والغِمْر : الْحِقد في الصَّدر ، وسمِّي لأنَّ الصَّدرَ يَنطوِي عليه . يقال : غَمِرَ عليه صدرُه . والغِمْر : العَطَش ، وهو مشبَّه بالغِمْر الذي هو الحِقد ، والجمع الأغمار . قال :
حَتَّى إذا ما بلَّتِ الأغماراً
ومن الباب غَمَرُ اللَّحم ، وهو رائحتُه تَبْقَى في اليد ، كأنَّها تغطِّي اليد . فأمّا الغُمَر فهو القَدَح الصَّغير ، وليس ببعيد أن يكون من قياسِ الباب ، كأنَّ الماءَ القليلَ يَغمُره . ويجوز أن يكون شاذّاً عن ذلك الأصل . قال :
تَكفِيهِ حُزَّةُ فِلْذ إن أَلَمَّ بها
من الشِّواءِ وَيُروِي شُربَه الغُمَرُ
من الشِّواءِ وَيُروِي شُربَه الغُمَرُ
من الشِّواءِ وَيُروِي شُربَه الغُمَرُ
غمز : الغين والميم والزاء أصلٌ صحيحٌ ، وهو كالنَّخْس في الشَّيء بشيء ، ثمّ يُستعار . من ذلك : غَمَزْتُ الشَّيءَ بيدي غمزاً . ثمّ يقال : غمزَ ، إذا عاب وذَكَر بغير الجميل . والمَغامز : المعايب . وفي عقل فلان غَمِيزةٌ ، كأنَّه يُستضعَف . وممّا يستعار : غَمَزَ بجفنه : أشار . ومنه : غَمَزَ الدابةُ من رجله ، كأنّه يغمز الأرضَ برجله .
غمس : الغين والميم والسين أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على غَطِّ الشَّيء . يقال : غَمَست الثَّوبَ واليدَ في الماء ، إذا غططتَه فيه . وفي الحديث : « إذا استيقَظَ أحدُكم من نومه فلا يَغمِسْ يَدَه في الإناء » . والغَمِير تحتَ اليَبيس يُقال له : الغَمِيس .
ومن الباب الغَمِيس ، وهو مَسِيلٌ صغيرٌ بين مجامع الشَّجر . والمُغامَسَة : رَمْي الرّجلُ نفسَه في سِطَة الحرب . ويمينٌ غَموسٌ قال قوم : معناه أنّها تَغمِس صاحبَها في الإثم . وقال قومٌ : الغَمُوس : النافذة . والمعنيان وإن اختلفا فالقياسُ واحد ، لأنّها إذا نفذت فقد انغمست . قال :
ثمّ نفَّذْته ونفَّست عنه
بغَموس أو ضربة أُخدودِ
بغَموس أو ضربة أُخدودِ
بغَموس أو ضربة أُخدودِ
ويقال للأمر الشديد الذي يغُطّ الإنسانَ بشدّته : غَموس . قال :
متى تأتِنا أو تلقَنا في ديارنا
تجدْ أمرَنا أمراً أحذَّ غَمُوسا
تجدْ أمرَنا أمراً أحذَّ غَمُوسا
تجدْ أمرَنا أمراً أحذَّ غَمُوسا
غمص : الغين والميم والصاد أُصَيْلٌ يدلُّ على حقارة . يقال : غَمَصت الشَّيءَ ، إذا احتقرته . وفي الحديث : « إنّما ذلك مَنْ غَمَصَ النّاسَ »؛ أَي حَقَرَهم . والغَمَصُ في العين كالرَّمَصِ . ومنه : الشِّعرَى الغُمَيْصاء ، كأنَّها ليس لها ضوءُ العَبُور ، فهي الغُميصاء كالعين التي بها غَمَص .
غمض : الغين والميم والضاد أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تطامُن في الشَّيء وتداخُل . فالغَمْض : ما تطامَنَ من الأرض ، وجمعه غُموض . ثمّ يقال : غَمَض الشَّيءُ من العِلم وغيرِه ، فهو غامض . ودارٌ غامضةٌ ، إذا لم تكن شارعةً بارزة . ونسبٌ غامضٌ : لا يُعَرف . وغمّض عينه وأغمَضَها بمعنىً . وهو قياس الباب . ويقال : ما ذُقْتُ غُمْضاً من النَّوم ولا غَِماضاً؛ أَي كقدر ما تُغمَض فيه العين . ويقال : أغْمِضْ لي فيما بِعتَني ، كأنَّك تزيدُ الزِّيادةَ منه لرداءته والحطَّ من ثمنه . وهو أيضاً من إغماض العَين؛ أَي اتركْه كأنَّك لا تراه . والمغَمِّضات : الذُّنوب يركبها الرَّجلُ وهو يَعرِفها لكنّه يغمّض عنها كأنّه لم يَرَها . ويقال : غُمِّضَت النّاقةُ ، إذا رُدَّت عن الحَوض فحَمَلَت على الذَّائد مَغَمِّضة عينَيْها فورَدَتْ . قال أبو النجم :
يُرسِلُها التَّغميضُ إن لم تُرسَلِ
وأغْمَضْت حدَّ السَّيف ، إذا رقّقته؛ أَي كأنَّك لرقَّته أخفيتَه عن العُيون .
غمط : الغين والميم والطاء كلمةٌ واحدة . يقال : غَمَطَ النِّعمة : احتقرها . وغَمَطَ النّاسَ : احتقرهم . فأمّا قولهم : أَغمَطت عليه الحُمَّى ، إذا لزِمَتْهُ ودامت عليه ، فليس من هذا ، لأنَّ الميم فيه بدلٌ من باء ، الأصل أغبَطَت . وقد ذُكِرَ .
غمق : الغين والميم والقاف كلمةٌ واحدة ، وهي الغَمَق : كثْرة النَّدى . يقال أرضٌ غَمِقَةٌ ، ونباتٌ غمق . وليلةٌ غَمِقَة : لِثقة .
غمل : الغين والميم واللام أُصَيْلٌ يدلُّ على ضِيق في الشَّيء وغُموض . يقال لِما ضاقَ من الأودية : غُمْلُول . واشتُقَّ من هذا : غَمَلْتُ الأدِيمَ ، إذا غَمَمْتَه ليتفَسَّخَ عنه صوفُه . وهو غَمِيلٌ . ويقال : الغُمْلُول : كلُّ ما اجتَمَع من شجر ، أو غمام ، أو ظُلْمة ، حتَّى تسمَّى الزَّاوية غُملولاً . والله أعلم بالصَّواب .
غملج : الغَمَلّج ، وهو ممّا نُحِتَ من كلمتين : من غَمَج وغلَج ، وهو البعير الطَّويل العُنق . فأمّا غَمَجُه فاضطرابُه . يقال : غَمَج ، إذا جاء وذهب . والغَلَج كالبَغْي في الإنسان وغيره .
غمّ : الغين والميم أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على تغطية وإطباق . تقول : غَمَمتُ الشَّيْءَ أُغمُّه؛ أَي غطَّيته . والغَمَمُ : أن يُغطِّي الشَّعر القفا والجبهةَ في بنائِه . يقال : رجلٌ أغمُّ وجبهةٌ غماء . قال :
فلا تَنكِحي إنْ فرَّقَ الدّهرُ بيننا
أغمَّ القفا والوجهِ ليس بأنْزعا
أغمَّ القفا والوجهِ ليس بأنْزعا
أغمَّ القفا والوجهِ ليس بأنْزعا
ومن الباب : الغمام : جمع غَمامة . وقياسُه واضح . ومنه الغِمامةُ ، وهي الخِرقة تُشَدُّ على أنف النّاقة شدّاً كي لا تجدَ الرِّيح . قال قومٌ : كلُّ ما سدَّ الأنف فهو غِمامة . وغُمَّ الهلالُ ، إذا لم يُرَ . وفي الحديث : « فإنْ غُمَّ عليكم فاقْدُرُوا له » . أي غُطيَ الهلال . ويقال : يومٌ غَمٌّ وليلة غمّة ، إذا كانا مظلِمَين . وغمَّهُ الأمرُ يَغمُّه غمّاً ، وهو شيء يَغشى القلب ، معروف . وأمّا الغَمغمة فهي أصواتُ الثِّيران عند الذُّعر ، والأبطالِ عند الوغى . وقد قلنا إنّ هذه الحكاياتِ لا تكاد يكون لها قياس .
غمن : الغين والميم والنون كلمةٌ واحدةٌ لا يقاس عليها . يقولون : غَمَنْتُ الجِلدَ ، إذا ليَّنتَه ، فهو غمينٌ .
غمى : الغين والميم والحرف المعتلّ يدلُّ على تغطية وتغْشِيَة . من ذلك : غَمَيْتُ البيتَ ، إذا سقَّفتَه ، والسَّقَفُ غِماءٌ . ومنه أُغمِي على المريض فهو مغمىً عليه ، إذا غُشِيَ عليه .
غنج : الغين والنون والجيم كلمةٌ واحدة ، الغُنْج ، وهو الشِّكْل والدَّلُّ .
غنظ : الغين والنون والظّاء كلمةٌ واحدة . يقال : إنّ الغَنْطَ : الهمُّ اللازم . غَنَطَه الأمرُ يَغْنِظه . قال :
ولقد رأيتَ فوارساً من قومنا
غَنَظُوكَ غَنْظَ جَرادةِ العَيّارِ
غَنَظُوكَ غَنْظَ جَرادةِ العَيّارِ
غَنَظُوكَ غَنْظَ جَرادةِ العَيّارِ
غنم : الغين والنون والميم أصلٌ واحد يدلُّ على إفادة شيء لم يُملَك من قبل ، ثمّ يختصّ به ما أُخِذ من مال المشركين بقَهْر وغَلَبة . قال الله تعالى : ) واعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأَنَّ للهِِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ( الأنفال : 41 . ويقولون : غُناماكَ أَنْ تفعل كذا؛ أَي غايتُك والأمر الذي تتغنَّمه . وَغَنْمٌ : قبيلة . ولعلَّ اشتقاقَ الغَنَم من هذا ، وليس ببعيد .
غنّ : الغين والنون أُصَيلٌ صحيح ، وهو يدلُّ على صوت كأنّه غير مفهوم ، إمّا لاِختلاطِه ، وإمّا لعلّة تصاحبه . من ذلك قولُهم : قريةٌ غَنّاء ، يراد بذلك تجمُّع أصواتهم واختلاطُ جَلبتهم . وواد أغَنُّ : ملتَفُّ النَّبات ، فتَرى الرِّيح تجري فيه ولها غُنَّة؛ ويكون ذلك من كَثرة ذُبابه . ومنه الغُنَّة في الرَّجُل الأغنِّ ، وهو خروجُ كلامِهِ كأنّه بأنفه .
غنى : الغين والنون والحرف المعتلّ أصلانِ صحيحان ، أحدُهما يدلُّ على الكِفاية ، والآخر صوت .
فالأوّل الغِنى في المال . يقال : غَنِيَ يَغْنَى غِنىً . والغَناء بفتح الغَين مع المدّ : الكِفاية . يقال : لا يُغْنِي فلانٌ غَناءَ فلان؛ أَي لا يَكفِي كِفايَتَه . وغَنِيَ عن كذا فهو غان . وغَنِيَ القومُ في دارهم : أقاموا ، كأنَّهُم اسْتَغْنَوْا بها . ومَغانيهم : مَنازِلُهم . والغانية : المرأة . قال قومٌ : معناه أنّها استغنَتْ بمنزلِ أبويها . وقال آخرون : استغنَتْ ببعلها . ويقال استغْنَتْ بجمالها عن لُبْسِ الحلْي . قال الأعشى :
ولكنْ لا يَصِيد إذا رماها
ولا تُصْطادُ غانيةٌ كَنُودُ
ولا تُصْطادُ غانيةٌ كَنُودُ
ولا تُصْطادُ غانيةٌ كَنُودُ
والغُنْيانُ : الغِنَى . قال قيس :
أجَدَّ بعَمْرَة غُنيانُها
فتَهْجُرَ أم شانُنا شانُها
فتَهْجُرَ أم شانُنا شانُها
فتَهْجُرَ أم شانُنا شانُها
ويقال : تَغَنَّيْتُ بكذا ، وتغانيتُ به ، إذا أنت استغنيت به . قال الأعشى :
وكنت امرأً زَمَناً بالعِراقِ
عَفِيف المُناخِ طويل التغَنّْ
عَفِيف المُناخِ طويل التغَنّْ
عَفِيف المُناخِ طويل التغَنّْ
وقال في التّغاني :
كلانا غنِيٌّ عن أخيه حَياتَهُ
ونحنُ إذا مُِتنا أشدُّ تَغانِيا
ونحنُ إذا مُِتنا أشدُّ تَغانِيا
ونحنُ إذا مُِتنا أشدُّ تَغانِيا
والأصل الآخر : الغِناء من الصَّوت . والأُغْنِيَة اللون من الغِناء .
غهب : الغين والهاء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ظَلام وقِلّة ضياء ، ثمّ يُستعار . فالغَيْهَب : الظُّلمة . يقال للأدهم من الخَيل الشَّديد الدُّهمة : غَيْهَب . ويستعار هذا فيقال للغَفْلة عن الشَّيء : غَهَبٌ . يقال : غَهِبَ عنه ، إذا غَفَل .
غوث : الغين والواو والثاء كلمةٌ واحدة ، وهي الغوث من الإغاثة ، وهي الإعانة والنُّصرة عند الشِّدة . وغَوْثٌ : قبيلة .
غوج : الغين والواو والجيم كلمةٌ واحدة ، وهي الفَرَس الغَوْج ، إذا كان عريضَ الصَّدر . وربَّما سمَّوا كلَّ ليِّن غَوْجاً .
غود : الغين والواو والدال أُصَيْلٌ يدلُّ على لينِ شيء وتثنٍّ . فالأغْيَد : الوَسنانُ المائل العُنُق ، والجمع غِيدٌ . والغَيْداء : الفتاةُ النّاعمة ، كأنَّها تتثنَّى . والمصدر الغَيَد .
غور : الغين والواو والراء أصلانِ صحيحان : أحدهما خُفُوضٌ في الشَّيء وانحطاطٌ وتطامن ، والأصل الآخر إقدامٌ على أخذِ مال قَهْراً أو حَرَباً .
فالأوّل قولهم لقَعْر الشَّيء : غَوره . ويقال : غارَ الماءُ غَوْراً ، وغارت عينُه غُؤوراً . قال الله تعالى : ) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً( الملك : 30 . ويقال : غارَت الشَّمْسُ غِياراً : غابت . قال الْهُذَلِيّ :
هل الدّهْرُ إلاَّ ليلةٌ ونَهارُها
وإلاّ طُلوع الشَّمس ثمَّ غِيارُها
وإلاّ طُلوع الشَّمس ثمَّ غِيارُها
وإلاّ طُلوع الشَّمس ثمَّ غِيارُها
والغَوْر : تِهامَةُ وما يلي اليَمن ، سمِّيت بذلك لأنَّها خِلافُ النَّجْد . والنَّجْد : مرتَفِعٌ من الأرض . يقال : غارَ الرّجُل ، إذا أتَى الغَوْر ، وأغار . قال :
نبيٌّ يرَى ما لا تَرَوْنَ وذكرُه
أغارَ لَعَمْري في البلادِ وأنْجَدا
أغارَ لَعَمْري في البلادِ وأنْجَدا
أغارَ لَعَمْري في البلادِ وأنْجَدا
وغَوّر الرّجُل ، إذا نزَلَ للقائلة ، كأنَّه نزل مكاناً هابطاً . ولا يكادون يفعلون إلاّ كذا . وغَوْرُ القُرْحَةِ من هذا أيضاً .
والأصل الآخَر الإغارة . يقال : أَغارَ بنو فلان على بني فلان إغارةً وغارة . وإغارة الثَّعلب : عَدْوَه . وهو من هذا أيضاً .
غوص : الغين والواو والصاد أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على هجوم على أمر متسفِّل . من ذلك الغَوْص : الدُّخول تحتَ الماء . والهاجم على الشَّيء غائص . وغاصَ على العلمِ الغامِضِ حتّى استنبطه .
غوط : الغين والواو والطاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على اطمئنان وغَور من ذلك الغائط : المطمئِنُّ من الأرض ، والجمع غِيطان وأغواط . وغُوطَة دِمَشْقَ يقالُ إنّها مِن هذا ، كأنّها أرضٌ منخفضة . وربّما قالوا : انغاطَ العُودُ ، إذا تثَنَّى ، وإذا تثنّى فقد انخفَضَ ، وقياسُه صحيح .
غول : الغين والواو واللام أصلٌ يدلُّ على خَتْل وأَخْذ من حيثُ لا يدري . يقال : غالَهُ يَغُوله : أخَذَهُ من حيث لم يدرِ . قالوا : والغَوْل : بُعْدُ المَفازَة ، لأنَّهُ يغتالُ من مَرَّ به . قال :
به تمَطَّتْ غَوْلَ كلِّ مِيلَهِ
والغُول من السَّعالي سمِّيت لأنّها تغتال . والغِيلة : الاغتيال ، والياء واوٌ في الأصل . والمِغْوَل : سيفٌ دقيق له قَفاً؛ وأظنّه سمِّي مِغْوَلاً لأنَّهُ يُسْتَرُ بقراب حتّى لا يُدرى ما فيه . والله أعلم .
غوى : العين والواو والحرف المعتلّ بعدهما أصلانِ : أحدهما يدلُّ على خِلاف الرُّشد وإظلام الأمْر ، والآخرُ على فساد في شيء .
فالأوَّل الغَيّ ، وهو خلاَف الرُّشد ، والجَهلُ بالأمر ، والانهماكُ في الباطل . يقال : غَوى يَغْوي غَيّاً . قال :
فمن يَلْقَ حَيراً يَحمَدِ النّاسُ أمرَه
ومَن يَغْوَِ لا يَعْدَمْ على الغَيِّ لائما
ومَن يَغْوَِ لا يَعْدَمْ على الغَيِّ لائما
ومَن يَغْوَِ لا يَعْدَمْ على الغَيِّ لائما
وذلك عندنا مشتقٌّ من الغَياية ، وهي الغُبْرة والظلمةُ تَغشيان ، كأنَّ ذا الغَيِّ قد غَشِيه ما لا يرى معه سبيلَ حقّ . ويقال : تغايا القومُ فوق رأس فلان بالسُّيوف ، كأنَّهم أظلّوه بها . ويقال : وقَعَ القوم في أُغْوِيّة؛ أَي داهية وأمر مظلم . والتَّغاوي : التجمُّع ، ولا يكون ذلك في سبيلِ رُشْد . والمُغَوَّاة : حُفرةُ الصّائد ، والجمع مُغَوَّيات . وفي الحديث : « يحبّون أن يكونوا مُغَوَّيات » ، يراد أنَّهم يحتَجِنون الأموال ، كالصّائد الذي يَصيد .
فأمّا الغايَة فهي الرَّاية ، وسمِّيت بذلك لأنّها تُظِلُّ مَن تحتَها . قال :
قد بِتُّ سامِرَها وغايَةِ تاجر
وافيتُ إذْ رُفِعَت وعَزَّ مُدامُها
وافيتُ إذْ رُفِعَت وعَزَّ مُدامُها
وافيتُ إذْ رُفِعَت وعَزَّ مُدامُها
ثمّ سمِّيت نهايةُ الشَّيءِ غايةً . وهذا من المحمول على غيرِه ، إنَّما سمّيت غايةً بغاية الحرب ، وهي الرّاية ، لأنَّه يُنْتَهَى إليها كما يَرجِع القومُ إلى رايَتِهم في الحرب .
والأصل الآخر : قولهم : غَوِيَ الفَصِيلُ ، إذا أكثر من شُربِ اللّبَن ففَسَد جوفُه . والمصدر الغَوَي . قال :
مُعطَّفةُ الأثناءِ ليس فصيلُها
بَرازِئِها دَرّاً ولا ميِّت غَوَى
بَرازِئِها دَرّاً ولا ميِّت غَوَى
بَرازِئِها دَرّاً ولا ميِّت غَوَى
غيب : الغين والياء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تستُّر الشَّيء عن العُيون ، ثمّ يقاس . من ذلك الغَيْب : ما غابَ ، ممّا لا يعلمه إلاّ الله . ويقال : غابت الشَّمس تَغِيب غَيْبَةً وغُيُوباً وغَيْباً . وغابَ الرَّجل عن بلده . وأغابَتِ المرأةُ فهي مُغِيبةٌ ، إذا غابَ بعلُها . ووقَعْنا في غَيْبَة وغَيابة؛ أَي هَبْطة من الأرض يُغابُ فيها . قال الله تعالى في قصّة يُوسُفَ (عليه السلام) : ) وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَةِ الجُبِّ( يوسف : 10 . والغابة : الأجَمة ، والجمع غاباتٌ وغابٌ . وسمِّيت لأنَّه يُغاب فيها . والغِيبة : الوَقعية في النّاس من هذا؛ لأنّها لا تقال إلاّ في غَيْبَة .
غيث : الغين والياء والثاء أصلٌ صحيحٌ ، وهو الحَيا النّازِلُ من السَّماء . يقال : جادَنا غيثٌ ، وهذه أرضٌ مَغِيثَةٌ ومغيوثة . وغِثْنا؛ أَي أصابنا الغَيْث . قال ذو الرُّمّة : « ما رأيتُ أفصَحَ مِن أَمَةِ آل فلان ، قلتُ لها : كيف كان المطر عندكم ؟ قالت : غِثْنا ما شِينا » .
غار : الغين والألف والراء . والألف في هذا الباب لا تكون إلاّ مبدلةً . فالغار : نباتٌ طيِّب . قال :
رُبَّ نار بتُّ أرمُقُها
تَقْضَمُ الهِنديَّ والغارا
تَقْضَمُ الهِنديَّ والغارا
تَقْضَمُ الهِنديَّ والغارا
والغار : لغةٌ في الغَيْرة ، وقد مرَّ تفسيرُها . قـال :
لهُنَّ نَشيجٌ بالنَّشيلِ كأنَّها
ضَرائرُ حِرْميٍّ تفاحَشَ غارُها
ضَرائرُ حِرْميٍّ تفاحَشَ غارُها
ضَرائرُ حِرْميٍّ تفاحَشَ غارُها
والغارُ : الجيش العظيم . ومن ذلك حديثُ عليٍّ (عليه السلام) : « ما ظنّك بامرئ جَمَعَ بين هذين الغارَيْن » . والغار : غار الفَمِ . والغار : أصلُ الرَّجُل وقبيلتُه . والغار : الكهْفُ . وقد مضى قياسُ ذلك كلِّه . والله أعلم .
غير : الغين والياء والراء أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدُهما على صلاح وإصلاح ومنفعة ، والآخر على اختلافِ شيئين .
فالأوَّل الغِيرَة ، وهي الميرَة بها صلاحُ العِيال . يقال : غِرْتُ أهلي غِيرَةً وغِياراً؛ أَي مِرْتُهُم . وغارَهم الله تعالى بالغيث يَغِيرهم ويَغُورهم؛ أَي أصلَح شأنَهم ونفَعَهم . ويقال : ما يَغِيرك كذا؛ أَي ما ينفعُك . قال :
ماذا يَغِيرُ ابنَتيْ رِبْع عَويلُهُما
لا تَرقُدانِ ولا بُؤْسَى لَمنْ رَقدا
لا تَرقُدانِ ولا بُؤْسَى لَمنْ رَقدا
لا تَرقُدانِ ولا بُؤْسَى لَمنْ رَقدا
ومن هذا الباب الغَيْرة : غَيرةُ الرَّجُل على أهله . تقول : غِرْتُ على أهلي غَيْرَةً . وهذا عندنا من الباب؛ لأنَّها صلاح ومنفعة .
والأصل الآخر : قولُنا : هذا الشَّيءُ غيرُ ذاك؛ أَي هو سِواه وخلافُه . ومن الباب : الاستثناءُ بغَير ، تقول : عَشرة غير واحد ، ليس هو من العَشَرة . ومنه قولُه تعالى : ) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضّالِّينَ ( الفاتحة : 7 .
فأمّا الدِّيَة فإنّها تسمَّى الغِيرَ . قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لرجل طلَبَ القَوَدَ بوليٍّ له قُتِلَ : « ألا الغِيرَ » يريد : ألاَ تَقبلُ الغِير . فهذا محتملٌ أنْ يكون من الأوّل ، لأنَّ في الدِّيةِ صلاحاً للقاتل وبقاءً له ولِدَمِه . ويحتمل أنْ يكون من الأصل الثّاني ، لأنَّه قَوَد فَغيِّر إلى الدِّية؛ أَي أُخِذَ غيرُ القَوَد؛ أَي سِواه . قال في الغِيَر :
لَنَجْدَعَنَّ بأيدينا أُنوفَكمُ
بَنِي أُمَيْمَةَ إن لم تَقبلُوا الغِيَرا
بَنِي أُمَيْمَةَ إن لم تَقبلُوا الغِيَرا
بَنِي أُمَيْمَةَ إن لم تَقبلُوا الغِيَرا
غيس : الغين والياء والسين ، يقولون : إنّ غَيْسانَ الشّبابِ : حِدَّتُه وعُنفوانُه .
غيض : الغين والياء والضاد أُصَيْلٌ يدلُّ على نُقصان في شيء ، وغموض وقِلّة . يقال غاضَ الماءُ يَغِيض : خلافُ فاضَ . وغِيضَ ، إذا نَقَصَهُ غيرُه . قال الله تعالى : ) وَغِيضَ الماءُ ( هود : 44 .
وأمّا الغُموضُ فالغَيْضَة : الأَجَمة ، سمِّيت لغُموضِها ، ولأنَّ السّائرَ فيها لا يكاد يُرَى .
غيظ : الغين والياء والظاء أُصَيْلٌ فيه كلمةٌ واحدة ، يدلُّ على كَرْب يلحقُ الإنسانَ مِن غيره . يقال : غاظَنِي يَغِيظُني . وقد غِظْتَني يا هذا .ورجلٌ غائظ وغَيّاظ . قال :
سُمِّيتَ غيّاظاً ولستَ بغائظ
عَدُوّاً ولكنَّ الصَّديقَ تَغيظُ
عَدُوّاً ولكنَّ الصَّديقَ تَغيظُ
عَدُوّاً ولكنَّ الصَّديقَ تَغيظُ
غيف : الغين والياء والفاء أُصَيْلٌ صحيحٌ يدلُّ على مَيْل ومَيَل وعُدُول عن الشَّيء . من ذلك تَغَيَّفَ ، إذا تَمَيَّل . وتَغَيَّفت الشّجرةُ بأغصانِها يميناً وشمالاً . ومن الباب : غَيَّفَ الرَّجلُ ، إذا جبُن فمالَ عن نَهْج القِتال . قال القُطاميّ :
فيغيِّفُون ونَرْجِعُ السَّرَعانا
غيق : الغين والياء والقاف كلمةٌ واحدة . يقولون : غَيَّق في رأيه تغييقاً : اختلط فيه .
غيل : الغين والياء واللام أصلانِ صحيحان ، أحدهما يدلُّ على اجتماع ، والآخَر نوع من الإرضاع .
فالأوَّل الغِيل : الشجر المجتمِع الملتفّ . وما يبعُد أن يكون أصلُ هذا الواو ويعودَ إلى غالَه يَغُوله ، والغيْل : السّاعد الرَّيّان الممتلِئ . قال :
بيضاءُ ذاتُ ساعدَيْنِ غَيلَيْن
ومن الباب : الغَيْل : الماءُ الجارِي .
والأصل الآخَر : أَنْ يُجامِعَ الرَّجُل امرأتَه وهي مُرْضِع ، وهي الغِيلَة . وفي الحديث : « لقد هممتُ أن أنْهى عن الغِيلة » . قال :
فمِثْلُكِ حُبلَى قد طرَقْتُ ومرضِع
فألهيتُها عن ذى تَمائم مُغْيِلِ
فألهيتُها عن ذى تَمائم مُغْيِلِ
فألهيتُها عن ذى تَمائم مُغْيِلِ
غيم : الغين والياء والميم كلمةٌ تدلُّ على سَتْر شيء لشيء . من ذلك : الغيم ، وهو معروف . يقال : غامَت السَّماءُ ، وتغيَّمت ، وأغامَت .
ومن الباب : الغَيْم ، وهو العَطَش وحرارةُ الجَوْف ، لأنَّه شيءٌ يَغْشَى القَلْبُ .
غين : الغين والياء والنون قريبٌ من الذي قبلَه . فالغَيْن : الغَيْم . قال :
كأنِّي بين خافِيَتَيْ عُقاب
أصابَ حمامةً في يوم غَيْنِ
أصابَ حمامةً في يوم غَيْنِ
أصابَ حمامةً في يوم غَيْنِ
والغَيْن : العَطَش . ويقال : غِينَ على قلْبه ، كأنَّ شيئاً غشِيَه . وفي الحديث : « إنَّهُ ليُغانُ على قلبي » . ومن الباب : شجرةٌ غَيْناء ، وهي الكثيرة الورَق الملتفَّةُ الأغصان ، والجمع غِينٌ . ويقال : إنّ الغَيْنة : الرَّوضة . والقياس في ذلك كلِّه واحد . والله أعلم .
غيّ : الغين والياء المشدّدة أو المضاعفة أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إظلالِ الشَّيء لغيره . وفي الحديث : « تجيء البقرةُ وآلُ عمران يومَ القيامة كأنَّهما غمامتان ـ أو غيايَتان » . والجمع غَيايات . قال لبيد :
فتَدلَّيتُ عليه قافلاً
وعلى الأرض غياياتُ الطَّفَلْ
وعلى الأرض غياياتُ الطَّفَلْ
وعلى الأرض غياياتُ الطَّفَلْ