شهر : الشين والهاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على وضوح في الأمر وإضاءة. من ذلك الشَّهر ، وهو في كلام العرب الهِلال ، ثمّ سمِّي كلُّ ثلاثين يوماً باسم الهلال ، فقيل شهر. قد اتَّفق فيه العربُ والعجم؛ فإنّ العجم يسمُّون ثلاثين يوماً باسم الهلال في لغتهم. والدليل على هذا قولُ ذي الرُّمّة :
فأصْبَحَ أَجْلَى الطرفِ ما يستزيدُه
يَرَى الشَّهرَ قبل الناسِ وهو نحيلُ
يَرَى الشَّهرَ قبل الناسِ وهو نحيلُ
يَرَى الشَّهرَ قبل الناسِ وهو نحيلُ
والشُّهرة : وضوح الأمر. وشهَرَ سيفَه ، إذا انتضاه. وقد شُهِر فلانٌ في الناس بكذا ، فهو مشهور ، وقد شَهَروه. ويقال : أشْهَرْنا بالمكان ، إذا أقَمنا به شهراً. وشَهْرانُ : قبيلة.
شهق : الشين والهاء والقاف أصلٌ واحد يدلُّ على علوّ. من ذلك جبلٌ شاهِق؛ أَي عال. ثمّ اشتُقَّ من ذلك الشَّهيق : ضدّ الزَّفير؛ لأنّ الشَّهيق ردُّ النَّفَس ، والزّفير إخراج النّفَس. والأصل في ذلك ما ذكرناه. وقال بعضهم : فلان ذو شاهق ، إذا اشتدَّ غضبُه. ولعلَّه أن يكون مع ذلك صوت.
شهل : الشين والهاء واللام أصلٌ في بعض الألوان ، وهي الشُّهْلة في العين ، وذلك أن يشُوبَ سوادَها زُرْقة.
وممّا ليس من هذا الباب : امرأةٌ شهلة ، قالوا : هي النَّصَف العاقلة. قالوا : وذلك اسمٌ لها خاصّةً ، لا يوصَف به الرجل. كذا قال أهل اللُّغة. فأمَّا العرب فقد سمَّت بشَهْل ، وهو الفِندالزِّمَّانيّ ، يقال : إنّ اسمَه شَهْل بن شيبان.
وممّا شذَّ أيضاً : المشاهَلة : المُشَارَّة ، وأظنُّ الشين مبدلةً من جيم. وكذلك قولهم للحاجَةِ : شهلاء ، وهو من باب الإبدال ، والأصل الكاف : الشَّكْلاء.
شهم : الشين والهاء والميم أصلٌ يدلُّ على ذَكاء. يقال من ذلك : رجل شَهْم. وربَّما قالوا للمذعور : مَشهوم ، وهو قياسٌ صحيح لأنَّه إذا تفزَّعَ بَدَا ذكاءُ قلبهِ . ويقولون : إنّ الشَّهامَ السِّعلاة. فإنْ صحَّ هذا فهو أيضاً من الذكاء. والشَّيهم : القنفذ؛ وليس ببعيد أن يكون من قياس الباب. وفيه يقول الأعشى :
لَئِنْ جَدّ أسبابُ العداوةِ بيننا
لترتَحِلَنْ منِّي على ظهر شَيهمِ
لترتَحِلَنْ منِّي على ظهر شَيهمِ
لترتَحِلَنْ منِّي على ظهر شَيهمِ
والله أعلم.
شهو : الشين والهاء والحرف المعتلّ كلمة واحدة ، وهي الشّهوة. يقال : رجلٌ شَهْوانٌ ، وشيءٌ شَهِيّ.
شوب : الشين والواو والباء أصلٌ واحد ، وهو الخَلْط. يقال : شُبْتُ الشَّيءَ أشوبُه شَوباً. قال أهلُ اللُّغة : وسمِّي العَسَل شَوباً ، لأنَّه كان عندهم مِزاجاً لغيره من الأشربة. والشِّياب : اسمٌ لما يُمزَج به. ويقولون : ما عنده شوبٌ ولا رَوْب. فالشَّوب : العسَل. والرّوب : اللبن الرائب.
شوذ : الشين والواو والذال ليس فيه إلاّ المِشْوَذ ، وهي العمامة. قال الوليد بن عقبة :
إذا ما شددتُ الرأس مِنّي بمِشوذ
فَغَيَّكِ مِنِّي تغلبَ ابنةَ وائلِ
فَغَيَّكِ مِنِّي تغلبَ ابنةَ وائلِ
فَغَيَّكِ مِنِّي تغلبَ ابنةَ وائلِ
شور : الشين والواو والراء أصلان مطَّردان ، الأوّل منهما إبداء شيء وإظهارُه وعَرْضه ، والآخَر أخْذ شيء.
فالأوّل قولهم : شُرت الدّابّة شَوْراً ، إذا عرضْتَها. والمكان الذي يُعْرض فيه الدّوابّ هو المِشوار. يقولون : « إيَّاك والْخُطَبَ فإنَّها مِشْوارٌ ، كثير العِثار ».
قال بعض أهل اللُّغة في قولهم : شوّرَبِهِ ، إذا أخجله : إِنّما هو من الشُّوار والشُّوار : فَرْج الرّجُل. ومن ذلك قولهم : أبْدَى الله شُواره. قال : فكأنَّ قولَه شَوّر به ، أراد أبْدَى شواره حتَّى خجِل. قال : والشَّوار : مَتاع البيت أيضاً. فإنْ كان صحيحاً فلأنَّه مِن الذي يُصان كما يصُون الرّجلُ ما عنده.
والباب الآخر : قولهم : شُرْت العسلَ أَشُوره. وقد أجاز ناسٌ : أشَرْت العسَل ، واحتجُّوا بقوله :
وسَماع يأذَنُ الشّيخُ لهُ
وحديث مثلِ ما ذِي مُشَارِ
وحديث مثلِ ما ذِي مُشَارِ
وحديث مثلِ ما ذِي مُشَارِ
وقال الأصمعيّ : إنّما هو « ماذيِّ مَشار » على الإضافة. قال : والمَشار : الخليَّة يُشتار منها العَسَل.
قال بعض أهل اللُّغة : من هذا الباب شاروتُ فلاناً في أمري. قال : وهو مشتقٌّ من شَوْر العسل فكأنَّ المستشير يأخذ الرأيَ من غره.
قالوا : وممّا اشتُقّ من هذا قولهم في البعير : هو مُستشِير ، وهو البعير الذي يعرف الحائلَ من غير الحائل. وأنشد :
أَفَزَّ عنها كلّ مستشيرِ
وكلَّ بَكْر داعِر مِئْشِيرِ
وكلَّ بَكْر داعِر مِئْشِيرِ
وكلَّ بَكْر داعِر مِئْشِيرِ
ويقال : بل هو السَّمين.
شوس : الشين والواو والسين أصلٌ واحد يدلُّ على نَظَر بتغيُّظ. من ذلك الشَّوَس : النَّظَر بأحد شِقَّي العين تغيُّظاً.ورجلٌ أشوسُ من قوم شُوس. ويقال هو الذي يصغِّر عينيه ويضمُّ أجفانه.
شوص : الشين والواو والصاد أصلٌ يدلّ على زعزعةِ شيء ودَلْكه. من ذلك الشَّوْص ، وهو التسوُّك بالسِّواك. وفي الحديث : « أنّه كان يَشُوص فاه بالسِّواك ». وقال امرؤ القيس :
بأسوَدَ ملتفِّ الغدائر وارد
وذي أُشُر تَشُوصه وتُموصُ
وذي أُشُر تَشُوصه وتُموصُ
وذي أُشُر تَشُوصه وتُموصُ
والشّوْص : الدلْك ، وقد يقال في الثَّوْب أيضاً. ويقال شاص الشَّيء ، إذا زعزَعَه. وأمّا الشَّوْصة فداءٌ يقال إنَّه يتعقَّد في الأضلاع.
شوط : الشين والواو والطاء أصلٌ يدلّ على مضيٍّ في غير تثبُّت ولا في حَقٍّ. من ذلك قولُهم جَرى شَوطاً أي طَلَقاً. ويقولون للضَّوء الذي يدخل البيوت من الكُوّة : شَوط باطل. وكان بعض الفقهاء يكره أن يقال : طاف بالبيت أشواطاً ، وكان يقول : الشَّوط باطل ، والطّوافُ بالبيت من الباقيات الصالحات.
شوظ : الشين والواو الظاء كلمة واحدة صحيحة ، فالشُّوَاظ : شُواظ اللّهب من النّار لا دخانَ معه. قال تعالى : ) شُوَاظٌ مِنْ نَار( الرحمن : 35.
شوع : الشين والواو والعين أصلٌ يدلّ على انتشار وتفرُّق. من ذلك : الشَّوَع ، وهو انتشار الشَّعْر وتفرُّقه. والشُّوع : شَجَر ولَعلّه متفرِّق النبت.
شوف : الشين والواو والفاء أصلٌ واحد ، وهو يدلُّ على ظهور وبُروز. من ذلك قول العرب : تَشوَّفَت الأوعالُ ، إذا عَلتْ مَعاقل الجبال. ثمّ حُمِل على ذلك واشتُقَّ منه : تشوَّفَ فلانٌ للشَّيء ، إذا طَمَح به ، ثمَّ قيل لجَلْو الشيء شَوف. تقول : شُفْتُه أشوفُه شَوفاً. والمَشُوف : المجلُوّ. والدِّينار المَشُوف من ذلك. وفيه يقول عنترة :
رَكَدَ الهواجرُ بالمَشُوفِ المُعْلَمِ
وإنَّما سمِّي ذلك شَوفاً لأنَّه يبرز به عن وجهِه ولونه. ويقال من ذلك : تشوّفَت المرأةُ ، إذا تزيَّنَت. ويقال : إنّ الجمَل المَشُوف : الهائج. قال :
مِثْلِ المَشُوفِ هَنَأْتَه بعَصيمِ
وقال قوم في البيت : إنَّما هو « المَسُوف » بالسين ، وهو الفَحل الذي تَسوفُه الإبل؛ أَي تشمّه . ويقال : اشتافَ فلانٌ ، إذا تطاوَلَ ونظَر. وأشافَ على الشَّيء ، إذا أوفَى عليه وأَشْرَف. ومن ذلك سُمِّي الطَّليعةُ الشَّيِّفَة.
شوق : الشين والواو والقاف يدلُّ على تعلُّق الشَّيء بالشيء ، يقال : شُقتُ الطُّنُب؛ أَي الوِتد ، واسم ذلك الخيط الشِّيَاق. والشَّوْق مثل النَّوط ، ثمّ اشتقّ من ذلك الشّوق ، وهو نزاعُ النَّفْس إلى الشَّيء. ويقال : شاقَنِي بَشُوقُني ، وذلك لا يكون إلاّ عن عَلَق حُبّ.
شوقب : مما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف وأوّله شين الشَّوْقَب والواو زائدة ، وقد مضى ذكره.
شوك : الشين والواو والكاف أصلٌ واحد يدلُّ على خشونة وحدّةِ طرَف في الشَّيء. من ذلك الشَّوك ، وهو معروف. يقال : شجرةٌ شَوِكَة وشائكة ومُشِيكة . ويقال : شاكَني الشّوكُ. وأشَكْت فلاناً ، إذا آذَيتَه بالشَّوك. وشوَّكَ الفرخ ، إذا أنْبَت . ويشتقُّ من ذلك الشَّوْكة ، وهي شدّة البَأس. ويقال : جاء بالشَّوك والشَّجر ؛ أَي في العدد الجَمّ. ويقال : بُردةٌ شَوكاء ، وهي الخَشِنة المَسِّ من جِدّتها ، وقيل هي الخشنة والنَّسْج. ويقال : شَوَّكَ ثَديُ المرأةِ ، إذا انتصب وتَحدَّد طَرَفه. ويقال : شوّك البعير ، إذا طالت أنيابُه.
شول : الشين والواو واللام أصلٌ واحد يدلُّ على الارتفاع. من ذلك شالَ المِيزان ، إذا ارتفعت إحدى كِفّتَيه. وأشَلْتُ الشَّيءَ : رفعتُه. والشَّول من الإبل : التي ارتفعت ألبانُها ، الواحدة شائلة. والشوَّل : اللواتي تَشُول بأذنابها عند اللِّقاح ، الواحدة شائل. وزعم قومُ أنّ شَوّالاً سمِّي بذلك لأنَّه وافق وقتَ أن تشولَ الإبل. والشَّوْلة : نجم ، وهي شَوْلة العقرب ، وهي ذَنَبها. وتسمَّى العقربُ شَوّالة . ويقال : تشاوَلَ القومُ بالسِّلاح عند القتال ، وذلك أنْ يُشيل كلٌّ السِّلاح لصاحبِه. فأمّا الماء القليل فيسمّى شَولاً؛ لأنَّه إذاً قد خفّ وسَرُع ارتفاعه وذهابه. قال :
وصَبَّ رُواتُها أشوالَها
ويسمَّى الخادم الخفيف في الخِدمة : شَوِلاً؛ لسرعة ارتفاعه فيما ينهض فيه.
شوه : الشين والواو والهاء أصلان : أحدهما يدلُّ على قُبح الخِلقة ، والثاني نوعٌ من النَّظَر بالعين.
فالأولّ الشَّوَه : قُبح الخلقة؛ يقال : شاهَت الوجوه أي قَبُحت. وشوَّهه الله فهو مشوَّه. وفي الحديث أنَّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) رَمَى المشركين بالتُّراب وقال : « شاهت الوُجوه ». وأمّا الفرس الشَّوهاء فالتي في رأسها طُول.
وأمّا الأصل الآخر فقالوا : رجل شائِهُ البصر ، إذا كان حديد البصَر. ويقال : شاهِي البَصَر أيضاً. وكأنَّه من المقلوب. ويقال : الأشْوَه الذي يُصيب النَّاسَ بالعين. ويقولون : لا تَشَوَّه عَلَيَّ ، إذا قال : ما أحسَنَك؛ أَي لا تُصِبْني بعينك.
وممّا شذّ عن الباب : الشَّاة. قالوا : أصل بنائها من هذا ، يقال : تشوَّهْت شاةً؛ أَي أخذتها.
شوى : الشين والواو والياء يدلُّ على الأمر الهيِّن. من ذلك الشَّوى وهو رُذَال الماء. قال :
أكَلْنا الشَّوَى حَتَّى إذا لم تَجِدْ شَوىً()
أشَرْنا إلى خيراتها بالأصابع
أشَرْنا إلى خيراتها بالأصابع
أشَرْنا إلى خيراتها بالأصابع
ومن ذلك الشَّوَى : جمع شَواة ، وهي جِلْدة الرأس. والشَّوَى : الأطراف ، وكلُّ ما ليس بمَقْتل. وكلُّ أمر هيّن شَوىً. ويقولون في الإتباع : عَيِيٌّ شَوِيٌّ. قال ابن دريد : هو من الشَّوى ، وهو الرُّذَال. ويقال : رميتُ الصَّيدَ فأشوَيْتُه ، إذا أصَبْتَ شَواهُ ، وهي أطرافه. والشَّوايا : بقيَّة قوم هَلَكوا ، الواحِد شَوِيَّة؛ وإِنَّما سمِّيت بذلك لقلَّتها وهُونِها. قالوا : والشّواية الشَّيء الصغير من الكبير ، كالقِطعة من الشّاة. ويقال : ما بَقِيَ من المال إلاّ شَُِوايَة؛ أَي شيءٌ يسير. والذي لا نشكُّ فيه أنّ الشِّواء مشتقٌّ من هذا؛ لأنَّه إذا شُوِي فكأنَّه قد أهين. فإن قال قائل : فينبغي أن يكون إذا قُدِر وكبِّب : شِواءٌ لأنَّه قد أهين. قيل له : نحن نعلِّل ما يقوله العربُ حتَّى نردَّه إلى أصل مطَّرد متّفَق عليه. فأمّا ما سوَى ذلك فليس لنا أن نفعلَه. وتقول : شَوَيت اللَّحَم شَيّاً واشتويتُه ، فأنا مشتو. قال الشّاعر :
فاشتوَى ليلةَ ريح واجْتَمَلْ
ويقال : انْشَوَى اللَّحم. قال :
قَد انْشوى شِواؤنا المرَعْبل ( )
فاقترِبوا إلى الغَدَاء فكلُوا
فاقترِبوا إلى الغَدَاء فكلُوا
فاقترِبوا إلى الغَدَاء فكلُوا
قال الخيل : الإشواء : الإبقاء أو في معناه ، حتَّى يقول بعضهم : تعشَّى فلانٌ فأشْوَى من عَشَائِه؛ أَي أبقى. قال :
فإنَّ مِن القول التي لا شَوى لها
إذا زلَّ عن ظهر اللِّسان انفلاتها
إذا زلَّ عن ظهر اللِّسان انفلاتها
إذا زلَّ عن ظهر اللِّسان انفلاتها
أي لا بقيَّةَ لها. والأصلُ يَرجع إلى ما أصَّلناه.
شيأ : الشين والياء والهمزة كلمةٌ واحدة. يقال : شَيَّأ الله وجْهَه؛ إذا دعا عليه بالقُبح. ووجهٌ مُشَيَّأٌ. وأنشد :
إِنَّ بَنِي فزارةَ بنِ ذُبيانْ
قد طَرَّقَتْ ناقتُهم بإنسانْ
قد طَرَّقَتْ ناقتُهم بإنسانْ
قد طَرَّقَتْ ناقتُهم بإنسانْ
مُشَيَّأ أعجِبْ بخَلْقِ الرَّحمـن
شيب : الشين والياء والباء. هذا يقرب من باب الشين والواو والباء ، وهما يتقاربان جميعاً في اختلاط الشَّيء بالشيء. من ذلك الشَّيب : شَيب الرأس؛ يقال : شاب يَشيب. قال الكسائيّ : شيّب الحُزنُ رأسَه وبرأسه ، وأشاب الحُزْن راسَه وبرأسه. والرجل إذا شاب فهو أشْيَب. والشِّيب : الجبال يسقُط عليها الثلج ، وهو من الشَّيْب. وقال الشاعر :
شيوخٌ تَشِيب إذا ما شتَت
وليس المشيبُ عليها معيباً
وليس المشيبُ عليها معيباً
وليس المشيبُ عليها معيباً
يريد الجبال إذا ابيضَّت من الثلج. ووجدت في تفسير شعر عبيد في قوله :
والشَّيبُ شَينٌ لمن يشِيبُ
أنَّ الشَّيب والمَشِيب واحد. قال : وقال الأصمعيّ : الشَّيب : بياض الشّعر ، والمشيبُ : دخولُ الرّجُل في حدِّ الشِّيبِ من الرِّجال ذوي الكِبَر والشَّيب. وقال أيضاً في هذا الموضع : قال ابن السّكِّيت في قول عديٍّ :
والرأسُ قد شابَهُ المَشِيبُ
أراد بَيّضه المَشيب ، وليس معناه خالَطَه. وأنشد :
قد رابَه ولِمِثْلِ ذلك رابَهُ
وَقَعَ المَشيبُ على المشيب فشَابَهُ
وَقَعَ المَشيبُ على المشيب فشَابَهُ
وَقَعَ المَشيبُ على المشيب فشَابَهُ
أي بَيَّضَ مسوَدَّه. وشِيبان ومِلْحان : شهرا قِماح ، وهما أشدُّ الشتاءِ برداً؛ سمِّيا بذلك لبياض الأرض بما عليها من الصَّقيع.
وممّا شذَّ عن هذا الباب قولُهم : باتت فلانةُ بليلةِ شيْباءَ ، إذا اقْتُضَّت. وباتَتْ بليلةِ حُرّة ، إذا لم تُفْتَضّ.
شيح : الشين والياء والحاء أصلان متباينان ، يدلُّ أحدهما على جِدٍّ وحَذَر ، والآخر على إعراض.
فأمَّا الأوّل فقول العرب : أشاحَ علَى الشَّيءِ ، إذا واظَبَ عليه وجَدَّ فيه. قال الرّاجز :
قُبّاً أطاعَت راعياً مُشِيحاً
وقال آخر :
وشايَحْتَ قبل اليَومِ إِنَّكَ شِيحُ
وأمَّا الشِّياح فالحِذَار. ورجل شائحٌ. وهو قوله :
شايَحْن منه أيَّما شِيَاحِ
والمَشْيُوحاء : أنْ يكون القومُ في أمر يَبْتَدِرُونه؛ يقال : هم في مَشْيُوحاءَ.
وأمّا الآخر فيقال : أشاحَ بوجهه؛ أَي أعرض. ويقال : إنّ اشتقاقَه من قولهم أشاحَ الفرسُ بذنَبه ، إذا أرخاه.
وممّا شذَّ عن البابين جميعاً : الشِّيح ، وهو نبتٌ.
شيخ : الشين والياء والخاء كلمة واحدة ، وهي الشَّيخ. تقول : هو شيخٌ ، وهو معروف ، بيِّن الشَّيخوخة الشَّيَخ والتّشييخ. وقد قالوا أيضاً كلمةً ، قالوا : شَيَّخت عليه .
شيد : الشين والياء والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على رفعِ الشَّيء. يقال : شِدْت القَصر أشِيدُه شَيْداً. وهو قصر مَشِيدٌ؛ أَي معمولٌ بالشِّيد. وسمِّي شِيداً لأنَّ به يُرفَع البناء. يقال : قَصرٌ مَشِيدٌ أي مُطَوَّل. والإشادة : رفْع الصَّوت والتنويه.
شيص : الشين والياء والصاد. يقال : إنّ الشِّيص أردأ التَّمْر.
شيط : الشين والياء والطاء أصلٌ يدلُّ على ذَهاب الشَّيء ، إمّا احتراقاً وإمّا غَيْرَ ذلك. فالشَّيْط مِن شاط الشَّيءُ ، إذا احترق. يقال : شيَّطت اللَّحم. ويقولون : شيَّطَه ، إذا دَخَّنه ولم يُنْضِجْه. والأوّلُ أصحُّ وأقيَس.
ومن المشتقّ من هذا : استشاط الرَّجلُ ، إذا احتدَّ غضَباً. ويقولون : ناقةٌ مِشياط ، وهي التي يطير فيها السِّمَن.
ومن الباب الشَّيطان ، يقارب الياء فيه الواو ، يقال : شَاط يَشِيط ، إذا بَطَل. وأشاطَ السُّلطانُ دمَ فلان ، إذا أبطَلَه. وقد مضى الكلامُ في اشتقاقِ اسم الشَّيطان .
شيع : الشين والياء والعين أصلان ، يدلُّ أحدُهما على معاضدة ومساعفة ، والآخر على بَثٍّ وإشادة.
فالأوّل : قولُهم شَيَّعَ فلانٌ فلاناً عند شُخوصه. ويقال : آتِيكَ غداً أو شيْعَه؛ أَي اليوم الذي بعده ، كأنَّ الثّاني مُشيِّع للأوّل في المضيّ. وقال الشّاعر :
قال الخليطُ غداً تَصَدُّعُنا
أو شَيْعَه أفلا تُوَدِّعُنا
أو شَيْعَه أفلا تُوَدِّعُنا
أو شَيْعَه أفلا تُوَدِّعُنا
ويقال للشجاع : المشيَّع؛ كأنَّه لقُوَّته قد قَوِي وشُيِّع بغيره ، أو شُيِّع بقُوّة.
وزعم ناسٌ أنَّ الشَّيْعَ شِبل الأسد ، ولم أسمعْه من عالم سَماعاً. ويقول ناس : إنّ الشَّيْع المِقدار ، في قولهم : أقام شهراً أو شَيْعَه. والصَّحيح ما قلته ، في أنّ المشيِّع هو الذي يُساعِد الآخَر ويقارنه. والشِّيعة : الأعوان والأنصار.
وأمّا الآخَر فقولهم : شاع الحديث ، إذا ذاع وانتشر. ويقال : شَيَّع الراعي إبلَه ، إذا صاح فيها. والاسم الشِّيَاع : القصبة التي ينفُخ فيها الراعي. قال :
حنينَ النِّيبِ تَطربُ للشِّياع
ومن الباب قولهم في ذلك : له سهم شائع ، إذا كان غير مقسوم. وكأنّ من له سهمٌ ونَصِيب انتشر في السَّهم حتَّى أخذه ، كما يَشِيع الحديثُ في النّاس فيأخذ سَمع كلِّ أحد.
ومن هذا الباب : شيَّعت النّارَ في الحطب ، إذا ألْهَبْتَها.
شيق : الشين والياء والقاف كلمة. يقال : إنّ الشِّيق الشّق الضّيق في رأس الجَبل. قال :
شغْواء تُوطنُ بين الشِّيقِ والنِّيقِ
شيم : الشين والياء والميم أصلانِ متباينان ، وكأنّهما من باب الأضداد إذْ أحدُهما يدلُّ على الإظهار ، والآخَر يدلُّ على خلافه.
فالأوّل قولهم : شِمْت السّيفَ ، إذا سللتَه. ويقال للتُّراب الذي يُحفَر فيستخرج من الأرض الشِّيمة ، والجمع الشِّيَم. ومن الباب : شِمْت البرقَ أشِيمُه شَيماً ، إذا رقَبْتَه تنظر أينَ يَصُوب. وهذا محمول على الذي ذكرناه من شَيْم السَّيف. وقال الأعشى :
فقلتُ للشَّرْبِ في دُرْنا وقد ثَمِلوا
شيموا وكيف يَشيم الشَّاربُ الثَّمِلُ
شيموا وكيف يَشيم الشَّاربُ الثَّمِلُ
شيموا وكيف يَشيم الشَّاربُ الثَّمِلُ
كأنَّه لمّا رقَبَ السَّحاب شام بَرقَه كما يُشام السَّيف.
والأصل الآخَر : قولُهم : شِمت السيفَ ، إذا قَرَبْتَه . ومن الباب الشِّيمة : خَلِيقة الإنسان ، سمِّيت شيمةً لأنّها كأنّها مُنْشامة فيه داخلةٌ مستكِنّة. والانشيام : الدُّخول في الشَّيء؛ يقال : انشام في الأمر ، إذا دخل فيه. والمَشِيمَة : غِشاءُ ولَدِ الإنسان ، وهو الذي يقال له مِن غيرِه السَّلَى. وسمِّيت بذلك كأنّ الولد قد انشام فيها.
فأمّا الشّامَة فيمكن أن يكون من الباب الأوّل؛ لأنَّها شيء بارزٌ ، يقال : منها رجلٌ أشيم ، وهو الذي به شامة.
شين : الشين والياء والنون كلمةٌ تدلُّ على خلاف الزينة. يقال : شانَه خلافُ زانه. والله أعلم بالصواب.