موسوعة الإمام المهدی (علیه السلام) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة الإمام المهدی (علیه السلام) - نسخه متنی

فارس الحسون

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




سبب غيبته (عليه السلام)


ان السبب في الغيبة ليس من ناحية الله تعالى، ولا من ناحية الإمام الثاني عشر عليه السلام، لان كمال لطفه تعالى يقتضي ظهور وليه، كما ان مقتضى عصمة الامام الثاني عشر هو أن لا يغيب عن وظائفه وهداية الناس وارشادهم، ولذلك قال المحقق الطوسي: (ليست غيبة المهدي من الله ولا منه، بل من المكلفين والناس، وهي من غلبة الخوف، وعدم تمكين الناس من إطاعة الامام، فاذا زال سبب الغيبة وقع الظهور). ويؤيد ذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام: (واعلموا ان الارض لا تخلو من حجة الله، ولكن الله سيعمى خلقه منها بظلمهم وجورهم واسرافهم على انفسهم)...(الخرازي ـ بداية المعارف 2: 148).


1 ـ سبب الغيبة


فان قيل: وما سبب غيبة صاحب الزمان عليه السلام على التعيين؟


قلنا: اول ما نقول في ذلك ان إمامته عليه السلام وعصمته اذا ثبت بالادلة العقلية والسمعية على ما أوضحناه، فرأيناه غائباً عن الأبصار مع تعين القيام بما فوّض الى الائمة عليه وتوجه الامر بذلك اليه، قطعنا في الجملة على انه لم يغب الا لوجه حكمي له حسنت الغيبة، ولم يجز الشك في امامته لغيبته، ولا الارتياب بوجوده لتعذر معرفته، لان حصول ذلك لعذرّ ما لا ينافي وجوده ولا يقدح في امامته، ولا يلزمنا العلم بذلك الوجه على التفصيل، لانه لا فرق في العلم بحسن الشيء بين أن يعلم وجه حسنه معيناً وبين أن يعلم استناده الى إخبار من لا يجوز عليه فعل القبيح، ولهذا قضينا بالحسن على جميع ما فعله القديم تعالى وكلفه ودعى اليه الرسول وفعله، كما لا يجوز الشك في توحيد الله تعالى وحكمته ونبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعصمته بما ظاهره لا يطابق ذلك بل ينافيه... فانّ العلم على الجملة بان لذلك وجه حكمة توجبه وسبب مصلحة تحسنه كاف لنا فكذلك في مسألتنا، وهذا القدر مغن في اسقاط كل ما يعترض به المخالف في امامة صاحب الزمان عليه السلام على انا نتبرع بذكر السبب في غيبته فنقول: سبب ذلك الخوف على مهجته لان ما عداه من الضرر لا يترك الظهور لاجله بل يتحمل ألم مشقته.


فان قيل: فبما يميز بين الزمان الذي يأمن فيه القتل وبين غيره؟ قلنا: بما جعله النبي علماً على ذلك، وحصل له علمه من جهة آبائه، على أنه غير ممتنع ان يكون خوفه وامنه متعلقين بظنه، وان يكون الله سبحانه تعبده في الغيبة والظهور بالعمل به، فمتى ظن السلامة ظهر، ومتى ظن الهلاك استتر.(ابن زهرة ـ غنية النزوع 2: 215 ـ 217).


2 ـ سبب الغيبة وعدم الظهور


المانع في الحقيقة عندنا من ظهوره هو اعلام الله تعالى ان الظالمين متى ظهر اقدموا على قتله وسفك دمه فبطل الحجة بمكانه، وليس يجوز ان يكون المانع من الظهور الا ما ذكرناه، لان مجرد الخوف من الضرر وما يجري مجري الضرر مما لا يبلغ الى تلف النفس ليس يجوز ان يكون قانعاً لأنا قد رأينا من الائمة عليهم السلام ممن تقدم ظهر مع جميع ذلك، وليس يجوز ان يجعل المانع من الظهور علم الله تعالى من حال بعض المكلفين او اكثرهم انهم يفسدون عند ظهوره في بعض الاحوال، لانه إن قيل انه يعلم ذلك على وجه يكون ظهوره مؤثراً فيه وجب سقوط ماعولنا عليه في اصل الامامة من كونها لطفاً في الواجبات وارتفاع المقبحات، ولزم فيها ما نأباه من كونها استفساداً في حال من الاحوال، وان لم يكن ظهوره مؤثراً فيما يتبع من الفساد لاجله، كما لم يلزم استتار من تقدمه من الائمة عليهم السلام، ولا ترك بعثة كثير من الرسل لاجل ما وقع من بعض المكلفين من الفساد في حال لهؤلاء والنبوة لاولئك، وهذا يبين ان الوجه الصحيح الذي ذكرناه دون غيره.


فان قال: اذا كان المانع هو ما ذكرتموه فيجب في كل من كان في المعلوم ان رعيته تقتله من امام أو نبي أن يوجب الله تعالى عليه الاستتاروالغيبة ويحظر عليه الظهور، وإلا فإن جاز أن يبيح الله تعالى لبعض من يعلم انه يقتل من حججه الظهور جاز مثل ذلك في كل امام، فبطل ان يكون المانع ما ذكرتموه.


قيل له: انما أوجبنا ان يكون ما بيناه مانعاً بشرط ان تكون مصلحة المكلفين مقصورة على ذلك الامام بعينه، ويكون في معلوم الله تعالى إنّ احداً من البشر لا يقوم في مصلحة الخلق بامامته مقامه، ومن اباحة الله تعالى التصبر على القتل من حججه وانبيائه لم يتجه ذلك الا مع العلم بانه اذا قتل قام مقامه غيره من الحجج فهذا واضح لمن تأمله.(المرتضى ـ الشافي 1: 146 ـ 147، وانظر شرح جمل العلم: 226 ـ 229).


... السبب في غيبته هو إخافة الظالمين له ومنعهم يده من التصرف فيما جعل اليه التصرف فيه، لان الامام انما ينتفع به النفع الكلي اذا كان متمكناً مطاعاً مخلّى بينه وبين اغراضه ليقود الجنود ويحارب البغاة ويقيم الحدود... وكل ذلك لا يتم إلاّ مع التمكن، فاذا حيل بينه وبين أغراضه من ذلك سقط عنه فرض القيام بالامامة، واذا خاف على نفسه وجبت غيبته، والتحرز من المضار واجب عقلاً وسمعاً، وقد استتر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الشعب، واخرى في الغار، ولا وجه لذلك الا الخوف والتحرز من المضار.(المرتضى ـ رسالة في الغيبة (كلمات المحققين): 532).


... وانهزام الائمة واختفاؤهم لا يدلّ على عدم امامتهم لتواتر النصوص من الطريقين فيهم على ان ذلك معارض باختفاء الانبياء من قبلهم وهزيمة جدّهم، وخوف المهدي من الظالمين يمنعه من الاشتهار كما ألجأ الخوف جدّه الى الاستتار، وقد كان ظاهراً لأوليائه، فلما اشتد الامر استتر عنهم كأعدائه وليس الستر سبباً لنفي ولادته ولطفيته كما في عيسى المجمع على حياته، وقد قيل انه المهدي، والصحيح انه وزيره ومن خاصته.(البياضي ـ الصراط المستقيم 1: 112).


3 ـ أسباب الغيبة


فان قيل: فما السبب المانع من ظهوره والمقتضى لغيبته على التحقيق؟


قلنا: يجب أن يكون السبب في ذلك هو الخوف على المهجة، فان الالام وما دون القتل يتحمله الامام ولا يترك الظهور له، وانما علت منزلة الانبياء عليهم السلام والائمة عليهم السلام لانهم يتحملون كل مشقة عظيمة بالقيام بما فوض اليهم.


فاذا قيل: كيف يأمن القتل؟


قلنا: عند الامامية ان الامام في هذا قد عرف من ابائه عليهم السلام بتوقيف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حال الغيبة، والفرق بين الزمان الذي يجب أن يكون الامام فيه غائباً للخوف وبين الزمان الذي يجب فيه الظهور وهذا وجه لا يتطرق فيه شبهة، وغير ممتنع زائداً فيه على ذلك أن يكون خوفه وامنه موقوفين على الظنون والامارات، فاذا ظن العطب استتر، واذا ظن السلامة ظهر، وللسلامة وضدها امارت متميزات....(المرتضى ـ الذخيرة: 421، وانظر شرح جمل العلم: 226 ـ 228 والطوسي ـ تلخيص الشافي 1: 80 ـ 81 وايضاً 4: 215).


واما الوجه الذي لاجله وقعت الغيبة، فقد ذكر جماعة من فضلاء الاصحاب ان ذلك هو الخوف على نفسه، قالوا: الحال في ذلك كحال النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين استتر تارة في الشعب، واخرى في الغار...(المحقق الحلي ـ المسلك: 282).


انما استتر عن اعدائه خوفاً على نفسه، ومن اوليائه خوفاً عليهم من أعدائه، وكما جاز لعلي والأئمة بعده كف ألسنتهم عن الفتيا في وقت وايديهم عن إصلاح الرعية في اكثر الاوقات خوفاً على انفسهم، فكذلك يجوز لامام الوقت اخفاء نفسه خوفاً عليها.(المحقق الحلي ـ الرسالة الماتعية: 311).


بقي علينا ان نبين سبب غيبته عليه السلام، وهو السبب المحوج للأنبياء الى الغيبة، مثل هروب موسى عليه السلام الذي دل عليه القرآن حيث قال: (ففرت منكم لما خفتكم) الشعراء: 21، وهروب يونس عليه السلام، ودخول ابراهيم عليه السلام النار، ودخول نبينا صلى الله عليه وآله وسلم الغار، فاذا لم يوجب هرب الانبياء خللاً في نبوتهم فلا يوجب هرب الامام مع ان الاعداء الآن اكثر وأولى.(محمد بن سعيد الراوندي ـ عجالة المعرفة: 40).


اما السؤال عن الاسباب التي دعت الى غيبته فاللازم اولاً أن يعرف السائل ان الانسان اذا عرف ان له خالقاً لم يخلقه عبثاً ولم يتركه سدىً بل كلفه بتكاليف يؤهله بها للفوز والسعادة الأبدية في دار اخرى هي دار القرار ودار الجزاء، فاذا عرف ذلك جيداً وجب عليه أن يعرف التكاليف، والاحكام التي امره الله بها ويأخذ من الحجة عليه والسفير بينه وبين الله سبحانه، ولا يلزم عليه ان يعرف حكمة تلك الاحكام ومصالح التكاليف، وإن كنا نعلم على الإجمال ان جميعها مشتمل على أشرف الحكم والمصالح...(كاشف الغطاء، جنة المأوى: 197).


4 ـ اسباب الغيبة


فان قيل: هذا { أي وجوب الرياسة في كل زمان} يوجب أن يكون الامام في كل حال ظاهراً متصرفاً حتى يقع الانزجار عن القبائح به، فان الزاجر هو تدبيره وتصرفه لا وجود عينه، وهذا يقتضي أن يكون الناس في حال الغيبة غير مزاحي العلة في تكليفهم.


قلنا: لا شبهة في ان تصرف الامام في الامة هو اللطف وفيه المصلحة لهم في الدين، وان كان ذلك لا يتم الاّ بايجاد الامام والنص على عينه، والذي يتم به لطفنا في الامامة ويتعلق به مصلحتنا هو مجموع علوم بعضها يتعلق بالله ويختص به، فعليه تعالى ازاحة العلة فيه، وبعض آخر يتعلق بنا، ولا يتم الا بفعلنا، فعليه تعالى أن يوجبه علينا وعلينا أن نطيع فيه، فاذا عصينا وفرطنا كانت الحجة علينا وبرىء تعالى من عهدة ازاحة علتنا.


ألا ترى أن المعرفة التي أجمعنا فيه، والمخلصون من مخالفينا في الامامة، على أن جهة وجوبها اللطف لا يتم الغرض فيها الا بأمور من فعل الله تعالى وامور من فعلنا، والذي يتعلق بفعل الله تعالى أن يعلمنا وجوبها ويقدرنا على السبب المولد لها ويخوفنا من التفريط في فعلها، والذي يتعلق بنا أن نفعلها أن يفعل سببها وقد فعل الله تعالى كل ما يتعلق به في هذا الباب، وليس عليه ان لا يفعل المكلف ما يتعلق به، ولا نخرجه من أن يكون مزيحاً لعلته في تكليفه.


وقد خلق الله تعالى امام الزمان عليه وعلى آبائه الصلاة والسلام، ونص الامامة على عينه، ودل على اسمه ونسبه بالادلة القاطعة، وحث على طاعته وتوعد على معصيته، فاما الامور التي لا يتم مصلحتنا بالامام الا بها وهي راجعة الى افعالنا، وهي تمكين الامام والتخلية بينه وبين ولايته والعدول عن تخويفه وارهابه ثم طاعته وامتثال اوامره، فاذا لم يقع منا تمكين الامام وأخفيناه واخرجناه الى الاستتار تحرزاً من المضرة ثم نخرج من أن نكون مزاحي العلة في تكليفنا، وكان تعذر انتفاعنا بهذا الامام منسوباً الينا ووزره عائد علينا، لانّا لو شئنا أملكناه وامناه فيتصرف فينا التصرف الذي يعود بالنفع علينا.


وليس يجب اذا لم نمكنه وخلفاً بينه وبين التصرف ان يسقط عنا التكليف الذي الامامة لطف فيه، وأن يجري ذلك مجرى من قطع رجل نفسه، فان التكليف المتعلق بها سقط عنه، ولا فرق بين أن يكون هو القاطع لها او غيره، وذلك انا في احوال غيبة الامام عنا متمكنون من ازالة خوفه وان نؤمنه ليظهر ويتصرف فلم يخرج عن ايدينا التمكن من الانتفاع بهذا الامام، ولا كان من فعلنا من اخافته يجري مجري قطع الرجل، لان قطعها لا يبقى معه تمكن من الافعال التي لا يتم الا بالرجل، وجرى فعلنا لما احوج الامام الى الغيبة مجري شدّ أحدنا لرجل نفسه في أنه لا يسقط عنه تكليف القيام لقدرته على ازالة هذا الشد، وجرى قطع الرجل مجري قتل الامام.(المرتضى ـ الذخيرة: 415 ـ 417 ونحوه باختصار الشافي 3: 150).


واما غيبة بعض الائمة وتعطل الاحكام فانما ذلك من جهة الرعية دون الامام... فانما على الله تعالى ايجاد للرعية ليجمع به شملهم، فان لم يمكنوه من فعله لعدم قابليتهم وسوء استعدادهم فما على الله من ذلك حجة (فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون)، وذلك كما في سائر الكمالات والخيرات فانها انما تفيض على العباد بقدر قابليتهم، مع أن ما في الغيبة من الخيرات والحكم من تضايف مثوبات المؤمنين بها المصدقين بوجود الامام في اعمالهم الصالحات ما يسهل معها فوات اقامة الحدود ونحوها.(الفيض ـ علم اليقين 1: 376).


5 ـ سبب الغيبة من الاعداء


واما سبب غيبته عليه السلام فلا يجوز ان يكون من الله تعالى، لانه تعالى يجب عليه نصبه وتمكينه ولا منه عليه السلام لانه معصوم، ويجب عليه القيام بامور الامامة، ولا يجوز له ان يترك ما يجب لعصمته فتعين ان يكون من الامة وهم اولياء واعداء، فالمنع ليس من الاولياء لانهم لو ظهر لنصروه، فتعين ان يكون من الاعداء لكثرتهم وقلة الانصار، فاذا زال ظهر وملا الارض قسطاً وعدلاً...(المقداد السيوري ـ الاعتماد: 99 ـ 100).


وليست غيبته من الله ولا منه بل للخوف على نفسه من كثرة الاعداء وقلة الناصر، أو المصلحة استأثر الله بعلمها، وطول عمره ليس بمستبعد لوقوع مثله أو اكثر باضعاف كغيره من السعداء والاشقياء، ولابد من ظهوره بعد الغيبة لقول النبي (لو لم يبق من الدنيا الا ساعة واحدة لطول الله تعالى تلك الساعة حتى يخرج رجل من ذريتي اسمه كاسمي وكنيته ككنيتي فيملأ الارض عدلاً وقسطاً كما ملات ظلماً وجوراً).(زاد المسافر ـ ابن ابي جمهور: 56).


6 ـ اسباب الغيبة الخوف


ان حسن غيبة الخائف من الضرر القوي الظن بكون الغيبة مؤمنة له منه، فمعلوم ضرورة وجوبها عليه فضلاً عن حسنها لكونها محرزاً من ضرر، وأما ثبوت ذلك في غيبة الصاحب عليه السلام فمختص به لكل ذي ظن ويحرز منه لا يفتات عليه فيه، على أنا إذا كنا وكل مخالط متأمل بقدم وجوده أو تأخره، نعلم نص النبي صلى الله عليه وآله وسلم وامير المؤمنين عليه السلام، والائمة على امامة الثاني عشر، وكونه المزيل لجميع الدول والممالك الجامع للخلق على الايمان بالقهر والاضطرار، علمنا توفر دواعي كل ذوي سلطان وتابع له الى طلبه وتتبع آثاره وقتل المتهم بنصرته لما نجدهم عليه من حب الرئاسة... وارتفع الريب عنا بوجوب ما استمر هذا الخوف الى ان يعلم بشاهد الحال او بغير ذلك وجود انصار يتمكن بمثلهم من تأدية الفرض من جهاد الكفار او توبة المتغلبين من ذوي السلطان، فحينئذ يظهر منتظراً للحق كظهور كل من الانبياء وخلفاء الله في الارض عليهم السلام بعد الخوف والاضطرار....(ابو الصلاح ـ تقريب المعارف: 440 ـ 441).


... إنّا بينا... ان السبب في انبساط يده عليه السلام مركب من ثلاثة أجزاء: احدها: يجب من الله وهو ايجاده واكماله في ذاته، والثاني: يجب عليه نفسه وهو القيام بأعباء الامامة، والثالث: على الخلق وهو الانقياد له ومساعدته في تنفيذ اوامر الله تعالى والقيام بها.


والماهية المركبة لا تتحقق إلا بمجموع اجزائها، لكن وان حصل وجوده وقيامه باعباء الامامة ـ وهذان الامران اللذان يتعلقان بالله تعالى وبه نفسه ـ فان الجزء الثالث من الخلق لم يحصل، إذ لم يزل خائفاً مستتراً من الاعداء، فقد ظهر من ذلك ان سبب غيبة الامام هو قوة الظالمين والخوف منهم، على أن لنا أن نقول: ان سلمنا أن هذا ليس بسبب، لكن اذا ثبت انه معصوم لم يفعل قبيحاً ولم يخل بواجب لم يلزم من عدم تعلقنا لعلة غيبته ان لا يكون موجوداً لجواز ان يكون ذلك لمصلحة لا يطلع عليها.(ابن ميثم ـ النجاة في القيامة: 203 ـ 204).


... ان الامام المهدي عليه السلام باق واختفى خشية على نفسه والناس منعوا انفسهم اللطف...(العلامة الحلي ـ كشف الفوائد: 308).


وغيبته عليه السلام ليست من الله لحكمته ولا منه لعصمته فهي من خوفه على رعيته.(البياضي ـ الصراط المستقيم 2: 244).


7 ـ حكمة الغيبة


ومن الحكم في غيبته عجل الله فرجه ولعلها من اهم الحكم والاسرار هو تمحيص المؤمنين بهذه المحنة وابتلاؤهم بهذه الفتنة... والاخبار بهذا المعنى كثيرة وان بطول مدة غيبته يمتاز الايمان الثابت من المستودع والمؤمن الخالص من المغشوش، فهي غربلة وتصفية للمؤمنين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين، روى الصدوق عن الكاظم عليه السلام (اذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم لا يزيلكم عنها أحد يا بني لابد لصاحب هذا الامر من غيبة حتى يرجع عن هذا الامر من كان يقول به إنما هي محنة من الله عزوجل امتحن بها خلقه... يا بني عقولكم تصغر عن هذا واحلامكم تضيق عن حمله).


وفي الاحتجاج في التوقيع الصادر من الناحية المقدسة على يد العمري: (اما علة ما وقع من الغيبة فان الله عزوجل يقول: (يا ايها الذين آمنوا لا تسألوا عن اشياء إن تبد لكم تسؤكم) انه لم يكن أحد من آبائي الا وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، وإني اخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي)....(كاشف الغطاء ـ جنة المأوى: 203 ـ 205).


8 ـ المهدي لحكمة الغيبة


... اذا تقرر امامة صاحب الزمان عليه السلام بالأدلة العقلية والسمعية، واقتضى كونه معصوماً فيما قال وفعل... وجب القطع على حسن ذلك، وسقوط التبعة عنه، واسناده الى وجه حكمي له حسنت الغيبة، ولم يجز لمكلف علم ذلك ان شك في امامته لغيبة، او يرتاب بوجوده لتعذر تميزه ومكانه، لان حصول ذلك عن عذر لا ينافي وجود الغائب، ولا يقدح في امامته الثابتين بالادلة، كما لا يقدح ايلام الانمال وذبح البهائم وخلق المؤذيات في حكمة القديم سبحانه والثابتة بالبرهان، وكذلك خوف النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حال، واستتاره في اخرى ومهادنته في اخرى وتباين ما أتى به من العبادات والاحكام لا ينافي نبوته، ولا يقدح في حجته الثابتين بالادلة....(ابو الصلاح ـ تقريب المعارف: 439 ـ 440، ونحوهُ الطوسي ـ الاقتصاد: 367 ـ 368)


9 ـ العلم بحكمة الغيبة


... ثم يقال للمخالف في الغيبة: اتجوّز ان يكون للغيبة وجه صحيح اقتضاها، ووجه من الحكمة استدعاها، أم لا تجوّز؟ فاذا قال: انا لذلك مجوز، قيل له: فاذا كنت له مجوزاً فكيف جعلت وجود الغيبة دليلاً على انه لا امام في الزمان مع تجويزك ان يكون للغيبة سبب لا ينافي وجود الإمام؟ وهل تجري في ذلك الا مجرى من توصل بايلام الاطفال الى نفي حكمة الصانع تعالى، وهو معترف بانه يجوز ان يكون في ايلامهم وجه صحيح لا ينافي الحكمة.


وان قال: لا اجوّز ان يكون للغيبة سبب صحيح موافق للحكمة، وكيف أجوز ذلك وانا اجعل الغيبة دليلاً على نفي الامام الذي تدعون غيبته، قلنا: هذا تحجر منك شديد فيما لا يحاط بعلمه ولا يقطع على مثله، فمن أين قلت انه لا يجوز أن يكون للغيبة سبب صحيح يقتضيها، ومن هذا الذي يحيط علماً بجميع الاسباب والاغراض حتى يقطع على انتفائها؟ (المرتضى ـ المقنع: 42 ـ 43، تلخيص الشافي للطوسي 4: 211 بتفصيل اكثر).


10 ـ أسباب الغيبة


اما سبب الغيبة فهو إخافة الظالمين له عليه السلام وقبضهم يده عن التصرف فيما جعل اليه التصرف والتدبير له، لان الامام انما ينتفع به اذا كان ممكناً مطاعاً مخلّى بينه وبين أغراضه ليقوم الجناة ويحارب البغاة ويقيم الحدود ويسد الثغور وينصف المظلوم من الظالم وكل هذا لا يتم إلا مع التمكين، فاذا حيل بينه وبين مراده سقط عنه فرض القيام بالإمامة، فاذا خاف على نفسه وجبت غيبته ولزم استتاره، ومن هذا الذي يلزم خائفاً ـ اعداؤه عليه وهم حنقون ـ ان يظهر لهم وان يبرز بينهم؟ والتحرز من المضار واجب عقلاً وسمعاً، وقد استتر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الشعب مرة واخرى في الغار، ولا وجه لذلك الا الخوف من المضار الواصلة اليه... (المرتضى ـ المقنع: 52).


... اما الاستتار والغيبة فسببها اخافة الظالمين له على نفسه، ومن أخيف على نفسه فقد أحوج الى الاستتار، ولم تكن الغيبة من ابتدائها على ما هي عليه الآن، فانه في ابتداء الامر كان ظاهراً لاوليائه غائباً عن اعدائه، ولما اشتد الامر وقوي الخوف وزاد الطلب استتر عن الولي والعدو...(المرتضى ـ تنزيه الانبياء: 233).


... فمن تلك الوجوه اخافة الظالمين له، ومنعهم اياه من التصرف فيها جعل اليه التصرف فيه وخوفه على نفسه من التصرف في ذلك، فاذا حاولوا بينه وبين مراده لم يلزمه القيام بالامامة، ومتى خاف على نفسه لزمه الاستتار والغيبة كاستتار النبي صلى الله عليه وآله وسلم تارة في الشعب وتارة في الغار، إذ من المعلوم أنه لا وجه لذلك الا الخوف على النفس....(الرازي ـ المنقذ 2: 374).


واما سبب خفائه فاما لمصلحة استأثر الله بعلمها او لكثرة العدو وقلة الناصر، لان حكمته تعالى وعصمته عليه السلام لا يجوز معها منع اللطف، فيكون من الغير المعادي وذلك هو المطلوب.(المقداد السيوري ـ شرح الباب الحادي عشر: 52).


والباعث على اختفائه إمّا قوة المخالفين وضعف المؤالفين، أو مصلحة متعلقة بالمؤمنين، أو حكمة غامضة لا يطلع عليها إلا رب العالمين.(ابن مخدوم ـ شرح الباب الحادي عشر: 205).


قال الحلي: واما غيبة الامام عليه السلام فاما لخوفه على نفسه من اعدائه، على اوليائه فلا يظهر عاماً ولا خاصاً، واما لمصلحة خفية استأثر الله تعالى بعلمها.


اقول: { أي المقداد السيوري}: لما دل الدليل على امامته وليس ظاهراً، فوجب أن يكون غائباً، وأما سبب الغيبة فقد ذكر المصنف {الحلي} سببين: 1 ـ أن يكون سبها الخوف على نفسه لكثرة عدوه وقلة ناصره، أو الخوف على أوليائه لو ظهر لهم، فلذلك لا يظهر عاماً لخوفه على نفسه ولا خاصاً لخوفه على أوليائه 2 ـ أن يكون سبب الغيبة مصلحة خفية استأثر الله تعالى بعلمها و{لا} يجب ان تعلم تلك { المصلحة بالتفصيل، لأنا أثبتنا الغيبة وعلمنا أن فعل الحكيم لابد له من علّة علمنا بذلك} إجمالاً وإن لم نعلمه تفصيلاً.(المقداد السيوري ـ ارشاد الطالبين: 377 ـ 378).


... الإمام عندنا موجود في كل زمان، وإنما غاب عنا خوفاً أو لحكم مخفية، وآثاره لم تنقطع عن شيعته في وقت من الأوقات وان لم يشاهده أكثرهم، فان الغرض من الإمامة الأول لا الثاني.(الشهيد الثاني ـ حقائق الايمان: 152 ـ 153).


... سبب غيبة المهدي خوفه، فلو زال ظهر باتفاق أصحاب الحديث وهو ظاهر في التفاسير، ومشهور في التواريخ، ومقرر في العقل، ومذكور في القرآن، ومسطور في النقل والأخبار... وأي فرق بين غيبة القائم عليه السلام، وعدم انتفاع اهل قم منه، وبين حضور الخليفة وعدم انتفاع أهل الشام به؟ فهذا الحضور أسوء من تلك الغيبة....(القزويني ـ النقض: 392 ـ 393).


وغيبته منا هي اما لخوفه على نفسه من اعدائه، أو لخوفه على أوليائه، أو لمصلحة خفية استأثر الله بعلمها، وقد وقعت الغيبة للأنبياء السابقين، والأولياء الصالحين، ولنبينا سيد المرسلين كما خاف وغاب في الغار.(السيد شبر ـ حق اليقين 1: 207).


11 ـ عدم الحاجة الى العلم التفصيلي في سبب الغيبة


إذا علمنا بالسياقة التي ساق اليها الأصلان المتقرران في العقل (أي أصل الإمامة وأصل العصمة): إن الامام ابن الحسن عليهما السلام دون غيره، ورأيناه غائباً عن الأبصار، علمنا ان لم يغب ـ مع عصمته وتعين فرض الإمامة فيه وعليه ـ إلا لسبب اقتضى ذلك، ومصلحة استدعته، وضرورة قادت اليه، وإن لم يعلم الوجه على التفصيل والتعيين، لان ذلك مما لا يلزم علمه، وجرى الكلام في الغيبة ووجهها وسببها على التفصيل مجرى العلم بمراد الله تعالى من الآيات المتشابهة في القرآن التي ظاهرها بخلاف ما دلت عليه العقول من جبر أو تشبيه او غير ذلك، فكما إنا ومخالفينا لا نوجب العلم المفصل بوجوه هذه الآيات وتأويلها، بل نقول كلنا: انا إذا علمنا حكمة الله تعالى، وأنه لا يجوز أن يخبر بخلاف ما هو عليه من الصفات، علمنا على الجملة ان لهذه الآيات وجوهاً صحيحة بخلاف ظاهرها بتطابق مدلول ادلة العقل وإن غاب عنا العلم بذلك مفصلاً، فانه لا حاجة بنا اليه، ويكفينا العلم على سبيل الجملة بان المراد بها خلاف الظاهر وأنه مطابق العقل، فكذلك لا يلزمنا ولا يتعين علينا العلم بسبب الغيبة، والوجه في نقد ظهور الإمام على التفصيل والتعيين، ويكفينا في ذلك علم الجملة التي تقدم ذكرها فان تكلفنا وتبرعنا بذكره فهو فضل منا....(المرتضى ـ المقنع: 41،42، تلخيص الشافي للطوسي 4: 211).


... وإذا ثبتت ووجدنا التكليف قائماً على المكلف كما كان علمنا أن استتاره لشيء يرجع اليهم، لأنه لو لم يرجع اليهم لما حسن تكليفهم ولا يلزمنا أن نعلم ذلك الأمر مفصلاً.(الطوسي ـ الاقتصاد: 368).


... انه لما وجب كون الامام معصوماً علمنا ان غيبته طاعة والا لكان عاصياً ولم يجب علينا ذكر السبب...(ابن ميثم ـ قواعد المرام: 190).


إن استتاره... فيه مصلحة خفية لا نعلمها نحن اما من الخوف على نفسه أو لأمر آخر غير معلوم لنا على التفصيل.(العلامة الحلي ـ مناهج اليقين: 482).


وليس على العباد أن يبحثوا عن أمور الله ويقفوا أثر ما لا علم لهم به ويطلبوا إظهاره، ما ستره الله عليهم وغَيّبهُ عنهم، قال الله تعالى لرسوله: (ولا تقف ما ليس لك به علم)، فليس يجوز لمؤمن ولا مؤمنة طلب ما ستره الله، ولا البحث عن اسمه وموضعه، ولا السؤال عن أمره ومكانه حتى يؤمروا بذلك، إذ هو عليه السلام غائب خائف مغمور مستور بستر الله من متبع لأمره عزوجل ولأمر آبائه، بل البحث عن اُمره وطلب مكانه، والسؤال عن حاله وامره محرم لا يحل ولا يسع لأن في طلب ذلك واظهار ما ستره الله عنا وكشفه، وإعلان أمره والتنويه باسمه معصية لله، والعون على سفك دمه عليه السلام ودماء شيعته، وانتهاك حرمته....(الاشعري ـ المقالات والفرق: 104).


واما علة الغيبة فلم نكلف بعلمها وقد ورد عنه عليه السلام في التوقيع جواباً لمن سأل عن علة الغيبة: (لا تسألوا عن اشياء إن تبدلكم تسؤكم وقد سألها قوم من قبلكم ثم اصبحوا بها كافرين) المائدة: 101 (السيد شبر ـ حق اليقين 1: 270).


ولا يلزمنا العلم بذلك الوجه على التفصيل لانه لا فرق في العلم بحسن الشيء بين ان يعلم وجه حسنه معيناً وبين أن يعلم استناده إلى إخبار من لا يجوز عليه فعل القبيح، ولهذا قضينا بالحسن على جميع ما فعله القديم تعالى وكلفه ودعى اليه الرسول وفعله.(ابن زهرة ـ غنية النزوع 2: 216).


والقول الفصل أنّه إذا قامت البراهين في مباحث الإمامة على وجوب وجود الإمام في كل عصر، وأن الأرض لا تخلو من حجة وأن وجوده لطف وتصرفه لطف آخر فالسؤال عن الحكمة ساقط والادلة في محالها على ذلك متوفرة.(كاشف الغطاء ـ اصل الشيعة: 228).


12 ـ لماذا لم ينصره الشيعة


... ليس لاحد ان يقول: فما بال الموجودين من شيعته الذين قد ملأوا الارض لم ينصروه على أعدائه وما باله هو لم يظهر منتصراً بهم؟


لانه ليس كل متدين بامامته عليه السلام يصلح للحرب وينهض نعت القتال ويقوى على مجالدة الاقران ولا كلّ مقتدر على ذلك يوثق منه بنصرة الحق وبذل النفس والاموال والحميم. وكيف يظن ذلك من يعلم ضرورة كون اكثر الشيعة ذوي مهن وضعف عن الانتصار من أضعف الظالمين، ومن لا يثبت الجمع الكثير منهم كواحد من أتباع المتغلبين، ومن يظن به النصرة من نفسه من شيعة الحجة عليه السلام لكونه ممارساً لالآت الحرب مخالطاً لاصحاب الدول هو تبع للضلال، وباذل نفسه في نصرة الفجار، ومعونتهم على مظالم العباد، ومن يرجى معونته بما له من ذوي اليسار منهم معلوم كونه أو معظمهم مانعاً لما يجب للحجة عليه في ماله من حقوق الخمس والأنفال التي لو أخرجوها لأوشك ظهور الحجة عليه السلام لتمكنه بها من الإنتصار... فلو فعل المكلفون أو أكثرهم، أو من يصح به الإنتقام من الباقين ما يجب عليه مما ذكرناه، لظهر الحجة وغلب كلمة الحق، ولما لم يفعلوا ما يستطيعونه من تكليفهم ثبت تقصير كل منهم، وكونه مستحقاً للوزر وإخلاله بالواجب عليه وتأثيره في غيبة الحجة كتأثير العدو المعلن، وإذا لحق أكثر الأولياء بحكم الأعداء في تسبيب الغيبة سقط الاعتراض بكثرتهم...(ابو الصلاح ـ تقريب المعارف: 441 ـ 442).


وقد سقط بما قدمناه سؤال من يقول: ألاّ ظهر إمام الزمان عليه السلام منتصراً لشيعته ففي بعضهم نصرته، وألاّ قاموا بنصرته حتى يظهر مع ما هم عليه من الكثرة؟ لأن ظهوره إذا كان متعلقاً بحصول أمنة وكان زمان الامن منصوصاً له عليه على ما بيّناه، لم يبق لهذا السؤال وجه، علي أنّ المعلوم من حال الأكثر من شيعته إنهم لا يصلحون للحرب على نفسه ولا ينهضون بعبأ القتال ومن يصلح منهم لذلك غيرموثوق به في نصرته عليه السلام التي لا يمكن الا ببذل النفس والمال وهجر الأهل والأوطان، وكيف يوثق بهم فيما ذكرناه مع عظيم مشقته وهم من الإخلال بما هو دون ذلك في المشقة من التكاليف والواجبات على ما قد علمناه، وبهذا يسقط قول السائل: (ألاّ قاموا بنصرته؟) لأن أقصى ما في ذلك أن يكون القيام بنصرته واجباً عليهم، فما المنكر من إخلالهم به كإخلالهم بغيره من الواجبات؟ على إنا نعلم أن من يصلح من شيعته لا يساوي في الكثرة أعداءه بل يقصر عنهم، ولا يقاربهم لانهم جميع ارباب الدول والمماليك التي يظهر لإزالتها، فكيف يلزمهم القيام بنصرته والأمر على ما ذكرناه؟ وكل هذا بين لمن تأمله بعين الانصاف. (ابن زهرة ـ غنية النزوع 2: 220 ـ 221).


13 ـ المصلحة لوجود الامام


فان قيل: اذا كان الخوف قد اقتضى ان المصلحة في استتاره وتباعده فقد تغيرت الحال اذاً في المصلحة بالإمام، واختلف وصار ما توجبونه من كون المصلحة مستمرة بوجوده وأمره ونهيه مختلفاً على ما ترون وهذا خلاف مذهبكم.


الجواب: قلنا المصلحة التي توجب استمرارها على الدوام بوجوده وأمره ونهيه انما هي للمكلفين، وهذه المصلحة ما تغيرت ولا تتغير، وانما قلنا ان الخوف من الظالمين اقتضى ان يكون من مصلحته هو عليه السلام في نفسه الاستتار والتباعد، وما يرجع الى المكلفين به لم يختلف، ومصلحتنا وإن كانت لا تتم الا بظهوره وبروزه، فقد قلنا إن مصلحته الآن في نفسه في خلاف الظهور وذلك غير متناقض، لان من أخاف الإمام وأحوجه الى الغيبة، وإلى أن يكون الاستتار من مصلحته قادر على أن يزيل خوفه فيظهر ويبرز ويصل كل مكلف الى مصلحته، والتمكن مما يسهل سبيل المصلحة تمكن من المصلحة، فمن هذا الوجه لم يزل التكليف الذي به الامام لطف فيه عن المكلفين بالغيبة منه والاستتار، على أن هذا يلزم في النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما استتر في الغار وغاب عن قومه بحيث لا يعرفونه، لأنا نعلم أن المصلحة بظهوره وبيانه كانت ثابتة غير متغيرة، ومع هذا الحال فان المصلحة له في الاستتار والغيبة عند الخوف ولا جواب عن ذلك، وبيان أنه لا تنافي ولا تناقض الا بمثل ما اعتمدناه بعينه.(المرتضى ـ تنزيه الانبياء: 234 ـ 235).


14 ـ إمكان ظهور الامام بحيث لا يمسه الظلم


فان قيل: إن كان خوف ضرر الاعداء هو الموجب للغيبة أفلا اظهره الله تعالى في السحاب، وبحيث لا تصل اليه أيدي اعدائه فيجمع الظهور، والأمان من الضرر؟


قلنا: هذا سؤال من لا يفكر فيما يورده، لأن الحاجة من العباد إنما تتعلق بإمام يتولى عقاب جناتهم، وقسمة أموالهم، وسد ثغورهم، ويباشر تدبير أمورهم، ويكون بحيث يحل ويعقد ويرفع ويضع، وهذا لا يتم الا مع المخالطة والملابسة، فاذا جعل بحيث لا وصول إليه ارتفعت جهة الحاجة إليه فصار ظهوره للعين كظهور النجوم الذي لا يسدّ منا خللاً، ولا يرفع زللاً، ومن احتاج في الغيبة الى مثل هذا السؤال فقد أفلس ولم تبق فيه مسكة.(المرتضى ـ المقنع: 57 ـ 58).


15 ـ تمكين الله الناس لإمامته


ان قلت: ان الله تعالى قادر على ان يكثر اوليائه ويحملهم على طاعته ويقلل اعداءه ويقهرهم على طاعته فحيث لم يفعل كان مخلاً بالواجب.


قلت: لما كان ذلك مؤدياً الى الجبر المنافي للتكليف لم يفعله الله تعالى، فقد ظهر أن نفس وجود الإمام لطف وتصرفه لطف آخر، وعدم الثاني لا يلزم منه عدم الأول، فتكون الإمامة لطفاً مطلقاً وهو المطلوب.(مقداد السيوري ـ ارشاد الطالبين: 331 ـ 332).


16 ـ وجوب خلق الأنصار له


قالوا: اذا كان الامام لطفاً واجباً عليه تعالى وجب أن يخلق له أنصاراً ولما لم يخلق بطلت لطفيته.


قلنا: لا يتم لكم ذلك وعندكم لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.


قالوا: لم لا يخلق له خلقاً يطيعونه ويسقط عنهم التكليف وينفعهم بالاعواض.


قلنا: يلزم الالجاء فيستغني عن الامام إذ لم يبق من يكون الامام لطفاً لهم.(البياضي ـ الصراط المستقيم 2: 226).


17 ـ لماذا لم يحفظه الله من القتل


فان قيل: ألا جز من الله تعالى الامام من الاعداء، وأظهره ليدبر امورهم، هل بتضييق قدرته عن حفظه منهم حتى لا ينالوه بسوء؟


قلنا: الله تعالى قادر على كل شيء، وما ليس بمقدور في نفسه لا يوصف بالقدرة عليه، وقد منع الله تعالى امام الزمان عليه السلام، وحفظه من الاعداء بكل ما لا ينافي التكليف من النهي والامر والوعظ والزجر، فاما ما ينافي التكليف وموجب الالجاء، فلا يجوز ان يفعله والحال حال التكليف.(المرتضى ـ الذخيرة: 422، الطوسي ـ تلخيص الشافي 1: 81 ـ 82).


... الحراسة والعصمة من المخافة على ضربين: فمنها ما لا ينافي التكليف، ولا يخرج المكلف الى حد الالجاء، وهذا القسم قد فعله الله تعالى على ابلغ الوجوه وحرس الامام بالحجة وايده ونصره بالادلة، وأمّا القسم الآخر فهو ما نافي التكليف، وأخرج من استحقاق الثواب والعقاب، وألزامنا هذا القسم من عجيب الأمور، لان الامام انما يحتاج اليه للمصلحة في التكليف، فكيف يجمع بينه وبين ما نافاه ونافى التكليف... (المرتضى ـ الشافي 3: 150 ـ 151) كل منع لا يؤدي الى زوال التكليف والالجاء، فان الله تعالى قد فعل به من الامر بطاعته وايجاب نصرته وامتثال امره ونهيه، فاما ما يمنع من التكليف ـ من الحيلولة بينه وبينهم ـ وما يجري مجراه، فان ذلك يمنع التكليف منهم.(شرح جمل العلم ـ المرتضى: 229).


... ان هذا {أي الاظهار والحفظ من قبل الله تعالى} وإن كان مقدوراً له تعالى، ولكن المصلحة في غيره لوقوفها على اختيار المكلف دون إلجائه كسائر المعارف العقلية والتكاليف الشرعية المتعلق كونها مصلحة بفعل المكلف دون مكلفه سبحانه، وتكليفه الضروري ثابت وان فقد لطفه لتعلق فقدانه به دون القديم سبحانه، فكما أن سؤال من قال هلا فعل الله العلم الضروري بجملة المعارف للكفار، واضطر الكل الى فعل الشرعيات، وترك قبائحها لتتم المصلحة ويحسن تكليفهم هذه المعارف والشرائع لطف فيه ساقط، فكذلك سؤال من قال: هلا جبر الله تعالى الرعية على طاعة الرئيس ومنعهم من ظلمه اذ كان العذر في الموضعين واحداً. (ابو الصلاح ـ تقريب المعارف: 443).


18 ـ لماذا لم يظهر مع حفظ التقية حتى لا يقتل


فان قيل: هلا ظهر كظهور آبائه لا بالسيف... ويدعي الامامة، بل بان يلزم بيته والتقية فينتفع الخلق به بعض الانتفاع بان يفيدهم... كصنيع الصادق والباقر عليهما السلام؟


قلنا: لو ظهر كذلك وعرف انه ابن العسكري مع ما قد اشتهر فيما بين شيعته، وعرفه المخالفون من مذهب شيعته انه الذي يزيل الظلم ويقهر الملوك ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً... لقصده اعدائه وقتلوه، وعاملوه بما عاملوا به جده الحسين عليه السلام... أليس فرعون لما قيل له وبلغه انه سيظهر في بني اسرائيل رجل يغلبك ويقهرك، ويكون هلاكك وزوال ملكك على يده اجتهد في البحث عن حاله ونصب عيوناً... فكان يذبح ابناءهم..(الرازي ـ المنقذ 2: 375 ـ 376).


19 ـ سبب غيبته


وعن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: سمعت الصادق عليه السلام يقول: إن لصاحب هذا الامر غيبة لابد منها، يرتاب فيها كل مبطل، قلت له: ولم، جعلت فداك؟


قال: لامر لا يؤذن لي في كشفه لكم، قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟


قال: وجه الحكمة في غيبته، وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف الا بعد ظهوره، كما لم ينكشف وجه الحكمة لما اتاه الخضر عليه السلام من خرق السفينة وقتل الغلام واقامة الجدار لموسى عليه السلام الى وقت افتراقهما. يابن الفضل إن هذا الامر أمر من الله وسر من سر الله وغيب من غيب الله، ومتى علمنا أنه عزوجل حكيم صدقنا بأن افعاله كلها حكمة وإن كان وجهها غير منكشف.(احمد بن علي الطبرسي، الاحتجاج: 303، اكمال الدين 2 / 481 ب 44 برقم 11، حلية الأبرار 2 / 589).


20 ـ سبب عدم ظهوره


روى عن جعفر بن محمد صلوات الله عليه انه لو اجتمع للإمام عدة اهل بدر ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً لوجب عليه الخروج بالسيف.


والشيعة وان كانت في وقتنا كثيراً عددها حتى تزيد على عدة اهل بدر أضعافاً مضاعفة، ولكن العدد المطلوب عند الحجة مشروط بالشجاعة، والصبر على اللقاء، والاخلاص في الجهاد، وايثار الآخرة على الدنيا، ونقاء السرائر من العيوب، وصحة العقول، وليس كل الشيعة بهذه الصفة، ولو علم الله تعالى ان في جملتهم العدد المذكور على ما شرطناه، لظهر الامام صلوات الله عليه لا محالة، ولم يغيب بعد اجتماعهم طرفة عين.(الشيخ المفيد، الرسالة الثالثة في الغيبة، ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 7 / 11، 12).


21 ـ سبب غيبته وعدم ظهوره


لا يجب على الامام المهدي الظهور إن ادعى ظهوره الى قتله ليكون البرهان له ويزول الشك في وجوده، وذلك كما لا يجب على الله تعالى معالجة العصاة بالنقمات، واظهار الايات في كل وقت متتابعات، وان كنا نعلم انه لو عاجل العصاة لكان البرهان على قدرته اوضح والأمر في نهيه أوكد، والحجة في قبح خلافه أبين، ولكان بذلك الخلق عن معاصيه ازجر.


فالقول في هذا الباب مثله على انه لا معنى لظهور الامام في وقت يحيط العلم به بأن ظهوره منه فساد، وانه لا يؤول الى اصلاح، وانما يكون ذلك حكمة وصواباً اذا كانت عاقبته الصلاح، ولو علم عليه السلام ان في ظهوره صلاحاً في الدين مع مقامه في الهلاك، أو هلاكه وهلاك جميع شيعته وانصاره لما ابقاه طرفة عين، ولا فتر عن المسارعة الى مرضاة الله جل اسمه، لكن الدليل على عصمته كاشف عن معرفته لرد هذه الحال عند ظهوره في هذا الزمان بما قدمناه من ذكر العهد اليه، ونصب الدلائل والحد والرسم المذكورين له في الافعال.(الشيخ المفيد، الرسالة الثالثة في الغيبة، ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 7/13،14).


22 ـ سبب استتاره


إن اختلاف حالة صاحب الزمان وآبائه عليه وعليهم السلام فيما يقتضيه استتاره اليوم وظهوره، اذ ذاك يقضي بطلان ما توهمه الخصم من سهولة هذا الزمان على صاحب الامر عليه السلام وصعوبته على آبائه صلوت الله عليهم فيما سلف، وقلة خوف اليوم وكثرة خوف آبائه فيما سلف، وذلك انه لم يكن احد من آبائه عليهم السلام كلف القيام بالسيف مع ظهوره، ولا الزم بترك التقية، ولا الزم الدعاء الى نفسه حسبما كلفه امام زماننا، هذا بشرط ظهوره عليه السلام وكان من مضى من آبائه صلوات الله عليهم قد أبيحوا التقية من اعدائهم، والمخالطة لهم والحضور في مجالسهم، واذاعوا تحريم اشهار السيوف على انفسهم، وخطر الدعوة اليها.


واشاروا الى منتظر يكون في آخر الزمان منهم يكشف الله به الغمة، ويحيى ويهدي به الامة لا تسعه التقية عند ظهوره ينادي باسمه في السماء الملائكة الكرام، ويدعوا الى بيعته جبريل وميكائيل في الانام، وتظهر قبله امارات القيامة في الارض والسماء، ويحيا عند ظهوره اموات، وتروع ايات قيامه، ونهوضه بالامر الابصار.


فلما ظهر ذلك في السلف الصالح من آبائه عليهم السلام، وتحقق ذلك عند سلطان كل زمان وملك كل اوان، وعلموا انهم لا يتدينون بالقيام بالسيف، ولا يرون الدعاء الى مثله على احد من اهل الخلاف، وإن دينهم الذي يتقربون به الى الله عزوجل التقية، وكف اليد وحفظ اللسان، والتوفر على العبادات، والانقطاع الى الله عزوجل بالاعمال الصالحات امنوهم على انفسهم مطمئنين بذلك الى ما يدبرونه من شأنهم، ويحققونه من دياناتهم، وكفوا بذلك عن الظهور والانتشار، واستغنوا به عن التغيب والاستتار.


ولما كان امام هذا الزمان عليه السلام هو المشار اليه بسل السيف من اول الدهر في تقادم الايام المذكورة، والجهاد لاعداء الله عند ظهوره، ورفع التقية عن اوليائه والزامه لهم بالجهاد، وانه المهدي الذي يظهر الله به الحق، ويبيد بسيفه الضلال، وكان المعلوم انه لا يقوم بالسيف الا مع وجود الانصار واجتماع الحفدة والاعوان، ولم يكن انصاره عليه السلام عند وجوده متهيئين الى هذا الوقت موجودين، ولا على نصرته مجتمعين، ولا كان في الارض من شيعته طرأ من يصلح للجهاد، وان كانوا يصلحون لنقل الاثار، وحفظ الاحكام والدعاء له بحصول التمكن من ذلك الى الله عزوجل لزمته التقية، لانه لو ظهر بغير اعوان لا لقى بيده الى التهلكة، ولو ابدى شخصه للاعداء لم يألوا جهداً في ايقاع الضرر به، واستئصال شيعته واراقه دمائهم على الاستحلال، فيكون في ذلك أعظم الفساد في الدين والدنيا، ويخرج به عليه السلام عن احكام الدين وتدبير الحكماء.(الشيخ المفيد ـ الرسالة الرابعة في الغيبة ـ ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 7/ 11 ـ 13).


23 ـ سبب الغيبة ووظيفة الأنام


حكم المسترشدين في زمن الغيبة مع استتار الامام المهدي نقول: انما يجب على الامام المهدي القيام فيما نصب له مع التمكن من ذلك والاختيار، وليس يجب عليه شيء لا يستطيعه، ولا يلزمه فعل الايثار مع الاضطرار، ولم يُؤت الامام في التقية من قبل الله عزوجل، ولا من جهة نفسه واوليائه المؤمنين، وانما اتي ذلك من قبل الظالمين الذين اباحوا دمه ودفعوا نسبه، وانكروا حقه، وحملوا الجمهور على عداوته ومناصبه القائلين بامامته. وكانت البلية فيما يضيع من الاحكام، ويتعطل من الحدود، ويفوت من الصلاح، متعلقة بالظالمين، وامام الانام بريء منها وجميع المؤمنين.


واما الممتحن بحادث يحتاج الى علم الحكم فيه نقد وجب عليه ان يرجع في ذلك الى العلماء من شيعة الامام، وليعلم ذلك من جهتهم بما استودعوه من أئمة الهدى والمتقدمين.


وإن عدم ذلك ـ والعياذ بالله ـ ولم يكن فيه حكم منصوص على حال فيعلم انه على حكم العقل، لانه لو اراد الله ان يتعبد فيه بحكم سمعى لفعل ذلك، ولو فعله لسهل السبيل اليه.


وكذلك القول في المتنازعين يجب عليهم رد ما اختلفوا فيه الى الكتاب والسنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جهة خلفائه الراشدين من عترته الطاهرين، ويستعينوا في معرفة ذلك بعلماء الشيعة وفقهائهم، وهذا مع غيبة الإمام، ولو كان الإمام ظاهراً ما وسعه غير الرد اليه والعمل على قوله.(الشيخ المفيد، الرسالة الاولى في الغيبة، ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 7/14، 15).


24 ـ لماذا لم يظهر في الدول الشيعية


اعترض صاحب فضائح الروافض بأنّ المهدي لماذا لم يظهر في عهد الديالمة الشيعة؟


اجاب القزويني: انه عليه السلام خاف إن ظهر فعل به ملوك الديالمة الشيعة ما فعل اهل السنة بالمسترشد والراشد حيث قتلا مع كثرة اهل السنة... فالمهدي يعلم ان الشيعة تصنع معه ما صنع اهل السنة بالخلفاء... على ان غيبة الامام مصلحة من قبل الله تعالى وظهوره: باذن الله تعالى. (القزويني ـ النقض: 474 ـ 475).


/ 27