الصلة الثالثة في سرّ القراءة
إنّ المعتبر في الصلاة الثنائيّة هوقراءة فاتحة الكتاب و سورة، و كذا المعتبرفي الأولتين من غيرها كالثلاثيّة والرباعيّة، و قد ورد أنّه: «لا صلاة إلّابفاتحة الكتاب»، فقراءة شيء من القرآنفي الصلاة على ما دوّن في الفقه واجبة، والقراءة لها سرّ باعتبار أنّ المقروء لهسرّ، فما لم يكن القارئ ذا سرّ فلا يصل هوإلى سرّ القراءة، و لا ينال أيضا سرّالمقروء، فتكون قراءته بتراء.و الشاهد على أنّ المقروء- أي: القرآنالكريم- له سرّ هو ما بيّنه اللّه سبحانهبقوله «إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناًعَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنالَعَلِيٌّ حَكِيمٌ» لدلالته على أنّالموجود بين الدفّتين بما أنّه كتاب عربيّفهو قرآن، و هو نفسه بما أنّه في أمّالكتاب أيضا قرآن، و بما أنّه عليّ حكيمأيضا قرآن، و هنالك- أي: أمّ الكتاب، و لدىاللّه- لا مجال للاعتبار من وضع الألفاظالعربيّة أو العبريّة أو نحوهما، و ليسلدى اللّه إلّا الأمر المجرّد التامّالعقليّ الذي لا يناله إلّا العقل المحضالخالص عن شوب الخيال و الوهم، و كما أنّظاهر القرآن العربيّ لا يمسّه إلّا الطاهرعن الحدث و الخبث كذلك سرّه لا يمسّه إلّاالمنزّه عن الرين و الدنس، و هو الالتفاتالى غير المعبود، إذ الناظر إلى غيره لايقدر العروج إلى موطن اللدن، و إذا لم يعرجإليه ليس في وسعه أن ينال أمّ الكتابالعليّ الحكيم لأنّه لدى اللّه تعالى.