سَتُدْعَوْنَ إلَى قَوْم أُولِي بَأْس شَدِيد تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ ) الاية ، لانه هو الذي باشر قتال بني حنيفة الذين كانوا من أشد الناس حين ارتدوا .
وقوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الاَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ) الاية ، وقد مكن الاسلام بأبي بكر وعمر فكانا خليفتين حقّين ، لوجود صدق وعد الله تعالى .
وما صح من قوله (صلى الله عليه وسلم) : « الخلافة بعدي ثلاثون » ، وفي بعض الروايات : « خلافة رحمة » ، وفي بعضها : « خلافة النبوة » .
14 ـ وما صح من أمره (صلى الله عليه وسلم) أبا بكر في مرض موته بامامة الناس ، وهذا التقديم من أقوى امارات حقيقة خلافة الصديق ، وبه استدل أجلاء الصحابة كعمر وأبي عبيدة وعلي (رضي الله عنهم أجمعين) .
فهذه وما شاكلها تسوّد وجوه الرافضة والفسقة المنكرين خلافة الصديق (رضي الله عنه)(1) .
(1) رسالة في الردّ على الرافضة : 9 ـ 12 .
تناقض النصوص
إن القارئ إذا أمعن النظر في هذه النصوص التي نسبت إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) زوراً وبهتاناً ، على أنها النصوص الدامغة ـ على خلافة الخلفاء الثلاثة الاولين ـ يستطيع أن يلاحظ بكل جلاء أنها تناقض بعضها البعض ، ويكذبها الواقع وسير الحوادث التاريخية في عصر صدر الاسلام ، وآثار الوضع واضحة عليها .
إن من الامور المتسالم عليها عند جمهور أهل السنة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)لم يوص بالخلافة إلى أحد من بعده ، بل وهم يستندون في ذلك إلى مقولات صدرت عن خلفائهم وبخاصة الشيخين أبي بكر وعمر للاستدلال على عدم استخلاف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أحداً من بعده ، فهم ينقلون عن أبي بكر أنه تمنى عند موته لو كان سأل النبي عن ثلاث ، إحداها قوله : ليتني كنت سألته هل للانصار في هذا الامر نصيب(1) .
وتمنى عمر بن الخطاب ذلك أيضاً بقوله : ثلاث لان يكون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بينهن لنا أحب إلي من الدنيا وما فيها : الخلافة
(1) تاريخ الطبري 3/431 وغيره من المصادر .