ترى قِصَدَ المُرّانِ تُلْقَى كأنَّها
تذرُّعُ خُِرصان بأيدِي الشَّواطبِ
تذرُّعُ خُِرصان بأيدِي الشَّواطبِ
تذرُّعُ خُِرصان بأيدِي الشَّواطبِ
والأصل الثالث : النّاقة القصيد : المكتنِزة الممتلِئة لحماً . قال الأعشى :
قطعتُ وصاحبِي سُرُحٌ كِنازٌ
كرُكْنِ الرَّعْنِ ذِعْلِبَةٌ قَصيد
كرُكْنِ الرَّعْنِ ذِعْلِبَةٌ قَصيد
كرُكْنِ الرَّعْنِ ذِعْلِبَةٌ قَصيد
ولذلك سمِّيت القصيدةُ من الشِّعر قصيدةً لتقصيد أبياتها ، ولا تكون أبياتُها إلاّ تامَّة الأبنية .
قصر : القاف والصّاد والراء أصلانِ صحيحان ، أحدهما يدلُّ على ألا يبلُغَ الشَّيءُ مداه ونهايتَه ، والآخر على الحَبْس . والأصلانِ متقاربان .
فالأوّل القِصَر : خلافُ الطُّول . يقول : هو قَصيرٌ بيِّن القِصَر . ويقال : قصَّرتُ الثَّوبَ والحبلَ تَقصيراً . والقَصْر : قَصْر الصّلاة ، وهو ألاَّ يُتِم لأجل السّفَر . قال الله تعالى : ) فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ( النساء : 101 . والقُصَيْرى : أسفل الأضلاع ، وهي الواهنة . والقُصَيْرى : أفْعَى ، سمِّيت لقِصَرها . ويقال : أقْصَرت الشّاةُ ، إذا أسنَّتْ حتَّى تقصُرَ أَطرافُ أسنانها . وأقصَرت المرأةُ : ولدت أولاداً قِصاراً . ويقال : قصَّرتُ في الأمرِ تقصيراً ، إذا توانيت . وقَصَرْت عنه قُصوراً : عَجَزت . وأقصرت عنه إذا نزعتَ عنه وأنت قادرٌ عليه . قال :
لولا علائقُ من نُعْم عَلِقْتُ بها
لأقْصرَ القلبُ مِنِّي أيَّ إقصارِ
لأقْصرَ القلبُ مِنِّي أيَّ إقصارِ
لأقْصرَ القلبُ مِنِّي أيَّ إقصارِ
وكلّ هذا قياسُه واحد ، وهو ألاّ يبلُغَ مدَى الشَّيء ونهايتَه .
والأصل الآخر ، وقد قلنا إنّهما متقاربان : القَصْر : الحبس ، يقال : قَصَرْتُه ، إذا حبستَه ، وهو مقصور؛ أَي محبوس . قال الله تعالى : ) حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِى الْخِيامِ( الرحمن : 72 . وامرأةٌ قاصِرَة الطَّرف : لا تمدُّه إلى غير بَعلِها ، كأنَّها تحبِس طرْفَها حَبْساً . قال الله سبحانه : ) فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ ( الرحمن : 56 . ومن الباب : قُصاراك أن تفعَلَ كذا وقَصْرُكَ ، كأنّه يراد ما اقتصرت عليه وحَبَسْتَ نفسَك عليه . والمقاصر : جمع مقصورة ، وكلُّ ناحية من الدار الكبيرة إذا أُحيط عليها فهي مقصورة . وهذا جائزٌ أن يكون من القياس الأوَّل . ويقولون : فرسٌ قَصِيرٌ : مقرَّبة مُدْناةٌ لا تُترك تَرود ، لنَفاستها عند أهلها . قال :
تراها عند قُبَّتِنا قصيراً
ونبذُلُها إذا باقَتْ بَؤُوقُ
ونبذُلُها إذا باقَتْ بَؤُوقُ
ونبذُلُها إذا باقَتْ بَؤُوقُ
وجارية قَصِيرةٌ وقَصُورةٌ من هذا . والتِّقصار : قلادةٌ شبيهة بالمخْنَقة ، وكأنَّها حُبِست في العُنق . قال :
ولها ظبيٌ يؤرِّثها
جاعلُ في الجِيدِ تِقصارا
جاعلُ في الجِيدِ تِقصارا
جاعلُ في الجِيدِ تِقصارا
ومن الباب : قَصْر الظَّلامِ ، وهو اختلاطُه . وقد أقبلَتْ مَقاصر الظَّلام ، وذلك عند العشيّ . وقد يمكن أنْ يُحمَل هذا على القياس فيقال : إنّ الظَّلامَ يَحبِس عن التصرُّف . ويقال : أقصَرْنا ، إذا دخلْنا في ذلك الوقت . ويقال لذلك الوقت المَقْصَرَة ، والجمع مَقاصر . قال :
فبعثتُها تَقِصُ المَقاصِرَ بعدَما
كَرَبتْ حياةُ النّارِ للمُتَنوِّرِ
كَرَبتْ حياةُ النّارِ للمُتَنوِّرِ
كَرَبتْ حياةُ النّارِ للمُتَنوِّرِ
وممّا شذَّ عن هذا الباب القَصَر : جمع قَصَرة ، وهي أصلُ العنُق ، وأصل الشجرة ، ومُستغلَظُها . وقرئت : ) إِنَّها تَرْمِي بِشَرَر كَالْقَصَرِ ( . والقَصَر : داءٌ يأخذ في القَصَر . والله أعلم .
قصّ : القاف والصّاد أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تتبُّع الشَّيء . من ذلك قولهم : اقتصَصْتُ الأثَر ، إذا تتبَّعتَه . ومن ذلك اشتقاقُ القِصاص في الجِراح ، وذلك أنَّه يُفعَل بهِ مثلُ فِعلِه بالأوّل ، فكأنَّه اقتصَّ أثره . ومن الباب القِصَّة والقَصَص ، كلُّ ذلك يُتَتبَّع فيذكر . وأمّا الصَّدر فهو القَصُّ ، وهو عندنا قياسُ الباب ، لأنَّه متساوي العِظام ، كأنَّ كلَّ عظم منها يُتْبع للآخَر .
ومن الباب : قَصَصت الشّعر ، وذلك أنَّك إذا قَصَصْتَه فقد سوَّيتَ بين كلِّ شعرة وأُخْتِها ، فصارت الواحدةُ كأنَّها تابعةٌ للأُخرى مُساويةٌ لها في طريقها . وقُصاص الشَّعر : نهايةُ مَنْبِته من قُدُم ، وقياسُه صحيح . والقُصَّة : النّاصية . و القَصِيصية من الإبل : البعير يقُصُّ أثَرَ الرِّكاب . وقولهم : ضربَ فلانٌ فلاناً فأقَصَّه؛ أَي أدناه من الموت . وهذا معناه أنَّه يقُصُّ أثَرَ المنيَّة . وأقصَّ فلاناً السُّلطانُ من فلان ، إذا قتله قَوَداً .
وأمّا قولُهم : أَقَصَّت الشّاةُ : استبانَ حَمْلُها ، فليس من ذلك . وكذلك القَصْقاص ، يقولون : إنَّه الأسد . والقُصقُصَة : الرَّجل القصير : والقَصِيص : نبتٌ . كلُّ هذه شاذَّة عن القياس المذكور .
قصع : القاف والصّاد والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تطامُن في شيء أو مطامَنة له . من ذلك القَصْعَة ، وهي معروفة ، سمِّيت بذلك للهَزْمة . والقاصِعاء : أوَّل جِحَرة اليَربوع ، وقياسُها ما ذكرناه . وقد تَقصَّع ، إذا دخَل قاصِعاءَه . قال :
فَوَدَّ أبو ليلى طُفيلُ بنُ مالك
بمُنعَرَجِ السُّوبان لو يَتَقَصَّعُ
بمُنعَرَجِ السُّوبان لو يَتَقَصَّعُ
بمُنعَرَجِ السُّوبان لو يَتَقَصَّعُ
فأمّا قَصعُ النّاقَةِ بِجرّتِها فقالوا : هو أن تَرُدّها في جوفِها . والماءُ يَقْصَعُ العَطَشَ : يَقتُلُه ويَذهبُ بِهِ . قالَ :
فانصاعَتِ الحُقْبُ لَم تَقصَع صَرائِرُها
وقصَعتُ بِبُسْطِ كَفِّي هامَتَه : ضربْتُها . وقَصَع الله به ، إذا بَقِيَ قمِيّاً لا يَشِبُّ ولا يزداد ، وهو مقصوعٌ وقصيعٌ .
قصف : القاف والصّاد والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على كسر لشيء . ولا يُخْلِف هذا القياسُ . يقال : قصَفت الرِّيحُ السفينةَ في البحر . وريحٌ قاصف . والقَصِف : السَّريع الانكسار . والقَصِيف : هشيم الشَّجر . ومنه قولُهم : انقصفوا عنه ، إذا تركوه . وهو مستعار . والأقْصَف : الذي انكسرت ثَنِيَّتُه من النِّصف . ورعدٌ قاصف؛ أَي شديد . وقياس ذلك كأنَّه يكاد يَقصِف الأشياءَ بشدَّته . يقولون : بَعثَ الله تعالى عليهم الرِّيحَ العاصف ، والرّعدَ القاصف . ومنه القَصْف : صَرِيف البَعير بأسنانه . فأمّا القَصْف في اللَّهو واللَّعِب فقال ابنُ دريد : لا أحسبه عربيّاً . وليس القَصْف الذي أنكَرَه ببعيد من القياس الذي ذكرناه ، وهو من الأصوات والجَلَبة . وقياسه في الرَّعد القاصف ، وفي صَريفَ البَعير بأسنانِه .
قصل : القاف والصّاد واللام أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على قطعِ الشَّيء . فالقَصْل : القَطْع . يقال : قَصَله ، إذا قطَعَه . والقَصِيل معروف ، وسمِّي بذلك لسُرعة اقتصاله ، لأنَّه رَخْص . وسيف مِقْصَلٌ : قطّاع ، وكذلك القَصّال . ولسانٌ مِقْصَل على التشبيه . والقِصْل : الرَّجُل الضَّعيف؛ لأنَّه منقطِع . فأمّا القُصالة فما يُعْزَل من البُرِّ ليُداسَ ثانيةً ، فإن كان صحيحاً فقياسُه قريب .
قصم : القاف والصّاد والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على الكسر . يقال : قَصَمْت الشَّيء قَصْماً . والقُصَم : الرّجُل يَحطِم ما لقِيَ . وقال الله تعالى : ) وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَة كانَتْ ظالِمَةً ( الأنبياء : 11 أراد ـ والله أعلمُ ـ إهلاكَه إيّاهم ، فعبَّر عنه بالكسر . والقَصِيمة والقَيْصوم : نبتان .
قصنصع : مما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف مما وضع وضعاً : القَصَنْصَع ، وهو القصير ، وهو ممّا زيدت فيه النّون وكرِّرت صادُه ، وهو من القَصْع . وقد قلنا إنّ القصع يدلُّ على مُطامَنة في شيء وهَزْم فيه ، كأنَّه قُصِع .
قصوى : القاف والصّاد والحرف المعتلّ أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على بُعد وإبعاد . من ذلك القَصا : البُعْد . وهو بالمكان الأقصَى والنّاحيةِ القُصوَى . وذهبتُ قَصا فلان؛ أَي ناحيته . ويقال : أحاطُونا القَصا . أي وقفوا منّا بين البعيد والقريب غير أنَّهم مُحِيطون بنا كالشَّيءِ يَحُوط الشَّيءَ يحفظه . قـال :
فحاطُونا القَصا ولقد رأونا
قريباً حيثُ يُستَمَع السِّرارُ
قريباً حيثُ يُستَمَع السِّرارُ
قريباً حيثُ يُستَمَع السِّرارُ
وأقصَيتُه : أبعدتُه . والقَصِيّةُ من الإبل : المودوعة الكريمة لا تُجهَد ولا تُرْكَب؛ أَي تُقصَى إكراماً لها . فأمّا النّاقةُ القَصْواء فالمقطوعة الأُذُن . وقد يمكن هذا على أنَّ أذنَها أُبعِدَت عنها حين قُطعت . ويقولون : قصَوتُ البعيرَ فهو مقصُوٌّ : قطعت أُذنَه . وناقةٌ قَصْواء ، ولا يقال بعيرٌ أقصَى .
قضب : القاف والضّاد والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قَطْع الشَّيء يقال : قَضَبْتُ الشَّيءَ قضْباً . وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذا رأى التَّصليب في ثوب قَضَبَه؛ أَي قطعه . وانقضَب النَّجمُ من مكانه . قال ذو الرُّمّة :
كأنَّه كوكبٌ في إِثْرِ عِفْرِيَة
مُسوَّمٌ في سَواد اللَّيلِ منقضِب
مُسوَّمٌ في سَواد اللَّيلِ منقضِب
مُسوَّمٌ في سَواد اللَّيلِ منقضِب
والقضيب : الغُصْن . والقَضْب : الرَّطْبة ، سمِّيت لأنّها تُقْضَب . والمَقاضب : الأرَضُون تنبت القَضْب . وقَضَبت الكرم : قطعتُ أغصانَه أيّامَ الرَّبيع . وسيفٌ قاضِبٌ وقضيب : قطّاع . ورجلٌ قَضّابةٌ : قطّاعٌ للأُمور مقتدِرٌ عليها . وقُضابة الكرم : ما يتساقط من أطرافه إذا قُضِب .
ومن الباب : اقتَضَبَ فلان الحديثَ ، إذا ارتَجَله ، وكأنَّه كلامٌ اقتطَعَه منْ غير روِيّة ولا فِكْر . ويستعارُ هذا فيقال : ناقةٌ قضيب ، إذا رُكِبَتْ قبلَ أن تُراض . وقد أقتضبتها . وقَضيب : واد . والله أعلم .
قضّ : القاف والضّاد أُصول ثلاثة : أحدُها هُوِيُّ الشَّيء ، والآخَر خُشونةٌ في الشَّيء ، والآخِر ثَقْبٌ في الشَّيء .
فالأوَّل قولُهم : انقَضَّ الحائطُ : وقع . ومنه انقضاضُ الطّائر : هُوِيُّه في طَيَرانه .
والثاني قولهم : دِرع قَضّاءُ : خشِنة المَسِّ لم تنسَحِقْ بعدُ . وأصلُه القَِضّة ، وهي أرضٌ منخفِضةٌ ترابُها رملٌ ، وإلى جانبها مَتْن . والقَضَضُ : كِسَرُ الحِجارة . ومنه القَضْقَضة : كَسْرُ العِظام . يقال : أسدٌ قضقاضٌ . والقَضُّ : ترابٌ يعلو الفِراش . يقال : أقضَّ عليه مضجَعُه . قال أبو ذُؤيب :
أم ما لجِسمِكَ لا يلائمُ مَضْجعاً
إلاّ أَقَضَّ عليكَ ذاك المضجع
إلاّ أَقَضَّ عليكَ ذاك المضجع
إلاّ أَقَضَّ عليكَ ذاك المضجع
ويقال : لحمٌ قَضٌّ ، إذا تَرِبَ عند الشَّيِّ . ومن الباب عندي قولُهم : جاؤوا بقَضِّهم وقضيضهم ؛ أَي بالجماعة الكثيرة الخشِنة . قال أوس :
وجاءت جِحاشٌ قَضَّها بقَضيضِها
كأكثَرِ ما كانوا عديداً وأوكَعُوا
كأكثَرِ ما كانوا عديداً وأوكَعُوا
كأكثَرِ ما كانوا عديداً وأوكَعُوا
والأصل الثالث قولهم : قَضَضت اللُّؤلؤةَ أقُضُّها قَضّاً ، إذا ثقَبْتَها . ومنه اقتِضاض البِكْر . قاله الشّيباني .
قضع : القاف والضّاد والعين أصلٌ صحيحٌ ، وقياسه القهر والغلَبة . قالوا : القَضْع : القَهْر . قال الخليل : وبذلك سمِّيت قُضاعة . وذكر ناسٌ أنّ قُضاعة سمِّي بذلك لأنَّه انقضع عن قومِه؛ أَي انقطع . فإن كان هذا صحيحاً فهو من باب الإبدال ، تكون الضّاد مبدلةً من طاء . وقال ابن دريد : « تقضَّع القومُ : تفرّقوا » . وهذا من الإبدال أيضاً .
قضف : القاف والضّاد والفاء أُصَيْلٌ يدلُّ على دِقَّة ولطافة . فالقَضَف : الدِّقَّة؛ يقال : عُودٌ قَضِف وقَضِيفٌ . وجمع قضيف قِضاف . ومنه القَضَفة ، والجمع قُِضْفان : قطعةٌ من رمل تنْقَضِفُ من معظمه؛ أَي تنكسر .
قضم : القاف والضّاد والميم كلمتانِ متباينتان لا مناسبةَ بينهما : إحداهما القَضْم : قَضْم الدّابَّة شعيرَها؛ يقال : قَضِمَتْ تَقْضَم . ويقولون : ما ذُقتُ قَضاماً . ويقال : القَضْم : الأكل بأطراف الأسنان ، والخَضْم بالفم كلِّه .
والكلمة الأُخرى : القضيم ، يقال : إنَّه الجِلدُ الأبيض ، أو الصَّحيفة البيضاء . قال النّابغة :
كأنَّ مَجرَّ الرامساتِ ذُيولَها
عليه قَضِيمٌ نمقَّتُه الصَّوانعُ
عليه قَضِيمٌ نمقَّتُه الصَّوانعُ
عليه قَضِيمٌ نمقَّتُه الصَّوانعُ
قضى : القاف والضّاد والحرف المعتلّ أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إحكام أمر وإتقانِه وإنفاذه لجهته ، قال الله تعالى : ) فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَمـوات فِى يَوْمَيْنِ ( فصلت : 12 أي أحكَمَ خَلْقَهنّ . ثمّ قال أبو ذؤيب :
وعَليهما مَسرودتانِ قضاهما
داودُ أو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ
داودُ أو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ
داودُ أو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ
والقضاء : الحُكم . قال الله سُبحانه في ذكر من قال : ) فاقْضِ ما أَنْتَ قاض ( طه : 72 أي اصنَعْ واحكُمْ . ولذلك سمِّي القاضي قاضياً؛ لأنَّه يحكم الأحكامَ ويُنْفِذُها . وسمِّيت المنيّةُ قضاءً لأنَّه أمر يُنْفَذُ في ابن آدم وغيرِه من الخَلْق . قال الحارث بن حِلِّزة :
وثمانونَ من تميم بأيديـ
ــهِمْ رماحٌ صُدورهنَّ القضاءُ
ــهِمْ رماحٌ صُدورهنَّ القضاءُ
ــهِمْ رماحٌ صُدورهنَّ القضاءُ
أي المنيّة . وكلُّ كلمة في الباب فإنَّها تجري على القياس الذي ذكرناه ، فإذا هُمِز تغيَّر المعنى . يقولون : القُضْأة : العيب ، يقال : ما عليك منه قُضأةٌ ، وفي عينه قُضْأةٌ؛ أَي فَساد .
قطب : القاف والطاء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على الجمع . يقال : جاءت العربُ قاطبةً ، إذاجاءت بأجمعِها . ويقال : قطَبْتُ الكأسَ أقطِبُها قطباً ، إذا مزجتَها . والقِطاب : المِزاح . ومنه قولهم : قَطَب الرّجُلُ ما بين عينَيه . والقطِيبة : ألوان الإبل والغنم يُخلَطان .
ومن الباب القُطب : قُطب الرَّحَى؛ لأنَّه يجمع أمرَها إذْ كان دَوْرَهُ عليها . ومنه قُطْبُ السَّماء ، ويقال : إنَّه نجمٌ يدور عليه الفَلَك . ويستعار هذا فيقال : فلانٌ قطبُ بني فلان؛ أَي سيِّدُهم الذي يلوذون به .
وممّا شذَّ عن هذا الباب القُطْبة : نَصْلٌ صغير تُرمَى به الأغراض . فأمّا قولُهم : قَطَبت الشَّيءَ ، إذا قطعتَه ، فليس من هذا ، إنَّما هو من باب الإبدال ، والأصل الضّادُ قضبت ، وقد فسّرناه .
قطر : القاف والطاء والراء هذا بابٌ غير موضوع على قياس ، وكلمهُ متباينةُ الأُصول ، وقد كتبناها . فالقُطر : النّاحية . والأقطار : الجوانب . ويقال : طعَنَه فقطَّره؛ أَي ألقاه على أحد قُطْرَيه ، وهما جانباه . قال :
قد علِمَتْ سلمى وجاراتُها
ما قَطَّرَ الفارسَ إلاَّ أنا
ما قَطَّرَ الفارسَ إلاَّ أنا
ما قَطَّرَ الفارسَ إلاَّ أنا
والقُطْرُ : العُود . قال طَرَفة :
وتنادَى القومُ في نادِيهمُ
أقُتارٌ ذاك أم ريح قُطُرْ
أقُتارٌ ذاك أم ريح قُطُرْ
أقُتارٌ ذاك أم ريح قُطُرْ
والقَطْر : قَطْر الماءِ وغيرِه . وهذا بابٌ ينقاس في هذا الموضع ، لأنَّ معناه التتابُع . ومن ذلك قِطار الإبل . وَتَقاطَرَ القومُ ، إذا جاؤوا أرسالاً ، مأخوذٌ من قِطار الإبل . والبعيرُ القاطرُ : الذي لا يزالُ بَوْلُه يقطُر . ومن أمثالهم : « الإنْفاض يُقَطِّر الجَلَبَ » ، يقول : إذا أنْفَضَ القومُ أي قلّت أزوادهم وما عِندَهم قَطَّرُوا الإبلَ فجلبوها للبيع . والقَطِرانُ ، ممكنٌ أنْ يسمَّى بذلك لأنَّه ممّا يَقطُر ، وهو فَعِلان . ويقال : قَطَرت البعيرَ بالهِناء أقطُرُه . قال :
كما قَطَر المَهْنُوءةَ الرّجلُ الطّالِي
وممّا ليس من هذا القياس ، القِطْر : النُّحاس . وقولُهم : قَطَر في الأرض؛ أَي ذهَبَ . واقطارَّ النَّباتُ ، إذا قاربَ اليُبْس .
قطرب : مما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله قاف ما ذكره ابنُ دريد : القُطْرُب ، وهو دويْبَّة تسعَى نهارَها دائباً . وهذا ممّا زِيدت فيه القاف ، والأصل الطَّرَب : خفّةٌ تُصِيب الإنسان؛ فسمِّي قُطرباً لخفّته في سَعْيِه . ويقولون : القُطْرب : الجُنون . والقُطرب : الكلب الصّغير ، وقياسُه واحد .
قطّ : القاف والطاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قَطْع الشَّيء بسُرعة عَرْضاً . يقال : قَطَطت الشَّيءَ أَقُطَّه قَطاً . والقَطّاط : الخَرّاط الذي يَعمل الحُقَق ، كأنَّه يقْطَعها . قال :
مِثْلَ تقطِيط الحُقَق
والقِطْقِط : الرَّذاذ من المطر ، لأنَّه من قِلّتِه كأنّه متقطِّع . ومن الباب الشَّعَْر القَطَط ، وهو الذي ينْزَوِي ، خلافُ السَّبْط ، كأنَّه قُطّ قَطّاً . يقال : قَطِطَ شَعرُه ، وهو من الكلمات النّادرة في إظهار تضعيفها .
وأمّا القِطُّ فيقال إنّه الصَّكُّ بِالجائزة . فإنْ كان من قياس الباب فلعلّه من جهة التَّقطيع الذي في المكتوب عليه . قال الأعشى :
ولا الملكُ النُّعمان يومَ لقيتُه
بغِبْطَتِه يُعطِي القُطوطَ ويأفِقُ
بغِبْطَتِه يُعطِي القُطوطَ ويأفِقُ
بغِبْطَتِه يُعطِي القُطوطَ ويأفِقُ
وعلى هذا يفسَّر قولُه تعالى : ) وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ ( ص : 16 كأنَّهم أرادوا كُتُبَهم التي يُعْطَوْنها من الأجْر في الآخرة .
وممّا شذَّ عن هذا الباب القِطّةُ : السِّنَّورة . يقال هو نعتٌ لها دونَ الذَّكَر .
فأمّا قَطْ بمعنى حَسْب فليس من هذا الباب ، إنّما ذاك من الإبدال ، والأصل قدْ . قال طرَفة :
أخِي ثِقة لا ينثني عن ضريبة
إذا قِيلَ مهلاً قال صاحبهُ قَدِ
إذا قِيلَ مهلاً قال صاحبهُ قَدِ
إذا قِيلَ مهلاً قال صاحبهُ قَدِ
لكنَّهم أبدَلُوا الدال طاءً فيقال : قَطِي وقَطْكَ وقَطْني . وأنشدوا :
امتلأ الحَوْضُ وقال قَطنِي
حسَبْي رويداً قد ملأْتَ بَطْنِي
حسَبْي رويداً قد ملأْتَ بَطْنِي
حسَبْي رويداً قد ملأْتَ بَطْنِي
ويقولون : قَطاطِ ، بمعنى حسبي . وقولهم : ما رأيتُ مثلَه قطّ؛ أَي أقطع الكلامَ في هذا ، بِقوله على جهة الإمكان . ولا يقال ذلك إلاّ في الشَّيء الماضي .
قطع : القاف والطاء والعين أصلٌ صحيحٌ واحد ، يدلّ على صَرْم وإبانة شيء من شيء . يقال : قطعتُ الشَّيءَ أقطعه قَطْعاً . والقطيعة : الهِجران . يقال : تقاطَعَ الرّجُلان ، إذا تصارما . وبعثَتْ فلانةُ إلى فلانةَ بأُقطوعة ، وهي شيءٌ تبعثُه إليها علامةً للصَّريمة . والقِطْع ، بكسر القاف : الطّائفة من اللَّيل ، كأنَّه قِطعةٌ . ويقال : قطعت قَطْعاً . وقطعتِ الطير قُطوعاً ، إذا خَرَجَتْ من بلاد البرد إلى بلاد الحرِّ ، أو من تلك إلى هذه . والقَطِيع : السَّوط . قال الأعشى :
تراقِبُ كفِّي والقَطِيعَ المحرَّما
وأقطعتُ الرّجُلَ إقطاعاً ، كأنَّه طائفةٌ قد قُطِعت من بلَد . ويقولون لليائس من الشَّيء : قد قُطِعَ به ، كأنَّه أملٌ أمّله فانقطع . وقَطعتُ النّهرَ قُطوعاً ، إذا عبرتَه . وأقطعتُ فلاناً قُضباناً من الكَرْم ، إذا أذِنْتَ له في قطعها . والقضيب : القطيع من الشجرة تُبْرَى منه السِّهام ، والجمع أقْطُع . قال الهُذليّ :
ونميمةً من قانص متلبِّب
في كفِّه جَشْءٌ أجشُّ وأقْطُعُ
في كفِّه جَشْءٌ أجشُّ وأقْطُعُ
في كفِّه جَشْءٌ أجشُّ وأقْطُعُ
وهذا الثَّوبُ يُقطِعُك قميصاً . ويقال : إنّ مقطِّعة النِّياط : الأرنب ، فيقال إنّما سمِّيت بذلك لأنَّها تَقطَع نِياطَ ما يتْبعها من الجوارح في طلبها . ويقال : النِّياط : بُعْد المفازة . ومن الباب : قطَّع الفرسُ الخيلَ تقطيعاً : خلّفها ومضَى ، وهو تفسير الذي ذكرناه في مقطِّعة النِّياط ، إذا أُريد نياط الجارح .
ويُزاد في بنائه فيقال : جاءت الخيل مُقْطَوْطِعات؛ أَي سراعاً . ويقولون : جاريةٌ قطيعُ القِيام ، كأنَّها من سِمَنها تنقطع عنه . وفلانٌ منقطِعُ القَرين في سَخاء أو غيره . وفي بعض التَّفسير في قوله تعالى : ) فَلْيَمْدُدْ بسَبَب إِلَى السَّماءِ ثُمَّ ليَقْطَعْ( الحج : 15 إنَّه الاختناق ، والقياس فيه صحيح . ومُنْقَطَع الرَّمل ومَقْطَعُه : حيثُ ينقطع . والقَطِيع : القِطعة من الغَنَم . والمقطَّعات : الثِّياب القِصار . وفي الحديث : « أنَّ رجلاً أتاه وعليه مقطَّعات له » ، وكذلك مقطَّعات أبيات الشِّعر . والقُطْع : البُهْر . ومَقاطع الأودية : مآخيرها . وأصاب بئر فُلان قُطْع ، إذا نَقَص ماؤُها . والقِطع بكسر القاف : الطِّنْفِسَة تُلقى على الرَّحل؛ وكأنَّها سمِّيت بذلك لأنَّ ناسجَها يقطعُها من غيرها عند الفَراغ ، كما يسمَّى الثُّوب جديداً كأنَّ ناسجَه جَدَّه الآن . والجمع قُطُوع . قال :
أتَتْكَ العِيسُ تنفُخُ في بُراها
تَكشَّفُ عن مَناكبها القطوعُ
تَكشَّفُ عن مَناكبها القطوعُ
تَكشَّفُ عن مَناكبها القطوعُ
والقِطْع : النَّصل من السِّهام العَريض ، كأنّه لمّا بُرِيَ قُطِع .
وممّا شذَّ عن هذا الباب القُطَيعاء : ضربٌ من التَّمر . قال :
باتُوا يُعَشُّون القُطيعاءَ ضَيفَهم
وعِندهم البَرْنِيُّ في جُلَل ثُجْلِ
وعِندهم البَرْنِيُّ في جُلَل ثُجْلِ
وعِندهم البَرْنِيُّ في جُلَل ثُجْلِ
قطف : القاف والطاء والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على أخْذِ ثمرة من شجرة ، ثمّ يستعار ذلك ، فتقول : قَطَفت الثمرة أقْطِفُها قَطْفاً . والقِطْف : العُنقود . ويقال : أقطَفَ الكَرْم : دنا قِطافُه . والقُطافة : ما يسقُط من القُطوف . ويستعار ذلك فيقال : قَطَف الدّابَّةُ يَقطِف قَطْفاً ، وهو قَطوفٌ ، كأنَّه من سرعة نَقْلِه قوائمَه يقطِفُ من الأرض شيئاً . وقد يقال للخَدْشِ : قَطْف؛ والمعنى قريب . قال :
ولكن وجْهَ مولاك تقطِفُ
قطل : القاف والطاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قَطع الشَّيء . يقال : قَطَله قَطْلاً ، وهو قَطِيلٌ ومقطول . ونخلةٌ قطيل ، إذا قُطعت من أصلها فسقطَتْ . ويقال : إنّ القَطِيلة : القطعة من الكساء والثَّوبِ يُنْشف بها الماء . والمِقْطَلة : حديدة يُقطَعُ بها ، والجمع مَقاطل . ويقال : إنّ أَبا ذؤيب الهذليَّ كان يلقَّب « القطيل » .
قطم : القاف والطاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قَطع الشَّيء ، وعلى شهوة . فالقَطْع يعبَّر عنه بالقَطْم . يقولون : قَطَم الفصيلُ الحشيشَ بأدنى فمه يَقطِمه . وَقطامِ : اسمٌ معدول ، يقولون : إنَّه من القَطْم ، وهو القَطْع .
وأمّا الشَّهوةُ فالقَطَم . والرَّجُل الشَّهوانُ اللَّحم قَطِم . والقُطامِيُّ : الصَّقر ، ولعلَّه سمِّي بذلك لحِرصه على اللحم . وفحلٌ قَطِم : مشَته للضِّراب .
قطمر : مما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف ممّا وضع وضعاً القِطْمِير : الحبّة في بَطن النّواة .
قطن : القاف والطاء والنّون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على استقرار بمكان وسكون . يقال : قَطَن بالمكان : أقام به . وسَكَنُ الدّارِ : قطينُهُ . ومن الباب قَطِينُ المَلِك ، يقال هم تُبّاعه ، وذلك أنّهم يسكنون حيثُ يسكن . وحَشَمُ الرّجل : قَطِينُه أيضاً . والقُطْن عندنا مشتقٌّ من هذا لأنَّه لأهل المَدَرِ والقاطِنين بالقُرى . وكذلك القِطْنيَّة واحدة القَطانيّ كالعَدَس وشِبْهِه ، لا تكون إلاّ لقُطّان الدُّور . ويقال للكَرْم إذا بدَتْ زَمَعاتُه : قد قَطَّن؛ كأنَّ زَمَعاتِه شُبِّهَتْ بالقُطْن . ويقال : إنّ القَطِنة ، والجمع القَطِن : لحمة بين الوَرِكين . قال :
حتَّى أتى عارِي الجآجِي والقَطِنْ
وسُمِّيت قَطِنة للزومها ذلك الموضع ، وكذلك القَطِنة ، وهي شِبْه الرُّمّانة في جَوْفِ البقرة .
قطو : القاف والطاء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على مقارَبة في المشي . يقال : القَطْو : مُقارَبَة الخطو ، وبه سمِّيت القطاة ، وجمعها قطاً . والعرب تقول : « ليس قَطاً مثلَ قُطَيّ »؛ أَي ليس الأكابرُ مثل الأصاغر . قال :
ليسَ قَطاً مثلَ قُطَيٍّ ولا الــ
ــمَرْعيُّ في الأقوام كالرّاعي
ــمَرْعيُّ في الأقوام كالرّاعي
ــمَرْعيُّ في الأقوام كالرّاعي
وسمِّيت قطاةً لأنَّها تَقْطُو في المِشْية . ويقولون : اقطَوْطَى الرَّجلُ في مشيته : استدار .
وممّا استُعِير من هذا الباب القطاة : مَقعَد الرَّدِيف من ظَهْر الفَرَس .
قعث : القاف والعين والثاء أصلٌ يدلُّ على كثرة . يقولون : القَعِيث : المطر الكثير ، والسَّيْب الكثير . وأقْعَثَ له العطيَّة : أجزلَها .