زمان من الكتاب العزيز والسنة، وهو الظاهر للاختلاف الواقع، ولان اكثر النظر فيها لاستخراج الاحكام يفيد الظن، فلابد وان يكون من جملة من ينذره النبي صلى الله عليه وآله وسلم شخص ذو نفس قدسية وقوة الهامية يعلمه النبي طريقاً باستخراج الاحكام من الكتاب والسنة يقيناً، ويقرر عنده قوانين كلية تفيده العلم القطعي بتفصيل الاحكام، ويكون حافظاً لذلك وليس ذلك الا المعصوم.


3 ـ أن...


4 ـ ....(العلامة الحلي، الالفين: 347 ـ 348).


42 ـ عدم خلو...


ردع المذنبين باقامة الحدود والتعزيرات حسن مطلوب للشارع، وليس بعض الذنوب اولى من بعض بذلك، وكذا الزمان والمكلفون كذلك، فتعين نصب مقيم للحدود والتعزير على كل مذنب في كل وقت على كل عاقل، فلابد وإن يكون المقيم منزهاً عن سائر الذنوب كلها والا لاتحد المقيم والمقام عليه وذلك هو المعصوم.(العلامة الحلي، الالفين: 350).


43 ـ عدم خلو...


الامام ركن من اركان الدين لان قوله مبدأ من المبادي، وهو الحافظ للشرع، والعامل به، والذي يلزم العمل به فاذا كان معصوماً كان الدين كاملاً، وان لم يكن معصوماً لم يكن الدين كاملاً، لكن قال الله تعالى: (اليوم اكملت لكم دينكم) فدل على ثبوت امام معصوم بالضرورة.(العلامة الحلي، الالفين: 365).


44 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (قالوا ما انزل الله على بشر من شيء كل من انزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى للناس)، قال تعالى (وهذا الكتاب انزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر به ام القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالاخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون).


وجه الاستدلال ان القرآن الكريم ناسخ للتوراة، والناسخ اكمل من المنسوخ، فيلزم ان يكون نوراً وهدى للناس، ولفظ النور هنا مجاز، والمراد به واضح الدلالة بحيث تكون يقينية لا تقبل الشك، ثم اكد بقوله (هدى للناس) وهو عام في اهل كل عصر، ثم أثبت كونه هدى للناس فلابد من ثبوت مهتد بالفعل، لان كل موضوع القضية الموجبة يجلب الحكم فيها على ما صدق عليه عنوان الموضوع بالفعل، وكونه هدى بالفعل يستلزم ثبوت مهتد بالفعل ولا يصدق ان فلاناً مهتد الا مع كونه مهتدياً في جميع افعاله، لان قولنا فلان ضل مطلقة عامة يستعمل في تكذيبها فلان مهتدو بالعكس عرفاً وهي مساوية لنقيضها، فتكون في قوة سالبة كلية عرفاً، فقد ثبت ان في كل عصر لابد من له صفتان، أحدهما ان له علماً بدلالات القرآن يقيناً علماً ضرورياً من قبيل فطري القياس، والثانية انه مهتد بالفعل دائماً في جميع افعاله وهو المعصوم.(العلامة الحلي، الالفين: 376).


45 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (يا بني آدم اما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم اياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) وجه الاستدلال ان هذه الاية عامة في كل عصر، والامام لابد أن يحمل الناس عليها ان امتثلوا امره وتابعوا فعله، فلابد وان تكون فيه هذه الصفة، فلابد في كل عصر من امام متصف بهذه الصفة وهو المعصوم، لان قوله (فلا خوف عليهم...) عام لان النكرة المنفية للعموم وهو جواب لقوله: (فمن اتقى واصلح) وكل غير معصوم يخاف ويحزن... فدل على ان من ذكرناه معصوم.(العلامة الحلي، الالفين: 377).


46 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر...) وجه الاستدلال يحتاج الى مقدمات:


1 ـ إن لله تعالى في كل واقعة حكماً واحداً هو الحقّ وانه لا يختلف باختلاف الاجتهاد.


2 ـ هذه الاية عامة في الازمان والمكلفين وهو ظاهر، والمكلف به من الافعال والتروك، اما الاوامر من جهة المعروف والنواهي من جهة المنكر....


3 ـ ان اختلاف الاراء وتضاد الشهوات واستهانة الجهال الشريعة يقتضي اختلال نظام النوع.


اذا تقرر ذلك فنقول: الاية تقتضي انه لابد من نصب رئيس واحد يأمر الكل وينهاهم ويحملهم على ذلك، والا لزم وقوع احد الامرين: اما وقوع الهرج والمرج...واما زوال التكليف او عمومه في أحد ما ذكرنا، وهو باطل بالاجماع، ولابد أن يكون ذلك الرئيس لا يجوز عليه الخطأ، وان يعمل منكراً او يترك معروفاً والا لاحتاج الى إمام آخر وتسلسل، ووقع الهرج والمرج، واختلال نظام النوع، ولابد منه في كل زمان لان تخصيص بعض الناس في بعض الاوقات بالمعصوم دون بعض ترجيح من غير مرجح وذلك هو الامام، فظهر ان الامام معصوم ويجب في كل زمان.(العلامة الحلي، الالفين: 382).


47 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (ولكن يريد الله ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) وجه الاستدلال ان تطهير المكلفين من فعل القبائح والمحرمات لا يتم الا بامام معصوم يفيد قوله اليقين واتمام النعمة بحصول النجاة يقيناً في الاخرة بفعل جميع الطاعات الواجبة، واظهارها للمكلف يقيناً لا يتم الا بامام معصوم يفيد قوله اليقين ويعلم من فعله وتركه يقين الصحة ذلك فيجب أن ينصب اماماً معصوماً في كل زمان والا لكان ناقضاً غرضه وهو محال تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.(العلامة الحلي، الالفين: 384).


48 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة... يختلفون) وجه الاستدلال انه تعالى امتنحن عباده بما آتاهم ليثبت من صبر على الامتحان والتزم بالحق، وذلك لا يتم الا بامام لما تقدم تقريره فيستحيل خلو الزمان عن امام معصوم.


وايضاً امر الله عباده بأن يستبقوا الى الخيرات، ولا يلتفتوا الى الشبهات، ولا الى معارضات الحق ومخالفاته، ولا يتم مع اشتمال النص على المتشابه الا بمن يفيد قوله اليقين، ويبين متشابهات النص بحيث لا يكون للمختلفين على الله حجة، اذ المكلف اذا خوطب بالمتشابه ولم يحصل له ما يفيده اليقين حتى ظن خلاف الحق لعدم وقوفه على قرينة او قصور عقله عن تحصيل يقين مع عدم ذلك، ولا مفسر للمتشابه يفيد قوله اليقين يكون حجة ظاهرة، فلأجل ذلك وجب امام معصوم يعلم المتشابه والظاهر والمؤول يقيناً ويعلمه المكلفين ويدلهم ذلك وهو المطلوب.(العلامة الحلي، الالفين: 385).


49 ـ عدم خلو...


قال تعالى: من يضلل الله فلا هادي له) وجه الاستدلال يتوقف على مقدمات:


1 ـ ان عدم المعلول لعدم علته فعدم العلة هي علة العدم.


2 ـ ان الوهم هو سبب الضلال لانه هو الذي يعارض العقل في كثير من المقدمات وغلبة الشهوات وسببها البعيد القوة الشهوانية فخلق الله تعالى العقل للمكلف بحيث يتمكن المكلف من ابطال قضايا الوهم الباطلة ومقتضى الشهوات والقوى الغضبية قد نراها في كثير من الناس يقهر عقله ويذعن لها اكثر واعظم... وكل ذلك سبب عدم العصمة، فلو لم يجد رئيس معصوم يردع المطيع لقوته الشهوية ويلزم كل مكلف في كل وقت بالحق لزم الضلال.


3 ـ ان هاد نكرة دخل النفي عليها فليزم عمومها فينتفي كل هاد.


4 ـ قوله (يضلل) فكرة في معرض اثبات فلا تقم، فيلزم انه تعالى ان اضل مطلقاً لم يكن له هاد لا نبي ولا إمام ولا غيره.


5 ـ قد بينا ان المعصوم من فعله تعالى وهو سبب ركوب طريق الصواب والصحة، فلو لم يوجده الله تعالى كان الله تعالى سبباً لعدم المعصوم وعدم المعصوم هو سبب الضلال، فيلزم ان يكون الله تعالى سبباً للضلال... واذا تقرر ذلك فنقول:


لو لم يكن المعصوم موجوداً في كل زمان وعصر بحيث لا يخلو وقت منه لزم ضلال المكلفين لتحقق علة ضلالهم ويكون المضل هو الله تعالى، فيلزم ان يكون لهم هاد، فيلزم انتفاء فائدة البعثة وامامة غير المعصوم.(العلامة الحلي، الالفين: 391 ـ 392).


50 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه اولئك الذين هداهم الله و...) وجه الاستدلال ان كثيراً من ايات القرآن والاحاديث مجملة، وقد اختلف الاراء في الأحسن منها اختلافاً عظيماً، وليس تقليد احد من المجتهدين اولى من العكس، والجمع بين الكل محال، والترك يستلزم العقاب، فلابد من شخص يفيد قوله اليقين في كل زمان، بحيث يأخذ أهل ذلك الزمان من قوله، ولا يفيد اليقين الا قول المعصوم، فيجب ثبوت المعصوم.(العلامة الحلي، الالفين: 398).


51 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (يايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها)، وجه الاستدلال ان التقوى هي بعدم اهمال اوامره ونواهيه على سبيل الاحتياط المحصل لليقين، وذلك لا يحصل الا من معصوم قوله يفيد اليقين، وهو يعلم بالاحكام يقيناً في كل زمان، فيجب ثبوت المعصوم في كل زمان، والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاتم النبيين ولا نبي بعده، فتعين الامام المعصوم.(العلامة الحلي، الالفين: 398 ـ 399).


52 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (كذلك يبين الله اياته للناس لعلهم يتقون) وجه الاستدلال ان نقول: (احد الامرين لازم اما عصمة الامام، أو ثبوت حجة المكلفين على الله... بيان الملازمة:


ان الله تعالى امر بالتقوى في عدة مواضع في كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل... وبالجملة في هذه الاية دلالة صريحة على طلب التقوى منهم، ثم جعل فعل التقوى متأخراً عن بيان الآيات ومنوط به، ومع وجود المتشابه والمجمل والظاهر فلابد من معصوم لانتفاء البيان في النص في كل زمان يبين للناس في القرآن والسنة، فلا يحصل البيان يقيناً بذلك وغير المعصوم من طريق الالهام للناس كافة، او خلق العلوم الضرورية فيهم لم يوجد، وجعل في واحد أو طائفة لا يحصل اليقين بقولهم الا مع عصمتهم، وهذا ليس بمختص بوقت دون وقت او أرض او عصر دون عصر بل هو عام لكل عصر فيه المكلفون، والظن منهي عن اتباعه في القرآن المجيد، فلو لا وجود المعصوم المبين للايات الذي يحصل بقوله اليقين لم يحصل ما نيط به التقوى، وجعله هو عبارة عن ازاحة العلة، وكان للمكلف يوم القيامة ان يقول امرتني بالتقوى وجعلت التقوى منوطة بالبيان، ونهيتني عن اتباع الظن ولم تجعل لي طريقاً الى البيان فثبت حجته، وأما بطلان التالي فانه تعالى قال: (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل).(العلامة الحلي، الالفين: 406 ـ 407).


53 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (وعسى ان تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون).


وجه الاستدلال ان معرفتهم لذلك لطف لهم لوجود الداعي الى الشر، وهو المحبة وانتفاء الصارف، وهو علم كونه شراً ووجود الصارف عن الخير وهو انتفاء الداعي وهو العلم، لانه حكم بان الله يعلم وانتم لا تعلمون فلابد من شيئين:


1 ـ من يعلم ذلك ليعلمهم ذلك.


2 ـ من يمنعهم مما يضرهم ويحثهم على ما ينفعهم، لان ذلك لطف على الله تعالى واجب، فإن لم يكن معصوماً كان مساوياً لهم في الحاجة وهو محال، لانه يلزم اقامة غير السبب، بل قد يكون سبب ضده مقامه وهو محال، فتعين أن يكون معصوماً، وهذا حكم عام في كل زمان، ومحال أن يخلو زمان من اللطف والا لزم الترجيح بلا مرجح، ولا يمكن ذلك في النبي لكونه خاتم الانبياء ولم يعمر، فتعين ان يكون الامام لانه القائم مقامه، فالامام معصوم فلا يخلو منه زمان وهو المطلوب.(العلامة الحلي، الالفين: 410).


54 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (من يعمل سوءاً يُجز به... لا يظلمون نقيراً)، غاية نصب الامام كونه لطفاً للمكلفين في تحصيل هاتين المرتبتين: 1 ـ ان يجتنب جميع المعاصي 2 ـ ان يفعل جميع الطاعات.


هذه الاية بلا فصل دلّت على أن من فعل سوء يجز به ومن فعل طاعة اثيب عليها، فلا يخلو إما أن يتوقف على إعلام المكلف الفعل وصفته او لا، والثاني محال والا لزم تكليف الغافل، والأول إما ان يكون العلم بديهياً او كسبياً، والاول منتف بالضروة فتعين الثاني، فإما أن يكون عقلياً او نقلياً، والاول منتف عند أهل السنة والجماعة، وعندنا يوجد في بعض الاحكام وهو ما علم بالضرورة وهو نادر جداً وليس من الفقه، والثاني اما أن يكفي فيه الظن أو لا، والاول باطل لانه تعالى ذم المتبع للظن... ولانه لو اكتفى بالظن لكان ذلك الظن اما ممن كلف بالاجتهاد، ويلزم منه الحرج العظيم في تكليف جميع المكلفين بالاجتهاد في الاحكام الجزئية الفرعية وهو محال، وينفي بقوله: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، ولانه يلزم إفحام الامام، لانه اذا أمر المكلف بشيء يقول لا يجب عليّ امتثال قولك إلا اذا ادى اجتهادي اليه، وأنّ اجتهادي لم يؤد اليه فيلزم افحام الامام من كل من أراد الامام الزامه بشيء ينفي وهو فائدة الامامة، ولانه يلزم ان يكون كل مجتهد مصيباً وهو باطل لما بين هي الاصول، واما من غيره وهو ترجيح بلا مرجح مع تساويهما، ولان الحجة للمكلف ثابتة حينئذ، فتعين الثاني وهو أن يكون الطريق المؤدي الى الاحكام يفيد العلم، وهو أما أن يكون بوجود من علم وجوب عصمته بحيث يمكن أن يستفاد منه الاحكام يقيناً او غيره، والثاني منتف للاجماع، على ان مثل هذا لم يوجد، فلو لم يكن الاول موجوداً لانتفى الطريق المفيد للعلم وهو باطل لما قلنا وهو المطلوب، وهذا هو مذهب الامامية فانهم يقولون الاحكام مستفادة من النبي، لانه المبلغ للقرآن والمفسر له، والمبين لحكمه ومتشابهه، والسنة يعلم منه يقيناً، وبالجملة ما دام النبي موجوداً يتمكن المكلف من الوصول الى العلم، فاذا مات النبي وجد بعده إمام واجب العصمة يفيد قوله العلم، وهكذا كل امام يفوت يوجد بعده آخر واجب العصمة الى انتهاء الدنيا فدائماً يحصل العلم بالاحكام للمكلفين، وهذا طريق اذا جرد الانسان ذهنه وفكره من العناد وجرد طرفي المطلوب عما يعرض بسببه الغلط فانه يعلم صحة هذا الطريق وفساد غيره، وان الحكيم الكامل لا يصدر منه الا الكمال وان هذا هو الطريق الاكمل والدين الاقوم الذي لا يعتريه شك.


لا يقال: الحاجة الى الامام منتفية بقوله (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل)، فلو لم يكف الرسول عن الامام لكان للناس حجة على الله بانتفائه مع وجود الرسول، لكنه نفي الحجة مع ثبوت الرسول، وهذا يدل على انه تمام ما يتوقف عليه التكليف، أي لا يتوقف على شيء آخر بعده، فأقل مراتبه أن يكون هو الجزء الأخير، فلا يكون الامام شرطاً في شيء، ولان دليلكم هذا يلزم منه أحد امور ثلاثة: إما ارتفاع التكليف مع عدم ظهور الامام للمكلفين، او اخلاله تعالى باللطف ويلزم منه نقض غرضه، او بطلان هذا الدليل على تقدير صحته وهو يستلزم اجتماع النقيضين، واللازم باقسامه باطل فالملزوم مثله، والملازمة وبطلان التالي ظاهران فيبطل دليلكم.


لانا نقول: اما الجواب عن الاول في الآية اضمار تقديره: (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) وتشريعهم الاحكام، وبيانهم الحلال من الحرام، ونصب الادلة والبراهين، وجميع ما يحتاج اليه المكلفون في علمهم وعملهم) لأنه لولا ذلك لم يكن في نصب الرسول فائدة، ولان مجرد وجود الرسول بلا نصب الأدلة وتشريع الاحكام لا ينفي الحجة قطعاً، وفي جملة الادلة ووجوه الارشاد للعباد نصب الامام، وفي الاحكام وجوب طاعته وبيانه عليه السلام وذلك بنص جلي، وعن الثاني يمنع الملازمة، لان الواجب عليه تعالى نصب الامام والدلالة عليه وايجاب طاعته، وعلى الامام القبول، وعلى المكلفين طاعة الامام ونصرته والجهاد معه، وذلك ليس من فعله تعالى على سبيل الاجبار لهم، لانه ينافي التكليف فالمكلفون تبعوا انفسهم، كما أن المكلف يعصي بترك الواجب من الصلاة والصيام.


لا يقال: ان غيبة الامام ليست من كل المكلفين بل من بعضهم فذلك البعض الاخر أما أن ينفي مكلف أولاً، والثاني ينفي التكليف عمن لن يكن له مدخل في منع الامام والا اوجب غيبته، وهو محال اجماعاً، والاول اما أن يكلف بالعلم وهو باطل، والالزم تكليف ما لا يطاق، فبقي أن يكفي الظن فيم لا يكفي ابتداء، لانا نقول الاكتفاء بالظن هنا رخصة، وهو طريق ناقص لا يفعله الله ابتداء، بل من تقصير المكلفين والمعارضة بقتل الانبياء ولا خلاص من هذه المعارضة.(العلامة الحلي، الالفين: 411 ـ 414).


55 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (ولئن قتلتم في سبيل الله او متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون) اقول: ذكر ذلك مدحاً لمن يقتل في سبيل الله او يموت في سبيل الله، وهذا المدح لا يختص باهل زمان النبي، بل هي عامة لكل الازمان التي فيها امام، فإن هذا لطف عظيم في حق المكلف لا يختص بأهل زمان دون زمان، وايضاً الاجماع من المسلمين على عمومها للازمان التي فيها امام، وذلك الامام هو الامر بالقتال الذي اذا قتل فيه المؤمن كان في سبيل الله، ولا يتحقق ذلك الا مع عصمة الامام، فان غير المعصوم لا يؤمن على سفك الدماء ولا على قتل النفس.


لا يقال: هذا مع غيبة الامام لا يحصل ولا مع كف يده، لانا نقول: الغيبة وكف يد الامام انما هو من المكلفين لا من الله تعالى فهم منعوا انفسهم من اللطف.(العلامة الحلي، الالفين: 416).


56 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (افغير دين الله يبغون وله اسلم من في السماوات والارض طوعاً وكرهاً واليه يرجعون)، وجه الاستدلال ان هذه الاية الشريفة الكريمة دلت على ذم كل من ابتغى غير دين الله في حكم من احكامه ايّ حكم كان، فكل من خالف حكماً من احكام دين الله فقد ابتغى غير دين الله في ذلك الحكم، وكل من ابتغى غير دين الله في أي شيء كان فهو مذموم مستحق للعذاب، والامام انما اوجبه الله ليعرف المكلف دين الله ليتبعه، ويأبى اتباع غير دين الله في شيء ما، ومخالفة دين الله مطلقاً، ويحصل له اتباع احكام دين الله التي افترضها على عباده وقررها لهم، وانما يحصل ذلك بكون الامام معصوماً، فيشترط في الامام العصمة، وانما يحصل للمكلف الوثوق، والامن من الخوف باتباعه، وخصوصاً فيما بناه الله تعالى على الاحتياط التام كالفروج والدماء بوجوب عصمة الامام، فيجب ان يكون الامام معصوماً، وانما يعلم عصمته من النص، فقد دلت بهذه الاشياء على مطالب خمسة:


1 ـ أن الامام معصوم.


2 ـ انه واجب العصمة.


3 ـ انه لا يكون الامام الا بنص الهي على لسان النبي أو الامام المنصوص عليه.


4 ـ انه يستحيل ان يجعل الله تعالى الاختيار في نصب الامامة الى الامة....


5 ـ ان كل زمان لابد فيه من امام معصوم، والا لجاز اتباع بعض المكلفين غير دين الله في بعض الاحكام، وقد بين الكلام استحالته لوجوب اللطف.(العلامة الحلي، الالفين: 420).


57 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل ان تقولوا ما جاء نا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير...)، وجه الاستدلال ان وجه الحاجة الى الامام كوجه الحاجة الى النبي، فانهم لا يحتاجون الى مبلغ للشرع يحتاجون الى حافظ الشرع، والى كاشف لمعانيه مفهم مراد الشارع منه وملزم به، وقائم بالامور الشرعية المهمة الصادرة عن رئيس وتبع الباقي له، فلا يخلو الزمان عن امام، ولابد أن يكون معصوماً والا لم يحصل منه هذه الفوائد.(العلامة الحلي، الالفين: 422 ـ 423).


58 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (واتقوا يوماً لا تجز نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل...) وجه الاستدلال أن هذه الاية عامة لاهل كل زمان، ولا يتم الا بوجود معصوم يفيد قوله العلم، وذلك يستلزم عصمة الامام لانه المأمور باتباعه، لانه اما أن يخلو وقت عن امام معصوم يفيد قوله وفعله العلم أو لا، والأول ينافي الغرض في هذه الاية في الجملة وهو محال، والثاني اما أن يكون الامام هو المعصوم او غيره، والثاني ينافي حكمة الله تعالى فيكون محالاً والاول هو المطلوب.(العلامة الحلي، الالفين: 425 ـ 426).


59 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا او جاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا) اعلم أن هذه الاية تدل على أن الاهلاك للفاسقين بذنوبهم انما هو بعد ان تجيئهم البينات، أي الامور المفيدة للعلم والرسل انما يركبون الحجة بعد تبليغ ما يفيد العلم، وهذا عام في كل الازمان والا لمنعت بعض الامة من اللطف هذا خلف، ومع عدم امام معصوم لا يحصل ما يفيد العلم، لان ظواهر القرآن والاحاديث لا تفيد العلم، فلابد من امام معصوم في كل الاوقات.(العلامة الحلي، الالفين: 450).


60 ـ عدم خلو...


ان العقل يقتضي بوجوب الرئاسة في كل زمان، وان الرئيس لابد من كونه معصوماً مأموناً منه كل فعل قبيح، واذا ثبت هذان الاصلان لم يبق الا امامة من نشير الى امامته، لان الصفة التي اقتضاها ودل على وجوبها لا توجد الا فيه، وتنساق الغيبة بهذا سوقاً ضرورياً لا يقرب منه شبهة، فيحتاج ان تدل على صحة الاصلين المذكورين فنقول: اما الذي يدل على وجوب الامامة في كل زمان فهو: انا نعلم لا طريق للشك علينا ان وجود الرئيس المطاع المهيب المنبسط اليد ادعى الى فعل الحسن واردع عن فعل القبيح... واما الذي يدل على وجوب عصمة الرئيس المذكور، فهو ان علة الحاجة اليه موجوده وجب ان يحتاج الى رئيس وامام كما احتيج اليه والكلام في الامامة كالكلام فيه، وهذا يقتضي القول بائمة لا نهاية لها وهو محال، او القول بوجود امام فارقت عنه علة الحاجة، واذا ثبت ذلك لم يبق الا القول بامام معصوم لا يجوز عليه القبيح وهو ما قصدناه، واذا ثبت هذان الاصلان فلابد من القول بانه صاحب الزمان بعينه، ثم لابد من فقد تصرفه وظهوره من القول بغيبته، لانه اذا بطلت امامة من اثبتت له الامامة بالاختيار لفقد الصفة التي دل العقل عليها، وبطل قول من خالف من شذاذ الشيعة من اصحابنا... كالكيسانية... لانقراضهم وشذوذهم، ولعود الضرورة الى فساد قولهم، فلا مندوحة عن مذهبنا فلابد من صحته والا خرج الحق عن الامامة، واذا علمنا بالسياقة التي ساق الاصلان اليها ان الامام هو ابن الحسن عليه السلام دون غيره ورأيناه غائباً عن الابصار، علمنا ان لم يغب مع عصمته، وتعين فرض الامامة فيه وعليه الا بسبب اقتضى ذلك، ومصلحة استدعته وحال اوجبته، ولم يعلم وجه ذلك مفصلاً لان ذلك مما لا يلزم علمه، وان تكلفنا وتبرعنا بذكره كان تفضلاً....(السيد المرتضى، رسالة في الغيبة (ضمن كلمات المحققين): 531 ـ 532).


61 ـ عدم خلو...


الحق عندي انه لا يجوز الخلو من النبي في زمان من الازمنة، وهو مذهب جميع اصحابنا القائلين بعدم خلوّ الزمان من امام، والامام بمنزلة الرسول، ويدل على ذلك المعقول والمنقول، اما المعقول فلأن التكليف واجب لما مضى ولا يتم الا بالرسول، ولان في الرسول مصلحة لا يتم بدونه، وهو كف الناس من الخطأ وتنبيه الغافل عن الله تعالى، وغير ذلك مما يقتضي وجوب البعثة في حال، واما المنقول فقوله تعالى: (وإن من امة الا خلا فيها نذير) فاطر: 24.(العلامة الحلي، مناهج اليقين: 433).


لنا في ذلك {أي امامة باقي الائمة} طريقان عام وخاص، اما العام فما بينا من امتناع خلو الزمان من المعصوم، فنقول: الناس قائلان: منهم من اوجب العصمة فقصر الامامة على هؤلاء الاثني عشر، ومنهم من لم يقل ولم يقصرها عليهم، فلو قلنا بوجوب العصمة مع القول بامامة غيرهم كان ذلك قولاً لم يقل به احد، وذلك باطل قطعاً....(العلامة الحلي، مناهج اليقين: 480).


قالوا: { الامامية }: ولا يجوز خلو الزمان من امام معصوم لانه حافظ للشرع، ولان جواز الخطأ ثابت على كل قوم في كل زمان سواه، وقالوا: بان الامام المهدي عليه السلام باق، واختفى خشيته على نفسه، والناس منعوا انفسهم اللطف، وسيظهر مع وجود الناصر له....(العلامة الحلي، كشف الفوائد: 308).


الامام الثاني عشر عليه السلام حيّ موجود من حين ولادته وهي سنة ست وخمسين ومأتين الى آخر زمان التكليف، لان كل زمان لابد فيه من امام معصوم بعموم الادلة وغيره ليس بمعصوم فيكون هو الامام.(مقداد السيوري ـ شرح الباب الحادي عشر: 52).


62 ـ لزوم وجود المعصوم في كل زمان


ومما يدل على وجوب نصب امام معصوم بعد ورود الشرع ما قد ثبت ان شرع محمد صلى الله عليه وآله وسلم لازم لجميع امته من لدن عصره الى انقراض التكليف، وان حالنا وحال من يجيىء بعدنا من أهل الاعصار المستقبلة حال الصدر الاول من المسلمين ممن عاصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في التعبد بشرعه، وما هذا حاله لابد له من حافظ موثوق به يحفظه بعد الرسول ويبلغه ويؤديه الى الاخلاف، واهل الاعصار المستقبلة الذين يتعبدون به، والا لم يثقوا بوصول جميع الشرع اليهم، ويكونون قد كلفوا ما لا سبيل لهم الى معرفته وذلك قبيح، أو لم يكلفوا جميع الشرع وذلك باطل بالاتفاق، فثبت انه لابد من حافظ الشرع.


واذا ثبت وتقرر وجوب كون الشرع محفوظاً لم يخل من أن يكون محفوظاً بالكتاب أو السنة المقطوع بها او بهما جميعاً، او بالاجماع، أو بأخبار الاحاد، أو بالرأي والقياس، أو بمعصوم موثوق به على ما نقوله، ولا يمكن المنازع أن يدعي كون الشرع محفوظاً بشيء آخر سوى ما ذكرناه لانه خلاف الاجماع، اما الكتاب فمعلوم ان جميع تفاصيل الشرع ليست مبينة فيه، فكيف يكون محفوظاً به؟ ثم الكتاب نفسه لابد له من حافظ ايضاً موثوق به يحفظه، ويتعين عليه حفظه عن التغيير والتبديل، وإلا لم يؤمن من تطرق التحريف والتبديل اليه، واما السنة المقطوع بها والاجماع فمن المعلوم الظاهر ايضاً ان جميع الشرع ليس مبيناً فيهما، على أن المتواترين فيما تواتروا يجوز أن يعدلوا عن النقل والرواية تعمداً او سهواً اذا لم يكن من ورائهم من يحفظهم فيؤدي الى اخفاء ما تحملوه، أو الى نقله في الاحاد، ومن لا يكون في نقله حجة، والاجماع متى لم يشتمل على قول معصوم او فعله او رضاه لم يكن حجة... واما اخبار الاحاد والرأي والقياس فلم يثبت كونهما حجة فكيف يحفظ الشرع بهما؟ فتعين كون الشرع محفوظاً بمعصوم وهو المقصود....(الرازي، المنقذ 2: 261 ـ 262).


63 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم والفرق بين الغيبة وعدم الوجود


قال تعالى: (او عجبتم ان جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون)، وجه الاستدلال ان الله تعالى انما ارسل الرسل لينذروا المكلفين ليحصل للمكلف التقوى، والتقوى اجتناب ما فيه شبهة والاخذ باليقين، ولا يحصل الا من المعصوم، فتجب عصمة الرسل ونصب الامام ليقوم مقام الرسل في انذار الخلائق، وتحصل للمكلف به الغاية القصوى التي هي التقوى، وانما يتم ذلك بالعصمة فيجب عصمة الامام، قوله تعالى: (ولعلكم ترحمون) الرحمة الموعودة في مقابلة الانذار ليست بتفضل والرحمة الموعودة هنا هي عدم العذاب بوجه من الوجوه، وانما يتم ان لو علم من المبلغ حجته، وانه معصوم في النقل والفعل وحجية قوله، وانما يتم ذلك من المعصوم، والامام قائم مقامه فيه.


اعترض ابو علي الجبائي بان الامامية جوزوا ان يكون الامام مغلوباً بالجوارح وممنوعاً بالاعداء بل الواقع عندهم ذلك، فان كان الغرض منه نفس وجود امام في الزمان وان لم يبلغ ولم يقم بالامور وصح ذلك، فجاز ان يكون القائم بذلك جبرئيل، او بعض الملائكة المقربين في السماء، ويستغني عن وجوده في الارض، لان المعنى الذي يطلب الامام لاجله عندكم يقتضي ظهوره، واذا لم يظهر كان وجوده كعدمه وكان كونه في الزمان بمنزلة كون جبرئيل في السماء.


اجاب عنه السيد المرتضى بان الغرض لا يتم بوجود الامام خاصة، بل مع وجوده بأمره ونهيه وتصرفه وتمكنه من اقامة الحدود والجهاد، لان بهذه الامور يكون لطفاً، لانه بهذه الامور يكون المكلف اقرب الى الطاعة وابعد من المعصية، لكن الظلمة منعوا مما هو الغرض، فاللوم فيه عليهم والله تعالى المطالب لهم، ولما كان الغرض لا يتم الا بوجود الامام اوجده الله تعالى وجعله بحيث لو شاء المكلفون ان يصلوا اليه وينتفعوا به لوصلوا وانتفعوا به، بان يعدلوا عن ما يوجب خوفه وتقيته، فيقع منه الظهور الذي اوجبه الله تعالى عليه مع التمكن، ولما كان المانع من تصرفه وامره ونهيه غير مانع من وجوده لم يجب من حيث امتنع عليه التصرف بفعل الظلمة ان يعذبه الله تعالى او لا يوجده في الاصل، لانه لو فعل ذلك لكان هو المانع للمكلفين لطفهم ولم يكن للظلمة فيه فعل اصلاً، ولكانوا انما اوتوا في فسادهم وارتفاع صلاحهم من جهته، لانهم غير متمكنين مع عدم الامام من الوصول الى ما فيه لطفهم ومصلحتهم، فجميع ما ذكرناه يفرق بين وجود الامام مع الاستتار وبين عدمه، وبما تقدم ايضاً يفرق بينه وبين جبرئيل، لان الامام اذا كان من جهته الى منافعهم ومصالحهم وكل هذا غير حاصل في جبرئيل بالمعارض به ظاهر الغلط.


واقول: التحقيق في هذه المسألة ان الامام المعصوم لطف للمكلفين، ولا يتم الا بامور نصب الله اياه بأن يوجده وينص عليه هو او النبي او امام آخر، وقبوله الامامة وقيامه بالدعوة وطاعة المكلفين له، والاولان من فعله تعالى، والثالث من فعل الامام، والرابع لا يجوز ان يستند اليه تعالى لانه لا ينافي التكليف، بل هو مستند الى المكلفين فعدم ايجاده يقتضي حجة المكلف على الله تعالى، وكذا مع عدم نصب دليل عليه، أو عدم قبول الامام يكون منع اللطف منه وهو يقدح فيه وفي عصمته فتعين الرابع، فالمكلف هو المانع واما مع عدم عصمته فحمله على الفساد مساو في الامكان لحمله على الصلاح، فلا يكون لطفاً ولا قطعاً بحجة المكلف على الله تعالى.(العلامة الحلي، الالفين: 360 ـ 361).


64 ـ جواز خلو الزمان من الامام ودفعه


قالوا:... على انه لا يجب الشرع في كل زمان فلا يجب اللطف فيه...، قلنا:... ولا نسلم جواز الخلو من الشرايع والاحكام والا لاختل النظام....(البياضي، الصراط المستقيم 1: 69 ـ 70).


قالوا: يمكن تصور خلو الزمان من التكاليف الشرعية، فيمكن خلوه من الامام التابع لها في اللطفية، قلنا: انا بينا وجوبه على تقدير التكليف على انه لا يلزم من صحة تصور خلو الزمان وقوع ذلك الخلو بل الواقع عدمه على ان دفع الخوف وقيام النظام انما يكون بالامام.(البياضي، الصراط المستقيم 1: 71).


65 ـ جواز خلو الزمان من الامام ودفعه


قال علي عليه السلام: (لم يخل الله خلقه من نبي مرسل او كتاب منزل او حجة لازمة او محجة قائمة)، فان ظاهر الترديد الذي فيه منع الخلو يقتضي الاكتفاء بالكتاب.


قلنا: في الكتاب الايات المتشابهات والمجملات وأوامر خفيات خبط المفسرون فيها، فاتباع بعضهم لا ترجيح فيه، والكل غير ممكن لتضاد القول وتنافيه، فلابد من معصوم يتعين الرجوع اليه والتعويل في ذلك عليه، ومنع الخلو ليس فيه منع الجمع بل قد يجب الجمع، فان الانسان لا يخلو من الكون واللون مع لزوم الجمع فيهما فكذا هنا.


اعترض القاضي بان القرآن غني عن التأويل اذ بينه النبي فلا حاجة الى الامام، أجاب المرتضى بان ذلك مكابرة، فان اختلاف العلماء فيه لاخفاء فيه، ولو قدر ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينه فلابد من الامام لينقل بيانه اذ الامة غير مأمونة على ذلك....(البياضي، الصراط المستقيم 1: 113).


66 ـ عدم خلو الزمان...


انه متى وجب وجود الامام في وقت لزم استمراره مدى الأيّام، لانّ علة وجوبه في الابتداء مستمرة على الدوام، ويكفي في اثبات الأبدية ما تواتر من الجانبين من السنة المحمدية: (ان من مات ولم يعرف امام زمانه فقد مات ميتة جاهلية)((كنز العمال 1: 103)).


وما تواتر نقله من الطرفين على كون كتاب الله وعترة نبيه مقترنين (كنز العمال 1: 172) حتى يردا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحيث تبين عدم جواز خلو الارض من حجة على الدوام وامتنع حدوث الانبياء بعد نبينا تعيّن الامام، ويمكن بعد إمعان النظر فيما ذكرناه إثبات امامة الأئمة الاثني عشر، لان كل من قال ببقاء الامام قال بذلك سوى طوائف لا عبرة بها بين اهل الاسلام....(الشيخ جعفر كاشف الغطاء، العقائد الجعفرية: 28).


67 ـ لزم الحجة في كل زمان


قال القاضي: (... وقد الزمهم واصل بن عطاء على قولهم هذا أن يكون قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الزمان حجة من رسول او امام، ولو كان كذلك لما صح قوله تعالى: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل...) مائدة: 19. لان على قولهم لم يخل الزمان من بشير ونذير، وادعى اجماع علماء المسلمين، وظهور الاخبار عن أهل الكتاب ان الفترات من الرسل قد كانت ولم يكن فيها انبياء ولا من يجرى مجراهم...).(المغني 20 ق 1/195).


الجواب: فاما ما حكاه... فمن بعيد الكلام عن موقع الحجة، لان قوله تعالى (يا أهل الكتاب...) صريح في ان الفترة تختص الرسل، وانها عبارة عن الزمان الذي لا رسول فيه، وهذا انما يلزم من ادعى انّ في كل زمان حجة هو رسول، فاما اذا لم يزد على ادعاء حجة وجواز ان يكون رسولاً وغير رسول، فان هذا الكلام لا يكون حجاجاً عليه، فاما ادعاؤه اجماع علماء المسلمين على الفترات بين الرسل، فان اراد بالفترات خلو الزمان من رسول وحجة فلا اجماع في ذلك، وكل من يقول بوجوب الامامة في كل زمان وعصر يخالف في ذلك فكيف يدعي الاجماع....(المرتضى، الشافي 3: 143 و 151).


68 ـ عدم خلو الزمان من...


قال تعالى: (يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) التوبة 119، وهذه الاية لا تختص بزمن دون آخر، والدعوة الى مواكبة الصادقين دليل على وجود الامام المعصوم الذي يجب ان يتبع في كل عصر، كما اشار الى ذلك الكثير من المفسرين الشيعة والسنة.(انظر تفسير الرازي 16: 221) و (مكارم الشيرازي، عقائدنا: 79 ـ 80).


69 ـ عدم خلو...


ان مقتضى ما مرّ من ادلة لزوم الإمامة والعصمة هو عدم خلوّ كل عصر وزمان عن وجود الامام المعصوم سواء قام بالسيف أو لم يقم ظهر أو لم يظهر، وعليه فنعتقد بوجود الامام الحيّ المعصوم في كل زمان...(الخرازي، بداية المعارف 2: 133).


70 ـ عدم خلو...


قال الفاضل الاردبيلي: (ثم ان الامام الحق في كل عصر يجب ان يكون واحداً والاّ يلزم تجويز حقية النقيضين على تقدير اختلافهم وهو ممتنع، واذا لم يكن الامام عبارة عن السلطان ومن يقتدي به في الصلاة، ثبت ان له معنى آخر يخصص به عمن يصدق عليه هذا اللفظ بحسب اللغة، وليس للرعية سبيل الى معرفته، فيجب بيانه وتعيينه على النبي، وتأخير البيان عن محل الحاجة قبيح والنبي منزه عنه...).


قال الخاجوئي: اقول: المقدمة الاولى مستدركة، وكان المناسب ان يقول بعد إبطال امامة ابي بكر: ثم ان خلو الزمان عن الامام باطل باجماع الفريقين، واذا لم يكن الامام عبارة عن السلطان الى آخر ما ذكره، على انه يرد ايضاً انهم فسّروا الامامة برئاسة عامة في امر الدين والدنيا خلافة عن النبي، فهم لا يجوزون تعدد الامام حقاً كان ام باطلاً في عصر من الاعصار ليحتاج في نفيه الى دليل وفي ابطاله الى حجة... اما انه ليس للرعية سبيل الى معرفته فهو اول البحث وفي حيّز المنع، لانّ اجماع الامة على امر دليل على حقيته وهو سبيل المؤمنين المشار اليه في القرآن، ولعله حاول ان يشير الى وجوب عصمته، وانها من الامور الخفية...(الخاجوئي، الرسائل الاعتقادية 1: 404 ـ 405).


71 ـ عدم خلو...


اعلم ان الغاية القصوى والفائدة العظمى من ايجاد العالم الحسي انما هي خلقة الانسان، وغاية خلقة الانسان بلوغه الى اقصى درجة الكمال... فخلقة سائر الكائنات انما هي لضرورة تعيّش الانسان واستخدامه اياها وانتفاعه بها... والدليل على ان الانسان هو الغرض الاصلي من بين الكائنات تسخير الله عزوجل له كلها كما قال جل جلاله: (وسخر لكم ما في السماوات وما في الارض) الجاثية: 13.


وبالجملة، فالغرض الاصلي من خلق الموجودات مطلقاً انما هو وجود الانسان الكامل الذي هو خليفة الله في أرضه... واذا ثبت ذلك ثبت انه لابد في كل زمان من وجود خليفة يقوم به الامر ويدوم به النوع ويحفظ به البلاد، ويهتدي به العباد ويمسك به السماوات والارضون والا فيكون الكل هباء وعبثاً اذ لا ترجع الى غاية ولا تؤول الى عاقبة... كما في الحديث: (فلو خلق الله الخليقة خلواً من الخليفة لكان قد عرضهم للتلف)((كمال الدين: 4))..


{ثم ذكر عدة احاديث حول عدم خلو الارض من حجة}.(الفيض، علم اليقين 1: 378 ـ 383).


72 ـ عدم خلو...


راجع انّ الارض لا تخلو من حجة.


الامامة والتبصرة: 25 ـ 36.


علم اليقين للفيض 1: 383 ـ 386.


محاورة الشامي مع هشام بن الحكم حق اليقين شبر: 123.


73 ـ عدم خلو...


قال تعالى: (فان يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين) دل على انّه لا يخلو كل زمان من حافظ للدين اما نبي او امام.(الفيض، علم اليقين 1: 383).


74 ـ عدم خلو ازمان من معصوم


قال تعالى: (من آمن بالله واليوم الاخر وعمل صالحاً فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) وجه الاستدلال من وجهين، الاول: ان نفي الخوف ونفي الحزن على وجهين، احدهما: لعدم الالتفات وعدم التصديق وهو من باب الجهل، وثانيهما: للعلم بالنجاة واليقين من صحة العبادات والاحكام التي أتى بها واعتقدها، والعلم بالطاعات والمعاصي، والاحكام بالوجه اليقيني والاتيان بها، وليس المراد الاول، لانه تعالى ذكره على سبيل المدح، والاول يقتضي الذم فتعين الثاني، فلابد من طريق الى معرفة ذلك، وليس الكتاب لاشتماله على المتشابهات والمشتركات ولا السنة لذلك، فتعين ان يكون الطريق هو قول المعصوم، فانه يعلم متشابهات القرآن ومجازاته والالفاظ المشتركة فيه ما المراد بها يقيناً ويعلم الاحكام يقيناً، وللعلم بعصمته يحصل الجزم بقوله.


الثاني قوله تعالى: (ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) نكرة منفية فتكون للعموم، ونفي الخوف والحزن انما هو بتيقن نفي سببهما، ومع عدم الامام المعصوم في زمان ما لا يحصل لأهل ذلك الزمان تيقن انتفاء سببهما، اذ غير المعصوم يجوز امره خطأ بالمعصية ونهيه عن الطاعة، وجميع الاحكام لا تحصل من نص القرآن ولا من نص السنة المتواترة لكن في كل زمان يمكن نفيه فوجب الامام المعصوم في كل زمان.(العلامة الحلي، الالفين: 79 ـ 80).


75 ـ عدم خول الزمان من معصوم


قال تعالى: (الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) نقول: هذا يدل على وجود المعصوم في كل زمان من وجهين، احدهما: ان نكرة منفية فيعم فليزم انتفاء الريب والشك عنه من جميع الوجوه وهو عام في الازمنة ايضاً، وغير المعصوم لا يعلم جميع مدلولات القرآن يقيناً بحيث لا يحصل له ريب، ولا شك في وجه دلالة من دلالات ألفاظه، ولا معنى من معانيه ولا في شيء مما يمكن ان يتناوله او يراد منه، لكن قد دللنا على وجود من لا ريب عنده في شيء منها ويكون اعتقاده مطابقاً، لانه ذكره في معرض المدح في كل زمان، فدل على وجود المعصوم فيه، وثانيهما: انه يمكن معرفته في كل وقت ولا يمكن يقيناً الا من قول المعصوم وهو ظاهر.(العلامة الحلي، الالفين: 80).


76 ـ عدم خلو الزمان من معصوم


قال تعالى: وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات ان لهم جنات تجري من تحتها الانهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا من قبل). وجه الاستدلال بها يتوقف على مقدمات:


1 ـ ان المأمور بان يبشر غير المبشر وهو ظاهر.


2 ـ الالف واللام في الجمع يقتضي العموم.


3 ـ ان لهم يقتضي الاستحقاق.


4 ـ ان استحقاق الثواب الدائم وعدم العقاب انما هو بفعل الطاعات وترك المعاصي....


5 ـ يستحيل وجوب الممكن او معلوله الا عند وجوب سببه.


6 ـ استحقاق الثواب الدائم مشروط بالموافاة، فلا يثبت الا مع الموافاة عند الوفاة او قبلها مع وجود سبب الطاعات وسبب ترك المعاصي والا لزم احد الامرين، اما وجوب الممكن مع عدم سببه أو ثبوت استحقاق الثواب الدائم وليست العلة ثابتة، اذ الموافقة الان لم تثبت لانها في المستقبل، فلابد من ثبوت سببها الذي يمتنع معه المعاصي، وتجب معه الطاعات باختيار المكلف، لانه ان لم يجب وجود الطاعات منه ويمتنع المعاصي لزم ثبوت المعلول مع عدم سببه، فان وجب من غير سبب وجوبه لزم وجوب الممكن مع عدم سببه وهو محال وذلك السبب هو العصمة.


اذا تقرر ذلك فنقول: هذه الاية تدل على وجود المعصوم في كل زمان، لان الامر بالبشارة يقتضي وجود المبشر لاستحالة بشارة المعدوم ويكون مغايراً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم للمقدمة الاولى، والمبشر يجب منه جميع الطاعات ويمتنع منه جميع المعاصي، لان قوله تعالى (وعملوا الصالحات) للعموم للمقدمة الثانية من جملتها فعل ضد القبايح والامتناع منها، فيلزم عدم صدور شيء من القبائح منهم ثم ثبوت الاستحقاق قبل الموافاة يدل على ثبوت سببها الموجب لما تقرر والعلم غير كاف لانه غير موجب لانه تابع والسبب هو العصمة فوجب ثبوت العصمة الان لقوم غير النبي والناس بين قائلين: منهم من لم يقل بثبوت المعصوم اصلاً، ومنهم من قال بثبوته في كل عصر، فلا قائل بثبوته في عصر دون عصر فيكون باطلاً، وقد ثبت في وقته فتثبت في كل عصر فيستحيل كون الامام مع ثبوته، ويستحيل من الحكيم ايجاب طاعة غير المعصوم على المعصوم وغيره مع وجود المعصوم بضرورة العقل.(العلامة الحلي، الالفين: 82 ـ 84).


77 ـ عدم خلو الزمان من معصوم


قال تعالى: (فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) وجه الاستدلال يتوقف على مقدمات:


1 ـ ان هذا ترغيب في فعل اسباب نفي الخوف والحزن وهو عام في كل عصر لكل احد اتفاقاً.


2 ـ ان كل ما رغب الله فيه فهو ممكن.


3 ـ ان المراد نفي جميع انواع الخوف والحزن في كل الاوقات لان النكرة المنفية للعموم.


4 ـ انه لا يحصل ذلك الا بتيقن امتثال اوامر الله تعالى ونواهيه، وانما يعلم ذلك بمعرفة مراد الله تعالى من خطابه جميعه يقيناً، ومعرفة مراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من خطابه.


5 ـ ان ذلك لا يحصل من الكتاب والسنة، اذ اكثرهما مجملات وعمومات وألفاظ مشتركة والأقل منهما المفيد لليقين، والسنة المتواترة منهما قليل، وقد قال بعض الاصوليين ان الدلائل اللفظية كلها لا يفيد شيء منها اليقين... ولا يمكن انتفاء الخوف دائماً والحزن في جميع الاحوال الا مع تيقن المراد في خطابه تعالى ولا يمكن الا بقول المعصوم، فيكون المعصوم ثابتاً في كل فيستحيل امامة غيره مع وجوده وهو ظاهر.(العلامة الحلي، الالفين: 85).


78 ـ عدم خلو الزمان من معصوم


قال تعالى: (وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة...هم المهتدون) وجه الاستدلال ان ادخال الالف واللام على المحمول مع ذكرهم في الموجبة يدل على انحصار المحمول في الموضوع كما اذا قلنا زيد هو العالم يدل على انحصار العلم فيه، وقوله تعالى: (اولئك هم المهتدون) يدل على انحصار الهداية العامة اعني في كل الاحوال وفي كل الاشياء فيهم، فيكون هذا اشارة الى المعصومين من امة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهم بعض الامة وهو ظاهر، واذا ثبت ان ها هنا معصوماً فيستحيل وجود الامامة في غيره.


وهذه الاية عامة في كل عصر اجماعاً فيلزم وجود معصوم في كل عصر، ولانه لا قائل بوجود معصوم غير النبي في زمان دون زمان...(العلامة الحلي، الالفين: 86).


79 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون) وجه الاستدلال به أن نقول: هذه الاية عامة لاهل كل عصر وهو اجماع، فنقول: بيان الايات انما هو بنصب معصوم يعرف معاني الايات وناسخها ومنسوخها ومجملها ومؤولها، اذ بمجرد ذكرها لا يتبين بحيث يعمل بها ويعرف معانيها، اذ هو المراد بقوله (لعلهم يتقون) وانما تحصل التقوى منها بالعمل بها وغير المعصوم لا يعتد بقوله، والتقوى هو الأخذ باليقين والاحتزاز عما فيه شك، ولا يحصل ذلك الا من قول المعصوم، ولا يكفي النبي في ذلك لاختصاصه بعصر دون عصر، والسنة حكمها حكم الكتاب في المجمل والمتأوّل فقلّ ان يحصل منها اليقين، لان المتيقن في متنه هو المتواتر وفي دلالته هو النص، وذلك لا يفي بالاحكام لقلّته، فبيان الايات لاهل كل عصر بحيث يمكنهم العمل بها وعلم المراد بها يقيناً انّما هو بنصب الامام المعصوم في كل عصر.(العلامة الحلي، الالفين: 92).


80 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (واتقوا الله لعلكم تفلحون) امره بالتقوى مع عدم نصب طريق سالم من الشبهة والشك موصل الى العلم بالاحكام يقيناً محال، وذلك الطريق ليس الكتاب والسنة، لان المجتهد لا يحصل منهما الا الظن، وقد يتناقض اجتهاده في وقتين فيعلم الخطأ في احدهما، ويتناقض آراء المجتهدين فيضل المقلدون، فلابد من امام معصوم في كل عصر، لعموم الاية في كل عصر يحصل اليقين بقوله لعصمته.(العلامة الحلي، الالفين: 92).


81 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل) فلابد من طريق معرف للصحيح في جميع الحوادث يقيناً والسنة والكتاب لا يفيان فبقي الامام المعصوم.(العلامة الحلي، الالفين: 92).


82 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين) يجب الاحتراز عن الاعتداء في كل الاحوال، ولا يمكن ذلك الا بعد العلم بأسبابه، ولا يحصل ذلك الا من قول المعصوم فيجب نصبه، والا لزم تكليف ما لا يطاق.(العلامة الحلي، الالفين: 92).


83 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) ولا يجوز تحكيم الغريم في ذلك، ولا غير المعصوم بجواز الميل، فالخطاب للمعصوم بموآخذه المعتدي بمثل ما اعتدى، وهذه الاية عامة في كل عصر، فيجب المعصوم في كل عصر وهو المطلوب.(العلامة الحلي، الالفين: 93).


84 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (وتزودوا فان خير الزاد التقوى) وهو الاحتراز عن الشبهات، فلابد من طريق محصل للعلم بأوامر الله تعالى ونواهيه والمراد من خطابه حتى يحصل ذلك في كل عصر، وليس ذلك الا قول المعصوم، لان الكتاب والسنة غير وافيين بذلك عند المجتهد ولا المقلد فيجب المعصوم في كل عصر.


امتثال قول غير المعصوم يشتمل على الخوف والشبهة لجواز امره بالخطأ عمداً أو خطأ، فلا يكون من باب التقوى، وامتثال امر الامام من باب التقوى بالضرورة، فلا شيء من غير المعصوم بامام وهو المطلوب.(العلامة الحلي، الالفين: 93).


85 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (واحسنوا ان الله يحب المحسنين) فلابد من طريق معرف للحسن والقبح يقيناً وليس الا المعصوم، وهي عامة في كل عصر....(العلامة الحلي، الالفين: 93).


86 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (فان زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا ان الله عزيز حكيم) والبينات التي لا يحصل معها الخطأ ولا الخلل ولا تحصل الا بقول المعصوم، اذ الكتاب مشتمل على المجملات والمتشابهات والناسخ والمنسوخ والاضمار والمجاز، والسنة اكثر متنها غير يقيني ودلالة اكثرها غير يقينة، ولا يعلم ذلك يقيناً الا المعصوم، ولا يحصل الجزم الا بقوله لتجويز الخطأ على غيره، والجزم ينافي احتمال النقيض، فدل على ثبوت المعصوم في كل وقت.(العلامة الحلي، الالفين: 94).


87 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (... ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) وهذا لطف فيجب عمومه، وللاجماع على عمومها في كل عصر، ولعموم الناس فلابد ممن يحكم بالكتاب بين كل مختلفين بالحق قطعاً وغير المعصوم ليس كذلك لتجويز عمده وخطئه بغير الحق او خطئه، وايضاً غير المعصوم لا يمكنه الحكم بين كل مختلفين بالحق من الكتاب، لانه لا يعلم ذلك يقيناً من الكتاب الاّ المعصوم لتوقفه على معرفة جميع الاحكام يقيناً منه، فدل على وجود المعصوم في كل عصر.(العلامة الحلي، الالفين: 95).


88 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (والله يدعو الى الجنة والمغفرة باذنه ويبين اياته للناس لعلهم يتذكرون) الاستدلال من وجوه:


1 ـ ان هذا يدل على رحمته ولطفه بالعباد وارادته لدخولهم الجنة مع خلق القوى الشهوية والغضبية والاهوية المختلفة والشيطان والخطاب يعين النص، فلو لم ينصب المعصوم في كل عصر لناقض غرضه تعالى الله عن ذلك.


ان دعاءه الى المغفرة والجنة انما هو بخلق القدرة، وجعل الالطاف والطريق التي يحصل بها العلم والعمل، وأهم الالطاف في التكاليف الامام المعصوم، لانه المقرب الى الطاعات والمبعد عن المعاصي، ولان العلم بالتكاليف والاحكام الشرعية لا يحصل الا من المعصوم، إذ غيره لا يوثق بقوله ولا تتم الفائدة به.


3 ـ قوله (ويبين للناس...) البيان الذي يحصل معه التذكير والخوف من المخالفة لا يحصل الا بقول المعصوم، اذ الايات اكثرها مجمل، وعام يحتمل التخصيص، ولا مستند في عدم المخصص الا اصالة العدم المفيد للظن واكثرها مؤول، فلابد من معرفة طريق معرف لهذه وليس الا المعصوم.(العلامة الحلي، الالفين: 97).


89 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) وذلك يتوقف على معرفة الذنوب، وهو موقوف على العلم بالاحكام الشرعية والخطابات الالهية والسنة النبوية، وكذلك يتوقف على معرفة الطهارة وانواعها واحكامها ونواقضها وشرائطها واسبابها وكيفياتها، ولا يحصل ذلك الا من المعصوم، وهي عامة في كل زمان، فيجب المعصوم في كل زمان.(العلامة الحلي، الالفين: 98).


90 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) وكسب القلوب ثلاثة انواع


1 ـ الاعتقاد فان طابق كان مثاباً وان لم يطابق في ايّ شيء كان سواء في النقليات او العقليات...


2 ـ الارادة.


3 ـ الكراهة.


فيجب وضع طريق العلم بالموافق منها للحق والمطابق لأمر الله تعالى ونهيه لا يحصل ذلك الا من المعصوم وهي عامة في كل عصر فيجب وجود المعصوم في كل عصر....(العلامة الحلي، الالفين: 98).


91 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


انتفاء الامام المعصوم في عصر ما ملزوم للمحال بالضرورة فهو محال، فانتفاء الامام المعصوم في عصر ما محال، واذا استحال صدق السالبة الجزئية وجب صدق الموجبة الكلية، فيجب وجوده في كل عصر، اما الكبرى فظاهرة واما الصغرى فلاستلزام انتفائه ثبوت الحجة للمكلف على الله تعالى في وقت ما لمشاركة المعصوم النبي في المطلوب، اذ النبي يراد منه العلم بالاحكام ولتقريب والتبعيد، وهما موجودان في الامام المعصوم، فيكون نفيه مساوياً لنفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولازم احد المتساويين لازم للآخر، ولكن انتفاء الرسول يستلزم ثبوت الحجة فكذا انتفاء الامام.(العلامة الحلي، الالفين: 99 ـ 100).


92 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى...) امر بالمحافظة على الصلوات والصلاة الوسطى، وانما يحصل ذلك بمراعاة شرائطها ومعرفة احكامها، والاحتزاز من مبطلاتها على وجه يعلم صوابه، ولا يعلم الا من المعصوم فيجب، وهي عامة في كل عصر فيجب فيه.(العلامة الحلي، الالفين: 100).


93 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (يبين الله لكم اياته لعلكم تعقلون) والبيان الذي يحصل منه العلم انما يكون بالنص مع معرفة الوضع يقيناً او من قول المعصوم، والاول منتف في اكثر الايات فيتعين الثاني، فيستحيل ان يكون الامام غيره، وهي عامة في كل عصر اجماعاً.(العلامة الحلي، الالفين: 100 ـ 101).


94 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم) فنقول: من يؤتيه الله الملك لا يجوز أن يكون غير معصوم، لانه عبارة عن استحقاق الامر والنهي في الخلق، ولا يجوز ان يفعل الله سبحانه وتعالى ذلك بغير المعصوم، وهي عامة في كل عصر بالاجماع....(العلامة الحلي، الالفين: 101).


95 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (قد تبين الرشد من الغي) وجه الاستدلال ان كل ما يطلق عليه رشد وصواب قد اشترك في هذا الوصف الموجب لبيانه وظهوره وتميزه من الخطأ، وكذلك الغي قد اشترك في هذا الوصف الموجب لوجوب بيانه واظهاره فترجيح البعض محال لانه في معرض شيئين: احدهما نفي عذر المكلف مطلقاً، الثاني: الامتنان، ولا يحصل الاول ولا يحسن الثاني الا بالكلي، وليس ذلك الشيء من الكتاب والسنة وحدهما وهو ظاهر، فتعين المعصوم في كل زمان وهو ظاهر وهو مطلوبنا، لا يقال: قوله تعالى: (فيه تبيان كل شيء) ينافي ذلك لانا نقول انه لا يحصل منه الا لمن علم يقيناً مجملاته ومجازاته ومضمراته ومشتركاته، ولا يعلم ذلك يقيناً الا الامام المعصوم لا غيره اجماعاًَ، فدل على ما ذكرتموه في كل زمان.(العلامة الحلي، الالفين: 103).


96 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور) وجه الاستدلال به من وجهين:


الاول: ان هذه عامة في كل الاوقات والظلمات، اما الاول فبالاجماع، واما الثاني فلوجوه، احدها: اشتراك كل ظلمة في هذا الوصف المقتضي للاخراج منها والتنزيه عنها، وثانيها: انه ذكرها في معرض الامتنان، وثالثها: انه جمع معرف بالالف واللام وقد بينا في الاصول عمومه، فدل على ثبوت المعصوم في كل عصر، فيستحيل ان يكون الامام غيره.


الثاني: ان كرم الله تعالى ورحمته يقتضي جعل طريق يوصل الى ذلك لمن رامه من المؤمنين وليس الا المعصوم فيجب في كل عصر.(العلامة الحلي، الالفين: 104).


97 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (وقدموا لانفسكم واتقوا الله واعلموا انكم ملاقوه وبشر المؤمنين) كل ذلك تحريض على فعل الطاعات، والامتناع عن القبائح والاحتراز عن الشبهات، ولا يتم الا بقول المعصوم في كل عصر فيجب.(العلامة الحلي، الالفين: 106).


98 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (ان تبروا وتقسطوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم) والبر والتقوى والاصلاح موقوف على معرفة اوامر الله تعالى ونواهيه والمراد بخطابه، ولا يتم ذلك الا بقول المعصوم في كل عصر لما تقدم من التقرير وغير....(العلامة الحلي، الالفين: 106 ـ 107).


99 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (ان الله بالناس لرؤوف رحيم) وجه الاستدلال ان الإمام المعصوم في كل عصر من اعظم النعم واتمها، وبه تحصل النجاة الاخروية والمنافع الدنيوية، وكان من رأفته ورحمته التي حكم بها على نفسه، وايّ نعمة في جنب هذه النعمة التي بها يحصل نعم الدنيا ونعم الاخرة، فكل النعم اقل منها وتستحقر في جنبها.(العلامة الحلي، الالفين: 107).


100 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (ولا تم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون... ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون) الاستدلال بها من وجوه:


1 ـ انه قد حكم باتمام النعم علينا، وقد بينا ان الامام المعصوم كل النعم مستحقرة في جنب هذه النعمة، فلو لم يكن قد نصبه الله تعالى لم يكن قد اتم النعم.


2 ـ انه امتن بجعل الرسول وفائدته لا تتم الا بخليفة معصوم يقوم مقامه في كل وقت.


3 ـ ان العلة الداعية الى ارسال الرسل هو اعلام خطاب الله تعالى فيقرب الى الطاعة ويبعد عن المعصية... وهذا الداعي موجود بالنسبة الى الامام والقدرة موجودة، واذا علمنا وجود الداعي والقدرة حكمنا بوقوع الفعل، فدل على وجود الامام المعصوم في كل زمان.(العلامة الحلي، الالفين: 107 ـ 108).


101 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (واشكروا لي ولا تكفرون) امر بالشكر ونهي عن كفران النعم وهو عدم الشكر فيجب، وذلك موقوف على معرفة كيفيته، وهو موقوف على معرفة الخطابات الالهية ولا تحصل الا من قول المعصوم لما تقرر، اذ الكتاب والسنة لا يفيان بكيفية الشكر على كل نعمة، وغير المعصوم لا يوثق بقوله، لجواز أن يكون ما يعمله لنا غير الشكر او من باب الجحود، فيجب المعصوم في كل وقت.(العلامة الحلي، الالفين: 108).


102 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (واما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم اجورهم) والصالحات عام لانه جمع معرف باللام فيكون للعموم، فيجب في الحكمة وضع طريق لمعرفة جميع الصالحات وليس الا المعصوم، فيجب في كل عصر لعمومها كل عصر.(العلامة الحلي، الالفين: 113).


103 ـ الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف


من الدلائل على امامته هو ما يقتضيه العقل بالاستدلال الصحيح، من وجود الامام معصوم كامل غني عن رعاياه في الاحكام والعلوم في كل زمان، لاستحالة خلو المكلفين من سلطان يكونون بوجوده اقرب الى الصلاح وابعد من الفساد، وحاجة الكل من ذوي النقصان الى مؤدب للجُناة، مقوم للعصاة، رادع للغواة، معلم للجهال، منبه للغافلين، محذر من الضلال، مقيم للحدود، منفذ للاحكام، فاصل بين أهل الاختلاف، ناصب للامراء، ساد للثغور، حافظ للاموال، حام عن بيضة الاسلام، جامع للناس في الجمعات والاعياد.(الشيخ المفيد، الارشاد ج2، ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 11/342).


104 ـ هو القائم المنتظر


نعتقد أن الارض لا تخلو من حجة الله على خلقه، اما ظاهر مشهور أو خائف مغمور، ونعتقد أن حجة الله في ارضه، وخليفته على عباده في زماننا هذا هو القائم المنتظر محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب.(الشيخ الصدوق، الاعتقادات، ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 5/95).


105 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) والاستدلال به من وجهين:


1 ـ الاعتصام بحبل الله فعل اوامر الله تعالى كلها والامتناع عن مناهيه، ولا يعلم ذلك الا من المعصوم.


2 ـ قوله تعالى: (جميعاً ولا تفرقوا) حث على الاجتماع على الحق وعدم الافتراق عنه، وارادة الاجتماع منهم من غير معصوم في كل عصر يناقض الغرض لتجاذب الأهواء وغلبة القوى الشهوية والغضبية، والامتناع عن طاعة من يصدر عنه الذنوب وسقوط محله من القلوب مع انه لابد للاجتماع على الامور من رئيس.(العلامة الحلي، الالفين: 114).


106 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (وكنتم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها) وذلك انما هو بخلق اللطف المقرب الى الطاعة والمبعد عن المعصية، وهو الامام المعصوم في كل عصر وهو المطلوب.(العلامة الحلي، الالفين: 115).


107 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات واولئك لهم عذاب عظيم) نهى عن التفرق والاختلاف، وانما يتم ذلك بالمعصوم في كل زمان، إذ عدم الرئيس يوجب التفرق والاختلاف وكذا الرئيس اليهم، فتعين نصب الامام المعصوم، وايضاً فان النهي عن الاختلاف مع عدم وفاء السنة والكتاب بالاحكام وثبوت المجملات والمتشابهات والمجازات مع عدم نصب الامام المعصوم، والتكليف بالاحكام في كل واقعة، وتفويض استخراج ذلك الى الاجتهاد التابع للامارات المختلفة، والافكار والانظار المتباينة تكليف بما لا يطاق وهو محال....(العلامة الحلي، الالفين: 116 ـ 117).


108 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) يقتضي الأمر بكل معروف والنهي عن كل منكر، فاما أن يكون اشارة الى المجموع من حيث هو مجموع، او الى كل واحد او الى بعضهم، والاول محال، فان الامة يتعذر اجتماعها في حال فضلاً عن الامر بكل معروف لكل احد والنهي كذلك، والثاني محال ايضاً، لان الواقع خلافه فتعين الثالث وهو المعصوم، فثبت المعصوم في كل عصر لعمومها لكل عصر.(العلامة الحلي، الالفين: 117).


109 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (امة قائمة يتلون ايات الله اناء الليل... واولئك من الصالحين) يقتضي الامر بكل معروف والنهي عن كل منكر والمسارعة الى كل الخيرات بحيث لا يلزم تكليف ما لا يطاق وذلك هو المعصوم، فثبت وهي عامة في كل زمان اجماعاً اتفاقياً ومركباً.(العلامة الحلي، الالفين: 117 ـ 118).


110 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (قد بينا لكم الايات إن كنتم تعقلون) هذا اشارة الى نصب المعصوم في كل زمان اذ بيان الايات ممن لا يحتمل ان يكون كذلك ليس الا من المعصوم....(العلامة الحلي، الالفين: 118).


111 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم...).


ان هذه المنافع وهذه الشفقة، وهو دعاء الرسول بلين وعفوه واستغفاره امر عظيم ورحمة تامة لا يجوز تخصيص البعض بها دون بعض، فيجب ذلك في كل عصر، ويستحيل من الرسول لانه خاتم الانبياء، فلا يأتي نبي غيره، ولم يحصل البقاء في الدنيا، فلابد من قائم مقامه متيقن متابعته له في افعاله عليه السلام، وليس ذلك الا المعصوم فيجب في كل عصر.(العلامة الحلي، الالفين: 123 ـ 125).


112 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (ان الله يحب المتوكلين) وجه الاستدلال به أن نقول: النفس الناطقة لها قوتان نظرية وعملية، ولها في كل منهما مراتب في الكمال والنقصان، اما النظرية فمراتبها اربع... واما العملية....


التوكل لا يحصل الا بثلاثة اشياء...


فقد ثبت الاحتياج الى المعصوم في هذه المراتب كلّها اذا تقرر ذلك فنقول: قد وجد من الله تعالى القادر على جميع المقدورات العالم بجميع المعلومات ارادة التوكل فيريد ما يتوقف عليه، لان ارادة المشروط تستلزم ارادة الشرط مع العلم بالتوقف واستحالة المناقضة، فيجب نصب المعصوم في كل زمان لوجود القدرة والداعي وانتفاء الصارف فيجب وجود الفعل.(العلامة الحلي، الالفين: 126 ـ 128).


113 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


اللذات منها حيوانية ومنها عقلية... ان النفوس البشرية اكثرها مصروفة الى تحصيل اللذات الحسية الحيوانية اكثرها بل بعضها مستغرقة أوقاتها، ثم بعضها محرم، وبعضها مباح، والمباح منها انما ابيح على جهة العدل بحيث لا يقع نزاع ويخرب النظام، ولا يكفي الوعد باللذات والالام الاجلة، فان كثيراً من الجهال يستسهل ذلك في تحصيل مرامه، فلابد من رئيس في كل عصر يلزم النفوس البشرية عدم تعدي العدل والوسط في هذه اللذات ويقرب من اللذات العقلية....(العلامة الحلي، الالفين: 131).


114 ـ عدم خلو الزمان من المعصوم


قال تعالى: (ويحذركم الله نفسه) وانما يحسن بعد اعلام الاحكام في كل واقعة، وانما يتم بالمعصوم في كل عصر.(العلامة الحلي، الالفين: 142).


/ 27