فأمّا قول القائل :
وقد أُثير العَيهمانَ الرَّاقدا
فيقولون : إنّه الذي لا يُدلج ، ينام على ظَهْرِ الطَّريق .
عهن : العين والهاء والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على لِين وسُهولة وقِلّة غذاء في الشَّيء .
قال الخليل : العاهن : المال الذي يتروَّح على أهله ، وهو العتيد الحاضر . يقال : أعطاه من عاهِنِ مالِه . وأنشد :
فقتلٌ بقتلانا وسَبْيٌ بسَبْيِنا
ومالٌ بمال عاهن لم يفرَّقِ
ومالٌ بمال عاهن لم يفرَّقِ
ومالٌ بمال عاهن لم يفرَّقِ
قال الشَّيبانيّ : العاهن : العاجل : يقال : ما أَعْهَن ما أتاك . قال : ويقولون : أبعاهِنّ بعتَ أم بِدَين . قال ابنُ الأعرابيّ : يقال عاهن ، إذا كان في يدك تَقدِر عليه ، وقد عَهِنَ يَعْهَنُ عُهوناً ، وأنشد للشاعر :
ديارُ ابنةِ الضَّمريِّ إذ وصل حبلها
متينٌ وإذ معروفها لك عاهن
متينٌ وإذ معروفها لك عاهن
متينٌ وإذ معروفها لك عاهن
أي حاضرٌ مقيم. قال أبو زيد: عَهَنَ من فلان خَيْرٌ أو خَبَر ـ أنا أشكُّ في ذلك ـ يعهَنُ عُهوناً ، إذا خرج منه . قال النَّضر : يقال : اعْهِنْ له أي عَجِّلْ له . وقد عَهَنَ له ما أراد . قال ابن حبيب : يقال يُلقِي الكلامَ على عواهنه ، إذا لم يبال كيف تكلَّم . وهذا قياسٌ صحيح ، لأنَّه لا يقوله بتحفُّظ وتثبُّت . وربّما قالوا : يرمي الكلام على عواهنه ، إذا قاله بما أدّاه إليه ظنُّه من دون يقين . وهو ذلك المعنى .
ومن هذا الباب : قضيبٌ عاهن؛ أَي متكسِّر مُنْهصِر . ويقال : في القضيب عُهْنَةٌ ، وذلك انكسارٌ من غير بَيْنُونة إذا نظرتَ إليه حسبتَه صحيحاً ، وإذا هززتَه انثنَى . ويقال للفقير : عاهنٌ من ذلك . وربّما قالوا عَهَنْتُ القضيب أَعْهِنُه عَهْناً . فأمّا الذي يُحْكى عن أبي الجرّاح أنّه قال : عَهَنْت عواهن النخل ، إذا يَبِسَت تَعْهِنُ عُهوناً ، فغلَط ، لأنَّ القياس بخلاف ذلك . قال ابن الأعرابيّ : عواهن النخل : ما يلي قُلْبَ النَّخلة من الجريد . وهذا أصحُّ من الأوّل . وروي عن النبيّ عليه الصلاة والسلام أنّه قال لبعض أصحابه : « ائتني بسَعَف واجتنب العواهن »؛ لأنّها رطبة . قال بعض أهل اللُّغة : أهل الحجاز يسمُّون السَّعَفات التي تلي القِلَبَة : العواهن؛ لأنَّها رطبةٌ لم تشتدّ . فأمّا قولهم إنّ العاهن : الحابس ، وإنشادهم للنابغة :
أقول لها لمّا ونت وتخاذلتْ
أجِدِّي فما دون الجَبا لك عاهنُ
أجِدِّي فما دون الجَبا لك عاهنُ
أجِدِّي فما دون الجَبا لك عاهنُ
فهو عندنا غلطٌ ، وإنَّما معناه على موضوعِ القياس الذي قسمناه ، أنّ ما دون الجَبا ممكن غير ممنوع؛ أَي السَّبيل إليه سهل . ويكون « ما » في معنى اسم .
ومن الباب إن كان صحيحاً ما رواه ابنُ السِّكّيت ، أنّ العواهنَ : عروقٌ في رحم النّاقة . وأنشَدَ لابن الرِّقاع :
أوْكَتْ عليها مَضِيقاً من عواهنها
كما تَضَمَّنَ كَشْحُ الحُرّة الحَبَلا
كما تَضَمَّنَ كَشْحُ الحُرّة الحَبَلا
كما تَضَمَّنَ كَشْحُ الحُرّة الحَبَلا
كأنّه شبّه تلك العروقَ بعواهن النَّخل . وأمّا العِهْن ، وهو الصُّوف المصبوغ ، فليس ببعيد أن يكون من القياس؛ لأنَّ الصَّـِبْغَ يليّنه . والله أعلم .
عوج : العين والواو والجيم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على مَيَل في الشَّيء أو مَيْل ، وفروعُه ترجع إليه .
قال الخليل : العَوْج : عطفُ رأسِ البعير بالزِّمام أو الخِطام . والمرأة تَعُوج رأسَها إلى ضجيعها . قال ذُو الرُّمَّة :
خليليّ عُوجا بارَكَ الله فيكما
على دارِ ميٍّ من صُدور الرَّكائب
على دارِ ميٍّ من صُدور الرَّكائب
على دارِ ميٍّ من صُدور الرَّكائب
وقال :
حتّى إذا عُجْن من أجيادهنّ لنا
عَوْجَ الأخِشَّة أعناقَ العناجيجِ
عَوْجَ الأخِشَّة أعناقَ العناجيجِ
عَوْجَ الأخِشَّة أعناقَ العناجيجِ
يعني عطفَ الجواري أعناقَهنّ كما يَعطِف الخِشاش عُنقَ النّاقة . وكلُّ شيء تعطفه تقول : عُجْتُه فانعاج . قال رؤبة :
وانعاجَ عُودِي كالشَّظيفِ الأخْشَنِ
قال الخليل : والعَوَج : اسمٌ لازم لما تراه العُيون في قَضيب أو خشَب أو غيرِه وتقول : فيه عَوَجٌ بيِّنٌ . والعَوَج : مصدر عَوِج يَعْوَج عِوَجاً . ويقال : اعوجَّ يعوجُّ اعوِجاجاً وعَوَجاً . فالعَوَج مفتوح في كلِّ ما كان منتصِباً كالحائط والعُود ، والعِوَج ما كان في بساط أو أمر نحو دين ومَعاش . يقال منه عودٌ أعوجُ بيِّن العَوَج . والنَّعت أعوج وعَوْجاء ، والجمع عُوجٌ . والعُوج من الخيل : التي في أرجلها تحْنيب . وأمّا الخيل الأعوجيَّة فإنّها تُنسَب إلى فرس سابق كان في الجاهليّة ، والنِّسبة إليه أعوجيّ . ويقال : هو من بنات أعوج . وقال طفيل :
بَنات الوجيهِ والغُراب ولاحق
وأعوج تَنْمي نِسبةَ المتنسِّبِ
وأعوج تَنْمي نِسبةَ المتنسِّبِ
وأعوج تَنْمي نِسبةَ المتنسِّبِ
ويمكن أن يكون سمِّي بذلك لتحْنيب كان به . وأمّا قولُهم : ناقةٌ عاجٌ ، وهي المِذعان في السَّير اللِّيِّنة الانعطاف ، فمن الباب أيضاً . قال ذو الرُّمّة :
تَقَدَّى بي الموماةَ عاجٌ كأنَّها
أمامَ المطايا نِقْنِقٌ حين تُذعَر
أمامَ المطايا نِقْنِقٌ حين تُذعَر
أمامَ المطايا نِقْنِقٌ حين تُذعَر
وإذا عطفوها قالوا : عاجِ عاجِ .
عود : العين والواو والدال أصلان صحيحان ، يدلُّ أحدهما على تثنية في الأمر ، والآخر جنسٌ من الخشب .
فالأوَّل : العَوْد ، قال الخليل : هو تثنية الأمر عوداً بعد بَدْء . تقول : بدأ ثُمَّ عاد . والعَوْدة : المَرّة الواحدة . وقولهم عادَ فلانٌ بمعروفِه ، وذلك إذا أحسَنَ ثمّ زاد . ومن الباب العِيادة : أن تعود مريضاً . ولآل فلان مَعادةٌ؛ أَي أمر يغشاهم النّاسُ له . والمَعاد : كلّ شيء إليه المصير . والآخرة مَعادٌ للناس . واللهُ تعالى المبدِئ المُعيد ، وذلك أنّه أبدأ الخلْقَ ثمّ يُعيدهم . وتقول : رأيتُ فلاناً ما يبدئ وما يعيد؛ أَي ما يتكلّم ببادئة ولا عائدة . قال عبيد :
أقفر من أهله عبيدُ
فاليومَ لا يُبدِي ولا يُعيدُ
فاليومَ لا يُبدِي ولا يُعيدُ
فاليومَ لا يُبدِي ولا يُعيدُ
والعِيد : ما يعتاد من خَيال أو هَمٍّ . ومنه المعاوَدَة ، واعتياد الرَّجل ، والتَّعوُّد . وقال عنترةُ يصف ظَلِيماً يعتاد بيضَهُ كلَّ ساعة :
صَعْل يعود بذِي العُشَيرةِ بيضَهُ
كالعبد ذي الفَرْوِ الطّويلِ الأصلمِ
كالعبد ذي الفَرْوِ الطّويلِ الأصلمِ
كالعبد ذي الفَرْوِ الطّويلِ الأصلمِ
ويقولون : أعادَ الصّلاةَ والحديثَ . والعادة : الدُّرْبة . والتَّمادِي في شيء حتَّى يصير له سجيّةً . ويقال للمواظب على الشَّيء : المُعاوِد . وفي بعض الكلام : « الزموا تُقَى الله تعالى واستَعيدوها »؛ أَي تعوَّدوها . ويقال في معنى تعوَّد : أعادَ . قال :
الغَرب غَربٌ بقَرِيٌّ فارضُ
لا يستطيع جَرَّهُ الغَوامضُ
لا يستطيع جَرَّهُ الغَوامضُ
لا يستطيع جَرَّهُ الغَوامضُ
إلاّ المُعيداتُ به النواهضُ
يعني النوقَ التي استعادت النَّهْض بالدَّلو . ويقال للشجاع : بَطَلٌ معاوِدٌ؛ أَي لا يمنعُه ما رآه من شدّة الحرب أن يعاودها . والقياس في كلِّ هذا صحيح . فأمّا الجمَل المسِنُّ فهو يسمَّى عَوْداً . وممكنٌ أن يكون من هذا ، كأنَّه عاوَدَ الأسفار والرِّحَلَ مرّةً بعد مرّة .
وقد أومأ الخليلُ إلى معنىً آخر فقال : هو الذي فيه بقيَّة . فإن كان كذا فلأَنَّ لأصحابه في إعماله عَودةً . والمعنيان كلاهما جيِّدان .
وجمع الجَمَل العَوْد عِوَدة . ويقال منه : عوَّد يُعوِّد تعويداً ، إذا بلغ ذلك الوقت . وقال :
هل المجدُ إلاّ السُّودَدُ العَوْد والنَّدَى
ورأْبُ الثَّأَي والصبرُ عند المَواطِنِ
ورأْبُ الثَّأَي والصبرُ عند المَواطِنِ
ورأْبُ الثَّأَي والصبرُ عند المَواطِنِ
وهذا على معنى الاستعارة ، كأنّه أراد السودد القديم . ويقولون أيضاً للطَّريق القديم : عَوْد . قال :
عَودٌ على عَوْد لأقوام أُوَلْ
يموتُ بالتَّرْك ويحيا بالعَمَلْ
يموتُ بالتَّرْك ويحيا بالعَمَلْ
يموتُ بالتَّرْك ويحيا بالعَمَلْ
يعني بالعَود الجمل . على عَود؛ أَي طريق قديم . وكذلك الطريق يموت أو يَدرُس إذا تُرك ، ويحيا إذا سُلِك . ومن الباب : العائدة ، وهو المعروف والصِّلة . تقول : ما أكثَرَ عائدةَ فلان علينا . وهذا الأمر أعْوَدُ من هذا؛ أَي أرفَق .
ومن الباب العِيد : كلُّ يومِ مَجْمَع . واشتقاقُه قد ذكره الخليل من عاد يَعُود ، كأنَّهم عادُوا إليه . ويمكن أن يقال لأنَّه يعود كلَّ عام . وهذا عندنا أصحُّ . وقال غيره ، وهو قريب من المعنيين : إنّه سمّي عيداً لأنّهم قد اعتادوه . والياء في العِيد أصلها الواو ، ولكنّها قلبت ياءً لكسرة العين . وقال العجّاج :
يعتادُ أرباضاً لها آرِيُّ ( )
كما يَعودُ العِيدَ نصرانيُّ
كما يَعودُ العِيدَ نصرانيُّ
كما يَعودُ العِيدَ نصرانيُّ
ويجمعون العيدَ أعياداً ، ويصغّرونه على التغيير عُيَيْد . ويقولون فحَلٌ معيدٌ : معتاد للضِّراب . والعِيديَّة : نجائبُ منسوبة ، قالوا : نسبت إلى عاد . والله أعلم .
وأمّا الأصل الآخَر فالعُود وهو كلُّ خشبة دَقّت . ويقال بل كلُّ خشبة عُود . والعود : الذي يُتبَخّر به ، معروف .
عوذ : العين والواو والذال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على معنىً واحد ، وهو الالتجاء إلى الشَّيء ، ثمّ يُحمَل عليه كلُّ شيء لصق بشيء أو لازَمَه .
قال الخليل : تقول أعوذ بالله جلَّ ثناؤه؛ أَي ألجأُ إليه تبارك وتعالى ، عَوْذاً أو عِياذاً . ذكر أيضاً أنّهم يقولون : فلانٌ عياذٌ لك؛ أَي ملجأ . وقولهم : مَعاذَ الله ، معناه أعوذ بالله . وكذا أستعيذ بالله . وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للتي استعاذت منه : « لقد عُذْتِ بِمَعاذ » . قال : والعُوذة والمَعاذة : التي يُعوَّذ بها الإنسان من فَزَع أو جُنون . ويقولون لكلِّ أُنثى إذا وضعت : عائذ . وتكون كذا سبعةَ أيّام . والجمع عُوذ . قال لَبيد :
والعِينُ ساكنةٌ على أطلائِها
عُوذٌ تأجَّلُ بالفَضاء بِهامُها
عُوذٌ تأجَّلُ بالفَضاء بِهامُها
عُوذٌ تأجَّلُ بالفَضاء بِهامُها
تأجَّلُ : تَصير آجالاً ؛ أَي قُطُعا . وإنّما سمِّيت لما ذكرناه من ملازمة ولدِها إيّاها ، أو ملازمتِها إيّاه .
عور : العين والواو والراء أصلانِ : أحدهما يدلُّ على تداوُلِ الشَّيء ، والآخر يدلُّ على مرض في إحدى عيني الإنسان وكلِّ ذي عينَين . ومعناه الخلوُّ من النظر . ثمّ يُحمَل عليه ويشتقُّ منه .
فالأوّل قولهم : تعاوَرَ القومُ فلاناً واعتورُوه ضرباً ، إذا تعاوَنُوا ، فكلَّما كَفَّ واحدٌ ضَربَ آخر . قال الخليل : والتّعاوُرُ عامٌّ في كلِّ شيء . ويقال : تعاوَرَت الرِّياحُ رسماً حَتَّى عَفَته؛ أَي تواظبت عليه . قال الأعشى :
دِمنةٌ قفرةٌ تعاوَرَها الصَّيــ
ـفُ بريحينِ من صَباً وشَمال
ـفُ بريحينِ من صَباً وشَمال
ـفُ بريحينِ من صَباً وشَمال
وحكى الأصمعيّ أو غيره : تعوَّرنا العَوارِيَّ .
والأصل الآخر العَوَر في العين . قال الخليل : يقال انظرُوا إلى عينه العَوراء . ولا يقال لإحدى العينين عَمْياء ، لأنّ العَوَر لا يكون إلاّ في إحدى العينين . وتقول : عُرْتُ عينَه ، وعَوِرتْ ، وأعورَّتْ ، كلّ ذلك يقال . ويقولون في معنى التشبيهِ ، وهي كلمةٌ عوراء . قال الخليل : الكلمة التي تهوي في غير عَقْل ولا رَشَد . قال :
ولا تنطقِ العَوراءَ في القومِ سادراً
فإنّ لها فاعلم من القوم واعيا
فإنّ لها فاعلم من القوم واعيا
فإنّ لها فاعلم من القوم واعيا
وقال بعضهم : العَوراء : الكلمة القبيحة التي يَمتعِض منها الرَّجُل ويَغضب وأنشد :
وعوراءَ قد قِيلت فلم ألتفِتْ لها
وما الكَلِمُ العَوْراء لي بقَبُولِ
وما الكَلِمُ العَوْراء لي بقَبُولِ
وما الكَلِمُ العَوْراء لي بقَبُولِ
ومن الباب العَُواء ، وهو خرقٌ أو شَقٌّ يكون في الثَّوب .
ومن الباب العَوْرة ، واشتقاقُها من الذي قدّمْنا ذكره ، وَأنّه ممّا حُمِل على الأصل ، كأنَّ العورةَ شيءٌ ينبغي مراقبتُه لخلوّه . وعلى ذلك فُسِّرَ قولُه تعالى : ) يَقُولُونَ اِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَة ( الأحزاب : 13 ، قالوا : كأنَّها ليست بحَرِيزة . وجمع العَورةِ عَوْرات . قال الشّاعر :
فِي جَميع حافظِي عَوْراتِهِمْ
لا يهُمُّون بإدعاقِ الشَّلَلْ
لا يهُمُّون بإدعاقِ الشَّلَلْ
لا يهُمُّون بإدعاقِ الشَّلَلْ
الإدعاق : الإسراع . والشَّلَل : الطَّرْد . ويقال في المكان يكون عورة : قد أَعْوَرَ يُعْوِر إعواراً . قال الخليل : ولو قلت أعار يُعير إعارةً جاز في القياس؛ أَي صار ذا عورة . ويقال أعورَ البيتُ : صارت فيه عَورةٌ . قال الخليل : يقال : عَوِرَ يَعْوَرُ عَوَراً . فعورةٌ ، في قوله تعالى : ) إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ( الأحزاب : 13 ، قال الخليل : نعت يخرجُ على العِدَّة والتّذكير والتّأنيث ، وعورةٌ مجزومة على حال واحد في الجمع والواحد ، والتّأنيث والتذكير ، كقولك رجلٌ صوم وامرأة صوم ، ورجالٌ صَوم ونساءٌ صوم . فأمّا قولهم إنّ العَوَر تَرْكُ الحقّ ، وإنشادُهم قول العجّاج :
قد جبَرَ الدِّينَ الإلـهُ فجبَرْ
وعَوّرَ الرّحمنُ مَنْ ولّى العَوَرْ
وعَوّرَ الرّحمنُ مَنْ ولّى العَوَرْ
وعَوّرَ الرّحمنُ مَنْ ولّى العَوَرْ
فالقياس غير مقتض للَّفظ الذي ذُكر من ترك الحقّ ، وإنّما أراد العجّاج العَوَر الذي هو عَوَرُ العين ، يضربُه مثلاً لمن عَمِيَ عن الحقّ فلم يهتدِ له .
وأمّا قولُ العرب : إنّ لفلان من المال عائرةَ عين ، يريدون الكثرة ، فمعناه المعنى الذي ذكرناه ، كأنَّ العينَ تَتحيَّر عند النظر إلى المال الكثير فكأنَّها عَوْرة . ويقولون عوَّرْتُ عينَ الركِيَّة ، إذا كبَسْتَها حتّى نَضَب الماء . والمكانُ المُعْوِر : الذي يُخاف فيه القَطْع .
عوز : العين والواو والزاء كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على سوء حال . من ذلك العَوَز : أن يُعوز الإنسانَ الشَّيءُ الذي هو محتاجٌ إليه ، يرومُه ولا يتهيَّأُ له . يقال : عازَني . وأعْوَز الرّجُل : ساءت حالُه . ومن الباب المِعْوَز ، والجمع مَعاوِز ، وهي الثِّياب الخُلْقان والخِرَقُ التي تدلُّ على إعواز صاحِبها . قال الشمّاخ :