رجل بطلاق امرأته على أن كل ما في الصحيحين هو من أقوال وأفعال وتقرير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يحنث ، وأن من روى له البخاري فقد جاز القنطرة(1) ... . وقد تبين ممّا سبق أن هذا الاعتقاد فيه الكثير من الغلو والشطط ـ بعد ما تبين حال بعض الرواة والروايات التي ذكرناها ـ وسيأتي المزيد مما يثبت أن الصحاح هي كأيّ كتاب آخر فيها الغث والسمين . وتبعاً لذلك فلو آخذ الشيعة أهل السنة بكل رواية وردت في كتبهم وصحاحهم وادعوا ضلالتهم تبعاً لذلك ، لانفتح على أهل السنة باب يستحيل غلقه ، ولكن الشيعة لا يفكرون بمثل عقلية الشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيره من المتعصبين الذين يضللون المسلمين ويتهمون مخالفيهم بالفسق والكفر وغير ذلك ، وهم إذ يستشهدون ببعض الروايات التي في كتب أهل السنة وصحاحهم ، فهي من باب إقامة الحجة عليهم بما عندهم ، ولتنبيه إخوانهم من أهل السنة إلى المحاولات التي تبذلها بعض الجهات الحاقدة التي تريد أن تفرق شمل المسلمين وتضعف شوكتهم بالقاء البغضاء فيما بينهم .
(1) مقدمة فتح الباري : 381 .
وإن من المؤسف حقاً أن نجد بعض البسطاء يتأثرون بهذه المحاولات ، حتى تحول الامر إلى عداء مستحكم بين المسلمين أثلج صدور أعدائهم الذين وجدوا في بث الفرقة بين المسلمين أفضل وسيلة لمحاربتهم وإضعافهم . أما فيما يتعلق بالصحابة ـ وهو موضوع في غاية الحساسية ـ فان الشيعة ينظرون إليهم بأُسلوب عقلاني لا يخالف كتاب الله ولا سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والشواهد التاريخية تثبت صحة نظرية الشيعة فيما يتعلق بالصحابة ، وسوف نحاول أن نبين موقف القرآن الكريم ومن ثم السنة النبوية الشريفة والتاريخ من الصحابة ـ بالاعتماد على مصادر أهل السنة ـ حتى يتبين لكل ذي بصيرة أن الشيعة لا يقولون في الصحابة ما يخالف الكتاب والسنة والواقع . الصحابة في القرآن لقد استشهد الشيخ ابن عبد الوهاب بجملة من الايات الكريمة للتدليل على عدالة الصحابة ، لكنه أغفل أُموراً عديدة : منها : إنه أَخذ من تفاسير هذه الايات ما يوافق غرضه وأعرض عن غيرها . ومنها : لقد وردت في القرآن الكريم آيات عديدة توضح