على ما قد أبطلناه، وبينا فساده وكل جملةأشرت إليها في كلامك هذا قد تقدم كلامناعليه على سبيل التفصيل، ولا طائل في إعادةما مضى فقد بطلت هذه الطريقة لبطلان أصلهاالذي أسندتها إليه، وصار ما تقدم منأدلتنا على صحة النص وثبوته وإبطالالمطاعن فيه من أوضح الدلالة على فسادإمامة الأول حتى لو اقتصر مقتصر في إبطاهاعلى الجملة المتقدمة في صحة النص وثبوتهلأغناه من تكلف كلام مستأنف يخصها لأنالنص إذا كان صحيحا فقد بطل الاختيار،ووجب أن يتأول ما التبس من الإجماع فيه علىوجه يطابق الأدلة التي لا احتمال فيها.
فأما الطريقة الثانية فهي أخص بهذاالموضع ولنا في الكلام عليها وجهان:
أحدهما، أن تبين أن ترك المنازعةوالامساك عن النكير اللذين توصلت بهما إلىالرضا والإجماع لم يكونا في وقت منالأوقات.
والوجه الثاني أن نسلم إن الخلاف فيإمامته بعد ظهوره انقطع غير أنه لم ينقطععلى وجه يوجب الرضا وأن السخط ممن كان مظهرللنكير ثم كف عنه بأن في المستقبل وإن كفعن النكير لمعاذير نذكرها.
فأما الكلام في الوجه الأول فبين لأنالخلاف ظهر في أول الأمر ظهورا لا يمكندفعه من أمير المؤمنين عليه السلاموالعباس رضي الله عنه وجماعة بني هاشم ثممن الزبير حتى روي أنه خرج شاهرا سيفهواستلب من يده فضرب به الصفا (1) ثم من سلمانوخالد بن سعيد بن العاص وأبي سفيان فكلهؤلاء قد ظهر من خلافهم وكلامهم ما شهرتهتغني عن ذكره وخلاف سعد وولده وأهله أيضامعروف وكل هذا كان ظاهرا في
(1) انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج6 ص 11.