فالأوّل الصُّدْغ ، وهو ما بين خَطِّ العين إلى أصل الأُذُن. يقال : صَدَغْت الرّجل ، إذا حاذيتَ صُدْغَه بصُدْغِك في المشي. والصِّداغ : سِمة في الصُّدْغ.
والأصل الآخَر الصَّدِيغ : الرجل الضَّعيف. يقال : ما يَصْدَغ نملةً من ضَعْف ؛ أَي ما يقتُل. ويقال : إنّ الصَّديغ الولدُ إلى أن يستكملَ سبعةَ أيّام .
وممّا شذَّ عن البابين قولُهم : صدغتُه عن الشَّيء؛ أَي كففتُهُ عنه.
صدف : الصاد والدال والفاء أصلان : الأوّل يدلُّ على المَيْلِ ، والثاني عَرَضٌ من الأعراض.
فالأوّل قولهم : صَدَف عن الشَّيء ، إذا مال عنه وولَّى ذاهباً. قال الله تعالى : ) سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنَا ( الأنعام : 157. والصَّدَف من البعير : أن يميل خُفُّهُ من اليد أو الرِّجْل إلى الجانب الوَحشيّ ؛ وقد صَدِفَ. ويقال للإبل التي تقف عند أعجاز الإبل على الحوض تنتظر انصرافَ الشّاربةِ لتدخُل هي : الصَّوادف. قال :
والنّاظراتُ العُقَبَ الصَّوادفُ
والصَّدَف : جانب الجبَل ، وإنّما سُمِّي لميْله إلى إحدى الجِهَتين.
وأمّا الآخر فالصَّدَف المَحَارة ، هي معروفة.
صدق : الصاد والدال والقاف أصلٌ يدلُّ على قوّة في الشَّيء قولاً وغيرَه. من ذلك الصِّدْق : خلاف الكَذِبَ ، سمِّي لقوّته في نفسه ، ولأنَّ الكذِبَ لا قُوَّة له ، هو باطلٌ. وأصل هذا من قولهم شيءٌ صَدْقٌ؛ أَي صُلْب. ورُمْح صَدْقٌ. ويقال : صَدَقُوهم القِتالَ ، وفي خلاف ذلك كَذَبوهم. والصِّدِّيق : الملازم للصِّدْق. والصَّدَاق : صَدَاق المرأة ، سُمِّي بذلك لقوّته وأنّه حقٌّ يَلزمُ. ويقال : صَدَاقٌ وصُدْقة وصَدُقة . قال الله تعالى : ) وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ( النساء : 4. وقرئت : ) صَدْقاتِهِنَّ ( . و من الباب الصَّدَقة : ما يتصدَّق به المرءُ عن نفسه وماله. وأمّا المُصَدِّق فخبّرَنا أبو الحسن عليّ بن إبراهيم ، عن المفسِّر ، عن القُتَيْبيّ قال : وممّا يضَعُه النّاس غير موضعه قولهم : هو يتصدَّق ، إذا أعطى ، ويتصدّق إذا سأل. وذلك غلطٌ؛ لأنّ المتصدِّق المُعطي. قال الله تعالى في قصّة من قال : ) وَتَصَدّقْ علينا( يوسف : 88. وحدَّثَنا هذا الشيخ عن المَعْدَانيِّ عن أبيه ، عن أبي مُعاذ ، عن اللَّيْث ، عن الخليل قال : المُطْعِم مُتَصَدِّق والسَّائل متصدِّق. وهما سواء. فأمَّا الذي في القرآن فهو المعطِي. والمُصَدِّق الذي يأخذ صَدَقات الغنم. ويقال : هو رجلُ صدق . والصَّدَاقة مشتقّة من الصِّدق في المودّة. ويقال : صَدِيق للواحد وللاثنين وللجماعة وللمرأة. وربّما قالوا أصدقاء ، وأصادق. قال :
فلا زِلْنَ حَسْرَى ظُلَّعاً لِمْ حَمَلْنَها
إلى بلد ناء قليل الأصادقِ
إلى بلد ناء قليل الأصادقِ
إلى بلد ناء قليل الأصادقِ
صدم : الصاد والدال والميم كلمةٌ واحدة ، وهي الصَّدْم ، وهو ضَرْب الشَّيء الصُّلْبِ بمثله.
صدن : الصاد والدال والنون أصلٌ ضعيف. يقولون الصَّيْدَن : الثَّعْلَب.
صدى : الصاد والدال والحرف المعتلّ فيه كلمٌ متباعدةُ القياس ، لا يكاد يلتقي منها كلمتانِ في أصل. فالصَّدَى : الذَّكَرُ من البُوم ، والجمع أصداء. قال :
فليس الناسُ بعدَكَ في نقيرِ
وما هم غيرَ أصداء وهامِ
وما هم غيرَ أصداء وهامِ
وما هم غيرَ أصداء وهامِ
والصَّدَى : الدِّماغُ نفسُه ، ويقال : بل هو الموضع الذي جُعِل فيه السَّمْع من الدِّماغ ، ولذلك يقال : أصَمَّ اللهُ صَدَاه. ويقال : بل هذا صَدَى الصَّوْت ، وهو الذي يُجيبك إذا صِحْت بقُرْبِ جَبَل. وقال يصف داراً :
صمَّ صداها عفا رسمُها
واستعجمَتْ عن منطقِ السَّائلِ
واستعجمَتْ عن منطقِ السَّائلِ
واستعجمَتْ عن منطقِ السَّائلِ
والصَّدَى : الرَّجُل الحسَنُ القِيام على ماله ، يقال : هو صَدَى مال. ولا يقال إلاّ بالإضافة. والصَّدَى : العَطَش ، يقال : رجلٌ صَد وصاد ، وامرأة صادية. وتصدَّى فُلانٌ للشَّيء يستشرفه ناظراً إليه. والتَّصدية : التَّصفيق باليدين. قال الله تعالى : ) وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً ( الأنفال : 35. فأمَّا الصَّوادي من النَّخْل فهي الطِّوال. ويقال : صاديتُ فلاناً ، إذا دارَيْتَه. وصاديت فلاناً مُصاداةً : عاملتُه بمثل صَنيعه .
وإذا كان بعد الدَّال همزة تغيَّر المعنى ، فيكون من الصَّدَأ صدأ الحديد. يقولون : صاغِرٌ صَدِيءٌ من صدأ العار .
صرب : الصاد والراء والباء أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على مثل ما دلَّ عليه الباب الذي قبله. وزاد الخليل فيه وصفاً آخر ، قال : الصرِيب : اللَّبن الذي قد حُقِن : والوَطْب مُصرَّب. وقال ابن دُريد : كلُّ شيء أملسَ فهو صرَب. وهذا الذي قاله ابنُ دريد أقْيَس؛ لأنَّهم يسمُّون الصَّمغ الصرَب ، وينشدون :
أرض عن الخير والسُّلطانِ نائيةٌ
والأطيبان بها الطُّرْثُوثُ والصَّربُ
والأطيبان بها الطُّرْثُوثُ والصَّربُ
والأطيبان بها الطُّرْثُوثُ والصَّربُ
والصَّمغ فيه مَلاسَة. والذي قاله الخليل فَفرْعُه قولُهم للصبيِّ إذا احتبس بَطْنُه : صرَب ليَسْمَن ، وذلك عند عَقْدِهِ شَحْمه. والصَّرَْب : اللَّبَن الحامض.
صرح : الصاد والراء والحاء أصلٌ منقاس ، يدلُّ على ظهور الشَّيء وبُروزه. من ذلك الشَّيء الصريح. والصريح : المحض الحسَب ، وجمعه صُرَحاء. قال الخليل : ويجمع الخيلُ على الصرائح. قال : وكلُّ خالص صريح. يقال : هو بَيِّنُ الصَّراحة والصُّروحة. وصرَّحَ بما في نفسه : أظهَرَه. ويقال : كأس صراحٌ ، إذا لم تُشَبْ بمِزاح. وصرَّحت الخمرُ ، إذا ذهب عنها الزَّبد. قال الأعشى :
كُمَيْتٌ تكشَّف عن حُمْرة
إذا صرَّحَتْ بعد إزبادِها
إذا صرَّحَتْ بعد إزبادِها
إذا صرَّحَتْ بعد إزبادِها
ويقال : جاء به صُِرَاحاً؛ أَي جِهاراً. ولقيت فلاناً مُصارَحة وصِراحاً؛ أَي كِفاحاً. ويقال : صرَّح الحقُّ عن مَحْضه؛ أَي انكشف الأمرُ بعد غُيوبه. والصَّرْحة : المكان ، ويقال بل هو المَتْن من الأرض. ويقال : يومُ مُصرِّح ، إذا كان لا سحابَ فيه ، وهو في شعر الطِّرِمّاح . والصَّرْح : بيتٌ واحدٌ يُبنى منفرداً ضخماً طويلاً في السَّماء. وكلُّ بناء عال فهو صرْح.
صرخ : الصاد والراء والخاء أُصَيلٌ يدلُّ على صوت رفيع. من ذلك الصُّراخ ، يقال : صرَخ يَصرُخ ، وهو إذا صوَّت. ويقال الصَّارخ : المستغيث ، والصارخ : المغيث ، ويقال : بل المُغيث مُصرِخ؛ لقوله تعالى في قصّة من قال : ) ما أَنَا بمُصرِخِكم وما أنتم بمُصرِخِيَّ( ابراهيم : 22.
صرد : الصاد والراء والدال أُصولٌ ثلاثة : أحدها البرد ، والآخر الخلوص ، والآخر القِلَّة.
فالأوَّل : الصَّرْد : البَرْد؛ ويومٌ صرِدٌ؛ وقد صرِد الرَّجل. ورجلٌ مِصرادٌ : جَزُوع من البَرْد. والاسم الصَّرَد. قال الشّاعر :
نِعْمَ شِعارُ الفتى إذا بَرَدَ اللَّيــ
ــلُ سُحيراً وقفقَف الصَّرِدُ
ــلُ سُحيراً وقفقَف الصَّرِدُ
ــلُ سُحيراً وقفقَف الصَّرِدُ
ومن الباب قولهم : صرِد القلبُ عن الشَّيء ، إذا انتهى عنه. وذلك أنَّه يسلو عنه ويبرد ويَصرَد. والصُّرَّاد : غَيم رقيق.
وأمَّا الخلوص فالصَّرْد : البَحْت الخالص. ويقال : كذِبٌ صرْد. وأحِبُّك حُبّاً صَرْداً. وشرابٌ صرْد : خالص. قال :
فإنَّ النَّبيذ الصردَ إن شُرْبَ وحْده
على غير شيء أوجع الكبْدَ جُوعُها
على غير شيء أوجع الكبْدَ جُوعُها
على غير شيء أوجع الكبْدَ جُوعُها
ومن الباب : صرَد السَّهمُ من الرّميَّة ، إذا نفذ حَدُّه. ونَصْلٌ صارد. وأنا أصردته ، وهو الخلوص من الرَّميَّة.
والباب الثالث : التَّصريد في السَّقْي دون الرِّيّ. وشرابٌ مُصرَّد؛ أَي مقلَّل. وصرَّد له العَطاء ، إذا قلَّلهُ.
وممّا شذَّ عن الباب الصُّرَد : طائر. والصُّرَدَانِ : عِرقانِ تحت اللِّسان.
صردخ : مما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف وأوّله صاد الصِّرْداح والصَّرْدَح ، وهي الناقة الصُّلْبَة. وهذا ممّا زيدت فيه الدَّال. وأصله من الصَّرْح ، وهو البناء العالي القويّ.
صرّ : الصاد والراء أُصولٌ : الأوّل قولهم : صَرَّ الدَّرَاهمَ يصُرُّها صَرّاً ، وتلك الخِرقة صُرَّة. والذي تعرفه العربُ الصِّرَار ، وهي خِرقةٌ تُشدُّ على أَطْباء النّاقة لئلا يَرضَعَها فَصِيلُها. يقال : صَرَّها صَرّاً. ومن الباب : الإصرار : العَزْم على الشَّيء وإنّما جعلْناه من قياسِه لأنّ العَزْم على الشَّيء والإجماعَ عليه واحد وكذلك الإصرار : الثَّبَات على الشَّيء.
ومن الباب : هذه يمينٌ صِرِّي أي جدّ ، أنا ثابتٌ عليها مُجمِع.
ومن الباب : الصَّرَّة ، يقال للجماعة صَرَّةٌ. قال امرؤ القَيس :
فأَلحَقَنا بالهادياتِ ودونه
جَوَاحِرُها في صَرَّة لم تَزَيَّلِ
جَوَاحِرُها في صَرَّة لم تَزَيَّلِ
جَوَاحِرُها في صَرَّة لم تَزَيَّلِ
ومن الباب : حافرٌ مصرورٌ؛ أَي منقبضٌ. ومنه الصُّرْصُور ، وهو القَطيع الضَّخْم من الإبل.
وأمّا الثاني ، وهو من السُّمُو والارتفاع ، فقولهم : صَرَّ الحمارُ أُذُنَه ، إذا أقامها. وأَصَرَّ إذا لم تذكر الأُذُن ، وإن ذكرتَ الأُذُن قلت أصَرَّ بأذنه. وأظنُّه نادراً. والأصل في هذا الصِّرَار ، وهي أماكنُ مرتفعةٌ لا يكَاد الماء يعلوها. فأمّا صِرَارٌ فهو اسمُ علَم ، وهو جَبَلٌ. قال :
إِنَّ الفرزدقَ لن يُزايل لؤمَه
حتّى يَزُول عن الطريق صِرَارُ
حتّى يَزُول عن الطريق صِرَارُ
حتّى يَزُول عن الطريق صِرَارُ
وأمّا الثالث : فالبرد والحَرُّ ، وهو الصِّرُّ. يقال : أصاب النبتَ صِرٌّ ، إذا أصابَه بردٌ يضُرُّ به. والصِّرُّ : صِرُّ الرّيح الباردة. وربّما جعلوا في هذا الموضع الحَرَّ. قال قوم : الصَّارَّةُ شدّة الحرِّ؛ حرِّ الشمس. يقال : قطع الحِمار صارَّتَه ، إذا شرِب شُرْباً كَسَر عطشَه. والصَّارَّة : العَطَش ، وجمعها صَوَارُّ. والصَّرِيرة : العطش ، والجمع صرائر. قال :
وانصاعت الحُقْبُ لم يُقْصَعْ صَرائرُها
وذكر أبو عبيد : الصارّة العطش ، والجمع صرائر. وهو غلط ، والوجه ما ذكرنا.
وأمّا الرَّابع ، فالصَّوت. من ذلك الصَّرَّة : شِدَّة الصِّياح. صَرَّ الجُنْدَب صرِيراً ، وصَرْصَرَ الأخْطبُ صَرصرة. والصَّرَارِيُّ : الملاَّح ، ويمكن أن يكون لرفعِهِ صوتَه.
وممّا شذَّ عن هذا الأُصول كلمتان ، ولعلَّ لهما قياساً قد خَفِيَ علينا مكانُه فالأُولى : الصّارَّة ، وهي الحاجة. يقال لي قِبَلَ فلان صَارَّةٌ ، وجمعها صوَارُّ؛ أَي حاجة. والكلمة الأُخرَى الصَّرورة ، وهو الذي لم يحجُجْ ، والذي لم يتزوَّج. ويقال : الصَّرُورة : الذي يَدَعُ النكاح متبتِّلاً. وجاء في الحديث : « لا صَرُورة في الإسلام ».
قال أبو بكر محمّد بن الحسن بن دُريد : « الأصل في الصَّرورة أنَّ الرجلَ في الجاهلية كان إذا أحدَثَ حدَثاً فلجأ إلى الكعبة لم يُهَجْ ، فكان إذا لقِيَه وليُّ الدَّمِ بالحرَم قيل له : هو صرورة فلا تَهِجْه. فكثُر ذلك في كلامهم حتَّى جعلوا المتعبِّد الذي يجتنِب النِّساءَ وطِيبَ الطعام صَرورةً ، وصروريّاً. وذلك عَنَى النابغةُ بقوله :
لو أنَّها عَرَضَتْ لأشمَطَ راهب
عَبَد الإلـه صرورة متعبِّدِ
عَبَد الإلـه صرورة متعبِّدِ
عَبَد الإلـه صرورة متعبِّدِ
أي مُنْقبض عن النِّساء والطِّيب . فلمّا جاء الله تعالى بالإسلام وأوجَبَ إقامةَ الحدود بمكّة وغيرِها سُمِّي الذي لم يحجَّ صَرورةً وصَرُورياً ، خلافاً لأمر الجاهليَّة. كأنَّهم جعَلُوا أنَّ تَرْكَه الحجَّ في الإسلام ، كترك المتَأَلِّهِ إتيانَ النِّساء والتَّنعّمَ في الجاهليَّة ».
وهذا الذي ذكرناه في معنى الصَّرورة يحتمل أنّه من الصِّرار ، وهو الخِرقة التي تُشَدُّ على أطْباء النّاقة لئلا يرضَعَها فصيلها. والله أعلم بالصواب.
صرط : الصاد والراء والطاء وهو من باب الإبدال ، وقد ذكر في السين ، وهو الطَّريق. قال :
أكُرُّ على الحرورِيِّينَ مُهْري
وأحملُهم على وَضَح الصِّراطِ
وأحملُهم على وَضَح الصِّراطِ
وأحملُهم على وَضَح الصِّراطِ
صرع : الصاد والراء والعين أصلٌ واحد يدلُّ على سقوطِ شيء إلى الأرض عن مراس اثنين ، ثم يُحمَل على ذلك ويشتقُّ منه. من ذلك صرَعْتُ الرّجلَ صرْعاً ، وصارعتُه مصارَعَة ، ورجلٌ صَرِيع. والصَّريع من الأغصان : ما تَهَدَّلَ وسقط إلى الأرض ، والجمع صُرُع. وإذا جُعِلَتْ من ذلك السّاقط قَوْسٌ فهي صَرِيع.
وأمّا المحمول على هذا فقولُهم : هما صِرْعان ، يقال : إنّ معنى ذلك أنَّهما يقعان معاً. وهذا مثَلٌ وتشبيه. وكذلك مِصْراعا البابِ مأخوذانِ من هذا؛ أَي هما متساويان يقعان معاً. والصَّرعانِ : إبلان يختلفان في المشْي ، فتذهب هذه وتجيء هذه لكثرتها. قال :
فَرَّجْتُ عنه بِصَرْعينا لأرملة
أو بائس جاء معناه كمعناه
أو بائس جاء معناه كمعناه
أو بائس جاء معناه كمعناه
ومَصارع النَّاس : مَساقِطُهم. وقال أبوزيد : أتانا صَرْعَيِ النّهار، غُدْوةً وعَشيّة. وهذا محمولٌ على ما ذكرناه ، من أنّ الصَِّرعَين المِثلان. والقياس فيه كلِّه واحد.
صرف : الصاد والراء والفاء معظم بابِه يدلُّ على رَجْع الشَّيء. من ذلك صَرفْتُ القومَ صَرفاً وانصرفوا ، إذا رجَعْتَهم فرَجَعوا. والصَّرِيف : اللّبَن ساعةَ يُحلَب ويُنصرَف به. والصَّرْف في القُرْآن : التَّوبة ؛ لأنَّه يُرجَع به عن رتبة المذنبين. والصَّرْفة : نجم. قال أهلُ اللغة سمِّيت صرفةً لانصراف البرد عند طلوعها. والصَّرْفة : خَرَزة يؤخَّذ بها الرِّجال ، وسمِّيت بذلك كأنَّهم يصرفون بها القلبَ عن الذي يريده منها. قال الخليل : الصَّرْف فَضْل الدِّرهم على الدِّرهم في القيمة. ومعنى الصَّرف عندنا أنَّه شيءٌ صُرِف إلى شيء ، كأنَّ الدِّينارَ صُرِف إلى الدراهم؛ أَي رُجِع إليها ، إذا أخذتَ بدلَه. قال الخليل : ومنه اشتُقَّ اسمُ الصَّيْرَفيّ ، لتصريفه أحدَهما إلى الآخَر. قال : وتصريف الدَّراهِم في البِياعات كلِّها : إنفاقُها. قال أبو عُبيد : صَرْف الكلام : تزيينه والزِّيادةُ فيه ، وإِنَّما سمِّي بذلك لأنَّه إذا زيِّن صرف الأسماعَ إلى استماعه. ويقال لَحدَث الدَّهْر : صَرفٌ ، والجمع صُروف ، وسمِّي بذلك لأنَّه يتصرَّف بالناس؛ أَي يقلِّبهم ويردِّدهم. فأمّا حِرْمةَ الشّاءِ والبقَر والكلاب ، فيقال لها الصِّرَاف ، وهو عندنا من قياس الباب؛ لأنّها تَصَرَّف أي تَرَدّدَ وتُراجِع فيه. ومن الباب الصَّريف ، وهو صَوت نابِ البعير. وسمِّي بذلك لأنَّه يردِّده ويرَجِّعه. فأمّا قولُ القائل :
بَنِي غُدانةَ ما إنْ أنتمُ ذهباً
ولا صريفاً ولكن أنتم الخزَفُ
ولا صريفاً ولكن أنتم الخزَفُ
ولا صريفاً ولكن أنتم الخزَفُ
فقال قومٌ : أراد بالصَّريف الفِضّة. فإن كان صحيحاً فسمِّيت صريفاً من قولهم : صَرّفت الدِّينارَ دراهمَ ، ليس له وجهٌ غير هذا.
وممّا أحسَِبه شاذّاً عن هذا الأصل : الصَّرَفَانُ ، وهو الرَّصاص. والصَّرَفانُ في قوله :
أمْ صرفاناً بارداً شديدا
مختلفٌ فيه ، فقال قوم هو الرَّصاص. وقال آخَرون : الصَّرَفانُ : جنس من التَّمر. وأنشدوا :
أكْلَ الزُّبد بالصَّرَفان
قالوا : ولم يكن يُهدَى للزّبّاء شيءٌ من الطُّرف كان أحبَّ إليها من التَّمر. وأنشدوا :
ولما أتتْها العير قالت أباردٌ
من التَّمْرِ أم هذا حديدٌ وجندلُ
من التَّمْرِ أم هذا حديدٌ وجندلُ
من التَّمْرِ أم هذا حديدٌ وجندلُ
وممّا شذَّ أيضاً الصِّرْف : شيء من الصِّبْغ يُصبَغ به الأديم. قال :
كمَيْتٌ غير مُحْلِفة ولكنْ
كلون الصرْفِ عُلَّ به الأديم
كلون الصرْفِ عُلَّ به الأديم
كلون الصرْفِ عُلَّ به الأديم
وعلى هذا يُحمَل قولهم : شرِب الشّرابَ صِرْفاً ، إذا لم يمزُجْه ، كأنّه تُرِك على لونِه وحُمْرته.
صرم : الصاد والراء والميم أصلٌ واحدٌ صحيح مطَّرد ، وهو القَطْع. من ذلك صُرْم الهِجْران. والصَّريمة : العزيمة على الشَّيء ، وهو قَطْعُ كلِّ عُلْقة دونَه. والصُّرام : آخر اللّبَن بعد التغزير ، إذا احتاج الرّجل إليه حلبَه ضرورةً. قال بشر :
ألاَ أبلِغْ بني سعد رسولاً
ومولاهُمْ فقد حُلِبَتْ صُرَامُ
ومولاهُمْ فقد حُلِبَتْ صُرَامُ
ومولاهُمْ فقد حُلِبَتْ صُرَامُ
وهذا مثَلٌ ، كأنّه يقول : قد بُلِغ من الشرّ آخِرُه وآخر الشَّيء عند انقطاعه. ويقال : أكل فلانٌ الصَّيْرَم ، وهي الوَجْبة؛ لأنَّه إذا أكلها قطع سائر يومه. ويقال : صَرَمْتُه صَرْماً ، بالفتح وهو المصدر ، والصُّرْم الاسم. فأمَّا الصَّريم فيقال إنّه اسمُ الصُّبح واسم اللّيل. وكيف كان فهو من القياس؛ لأنَّ كلَّ واحد منهما يَصرِم صاحبَه ويَنصرِم عنه. قال الله تعالى : ) فأَصْبَحَتْ كالصَّرِيم ( القلم : 20. يقول : احترقت فاسوادَّت كاللَّيلِ. فهذا فيمن قاله إنّه اللَّيل. وأمّا الصُّبح فقال بشر :
فباتَ يقول أصبِحْ ليلُ حَتّى
تَجَلّى عن صَريمتِه الظَّلامُ
تَجَلّى عن صَريمتِه الظَّلامُ
تَجَلّى عن صَريمتِه الظَّلامُ
والصَّريم : الرَّمل ينقطع عن الجدَد والأرض الصُّلبة. والصِّرام : وقت صَرْم الأعذاق. وقد أصرَمَ النّخلُ : حان صِرامُهُ. والصِّرْمة : القطيع من الإبل نحوٌ من الثَّلاثين. والصَّرَم : القِطَع من السَّحاب ، واحدتها صِرمة. قال النابغة :
وهبَّت الريحُ من تِلقاءِ ذِي أُرُل
تُزْجِي من اللَّيل من صُرَّادِها صِرَما
تُزْجِي من اللَّيل من صُرَّادِها صِرَما
تُزْجِي من اللَّيل من صُرَّادِها صِرَما
والصِّرْم : طائفةٌ من القوم ينزلون بإبلهم ناحيةً من الماء ، فهم أهل صرم. والرَّجُل الصَّارم : الماضي في الأُمور كالسَّيف الصَّارم. وناقة مصرّمة؛ أَي يُصَرَّم طبْيُها فيفْسُدُ الإحليل فييْبس ، فذلك أقوى لها؛ لأنَّ اللبن لا يَخرج. ويقال : إنّ التَّصريم يكون بكَيِّ خِلفَينِ. والصَّرماء : الأرض لا ماء بها. ويقال : إنّ الصَّريمة الأرض المحصودُ زرعُها . فأمّا قوله :
ومَوماة يحَار الطَّرْفُ فيها
إذا امتنعَتْ علاها الأصرَمانِ
إذا امتنعَتْ علاها الأصرَمانِ
إذا امتنعَتْ علاها الأصرَمانِ
فإنّ الأصرمَينِ الذِّئب والغراب ، سُمِّيا بذلك لقطعهما الأنيس.
صرى : الصاد والراء والحرف المعتلّ أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على الجمع. يُقال : صَرَى الماءَ يصرِيه ، إذا جمعه. وماءٌ صَرىً : مجموع. قال :
رأت غلاماً قد صَرَى في فقرتهْ
ماءَ الشَّبابِ عُنفوانُ شِرَّتهْ
ماءَ الشَّبابِ عُنفوانُ شِرَّتهْ
ماءَ الشَّبابِ عُنفوانُ شِرَّتهْ
وكأَنَّ الصَّرَاةَ مشتقَّة مأخوذة من هذا. وسمِّيت المُصَرَّاةُ من الشَّاء وغيرِها لاجتماع اللبن في أخلافها. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « لا تُصَرُّوا الإبلَ والغنم. ومَن اشترى مصرّاةً فهو بآخر النَّظَرَين ، إن شاء ردَّها وردَّ معها صاعاً من تمر ». ويقال : صَرَيْت ما بينهم : أصلحته ، وذلك هو القياس؛ لأنَّه يجمع الكلمةَ المشتَّتَةَ. وتقول : صَرَيت الرّجُل ، إذا منعته ما يريدُه. قال :
وليسَ صارِيَهُ عن ذِكرها صارِ
والقياس ذلك؛ لأنَّه إذا مُنع الشَّيءَ فقد حُبِس دونه وجُمِع عنه ويقولون : صراه الله ، كما يقولون : وقاه؛ أَي لا نَشرَ أمرَه ، بل جَمَع مالَه. وصَرَى فلانٌ في يد فلان ، إذا بقَى في يده رَهْناً محبوساً.