فالأوَّلُ قولهم : قاناه ، إذا خالَطَه ، كاللَّونِ يُقانِي لوناً آخَرَ غيرَه . وقال الأصمعيّ : قانيتُ الشَّيءَ : خَلَطته . قال امرؤ القيس :
كبكر المُقاناةِ البياضَُِ بصُفْرَة
غَذاها نَمِيرُ الماءِ غَيْرَ مُحَلَّلِ
غَذاها نَمِيرُ الماءِ غَيْرَ مُحَلَّلِ
غَذاها نَمِيرُ الماءِ غَيْرَ مُحَلَّلِ
ومن ذلك قولهم : ما يُعانِيني هذا؛ أَي ما يوافِقُني . ومعناه أنَّه يَنْبُو عنه فلا يخالطُه .
ومن الباب : قَنَى الشَّيءَ واقتناه ، إذا كان ذلك مُعَدّاً له لا للتِّجارة . ومالٌ قُِنْيانٌ : يتَّخَذ قُِنْيةً . ومنه : قَنَيْتُ حيائي : لزِمْتُه . واشتقاقُه من القُِنْية . قال الشّاعر :
فاقنَيْ حياءَكِ لا أبا لَكِ واعلَمِي
أنِّي امرؤٌ سأموتُ إنْ لم أُقْتَلِ
أنِّي امرؤٌ سأموتُ إنْ لم أُقْتَلِ
أنِّي امرؤٌ سأموتُ إنْ لم أُقْتَلِ
والقِنْو : العِذْقُ بما عليه؛ لأنَّه ملازِمٌ لشجرته .
ومن الباب المَقْناة من الظِّلِّ لا يَهمِزُها ، وهو مكانٌ لا تُصيبه الشَّمس . وإنَّما سمِّي بذلك لأنَّ الظلَّ مُلازِمُه لا يكاد يُفارِقُه . ويقول أهلُ العلم بالقُرآن : إنّ كهفَ أصحابِ الكهف في مَقْناة من جبل .
والأصل الآخر : القَنا : احديدابٌ في الأنْف . والفعل قَنِيَ قَنىً . ويمكن أن تكون القَناة من هذا؛ لأنَّها تُنْصَب وتُرْفَع؛ وألِفُها واو لأنَّها تُجمَع قَناً وقَنَوات . وقناةُ الماء عندنا مشبَّهةٌ بهذه القناة إنْ كانتْ قناةُ الماء عربيَّة . والتشبيهُ بها ليس من جهةِ ارتفاع ، ولكن هي كظائِمُ وآبارٌ فكأنَّها هذه القناة؛ لأنَّها كعوبٌ وأنابيب .
وإذا هُمِز خَرَجَ عن هذا القياس ، فيقال : قَنَأَ ، إذا اشتدتْ حُمرتُه وهو قانئ . وربَّما همزوا مَقْنَأة الظّلّ ، والأوَّل أشْبَهُ بالقِياسِ الذي ذكرناه .
قهب : القاف والهاء والباء أُصَيْلٌ يدلُّ على لون من الألوان . يقولون : القُهْبَةُ : بياضٌ تعلوه حُمْرة . والقَهْبُ من ولد البقرة ما يكون لونُه كذا . والقَهْب : الجَبَل العظيم . والأقهبان : الفيلُ والجاموس ، وكلُّ ذلك متقارِب .
قهد : القاف والهاء والدال كلمةٌ واحدة . يقولون : القَهْد من ولد الضَّأن يضرب لونه إلى البَياض .
قهر : القاف والهاء والراء كلمةٌ صحيحةٌ تدلُّ على غَلَبة وعُلُوّ . يقال : قَهَرَه يَقهره قَهْراً . والقاهر : الغالب . وأقْهَرَ الرّجُل ، إذا صُيِّر في حال يذلُّ فيها . قال :
تَمَنّى حُصَيْنٌ أنْ يَسُودَ جذاعَهُ
فأمسى حُصينٌ قد أذَلَّ وأَقْهَرا
فأمسى حُصينٌ قد أذَلَّ وأَقْهَرا
فأمسى حُصينٌ قد أذَلَّ وأَقْهَرا
وقُهِر ، إذا غُلِبَ . ومن الباب : قُهِرَ اللَّحمُ : طبِخ حتّى يسيل ماؤُه . والقهقر ، فيما يقال : التَّيْس . فإنْ كان صحيحاً فلعلَّه من القياس الذي ذكرناه . والقَهْقَر : الحجر الصُّلب . وليس يبعد عن الأصل الذي بُنِيَ عليه الباب .
وممّا شذَّ عن ذلك : رَجَع القَهْقَرَى ، إذا رجع إلى خَلْفِه .
قهز : القاف والهاء والزاء كلمةٌ . يقولون : القَِهْزُ : ثيابُ مِرْعِزَّى يُخالِطُها حرير ، وبها يشبَّه الشَّعر اللِّين . قال :
من القَِهْز والقُوهِيّ
قهس : القاف والهاء والسين كلماتٌ إن صَحَّت . يقولون : جاء يَتَقَهْوَس ، إذا جاء مُنْحَنِياً يَضْطرب . وهذا ممكنٌ أن يكون هاؤه زائدة ، كأنَّه يَتقوس . ويقولون : القَهْوَسة : السُّرعة . والقَهْوَس : الرَّجُل الطويل .
قهل : القاف والهاء واللام كلمةٌ تدلُّ على قَشَف وسُوءِ حال . من ذلك القَهَلُ ، وهو التقشُّف . ورجلٌ متقهِّلٌ : لا يتعهَّد جَسدَه بنظافة . ومن الباب أو قريب منه : القَهْل : كُفران الإحسان واستقلالُ النِّعمة . وأقْهَلَ الرَّجلُ نَفْسَهُ : دَنَّسها بما لا يَعْنِيه . والتَّقَهُّل : شَكْوَى الحاجة . قال :
لَعْواً متى لاقيتَه تَقَهَّلاَ
ويقولون : انْقَهَلَ ، إذا سَقَط وضَعُف . ويقولون : قَهَلْتُ الرّجُلَ قَهْلاً ، إذا أثْنَيْتَ عليه ثناءً قبيحاً .
وممّا شذَّ عن هذا وما أدرِي كيف صحَّتُه ، يقولون : القَيْهَلة : الطَّلْعة . يقال : حَيّا الله قَيْهَلَتَه . وليست بكلمة عَذْبة .
قه : القاف والهاء ليس فيه إلاّ حكاية القَهْقَهة : الإغراب في الضّحك . يقال : قَهٌّ وقهقَهةٌ ، وقد يخفَّف . قال :
فهنَّ في تَهانُف وفي قَهِ
ويقولون : القَهقهة : قَرَبُ الوِرد .
قهو : القاف والهاءُ والحرف المعتلُّ أصلٌ يدلُّ على خِصْب وكثرة . يقال للرَّجُل المُخصِب الرَّحْلِ : قاه . يقال : إنَّه لَفِي عَيْش قاه . فأمّا قولُهم : أَقْهَى الرَّجلُ من طَعام ، إذا اجْتَواهُ ، فليس ذلك من جهةِ اجتوائِهِ إيّاه ، وإنّما هو من كثرته عنده حتّى يتملاّ عنده فيجتَوِيَه . وأمّا القهوة فالخمر ، قالوا : وسمِّيت قَهْوَةً أنَّها تُقْهِي عن الطَّعام؛ والقياس واحد .
قوب : القاف والواو والباء أصلٌ صحيحٌ ، وهو شِبْه حَفْر مُقَوَّر في الشَّيء . يقال : قُبْتُ الأرضَ أَقُوبُها قَوْباً ، وكذلك إذا حَفَرتَ فيها حُفْرةً مقوَّرة . تقول : قُبْتُها فانقابت . وقَوَّبْتُ الأرضَ ، إذا أثّرتَ فيها . وتقوَّب الشَّيء : انْقَلَع من أصلِه . وكأنَّ القُوباءَ من هذا ، وهي عربيّة . قال :
يا عجباً لهذه الفَليقَهْ
هل تُذهِبَنَّ القُوَباءَ الرِّيقَهْ
هل تُذهِبَنَّ القُوَباءَ الرِّيقَهْ
هل تُذهِبَنَّ القُوَباءَ الرِّيقَهْ
وقد تسكّن واوها فيقال قُوباء . ويقولون : « تخلَّصَتْ قائِبةٌ من قُوب » أي بيضة من فَرْخ؛ يضرب مثلاً للرّجُل يفارِقُ صاحبَه .
قاب : القاف والألف والباء . القابُ : القَدْر . وعندنا أنّ الكلمةَ فيها معنيان : إبدالٌ ، وقَلْبٌ . فأمّا الإبدال فالباء مبدلة من دال ، والألف منقلبة من ياء ، والأصل القِيدُ . قال الله تعالى : ) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ ( النجم : 9 . ويقال : القابُ : ما بين المَقْبِض والسِّيَه . ولكلِّ قوس قابانِ .
وممّا ليس من هذا الباب ولكنَّه مهموز ، قولهم : قَئِبَ من الشَّراب ، إذا امتلاََ .
قوت : القاف والواو والتاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إمساك وحفظ وقُدرة على الشَّيء . من ذلك قولُه تعالى : ) وَكانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْء مُقِيتاً( النساء : 85؛ أَي حافظاً له شاهداً عليه ، وقادراً على ما أراد . وقال :
وذي ضِغْن كَفَفْتُ النَّفْسَ عنه
وكنتُ على إساءته مُقِيتا
وكنتُ على إساءته مُقِيتا
وكنتُ على إساءته مُقِيتا
ومن الباب : القُوت ما يُمْسِكُ الرَّمَق؛ وإنَّما سُمِّي قُوتاً لأنَّه مِساكُ البَدَن وقُوَّتُه . والقَوْت : العَوْل . يقال : قُتُّه قَوْتاً ، والاسم القُوت . ويقال : اقتَتْ لنارك قِيتةً؛ أَي أطعِمْها الحَطَب . قال ذو الرُّمَّة :
فقلتُ له ارْفَعْها إليكَ وأَحْيِها
برُوحِكَ واقْتَتْهُ لها قِيتةً قَدْرا
برُوحِكَ واقْتَتْهُ لها قِيتةً قَدْرا
برُوحِكَ واقْتَتْهُ لها قِيتةً قَدْرا
قود : القاف والواو والدال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على امتداد في الشَّيء ، ويكون ذلك امتداداً على وجه الأرض وفي الهواء . من ذلك القُود : جمع قَوْداء ، وهي النّاقة الطويلة العُنُق . والقَوْداء : الثَّنِيَّة الطَّويلة في السماء . وأفراسٌ قُودٌ : طِوالُ الأعناق . قال النّابغة :
قُودٌ براها قِيادُ الشُّعبِ فانهدمت
تَدْمَى دوابرُها محذُوَّةً خَدَما
تَدْمَى دوابرُها محذُوَّةً خَدَما
تَدْمَى دوابرُها محذُوَّةً خَدَما
ويفرّع من هذا فيقال : قُدْتُ الفَرَسَ قَوْداً ، وذلك أن تمدَّه إليك؛ وهو القياسُ ، ثمَّ يسمُّون الخَيلَ قَوْداً ، فيقال : مرَّ بنا قَوْدٌ . وفرسٌ قَؤُودٌ : سلسٌ مُنْقاد . والقائد من الجَبَل : أنْفُهُ . والأقْوَد من النّاس : الذي إذا أقْبَلَ على الشيء بوجهه لم يَكَدْ ينصرف . والقَوَدُ : قَتْلُ القاتل بالقتيل ، وسمِّي قَوَداً لأنَّه يُقادُ إليه .
قور : القاف والواو والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على استدارة في شيء . من ذلك الشيء المُقَوَّر . وقُوّارَةُ القَمِيصِ معروفة . والقُور : جمع قارَة ، وهي الأَكَمة؛ وسمِّيت بذلك لأنَّها مستديرة . فأمّا الدَّبَّة فيقول ناسٌ : إنّها تسمَّى القارَة ، وذلك على معنى التشبيه بقارَة الأَكَم . ويقولون : دارٌ قَوْراءُ ، وهو هذا القياسُ ، وإنّما هذا موضوعٌ على ما كانت عليه مساكنُ العرب من خِيَمِهم وقبابِهم . واقورَّ الجِلْدُ : تَشانَّ . وهو من الباب؛ لأنَّه يتجمَّع ويدورُ بعضُه على بعض .
وممّا شذَّ عن هذا الباب قولُهم : لَقِيتُ منه الأقْوَرِينَ والأقْوَرِيّاتِ ، وهي الشَّدائد .
قوز : القاف والواو والزاء كلمةٌ واحدة ، وهي القَوز : الكثيب ، وجمعه أقوازٌ وقِيزان . قال :
وأُشْرِفُ بالقَوزِ اليَفاعِ لَعلَّني
أرَى نارَ ليلَى أو يَرانِي بَصِيرُها
أرَى نارَ ليلَى أو يَرانِي بَصِيرُها
أرَى نارَ ليلَى أو يَرانِي بَصِيرُها
قوس : القاف والواو والسين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تقدير شيء بشيء ، ثمّ يُصَرَّف فتقلبُ واوُه ياءً ، والمعنى في جميعِهِ واحد . فالقَوْس : الذِّراع ، وسمِّيت بذلك لأنَّه يقدر بها المَذْرُوع . وبها سمِّيت القَوسُ التي يُرمَى عنها . قال الله تعالى : ) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (النجم : 9 . قال أهلُ التفسير : أراد : ذِراعَين . والأَقْوَس : المُنْحنِي الظَّهر . وقد قَوَّسَ الشَّيخُ؛ أَي انحَنَى كأنَّه قوسٌ . قال امرؤُ القيس :
أَراهُنَّ لا يُحْبِبْنَ مَن قلَّ مالُه
ولا مَن رأَيْنَ الشَّيب منه وقوّسا
ولا مَن رأَيْنَ الشَّيب منه وقوّسا
ولا مَن رأَيْنَ الشَّيب منه وقوّسا
وتقلب الواوُ لبعض العِلَل ياءً فيقال : بيني وبينه قِيسُ رُمْح؛ أَي قَدْرُه . ومنه القِياسُ ، وهو تَقديرُ الشَّيء بالشيء ، والمقدار مِقْياسٌ . تقول : قايَسْتُ الأمْرَينِ مُقايَسةً وقياساً . قال :
يَخْزَى الوَشيظُ إذا قال الصَّريحُ لهم
عُدُّوا الحَصَى ثمَّ قِيسوا بالمَقاييس
عُدُّوا الحَصَى ثمَّ قِيسوا بالمَقاييس
عُدُّوا الحَصَى ثمَّ قِيسوا بالمَقاييس
وجمعُ القَوسِ قِسِيٌّ ، وأقواس ، وقِياس . قال :
ووتَّر الأساوِرُ القياسا
وحكى بَعضُهم أنَّ القَوْسَ : السَّبْق ، وأنَّ أصل القياسِ منه؛ يقال : قاسَ بنو فلان بني فلان ، إذا سَبَقُوهم ، وأنشد :
لَعَمْرِي لقد قاسَ الجميعَ أبوكُم
فهَلاّ تَقِيسون الذي كان قائسا
فهَلاّ تَقِيسون الذي كان قائسا
فهَلاّ تَقِيسون الذي كان قائسا
وأصل ذلك كلِّه الواو ، وقد ذَكَرْناه .
وممّا شذّ عن هذا الباب القَوْس : ما يَبقَى في الجُلَّة من التَّمر . والقَوْس : نَجْمٌ . والمِقْوَس : المكانُ تُجرَى منه الخيلُ ، يُمَدُّ في صدورها بذلك الحبلِ لتَتَساوَى ، ثُمَّ تُرْسَل . فأمّا القُوسُ فصَومعةُ الرّاهب ، وما أُراها عربيَّة ، وقد جاءت في الشِّعر . قال :
. . . . . كأنّها
عَصا قَسِّ قُوس لينُها واعتدالُها
عَصا قَسِّ قُوس لينُها واعتدالُها
عَصا قَسِّ قُوس لينُها واعتدالُها
وقال جرير :
. . . . . ولو وقَفَتْ
لاستَفْتَنَتْنِي وذا المِسْحَينِ في القُوسِ
لاستَفْتَنَتْنِي وذا المِسْحَينِ في القُوسِ
لاستَفْتَنَتْنِي وذا المِسْحَينِ في القُوسِ
قوض : القاف والواو والضّاد كلمةٌ تدلُّ على نَقْضِ بناء . يقال : قَوَّضْت البناءَ : نقضْتُه من غير هَدْم . وتقوَّضَتِ الصُّفوف : انتَقَضَتْ .
قوط : القاف والواو والطاء كلمةٌ واحدة . يقولون : القَوْط : اليسير من الغَنَم ، والجمع أقْواط .
قوع : القاف والواو والعين أصلٌ يدلُّ على تبسُّط في مكان . من ذلك القاع : الأرض المَلْساء . والألِفُ في الأصل واو ، يقال في التصغير قُوَيْعٌ . قال ابن دريد : القَوْع : المِسْطح الذي يُبسَط فيه التَّمر ، والجمع أقواع . فأمّا القَوْع ، وهو ضِرابُ الفحلِ النّاقةَ ، فليس من هذا الباب ، لأنَّه من المقلوب . وأصله قَعْو؛ وقد ذُكِر .
وممّا شَذّ عن هذا الباب قولُهم : إنّ القُواعَ : الذَّكر من الأرانب .
قوف : القاف والراء والفاء كلمةٌ ، وهي من باب القَلْب وليست أصلاً . يقولون : هو يَقُوف الأثَرَ ويَقْتافُه بمعنَى يقفو . ويقولون : أَخَذَ بقُوفَةِ قَفاه ، وهو الشَّعَْر المتدلِّي في نُقْرة القَفا .
قوق : القاف والواو والقاف كلمةٌ ، يقولون : القُوق : الرَّجُل الطويل .
قاق : القاف والألف والقاف كلمةٌ واحدة ، وهي القاقُ : الرّجُل الطَّويل .
قول : القاف والواو واللام أصلٌ واحدٌ صحيحٌ يقلُّ كلمهُ ، وهو القَول من النُّطق . يُقال : قالَ يقول قَولاً . والمِقْوَل : اللِّسان . ورجل قُوَلةٌ وقَوّالٌ : كثير القَول . وأمّا أقوال . . . . .
قوم : القاف والواو والميم أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدُهما على جماعةِ ناس ، وربَّما استُعِير في غيرهم ، والآخَر على انتصاب أو عَزْم .
فالأوّل : القوم ، يقولون : جمع امرئ ، ولا يكون ذلك إلاّ للرِّجال . قال الله تعالى : ) لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْم (، ثمّ قال: ) وَلاَ نِساءٌ مِنْ نِساء( الحجرات: 11.
وقال زُهَير :
وما أدرِي وسَوْف إِخالُ أدْرِي
أقَوْمٌ آلُ حِصْن أمْ نِساءُ
أقَوْمٌ آلُ حِصْن أمْ نِساءُ
أقَوْمٌ آلُ حِصْن أمْ نِساءُ
ويقولون : قومٌ وأقوامٌ ، وأقاوِمُ جمعُ جمع . وأمّا الاستعارة فقولُ القائل :
إذ أقْبَلَ الدِّيكُ يَدعُو بَعْضَ أُسْرَتِهِ
عنْدَ الصَّباحِ وهو قومٌ مَعازيلُ
عنْدَ الصَّباحِ وهو قومٌ مَعازيلُ
عنْدَ الصَّباحِ وهو قومٌ مَعازيلُ
فجمع وسَمّاها قوماً .
وأمّا الآخَر فقولُهم : قامَ قياماً ، والقَوْمة المَرَّةُ الواحدة ، إذا انتصب . ويكون قامَ بمعنى العَزيمة ، كما يقال : قامَ بهذا الأمر ، إذا اعتنَقَه . وهم يقولون في الأوَّل : قيامٌ حتم ، وفي الآخر : قيامٌ عَزْم .
ومن الباب : قوَّمْتُ الشَّيءَ تقويماً . وأصل القِيمة الواو ، وأصلُه أنَّك تُقِيم هذا مكانَ ذاك .
وبلَغَنا أنَّ أهلَ مكّةَ يقولون : استَقَمْتُ المَتاعَ؛ أَي قوَّمْتُه .
ومن الباب : هذا قِوام الدين والحقّ؛ أَي به يقوم . وأمّا القَوام فالطُّول الحَسَن . والقُومِيَّة : القَوام والقامة . قال :
أيّامَ كُنتُ حَسَنَ القُومِيَّهْ
قام : القاف والألف والميم قد مضى ذِكرُ ذلك ، والأصل في جميعه الواو . والقامَة : البَكَرة بأداتِها . قال :
لمّا رأيتُ أنَّها لاقامَهْ
وأَنَّني مُوف على السَّآمهْ
وأَنَّني مُوف على السَّآمهْ
وأَنَّني مُوف على السَّآمهْ
نزعتُ نَزعاً زَعْزَعَ الدِّعامَهْ
قاه : القاف والألف والهاء كلمةٌ . يقولون : القاهُ : الطاعةُ والجاه . ويُنْشِدون :
لَما رأَيْنا لأمير قاها
قوى : القاف والواو والياء أصلانِ متباينان ، يدلُّ أحدُهما على شِدَّة وخِلافِ ضَعْف ، والآخَر على خلافِ هذا وعلى قِلّة خَيْر .
فالأوَّل القُوّة ، والقوِيّ : خلاف الضَّعيف . وأصل ذلك من القُوَى ، وهي جَمْعُ قوة من قُوَى الحبل . والمُقْوِي : الذي أصحابهُ وإبلُه أقوياء . والمُقْوِي : الذي يُقْوِي وَتَرَه ، إذا لم يُجِدْ إغارتَه فتراكبَتْ قُواه . ورجلٌ شَديد القُوى؛ أَي شديدُ أَسْرِ الْخَلْق .
فأمّا قولهم : أقوى الرّجُلُ في شِعره ، فهو أن يَنْقُص من عروضه قُوّة . كقوله :
أفَبَعْدَ مقتلِ مالكِ بن زُهَيْر
يرجو النِّساءُ عواقبَ الأطهارِ
يرجو النِّساءُ عواقبَ الأطهارِ
يرجو النِّساءُ عواقبَ الأطهارِ
والأصل الآخر : القَواء : الأرض لا أهلَ بها . ويقال : أقْوَت الدّارُ : خلت . وأقوى القومُ : صاروا بالقَواء والقِيِّ . ويقولون : باتَ فلانٌ القَواءَ وبات القَفْرَ ، إذا بات على غير طُعْم . والمُقْوِي : الرّجُل الذي لا زادَ معه . وهو من هذا ، كأنَّه قد نزل بأرض قِيٍّ .
وممّا شذَّ عن هذا الأصلِ كلمةٌ يقولونها ، يقولون : اشْتَرَى الشُّركاءُ الشَّيءَ ثمّ اقتَوَوْه ، إذا تزايدُوه حتّى بلغ غايةَ ثَمنِه .
قيأ : القاف والياء والهمزة كلمةٌ واحدة . قاءَ يَقِيء قَيْئاً ، واسْتَقاءَ استفعل من القَيء . ويقولون للثَّوب المُشْبَع الصِّبغ : هو يَقِيء الصِّبْغ .
قيح : القاف والياء والحاء كلمة . قاح الجُرحُ يَقِيح ، وهو مِدّةٌ لا يخالطها دمٌ .
قيد : القاف والياء والدال كلمةٌ واحدة ، وهي القَيْد ، وهو معروفٌ ، ثُمَّ يستعارُ في كلِّ شيء يَحْبِس . يقال : قيَّدْتُه أُقَيِّده تقييداً . ويقال : فَرَسٌ قَيْدُ الأَوابِدِ؛ أَي فكأنَّ الوحشَ من سُرعةِ إدراكه لها مُقيَّدة . قال :
وقَدْ أَغْتدِي والطَّيْرُ في وُكْناتها
بمُنجرِد قَيدِ الأوابدِ هيكلِ
بمُنجرِد قَيدِ الأوابدِ هيكلِ
بمُنجرِد قَيدِ الأوابدِ هيكلِ
والمُقَيَّد : موضعُ القَيْدِ من الفَرَس .
قيل : القاف والياء واللام أصْلُ كَلِمِهِ الواو ، وإنّما كُتِب هاهنا لِلَّفْظ . فالقَيْل : الملكُ من مُلوكِ حِمْيَر ، وجَمْعُه أقيال . ومَن جَمَعه على الأقوال فواحدهم قَيِّل بتشديد الياء . والقيلُ والقال ، قال ابن السِّكِّيت : هما اسمانِ لا مصدران . واقْتالَ عَلَى فُلان ؛ إذا تَحكَّم . ومعناه عندنا أنَّه يُشبَّه بالملك الذي هو قَيْلٌ . قال :
وماءُ سَماء كانَ غَيْرَ مَحَمَّة
وما اقتالَ في حُكْم عليَّ طبيبُ
وما اقتالَ في حُكْم عليَّ طبيبُ
وما اقتالَ في حُكْم عليَّ طبيبُ
وممّا شَذَّ عن هذا الأصل القَيْل : شُرْبُ نصفِ النَّهار . والقائلة : نومُ نِصف النّهار . وقولهم : تقيَّلَ فلانٌ أباه : أشْبَهَه ، إنّما الأصل تَقَيَّضَ ، واللام مُبدَلَةٌ من ضاد ، ومعناه أنَّهما كانا في الشَّبَه قَيْضَيْنِ .
قين : القاف والياء والنّون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إصلاح وتزيين . من ذلك القَيْن : الحَدّاد ، لأنَّه يُصلِحُ الأشياءَ ويَلُمُّها؛ وجمعه قُيُون . وقِنْتُ الشَّيءَ أَقِينُه قَيْناً : لَمَمتُه . قال :
ولي كبدٌ مقروحةٌ قد بَدا بِها
صُدوعُ الهوى لو كان قينٌ يَقِينُها
صُدوعُ الهوى لو كان قينٌ يَقِينُها
صُدوعُ الهوى لو كان قينٌ يَقِينُها
ويقولون : التَّقيين : التَّزيين . واقْتانَتِ الرَّوضةُ : أخذَتْ زُخْرُفَها . ومنه يقال للمرأَة مُقَيِّنة ، وهي التي تُزيِّن النِّساء . ويقال : إنّ القَيْنةَ : الأَمَةُ ، مغنِّيةً كانت أو غَيْرَها . وقال قومٌ : إنّما سمِّيت بذلك لأنَّها قد تُعَدُّ للغِناء . وهذا جيِّد . والقَيْنُ : العَبْد .
وممّا شذَّ عن هذا الباب القَيْنُ : عَظْم السّاق ، وهما قَيْنانِ . قال ذو الرُّمّة :
قَيْنَيْهِ وانحسَرَتْ عنه الأناعيم
قيه : تقدم في ( قاه ) .