الوجود الإلهيّ للأشياء إلّا للّه سبحانهو لمن فنى فيه، يشاهد- حينئذ- تلك الأشياءأيضا، و لكن بلا شهود تعيّنها، كما لا يشهدتعيّن نفسه.
و المعهود من غير واحد من آل الحكمة هو:تثليث العوالم من الطبيعة و المثال والعقل لعدم اتّضاح قاعدة بسيط الحقيقة كلّالأشياء لديهم، و أمّا المشهود للأوحديّمنهم هو التربيع بعد اتّضاح تلك القاعدة.فكلّ عال هو سرّ للداني، كما أنّه غيب له،الى أن ينتهي الأمر إلى السرّ الصرف الذيهو الغيب البحت.
ثمّ إنّ المثال الحقّ قد يكون مقيّدا، وقد يكون مطلقا و ذلك: إمّا بنحو الاتّصالبالنفس، أو الانفصال عنه، أو بنحو آخر، وهكذا العقل: قد يكون مقيّدا و قد يكونمطلقا، و كلّ ذلك إنّما يصحّ أن يكون سرّاإذا كان حقّا موجودا في نفس الأمر، تنالهالنفس المتحرّكة بجوهرها، لا ما نسجته يدالوهم أو لفّقته يد الخيال لأنّه باطل و لاسرّ له. و حيث إنّ البيان العرفانيّ موافقللبيان البرهانيّ يكون هذا التربيعمشهودا لدى العارف الواصل، كما أنّه يكونمعقولا للحكيم الكامل، و تفصيل ذلك علىذمّة الحكمة المتعالية، و على كأهلالعرفان النظريّ، و سيأتي الدليلالقرآنيّ المؤيّد لما نطق به البرهان وشاهده العرفان.